معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ٢

الدكتور محمّد سالم محيسن

معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ٢

المؤلف:

الدكتور محمّد سالم محيسن


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٦
الجزء ١ الجزء ٢

وبعد أن اكتملت مواهب « أبي معشر الطبري » تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وذاع صيته بين الناس ، واشتهر بالثقة وصحة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب من كل فجّ عميق يأخذون عنه ويتلقون عليه ، ومن تلاميذه في القراءة : « الحسن بن خلف بن عبد الله بن بلّيمة ـ بفتح الباء ، وتشديد اللام المكسورة ـ القيرواني » ، ونزيل الإسكندرية ، ومؤلف كتاب « تلخيص العبارات بلطيف الإشارات ».

ولد سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة ، وعني بالقراءات فرحل في طلبها إلى بعض المدن الإسلامية ، ومن ذلك أنه رحل إلى « مكة المكرمة » وقرأ على بعض شيوخها ، وفي مقدمتهم : « أبو معشر الطبري ».

وبعد أن حصّل العلم وقراءات القرآن تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب.

ومن الذين قرءوا عليه : « أبو العباس أحمد بن الحطيئة ».

توفي « الحسن بن خلف » بالإسكندرية ثالث رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « إبراهيم بن عبد الملك بن محمد أبو إسحاق القزويني » ، ينعت بالضياء ، وهو من خيرة القراء المتصدرين ، ومن المشهورين بالثقة ، وصحة الإسناد ، وكان شيخ قزوين.

أخذ القراءات على عدد من خيرة العلماء ، فقد قرأ بالروايات على « أبي معشر الطبري ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، والقراءات ، واشتهر بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يقرءون عليه.

٤٠١

ومن تلاميذه : « أحمد بن إسماعيل القزويني »

توفي « إبراهيم بن عبد الملك » بقزوين في حدود الأربعين وخمسمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « عبد الله بن منصور بن أحمد بن الخطاب بن سعيد ، أبو غالب البغدادي » ، وهو شيخ ضابط ، ثقة ، صالح ، متقن ، مجوّد.

أخذ القرآن ، والقراءات عن عدد من مشاهير القرّاء ، فقد أخذ القراءات تلاوة عن « أبي معشر الطبري » ، وأحمد بن عليّ بن عبد الله ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، والقراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وعرف بالثقة وحسن الأداء ، وصحة الإسناد. وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، فقد قرأ عليه بالروايات : « الحسن بن أحمد الهمذاني ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عبد الله بن منصور ».

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « عبد الله بن عمر بن العرجاء ، وهي أمّه ، أبو محمد القيرواني ». وهو مقرئ حاذق ، ثقة ، رحّال ، فقد رحل إلى « مكة المكرمة » وأقام مجاورا زمانا يؤم الناس.

أخذ « عبد الله بن عمر » القراءة ، وحروف القراءات عن عدد من مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن نفيس ، وأبو معشر الطبري ، وعبد الباقي ابن الحسن ».

وبعد أن اكتملت مواهبه ، وأصبح أهلا للتعليم ، تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بين الناس بالضبط ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه.

٤٠٢

ومن الذين قرءوا عليه : « ولده الشيخ أبو علي الحسن ، وعبد الله بن خلف البيّاسي » وغيرهما كثير.

توفي « عبد الله بن العرجاء » في حدود الخمسمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « محمد إبراهيم بن نعم الخلف ، أبو عبيد الله الأندلسي ». وهو من القراء المشهود لهم بالثقة ، والتقوى ، والصلاح ، أخذ القرآن ، وحروف القراءات عن عدد من خيرة العلماء ، ورحل في سبيل العلم ، والأخذ عن الشيوخ ، ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى « مكة المكرمة » وقرأ بالروايات على « أبي معشر الطبري ».

توفي « محمد بن إبراهيم » سنة سبع وخمسمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الأزجاهي : بفتح الهمزة ، وسكون الزاي ، نسبة إلى « أزجاه » وهي إحدى قرى « خابران » من « خراسان » وقد نسب إليها عدد من العلماء (١).

