ابن تيميّة وإمامة علي عليه السلام

السيّد علي الحسيني الميلاني

ابن تيميّة وإمامة علي عليه السلام

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-270-9
الصفحات: ٧٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

١١ ـ النووي .

١٢ ـ الهيثمي .

١٣ ـ المحب الطبري .

١٤ ـ الذهبي .

١٥ ـ السيوطي .

١٦ ـ ابن حجر المكّي .

١٧ ـ المتقي الهندي .

١٨ ـ الآلوسي ، في تفسيره (١) .

ومن أسانيده الصحيحة أيضاً ما ذكرته هنا ، ومن جملتها ما أخرجه أحمد في مسنده : حدّثنا أسود بن عامر ، حدّثنا إسرائيل ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري : وكنّا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم عليّاً .

في مناقب الصحابة لأحمد بن حنبل رقم ٩٧٩ .

وقال محققه : إسناده صحيح .

وهذا الكتاب مطبوع أخيراً في الحجاز ، من منشورات جامعة أُمّ القرىٰ في مكّة المكرّمة ، والمحقق منهم .

__________________

(١) مناقب عليّ من كتاب فضائل الصحابة برقم ٩٧٩ ، صحيح الترمذي ٥ / ٥٩٣ ، المستدرك ٣ / ١٢٩ ، الاستيعاب ٣ / ١١١٠ .

٤١
 &

حديث « مثل أهل بيتي كسفينة نوح » ، يقول :

وأمّا قوله : « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح » فهذا لا يعرف له إسناد ، لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها ، فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطّاب الليل الذين يروون الموضوعات ، فهذا ممّا يزيده وهناً (١) .

والحال أنّ من رواة الحديث من الصحابة :

١ ـ أمير المؤمنين .

٢ ـ أبو ذر .

٣ ـ عبد الله بن عباس .

٤ ـ أبو سعيد الخدري .

٥ ـ أبو الطفيل .

٦ ـ أنس بن مالك .

٧ ـ عبد الله بن الزبير .

٨ ـ سلمة بن الأكوع .

ومن رواته في الكتب المعتبرة :

١ ـ أحمد بن حنبل .

__________________

(١) منهاج السنّة ٧ / ٣٩٥ .

٤٢
 &

٢ ـ البزّار .

٣ ـ أبو يعلىٰ .

٤ ـ ابن جرير الطبري .

٥ ـ النسائي .

٦ ـ الطبراني .

٧ ـ الدارقطني .

٨ ـ الحاكم .

٩ ـ ابن مردويه .

١٠ ـ أبو نعيم الإصفهاني .

١١ ـ الخطيب البغدادي .

١٢ ـ أبو المظفّر السمعاني .

١٣ ـ المجد ابن الأثير .

١٤ ـ المحب الطبري .

١٥ ـ الذهبي .

١٦ ـ ابن حجر العسقلاني .

١٧ ـ السخاوي .

١٨ ـ السيوطي .

١٩ ـ ابن حجر المكّي .

٤٣
 &

٢٠ ـ المتقي .

٢١ ـ القاري .

٢٢ ـ المنّاوي .

وغيرهم .

فإنْ كان هؤلاء من حطّاب الليل ، فأهلاً وسهلاً ، ما عندنا أيّ مانع ، ما عندنا أي مضايقة من قبول هذه الدعوىٰ ، وأهلاً وسهلاً ، وهو نعم المطلوب .

وهذا الحديث أخرجه الحاكم وصحّحه علىٰ شرط مسلم ، وأخرجه الخطيب في المشكاة ، وهو ملتزم في هذا الكتاب تبعاً لمصابيح السنّة بأنْ لا يخرج الموضوعات ، وإنّما الصحاح والحسان فقط .

وله أسانيد صحيحة أيضاً غير هذه (١) .

وحول حديث الطير ، يقول :

إنّ حديث الطير من المكذوبات الموضوعات

__________________

(١) المعجم الصغير ٢ / ٢٢ ، مشكاة المصابيح ٣ / ١٧٤٢ ، المستدرك ٢ / ٣٤٣ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٩١ ، المطالب العالية ٤ / ٧٥ ، فيض القدير ٢ / ٥١٩ ، ٥ / ٥١٧ ، كنز العمال ١٣ / ٨٢ ، ٨٥ .

٤٤
 &

عند أهل العلم والمعرفة . . . (١) .

لكنّ هذا الحديث ـ علىٰ ما عثرنا عليه نحن ـ رواه عن رسول الله من الصحابة :

١ ـ علي عليه‌السلام ، وهو عند الحاكم .

