بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الخزر (١) وإرمينية. قال الرشيد : فلم يبق لنا شيء ، فتحول إلى مجلسي. قال موسى : قد أعلمتك (٢) أنني إن حددتها لم تردها ، فعند ذلك عزم على قتله.

وفي رواية ابن أسباط أنه قال : أما الحد الأول فعريش مصر ، والثاني : دومة الجندل ، والثالث : أحد ، والرابع : سيف البحر ، فقال : هذا كله هذه الدنيا!. فقال (ع) : هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة فأفاءه الله ورسوله (٣) بلا ( خَيْلٍ وَلا رِكابٍ ) ، فأمره الله أن يدفعه إلى فاطمة (ع).

بيان :

هذان التحديدان خلاف المشهور بين اللغويين ، قال الفيروزآبادي (٤) : فدك ـ محركة ـ موضع بخيبر. وقال في مصباح اللغة : بلدة بينها وبين مدينة النبي (ص) يومان وبينهما وبين خيبر دون مرحلة ، وهي مما ( أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ) وتنازعها (٥) علي والعباس (٦) في خلافة عمر ، فقال علي (ع) : جعلها النبي (ص) لفاطمة وولدها ، وأنكره العباس فسلمها عمر لهما (٧). انتهى.

ولعل مراده عليه‌السلام أن تلك كلها في حكم فدك ، وكأن الدعوى على جميعها ، وإنما ذكروا فدك على المثال أو تغليبا.

٤٢ _كشف (٨) : روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين ، السادس (٩) : عن عمر عن أبي بكر المسند منه فقط ، وهو : لا نورث ما تركنا صدقة. لمسلم من

__________________

(١) في المصدر : مما يلي الجزر.

(٢) في ( ك‍ ) : علمتك ، والظاهر ما في المتن.

(٣) في المصدر : على رسوله.

(٤) في القاموس ٣ ـ ٣١٥.

(٥) في (س) : تنازعا.

(٦) لا توجد : والعباس في (س).

(٧) المصباح المنير ٢ ـ ١٣٦ ، وقد سلف أن ذكرنا عبارة معجم البلدان وغيره في أول الباب ، فراجع.

(٨) كشف الغمة ١ ـ ٤٧٤ ـ ٤٧٨ ، ونص عليه العلامة الأميني في الغدير ٧ ـ ١٩٤.

(٩) في المصدر : في الجزء السادس.

٢٠١

رواية جويرية بن أسماء عن مالك وعن عائشة بطوله : أن فاطمة (ع) سألت أبا بكر أن يقسم لها ميراثها. وفي رواية أخرى : أن فاطمة (ع) والعباس أتيا أبا بكر .. يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه (١) من فدك وسهمه من خيبر ، فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] قال : لا نورث ما تركنا صدقة (٢) ، إنما يأكل آل محمد من هذا المال ، وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يصنعه فيه إلا صنعته.

زاد في رواية صالح بن كيسان : إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ. ، قال :فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي والعباس فغلبه عليها علي. ، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر ، وقال : هما صدقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر. ، قال : فهما على ذلك اليوم.

قال غير صالح في روايته في حديث أبي بكر : فهجرته فاطمة فلم تكلمه في ذلك حتى ماتت ، فدفنها علي عليه‌السلام ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر ، قال : وكان لعلي وجه من الناس حياة (٣) فاطمة فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي عليه‌السلام ، ومكثت فاطمة عليها‌السلام بعد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] ستة أشهر ثم توفيت ، فقال رجل للزهري : فلم يبايعه علي ستة أشهر؟ قال : لا والله ، ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي.

__________________

(١) في (س) : فرضه.

(٢) قد سلفت مصادر الحديث منا ومن المصنف طاب ثراه ، وقد أدرج بعضها العلامة الأميني في غديره ٧ ـ ٢٢٦ و ٢٣٠ ، وقد حكاه عن البخاري في صحيحه ، باب فرض الخمس ٥ ـ ٥ عن عائشة ، وباب غزوة خيبر ٦ ـ ١٩٦ ، وكذا في صحيح مسلم ٢ ـ ٧٢ ، ومسند أحمد ١ ـ ٦ ، ٩ ، .. وغيرها من المصادر. ولأعلامنا طاب ثراهم مناقشات فيه سندا ودلالة.

(٣) في المصدر : في حياة ..