الأبيوردي : بفتح الهمزة ، وكسر الباء ، وفتح الواو ، وسكون الراء وهي نسبة إلى « أبيورد » وهي بلدة من بلاد « خراسان » (٢).

وهو من خيرة القراء ، المشهود لهم بالثقة ، وصحة السند.

أخذ القراءة ، وحروف القراءات عن عدد من العلماء ، فقد أخذ القراءات عن « أبي معشر الطبري » بمكة المكرمة.

وبعد أن اكتملت مواهبه ، وأصبح أهلا للتدريس تصدر لتعليم القرآن وحروف القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ١١٩.

(٢) انظر الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ٧٩.

٤٠٣

الهمذاني » ببغداد.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « محمد بن إبراهيم » رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « عبد الله بن أبي الوفاء ، أبو محمد القيسيّ ، الصقليّ » وهو من القراء المتصدرين المشهود لهم بالثقة ، والأمانة.

أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من القراء ، فقد أخذ القراءات عن « أبي معشر الطبري ».

وبعد أن اصبح أهلا لتعليم القرآن وحروفه ، جلس لذلك ، واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « الشريف الخطيب أبو الفتوح ».

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « سليمان بن عبد الله بن سليمان الأنصاري ». وهو من القراء الثقات ، المعروفين بصحة الإسناد ، أخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو معشر الطبري ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه حسبما ذكره « ابن عيسى » : « عبد الله بن محمد بن خلف الداني ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « سليمان بن عبد الله ».

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « إبراهيم بن المسبح الفضي ، ومنصور بن الحسين ».

وكما تصدّر « أبو معشر الطبري » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، تصدّر أيضا لتعليم سنة الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخذ عنه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي : « وحدث عنه « أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، وإبراهيم

٤٠٤

ابن أحمد الصيمري » وغيرهما (١).

وبعد حياة حافلة بطلب العلم ، وتعليم كتاب الله تعالى ، وسنة نبيّه عليه الصلاة والسلام ، توفي « أبو معشر الطبري » بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٦.

٤٠٥

رقم الترجمة / ١٠٦

« مكّي بن أبي طالب » (١) ت ٤٣٧ هـ

هو : مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي ، القيرواني ثم الأندلسي القرطبي. إمام علامة محقق عارف أستاذ القراء والمجوّدين.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « مكّي بن أبي طالب » بالقيروان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة من الهجرة.

حفظ « مكّي بن أبي طالب » القرآن منذ نعومة أظفاره ، ثم بعد ذلك رحل إلى البلاد الإسلامية في سبيل طلب العلم ، ففي سنّ مبكرة لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره شدّ الرحال إلى مصر ، فكان يقيم سنتين وثلاثا ثم يعود إلى القيروان ، وكان يرحل إلى بلاد الحجاز ليؤدي فريضة الحج ، وكان يلقى الشيوخ ، ويأخذ عنهم ، ويستدرك ، ويستكمل ، ولا يقصّر ، واستمرت رحلاته في سبيل العلم مدّة خمس وعشرين سنة ، قضاها متردّدا بين القيروان ، ومصر ، والحجاز ، والشام.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٤. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٠٩. نزهة الألباء ص ٢٥٤. إنباه الرواة ج ٣ ، ص ٣١٣. الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٦٣١. وفيات الأعيان ج ٥ ، ص ٢٧٤.

مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٥٧. الديباج المذهب ج ٢ ، ص ٣٤٢. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٤٦.

بغية الوعاة ج ٢ ، ص ٢٩٨. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٦٠. طبقات المفسرين للداودي ج ٢ ، ص ٣٣١.

