بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وأقربائهم المحادين (١) لله ولرسوله عددا كثيرا ، وكان حقدهم عليه لذلك في قلوبهم فلم يحبوا أن يتولى عليهم ، ولم يكن في قلوبهم على غيره مثل ذلك ، لأنه لم يكن (٢) له في الجهاد بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ما كان (٣) ، فلذلك عدلوا عنه ومالوا إلى سواه (٤).

٣ ـ قب (٥) : سأل أبو زيد النحوي الخليل بن أحمد : ما بال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كأنهم بنو أم واحدة وعلي عليه‌السلام كأنه ابن علة؟!. قال : تقدمهم إسلاما ، وبذهم (٦) شرفا ، وفاقهم علما ، ورجحهم حلما ، وكثرهم هدى ، فحسدوه ، والناس إلى أمثالهم وأشكالهم أميل ...

وقيل لمسلمة بن نميل : ما لعلي عليه‌السلام رفضه العامة وله في كل خير ضرس قاطع؟. فقال : لأن ضوء عيونهم قصير (٧) عن نوره ، والناس إلى أشكالهم أميل ... (٨).

قال الشعبي : ما ندري ما نصنع بعلي بن أبي طالب (ع) ، إن أحببناه افتقرنا (٩) ، وإن أبغضناه كفرنا؟!.

وقال النظام : علي بن أبي طالب محنة على المتكلم ، إن وفى حقه غلا ، وإن بخسه حقه أساء ، والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن ، حادة الشاف (١٠) ، صعب الترقي

__________________

(١) في ( ك‍ ) نسخة بدل : المحاربين ، وهي التي جاءت في العلل.

(٢) في (س) : يكون.

(٣) في المصدرين : ما كان له.

(٤) في العلل : مالوا إلى غيره ، وجاءت كلمة ( غيره ) نسخة بدل على مطبوع البحار.

(٥) المناقب لابن شهرآشوب ٣ ـ ٢١٣ ـ ٢١٥ ، باختلاف يسير.

(٦) قال في مجمع البحرين ٣ ـ ١٧٧ : في الحديث : إذا قال بذ القائلين .. أي سبقهم وغلبهم.

(٧) في المناقب : قصر.

(٨) هنا أبيات وكلمات جاءت في المناقب ٣ ـ ٢١٤ أسقطها شيخنا المجلسي طاب ثراه اختصارا.

(٩) في ( ك‍ ) : افتقرناه ، وهو غلط.

(١٠) توجد في حاشية ( ك‍ ) نسخة بدل : الشأن ، وهي التي جاءت في المناقب.

قال في الصحاح ٢ ـ ٤٦٣ : وحد كل شيء : شباته .. وحد الشراب : صلابته .. وقد حد

٤٨١

إلا على الحاذق الدين.

وقال أبو العيناء لعلي بن الجهم : إنما تبغض عليا عليه‌السلام لأنه كان يقتل الفاعل والمفعول وأنت أحدهما. فقال له : يا مخنث! فقال أبو العيناء : ( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ) (١).

بيان : قال في النهاية : أولاد العلات : الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد (٢).

٤ ـ قب (٣) : قال ابن عمر لعلي عليه‌السلام : كيف تحبك قريش وقد قتلت في يوم بدر وأحد من ساداتهم سبعين سيدا تشرب أنوفهم الماء قبل شفاههم؟!.

فقال (٤) أمير المؤمنين عليه‌السلام :

ما تركت بدر لنا مذيقا

ولا لنا من خلفنا طريقا

وسئل زين العابدين عليه‌السلام وابن عباس أيضا : لم أبغضت قريش عليا عليه‌السلام؟. قال : لأنه أورد أولهم النار وقلد آخرهم العار.

معرفة الرجال ، عن الكشي : أنه كانت عداوة أحمد بن حنبل لأمير المؤمنين عليه‌السلام أن جده ذا الثدية قتله أمير المؤمنين يوم النهروان (٥).

__________________

السيف يحد حدة .. أي صارت حادا وحديدا. وقال في لسان العرب ٩ ـ ١٦٨ : الشأفة : الأصل. وقال فيه ٩ ـ ١٨٤ : شاف الشيء شوفا : جلاه ، والشوف : الجلو ، والمشوف : المجلو .. وتشوف الشيء وأشاف : ارتفع. وقال في هذا المجلد صفحة ١٦٨ : شئفت من فلان شأفا ـ بالتسكين ـ : إذا أبغضته .. وشئفت يده شأفا : شعث ما حول أظفارها وتشقق .. ورجل شأفة : عزيز منيع ، وشئف شأفا : فزع.

(١) يس : ٧٨. وإلى هنا نقله ابن شهرآشوب في المناقب.

(٢) النهاية ٣ ـ ٢٩١. وقال في الصحاح ٥ ـ ١٧٧٣ : بنو العلات : هم أولاد الرجل من نسوة شتى ، سميت بذلك لأن الذي تزوجها على أولى قد كانت قبلها ثم عل من هذه.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب ٣ ـ ٢٢٠ ـ ٢٢١.

(٤) في المصدر : وقال.

(٥) جاءت علة عداوة أحمد بن حنبل لأمير المؤمنين عليه‌السلام في علل الشرائع ٤٦٧ باب ٢٢٢ حديث ٢٣ أيضا.

٤٨٢

كامل المبرد : أنه كان أصمع بن مظهر جد الأصمعي قطعه علي عليه‌السلام في السرقة (١) ، فكان الأصمعي يبغضه ، قيل له : من أشعر الناس؟. قال : من قال :

كأن أكفهم الهمام (٢) تهوي

عن الأعناق تلعب بالكرينا

فقالوا : السيد الحميري. فقال : هو والله أبغضهم إلي! (٣).

بيان : شرب أنوفهم الماء قبل شفاههم .. كناية عن طول أنوفهم لبيان حسنهم ، فإن العرب تمتدح بذلك ، وقد روى نحوه في أوصاف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو لبيان شرفهم وفخرهم فإنهما مما ينسب إلى الأنف ، والأول أظهر.