٢٠٢

في حديث عروة : فلما رأى علي عليه‌السلام انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلى مصالحة أبي بكر ، فأرسل إلى (١) أبي بكر : ائتينا (٢) ولا تأتنا معك بأحد ، وكره أن يأتيه عمر لما علم من شدة عمر. فقال عمر : لا تأتهم وحدك. فقال أبو بكر : والله لآتينهم وحدي ، ما عسى أن يصنعوا بي؟!. فانطلق أبو بكر فدخل على علي عليه‌السلام وقد جمع بني هاشم عنده ، فقام علي فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فلم يمنعنا أن نبايعك يا أبا بكر إنكار لفضيلتك ولا نفاسة (٣) عليك بخير ساقه الله إليك ، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا ، فاستبددتم علينا .. ثم ذكر قرابتهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحقهم .. فلم يزل علي عليه‌السلام يذكر حتى بكى أبو بكر وصمت علي ، وتشهد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فو الله لقرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحب إلي أن أصل من قرابتي ، وإني والله ما لكأت (٤) في هذه الأموال التي كانت بيني وبينكم عن الخير ، ولكني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا نورث ما تركنا صدقة ، إنما يأكل آل محمد (ص) في (٥) هذا المال ، وإني والله لا أدع أمرا صنعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا صنعته إن شاء الله ، وقال علي : موعدك للبيعة العشية ، فلما صلى أبو بكر الظهر أقبل على الناس يعذر عليا ببعض ما اعتذر به ، ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر وذكر فضيلته وسابقته ، ثم قام إلى أبي بكر فبايعه ، فأقبل الناس على علي فقالوا : أصبت وأحسنت ، وكان المسلمون إلى علي رضي الله عنه قريبا حين راجع الأمر بالمعروف ... هذا آخر ما ذكره الحميدي.

__________________

(١) حذفت : إلى ، في ( ك‍ ).

(٢) في المصدر : أتينا ، والظاهر : ايتنا ـ بتقديم الياء على التاء ـ.

(٣) أي بخلا وضنا ورغبة بخير يصلك.

(٤) في المصدر : ما ألوت ، أي ما قصرت ، وكذا لكأت ، ويأتي في بيان المصنف رحمه‌الله.

(٥) في المصدر : من بدلا من : في.

٢٠٣

وقد خطر لي عند نقلي لهذا الحديث كلام أذكره على مواضع منه ، ثم بعد ذلك أورد ما نقله أصحابنا في المعنى ، ملتزما بما اشترطه (١) من العدل في القول والفعل ، ( وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ )

قول أبي بكر ـ في أول الحديث وآخره ـ : وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يصنعه فيه إلا صنعته .. وهو لم يرد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صنع فيها إلا أنه اصطفاها ، وإنما سمع سماعا أنه بعد وفاته لا يورث ، كما روى ، فكان حق الحديث أن يحكى ويقول وإني والله لا أدع أمرا سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقوله (٢) إلا عملت بمقتضى قوله ، أو ما هذا معناه.

وفيه : فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس (٣) فغلبه عليها علي.

أقول : حكم هذه الصدقة التي بالمدينة حكم فدك وخيبر ، فهلا منعهم الجميع كما فعل صاحبه إن كان العمل على ما رواه ، أو صرفهم في الجميع إن كان الأمر بضد ذلك ، فأما تسليم البعض ومنع البعض فإنه ترجيح من غير مرجح ، اللهم إلا أن يكونوا فعلوا (٤) شيئا لم يصل إلينا في إمضاء ذلك.

وفي قوله : فغلبه عليها علي .. دليل واضح على ما ذهب إليه أصحابنا من توريث البنات دون الأعمام ، فإن عليا عليه‌السلام لم يغلب العباس على الصدقة من جهة العمومة ، إذ كان العباس أقرب من علي (ع) في ذلك ، وغلبه (٥) إياه على سبيل الغلب والعنف مستحيل أن يقع من علي في حق العباس ، ولم يبق إلا أنه غلبه عليها بطريق فاطمة وبنيها عليهم‌السلام.

وقول علي عليه‌السلام : كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاستبددتم

__________________

(١) في الكشف : اشترطته.

(٢) في ( ك‍ ) : يقول ، وكذا في نسخة جاءت على (س).

(٣) في المصدر : والعباس.

(٤) في المصدر : نقلوا.

(٥) في المصدر : وغلبته.

٢٠٤

علينا ..فتأمل معناه يضح (١) لك مغزاه ، ولا حاجة (٢) إلى كشف مغطاه.

وروى أحمد بن حنبل .. في مسنده ما يقارب ألفاظ ما رواه الحميدي ، ولم يذكر حديث علي (ع) وأبي بكر ومجيئه إليه في هذا الحديث.

روى ابن بابويه مرفوعا إلى أبي سعيد الخدري ، قال : لما نزلت : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٣) ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة! لك فدك، وفي رواية أخرى عن أبي سعيد مثله.

وعن عطية قال : لما نزلت : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٤) ، دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام فأعطاها فدك.

وعن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) قال : أقطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام فدك.

وعن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : كان (٥) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى فاطمة (ع) فدك؟ قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقفها ، فأنزل الله تبارك وتعالى : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٦) ، فأعطاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حقها. قلت : رسول الله (ص) أعطاها؟ قال : بل الله تبارك وتعالى أعطاها.

