الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٦
وصيا ، وللخلافة واعيا (١) ، وبالإمامة قائما؟! أفيغتر الجاهل بمقام قمته إذ أقامني وأطعته إذ أمرني؟
سمعت رسول الله يقول : الحق مع علي وعلي مع الحق (٢) ، من أطاع عليا رشد ، ومن عصى عليا فسد ، ومن أحبه سعد ، ومن أبغضه شقي.
والله لو لم نحب (٣) ابن أبي طالب إلا لأجل أنه لم يواقع لله (٤) محرما ، ولا عبد (٥) من دونه صنما ، ولحاجة الناس إليه بعد نبيهم ، لكان في ذلك ما يجب.
فكيف لأسباب أقلها موجب ، وأهونها مرغب! له الرحم (٦) الماسة بالرسول ، والعلم بالدقيق والجليل ، والرضا بالصبر الجميل ، والمواساة في الكثير والقليل ، وخلال لا يبلغ عدها ، ولا يدرك مجدها.
ود المتمنون أن لو كانوا تراب (٧) ابن أبي طالب ، أليس هو صاحب لواء الحمد ، والساقي يوم الورود (٨) ، وجامع كل كرم ، وعالم كل علم ، والوسيلة إلى الله وإلى رسوله؟!.
بيان : قوله : لم ألحق ثناءه ، كذا في بعض النسخ ، أي : لا أطيق أن
__________________
(١) في المصدر : راعيا.
(٢) مرت جملة من مصادر هذا الحديث ، وجاء في الغدير ٣ ـ ١٧٧ و ١٧٨ الحديث مع مصادره بهذا الشكل : علي مع الحق والحق مع علي.
(٣) في المصدر : يحب.
(٤) في ( ك ) : الله ، وكذا في نسخة من المصدر.
(٥) في البحار المطبوع : عبده.
(٦) في المصدر : للرحم ـ بلا ضمير ـ.
(٧) في الاحتجاج : تراب أقدام.
(٨) نص عليه جملة من محدثي العامة ، وجاء في الغدير ٢ ـ ٣٢١ و ٣٢٢ عن عدة مصادر ، وجاء في المناقب عن جابر الأنصاري ، وحكاه عن مسند أحمد بن حنبل ، وبلفظ آخر في حلية الأولياء عن أبي هريرة ، وجاء في الغدير أيضا ١٠ ـ ١٢١ : أنه عليهالسلام ساقي الحوض.
ويعد هذا من ضروريات مذهب الخاصة.
أثنى عليه كما هو أهله (١) ، وفي بعضها : شأوه : وهو الغاية والأمد والسبق ، يقال : شأوت القوم شأوا ، أي : سبقتهم (٢) ، وفي بعضها : شاره ، ولعله من الشارة ، وهي الهيئة الحسنة والحسن والجمال والزينة (٣) ، ولا يبعد أن يكون في الأصل : ناره ، لاستقامة السجع وبلاغة المعنى.
وأما قوله : ولم أقطع غباره ، فهو مثل ، يقال : فلان ما يشق غباره إذا سبق غيره في الفضل ، أي : لا يلحق أحد غباره فيشقه (٤) ، كما هو المعروف في المثل بين العجم : أو ليس له غبار لسرعته ، واختار الميداني الأخير ، حيث قال : يريد (٥) : أنه لا غبار له فيشق ، وذلك لسرعة عدوه وخفة وطئه ، وقال :
مواقع وطئه فلو أنه |
يجزي (٦) برملة عالج لم يرهج |
وقال النابغة :
أعلمت يوم عكاظ حين لقيتني |
تحت العجاج فما شققت غباري |
يضرب لمن لا يجارى ، لأن مجاريك يكون معك في الغبار ، فكأنه قال (٧) :
__________________
(١) قوله : لو تقطعت لم ألحق ثناءه ، أي : لو اجتهدت وصرت في طريق الثناء عليه قطعة قطعة لم ألحق بمرتبة من الثناء ، وهذه كناية عن عدم القدرة على ثناء الشخص.
(٢) كما في الصحاح ٦ ـ ٢٣٨٨ ، القاموس ٤ ـ ٣٤٦.
(٣) كما نص عليه في القاموس ٢ ـ ٦٥ ، وفيه : أن الشارة الهيئة ، من دون تقييد لها بالحسنة ، ولاحظ :
الصحاح ٢ ـ ٧٠٥.
(٤) انظر : المستقصى في أمثال العرب ١ ـ ٣٣٣ ، ولسان العرب ٥ ـ ٥.
(٥) في المصدر : يراد.
(٦) في (س) : يأتي.
(٧) لا يوجد : قال ، في (س) ، وهو موجود في ( ك ) والمصدر.
لا قرن له يجاريه (١).
وقال الجوهري : سواد القلب وسويداؤه : حبته (٢).