٢ ـ عبد الله بن عباس ، وهو عند جماعة منهم ابن سعد .

٣ ـ أبو سعيد الخدري ، رواه الحاكم أيضاً .

٤ ـ سفينة ، حديثه عند الحاكم ، وعند أحمد بن حنبل .

٥ ـ أبو الطفيل ، حديثه عنه الحاكم .

٦ ـ أنس بن مالك ، حديثه عند الترمذي والبزّار والنسائي والحاكم والبيهقي وابن حجر .

٧ ـ سعد بن أبي وقّاص ، حديثه عند أبي نعيم الإصفهاني .

٨ ـ عمرو بن العاص ، وحديثه موجود في كتاب له إلىٰ معاوية ، يرويه الخوارزمي في المناقب .

٩ ـ يعلىٰ بن مرّة ، روىٰ هذا الحديث عنه جماعة منهم أبو عبد الله الكنجي .

١٠ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري ، حديثه عند ابن عساكر .

__________________

(١) منهاج السنّة ٧ / ٣٧١ .

٤٥
 &

١١ ـ أبو رافع ، حديثه عند ابن كثير .

١٢ ـ حبشي بن جنادة ، حديثه عند ابن كثير أيضاً .

ومن رواة هذا الحديث من الأئمّة :

١ ـ أبو حنيفة ، إمام الحنفيّة .

٢ ـ أحمد بن حنبل .

٣ ـ أبو حاتم الرازي .

٤ ـ الترمذي .

٥ ـ البزّار .

٦ ـ النسائي .

٧ ـ أبو يعلىٰ .

٨ ـ محمّد بن جرير الطبري .

٩ ـ الطبراني .

١٠ ـ الدارقطني .

١١ ـ ابن بطّة العكبري .

١٢ ـ الحاكم .

١٣ ـ ابن مردويه .

١٤ ـ البيهقي .

١٥ ـ ابن عبد البرّ .

٤٦
 &

١٦ ـ الخطيب .

١٧ ـ أبو المظفر السمعاني .

١٨ ـ البغوي .

١٩ ـ ابن عساكر .

٢٠ ـ ابن الأثير .

٢١ ـ المزّي .

٢٢ ـ الذهبي .

٢٣ ـ ابن حجر العسقلاني .

٢٤ ـ السيوطي .

وغيرهم .

وقد أفرد بعضهم لجمع طرق هذا الحديث كتباً خاصّة ، منهم :

١ ـ ابن جرير الطبري .

٢ ـ ابن عقدة .

٣ ـ ابن مردويه .

٤ ـ ابو نعيم .

٥ ـ أبو طاهر بن حمدان .

٦ ـ الذهبي ، يقول : لي جزء في جمع طرقه ، وهذا تصريح الذهبي نفسه في كتاب تذكرة الحفّاظ وغيره من كتبه .

٤٧
 &

وقد نصّ غير واحد من العلماء علىٰ صحّة بعض أسانيده ، منهم : الحافظ ابن كثير ، ينصّ في تاريخه علىٰ صحّة بعض أسانيد هذا الحديث ، وجودة بعض طرقه ، ولا أُريد أن أُطيل عليكم ، وإلّا لذكرت لكم كلّ ذلك (١) .

__________________

(١) المعجم الكبير ٧ / ٨٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٥٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٥ .

٤٨
 &

بحث ابن تيمية في خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام

وتصل النوبة إلىٰ بحث ابن تيميّة في خلافة أمير المؤمنين ، وهل يرضىٰ ابن تيميّة بخلافة علي باعتبار أنّه خليفة رابع أو لا يرضىٰ ؟ وهل يرتضيه بأن يكون من الخلفاء الراشدين أو لا ؟

أوّل شيء يكرّره ابن تيميّة في كتابه منهاج السنّة عدم ثبوت خلافة أمير المؤمنين ، يقول :

إضطرب الناس في خلافة علي علىٰ أقوال : فقالت طائفة : إنّه إمام وإنّ معاوية إمام . . . ، وقالت طائفة : لم يكن في ذلك الزمان إمام عام ، بل كان زمان فتنة . . . ، وقالت طائفة ثالثة : بل علي هو الإمام ، وهو مصيب في قتاله لمن قاتله ، وكذلك من قاتله من الصحابة كطلحة والزبير كلّهم مجتهدون مصيبون . . . ، وطائفة رابعة تجعل عليّاً هو الإمام ، وكان مجتهداً

٤٩
 &

مصيباً في القتال ، ومن قاتله كانوا مجتهدين مخطئين . . . ، وطائفة خامسة تقول : إنّ عليّاً مع كونه كان خليفة وهو أقرب إلىٰ الحقّ من معاوية فكان ترك القتال أولىٰ (١) .