وقد تظاهرت الرواية من طرق أصحابنا بذلك ، وثبت أن ذا القربى : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وعلى هذا فقد كان أبو بكر وعمر لما وليا

__________________

(١) في المصدر : يصح ، وهو من صحى يصحى ، وقع في جواب الأمر فصار مجزوما بحذف قال في القاموس ٤ ـ ٣٥١ : الصحو : ذهاب الغيم ، وهو كناية عن وضوح الأمر.

(٢) في الكشف : ولا حاجة بنا ..

(٣) الروم : ٣٨.

(٤) الروم : ٣٨.

(٥) في المصدر : أكان ..

(٦) الروم : ٣٨.

٢٠٥

هذا الأمر يرتبان في الأعمال والبلاد القريبة والنائية (١) من الصحابة والمهاجرين والأنصار من لا يكاد يبلغ مرتبة علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ولا يقاربها ، فلو اعتقداهم مثل بعض الولاة وسلما إليهم هذه الصدقة التي قامت النائرة في أخذها ، وعرفاهم ما روياه وقالا لهم : أنتم أهل البيت وقد شهد الله لكم بالطهارة ، وأذهب عنكم الرجس ، وقد عرفناكم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا نورث (٢) ، وقد سلمناها إليكم ، وشغلنا ذممكم بها ، والله من وراء أفعالكم فيها ، والله سبحانه بمرأى منكم (٣) ومسمع ، فاعملوا فيها بما يقربكم منه ويزلفكم عنده ، فعلى هذا سلمناها إليكم وصرفناكم فيها ، فإن فعلتم الواجب الذي أمرتم به وفعلتم فيها فعل رسول الله (ص) فقد أصبتم وأصبنا ، وإن تعديتم الواجب وخالفتم ما حده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد أخطأتم وأصبنا فإن الذي علينا الاجتهاد ولم نأل في اختياركم جهدا ، وما علينا بعد بذل الجهد لائمة ، وهذا الحديث من الإنصاف كما يروى (٤) ، والله الموفق والمسدد.

وروي أن فاطمة عليها‌السلام جاءت إلى أبي بكر بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت (٥) : يا أبا بكر! من يرثك إذا مت؟ قال : أهلي وولدي ، قالت : فما لي لا أرث رسول الله (ص)؟. قال : يا بنت رسول الله! إن النبي لا يورث ، ولكن أنفق على من كان ينفق عليه رسول الله ، وأعطي ما كان يعطيه. قالت : والله لا أكلمك بكلمة ما حييت ، فما كلمته حتى ماتت (٦).

__________________

(١) في الكشف : النائبة ، وهو غلط.

(٢) في المصدر زيادة : ما تركناه صدقة.

(٣) في الكشف : وهو سبحانه بمرأى ، وجاء نسخة على (س).

(٤) في المصدر : كما ترى ، وفي ( ك‍ ) : يرى ، وقد ذكرها نسخة في (س).

(٥) في كشف الغمة : فقال ، وما ذكر هنا هو الصحيح.

(٦) جاء ذيل الرواية بألفاظ مختلفة في روايات عديدة ، ذكر جملة منها مع مصادرها في الغدير ٧ ٢٢٩ ـ ٢٣٠.

٢٠٦

وقيل : جاءت فاطمة عليها‌السلام إلى أبي بكر فقالت : أعطني ميراثي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. قال : إن الأنبياء لا تورث (١) ما تركوه فهو صدقة ، فرجعت إلى علي عليه‌السلام فقال : ارجعي فقولي : ما شأن سليمان عليه‌السلام وورث داود عليه‌السلام ، وقال زكريا : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٢)؟! فأبوا وأبى.

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري عن أبي جعفر عليه‌السلام : أن أبا بكر قال لفاطمة عليها‌السلام : النبي (ص) لا يورث ، قالت : قد ( وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) (٣) ، وقال زكريا : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٤) ، فنحن أقرب إلى النبي من زكريا إلى يعقوب ..

وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال علي (ع) لفاطمة عليها‌السلام : انطلقي فاطلبي ميراثك من أبيك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فجاءت إلى أبي بكر فقالت : أعطني ميراثي من أبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قال : النبي (ص) لا يورث ، فقالت : ألم يرث سليمان داود؟! فغضب وقال : النبي لا يورث ، فقالت عليها‌السلام : ألم يقل زكريا : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٥)؟. فقال : النبي لا يورث. فقالت عليها‌السلام : ألم يقل : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (٦)؟! فقال : النبي لا يورث.

وعن أبي سعيد الخدري قال : لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جاءت فاطمة عليها‌السلام تطلب فدكا ، فقال أبو بكر : إني لأعلم ـ إن شاء الله ـ أنك

__________________

(١) في المصدر : لا يورث.

(٢) مريم : ٥ ـ ٦.

(٣) النمل : ١٦.

(٤) مريم : ٥ ـ ٦.

(٥) مريم : ٥ ـ ٦.

(٦) النساء : ١١.

٢٠٧

لن تقولي إلا حقا ، ولكن هاتي بينتك ، فجاءت بعلي عليه‌السلام فشهد ، ثم جاءت بأم أيمن فشهدت ، فقال : امرأة أخرى أو رجلا فكتبت لك بها (١).