__________________
(١) مجمع الأمثال للميداني ٢ ـ ٢٩٤ ، ولاحظ فرائد اللئال ٢ ـ ٢٥٨.
(٢) الصحاح ٢ ـ ٤٩٢ ، وقارن به : مجمع البحرين ٣ ـ ٧٣ ، القاموس ١ ـ ٣٠٤.
وقال في لسان العرب ٣ ـ ٢٢٧ : السويدا : الاست.
والظاهر أن المناسب لهذا المقام هو هذا المعنى ، أعني : الاست بمعنى الأساس ، فتدبر.
١١ ـ باب
نزول الآيات في أمر فدك (١) وقصصه وجوامع الاحتجاج فيه
وفيه قصة خالد وعزمه على قتل أمير المؤمنين عليهالسلام بأمر المنافقين
١ ـ ن (٢) : فيما احتج الرضا عليهالسلام في فضل العترة الطاهرة.
قال : والآية الخامسة : قال (٣) الله عز وجل : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٤) خصوصية خصهم العزيز (٥) الجبار بها ، واصطفاهم على الأمة.
فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ادعوا إلي فاطمة.
__________________
(١) فدك منصرف وغير منصرف ، قاله في مجمع البحرين ٥ ـ ٢٨٣ ، وقد ورد على كلا الوجهين في الروايات.
قال في معجم البلدان ٤ ـ ٢٣٨ : فدك ـ بالتحريك وآخره كاف ـ : قرية بالحجاز ، بينها وبين المدينة يومان ، وقيل : ثلاثة ، أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في سنة سبع صلحا ثم ذكر ما جرى عليها من الاختلاف الكثير بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولخصه في مراصد الاطلاع ٣ ـ ١٠٢٠.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ ـ ٢٣٣ ضمن حديث ١.
(٣) في المصدر : قول.
(٤) الإسراء : ٢٦.
(٥) في المصدر : الله العزيز.
فدعيت له ، فقال : يا فاطمة!
قالت : لبيك يا رسول الله.
فقال صلىاللهعليهوآله : فدك هي مما (١) لم يوجف عليه بخيل (٢) ولا ركاب ، وهي لي خاصة دون المسلمين ، وقد جعلتها لك ، لما أمرني الله (٣) به ، فخذيها لك ولولدك.
بيان : نزول هذه (٤) الآية في فدك رواه كثير من المفسرين (٥) ، ووردت به الأخبار من طرق الخاصة والعامة (٦).
__________________
(١) في المصدر : هذه فدك مما هي.
(٢) في المصدر : بالخيل.
(٣) في المصدر : الله تعالى.
(٤) لا يوجد لفظ : هذه ، في (س).
(٥) راجع : تفسير فرات الكوفي : ١١٨ ـ ١١٩ رواه بأربعة طرق ، تفسير التبيان ٦ ـ ٤٦٧ و ٨ ـ ٢٥٣ ، شواهد التنزيل ١ ـ ٣٣٨ ـ ٣٤١ حديث ٤٦٧ ـ ٤٧٣ ، الدر المنثور ٥ ـ ٢٧٣ ـ ٢٧٤ نقلا عن البزاز وأبي يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه ، مجمع البيان ٤ ـ ٣٠٦ ، تفسير العياشي ٢ ـ ٢٨٧ حديث ٤٦ ـ ٥٠.
(٦) الأخبار من طرق الخاصة وردت هاهنا في ضمن هذا الباب ، وأما من طرق العامة ، فمنها :
مجمع الزوائد ٧ ـ ٤٩ ، كنز العمال ٣ ـ ٧٦٧ حديث ٨٦٩٦.
وانظر عن فدك وشكوى فاطمة سلام الله عليها ، غير ما ألفته الخاصة والعامة من كتب مستقلة في الباب ـ عد منها شيخنا الطهراني في الذريعة ١٦ ـ ١٢٩ عشرة كتب ـ : تاريخ الطبري ٣ ١٩٨ ، العقد الفريد ٢ ـ ٢٥٧ ، تاريخ أبي الفداء ١ ـ ١٦٥ ، شرح ابن أبي الحديد ٢ ـ ١٩ ، أعلام النساء ٣ ـ ١٢٠٥ ، إرشاد الساري ٢ ـ ٣٩٠.
وجاء في الإمامة والسياسة ١ ـ ١٣ ، وكتاب الإمام علي لعبد الفتاح عبد المقصود ١ ـ ٢٢٥ :
وقد خرجت عن خدرها وهي تبكي وتنادي بأعلى صوتها : يا أبت يا رسول الله ، ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟!!.
وعد العلامة الأميني رحمهالله عشرات المصادر في موسوعته الغدير ٣ ـ ١٠٤ و ٥ ـ ١٤٧ و ٧ ٧٧ ، وغيرها.