٤٠٦

قال صاحبه أبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ : « كان مكي بن أبي طالب من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية ، حسن الفهم والخلق ، جيّد الدين والعقل ، كثير التأليف ، في علوم القرآن ، محسنا مجوّدا ، عالما بمعاني القراءات ، أخبرني أنه سافر إلى « مصر » وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وتردد إلى المؤدبين بالحساب ، وأكمل القرآن ، ورجع إلى القيروان ، ثم رحل فقرأ القراءات على « طاهر بن غلبون » سنة ست وسبعين وثلاثمائة ، وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك ، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وحج ، ثم حج سنة سبع وثمانين ، وجاور ثلاثة أعوام ، ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وجلس للإقراء بجامع قرطبة ، وعظم اسمه ، وجلّ قدره » اهـ (١).

تلقى « مكّي بن أبي طالب » العلوم المختلفة على خيرة العلماء بالقيروان ، ومصر ، ومكة المكرمة. فمن شيوخه الذين أخذ عنهم « بالقيروان » الحافظ أبو الحسن القابسي وهو من جلة شيوخه ، وكان موضع الإجلال ، أخذ عنه « مكي » القراءة والحديث ومن شيوخه « بالقيروان » « أبو محمد بن أبي زيد ».

انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي بالمغرب ، وذكر « القاضي عياض » أنه حاز رئاسة الدين والدنيا ، وكان يسمى مالكا الأصغر ، وقد تفقه عليه « مكي ابن أبي طالب » ت ٣٨٩ هـ.

ومن شيوخه « بمصر » « محمد بن علي أبو بكر الأدفوي ».

ذكر « الذهبي » أنه برع في علوم القرآن ، وكان سيّد أهل عصره ، وقد لزم « أبا جعفر النحاس » وروى عنه كتبه ، وأخذ القراءة عرضا عن « المظفر ابن أحمد بن سمعان ». وذكر « الإمام الداني » أنه تفرد بالإمامة في قراءة « نافع » راوية « ورش » ت ٣٨٨ هـ.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٥. وطبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٠٩.

٤٠٧

ومن شيوخ « مكّي بن أبي طالب » بمصر « أبو الطيب طاهر بن غلبون » الذي يرجع إليه ضبط « مكي » للقراءة.

ومن شيوخه أيضا « أبو عديّ بن الإمام » أخذ عنه « مكي » رواية ورش. وكان لمجاورة « مكي » بمكة أثر واضح في تلمذته على بعض الشيوخ ولقائه إياهم ، ومن أبرزهم : « أحمد بن إبراهيم أبو الحسن العبقسيّ » مسند أهل الحجاز في وقته.

تصدر « مكّي بن أبي طالب » لتعليم القرآن وعلومه ، واشتهر بالثقة والضبط ، وحسن الأداء ، والأمانة ، وذاع صيته ، وأقبل عليه طلاب العلم ، يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : يحيى بن إبراهيم بن البياز ، وموسى بن سليمان اللخمي ، وأبو بكر محمد بن المفرّج ، ومحمد بن أحمد ابن مطرف الكناني ، وعبد الله بن سهل ، ومحمد بن محمد بن أصبغ ، ومحمد بن عيسى بن فرج المغامي ، ومحمد بن محمد بن بشير ، وحازم بن محمد ، وأحمد بن محمد الكلاعي ، وهو قرطبي ، وكان مقرئا فاضلا ، عالما بالقراءات ، ضابطا لها ، له عدة مؤلفات » ت ٤٣٢ ه‍ ، وصلى عليه شيخه « مكي ».

ومن تلاميذ « مكي » ابنه « أبو طالب محمد » وقد روى عن أبيه أكثر ما عنده ، وكان « أبو طالب » وافر الحظ من الأدب ، حسن الخطّ ، جيّد التقييد ، وكثير من مصنفات أبيه إنما كان تصنيفها عن طريقه ، ولي أحكام الشرطة وأمانة الجامع بقرطبة. ت ٤٧٤ هـ.

ترك « مكي » للمكتبة القرآنية والعربية عدة مصنفات مفيدة بلغت أكثر من ثمانين مصنفا ، قال رحمه‌الله : « ألفت كتابي » « الموجز في القراءات » بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ، وألفت كتاب « التبصرة » بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ، وألفت « مشكل الغريب » بمكة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ، وألفت « مشكل الإعراب » ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين

٤٠٨

وثلاثمائة ، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.