والمذيق : اللبن الممزوج بالماء ، وقد مذقت اللبن فهو ممذوق ومذيق ، ورجل مماذق : غير مخلص في الود (٤). وفي الديوان : صديقا ، مكان : مذيقا (٥).

والكرين ـ بضم الكاف وكسرها ـ جمع كرة (٦).

٥ ـ ع ، لي (٧) : الحسين بن عبد الله (٨) العسكري ، عن إبراهيم بن رعد العبشمي (٩) ، عن ثبيت بن محمد ، عن أبي الأحوص المصري (١٠) ، عن جماعة من

__________________

(١) في المصدر : قطع علي عليه‌السلام يده في السرقة.

(٢) قال في القاموس ٤ ـ ١٩٢ : والهمام ـ كغراب ـ : الملك العظيم الهمة ، والسيد الشجاع السخي ، خاص بالرجال كالهمهام جمعه ـ ككتاب ـ. وقد تقرأ في البحار : الهام ، وهو جمع الهامة ، بمعنى رأس كل شيء.

(٣) إلى هنا جاء في المناقب ٣ ـ ٢٤٠ ـ ٢٤١.

(٤) نص عليه في الصحاح ٤ ـ ١٥٥٣ ، والقاموس ٣ ـ ٢٨٢ وجاء في غيرهما.

(٥) ديوان الإمام علي عليه‌السلام : ٥٤.

(٦) صرح به في القاموس ٤ ـ ٣٨٣ ، وغيره.

(٧) علل الشرائع ١ ـ ١٤٥ حديث ٢ ، أمالي الشيخ الصدوق : ٤٩٤ حديث ٥ ، باختلاف كثير والمعنى مقارب.

(٨) في (س) : عبيد الله ، وهناك اختلاف في الاسم في المصدرين.

(٩) في ( ك‍ ) : العيشمي.

(١٠) توجد في المطبوع هنا عبارة : عمن حدثه ، عن آبائه ، عن أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام ،

٤٨٣

أهل العلم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : بينما (١) أمير المؤمنين صلوات الله عليه في أصعب موقف بصفين إذ قام إليه رجل من بني دودان فقال : ما بال قومكم دفعوكم (٢) عن هذا الأمر ، وأنتم الأعلون نسبا ، وأشد نوطا بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفهما بالكتاب والسنة؟! فقال : سألت يا أخا بني دودان ولك حق المسألة (٣) وذمام الصهر ، وإنك لقلق (٤) الوضين ترسل عن ذي مسد ، إنها امرأة (٥) شحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين ، ونعم الحكم الله ، فدع عنك نهبا صيح في حجراته (٦) ، وهلم الخطب في ابن أبي سفيان ، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه (٧).

ولا غرو (٨) إلا جارتي وسؤالها

ألا هل لنا (٩) أهل سألت كذلك

بئس القوم من خفضني وحاولوا الإدهان في دين الله ، فإن ترفع عنا محن

__________________

كتب عليها : نسخه ، وفي (س) وضع بعدها : صح. وأدرجت في متن ( ك‍ ).

أقول : ولا يخفى عدم اجتماع السندين معا ، فتدبر.

(١) جاء السند في علل الشرائع هكذا : حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل بن حكيم العسكري ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم رعل العبشمي ، قال : حدثنا ثبيت ابن محمد ، قال : حدثني أبو الأحوص عمن حدثه ، عن آبائه ، عن أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام ، قال : بينما .. والسند المذكور هنا جاء في أمالي الشيخ الصدوق ، فتدبر.

(٢) في العلل : دفعكم.

(٣) جاءت نسخة بدل في المطبوع من البحار والمصدر : المساءلة.

(٤) في ( ك‍ ) نسخة : لفلق.

(٥) في نسخة من الأمالي : إمرة ، وفي العلل : كانت إمرة .. وهو الظاهر. وسيأتي قريبا.

(٦) هذا صدر بيت ، وعجزه كما جاء في متن نهج البلاغة ـ صبحي الصالح ـ ، وفي حاشية طبعة محمد عبده : وهات حديثا ما حديث الرواحل ..

(٧) في الأمالي : بعد بكائه .. ولا معنى له.

(٨) في الأمالي : لا غرو ـ بدون الواو ـ ، وفي (س) ولا أغرو ، والظاهر زيادة الهمزة بعد : لا. وجاء في حاشية ( ك‍ ) : الغرو : العجب ، وغروت : أي عجبت ، ولا غرو أي ليس بعجب .. نهاية.

انظر النهاية : ٣ ـ ٣٦٥.

(٩) في ( ك‍ ) : لأهل.

٤٨٤

البلوى أحملهم من الحق على محضه ، وإن تكن الأخرى ( فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ) (١) ، إليك عني يا أخى بني سيدان (٢).

٦ ـ نهج (٣) : ومن كلام له (ع) لبعض أصحابه وقد سأله : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟ فقال :

يا أخا بني أسد! إنك لقلق (٤) الوضين ترسل في غير سدد ، ولك بعد ذمامة الصهر وحق المسألة ، وقد استعلمت فاعلم : أما (٥) الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسبا ، والأشد (٦) بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله نوطا ، فإنها كانت أثرة شحت (٧) عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله ، والمعود إليه القيامة (٨) .. : ودع عنك نهبا صيح في حجراته .. وهلم الخطب في ابن أبي سفيان فلقد (٩) أضحكني الدهر بعد إبكائه ، ولا غرو والله ، فيا له خطبا يستفرغ العجب ويكثر الأود! حاول القوم إطفاء نور الله من مصباحه ، وسد فواره من ينبوعه ، وجدحوا بيني وبينهم شربا وبيئا ، فإن يرتفع (١٠) عنا وعنهم محن البلوى ، أحملهم من الحق على محضه ، وإن تكن الأخرى ، ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ ) (١١) ..

__________________

(١) في (س) : عن ، بدلا من : على.

(٢) كذا ، وفي ( ك‍ ) والمصدر نسخة : بني دودان ، وهو الظاهر.

(٣) نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ ٢ ـ ٦٢ ، صبحي الصالح : ٢٣١ ـ ٢٣٢ خطبة : ١٦٢.