٤٣ ، ٤٤ مصباح الأنوار (٢) ، كشف (٣) : مثل الأحاديث الثلاثة الأخيرة.

أقول : هذا (٤) الحديث عجيب ، فإن فاطمة عليها‌السلام كانت (٥) مطالبة بميراث فلا حاجة بها إلى الشهود ، فإن المستحق للتركة لا يفتقر إلى الشاهد إلا إذا لم يعرف صحة نسبه واعتزائه إلى الدارج (٦) ، وما أظنهم شكوا في نسب فاطمة (٧) عليها‌السلام ، وكونها ابنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن كانت تطلب فدكا وتدعي أن أباها (ص) نحلها (٨) إياها احتاجت إلى إقامة البينة ، ولم يبق لما رواه أبو بكر من قوله : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ).معنى ، وهذا واضح جدا ، فتدبر.

وروى (٩) مرفوعا : أن عمر بن عبد العزيز لما استخلف قال : يا أيها الناس! إني قد رددت عليكم مظالمكم ، وأول ما أرد منها ما كان في يدي ، قد رددت فدك على ولد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وولد علي بن أبي طالب (ع) فكان أول من ردها.

__________________

(١) كذا ، والظاهر : لكتبت لك بها.

(٢) مصباح الأنوار ٢٤٥ ـ ٢٤٦.

(٣) كشف الغمة ١ ـ ٤٧٨.

(٤) يحتمل قويا أن يكون موضع الرمز « كشف » قبل « اقول هذا » فإن هذه العبارة إلى : فتدبر ، موجودة في كشف الغمة ، والأحاديث الثلاثة موجودة في مصباح الأنوار.

(٥) في كشف الغمة : إن كانت.

(٦) أي لم يعرف انتسابه إلى الميت. قال في النهاية ٣ ـ ٢٣٣ : التعزي : الانتماء والانتساب إلى القوم.

وقال أيضا ٢ ـ ١١١ : درج ، أي مات.

(٧) في كشف الغمة : نسبها ، بدل : نسب فاطمة.

(٨) في كشف الغمة : تحلها ، وهي غلط.

(٩) كشف الغمة : ١ ـ ٤٩٤ ـ ٤٩٦.

٢٠٨

وروى أنه ردها بغلاتها منذ ولي ، فقيل له : نقمت على أبي بكر وعمر فعلهما ، وطعنت (١) عليهما ، ونسبتهما إلى الظلم والغصب ، وقد اجتمع عنده في ذلك قريش ومشايخ أهل الشام من علماء السوء. فقال عمر بن عبد العزيز : قد صح عندي وعندكم أن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ادعت فدك ، وكانت في يدها ، وما كانت لتكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مع شهادة علي وأم أيمن وأم سلمة ، وفاطمة عندي صادقة فيما تدعي وإن لم تقم البينة ، وهي سيدة نساء أهل الجنة ، فأنا اليوم أرد على ورثتها أتقرب بذلك إلى رسول الله (ص) وأرجو أن تكون فاطمة والحسن والحسين (ع) يشفعون لي يوم (٢) القيامة ، ولو كنت بدل أبي بكر وادعت فاطمة كنت أصدقها على دعواها (٣) ، فسلمها إلى محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام (٤) ، فلم تزل في أيديهم إلى أن مات عمر بن عبد العزيز.

وروي أنه لما صارت الخلافة إلى عمر بن العزيز رد عليهم سهام الخمس : سهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسهم ذي القربى ، وهما من أربعة أسهم ، رد على جميع بني هاشم ، وسلم ذلك إلى محمد بن علي (٥) وعبد الله بن الحسن ، وقيل : إنه جعل من بيت ماله سبعين حملا من الورق والعين من مال الخمس ، فرد عليهم ذلك ، وكذلك كل ما كان لبني فاطمة وبني هاشم مما حازه أبو بكر وعمر وبعدهما عثمان ومعاوية ويزيد وعبد الملك رد عليهم ، واستغنى بنو هاشم في تلك السنين (٦) وحسنت أحوالهم ، ورد عليهم المأمون والمعتصم والواثق ، وقالا : كان المأمون أعلم منا به فنحن نمضي على ما مضى هو عليه ، فلما ولي

__________________

(١) في المصدر : فطعنت.

(٢) في الكشف : في يوم.

(٣) في المصدر : دعواتها.

(٤) في كشف الغمة : الباقر عليهم‌السلام وعبد الله بن الحسن.

(٥) في المصدر زيادة : الباقر عليه‌السلام.

(٦) لا توجد الواو في المصدر.

٢٠٩

المتوكل قبضها وأقطعها حرملة الحجام ، وأقطعها بعده لفلان النازيار [ البازيار ] (١) من أهل طبرستان ، وردها المعتضد ، وحازها المكتفي ، وقيل : إن المقتدر ردها عليهم.