احتلّ « مكي » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « ابن بشكوال » : « قلّده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة ، بعد وفاة « يونس بن عبد الله القاضي » وكان قبل ذلك ينوب عنه ، وله ثمانون تأليفا ، وكان خيّرا ، متدينا ، مشهورا بالصلاح ، وإجابة الدعوة » اهـ (١).

وقال « الإمام ابن الجزري » : ومن تأليف « مكي » التبصرة في القراءات والكشف عليها وتفسيره الجليل ، ومشكل إعراب القرآن ، والرعاية في التجويد ، والموجز في القراءات ، وتواليفه تنوف عن ثمانين تأليفا. اهـ (٢).

توفي « مكي » في ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٥.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣١٠.

٤٠٩

رقم الترجمة / ١٠٧

« موسى بن عيسى » (١) ت ٤٣٠ هـ

هو : موسى بن عيسى بن أبي حاج أبو عمران الفاسي ثم القيرواني. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « موسى بن عيسى » سنة ثمان وستين وثلاثمائة. وما أن شبّ عوده حتى اتجه إلى حفظ القرآن وطلب العلم ، وقد تنقل في كثير من البلاد ليأخذ عن شيوخها ، ويتلقى عن علمائها ، ويتفقه على فقهائها ، فرحل في سبيل ذلك إلى كل من مكة المكرمة ، ومصر ، وبغداد.

وقد اكتسب « موسى بن عيسى » خلال رحلاته الكثير من العلم والمعرفة ، وفي هذا يقول « الإمام الداني » : أخذ « موسى بن عيسى » القراءة عرضا عن « أبي الحسن علي بن عمر الحمامي » ، وسمع جماعة ، كتب معنا بالقيروان ، وبمصر ، وبمكة ، وتوجه إلى بغداد ، وأنا بمكة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ، وأقام أشهرا ، وقرأ بها القرآن ، وسمع الحروف ، وكتب عن جماعة من محدثيها حديثا منثورا ، وشاهد مجلس القاضي الإمام أبي بكر محمد بن الطيب ، ثم انصرف إلى « القيروان ». وأقرأ الناس بها مدّة ، ثم ترك الإقراء ، ودارس الفقه ، وأسمع الحديث إلى أن توفي. اهـ (٢).

أخذ « موسى بن عيسى » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٢١. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٩. جذوة المقتبس ص ٣٣٨.

الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٦١١. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٣٠. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٤٧. تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١٠٩٧. الديباج المذهب ج ٢ ، ص ٣٣٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٢١.

٤١٠

الحسن الحمامي » وغيره.

كما تفقه على مشاهير العلماء أمثال : أبي محمد الأصيلي ، وأخذ أصول الفقه عن « أبي بكر بن الباقلاني ». كما أخذ حديث الهادي البشير ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن عدد من العلماء منهم : عبد الوارث بن سفيان ، وسعيد بن نصر ، وغيرهما ، كما سمع من « أبي الفتح بن أبي الفوارس ».

تصدر « موسى بن عيسى » للتعليم وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه القراءات والفقه ، والحديث ، واشتهر بالثقة والضبط ، والعدالة ، وذاع صيته مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « حاتم بن محمد » : كان أبو عمران الفاسي من أعلم الناس ، وأحفظهم ، جمع حفظ الفقه والحديث والرجال ، وكان يقرأ القراءات ويجوّدها مع معرفة بالجرح والتعديل ، أخذ عنه الناس من أقطار المغرب ولم ألف أحدا أوسع منه علما ، ولا أكثر رواية. اهـ (١).

وقال « الحافظ الذهبي » : موسى بن عيسى الفاسي المقرئ الفقيه المالكي الأصولي شيخ القيروان ، تفقه على « أبي الحسن » وهو أجلّ أصحابه ، ودخل الأندلس فتفقه على « أبي محمد الأصيلي » وسمع من عبد الوارث بن سفيان ، وسعيد بن نصر ، والكبار ، ثم حج مرات ، وقرأ القراءات ببغداد على « أبي الحسن الحمامي » وغيره ، وسمع من « أبي الفتح بن أبي الفوارس » وأخذ الأصول عن « أبي بكر بن الباقلاني » وانتهت إليه رئاسة العلم بالقيروان. اهـ.