(٤) توجد حاشية في ( ك‍ ) غير معلمة ، ومحلها هنا ، وهي : القلق ـ بالتحريك ـ : الانزعاج ، قلق قلقا ـ من باب تعب ـ اضطرب ، وأقلقه الهم وغيره : أزعجه .. مجمع. انظر : مجمع البحرين ٥ ـ ٢٣١.

(٥) في (س) : إن.

(٦) توجد نسخة في ( ك‍ ) : والأشدون ، وفي النهج ـ بطبعتيه ـ : والأشدون برسول الله.

(٧) الكلمة في (س) مشوشة.

(٨) في ( ك‍ ) نسخة : يوم القيامة.

(٩) في نسخة في حاشية ( ك‍ ) : ولقد.

(١٠) في ( ك‍ ) نسخة : ترتفع ، وهي التي في طبعتي النهج.

(١١) فاطر : ٨.

٤٨٥

ولنوضح روايتي الصدوق والسيد رض الله عنهما : قال الفيروزآبادي : دودان (١) .. ابن أسد : أبو قبيلة (٢) فلا ينافي ما في النهج أنه كان من بني أسد.

وقال الجوهري : ناط الشيء ينوطه نوطا : علقه (٣).

قوله عليه‌السلام : ذمام الصهر .. الذمام ـ بالكسر ـ الحرمة (٤) ، وأما (٥) كونه صهرا فقيل لأن زينب بنت جحش زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت أسدية ، ونقل الراوندي رحمه‌الله أنه كان متزوجا في بني أسد (٦) ، وأنكره ابن أبي الحديد (٧). وقال في النهاية ـ في حديث علي عليه‌السلام ـ « إنك لقلق الوضين » ... الوضين : بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير كالحزام للسرج ، أراد به (٨) أنه سريع الحركة ، يصفه ، بالخفة وقلة الثبات ، كالحزام إذا كان رخوا (٩).

قوله عليه‌السلام : ترسل في غير سدد .. الإرسال : الإطلاق والإهمال والتوجيه (١٠) ، والسدد والسداد : الاستقامة والصواب (١١) .. أي تطلق عنان دابتك أو تهملها وتوجهها في غير مواضعها ، أي تتكلم في غير موضع الكلام ، وتسأل مثل هذا الأمر الذي لا يمكن التصريح بمخ الحق فيه في مجمع الناس.

__________________

(١) في ( ك‍ ) : دوران ، وفي المصدر : دودان ـ بالدالين ـ.

(٢) القاموس ١ ـ ٢٩٢ ، وقال في صحاح اللغة ٢ ـ ٤٧١ : ودودان. أبو قبيلة من أسد ، وهو دودان بن أسد بن خزيمة ..

(٣) الصحاح ٣ ـ ١١٦٥ ، وانظر : مجمع البحرين ٤ ـ ٢٧٧.

(٤) كما في مجمع البحرين ٦ ـ ٦٦ ، والصحاح ٥ ـ ١٩٢٦ ، وغيرهما.

(٥) في (س) : فأما.

(٦) كما في منهاج البراعة ٢ ـ ١٢٣.

(٧) في شرحه على النهج ٩ ـ ٢٤٢ خطبة ١٦٣.

(٨) لم يرد في المصدر لفظ : به ، وكذا لم يأت في لسان العرب ١٣ ـ ٤٥٠.

(٩) قاله في النهاية ٥ ـ ١٩٩ ، وفي لسان العرب ١٣ ـ ٤٥٠ عينه ، وانظر : مجمع البحرين ٦ ـ ٣٢٦.

(١٠) كذا في القاموس ٣ ـ ٣٨٤ ، ولسان العرب ١١ ـ ٢٨٣ و ٢٨٥ ، وغيرهما.

(١١) جاء في الصحاح ٢ ـ ٤٨٥ ، والقاموس ١ ـ ٣٠٠ ، وجملة من كتب اللغة.

٤٨٦

وفي رواية الصدوق : عن ذي مسد .. والمسد : الحبل الممسود ـ أي المفتول ـ من نبات أو لحاء شجرة ، وقيل : المسد : المرود (١) البكرة الذي تدور عليه ـ ذكرهما في النهاية (٢) ـ فيمكن أن يقرأ على بناء المعلوم .. أي ترسل الكلام كما يرسل البكرة على المرود عند الاستقاء ، أو المعنى تطلق حيوانا له مسد ربط به ، كناية عن التكلم بما له مانع عن التكلم به ، و (٣) على المجهول .. أي تنطق بالكلام عن غير تأمل ثم (٤) تصير معلقا بالحبل بين السماء والأرض لا تدري الحيلة فيه ، أو بتشديد الدال .. أي ترسل الماء عن مجرى له محل سد أو وسد (٥) ، والأظهر أنه تصحيف ، وفيما سيأتي من رواية المفيد : من غير ذي مسد ، وهو أظهر.

والاستبداد بالشيء : التفرد به (٦) ، والضمير في قوله عليه‌السلام : فإنها .. راجعة إلى الخلافة أو الدنيا لظهورهما بقرينة المقام. وقيل : إلى الأثرة المفهومة من الاستبداد ، وهو بعيد.

وفي الأمالي : امرأة ، وكأنه تصحيف إمرة ـ بالكسر ـ أي إمارة (٧).

قوله عليه‌السلام : شحت .. أي بخلت (٨) ، والنفوس الشاحة : نفوس أهل السقيفة.

__________________

(١) في المصدر : مرود ـ بدون الألف واللام ـ.

(٢) النهاية ٤ ـ ٣٢٩ ، وانظر : لسان العرب ٣ ـ ٤٠٣ ، وغيره.

(٣) في ( ك‍ ) : أو ، بدل الواو.

(٤) لا توجد : ثم ، في (س).

(٥) كذا ، والظاهر أنها : مسد .. أي قتل وطوى كما مر بيانه من المصنف ١ ، وأما كلمة :وسد ، فقال في لسان العرب ٣ ـ ٤٥٩ : وقد توسد ووسده إياه فتوسد : إذا جعله تحت رأسه ، وقال فيه ٣ ـ ٤٦٠ : والتوسيد : أن تمد الثلام [ كذا ] طولا حيث تبلغه البقر.