قال شريك : كان يجب على أبي بكر أن يعمل مع فاطمة بموجب الشرع ، وأقل ما يجب عليه أن يستحلفها على دعواها أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها فدك في حياته ، فإن عليا وأم أيمن شهدا لها ، وبقي ربع الشهادة فردها بعد الشاهدين لا وجه له ، فإما أن يصدقها أو يستحلفها ويمضي الحكم لها ، قال شريك : الله المستعان! مثل هذا الأمر يجهله أو يتعمده؟!.

وقال الحسن بن علي الوشاء : سألت مولانا أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام : هل خلف رسول الله (ص) غير فدك شيئا؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خلف حيطانا بالمدينة صدقة ، وخلف ستة أفراس وثلاث نوق : العضباء والصهباء والديباج ، وبغلتين : الشهباء والدلدل ، وحماره : اليعفور ، وشاتين حلوبتين ، وأربعين ناقة حلوبا ، وسيفه ذا الفقار ، ودرعه ذات الفضول (٢) ، وعمامته السحاب ، وحبرتين يمانيتين ، وخاتمه الفاضل ، وقضيبه الممشوق ، وفراشا من ليف ، وعباءتين وقطوانيتين (٣) ، ومخادا من أدم صار ذلك إلى فاطمة عليها‌السلام ما خلا درعه وسيفه وعمامته وخاتمه ، فإنه جعله لأمير المؤمنين عليه‌السلام (٤).

إيضاح :

قال في النهاية في حديث أبي بكر .. : أن أزيغ .. أي أجور وأعدل عن الحق (٥) وقال في حديث .. : فدك لحقوق رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم

__________________

(١) في الكشف : البازيار.

(٢) في المصدر : ذات الفصول.

(٣) في الكشف : وعباءين قطوانيتين.

(٤) إلى هنا نقل عن كشف الغمة بما ذكرناه من الاختلاف.

(٥) النهاية ٢ ـ ٣٢٤ ، وانظر : لسان العرب ٨ ـ ٤٣٢ وغيره.

٢١٠

التي تعروه .. أي تغشاه وتنتابه (١).

وقال : المنافسة : الرغبة في الشيء والانفراد به ، وهو من الشيء النفيس الجيد في نوعه ، .. ونفست به ـ بالكسر ـ أي بخلت ، ونفست عليه الشيء نفاسة إذا لم تره له أهلا (٢).

قوله : لكأت .. قال الفيروزآبادي : لكأ ـ كفرح ـ أقام ولزم ، وتلكأ عليه اعتل ، وعنه أبطأ (٣).

قوله : يضح لك مغزاه .. أي يتبين لك معناه (٤).

والدارج : الميت (٥).

ويقال : نقمت عليه ومنه ـ من باب ضرب وعلم ـ إذا عابه وكرهه أشد الكراهة ، وفي التنزيل : ( وَما تَنْقِمُ مِنَّا ) (٦).

وقال في النهاية (٧) : الحلوب أي ذات اللبن ، يقال : ناقة حلوب أي هي مما يحلب ، وقيل الحلوب والحلوبة سواء ، وقيل الحلوب الاسم ، والحلوبة الصفة ، وقيل الواحدة والجماعة.

وقال (٨) : القطوانية عباءة بيضاء قصيرة الخمل ، والنون زائدة.

__________________

(١) النهاية ٣ ـ ٢٢٦ ، وقارن بلسان العرب ١٥ ـ ٤٤ وغيره.

(٢) النهاية ٥ ـ ٩٥ ، وقارن بلسان العرب ٦ ـ ٢٣٨ وغيره.

(٣) كما في القاموس ١ ـ ٢٧ ـ ٢٨ ، وتاج العروس ١ ـ ١١٦ ، ولاحظ : لسان العرب ١ ـ ١٥٣ ـ ١٥٤.

(٤) جاء في حاشية ( ك‍ ) : ومغزى الكلام : مقصده ، وعرفت ما يغزى هذا الكلام : أي ما يراد.صحاح.

انظر : صحاح اللغة ٦ ـ ٢٤٤٦ وقارن بلسان العرب ١٥ ـ ١٢٣.

(٥) قاله في مجمع البحرين ٩ ـ ٢٩٩ ، والنهاية ٢ ـ ١١١ وغيرهما.

(٦) ذكره في تاج العروس ٩ ـ ٨٤ ، ومجمع البحرين ٦ ـ ١٨٠ ، والآية هي ١٢٦ من سورة الأعراف.

(٧) النهاية ١ ـ ٤٢٢ ، وانظر : لسان العرب ١ ـ ٣٢٨.

(٨) النهاية : ٤ ـ ٨٥ ، ولاحظ : لسان العرب ١٥ ـ ١٩١.

