بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

والله يا أبا جعفر بما ظهر من حجته وثبت من بينته (١) ، فلعن الله من اتضح له الحق ثم جحد حقه وفضله ، وجعل بينه وبين الحق سترا.

بيان : الرجف : الزلزلة والاضطراب الشديد (٢) ، والعقيصة : الشعر المنسوج على الرأس عرضا (٣).

٤٧ ـ يل ، فض (٤) : بالإسناد .. يرفعه إلى ابن عباس قال : ما حسدت عليا عليه‌السلام بشيء مما سبق من سوابقه بأفضل من شيء سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقول : يا معاشر قريش! أنتم كفرتم فرأيتموني في كتيبة أضرب بها وجوهكم ، فأتى جبرئيل عليه‌السلام فغمزه وقال : يا محمد! قل إن شاء الله أو علي بن أبي طالب ، فقال محمد : إن شاء الله أو علي بن أبي طالب ..

٤٨ ـ يل ، فض (٥) : بالإسناد .. يرفعه إلى أبي الأسود الدؤلي (٦) ، عن عمه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال : نزلت هذه الآية : ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) (٧) بعلي بن أبي طالب ، بذلك أخبرني جبرئيل عليه‌السلام.

٤٩ ـ يل ، فض (٨) : بالإسناد .. يرفعه إلى سلمان الفارسي والمقداد وأبي ذر

__________________

(١) في المصدر : والله يا أبا جعفر ملكها بما ظهر من حجة ، وتبين من بينته .. وفي (س) : عن حجته.

(٢) ذكره في القاموس ٣ ـ ١٤٢ ، وانظر مجمع البحرين ٥ ـ ٦١ ـ ٦٢ ، والنهاية ٢ ـ ٢٠٣.

(٣) قال في القاموس ٢ ـ ٣٠٨ : والعقيصة : الضفيرة ، ونحوه في النهاية ٣ ـ ٢٧٦. وقال في مجمع البحرين ٤ ـ ١٧٥ : والعقيصة للمرأة : الشعر يلوى وتدخل أطرافه في أصوله.

(٤) قال العلامة المجلسي في بحاره ١ ـ ١٤ : وكتاب الروضة في المعجزات ، والفضائل لبعض علمائنا ، ثم قال : وأخطأ من نسبه إلى الصدوق .. إلى آخره. ولقد وجدناهما لشاذان بن جبرئيل ، انظر الروضة : ١٤٢ ـ خطي ـ ، ولم نجده في كتاب الفضائل المطبوع ( منشورات الرضي ).

(٥) الروضة لشاذان بن جبرئيل : ١٤٢ ـ من النسخة الخطية ـ ، ولم نجده في الفضائل المطبوع.

(٦) في الروضة : الديلمي.

(٧) الزخرف : ٤١.

(٨) الفضائل لابن شاذان : ١٤٥ ـ ١٤٦ بزيادة واختلاف كثير ، والروضة لشاذان بن جبرئيل : ١٤٢ ـ خطي ـ.

٤٦١

قالوا : إن رجلا فاخر عليا عليه‌السلام فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي! فاخر أهل الشرق والغرب والعرب والعجم فأنت أقربهم نسبا ، وابن عمك (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأكرمهم نفسا (٢) ، وأعلاهم رفعة ، وأكرمهم ولدا ، وأكرمهم أخا ، وأكرمهم عما ، وأعظمهم حلما ، وأقدمهم سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم عزا في نفسك ومالك ، وأنت أقرؤهم لكتاب الله عز وجل وأعلاهم نسبا ، وأشجعهم قلبا في لقاء الحرب ، وأجودهم كفا ، وأزهدهم في الدنيا ، وأشدهم جهادا ، وأحسنهم خلقا ، وأصدقهم لسانا ، وأحبهم إلى الله وإلي ، وستبقى بعدي ثلاثين سنة تعبد الله وتصبر على ظلم قريش لك ، ثم تجاهد في سبيل الله إذا وجدت أعوانا تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ثم تقتل شهيدا تخضب لحيتك من دم رأسك ، قاتلك يعدل قاتل ناقة صالح في البغضاء لله والبعد من الله. يا علي! إنك من بعدي مغلوب مغصوب تصبر على الأذى في الله وفي محتسبا (٣) أجرك غير ضائع (٤) ، فجزاك الله عن الإسلام خيرا.

٥٠ ـ فر (٥) : الحسين بن محمد بن مصعب ـ معنعنا ـ عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تعالى يقول في كتابه : ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) ... (٦) ، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه ، ومن أولى به مني وأنا أخوه ووارثه وابن عمه عليه‌السلام.

__________________

(١) في الفضائل : فأنت أكرمهم وابن عم .. بدلا من : فأنت أقربهم نسبا وابن عمك ..

(٢) في الفضائل : بدلا من نفسا : زوجا وعما.

(٣) في المصدر : وفي رسوله محتسبا .. وهو الظاهر.

(٤) في الفضائل : غير ضائع عند الله.

(٥) تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي : ٢٧ ، باختلاف يسير.

(٦) آل عمران : ١٤٤.

٤٦٢

٥١ ـ فر (١) : جعفر بن محمد الفزاري ، عن محمد بن الحسين بن عمر (٢) ، عن محمد بن عبد الله بن مهران قال : أردت زيارة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام مع أبي عبد الله عليه‌السلام فلما صرنا في الطريق إذا (٣) شيخ قد عارضنا (٤) عليه ثياب حسان. فقال : لم لم يقاتل أمير المؤمنين .. فلانا وفلانا؟ (٥) فقال له عليه‌السلام :لمكان آية في كتاب الله ، قال : وما هي؟ قال : قوله : ( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا ) ... الآية (٦) كان أمير المؤمنين عليه‌السلام قد علم أن في أصلاب المنافقين قوما من المؤمنين فعند ذلك لم يقتلهم ولم يستسبهم (٧). قال : ثم التفت فلم أر أحدا.