وانظر إحقاق الحق ١ ـ ٢٩٦ ، ٣ ـ ٥٤٩ ، ١٠ ـ ٢٩٦ ـ ٣٠٥ و ٤٣٣ ، ١٤ ـ ٥٧٥ ٥٧٧ و ٦١٨ ، ١٩ ـ ١١٩ و ١٦٢ ، وغيرها.
قال الشيخ الطبرسي (١) رحمهالله :
قيل : إن المراد قرابة الرسول.
عن السدي قال : إن علي بن الحسين قال لرجل من أهل الشام ـ حين بعث به عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية عليه اللعنة ـ : أقرأت القرآن؟
قال : نعم.
قال : أما قرأت ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٢)؟
قال : وإنكم ذو القربى الذي أمر الله أن يؤتى حقه؟
قال : نعم ..
وهو الذي رواه أصحابنا رضاللهعنهم عن الصادقين عليهمالسلام.
وأخبرنا السيد مهدي بن نزار الحسني ـ بإسناد ذكره ـ عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت قوله : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٣) أعطى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة فدك.
قال عبد الرحمن بن صالح : كتب المأمون إلى عبيد الله بن موسى يسأله عن قصة فدك ، فكتب إليه عبيد الله بهذا الحديث ، رواه عن الفضيل بن مرزوق عن عطية ، فرد المأمون فدك على ولد فاطمة ، انتهى.
وروى العياشي (٤) حديث عبد الرحمن بن صالح ، إلى آخره.
٢ ـ جا (٥) : الجعابي ، عن محمد (٦) بن جعفر الحسني ، عن عيسى بن مهران ، عن يونس ، عن عبد الله بن محمد بن سليمان الهاشمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن زينب بنت علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ قالت : لما اجتمع رأي
__________________
(١) مجمع البيان ٣ ـ ٤١١.
(٢) الإسراء : ٢٦.
(٣) الإسراء : ٢٦.
(٤) تفسير العياشي ٢ ـ ٢٨٧ ـ ٢٨٨ حديث ٥١.
(٥) أمالي المفيد ـ المجالس ـ : ٤٠ ـ ٤١ حديث ٨.
(٦) في المصدر : قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله [ جعفر بن ] محمد.
أبي بكر على منع فاطمة عليهاالسلام فدك والعوالي (١) ، وأيست من إجابته لها ، عدلت إلى قبر أبيها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فألقت نفسها عليه ، وشكت إليه ما فعله القوم بها ، وبكت حتى بلت تربته صلىاللهعليهوآله بدموعها عليهاالسلام ، وندبته.
ثم قالت في آخر ندبتها (٢) :
قد كان بعدك أنباء وهنبثة (٣) |
لو كنت شاهدها لم يكبر (٤) الخطب (٥) |
|
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها (٦) |
واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا (٧) |
|
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا |
فغبت عنا فكل الخير محتجب |
|
وكنت (٨) بدرا ونورا يستضاء به |
عليك تنزل من ذي العزة الكتب(٩) |
__________________
(١) قال في النهاية ٣ ـ ٢٩٥ : وفيه ذكر العالية والعوالي في غير موضع من الحديث ، وهي أماكن بأعلى أراضي المدينة ، والنسبة إليها علوي على غير قياس ، وأدناها من المدينة على أربعة أميال ، وأبعدها من جهة نجد ثمانية.
(٢) خ. ل : ندبه.
(٣) قال في النهاية ٥ ـ ٢٧٠٧ : إن فاطمة قالت بعد موت النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : ..
الهنبثة واحدة الهنابث ، وهي الأمور الشداد المختلفة ، والهنبثة : الاختلاط في القول ، والنون زائدة.
(٤) في المصدر : لم تكثر.
(٥) قال في مجمع البحرين ٢ ـ ٥١ : الخطب : الأمر الذي يقع فيه المخاطبة والشأن والحال.
(٦) قال في مجمع البحرين ٥ ـ ٤٩٠ : الوابل : المطر الشديد.
(٧) أي : عدلوا ومالوا.
(٨) في المصدر : فكنت.
(٩) جاءت هذه الأبيات في شرح نهج البلاغة هكذا :
قد كان بعدك أنباء وهينمة |
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
|
أبدت رجال لنا نجوى صدورهم |
لما قضيت وحالت دونك الكتب |
|
تجهمتنا رجال واستخف بنا |
إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب |
أقول : الهينمة : الصوت الخفي ، وفي طبعة من شرح النهج : الكثب.