(٦) قاله في القاموس ١ ـ ٢٧٦ ، والنهاية ١ ـ ١٠٥.

(٧) صرح به في الصحاح ٢ ـ ٥٨١ ، والمصباح المنير ١ ـ ٢٩ ، وغيرهما.

(٨) كذا جاء في مجمع البحرين ٢ ـ ٣٧٩ ، والقاموس ١ ـ ٢٣٠ ، والصحاح ١ ـ ٣٧٨ ، وزاد في الأخير :الشح : البخل مع حرص.

٤٨٧

قوله عليه‌السلام : والمعود إليه .. : اسم مكان (١) ، ويروى يوم (٢) القيامة بالنصب ـ على أن يكون ظرفا ، والعامل فيه المعود على أن يكون مصدرا.

قوله عليه‌السلام :دع عنك نهبا صيح في حجراته .. البيت لإمرئ القيس وتمامه : ولكن حديثا ما حديث الرواحل (٣) ، وكان من قصة هذا الشعر أن إمرأ القيس لما انتقل في أحياء العرب بعد قتل أبيه نزل على رجل من جديلة (٤) طي يقال له : طريف ، فأحسن جواره ، فمدحه وأقام عنده ، ثم إنه خاف أن لا يكون له منعة فتحول ونزل على خالد بن سدوس النبهاني فأغارت بنو جديلة (٥) على إمرئ القيس ـ وهو في جوار خالد ـ فذهبوا بإبله ، فلما أتاه الخبر ذكر ذلك لجاره فقال له : أعطني رواحلك ألحق عليها القوم فأرد عليك (٦) إبلك ففعل ، فركب خالد في أثر القوم حتى أدركهم ، فقال : يا بني جديلة (٧) : أغرتم على إبل جاري؟. فقالوا : ما هو لك بجار؟. قال : بلى والله وهذه (٨) رواحله. قالوا :كذلك. قال : نعم. فرجعوا إليه وأنزلوه عنهن وذهبوا بهن وبالإبل. وقيل : بل انطوى خالد على الإبل فذهب بها ، فقال إمرؤ القيس :

__________________

(١) قال في النهاية ٣ ـ ٣١٦ : ومنه حديث علي [ ٧ ] : والحكم الله والمعود إليه يوم القيامة .. أي المعاد ، هكذا جاء المعود على الأصل ، وهو مفعل من عاد يعود ، ومن حق أمثاله أن تقلب واوه ألفا كالمقام والمراح ، ولكنه استعمله على الأصل ، ونحوه في لسان العرب ٣ ـ ٣١٧.

(٢) خط في (س) على كلمة : يوم.

(٣) ديوان إمرئ القيس : ١٤٦.

(٤) في (س) : جذيلة ، وجاء في حاشية ( ك‍ ) : والجديلة : القبيلة : والناحية. وجديلة : حي من طي ، وهو اسم أمهم ، وهي جديلة بنت سبيع بن عمرو .. صحاح.

انظر الصحاح ٤ ـ ١٦٥٤.

(٥) في (س) : فأعادت بنو جذيلة ، والظاهر ما أثبتناه.

(٦) لا توجد : عليك ، في (س).

(٧) في (س) : جذيلة.

(٨) في (س) : هذا.

٤٨٨

دع عنك .. إلى آخر القصيدة ، والمعنى دع عنك نهبا .. أي اتركه (١).

والنهب : الغنيمة (٢).

والحجرات : النواحي جمع حجرة كجمرة وجمرات (٣).

والصياح : صياح الغارة.

والرواحل ـ جمع راحلة ـ وهي الناقة التي تصلح لأن يشد الرحل على ظهرها (٤) ، وانتصب حديثا بإضمار فعل .. أي حدثني أو هات أو اسمع ، ويروى بالرفع .. أي غرضي حديث فحذف المبتدأ ، و ( ما ) هاهنا تحتمل أن تكون (٥) إبهامية ، هي التي إذا اقترنت بنكرة زادته إبهاما ، أو صلة مؤكدة كما في قوله تعالى : ( فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ ) (٦).

وأما حديث الثاني : فقد ينصب على البدل من الأول ، وقد يرفع على أن يكون ( ما ) موصولة وصلتها الجملة .. أي الذي هو حديث الرواحل ، ثم حذف صدرها كما حذف في : ( تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ ) (٧) ، أو على أن تكون استفهامية بمعنى أي.

وقوله عليه‌السلام : وهلم الخطب .. يؤيد أنه عليه‌السلام لم يستشهد إلا بصدر البيت ، فإنه قائم مقام قول إمرئ القيس : ولكن حديثا (٨) ما.

__________________

(١) جاء في مجمع البحرين ٤ ـ ٤٠٠ وغيره.

(٢) ذكر في مجمع البحرين ٢ ـ ١٧٨.

(٣) صرح به في القاموس ٢ ـ ٤ ، وانظر : الصحاح ٢ ـ ٦٢٣.

(٤) قاله في مجمع البحرين ٥ ـ ٣٨١ ، والصحاح ٥ ـ ١٧٠٧ وغيرهما.

(٥) في (س) : أن يكون.

(٦) النساء : ١٥٥ ، المائدة : ١٣.

(٧) الأنعام : ١٥٤.

(٨) توجد حاشية في ( ك‍ ) ، لعل محلها هنا وهي : هذا يقوي رواية من روى عنه عليه‌السلام : لم يستشهد إلا لصدر البيت ، لأنه قال : دع عنك ما مضى وهلم ما نحن الآن فيه من أمر معاوية ..قائما مقام قول إمرئ القيس : ولكن حديثا ما حديث الرواحل .. ابن أبي الحديد.

٤٨٩

وهلم يستعمل لازما ومتعديا ، فاللازم بمعنى تعال ، ويستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في لغة أهل الحجاز ، وأهل نجد يقولون : هلما وهلموا (١) ، والمتعدي بمعنى هات ، قال تعالى : ( هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ ) (٢) وهنا يحتمل الوجهين ، وإن كان الثاني أظهر ، أي لا تسأل عن اللصوص الثلاثة الماضية ، فإنهم نهبوا الخلافة وصاحوا في حجراته ومضوا ، ولكن هات ما نحن فيه الآن من خطب (٣) ابن أبي سفيان لنتكلم فيه ونشتغل بدفعه ، فإنه أعجب وأغرب ، والتعرض له أهم.