٥٢ ـ فر (٨) : عبيد بن كثير معنعنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي! كيف أنت إذا رأيت أزهد (٩) الناس في الآخرة ، ورغبوا في الدنيا ، وأكلوا ( التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا ) ، وأحبوا ( الْمالَ حُبًّا جَمًّا ) واتخذوا دين الله دغلا (١٠) ، ومال الله دولا؟ قال : قلت : أتركهم وما اختاروا ، وأختار الله ورسوله والدار الآخرة (١١) وأصبر على مصائب الدنيا ولأواتها [ لأوائها ] (١٢)

__________________

(١) تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي : ١٦٠ ـ ١٦١ باختلاف يسير غير ما أشرنا له.

(٢) في المصدر : الفزاري ، قال : حدثنا محمد يعني ابن الحسين بن عمر أبو لؤلؤة .. وفي (س) : الفزاوي.

(٣) في التفسير : الحسين بن علي (ع) فلما صرت حال زائرك إذا .. ولا توجد : مع أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٤) في المصدر : عارضني.

(٥) في التفسير : حسان فروى لي لم يقاتل فلانا وفلانا.

(٦) الفتح : ٢٥.

(٧) في المصدر : ولا يستتبهم.

(٨) تفسير فرات الكوفي : ٢١٠.

(٩) في المصدر : إذا زهد.

(١٠) قال في مجمع البحرين ٥ ـ ٣٧٢ : دغل السريرة : خبثها ومكرها وخديعتها. وقال في القاموس ٣ ـ ٣٧٦ : الدغل ـ محركة ـ : دخل في الأمر مفسد ، وفي المصدر : دخلا.

(١١) في ( ك‍ ) : ولدار الآخرة.

(١٢) في المصدر : الدنيا وبلائها. قال في مجمع البحرين ١ ـ ٣٦٩ : اللأواء : الشدة وضيق المعيشة ،

٤٦٣

حتى ألقاك إن شاء الله. قال : فقال : هديت ، اللهم افعل به ذلك (١).

٥٣ ـ وقال (٢) أبو عبد الله عليه‌السلام نزلت الآية : ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) ... (٣) في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

٥٤ ـ نهج (٤) : من خطبة له عليه‌السلام : ولعمري ما علي من قتال من خالف الحق ، وخابط الغي من إدهان ولا إيهان ، فاتقوا الله عباد الله وفروا إلى الله من الله وامضوا في الذي نهجه لكم وقوموا بما عصبه بكم ، فعلي ضامن لفلجكم (٥) آجلا إن لم (٦) تمنحوه عاجلا.

بيان : قيل : إنما قال عليه‌السلام ذلك في رد قول من قال : إن مصانعته عليه‌السلام لمحاربيه ومخالفيه ومداهنتهم أولى من محاربتهم.

قوله عليه‌السلام : وخابطا الغي .. ذكر المخابطة هنا للمبالغة لكونه من الجانبين.

والإدهان : المصانعة (٧).

ونهجه : أوضحه (٨).

قوله عليه‌السلام : عصبه بكم (٩) .. أي ناطه وربطه بكم ، وجعله

__________________

ومثله في النهاية ٤ ـ ٢٢١. قال في لسان العرب ١٥ ـ ٢٦٧ : واللولاء : الشدة والضر كاللأواء ، وعليه فلا يبعد كون الكلمة ممدودة. وفي المصدر : الدنيا وبلائها ..

(١) في التفسير جاء : فقال : هذه ، هديت ، اللهم افعل به ذلك.

(٢) تفسير فرات الكوفي : ٢١٠ ـ بتصرف ـ ، وفيه : فرات ، قال : حدثني علي بن محمد الزهري معنعنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٣) الفجر : ٢٧.

(٤) نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ ١ ـ ٦٣ ، صبحي الصالح خطبة ٢٤ صفحة ٦٦ بتفاوت يسير.

(٥) الفلج ـ بالفتح فالسكون ـ الظفر والفوز ، قاله في مجمع البحرين ٢ ـ ٣٢٣ ، والصحاح ١ ـ ٣٣٥ وغيرهما.

(٦) في نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ : وإن لم ..

(٧) كما في مجمع البحرين ٦ ـ ٢٤٩ ، والصحاح ٥ ـ ٢١١٦ وغيرهما.

(٨) جاء في مجمع البحرين ٢ ـ ٣٣٣ ، والصحاح ١ ـ ٣٤٦.

(٩) قال في النهاية ٣ ـ ٢٤٤ : ومنه حديث علي عليه‌السلام فروا إلى الله وقوموا

٤٦٤

كالعصابة التي تشد بها الرأس (١).

والمنحة : العطية (٢).

٥٥ ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي (٣) : قال : كنا جلوسا حول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وحوله جماعة من أصحابه فقال له قائل : يا أمير المؤمنين! لو استنفرت الناس؟. فقام وخطب فقال : أما إني قد استنفرتكم فلم تنفروا ، ودعوتكم فلم تسمعوا ، فأنتم شهود كغياب (٤) ، وأحياء كأموات ، وصم ذوو أسماع ، أتلو عليكم الحكمة وأعظكم بالموعظة الشافية الكافية ، وأحثكم على جهاد أهل الجور ، فما آتي على آخر كلامي حتى أراكم متفرقين حلقا شتى تتناشدون الأشعار ، وتضربون الأمثال ، وتسألون عن سعر التمر واللبن ، تبت أيديكم! لقد دعوتكم إلى الحرب (٥) والاستعداد لها وأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها ، شغلتموها بالأباطيل والأضاليل ، اغزوهم (٦) قبل أن يغزوكم ، فو الله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا ، وايم الله ما أظن أن تفعلوا حتى يفعلوا ، ثم وددت أني قد رأيتهم فلقيت الله على بصيرتي ويقيني ، واسترحت من مقاساتكم وممارستكم ، فما أنتم إلا كإبل جمة ضل راعيها ، فكلما ضمت من جانب انتشرت من جانب ، كأني بكم والله فيما أرى لو قد حمس الوغى واحمر الموت (٧) قد انفرجتم

__________________

بما عصبه بكم .. أي بما افترضه عليكم وقرنه بكم من أوامره ونواهيه.