٢١١

أقول : روى السيد في الشافي (١) عن محمد بن زكريا الغلابي عن شيوخه عن أبي المقدام هشام بن زياد مولى آل عثمان قال : لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة (٢) فرد فدك على ولد فاطمة عليها‌السلام ، وكتب إلى واليه على المدينة : أبي بكر بن عمرو بن حزم (٣) يأمره بذلك ، فكتب إليه : أن فاطمة (ع) قد ولدت في آل عثمان وآل فلان وآل فلان ، فكتب إليه : أما بعد ، فإني لو كتبت إليك آمرك أن تذبح شاة لسألتني جماء أو قرناء؟ ، أو كتبت إليك أن تذبح بقرة لسألتني ما لونها؟ فإذا ورد عليك كتابي هذا فاقسمها بين ولد فاطمة عليها‌السلام من علي (ع) (٤).

قال أبو المقدام : فنقمت بنو أمية ذلك على عمر بن عبد العزيز وعاتبوه فيه ، وقالوا له : قبحت (٥) فعل الشيخين ، وخرج إليه عمرو بن عبيس (٦) في جماعة من أهل الكوفة ، فلما عاتبوه على فعله قال : إنكم جهلتم وعلمت ، ونسيتم وذكرت ، إن أبا بكر محمد (٧) بن عمرو بن حزم حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فاطمة بضعة مني يسخطني ما يسخطها ويرضيني ما يرضيها ، وإن فدك كانت صافية في عهد (٨) أبي بكر وعمر ، ثم صار أمرها إلى مروان ، فوهبها لأبي عبد العزيز فورثتها أنا وإخوتي (٩) فسألتهم أن يبيعوني حصتهم منها ، ومنهم (١٠)

__________________

(١) الشافي في الإمامة ٤ ـ ١٠٢ ـ ١٠٤.

(٢) لا توجد : الخلافة ، في المصدر.

(٣) كذا ، والصحيح : أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، كما في الجرح والتعديل للرازي : ٩ ـ ٢٢٧.

(٤) جاء في المصدر زيادة : والسلام.

(٥) في المصدر : هجنت ، والمعنى مقارب.

(٦) في المصدر : عمرو بن عبس ، والظاهر : عمر بن قيس كما في نسخة من المصدر.

انظر : لسان الميزان ٤ ـ ٣٧٤.

(٧) الصحيح ـ كما مر ـ : أبا بكر بن محمد.

(٨) في الشافي : على عهد.

(٩) في المصدر : وإخواني.

(١٠) في الشافي : فمنهم ، وهو الظاهر.

٢١٢

من باعني ومنهم من وهب لي حتى استجمعتها ، فرأيت أن أردها على ولد فاطمة (ع). فقالوا : إن أبيت إلا هذا فأمسك الأصل واقسم الغلة ، ففعل.

أقول : سيأتي في أبواب تاريخ أبي جعفر الباقر عليه‌السلام رد عمر بن عبد العزيز فدكا إليه عليه‌السلام (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ٤٦ ـ ٣٢٦ ـ ٣٢٧ حديث ٣ ، نقلا عن الخصال ١٠٤ ـ ١٠٥ حديث ٦٤ ، والمناقب لابن شهرآشوب ٤ ـ ٢٠٧ ـ ٢٠٨ حديث ٤.

وقد أورد العلامة المجلسي رحمه‌الله رواية الخصال أيضا في باب وصايا الباقر عليه‌السلام من كتاب الروضة من البحار : ٧٨ ـ ١٨١ ـ ١٨٢ حديث ٦.

٢١٣
٢١٤

فصل

نورد فيه : خطبة خطبتها (١) سيدة النساء فاطمة الزهراء

صلوات الله عليها

احتج (٢) بها على من غصب فدك منها.

اعلم أن هذه الخطبة من الخطب المشهورة التي روتها الخاصة والعامة بأسانيد متضافرة.

١ ـ قال عبد الحميد بن أبي الحديد (٣) في شرح كتابه عليه‌السلام إلى عثمان ابن حنيف عند ذكر الأخبار الواردة في فدك ، حيث قال : الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم لا من كتب الشيعة ورجالهم. وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في السقيفة وفدك ـ وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث كثير الأدب ثقة

__________________

(١) في الأصل ، المطبوع : خطبها.

(٢) كذا ، والظاهر : احتجت.

(٣) في شرحه على نهج البلاغة ١٦ ـ ٢١٠ ـ ٢١٣ ، بتصرف واختصار.

٢١٥

ورع أثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته وغير مصنفاته (١) ـ.

ثم قال :قال أبو بكر : حدثني محمد بن زكريا ، عن جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن الحسن بن صالح قال : حدثني ابن خالات من بني هاشم (٢) عن زينب بنت علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

قال : وقال جعفر بن محمد بن عمارة : حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد (٣) بن علي بن الحسين ، عن أبيه.

قال أبو بكر : وحدثني عثمان بن عمران العجيفي ، عن نائل بن نجيح ، عن عمرو (٤) بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام.

قال أبو بكر : وحدثني أحمد بن محمد بن زيد (٥) ، عن عبد الله بن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبد الله (٦) بن الحسن.