توفي « موسى بن عيسى » في ثلاثة عشر رمضان سنة ثلاثين وأربعمائة من الهجرة رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٩.

٤١١

رقم الترجمة / ١٠٨

« نصر بن عبد العزيز » (١) ت ٤٦١ هـ

هو : نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح أبو الحسين الفارسي الشيرازي. وهو من الثقات العدول ، والمحققين المسندين.

قال أبو القاسم بن الفحام : قال لنا « أبو الحسين نصر الفارسي » إنه قرأ بالطرق والروايات ، والمذاهب المذكورة في « كتاب الروضة » لأبي علي المالكي البغدادي ، على شيوخ « أبي عليّ » المذكورين في « الروضة » كلهم القرآن كله ، وإن « أبا علي » كان كلما قرأ جزءا من القرآن قرأت مثله ، وكلما ختم ختمة ختمت مثلها حتى انتهيت إلى ما انتهى إليه. اهـ (٢).

ويعقب « ابن الجزري » على هذا الخبر بقوله : قلت فتعلو لنا القراءات من طريقه عن طريق صاحب الروضة بواحد ، وانتقل إلى « مصر » أي نصر بن عبد العزيز ـ فكان مقرئ الديار المصرية ومسندها ، وألف بها كتاب « الجامع في العشر ».

أخذ « نصر بن عبد العزيز » حروف القراءات عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وأحمد بن نصر الشذائي » وغيرهما.

ثم جلس « علي بن جعفر » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « نصر بن عبد العزيز ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١١٥٨. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٨٥. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٨٤.

حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٤. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٠٩. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٣٦ ورقم الترجمة ٣٧٢٩. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٢ ، ورقم الترجمة ٣٦٠.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٣٣٦.

٤١٢

قال « ابن الجزري » : لا أدري متى مات « أبو الحسين السعيدي » إلا أنه بقي إلى حدود العشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : علي بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسين الحمامي ، شيخ العراق ، ومسند الآفاق ، وهو من الثقات البارعين ، قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان صدوقا ، ديّنا ، فاضلا ، تفرد بأسانيد القرآن وعلوّها (١).

أخذ « علي بن أحمد » القراءات عرضا عن مشاهير العلماء. وفي مقدمتهم : « أبو عيسى بكار ، وعبد الواحد بن عمرو ».

ثم جلس لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، وفي مقدمة من قرأ عليه « نصر بن عبد العزيز ، وأحمد بن مسرور ».

توفي « علي بن أحمد » في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وهو في تسعين سنة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « عبيد الله بن محمد أبو أحمد الفرضي البغدادي ». وهو إمام ثقة من القراء والمحدثين ، قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان أبو أحمد ثقة ورعا ، ديّنا ، حدثنا « منصور بن عمر » الفقيه قال : لم أر في الشيوخ من يعلم الله مثل أبي أحمد الفرضي ، اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة ، وإسناد ، وحالة متسعة في الدنيا ، وكان مع ذلك أورع الخلق ، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم ير مثله (٢).

أخذ « عبيد الله » القراءة عرضا وسماعا عن « أبي الحسن بن بويان » وهو آخر من لقي من أصحابه ممن روى عنه رواية « قالون » كما أخذ القراءة

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.

٤١٣

عرضا عن عدد كبير وفي مقدمتهم : « الحسن بن محمد البغدادي » وآخرون.

جلس « عبيد الله بن محمد » لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « نصر بن عبد العزيز ، وعبد الله بن محمد شيخ الداني » وآخرون.

توفي « عبيد الله بن محمد » في شوال سنة ست وأربعمائة ، وله اثنتان وثمانون سنة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطان » من مشاهير العلماء ، ومن الثقات المؤلفين ، والحذاق المسندين أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم : « زيد بن عليّ بن أبي بلال ، وأبي عيسى بكار » ، وآخرون.