(١) قال في المصباح المنير ٢ ـ ٧٢ : عصب القوم بالرجل عصبا ـ من باب ضرب ـ أحاطوا به لقتال أو حماية .. وعصب رأسه بالعصابة .. أي شدها. وقال في القاموس ١ ـ ١٠٥ : العصب : الطي واللي والشد وضم ما تفرق من الشجر.

(٢) ذكره في مجمع البحرين ٢ ـ ٤١٥ ، والصحاح ١ ـ ٤٠٨ ، وغيرهما.

(٣) كتاب سليم بن قيس الهلالي : ٨٩ [ طبعة بيروت : ١٢٥ ـ ١٣٢ ] باختلاف يسير أشرنا إلى غالبه.

(٤) في (س) : كعياب .. وهو غلط.

(٥) في المصدر : لقد سئمتم الحرب ..

(٦) في كتاب سليم ـ بيروت ـ : ويحكم! اغزوهم ..

(٧) في المصدر : واستحر الموت.

٤٦٥

عن علي بن أبي طالب انفراج الرأس وانفراج المرأة عن قبلها لا تمنع عنها (١).

قال الأشعث بن قيس : فهلا فعلت كما فعل ابن عفان؟!. فقال : أوكما [ كلما ] (٢) فعل ابن عفان رأيتموني فعلت! أنا عائذ بالله من شر ما تقول ، يا ابن قيس! والله إن التي فعل (٣) ابن عفان لمخزاة لمن لا دين له ولا وثيقة معه (٤) ، فكيف أفعل ذلك وأنا على بينة من ربي ، والحجة في يدي ، والحق معي؟! والله إن امرأ أمكن عدوه من نفسه يجز لحمه ، ويفري جلده ، ويهشم عظمه ، ويسفك دمه ، وهو يقدر على أن يمنعه لعظيم وزره ، ضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره ، فكنت أنت (٥) ذاك يا ابن قيس! فأما أنا فو الله دون أن (٦) أعطي بيدي ضرب (٧) بالمشرفي (٨) تطير له فراش الهام ، وتطيح منه الأكف والمعاصم ، ( وَيَفْعَلُ اللهُ ) بعد ذلك ( ما يَشاءُ ) (٩) ، ويلك ـ يا ابن قيس ـ إن المؤمن يموت كل ميتة غير أنه لا يقتل نفسه ، فمن قدر على حقن دمه ثم خلى عمن يقتله فهو قاتل نفسه ، يا ابن قيس! إن هذه الأمة تفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة واحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار ، وشرها وأبغضها (١٠) وأبعدها منه السامرة الذين يقولون لا قتال وكذبوا ، قد أمر الله بقتال الباغين في كتابه وسنة نبيه ، وكذلك المارقة.

فقال ابن قيس ـ وغضب من قوله ـ : فما منعك يا ابن أبي طالب حين بويع

__________________

(١) في طبعتي البحار وضع على : لا تمنع عنها .. رمز نسخة بدل ، وفي المصدر : لا تمنع يد لامس.

(٢) كذا ، ولعله : أوكلما ..

(٣) في ( ك‍ ) : افعل ، ولا معنى لها.

(٤) لا توجد : ولا وثيقة معه ، في المصدر.

(٥) في المصدر : فكن أنت.

(٦) في كتاب سليم : .. أنا فدون والله أن .. ، وفي ( ك‍ ) جاءت نسخة بدل : والله ، بدلا من فو الله.

(٧) في (س) : بيده ، وفي بعض نسخ المصدر : بيدي ضربا.

(٨) قال في الصحاح ٤ ـ ١٣٨٠ : والمشرفية : سيوف ، قال أبو عبيدة : نسبت إلى مشارف وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف ، يقال سيف مشرفي ، ومثله في القاموس ٣ ـ ١٥٨.

(٩) في المصدر : ويفعل بعد ما يشاء ، ولا توجد : بعد ذلك في (س).

(١٠) في المصدر : وأبغضها إلى الله.

٤٦٦

أبو بكر أخو بني تيم وأخو بني عدي بن كعب وأخو بني أمية بعدهم أن تقاتل وتضرب بسيفك؟! وأنت لم تخطبنا خطبة مذ كنت (١) قدمت العراق إلا قلت فيها قبل أن تنزل عن المنبر : والله إني لأولى الناس بالناس ، وما زلت مظلوما مذ قبض رسول الله (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله! فما يمنعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك؟!.

قال عليه‌السلام : يا ابن قيس! اسمع الجواب ، لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهة للقاء ربي ، وأن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها ، ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعهده إلي ، أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما الأمة صانعة بعده فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم به (٣) ولا أشد استيقانا مني به قبل ذلك ، بل أنا بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشد يقينا مني بما عاينت وشهدت ، فقلت : يا رسول الله! فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال : إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعوانا فكف يدك (٤) واحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا ، وأخبرني صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري (٥) ، وأخبرني صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أني منه بمنزلة هارون من موسى ، وأن الأمة سيصيرون بعده بمنزلة هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه ، إذ قال له موسى : ( يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) (٦) وإنما يعني أن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم

__________________

(١) في المصدر : لا تخطبنا خطبة منذ كنت ..