تجهمتنا رجال واستخف بنا |
بعد النبي وكل الخير مغتصب |
|
سيعلم المتولي ظلم حامتنا |
يوم القيامة أنى سوف ينقلب |
|
فقد لقينا الذي لم يلقه أحد |
من البرية لا عجم ولا عرب |
|
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت |
لنا العيون بتهمال له سكب (١) |
بيان : الحامة : خاصة الرجل ، والتخفيف لضرورة الشعر ، قال في النهاية : في الحديث : اللهم إن (٢) هؤلاء أهل بيتي وحاميتي (٣) أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .. حامة الإنسان خاصته ومن يقرب منه ، وهو الحميم أيضا (٤) ، انتهى.
والتهمال من الهمل ، وإن لم يرد في اللغة ، قال الجوهري : هملت عينه تهمل وتهمل هملا وهملانا : أي فاضت ، وانهملت مثله (٥).
وقال : سكبت الماء سكبا أي : صبيته ، وسكب الماء نفسه (٦) سكوبا وتسكابا وانسكب بمعنى (٧)
وسيأتي شرح باقي الأبيات في بيان خطبتها.
٣ ـ فر (٨) : زيد بن محمد بن جعفر العلوي ، عن محمد بن مروان ، عن
__________________
(١) جاءت هذه الشكوى منها سلام الله عليها في جملة من كتب العامة واختلف في مقدار الأبيات.
انظر : بلاغات النساء لابن طيفور ١٢ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦ ـ ٢١٢ [ ٤ ـ ٩٣ ذات أربع مجلدات ] ، أعلام النساء ٣ ـ ١٢٠٨ ، وعد لها مصادر أخرى في إحقاق الحق ١٩ ـ ١٦٢.
(٢) لا يوجد في المصدر : إن.
(٣) في المصدر : حامتي.
(٤) النهاية ١ ـ ٤٤٦ ، ولاحظ : مجمع البحرين ٦ ـ ٥٢ ، الصحاح ٥ ـ ١٩٠٧.
(٥) الصحاح ٥ ـ ١٨٥٤ ، وانظر : لسان العرب ١١ ـ ٧١٠ ، مجمع البحرين ٥ ـ ٥٠١.
(٦) في الصحاح : بنفسه.
(٧) الصحاح ١ ـ ١٤٨ ، وانظر : القاموس ١ ـ ٨٢ ، مجمع البحرين ٢ ـ ٨٣.
(٨) تفسير فرات الكوفي : ١٥٩.
عبيد بن يحيى ، عن محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام قال : لما (١) نزل جبرئيل عليهالسلام على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، شد رسول الله صلىاللهعليهوآله سلاحه وأسرج دابته ، وشد علي عليهالسلام سلاحه وأسرج دابته ، ثم توجها في جوف الليل ـ وعلي عليهالسلام لا يعلم حيث يريد رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ حتى [ انتهيا ] (٢) إلى فدك.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا علي! تحملني أو أحملك؟.
فقال علي عليهالسلام : أحملك يا رسول الله.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا علي! بل أنا أحملك ، لأني أطول بك (٣) ولا تطول بي.
فحمل عليا (٤) عليهالسلام على كتفيه ، ثم قام به ، فلم يزل يطول به (٥) حتى علا على (٦) سور الحصن ، فصعد علي عليهالسلام على الحصن ومعه سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأذن (٧) على الحصن وكبر.
فابتدر أهل الحصن إلى باب الحصن هرابا ، حتى فتحوه وخرجوا منه ، فاستقبلهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بجمعهم ، ونزل علي إليهم ، فقتل علي عليهالسلام ثمانية عشر من عظمائهم وكبرائهم ، وأعطى الباقون بأيديهم ، وساق رسول الله صلىاللهعليهوآله ذراريهم ومن بقي منهم وغنائمهم يحملونها (٨) على
__________________
(١) جاء في المصدر : .. يحيى قال سأل محمد بن الحسن رجل حضرنا فقلت جعلت فداك كان من أمر فدك دون المؤمنين على وجهه ففسرها لنا ، قال : نعم لما ...
(٢) في مطبوع البحار : انتهى ، والمثبت من المصدر.
(٣) أي : أقدر أن أحملك مع قيام صلبي ، كذا لغة. انظر : القاموس المحيط ٤ ـ ٩.
(٤) في المصدر : فحمل رسول الله عليا.
(٥) لا يوجد في المصدر : به.
(٦) في المصدر : علا علي على.
(٧) في المصدر : وأذن.
(٨) في المصدر : يحملون.
رقابهم إلى المدينة (١).
فلم يوجف فيها غير رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فهي له (٢) ولذريته خاصة دون المؤمنين.
٤ ـ كنز (٣) : محمد بن العباس ، عن علي بن العباس المقانعي ، عن أبي كرب (٤) ، عن معاوية بن هشام ، عن فضيل (٥) بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت ( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٦) دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة ـ عليهاالسلام ـ وأعطاها فدكا.