ثم جلس لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « نصر بن عبد العزيز ، والحسن بن الفضل الشرمقاني » وآخرون.

توفي « عبد الملك بن بكران » في رمضان سنة أربع وأربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « منصور بن محمد بن منصور أبو الحسن القزاز البغدادي » ، وهو من مشاهير القراء ، ومن الثقات المجوّدين.

أخذ قراءة « أبي عمرو بن العلاء البصري » عرضا عن « أبي بكر بن مجاهد » وهو آخر أصحابه موتا.

ثم تصدر لتعليم القرآن واشتهر بحسن القراءة وتجويدها ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « نصر بن عبد العزيز ، وأحمد بن مسرور

٤١٤

الخباز » وآخرون.

قال « ابن الجزري » : بقي « منصور بن محمد » إلى حدود العشر وأربعمائة أو قبل ذلك ، فإن « الشيرازي » قرأ عليه بعد الأربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « محمد بن المظفر بن علي ابن حرب أبو بكر الدينوري » شيخ الدّينور ، وإمام جامعها ، قدم إليها وأقرأ بها بعيد الأربعمائة ، وكان مقرئا حاذقا.

أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم : « الحسين بن محمد بن حبش الدينوري ».

ثم جلس لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « نصر بن عبد العزيز » و « أبو علي غلام الهراس » وآخرون.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي » ، نزيل بغداد وهو إمام محقق ، وأستاذ متقن ، وأصله من « فم الصلح » ونشأ « بواسط » ولد عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ورحل إلى « الدينور » فقرأ على « أبي علي بن حبش ، وأبي بكر أحمد بن محمد الشارب » وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « نصر بن عبد العزيز ». وقرأ عليه بالروايات « أبو القاسم الهذلي ، وأبو علي غلام الهراس » قال عنه « الحافظ أبو عبد الله » : تبحّر في القراءات ، وصنّف ، وجمع ، وتفنّن ، وولي قضاء الحريم الظاهري ، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق ، وحدّث عن « القطيعي ، وأبي

٤١٥

محمد بن السقّا » وجماعة (١).

وقال عنه « ابن الجزري » : « هو صاحب السكت عن « رويس » انفرد به عنه ، وقد حدث عنه « أبو بكر الخطيب » (٢).

توفى « محمد بن علي أبو العلاء الواسطي » ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، ودفن بداره من بغداد.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « الحسن بن محمد بن يحيى ابن داود أبو محمد الفحّام » ، المقرئ ، الفقيه ، البغدادي ، السامري ، وهو شيخ بارع مصدّر ، ومن الثقات المشهورين ، أخذ القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وجعفر بن عبد الله السامري ».

ثم جلس لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، يأخذون عنه ، وفي مقدمتهم : « نصر بن عبد العزيز ، وأبو علي غلام الهراس » وغيرهما.

توفي « الحسن بن محمد » سنة ثمان وأربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « عبيد الله بن أحمد بن علي ابن يحيى أبو القاسم البغدادي المعروف بابن الصيدلاني.

ذكره « أبو عمرو الداني » فقال : هو مقرئ متصدر ، بغدادي. يكنى أبا القاسم سمع من « يحيى بن محمد بن صاعد » وعمّر ، وطالت أيامه (١).

وقال عنه « ابن الجزري » : هو من حذّاق المقرئين ، الضابطين المشهورين ،

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٠.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٠.

٤١٦

قرأ على « هبة الله بن جعفر ، وأبي طاهر بن أبي هاشم ».

وقرأ عليه « أبو الفرج النهرواني ، وأبو الحسن بن العلاف » ، وغيرهما.

توفي ببغداد سنة أربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور ، أبو الحسن السوسنجردي ثم البغدادي » ، وهو من القراء المشهورين بالضبط وجودة القراءة. ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.

وأخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « زيد بن أبي بلال ، وعبد الواحد بن أبي هاشم » وغيرهما.