والخطب : الحادث الجليل والأمر العظيم (٤).

قوله عليه‌السلام : بعد إبكائه .. قيل : الإبكاء إشارة إلى ما كان عليه من الكآبة لتقدم الخلفاء ، والضحك للتعجب من أن الدهر لم يقنع بذلك حتى جعل معاوية منازعا له في الخلافة ، والأظهر أن كليهما في أمر معاوية ، أو في أمره وأمر من تقدمه فإنها محل للحزن والتعجب معا.

والغرو ـ بالغين المعجمة المفتوحة والراء المهملة الساكنة ـ العجب (٥) أي لا عجب والله (٦) ، ثم فسره بما بعده فقال : يستفرغ العجب .. أي لم يبق منه ما

__________________

(١) جاء في مجمع البحرين ٦ ـ ١٨٧ ، والصحاح ٥ ـ ٢٠٦٠ ، ولكنهما اقتصرا على بيان المعنى اللازم له.

(٢) الأنعام : ١٥٠.

أقول : قال الشيخ الرضي في شرحه ٢ ـ ٦٨ : ومما جاء متعديا ولازما : هلم بمعنى أقبل فيتعدى ب : إلى ، قال تعالى : « هلم إلينا » ، وبمعنى أحضره ، نحو قوله تعالى : « هلم شهداءكم » ، فلم يتصرف فيه أهل الحجاز ... وبنو تميم يصرفونه ... وليست بالفصيحة نحو : هلما هلموا هلمي هلما هلممن.

(٣) في طبعتي البحار : خطيب.

(٤) هذا المعنى بملاحظة القرائن في الكلام ، وأما معنى نفس الخطب فهو الأمر الذي يقع فيه المخاطبة ، والشأن ، والحال ، ذكرها علماء اللغة كما في مجمع البحرين ١ ـ ٥١ ، والنهاية ٢ ـ ٤٥.

(٥) جاء في مجمع البحرين ١ ـ ٣١٥ ، والنهاية ٢ ـ ٣٦٥ ، وغيرها.

(٦) لا توجد : والله ، في (س).

٤٩٠

يطلق عليه لفظ التعجب ، وهذا من المبالغة في المبالغة ، أي هذا أمر يجل عن التعجب كقول ابن هاني المغربي (١) :

قد سرت في الميدان يوم طرادهم

فعجبت حتى كدت لا أتعجب(٢)

والأود : العوج (٣) ، ويحتمل أن يكون لا غرو ، معناه : أن ما ورد علي ليس بعجب من تقلبات الدنيا وأحوالها ، وقوة الباطل وغلبة أهله فيها ، فيكون قوله عليه‌السلام : فيا له .. استئنافا لاستعظام الأمر ، أو المعنى : لا غرو في أن أضحكني وأبكاني لأمر واحد.

وأما رواية الصدوق ، فلعل المعنى لا عجب إلا من جارتي ، وسؤالها عني (٤) لم لم تنتصر ممن ظلمك؟ هل كان لي أهل يعينني فأسأل عن ذلك؟ أي مع علمك بتفردي وتخذل الناس عني ما كنت تحتاج إلى السؤال عن علة الأمر.

وفوار الينبوع ـ بالفتح وتشديد الواو ـ : ثقب البئر ، والفوار ـ بالضم والتخفيف ـ : ما يفور من حر القدر (٥) ، وقرئ بهما ، والأول أظهر.

وجدحوا .. أي خلطوا (٦) ومزجوا وأفسدوا.

والوبي : ذو الوباء والمرض (٧).

__________________

(١) لا توجد : المغربي في (س).

(٢) ديوان ابن هاني الأندلسي : ٤٤ ، وفيه هكذا : فعجبت حتى كدت أن لا أعجبا

(٣) نص عليه في مجمع البحرين ٣ ـ ٩ ، والنهاية ١ ـ ٧٩ ، وغيرهما.

(٤) في (س) : أعني.

(٥) قال في القاموس ٢ ـ ١١٢ : الفوارة .. : منبع الماء. وفوارة القدر ـ بالضم والتخفيف ـ : ما يفور من حرها. وانظر : الصحاح ٢ ـ ٧٨٣ ، ولسان العرب ٥ ـ ٦٨.

(٦) نص إلى هنا في النهاية ١ ـ ٢٤٣ ، ولسان العرب ٥ ـ ٤٢١.

(٧) جاء في مجمع البحرين ١ ـ ٤٢٩ ، وقال في النهاية ٥ ـ ١٤٤ : الوبى ـ بالقصر والمد والهمزة ـ : الطاعون ، والمرض العام ، وقد أوبأت الأرض فهي موبئة وبئت فهي وبيئة ، ووبئت أيضا فهي موبوءة.

٤٩١

والشرب ـ بالكسر ـ الحظ من الماء (١) ، والشرب الوبي هو الفتنة الحاصلة من عدم انقيادهم له عليه‌السلام كالشرب المخلوط بالسم.

قوله عليه‌السلام : فإن يرتفع .. أي بأن يتبعوا أمري.

٧ ـ قل (٢) : حكى أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل (٣) عند ذكر أبي الهيثم بن التيهان (٤) : إنه أول من ضرب على يد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ابتداء أمر نبوته.

ثم قال ـ بإسناده ـ : إن أبا الهيثم قام خطيبا (٥) بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٦) فقال : إن حسد قريش إياك على وجهين : أما خيارهم ، فتمنوا أن يكونوا مثلك منافسة (٧) في الملإ وارتفاع الدرجة ، وأما شرارهم ، فحسدوا (٨) حسدا أثقل القلوب وأحبط الأعمال ، وذلك أنهم رأوا (٩) عليك نعمة قدمها (١٠) إليك الحظ (١١) وأخرهم عنها الحرمان ، فلم يرضوا أن يلحقوا (١٢) حتى طلبوا أن يسبقوك ،

__________________

(١) كما قاله في مجمع البحرين ٢ ـ ٨٧ ، والصحاح ١ ـ ١٥٣ ، وغيرهما.