خمس طوائف ولم يذكر قولاً سادساً .

يقول :

وأما علي فكثير من السابقين الأولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه ، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه (٢) .

ويقول :

ونحن نعلم أنّ عليّاً لمّا تولّىٰ ، كان كثير من الناس يختار ولاية معاوية وولاية غيرهما (٣) .

ومن جوّز خليفتين في وقت يقول : كلاهما خلافة نبوة . . . وإن قيل : إنّ خلافة علي ثبتت بمبايعة أهل الشوكة ، كما ثبتت خلافة من كان قبله بذلك ، أو ردوا علىٰ ذلك أنّ طلحة بايعه مكرهاً ، والذين بايعوه قاتلوه ، فلم تتفق أهل الشوكة علىٰ طاعته .

__________________

(١) منهاج السنّة ١ / ٥٣٧ ـ ٥٣٩ .

(٢) منهاج السنّة ٨ / ٢٣٤ .

(٣) منهاج السنّة ٤ / ٨٩ .

٥٠
 &

وأيضاً فإنّما تجب مبايعته كمبايعة من قبله إذا سار سيرة من قبله (١) .

وإن لم يسر سيرة من قبله فلم يبايعه أحد علىٰ ذلك .

ويقول :

وأمّا علي فكثير من السابقين الأوّلين لم يتّبعوه ولم يبايعوه ، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه (٢) .

فإذا نسب إلى الشيعة أنّهم يبغضون الصحابة إذن يبغضون كثيراً من الصحابة والتابعين الذين قاتلوا عليّاً .

أقول : نعم نبغضهم ويبغضهم كلّ مسلم .

قال في الجواب عن حديث « من ناصب علياً الخلافة فهو كافر » ، قال :

إنّ هذه الأحاديث تقدح في علي ، وتوجب أنّه كان مكذّباً لله ورسوله ، فيلزم من صحّتها كفر الصحابة كلّهم هو وغيره ، أمّا الذين ناصبوه الخلافة فإنّهم في هذا الحديث المفترى كفّار ، وأمّا علي فإنّه لم يعمل بموجب هذه النصوص .

__________________

(١) منهاج السنّة ٤ / ٤٦٥ .

(٢) منهاج السنّة ٨ / ٢٣٤ .

٥١
 &

قال :

وأما علي فكثير من السابقين الأولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه ، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه (١) .

لاحظوا نصّ العبارة :

ونصف الأُمّة أو أقل أو أكثر لم يبايعوه ، بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم ، وكثير منهم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه (٢) .

إذن ، نصف الأُمّة كانوا مخالفين لعلي ، ونحن نقول : ارتدّت الأُمّة بعد رسول الله باعتراف ابن تيميّة ، ارتدّت عن ولاية أمير المؤمنين إنْ كان كلامه حقّاً .

ثمّ يقول ـ ولاحظوا عباراته ، كلمات حتّىٰ سماعها يحزّ في النفس ، فكيف قراءتها والنظر فيها والتأمل فيها ـ يقول :

لكنّ نصف رعيّته يطعنون في عدله ، فالخوارج يكفّرونه ، وغير الخوارج من أهل بيته وغير أهل بيته يقولون : إنّه لم ينصفهم ، وشيعة عثمان يقولون : إنّه ممّن ظلم عثمان . وبالجملة ، لم يظهر لعلي من

__________________

(١) منهاج السنة ٨ / ٢٣٤ .

(٢) منهاج السنة ٤ / ١٠٥ .

٥٢
 &

العدل ، مع كثرة الرعية وانتشارها ، ما ظهر لعمر ، ولا قريب منه (١) .

لاحظوا العبارات :

وأمّا تخلّف من تخلّف عن مبايعته ، فعذرهم في ذلك أظهر من عذر سعد بن عبادة وغيره لمّا تخلّفوا عن بيعة أبي بكر (٢) .

ثمّ يصعد أكثر من هذا ويقول :

وروي عن الشافعي وغيرهم أنّهم قالوا : الخلفاء ثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان (٣) .

لاحظوا نصّ العبارة :

والخلفاء الثلاثة فتحوا الأمصار ، وأظهروا الدين في مشارق الأرض ومغاربها ، ولم يكن معهم رافضي ، بل بنو أميّة بعدهم ، مع انحراف كثير منهم عن علي وسبّ بعضهم له ، غلبوا علىٰ مدائن الإسلام كلّها من مشارق الأرض إلىٰ مغربها ، وكان الإسلام في زمنهم

__________________

(١) منهاج السنة ٦ / ١٨ .