(٢) في كتاب سليم : منذ قبض محمد رسول الله ..

(٣) لا توجد : به ، في المصدر.

(٤) في المصدر : فاكفف يدك ..

(٥) في كتاب سليم زيادة : وتتبع غيري.

(٦) طه : ٩٢ ـ ٩٤.

٤٦٧

وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم ، وإني خشيت أن (١) يقول ذلك أخي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم فرقت بين الأمة ( وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي )؟ وقد عهدت إليك أنك إن لم تجد أعوانا أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهلك وشيعتك ، فلما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مال الناس إلى أبي بكر فبايعوه وأنا مشغول برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بغسله (٢) ، ثم شغلت بالقرآن فآليت يمينا بالقرآن (٣) أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب ففعلت ، ثم حملت فاطمة عليها‌السلام وأخذت بيد الحسن والحسين عليهما‌السلام فلم أدع أحدا من أهل بدر وأهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا ناشدتهم الله وحقي (٤) ودعوتهم إلى نصرتي ، فلم يستجب من جميع الناس إلا أربعة رهط : الزبير وسلمان وأبو ذر والمقداد ، ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به ولا أقوى به ، أما حمزة فقتل يوم أحد ، وأما جعفر فقتل يوم مؤتة ، وبقيت بين جلفين (٥) خائفين (٦) ذليلين حقيرين : العباس وعقيل ، وكانا قريبي عهد بكفر ، فأكرهوني وقهروني ، فقلت كما قال هارون لأخيه : ـ ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٧) فلي بهارون أسوة حسنة ، ولي بعهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجة قوية.

قال الأشعث : كذلك صنع عثمان : استغاث بالناس ودعاهم إلى نصرته فلم يجد أعوانا فكف يده حتى قتل مظلوما.

قال : ويلك ـ يا ابن قيس ـ! إن القوم حين قهروني و ( اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا

__________________

(١) لا توجد : أن ، في (س).

(٢) في المصدر زيادة : ودفنه ، وفي (س) : نغسله.

(٣) لا توجد : بالقرآن ، في المصدر ، ووضع عليها رمز نسخة بدل في ( ك‍ ).

(٤) في (س) : وحقي ، وخط على الواو في ( ك‍ ).

(٥) قال في الصحاح ٤ ـ ١٣٣٩ : وقولهم أعرابي جلف .. أي جاف ، وأصله من أجلاف الشاة : وهي المسلوخة بلا رأس ولا قوائم ولا بطن ، وقال أبو عبيدة : أصل الجلف : الدن الفارغ ، قال :والمسلوخ إذا أخرج بطنه جلف أيضا.

(٦) في المصدر : جلفين جافين ..

(٧) الأعراف : ١٥٠.

٤٦٨

يَقْتُلُونَنِي ) ولو قالوا لي : نقتلنك (١) البتة لامتنعت من قتلهم إياي ، ولو لم أجد غير نفسي وحدي ، ولكن قالوا : إن بايعت كففنا عنك وأكرمناك وقربناك وفضلناك ، وإن لم تفعل قتلناك ، فلما لم أجد أحدا بايعتهم ، وبيعتي لهم لما لا حق لهم فيه لا يوجب لهم (٢) حقا ولا يلزمني رضا ، ولو أن عثمان لما قال له (٣) الناس اخلعها ونكف عنك خلعها لم يقتلوه ، ولكنه قال : لا أخلعها. قالوا : فإنا قاتلوك ، فكف يده عنهم حتى قتلوه ، ولعمري لخلعه إياها كان خيرا له ، لأنه أخذها بغير حق ، ولم يكن له فيها نصيب ، وادعى ما ليس له ، وتناول حق غيره.

ويلك ـ يا ابن قيس ـ! إن عثمان لا يعدو أن يكون أحد رجلين ، إما أن يكون دعا الناس إلى نصرته فلم ينصروه ، وإما أن يكون القوم دعوه إلى أن ينصروه فنهاهم عن نصرته فلم يكن يحل له أن ينهى المسلمين عن أن ينصروا إماما هاديا مهتديا لم يحدث حدثا ولم يؤو محدثا ، وبئس ما صنع حين نهاهم ، وبئس ما صنعوا حين أطاعوه ، فإما أن يكونوا لم يروه أهلا لنصرته لجوره وحكمه بخلاف الكتاب والسنة ـ وقد كان مع عثمان من أهل بيته ومواليه وأصحابه أكثر من أربعة آلاف رجل ولو شاء الله (٤) أن يمتنع بهم لفعل ـ ولم ينههم عن (٥) نصرته ، ولو كنت وجدت يوم بويع أخو تيم أربعين (٦) رجلا مطيعين لجاهدتهم ، فأما يوم بويع عمر وعثمان فلا ، لأني كنت بايعت ومثلي لا ينكث بيعته.

ويلك ـ يا ابن قيس ـ! كيف رأيتني صنعت حين قتل عثمان ووجدت أعوانا؟ هل رأيت مني فشلا أو جبنا ، أو تقصيرا في وقعتي يوم البصرة وهم حول جملهم الملعون من معه ، الملعون من قتل حوله ، الملعون من ركبه ، الملعون من بقي

__________________

(١) في المصدر : لو قالوا لي : نقتلك ..

(٢) في المصدر : وبيعتي إياهم لا تحق لهم باطلا ولا توجب لهم ..

(٣) لا يوجد في المصدر : ولا يلزمني رضا ، وفيه : فلو كان عثمان حين قال له ..

(٤) لا يوجد لفظ الجلالة في المصدر ، وهو الظاهر.

(٥) في المصدر : فلم نهاهم .. وفي بعض النسخ : ينهاهم ..

(٦) في كتاب سليم : بويع أبو بكر أربعين ..