قالوا جميعا : لما بلغ فاطمة عليها‌السلام إجماع أبي بكر على منعها فدك ، لاثت (٧) خمارها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها (٨) ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخلت على أبي بكر ـ وقد حشد الناس من المهاجرين والأنصار ـ فضربت بينهم وبينها (٩) ريطة بيضاء ، وقال بعضهم :

__________________

(١) لا يوجد في المصدر : وغير مصنفاته.

(٢) جاء في شرح النهج : قال أبو بكر فحدثني محمد بن زكريا ، قال : حدثني جعفر بن محمد بن عمارة الكندي ، قال : حدثني أبي عن الحسين بن صالح بن حي ، قال : حدثني رجلان من بني هاشم.

(٣) لا توجد في المصدر : ابن عمارة حدثني أبي عن جعفر بن محمد.

(٤) في شرح النهج : نجيح بن عمير.

(٥) في المصدر : يزيد بدلا من : زيد.

(٦) في المصدر زيادة : ابن حسين بعد عبد الله.

(٧) في (س) : لاتت ، وهو غلط.

(٨) في شرح النهج : في ذيولها.

(٩) في المصدر : فضرب بينها وبينهم.

٢١٦

قبطية ، وقالوا : قبطية ـ بالكسر والضم ـ .. ثم أنت أنة أجهش (١) لها القوم بالبكاء ، ثم أمهلت طويلا حتى سكنوا من فورتهم ، ثم قالت :

أبتدئ بحمد من هو أولى بالحمد والطول والمجد ، الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم .. وذكر خطبة طويلة جدا ثم قالت (٢) في آخرها : فـ ( اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ ) وأطيعوه فيما أمركم به .. إلى آخر الخطبة. ، انتهى كلام ابن أبي الحديد (٣).

٢ ـ وقد أورد الخطبة علي بن عيسى الإربلي في كتاب كشف الغمة (٤) ، قال : نقلتها من كتاب السقيفة تأليف أحمد (٥) بن عبد العزيز الجوهري من نسخة قديمة (٦) مقروءة على مؤلفها المذكور ، قرئت عليه في ربيع الآخر سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة ، روى عن رجاله من عدة طرق : أن فاطمة عليها‌السلام لما بلغها إجماع أبي بكر .. إلى آخر الخطبة.

وقد أشار إليها المسعودي في مروج الذهب (٧).

وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في الشافي (٨) ، أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن عمران المرزباني ، عن محمد بن أحمد (٩) الكاتب ، عن أحمد بن عبيد الله

__________________

(١) جاء في حاشية ( ك‍ ) ما يلي : في حديث فاطمة عليها‌السلام : فأجهشت ، ويروى : فجهشت ، والمعنى واحد. والجهش : أن يفزع الإنسان إلى غيره ، وهو مع ذلك يريد البكاء كالصبي يفزع إلى أمه وقد تهيأ للبكاء. مجمع البحرين.

انظر : المجمع ٤ ـ ١٣١.

(٢) في المصدر : طويلة جيدة ، قالت.

(٣) حكاه العلامة الأميني في غيره ٧ ـ ١٩٢ وما بعدها ، باختلاف يسير.

(٤) كشف الغمة : ١ ـ ٤٨٠ ـ ٤٩٢.

(٥) في المصدر : من كتاب السقيفة عن عمر بن شبه تأليف أبي بكر أحمد ..

(٦) وضع في ( ك‍ ) : على كلمة : قديمة ، رمز : خ ، أي في نسخة.

(٧) مروج الذهب ٢ ـ ٣٠٤.

(٨) الشافي : ٤ ـ ٦٩ ـ ٧٢ ، باختلاف يسير.

(٩) في (س) : محمد بن أبي محمد ، وهو غلط ، إذ هو أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد الكاتب ، من شيوخ ابن مندة ، كما ذكره ابن خلكان ٦ ـ ١٩٦.

٢١٧

النحوي (١) ، عن الزيادي ، عن شرفي (٢) بن قطامي ، عن محمد بن إسحاق ، عن صالح بن كيسان ، عن عروة عن عائشة.

قال المرزباني : وحدثني أحمد بن محمد المكي ، عن محمد بن القاسم اليماني (٣) ، قال : حدثنا ابن عائشة قالوا : لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقبلت فاطمة عليها‌السلام في لمة من حفدتها إلى أبي بكر ..

وفي الرواية الأولى : قالت عائشة : لما سمعت فاطمة (ع) إجماع أبي بكر على منعها فدك لاتت [ لاثت ] (٤) خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمة من حفدتها ـ ثم اتفقت الروايتان من هاهنا ـ ونساء قومها .. وساق الحديث نحو ما مر إلى قوله : افتتحت كلامها بالحمد لله عز وجل والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قالت : ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) ... إلى آخرها.

أقول : وسيأتي أسانيد أخرى سنوردها من كتاب أحمد بن أبي طاهر.