(٢) إقبال الأعمال : ٤٦٠.

(٣) كتاب الأوائل : ١٥٠.

(٤) لا توجد : ابن التيهان ، في طبعة (س) ، وفي الإقبال جعل : أبي الهيثم ، نسخة والمتن : ابن الهيثم ، وفي الأوائل : أبو الهيثم ، وهو الظاهر.

(٥) في المصدر : بإسناده إلى الهيثم بن التيهان خطيبا [ كذا ] ..

(٦) في طبعة (س) : بين يدي أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ولا يوجد لفظ أمير المؤمنين في المصدر.

(٧) جعلها في المصدر نسخة ، وأثبت كلمة : مناقشة.

(٨) في الأوائل : فحسدوك ، وهو الظاهر.

(٩) في طبعة ( ك‍ ) : ولوا. وفي طبعة (س) : دلوا. وما أوردناه جاء في المصدر.

(١٠) في الأوائل : قدمك.

(١١) جاءت نسخة بدل في المصدر : الخبط.

(١٢) في الأوائل : يلحقوك ، وهو الظاهر.

٤٩٢

فبعدت ـ والله ـ عليهم (١) الغاية ، وقطعت المضمار (٢) ، فلما تقدمتهم (٣) بالسبق وعجزوا عن اللحاق بلغوا منك ما رأيت ، وكنت ـ والله ـ أحق قريش بشكر قريش ، نصرت نبيهم حيا (٤) ، وقضيت عنه الحقوق ميتا ، والله ما بغيهم إلا على أنفسهم ، ولا نكثوا إلا بيعة الله ، ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) فيها ، ونحن (٥) معاشر الأنصار أيدينا وألسنتنا معك (٦) ، فأيدينا على من شهد وألسنتنا على من غاب (٧).

أقول : روى ابن أبي الحديد في شرح النهج (٨) : عن علي بن محمد بن أبي سيف (٩) المدائني ، عن فضيل بن الجعد ، قال : آكد الأسباب كان في تقاعد العرب عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أمر المال ، فإنه لم يكن يفضل شريفا على مشروف ، ولا عربيا على عجمي ، ولا يصانع الرؤساء وأمراء القبائل كما يصنع الملوك ، ولا يستميل أحدا إلى نفسه ، وكان معاوية بخلاف ذلك ، فترك الناس عليا عليه‌السلام والتحقوا بمعاوية ، فشكا علي عليه‌السلام إلى الأشتر تخاذل أصحابه وفرار بعضهم إلى معاوية ، فقال الأشتر : يا أمير المؤمنين! إنا قاتلنا أهل البصرة بأهل البصرة وأهل الكوفة ورأي الناس واحد ، وقد اختلفوا بعد وتعادوا وضعفت (١٠) النية وقل العدد ، وأنت تأخذهم بالعدل ، وتعمل فيهم بالحق ،

__________________

(١) جاءت العبارة في الأوائل للعسكري هكذا : فبعدت عليهم والله.

(٢) في المصدر والأوائل : أسقط المضمار ، وقد تقرأ : أسفط.

(٣) في طبعة (س) : تقدمهم.

(٤) لا توجد : حيا ، في أوائل العسكري.

(٥) في الأوائل : فها نحن .. ، بدلا من : فيها ونحن .. وهو الظاهر.

(٦) في الأوائل : لك ، بدلا من : معك.

(٧) نسخة جاءت في طبعة ( ك‍ ) : من عاب.

(٨) شرح نهج البلاغة ٢ ـ ١٩٧ ـ ١٩٨ بتصرف.

(٩) في المصدر : أبي يوسف ، وهو الظاهر.

(١٠) العبارة في ( ك‍ ) مشوشة ، وعليها نسخة بدل : ضعفا أو ضعفت ، وفي (س) : وضعف ، وما أثبت أخذناه من المصدر.

٤٩٣

وتنصف للوضيع من الشريف ، فليس للشريف عندك فضل منزلة (١) ، فضجت طائفة ممن تبعك (٢) من الحق إذ عموا به واغتموا (٣) من الحق (٤) إذ صاروا فيه ، ورأوا صنائع معاوية عند أهل الغناء والشرف ، فتاقت (٥) أنفس الناس إلى (٦) الدنيا ، وقل من ليس للدنيا (٧) ، وأكثرهم يجتوي (٨) الحق ويشتري الباطل ، ويؤثر الدنيا ، فإن تبذل المال ـ يا أمير المؤمنين ـ تمل إليك أعناق الرجال وتصفو نصيحتهم ، ويستخلص ودهم لك يا (٩) أمير المؤمنين! وكبت (١٠) أعداؤك ، وفض (١١) جمعهم ، وأوهن كيدهم ، وشتت أمورهم ، ( إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )

فقال علي عليه‌السلام : أما ما ذكرت من علمنا (١٢) وسيرتنا بالعدل ، فإن الله عز وجل يقول : ( مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ

__________________

(١) في شرح النهج : منزلة على الوضيع.

(٢) في شرح النهج : من معك.

(٣) قال في الصحاح ٥ ـ ١٩٩٧ : الغم : واحد الغموم ، تقوم منه غمه فاغتم.

(٤) في شرح النهج : من العدل ، بدلا من : من الحق.

(٥) في (س) : فتافت.

أقول : قال في مجمع البحرين ٥ ـ ١٤٣ : تاقت نفسه إلى الشيء تتوق توقا وتوقانا : اشتاقت ونازعت إليه. قال في القاموس ٣ ـ ١٢١ : تاق بصره يتوق : تاه.

(٦) لا توجد : الناس إلى ، في (س).

(٧) في شرح النهج : للدنيا بصاحبها.

(٨) قال في مجمع البحرين ١ ـ ٩٢ : اجتويت البلد : كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة.

(٩) في شرح النهج : صنع الله لك يا ..