٥ ـ مد (٧) : بإسناده إلى البخاري من صحيحه (٨) ، عن يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن عقيل بن شهاب (٩) ، عن عروة ، عن عائشة : أن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلىاللهعليهوآله مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر.
فقال أبو بكر : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : لا نورث ما تركناه صدقة ، إنما يأكل آل محمد من هذا المال ، وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلىاللهعليهوآله عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله
__________________
(١) جاءت روايات فتح خيبر بيد أمير المؤمنين عليهالسلام في جملة من مصادر الفريقين ، تجدها في إحقاق الحق ٣ ـ ٤٠٣ و ٤٠٤ و ٤١٠ ، وفتح فدك بعد خيبر ، فراجع.
(٢) لا يوجد في المصدر : فهي له.
(٣) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ، لشرف الدين النجفي ١ ـ ٤٣٥ حديث ٥.
(٤) في المصدر : أبي كريب.
(٥) في المصدر : عن فضل.
(٦) الروم : ٣٨.
(٧) العمدة : ٣٩٠ حديث ٧٧٦.
(٨) أخرجه البخاري في باب فرض الخمس ٥ ـ ٥ عن عائشة ، وأخرجه مع ذيله في باب غزوة خيبر ٦ ـ ١٩٦ عن عائشة أيضا ، وتجده مفصلا في ٥ ـ ١٧٧ ، وغيرها وفي غيره.
(٩) في المصدر : عن ابن شهاب.
عليه وآله ، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة (١) شيئا.
فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي عليهالسلام ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلى عليها علي عليهالسلام (٢).
٦ ـ وروى (٣) مثل ذلك من صحيح مسلم بسنده ..
٧ ـ مصباح الأنوار (٤) : عن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب عليهماالسلام (٥) قال : قالت فاطمة عليهاالسلام لعلي عليهالسلام : إن لي إليك حاجة يا أبا الحسن.
فقال : تقضى (٦) يا بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقالت : نشدتك (٧) بالله وبحق محمد رسول الله أن لا يصلي علي أبو بكر ولا عمر ، فإني لأكتمك (٨) حديثا ، فقالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه
__________________
(١) في المصدر : فاطمة عليهاالسلام منها.
(٢) جاءت القصة بطرق متعددة ، نص عليها في الغدير ٧ ـ ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٢٢٩ و ٢٣٠ ، وغيرها مع اختلاف في العبارة. وقارن بإحقاق الحق ١٠ ـ ٢٩٦ ـ ٣٠٥ عن عدة مصادر.
(٣) أي ابن بطريق في العمدة : ٣٩٠ ـ ٣٩١ حديث ٧٧٧ ، عن صحيح مسلم ٣ ـ ١٣٨٠ صدر حديث ٥٢ [ طبعة أخرى ٢ ـ ٧٢ ] كتاب الجهاد.
وانظر : مسند أحمد ١ ـ ٦ و ٩ ، تاريخ الطبري ٣ ـ ٢٠٢ ، سنن البيهقي ٦ ـ ٣٠٠ ، تاريخ الخميس ٢ ـ ١٩٣ ، كفاية الطالب : ٢٢٦ ، تاريخ ابن كثير ٥ ـ ٢٨٥ ، وقال ابن كثير ٦ ـ ٣٣٣ : ولم تزل فاطمة تبغضه مدة حياتها ، وسنن أبي داود برقم ٢٩٦٨ و ٢٩٦٩ كتاب الخراج والإمارة ورقم ٢٩٧٣ ، وسنن النسائي ٧ ـ ١٣٢ كتاب قسم الفيء ، وجامع الأصول ٩ ـ ٦٣٧ ـ ٦٣٨ حديث ٧٤٣٨ ، وسنن الترمذي ١٦٠٧ في السير وغيرها.
(٤) مصباح الأنوار : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٥) في المصدر : عليهمالسلام.
(٦) في النسخة : نقضي ، والمثبت من المصدر.
(٧) في المصدر : أنشدتك.
(٨) في المصدر : لا أكتمك.
وآله : يا فاطمة! إنك أول من يلحق بي من أهل بيتي ، فكنت أكره أن أسوءك.
قال : فلما قبضت أتاه أبو بكر وعمر وقالا : لم لا تخرجها حتى نصلي عليها؟
فقال : ما أرانا إلا سنصبح ، ثم دفنها ليلا ، ثم صور برجله حولها سبعة أقبر.
قال : فلما أصبحوا أتوه فقالا (١) : يا أبا الحسن! ما حملك على أن تدفن بنت رسول الله (ص) ولم نحضرها؟
قال : ذلك عهدها إلي.
قال : فسكت أبو بكر ، فقال عمر : هذا والله شيء في جوفك.