٣ ـ وروى الصدوق رحمه الله بعض فقراتها المتعلقة بالعلل في علل الشرائع (٥) عن ابن المتوكل عن السعدآبادي ، عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن أحمد بن محمد بن جابر عن زينب بنت علي عليه‌السلام.

٤ ـ قال : وأخبرنا (٦) علي بن حاتم عن محمد بن أسلم عن عبد الجليل

__________________

(١) في المصدر : أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي.

(٢) في المصدر : الشرقي.

(٣) في المصدر : حدثنا أبو العيناء محمد بن القاسم السيمامي.

(٤) كذا في مطبوع البحار ، وفي نسخة على ( ك‍ ) والمصدر : لاثت ، وهو الظاهر كما سيأتي في بيان المصنف رحمه‌الله.

(٥) علل الشرائع : ٢٤٨ حديث ٢.

(٦) علل الشرائع : ٢٤٨ حديث ٣ ، باختلاف يسير.

٢١٨

الباقطاني (١) عن الحسن بن موسى الخشاب عن عبد الله بن محمد العلوي عن رجال من أهل بيته عن زينب بنت علي عن فاطمة عليها‌السلام بمثله.

٥ ـ وأخبرني (٢) علي بن حاتم عن ابن أبي عمير (٣) عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم المصري عن هارون بن يحيى (٤) عن عبيد الله بن موسى العبسي (٥) عن حفص الأحمر عن زيد بن علي عن عمته زينب بن [ بنت ] علي عن فاطمة عليها‌السلام ، وزاد (٦) بعضهم على بعض في اللفظ.

أقول : قد أوردت ما رواه في المجلد الثالث (٧) ، وإنما أوردت الأسانيد هنا ليعلم أنه روى هذه الخطبة بأسانيد جمة.

٦ ـ وروى الشيخ المفيد الأبيات المذكورة فيها بالسند المذكور في أوائل الباب (٨).

٧ ـ وروى السيد ابن طاوس رضي الله عنه في كتاب الطرائف (٩) موضع الشكوى والاحتجاج من هذه الخطبة عن الشيخ أسعد بن شفروة (١٠) في كتاب الفائق (١١) عن الشيخ المعظم عندهم الحافظ الثقة بينهم أحمد بن موسى بن مردويه

__________________

(١) في المصدر : الباقلاني.

(٢) أي قاله في علل الشرائع : ٢٤٨ حديث ٤.

(٣) في المصدر : محمد بن أبي عمير.

(٤) في العلل زيادة : الناشب ، بعد يحيى.

(٥) في العلل : عن عبيد الله بن موسى العمري.

(٦) في المصدر زيادة : بمثله ، قبل وزاد.

(٧) أورد ذلك في بحار الأنوار ٦ ـ ١٠٧ ـ ١٠٨ حديث ١.

(٨) الظاهر أن المقصود هو الأبيات الواردة في حديث ٣٢ من الباب السابق الواردة في ضمن حديث أمالي الشيخ المفيد.

(٩) الطرائف : ٢٦٣ ـ ٢٦٦ حديث ٣٦٨.

(١٠) في المصدر : سقروة.

(١١) في الطرائف زيادة : عن الأربعين.

٢١٩

الأصفهاني في كتاب المناقب قال : أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن إبراهيم عن (١) شرفي بن قطامي عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة ..

٨ ـ ورواها الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الإحتجاج (٢) مرسلا ، ونحن نوردها بلفظه ، ثم نشير إلى موضع التخالف بين الروايات في أثناء شرحها إن شاء الله تعالى.

قال رحمه الله تعالى : روى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه عليهم‌السلام : أنه لما أجمع أبو بكر (٣) على منع فاطمة عليها‌السلام فدك ، وبلغها ذلك لاتت [ لاثت ] (٤) خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى دخلت على أبي بكر ـ وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم ـ فنيطت دونها ملاءة ، فجلست ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء ، فارتج المجلس ، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم ، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله (٥) (ص) ، فعاد القوم في بكائهم فلما أمسكوا عادت في كلامها.

فقالت عليها‌السلام : الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما قدم من عموم نعم ابتدأها ، وسبوغ آلاء أسداها ، وتمام منن والاها (٦) ،

__________________

(١) في المصدر : قال : حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي ، قال : حدثنا الزيادي محمد بن زياد قال : حدثنا .. ، بدلا من : عن.

(٢) الاحتجاج ٩٧ ـ ١٠٨ ( طبعة النجف : ١ ـ ١٣١ ـ ١٤٥ ). وذكر جملة من مصادر الخطبة شيخنا الأميني في غديره : ٧ ـ ١٩٢.

(٣) في المصدر زيادة : وعمر.

(٤) في المصدر : لاثت ، وكذا في نسخة جاءت على حاشية المطبوع من البحار ، وهي الظاهر لما سيذكره المصنف رحمه‌الله في بيانه.

(٥) في المصدر : رسوله.

(٦) في المصدر : أولاها ، وهي التي ذكرها المصنف رحمه‌الله في بيانه الآتي.

٢٢٠