(١٠) قال في الصحاح ١ ـ ٢٠٧ : كبه الله لوجهه .. أي صرعه فأكب على وجهه ، وهذا من النوادر أن يقال : أفعلت أنا وفعلت غيري. وقال فيه ١ ـ ٢٦٣ : الكبت : الصرف والإذلال .. ، وكبته لوجهه .. أي صرعه. أقول : ولعل لفظ الجلالة قد سقط هنا من طبعتي البحار ، لاقتضاء السياق إياه.

(١١) قال في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٢٢ : فضضت القوم فانفضوا .. أي فرقتهم فتفرقوا .. وأصل الفض :الكسر.

(١٢) في شرح النهج : عملنا.

٤٩٤

لِلْعَبِيدِ ) (١) ، وأما [ أنا ] (٢) من أن أكون مقصرا فيما ذكرت أخوف. وأما ما ذكرت من أن الحق ثقيل عليهم ففارقوا بذلك (٣) ، فقد علم الله أنهم لم يفارقونا من جور ولا لجئوا إذ فارقونا إلى عدل ، ولم يلتمسوا إلا دنيا زائلة عنهم كان قد فارقوها ، وليسألن يوم القيامة : أللدنيا أرادوا أم لله عملوا؟.

وأما ما ذكرت من بذل الأموال واصطناع الرجال ، فإنه لا يسعنا أن نؤتي امرأ من الفيء أكثر من حقه ، وقد قال الله سبحانه (٤) وقوله الحق : ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (٥) وقد بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وحده ، وكثره بعد القلة ، وأعز فئته بعد الذلة ، وإن يرد الله أن يولينا هذا الأمر يذلل لنا صعبه ، ويسهل لنا حزنه ، وأنا قابل من رأيك ما كان لله عز وجل رضى ، وأنت من آمن الناس عندي ، وأنصحهم لي ، وأوثقهم في نفسي إن شاء الله.

وروى أيضا في الكتاب المذكور (٦) ، عن هارون بن سعد (٧) قال : قال عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لعلي عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين! لو أمرت لي بمعونة أو نفقة! فو الله ما لي نفقة إلا أن أبيع دابتي. فقال : لا والله ، ما أجد لك شيئا إلا أن تأمر عمك يسرق (٨) فيعطيك ..

٨ ـ ما (٩) : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن العباس النحوي ، عن

__________________

(١) فصلت : ٤٦.

(٢) في شرح النهج : وأنا.

(٣) في شرح النهج : ثقل عليهم ففارقونا لذلك.

(٤) في شرح النهج : سبحانه وتعالى.

(٥) البقرة : ٢٤٩.

(٦) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ ـ ٢٠٠ بتصرف.

(٧) في المصدر : سعيد.

(٨) في شرح النهج : أن يسرق.

(٩) أمالي الشيخ الطوسي ٢ ـ ٢٢١.

٤٩٥

الخليل بن أسد ، عن محمد بن سلام ، قال : حدثني يونس (١) بن حبيب النحوي ـ وكان عثمانيا ـ قال : قلت للخليل بن أحمد : أريد أن أسألك عن مسألة فتكتمها علي؟ قال : إن قولك يدل على أن الجواب أغلظ من السؤال ، فتكتمه أنت أيضا؟ قال : قلت : نعم أيام حياتك. قال : سل (٢). قال : ما بال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورحمهم كأنهم كلهم بنو أم واحدة وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام من بينهم كأنه ابن علة؟. قال : من أين لك هذا السؤال؟. قال : قلت : قد وعدتني الجواب. قال : قد ضمنت لي الكتمان (٣). قال : قلت أيام حياتك. فقال : إن عليا عليه‌السلام تقدمهم إسلاما وفاقهم علما ، وبذهم (٤) شرفا ، ورجحهم زهدا ، وطالهم جهادا ، فحسدوه ، والناس إلى أشكالهم وأشباههم أميل منهم إلى من بان منهم ، فافهم.

__________________

(١) اختصر السند ، وفي المصدر جاء هكذا : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن العباس بن اليزيدي النحوي أبو عبد الله ، قال : حدثنا أبو الأسود الخليل بن أسد النوشجاني ، قال : حدثني محمد بن سلام الجمحي ، قال : حدثني يونس .. إلى آخره.

(٢) خط في (س) على جملة : قال سل ..

(٣) في المصدر : وقد ضمنت الكتمان.

(٤) قال في مجمع البحرين ٣ ـ ١٧٧ : بذه يبذه بذاذا .. أي غلبه وفاقه.

٤٩٦

١٥ ـ باب

شكاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه عمن تقدمه

من المتغلبين الغاصبين

١ ـ مع ، ع (١) : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي (٢) ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال : والله لقد تقمصها أخو تيم (٣) وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني (٤) السيل ولا يرقى إلي الطير (٥) ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء ، يشيب فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه (٦) ، فرأيت أن الصبر

__________________

(١) معاني الأخبار ٢٤٣ ـ ٢٤٤ باب معاني خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام.

علل الشرائع ١ ـ ١٥٠ ـ ١٥١ حديث ١٢ ، وذكرنا الاختلاف بينهما وبين المتن.

(٢) جاء السند في العلل : وحدثنا محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي .. وذكر في معاني الأخبار هذا السند وسندا آخر سيأتي.

(٣) في العلل : ابن أبي قحافة أخو تيم.

(٤) في (س) : علي ، وفي معاني الأخبار : عنه.

(٥) في المعاني : ولا يرتقي إليه الطير ..

(٦) في المعاني : يلقى الله. وذكر : ربه نسخة بدل.

٤٩٧

على هاتى [ هاتا ] (١) أحجى ، فصبرت وفي القلب قذا (٢) ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ، حتى إذا مضى الأول (٣) لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده ، عقدها لأخي (٤) عدي بعده (٥) ، فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها الآخر [ لآخر ] بعد وفاته ، فصيرها والله (٦) في حوزة خشناء ، يخشن مسها ، ويغلظ كلمها ، ويكثر العثار فيها (٧) والاعتذار منها (٨) ، فصاحبها كراكب الصعبة (٩) ، إن عنف بها حرن وإن أسلس (١٠) بها غسق ، فمني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس (١١) ، وتلون (١٢) واعتراض ، وبلوى وهو (١٣) مع هن وهني ، فصبرت على طول المدة وشدة المحنة ، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني منهم (١٤) ، فيا لله (١٥) وللشورى! متى اعترض الريب (١٦) في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر (١٧)؟

__________________

(١) في ( ك‍ ) جاءت نسخة بدل : هاة ، وكتبت في المصدرين : هاتا.