فثار إليه أمير المؤمنين عليهالسلام فأخذ بتلابيبه (٢) ، ثم جذبه فاسترخى في يده ، ثم قال : والله لو لا كتاب سبق وقول من الله ، والله لقد فررت يوم خيبر وفي مواطن ، ثم لم ينزل الله لك توبة حتى الساعة.
فأخذه أبو بكر وجذبه وقال : قد نهيتك عنه.
٨ ـ فس (٣) : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ) (٤) يعني : قرابة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ونزلت (٥) في فاطمة عليهاالسلام ، فجعل لها فدك.
والمسكين من ولد فاطمة ، وابن السبيل من آل محمد وولد فاطمة.
٩ ـ فس (٦) : ( مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ) (٧) ، قال : المناع : الثاني ، والخير : ولاية
__________________
(١) في المصدر : فقالوا ، وكذا في نسخة على هامش المطبوع من البحار.
(٢) أي : جعل ثيابه في عنقه وصدره ثم قبضه وجره.
(٣) تفسير علي بن إبراهيم ٢ ـ ١٨.
(٤) الإسراء : ٢٦.
(٥) في المصدر : وأنزلت.
(٦) تفسير علي بن إبراهيم ٢ ـ ٣٢٦.
(٧) سورة ق : ٢٥ ، القلم : ١٢.
أمير المؤمنين وحقوق آل محمد عليهمالسلام.
ولما كتب الأول كتاب فدك بردها (١) على فاطمة منعه (٢) الثاني ، فهو ( مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ) (٣).
١٠ ـ يج (٤) : روي عن أبي عبد الله عليهالسلام : أن (٥) رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج في غزاة ، فلما انصرف راجعا نزل في بعض الطريق ، فبينما (٦) رسول الله صلىاللهعليهوآله يطعم والناس معه إذ أتاه جبرئيل فقال : يا محمد! قم فاركب.
فقام النبي فركب وجبرئيل معه ، فطويت له الأرض كطي الثوب حتى انتهى إلى فدك.
فلما سمع أهل فدك وقع الخيل ظنوا أن عدوهم قد جاءهم ، فغلقوا أبواب المدينة ودفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت لهم خارج من المدينة (٧) ، ولحقوا برءوس الجبال.
فأتى جبرئيل العجوز حتى أخذ المفاتيح ، ثم فتح أبواب المدينة ، ودار النبي صلىاللهعليهوآله في بيوتها وقراها.
فقال جبرئيل : يا محمد! هذا ما خصك الله به وأعطاكه (٨) دون الناس ، وهو قوله تعالى : ( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي
__________________
(١) في المصدر : يردها.
(٢) في المصدر : شقه.
(٣) سورة ق : ٢٥ ، وفي مطبوع البحار : « معتد أثيم » ، وهي آية ١٢ من سورة القلم ، وليست هي مورد الشاهد في المصدر.
(٤) الخرائج : ٢٥ [ طبعة مدرسة الإمام المهدي (ع) ١ ـ ٣ ـ ١١٢ حديث ١٨٧ ].
(٥) في المصدر : أن أبا عبد الله عليهالسلام قال : إن.
(٦) في المصدر : فبينا.
(٧) في المصدر : خارج المدينة.
(٨) في المصدر : أعطاك.
الْقُرْبى ) (١) [ في ] (٢) قوله : ( فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ) (٣) ، ولم يعرف المسلمون ولم يطئوها ، ولكن الله أفاءها على رسوله ، وطوف به جبرئيل في دورها وحيطانها ، وغلق الباب ودفع المفاتيح إليه.
فجعلها رسول الله صلىاللهعليهوآله في غلاف سيفه ـ وهو معلق بالرحل ثم ركب ، وطويت له الأرض كطي الثوب ، ثم أتاهم (٤) رسول الله صلىاللهعليهوآله وهم على مجالسهم ولم يتفرقوا ولم يبرحوا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قد (٥) انتهيت إلى فدك ، وإني قد أفاءها الله علي.
فغمز المنافقون بعضهم بعضا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هذه مفاتيح فدك ، ثم أخرج (٦) من غلاف سيفه ، ثم ركب رسول الله صلىاللهعليهوآله وركب معه الناس.
فلما دخل المدينة دخل على فاطمة عليهاالسلام (٧) فقال : يا بنية! إن الله قد أفاء على أبيك بفدك واختصه بها ، فهي له خاصة دون المسلمين (٨) أفعل بها ما أشاء ، وإنه قد كان لأمك خديجة على أبيك مهر ، وإن أباك قد جعلها لك (٩)
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) في مطبوع البحار : وذلك ، والمثبت من المصدر.
(٣) الحشر : ٦.
(٤) في المصدر : فأتاهم.
(٥) في المصدر : للناس قد.
(٦) في المصدر : أخرجها ، على بعض النسخ.
(٧) في المصدر : فلما دخل على فاطمة عليهاالسلام ، كذا في طبعة مدرسة الإمام المهدي (ع).