٤٦٩

بعده (١) لا تائبا ولا مستغفرا؟! فإنهم قتلوا أنصاري ، ونكثوا بيعتي ، ومثلوا بعاملي ، وبغوا علي ، وسرت إليهم في اثني عشر ألفا ـ وفي رواية أخرى : أقل من عشرة آلاف ـ وهم نيف على عشرين ومائة ألف ـ وفي رواية : زيادة على خمسين ألفا ـ فنصرني الله عليهم وقتلهم بأيدينا وشفى ( صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ).

وكيف رأيت ـ يا ابن قيس ـ وقعتنا بصفين ، وما (٢) قتل الله منهم بأيدينا خمسين ألفا في صعيد واحد إلى النار ـ وفي رواية أخرى : زيادة على سبعين ألفا ـ ، وكيف رأيتنا يوم النهروان إذ لقيت المارقين وهم مستبصرون متدينون؟! قد : ( ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (٣) فقتلهم الله في صعيد واحد إلى النار لم يبق منهم عشرة ولم يقتلوا من المؤمنين عشرة.

ويلك ـ يا ابن قيس ـ هل رأيت لي لواء رد؟ أو راية ردت؟ إياي تعير يا ابن قيس؟!. وأنا صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع مواطنه ومشاهده ، والمتقدم إلى الشدائد بين يديه ، ولا أفر ولا ألوذ ولا أعتل ولا أنحاز (٤) ولا أمنح اليهود (٥) دبري ، إنه لا ينبغي للنبي ولا للوصي إذا لبس لامته وقصد لعدوه أن يرجع أو ينثني حتى يقتل أو يفتح الله له.

يا ابن قيس! هل سمعت لي بفرار قط أو نبوة؟.

يا ابن قيس! أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو وجدت يوم بويع أبو بكر ـ الذي عيرتني بدخولي في بيعته ـ أربعين (٦) رجلا كلهم على مثل بصيرة الأربعة الذين وجدت لما كففت يدي ، ولناهضت القوم ، ولكن لم أجد خامسا!.

قال الأشعث : ومن الأربعة يا أمير المؤمنين عليه‌السلام؟.

__________________

(١) في المصدر : من قتل حوله ، الملعون من رجع بعده ..

(٢) في مطبوع البحار وضع على : وما ، رمز نسخة بدل.

(٣) الكهف : ١٠٤.

(٤) انحاز عنه : عدل ، قاله في مجمع البحرين ٤ ـ ١٧ وغيره.

(٥) كذا ، وفي المصدر ونسخة على البحار : العدو ، وهو الظاهر.

(٦) لا توجد كلمة : أربعين في (س).

٤٧٠

قال : سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير بن صفية قبل نكثه بيعتي ، فإنه بايعني مرتين ، أما بيعته الأولى التي وفى بها فإنه لما بويع أبو بكر أتاني أربعون رجلا من المهاجرين والأنصار فبايعوني وفيهم الزبير ، فأمرتهم أن يصبحوا عند بابي محلقين رءوسهم عليهم السلاح ، فما وافى منهم (١) أحد ولا صبحني منهم غير أربعة : سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير ، وأما بيعته الأخرى : فإنه أتاني هو وصاحبه طلحة بعد قتل عثمان فبايعاني طائعين غير مكرهين ، ثم رجعا عن دينهما مرتدين ناكثين مكابرين معاندين حاسدين ، فقتلهما الله إلى النار ، وأما الثلاثة : سلمان وأبو ذر والمقداد فثبتوا على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وملة إبراهيم (ع) حتى لقوا الله ، يرحمهم الله.

يا ابن قيس! فو الله لو أن أولئك الأربعين الذين بايعوني وفوا لي وأصبحوا على بابي محلقين قبل أن تجب لعتيق في عنقي بيعة (٢) لناهضته وحاكمته إلى الله عز وجل ، ولو وجدت قبل بيعة عثمان (٣) أعوانا لناهضتهم وحاكمتهم إلى الله ، فإن ابن عوف جعلها لعثمان ، واشترط عليه فيما بينه وبينه أن يردها عليه عند موته ، فأما بعد بيعتي إياهم فليس إلى مجاهدتهم سبيل.

فقال الأشعث : والله لئن كان الأمر كما تقول لقد هلكت الأمة غيرك وغير شيعتك! فقال : إن الحق والله معي يا ابن قيس كما أقول ، وما هلك من الأمة إلا الناصبين والمكاثرين (٤) والجاحدين والمعاندين ، فأما من تمسك بالتوحيد والإقرار بمحمد والإسلام ولم يخرج من الملة ، ولم يظاهر علينا الظلمة ، ولم ينصب لنا العداوة ، وشك في الخلافة ، ولم يعرف أهلها وولاتها ، ولم يعرف لنا ولاية ، ولم ينصب لنا عداوة ، فإن ذلك مسلم مستضعف يرجى له رحمة الله ويتخوف عليه ذنوبه.

__________________

(١) في المصدر : فما وفى منهم.

(٢) في المصدر : قبل أن نجب لعتيق في عنقي بيعته ..

(٣) في كتاب سليم : بيعة عمر .. بدلا من عثمان.

(٤) في المصدر : المكابرين.

٤٧١

قال أبان : قال سليم بن قيس : فلم يبق يومئذ من شيعة (١) علي عليه‌السلام أحد إلا تهلل وجهه وفرح بمقالته ، إذ شرح أمير المؤمنين عليه‌السلام الأمر وباح به ، وكشف الغطاء ، وترك التقية ، ولم يبق أحد من القراء ممن كان يشك في الماضين ويكف عنهم ويدع البراءة منهم ورعا وتأثما إلا استيقن واستبصر وحسن وترك الشك والوقوف ، ولم يبق أحد حوله أتى بيعته (٢) على وجه ما بويع عثمان والماضون قبله إلا رئي ذلك في وجهه وضاق به أمره ، وكره مقالته ، ثم إنهم استبصر عامتهم (٣) وذهب شكهم.