(٢) في المصدرين : وفي العين قذا .. وهو الظاهر. وهي قد ذكرت نسخة بدل في حاشية ( ك‍ ).

(٣) لا توجد : الأول ، في علل الشرائع.

(٤) لا توجد في معاني الأخبار : إلى فلان بعده عقدها .. وفي العلل : فأدلى بها لأخي عدي بعده.

(٥) خط على كلمة : بعده ، في ( ك‍ ).

(٦) لا توجد : والله ، في (س) ولا في العلل.

(٧) لا توجد : فيها ، في (س).

(٨) في معاني الأخبار : منها نسخة بدل.

(٩) في طبعة (س) : الصعب.

(١٠) في معاني الأخبار : سلس.

(١١) لا يوجد في المصدرين : لعمر الله بخبط وشماس و ..

(١٢) في المصدرين : بتلون.

(١٣) لا يوجد في العلل والمعاني : وهو.

(١٤) جاءت نسخة بدل في ( ك‍ ) : أحدهم.

(١٥) في معاني الأخبار : فيا لله لهم ..

(١٦) في (س) : الرقيب.

(١٧) في معاني الأخبار : بهذه النظائر.

٤٩٨

فمال رجل بضبعه (١) ، وأصغى آخر لصهره ، وقام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نشيله (٢) ومعتلفه ، وقاموا معه بني [ بنو ] أبيه (٣) يخضمون مال الله (٤) خضم (٥) الإبل نبت (٦) الربيع ، حتى أجهز عليه عمله ، وكسبت به مطيته (٧) ، فما راعني إلا والناس إلي كعرف الضبع قد انثالوا علي من كل جانب (٨) ، حتى لقد وطئ الحسنان ، وشق عطفاي ، حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة ، وفسقت (٩) أخرى ، ومرق آخرون ، كأنهم لم يسمعوا الله تبارك وتعالى يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (١٠) ، بلى والله لقد سمعوها ووعوها لكن احلولت (١١) الدنيا في أعينهم ، وراقهم زبرجها ، والذي (١٢) فلق الحبة وبرأ النسمة لو لا حضور الحاضر (١٣) وقيام الحجة بوجود الناصر (١٤) ، وما أخذ الله (١٥) على العلماء أن لا يقروا (١٦) على كظة ظالم

__________________

(١) في علل الشرائع : لضغنه.

(٢) جاءت نسخة بدل في ( ك‍ ) : ثيله.

(٣) في المصدرين : وقام معه بنو أمية.

(٤) في ( ك‍ ) : الله تعالى.

(٥) في نسخة جاءت هكذا : يهضمون مال الله هضم.

(٦) في معاني الأخبار ، و ( ك‍ ) من البحار : نبتة.

(٧) لا يوجد في معاني الأخبار : وكسبت به مطيته ، وفي العلل : كبت به مطيته.

(٨) خ. ل : وجه ، كذا جاء في حاشية ( ك‍ ).

(٩) خ. ل : ومرقت ، كذا جاء في حاشية ( ك‍ ).

(١٠) القصص : ٨٣.

(١١) في معاني الأخبار : لقد سمعوا ولكن احلولت ، وفي العلل : .. لكنهم احلولت.

(١٢) في العلل : أما والذي.

(١٣) في معاني الأخبار : حضور الناصر.

(١٤) لا توجد : بوجود الناصر .. في معاني الأخبار.

(١٥) في معاني الأخبار : الله تعالى.

(١٦) لا يقاروا .. نهج ، كذا في حاشية ( ك‍ ) ، وجعل في معاني الأخبار على كلمة : على رمز النسخة.

٤٩٩

ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أولها ، ولألفيتم دنياكم هذه عندي أزهد من خبقة (١) عنز .. وناوله (٢) رجل من أهل السواد كتابا فقطع كلامه وتناول الكتاب ، فقلت (٣) : يا أمير المؤمنين! لو أطردت مقالتك إلى حيث بلغت؟! فقال : هيهات هيهات (٤) يا ابن عباس ، تلك شقشقة هدرت ثم قرت .. فما (٥) أسفت على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام إذ لم يبلغ (٦) حيث أراد ..

قال الصدوق نور الله ضريحه (٧) : سألت الحسين (٨) بن عبد الله بن سعيد العسكري عن تفسير هذا الخبر ففسره لي قال (٩) : تفسير الخبر :

قوله عليه‌السلام : لقد تقمصها .. أي لبسها مثل القميص ، يقال تقمص الرجل وتدرع (١٠) وتردى وتمندل.

وقوله : محل القطب من الرحى .. أي تدور علي كما تدور الرحى على قطبها.

قوله (١١) عليه‌السلام ينحدر عنه السيل ولا يرتقي إليه الطير .. يريد أنها

__________________

(١) في (س) : حبقة ، وكتب في حاشية ( ك‍ ) : عفطة. نهج.

(٢) في معاني الأخبار : .. دنياكم أزهد عندي من عفطة عنز قال : وناوله .. ، وفي العلل نفس العبارة إلا إن فيها : دنياكم هذه.

(٣) كتب في ( ك‍ ) تحت كلمة فقلت : ابن عباس.

(٤) لا توجد : هيهات ، الثانية في معاني الأخبار.

(٥) في العلل : قال ابن عباس فما ، وفي (س) : فلما.

(٦) في العلل : لم يبلغ به.

(٧) علل الصدوق ١ ـ ١٥٢ ، وفيه : قال مصنف هذا الكتاب ، وكذا في معاني الأخبار : ٣٤٤.

(٨) في المصدرين : الحسن.

(٩) في معاني الأخبار : وقال ..

(١٠) في معاني الأخبار : أو تدرع ..

(١١) في المصدرين : وقوله.

٥٠٠