(٢) منهاج السنة ٤ / ٣٨٨ .

(٣) منهاج السنة ٤ / ٤٠٤ .

٥٣
 &

أعزّ منه فيما بعد ذلك بكثير . . . وأظهروا الإسلام فيها وأقاموه . . . ويقال : إنّ فيهم من كان يسكت عن علي ، فلا يربّع به في الخلافة ، لأنّ الأُمّة لم تجتمع عليه . . . وقد صنّف بعض علماء الغرب كتاباً كبيراً في الفتوح ، فذكر فتوح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفتوح الخلفاء بعده أبي بكر وعمر وعثمان ، ولم يذكر عليّاً مع حبّه له وموالاته له ، لانّه لم يكن في زمنه فتوح (١) .

وكان بالأندلس كثير من بني أُميّة . . . يقولون : لم يكن خليفة ، وإنّما الخليفة من اجتمع الناس عليه ، ولم يجتمعوا علىٰ علي . وكان من هؤلاء من يربّع بمعاوية في خطبة الجمعة ، فيذكر الثلاثة ويربّع بمعاوية ولا يذكر عليّاً . . . (٢) .

إلىٰ أنْ يقول :

فلم يظهر في خلافته دين الإسلام ، بل وقعت الفتنة بين أهله ، وطمع فيهم عدوّهم من الكفّار والنصارىٰ والمجوس (٣) .

__________________

(١) منهاج السنّة ٦ / ٤١٩ ـ ٤٢٠ .

(٢) منهاج السنّة ٤ / ٤٠١ ـ ٤٠٢ .

(٣) منهاج السنّة ٤ / ١١٧ .

٥٤
 &

قال :

وأمّا علي فلم يتفق المسلمون علىٰ مبايعته ، بل وقعت الفتنة في تلك المدّة ، وكان السيف في تلك المدّة مكفوفاً عن الكفّار مسلولاً علىٰ أهل الإسلام (١) .

وهذا كان حجّة من كان يربّع بذكر معاوية ولا يذكر عليّاً (٢) .

ولم يكن في خلافة علي للمؤمنين الرحمة التي كانت في زمن عمر وعثمان ، بل كانوا يقتتلون ويتلاعنون ، ولم يكن لهم على الكفّار سيف ، بل الكفّار كانوا قد طمعوا فيهم ، وأخذوا منهم أموالاً وبلاداً (٣) .

فإذا لم يوجد من يدّعي الإماميّة فيه أنّه معصوم وحصل له سلطان بمبايعة ذي الشوكة إلّا علي وحده ، وكان مصلحة المكلّفين واللّطف الذي حصل لهم في دينهم ودنياهم في ذلك الزمان أقلّ منه في زمن الخلفاء الثلاثة ، وعلم بالضرورة أن ما يدّعونه من

__________________

(١) منهاج السنّة ٤ / ١٦١ .

(٢) منهاج السنّة ٤ / ١٦٢ .

(٣) منهاج السنّة ٤ / ٤٨٥ .

٥٥
 &

اللطف والمصلحة الحاصلة بالأئمّة المعصومين باطل قطعاً (١) .

يقول :

ومن ظنّ أنّ هؤلاء الاثني عشر هم الذين تعتقد الروافض إمامتهم ، فهو في غاية الجهل ، فإنّ هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلّا علي بن أبي طالب ، ومع هذا فلم يتمكّن في خلافته من غزو الكفّار ، ولا فتح مدينة ولا قتل كافراً ، بل كان المسلمون قد اشتغل بعضهم بقتال بعض ، حتّىٰ طمع فيهم الكفّار بالشرق والشام ، من المشركين وأهل الكتاب ، حتّىٰ يقال إنّهم أخذوا بعض بلاد المسلمين ، وإنّ بعض الكفّار كان يحمل إليه كلام حتّىٰ يكفّ عن المسلمين ، فأيّ عزّ للإسلام في هذا ـ أي في حكومة علي .

. . . وأيضاً فالإسلام عند الإماميّة هو ما هم عليه ، وهم أذلّ فرق الأُمّة ، فليس في أهل الأهواء أذلّ من الرافضة (٢) .

ثمّ يقول العبارة التي نقلها ابن حجر ، وقرأناها في كتاب الدرر

__________________

(١) منهاج السنّة ٣ / ٣٧٩ .

(٢) منهاج السنّة ٨ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ .

٥٦
 &

الكامنة ، يقول :

فإنّ عليّاً قاتل على الولاية ، وقُتل بسبب ذلك خلق كثير ، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفّار ولا فتح لبلادهم ، ولا كان المسلمون في زيادة خير (١) .