قال أبان ، عن سليم : فما شهدت يوما قط على رءوس العامة أقر لأعيننا من ذلك اليوم لما كشف للناس من الغطاء ، وأظهر فيه من الحق ، وشرح فيه من الأمر ، وألقى فيه التقية والكتمان (٤) ، وكثرت الشيعة بعد ذلك المجلس مذ ذلك اليوم ، وتكلموا وقد كانوا أقل أهل عسكره ، وصار الناس يقاتلون معه على علم بمكانه من الله ورسوله ، وصارت الشيعة بعد ذلك المجلس أجل الناس وأعظمهم ـ وفي رواية أخرى : جل الناس وأعظمهم ـ وذلك بعد (٥) وقعة النهروان ، وهو يأمر بالتهيئة والمسير إلى معاوية ، ثم لم يلبث أن قتل صلوات الله عليه ، قتله ابن ملجم لعنه الله غيلة وفتكا (٦) ، وقد كان سيفه مسموما قبل ذلك (٧).

__________________

(١) في (س) : شيعته ، وهو غلط ، ولعله بدون علي عليه‌السلام.

(٢) في المصدر : ولم يبق حوله ممن أبى بيعته.

(٣) في كتاب سليم : ثم أنه استبصر عادتهم ..

(٤) لا يوجد في المصدر : والكتمان ، وفيه : من التقية.

(٥) في ( ك‍ ) : وبعد ذلك.

(٦) قال في النهاية ٣ ـ ٤٠٩ : الإيمان قيد الفتك .. الفتك : أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل فيشد عليه فيقتله ، والغيلة : أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي.

(٧) سمه قبل ذلك ، كذا في المصدر.

أقول : أورد هذه الخطبة الشيخ المفيد في المجالس : ١٤٥ ـ ١٤٩ : المجلس الثامن عشر : ٦ ، وجاءت في نهج البلاغة في آخر خطبة ٣٤ صبحي الصالح : ٧٨ ـ ٧٩ ، محمد عبده : ١ ـ ٨٢ ـ ٨٤ ، وخطبة ٩٧ ، صبحي الصالح : ١٤١ ـ ١٤٣ ، محمد عبده : ٢ ـ ١٨٧ ـ ١٩٠ ، مع اختلاف

٤٧٢

توضيح : قوله عليه‌السلام : تبت أيديكم .. التباب : الخسران والهلاك (١) ، وفي بعض النسخ ـ كما في النهج ـ تربت ، وهي كلمة يدعى على الإنسان بها ، أي لا أصبتم (٢) خيرا وأصل ترب : أصابه التراب ، فكأنه يدعو عليه بأن يفتقر (٣).

قوله عليه‌السلام : حمس (٤) الوغاء .. أي اشتد الحرب (٥) ، وأصل الوغاء : الصوت والجلبة ، سميت الحرب بها لما فيها من الأصوات والجلبة (٦).

قوله عليه‌السلام : واحمر الموت .. قال في النهاية : فيه .. الموت الأحمر يعني القتل لما فيه من حمرة الدم أو لشدته ، يقال موت أحمر : أي شديد (٧).

وفي النهج : واستحر الموت .. قال في النهاية : أي اشتد وكثر ، وهو استفعل من الحر : الشدة ، ومنه حديث علي عليه‌السلام : حمس الوغا واستحر الموت (٨).

وقيل : يحتمل أن يكون المراد شدته الشبيهة بالحرارة مجازا أو خلوصه وحضوره ، فيكون اشتقاقه من الحرية.

قوله عليه‌السلام : انفراج الرأس .. أي تتفرقون عني أشد تفرق ، وهو مثل (٩) ، وقيل أول من تكلم به أكثم بن صيفي في وصيته : يا بني! لا تتفرقوا في

__________________

واختصار. وانظر : منهاج البراعة ١ ـ ٢٣٤ ـ ٢٤٤ ، وشرح ابن أبي الحديد للنهج ٢ ـ ١٨٩ ـ ٢٠٣ ، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم ٢ ـ ٨٠ ـ ٨٢ ، وغيرها.

(١) قاله في مجمع البحرين ٢ ـ ١٢ ، والصحاح ١ ـ ٩٠ ، وغيرها.

(٢) في (س) : لأصبتم ، وما أثبت هو الظاهر.

(٣) جاء في الصحاح ١ ـ ٩١ ، وقريب منه في مجمع البحرين ٢ ـ ١٣.

(٤) في ( ك‍ ) : خمس ، وهو غلط.

(٥) قال في النهاية ١ ـ ٤٤٠ : حديث علي [ عليه‌السلام ] حمس الوغى واستحر الموت .. أي اشتد الحرب. ونحوه في لسان العرب ٦ ـ ٥٧.

(٦) ذكره في الصحاح ٦ ـ ٢٥٢٦ ، ولسان العرب ١٥ ـ ٣٩٨.

(٧) النهاية ١ ـ ٤٣٨.

(٨) النهاية ١ ـ ٣٦٤.

(٩) لم نجده فيما بأيدينا من كتب الأمثال واللغة.

٤٧٣

الشدائد انفراج الرأس ، فإنكم بعد ذلك لا تجتمعون على عسر. وفي معناه أقوال :

أحدها (١) : ما ذكره ابن دريد ، وهو أن المراد به انفراج الرأس عن البدن ، فإنه لا يقبل الالتئام ولا يكون بعده اتصال.

ثانيها : قال المفضل : الرأس اسم رجل ينسب إليه قرية من قرى الشام ، يقال لها : بيت الرأس ، وفيها يباع الخمر ، قال حسان :

كأن سبيئته من بيت رأس

يكون مزاجها عسل وماء [ كذا ]

وهذا الرجل كان قد انفرج عن قومه ومكانه فلم يعد إليه ، فضرب به المثل في المفارقة (٢).