جلس « أحمد بن عبد الله » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « نصر بن عبد العزيز ، وأبو علي غلام الهراس ، وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المالكي ».

توفي « أحمد بن عبد الله » يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة عن نيّف وثمانين سنة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « علي بن محمد بن إسماعيل ابن الحسين أبو الحسن البغدادي » ، وهو من القراء المشهورين بالثقة وجودة القراءة.

أخذ القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « نظيف بن عبد الله أبو الحسن الحلبي » نزيل « دمشق » سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.

وبعد أن كملت مواهبه جلس لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « نصر بن عبد العزيز ، وعلي

٤١٧

ابن محمد بن فارس الخياط » وغيرهما.

وقال الذهبي : بقي « علي بن محمد » إلى حدود سنة أربعمائة.

وكما أخذ « نصر بن عبد العزيز » القراءة عن خيرة العلماء ، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي مقدمة من أخذ عنهم الحديث « أبو الحسن ابن بشران ، وابن رزقويه ».

جلس « نصر بن عبد العزيز » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « عبد الرحمن بن عتيق أبو القاسم بن أبي سعيد بن الفحام » ، وهو أستاذ ثقة ، ضابط ، محقق ، مؤلف كتاب « التجريد » وشيخ الاسكندرية وانتهت إليه رئاسة الإقراء بها علوّا ومعرفة.

قرأ الروايات على « إبراهيم بن إسماعيل المالكي » صاحب أبي علي البغدادي ، وأخذ العربية عن « علي بن ثابت » وشرح مقدمته.

قال « سليمان بن عبد العزيز الأندلسي » : « ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات من « أبي القاسم بن الفحام » لا بالمشرق ولا بالمغرب » (١).

جلس « عبد الرحمن بن عتيق » لتعليم القرآن ، وذاع صيته في البلاد ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « نصر بن عبد العزيز ».

وقرأ عليه بالروايات « أبو العباس أحمد بن الحطيّة ، وأبو طاهر أحمد بن محمد السلفي » ، وغيرهما.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٧٤.

٤١٨

توفي « أبو القاسم بن الفحام » سنة ست عشرة وخمسمائة.

ومن تلاميذ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « خلف بن إبراهيم بن سعيد أبو القاسم بن النخّاس القرطبي المعروف بالحصّار » ، ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، وهو من خيرة القراء المشهورين بالثقة والضبط وحسن القراءة ، وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل تحصيل القرآن. فقد قرأ بمكة المكرمة على « أبي معشر عبد الكريم الطبري » ، وبمصر على « نصر بن عبد العزيز » ، وبقرطبة على « أبي المطرف عبد الرحمن بن خلف ، ومعاوية بن محمد العقيلي » ، ثم رجع إلى قرطبة وولّي خطابتها ، وجلس لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « يحيى أبو عبد المنعم بن الخلوف الغرناطي ، ويحيى بن سعدون القرطبي ».

توفي « خلف بن إبراهيم » في صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة.

ومن تلاميذ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « مرشد بن يحيى المديني » وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة والأمانة وحسن الأداء.

أخذ « مرشد » القراءة عن « نصر بن عبد العزيز » وروى حروف القراءات العشر سماعا من كتاب « الجامع » عن مؤلفه « نصر بن عبد العزيز » أيضا. جلس مرشد لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وقد روى عنه حروف القراءات العشرة بمضمّن كتاب « الجامع » « أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي ». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « مرشد ».

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

وكما أخذ « نصر بن عبد العزيز » القراءة عن خيرة العلماء ، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : وحدّث « نصر بن عبد العزيز » عن « ابي رزقويه » وحدّث عنه « أحمد بن يحيى بن الجارود

٤١٩

المصري ، ومحمد بن أحمد بن الحطّاب الرازي » وغيرهما (١).

وبعد حياة حافلة بطلب العلم ، وتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، توفي « نصر بن عبد العزيز » سنة إحدى وستين وأربع مائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٢.

٤٢٠