(٨) في (س) : المؤمنين.
(٩) في (س) : له.
بذلك ، وأنحلتكها لك (١) ولولدك بعدك.
قال (٢) : فدعا بأديم (٣) ، ودعا علي بن أبي طالب ، فقال : اكتب لفاطمة عليهاالسلام بفدك نحلة من رسول الله ، فشهد (٤) على ذلك علي بن أبي طالب عليهالسلام ومولى لرسول الله وأم أيمن ، فقال رسول الله إن أم أيمن امرأة من أهل الجنة.
وجاء أهل فدك إلى النبي ، فقاطعهم على أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة (٥).
بيان : آية الفيء في موضعين :
إحداهما : ( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٦).
ثانيتهما : ( وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٧).
والفيء : الرجوع (٨) أي أرجعه الله ورده على رسوله.
والمشهور أن الضمير في منهم راجع إلى بني النضير.
والإيجاف : من الوجيف وهو السبر السريع (٩).
__________________
(١) في المصدر : ونحلتكها تكون لك.
(٢) لا توجد : قال ، في (س).
(٣) في المصدر : بأديم عكاظي.
(٤) في المصدر : وشهد.
(٥) وقد سبق من المصنف قدسسره في البحار ١٧ ـ ٣٧٨ حديث ٤٦ ، وذكره في إثبات الهداة ٢ ١١٦ حديث ٥١٥.
(٦) الحشر : ٧.
(٧) الحشر : ٦.
(٨) كما في : مجمع البحرين ١ ـ ٣٣٣ ، والنهاية ٣ ـ ٤٨٢ ، ولسان العرب ١ ـ ١٢٥.
(٩) انظر : مجمع البحرين ٥ ـ ١٢٧ ، والنهاية ٥ ـ ١٥٧ ، ولسان العرب ٩ ـ ٣٥٢.
والركاب من الإبل ما يركب ، والواحدة راحلة (١).
١١ ـ قب (٢) : نزل النبي صلىاللهعليهوآله على فدك يحاربهم.
ثم قال لهم : وما يأمنكم أن تكونوا آمنين في هذا الحصن وأمضي إلى حصونكم فأفتحها.
فقالوا : إنها مقفلة ، وعليها من (٣) يمنع عنها ، ومفاتيحها عندنا.
فقال عليهالسلام : إن مفاتيحها دفعت إلي ، ثم أخرجها وأراها القوم.
فاتهموا ديانهم (٤) أنه صبا (٥) إلى دين محمد ، ودفع المفاتيح إليه.
فحلف أن المفاتيح عنده ، وأنها في سفط (٦) في صندوق في بيت مقفل عليه ، فلما فتش عنها ففقدت.
فقال الديان : لقد أحرزتها وقرأت عليها من التوراة وخشيت من سحره ، وأعلم الآن أنه ليس بساحر ، وإن أمره لعظيم.
فرجعوا إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقالوا : من أعطاكها؟
قال : أعطاني الذي أعطى موسى الألواح : جبرئيل.
__________________
(١) كما صرح به في مجمع البحرين ٢ ـ ٧٤ ، والصحاح : ١ ـ ١٣٨ ، وقارن به القاموس ١ ـ ٧٥ ، ولسان العرب ١ ـ ٤٣١.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب ١ ـ ١٤٢.
(٣) في المصدر : ما.
(٤) كذا ، ولعله : ديارهم.
قال في القاموس ٢ ـ ٣٣ : الدير : خان النصارى ، جمعه أديار ، وصاحبه ديار وديراني ، ويقال لمن رأس أصحابه : رأس الدير.
وقال في ٤ ـ ٢٢٥ : الديان : القهار والقاضي والحاكم والسائس والحاسب والمجازي الذي لا يضيع عملا.
(٥) أي : مال.
(٦) قال في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٥٣ : السفط : يعبى فيه الطيب ونحوه ، ويستعار للتابوت الصغير وفي (س) : سقط.
فتشهد الديان ، ثم فتحوا الباب وخرجوا إلى رسول الله ، وأسلم من أسلم (١) منهم ، فأقرهم في بيوتهم وأخذ منهم أخماسهم.
فنزل : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٢).
قال : وما هو؟
قال : أعط فاطمة فدكا ، وهي من ميراثها من أمها خديجة ، ومن أختها هند بنت أبي هالة ، فحمل إليها النبي صلىاللهعليهوآله ما أخذ منه ، وأخبرها بالآية.
فقالت : لست أحدث فيها حدثا وأنت حي ، أنت أولى بي من نفسي ومالي لك.
فقال : أكره أن يجعلوها عليك سبة فيمنعوك إياها من بعدي.