ثالثها : قال بعضهم معناه أن الرأس إذا انفرج بعض عظامه عن بعض كان ذلك بعد الالتئام والعود إلى الصحة.

رابعها : قال القطب الراوندي (٣) رحمه‌الله : معناه : انفرجتم عني رأسا أي بالكلية (٤).

واعترض عليه ابن أبي الحديد (٥) بأنه لا يعرف ، وفيه نظر.

خامسها : ما قاله الراوندي ـ أيضا ـ أي انفراج من أدلى (٦) برأسه إلى غيره ثم حرف (٧) رأسه عنه (٨).

__________________

(١) في ( ك‍ ) : إحداها.

(٢) كذا ذكره ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة ١ ـ ٨٠.

(٣) كما في منهاج البراعة ١ ـ ٢٣٩.

(٤) في المصدر : أي قطعا ، ثم قال : فلما أعاد الكلام عنه صار معرفا.

(٥) في شرحه على نهج البلاغة ٢ ـ ١٩١ قال : وعرفه ـ بالألف واللام ـ وهذا غير صحيح ، لأن ( رأسا ) لا يعرف.

(٦) في المصدر : من أدنى.

(٧) في منهاج البراعة : ثم انفرج.

(٨) هذا ثاني محتملات القطب رحمه‌الله ، وثالثها ما ذكره بقوله : أن يريد بانفراج الرأس : انفراج من يريد أن ينجو برأسه. وقد حكى الثاني ابن ميثم في شرحه على النهج ١ ـ ٨٠.

٤٧٤

واعترض ابن أبي الحديد (١) بأنه لا خصوصية للرأس في ذلك ، ولا يخفى ضعفه ، فإن وجه التخصيص ظاهر ، وهو مثل مشهور بين العرب والعجم.

سادسها : إن معناه انفراج المرأة عن رأس ولدها حالة الوضع ، فإنه يكون في غاية الشدة وتفرق الاتصال والانفراج (٢).

وأما انفراج المرأة عن قبلها ، فقيل : انفراج المرأة البغية وتسليمها لقبلها.

وقيل : أريد انفراجها وقت الولادة.

وقيل : وقت الطعان ، والأوسط أظهر. وعلى التقدير إنما شبه عليه‌السلام هذا التشبيه ليرجعوا إلى الأنفة (٣).

قوله عليه‌السلام : يجز لحمه .. في النهج : يعرق لحمه ، يقال : عرق اللحم : إذا لم يبق على العظم منه شيئا (٤).

والفري : القطع (٥).

والهشم : كسر (٦) العظام (٧).

__________________

(١) في شرح الخطبة (٣٤) من نهج البلاغة ٢ ـ ١٩١ قال : وهذا أيضا غير صحيح ، لأنه لا خصوصية للرأس في ذلك ، فإن اليد والرجل إذا أدنيتهما من شخص ثم حرفتهما عنه فقد انفرج ما بين ذلك العضو وبينه ، فأي معنى لتخصيص الرأس بالذكر!.

(٢) كما ذكره ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة ١ ـ ٨٠.

(٣) في (س) : الأنقة. قال في الصحاح ٤ ـ ١٤٤٧ : الأنق : الفرح والسرور .. وشيء أنيق .. أي حسن معجب ، ولا تكون للكلمة مناسبة مع المقام ، نعم الأنفة لها مدلول ، قال في الصحاح ـ أيضا ـ : ٤ ـ ١٣٣٣ : أنف من الشيء يأنف أنفا وأنفة .. أي استنكف.

(٤) قال في الصحاح ٤ ـ ١٥٢٣ : والعرق ـ بالفتح ـ مصدر قولك عرقت العظم أعرقه .. إذا أكلت ما عليه من اللحم .. وتعرقت العظم مثل عرقته. وقال في النهاية ٣ ـ ٢٢٠ : يقال عرقت العظم واعترقته وتعرقته : إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك.

(٥) في (س) : والقطع. انظر : مجمع البحرين ١ ـ ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ، والصحاح ٦ ـ ٢٤٥٤ وغيرهما.

(٦) إلى هنا في كتب اللغة كما في مجمع البحرين ٦ ـ ١٨٦ ، والصحاح ٥ ـ ٢٠٥٨ وغيرهما.

(٧) لا توجد كلمة : العظام ، في (س) ، وهو الظاهر.

٤٧٥

والجوانح : الأضلاع مما يلي الصدر ، الواحد جانحة (١).

وفراش الهام : العظام الرفيعة (٢) على القحف (٣) ، وهو ـ بالكسر ـ العظم فوق الدماغ (٤).

وطاح يطوح ويطيح : هلك وأشرف على الهلاك ، وذهب وسقط وتاه في الأرض (٥).

والمعاصم ـ جمع معصم ـ بالكسر ـ وهو موضع السوار (٦) من الساعد (٧).

وفي النهج : تطيح السواعد والأقدام.

ونابذه (٨) الحرب : كاشفه (٩).

والنيف .. ـ ككيس ، وقد يخفف ـ : الزيادة : بين (١٠) العددين (١١).

قوله : أو نبوة .. أي كلالا وتقصيرا ، يقال نبأ السيف عن الضريبة .. أي كل ، والسهم عن الهدف (١٢) أي قصر (١٣).

__________________

(١) كما جاء في القاموس ١ ـ ٢١٩ ، والصحاح ١ ـ ٣٦٠.

(٢) في ( ك‍ ) : الرقيعة ، وهو غلط ظاهرا.

(٣) نص عليه في مجمع البحرين ٤ ـ ١٤٩ ، والصحاح ٣ ـ ١٠١٥ ، وجاء في الأول : عظام رقيقة تلي .. ، وفي الثاني : عظام رقاق تلي.