فما زاد الأمر إلّا شدّة ، وجانبه إلّا ضعفاً ، وجانب من حاربه إلّا قوّة والأُمّة إلّا افتراقاً (٢) .

ثمّ يقول :

ولهذا جعل طائفة من الناس خلافة علي من هذا الباب ، وقالوا : لم تثبت بنص ولا إجماع (٣) .

ثمّ يقول :

لأن النص والإجماع المثبتين لخلافة أبي بكر ليس في خلافة عليّ مثلها ، فانه ليس في الصحيحين ما يدلّ علىٰ خلافته ، وإنّما روى ذلك أهل السنن ، وقد طعن بعض أهل الحديث في حديث سفينة (٤) .

فعلى هذا لا يبقىٰ حينئذ دليل علىٰ امامة علي مطلقاً حتّىٰ في

__________________

(١) منهاج السنّة ٦ / ١٩١ .

(٢) منهاج السنّة ٧ / ٤٥٢ .

(٣) منهاج السنّة ٨ / ٢٤٣ .

(٤) منهاج السنّة ٤ / ٣٨٨ .

٥٧
 &

المرتبة الرابعة .

ويقول :

وأحمد بن حنبل ، مع أنه أعلم أهل زمانه بالحديث ، احتج علىٰ إمامة علي بالحديث الذي في السنن : « تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة ، ثم تصير مُلكاً » وبعض الناس ضعّف هذا الحديث ، لكن أحمد وغيره يثبتونه (١) .

يقول :

وعلي يقاتل ليطاع ويتصرّف في النفوس والأموال ، فكيف يجعل هذا قتالاً على الدين (٢) .

نصّ العبارة بلا زيادة ونقيصة .

حتّىٰ أنّه يجعل عليّاً مصداقاً لقوله تعالى : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٣) .

ثم يقول :

__________________

(١) منهاج السنّة ٧ / ٥٠ .

(٢) منهاج السنّة ٨ / ٣٢٩ .

(٣) القصص : ٨٣ .

٥٨
 &

فمن أراد العلوّ في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة (١) .

وعلي إنّما قاتل لأنْ يكون له العلوّ في الأرض ، إنّه إنّما :

قاتل ليطاع هو (٢) .

ثمّ يقول :

والذين قاتلوا من الصحابة لم يأت أحد منهم بحجّة توجب القتال ، لا من كتاب ولا من سنّة ، بل أقرّوا بأنّ قتالهم كان رأياً رأوه ، كما أخبر بذلك علي رضي‌الله‌عنه عن نفسه (٣) .

وأمّا قتال الجمل وصفّين ، فقد ذكر علي رضي‌الله‌عنه أنّه لم يكن معه نصّ من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنّما كان رأياً ، وأكثر الصحابة لم يوافقوه علىٰ هذا القتال (٤) .

أن القتال كان قتال فتنة بتأويل ، لم يكن من الجهاد الواجب ولا المستحب (٥) .

__________________

(١) منهاج السنّة ٤ / ٥٠٠ .

(٢) منهاج السنّة ٤ / ٥٠٠ .

(٣) منهاج السنّة ١ / ٥٢٦ .

(٤) منهاج السنّة ٦ / ٣٣٣ .

(٥) منهاج السنّة ٧ / ٥٧ .

٥٩
 &

وقتل خلقاً كثيراً من المسلمين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون ويصلّون (١) .

وقال طاعناً في الإمام وهو يقصد الدفاع عن عثمان ـ حيث يقولون من جملة ما نقموا عليه إنّه كان يتصرف في بيت المال هو وبنو أُميّة ـ :

وأين أخذ المال وارتفاع بعض الرجال ، من قتال الرجال الذين قتلوا بصفّين ولم يكن في ذلك عزّ ولا ظفر ؟ . . . حرب صفّين التي لم يحصل بها إلّا زيادة الشر وتضاعفه لم يحصل بها من المصلحة شيء (٢) .

ولهذا كان أئمّة السنّة كمالك وأحمد وغيرهما يقولون : إنّ قتاله للخوارج مأمور به ، وأمّا قتال الجمل وصفّين فهو قتال فتنة .

ولهذا كان علماء الأمصار على أن القتال كان قتال فتنة وكان من قعد عنه أفضل ممن قاتل فيه (٣) .

وعلي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ندم على أمور فعلها من القتال وغيره . . . وكان يقول ليالي صفّين : لله درّ مقام

__________________

(١) منهاج السنّة ٦ / ٣٥٦ .

(٢) منهاج السنّة ٨ / ١٤٣ .

(٣) منهاج السنّة ٨ / ٢٣٣ .

٦٠