فقالت : أنفذ فيها أمرك ، فجمع الناس إلى منزلها وأخبرهم أن هذا المال لفاطمة عليهاالسلام ، ففرقه فيهم ، وكان كل سنة كذلك ، ويأخذ منه قوتها ، فلما دنا وفاته دفعه إليها.
بيان : السبة ـ بالضم ـ : العار (٣) ، أي : يمنعونها منك فيكون عارا عليك (٤).
ويحتمل أن يكون شبهة ، أو نحوها.
١٢ ـ شي ، تفسير العياشي (٥) : عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن بعض أصحابه ،
__________________
(١) لا يوجد : من أسلم ، في المصدر.
(٢) الإسراء : ٢٦.
(٣) كما في الصحاح ١ ـ ١٤٥ ، والقاموس ١ ـ ٨٠ ، وغيرهما.
(٤) أقول : لعل مراده قدسسره : أن القوم إذا علموا أني دفعت لك وملكتك إياها في حياتي فلا سبيل لهم لمنعك عنها بعد وفاتي ، وإلا لكان عارا عليهم ، هذا بخلاف ما إذا لم أدفعها لك ، فإنهم سيقولون في توجيه منعهم إياك : إنها إن كانت لك فلم أمسكها رسول الله؟ وتكون سببا لوجاهة دعواهم ظاهرا وردا لدعواك ، وهذا عار عليك.
(٥) تفسير العياشي ١ ـ ٢٢٥ حديث ٤٩.
عن أحدهما قال : إن فاطمة صلوات الله عليها انطلقت إلى أبي بكر فطلبت ميراثها من نبي الله صلىاللهعليهوآله.
فقال : إن نبي الله لا يورث.
فقالت : أكفرت بالله وكذبت بكتابه؟ قال الله : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١).
١٣ ـ شي ، تفسير العياشي (٢) : عن (٣) محمد بن حفص بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لما أنزل الله تعالى : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ ) (٤) قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا جبرئيل! قد عرفت المسكين ، فمن ذوو القربى (٥)؟
قال : هم أقاربك.
فدعى حسنا وحسينا وفاطمة فقال : إن ربي أمرني أن أعطيكم ما (٦) أفاء علي ، قال : أعطيتكم فدك.
١٤_شي (٧) : عن أبان بن تغلب قال : : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام :
__________________
(١) النساء : ١١.
(٢) تفسير العياشي ٢ ـ ٢٨٧.
واعلم : أن هنا خلطا بين حديثين على الظاهر ، فإن السند المذكور يعود إلى سند الحديث ٤٥ والمتن المذكور يعود إلى متن الحديث ٤٦.
وإليك عبارة المصدر : عن محمد بن حفص بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كانت صلاة الأوابين خمسين صلاة كلها بـ « قل هو الله أحد » ، عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لما أنزل الله ...
وبعبارة أوجز في المصدر : عبد الرحمن ، بدلا من : محمد بن حفص بن عمر.
(٣) لا يوجد : عن ، في ( ك ).
(٤) الروم : ٣٨.
(٥) في المصدر : ذوي القربى.
(٦) في المصدر : مما.
(٧) تفسير العياشي ٢ ـ ٢٨٧ حديث ٤٧.
كان (١) رسول الله صلىاللهعليهوآله أعطى فاطمة عليهاالسلام فدكا؟
قال : كان وقفها ، فأنزل الله : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٢) ، فأعطاها فدكا (٣).
١٥ ـ شي ، تفسير العياشي (٤) : عن ابن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : كان (٥) رسول الله صلىاللهعليهوآله أعطى فاطمة عليهاالسلام فدكا؟
قال : كان لها من الله تعالى (٦).
١٦ ـ شي ، تفسير العياشي (٧) : عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أتت فاطمة أبا بكر تريد فدك.
فقال (٨) : هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك.
قال : فأتت بأم أيمن.
فقال لها : بم تشهدين؟
قالت : أشهد أن جبرئيل أتى محمدا فقال : إن الله تعالى (٩) يقول ( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (١٠) ، فلم يدر محمد صلىاللهعليهوآله من هم؟ فقال : يا جبرئيل! سل ربك من هم؟ فقال : فاطمة ذو القربى ، فأعطاها فدكا.
__________________
(١) في (س) : أكان.
(٢) الإسراء : ٢٦.
(٣) في المصدر : فأعطاها رسول الله حقها ، قلت : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاها؟ قال :
بل الله أعطاها.
(٤) تفسير العياشي ٢ ـ ٢٨٧ حديث ٤٨.
(٥) في (س) : أكان.
(٦) لا يوجد في المصدر : تعالى.
(٧) تفسير العياشي ٢ ـ ٢٨٧ حديث ٤٩.
(٨) في المصدر : قال.
(٩) لا يوجد في المصدر : تعالى.
(١٠) الروم : ٣٨.