(٤) قاله في مجمع البحرين ٥ ـ ١٠٨ ، والصحاح ٤ ـ ١٤١٢ وغيرهما.

(٥) كذا ورد في القاموس ١ ـ ٢٣٨ ، وتاج العروس ٢ ـ ١٩٣ ، وقريب منهما في لسان العرب ٢ ـ ٥٣٥.

(٦) في (س) : السواد.

(٧) جاء في مجمع البحرين ٦ ـ ١١٧ ، ومثله في المصباح المنير ٢ ـ ٧٤ ـ بدون ذكر جمع المعصم ـ.

(٨) في ( ك‍ ) : نابدة.

(٩) قاله في مجمع البحرين ٣ ـ ١٨٩ ، والصحاح ٢ ـ ٥٧١ وغيرهما.

(١٠) في (س) : وبين : .. وهو غلط.

(١١) صرح به في مجمع البحرين ٥ ـ ١٢٧ ، والصحاح ٤ ـ ١٤٣٦ ـ ١٤٣٧ وغيرهما.

(١٢) في (س) : الهدر ، ولا معنى لها.

(١٣) كذا جاء في القاموس ٤ ـ ٣٩٣ ، ولسان العرب ١٥ ـ ٣٠١ ـ ٣٠٢ ، وفيهما : .. والسهم عن الهدف ـ لا الهدر ـ.

٤٧٦

وفي بعض النسخ : أو سوأة .. أي قبيحا (١).

أقول : أورده الديلمي في إرشاد القلوب (٢) مع اختصار.

__________________

(١) صرح به في الصحاح ١ ـ ٥٦ ، ولسان العرب : ١ ـ ٩٦ وغيرهما.

(٢) إرشاد القلوب : ٣٩٤ ـ ٣٩٨ باختلاف يسير.

٤٧٧
٤٧٨

١٤ ـ باب

العلة التي من أجلها ترك الناس عليا عليه‌السلام

١ ـ ع ، لي (١) : أحمد بن يحيى المكتب ، عن أحمد بن محمد الوراق ، عن محمد بن الحسن بن دريد (٢) ، عن العباس بن الفرج الرياشي ، عن أبي زيد النحوي قال : سألت الخليل بن أحمد العروضي فقلت (٣) : لم هجر الناس عليا عليه‌السلام وقرباه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قرباه ، وموضعه من المسلمين موضعه ، وعناؤه في الإسلام عناؤه؟!. فقال : بهر ـ والله ـ نوره أنوارهم ، وغلبهم على صفو كل منهل ، والناس إلى أشكالهم أميل ، أما سمعت الأول حيث يقول (٤) :

وكل شكل لشكله إلف

أما ترى الفيل يألف الفيلا

قال : وأنشدنا الرياشي في معناه عن العباس بن الأحنف :

__________________

(١) علل الشرائع ١ ـ ١٤٥ حديث ١ ، باختلاف واختصار في السند.

أمالي الشيخ الصدوق : ١٩٠ حديث ١٤. وأوردها شيخنا ابن شهرآشوب في مناقبه ٣ ـ ٢١٣ ٢١٤.

(٢) في (س) : رويد ، وهو غلط ظاهرا. وفي العلل : دريد الأزدي العماني ، وفي الأمالي : دريد الأزدي المعاني.

(٣) لا توجد : فقلت ، في (س) ، وفي العلل : فقلت له : ..

(٤) في العلل : قول الأول يقول ..

٤٧٩

وقائل كيف تهاجرتما

فقلت قولا فيه إنصاف

لم يك من شكلي فهاجرته

والناس أشكال وألاف

بيان : القربى ـ بالضم : مصدر ـ بمعنى القرابة (١).

والعناء : التعب والنصب (٢).

وبهره بهرا : غلبه (٣).

والمنهل : عين ماء ترده الإبل في المراعي (٤) ، أي أخذ منهم من كل منهل من مناهل الخيرات والسعادات صفوه وخالصه. والإلف ـ بالكسر ـ : الأليف ، والألاف ـ بالضم والتشديد ـ : جمع آلف ، ككافر وكفار (٥).

٢ ـ ن ، ع (٦) : الطالقاني ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال (٧) ، عن أبيه ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن أمير المؤمنين عليه‌السلام كيف مال الناس عنه إلى غيره ، وقد عرفوا فضله وسابقته ومكانه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟. فقال : إنما مالوا عنه إلى غيره وقد عرفوا فضله (٨) لأنه قد (٩) كان قتل من (١٠) آبائهم وأجدادهم وإخوانهم (١١) وأعمامهم وأخوالهم

__________________

(١) كما في القاموس ١ ـ ١١٤ ، والصحاح ١ ـ ١٩٩ ، وغيرهما.

(٢) ذكره في مجمع البحرين ١ ـ ٣٠٨ ، والصحاح ٦ ـ ٢٤٤٠.

(٣) جاء في المصباح المنير ١ ـ ٨٠ ، ولسان العرب ٤ ـ ٨١ ، وغيرهما.

(٤) نص عليه في مجمع البحرين ٥ ـ ٤٨٨ ، والصحاح ٥ ـ ١٨٣٧.

(٥) صرح به في الصحاح ٤ ـ ١٣٣٢ ، ولسان العرب ٩ ـ ١١.

(٦) علل الشرائع ١ ـ ١٤٦ حديث ٣ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ ـ ٨١ حديث ١٥.

(٧) جاء السند في المصدرين : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال.

(٨) لا توجد في العلل : وقد عرفوا فضله.

(٩) خط على : قد ، في (س) ، وهي مثبتة في العيون دون العلل ، وكأن العلامة المجلسي أخذ الرواية من العيون.

(١٠) لا توجد : من ، في العلل.

(١١) لا توجد في العلل : وإخوانهم.

٤٨٠