الدكتور محمّد سالم محيسن
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٦
عن « عثمان بن عفان » رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلّمه ».
رواه الشيخان ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه.
( حديث شريف )
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان ، والصلاة والسلام على رسول الله الذي صحّ عنه في الحديث الذي رواه « عبد الله بن مسعود » رضياللهعنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « من قرأ حرفا من كتاب الله » فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول « الم » حرف ، ولكن : ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ». ( رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح غريب )
وبعد :
فقد اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بحفظ « القرآن الكريم » وقد أخذوه مشافهة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ثم جاء التابعون رحمهمالله تعالى فتلقوا « القرآن » وحروفه عن الصحابة. وجاء بعد التابعين : تابع التابعين فأخذوا عنهم « القرآن » ورواياته.
وهكذا ظلّ المسلمون يأخذون « القرآن » وقراءاته جيلا بعد جيل حتى وصل إلينا عن طريق التواتر ، والسند الصحيح. وسيظل كذلك بإذن الله تعالى حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولما ازدهرت حركة التأليف تصدّى الكثيرون من العلماء لجعل مصنفات
خاصّة ضمنوها التعريف بحفاظ « القرآن » ، بما في ذلك بيان شيوخهم ، وتلاميذهم. ومن العلماء الذين كانت لهم مصنفات خاصّة بطبقات القراء :
« الحسن بن أحمد الهمذاني » له كتاب : « معرفة القراء وأخبارهم (١).
« الخليفة بن الخياط » ت ٢٤٠ ه ، له كتاب « طبقات القراء وأخبارهم (٢).
« أبو معشر الطبري » ت ٤٧٨ ه له كتاب « طبقات القراء » (٣).
« أبو بكر النقّاش » ت ٣٥١ ه له كتاب « المعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم » (٤)
« ابن مهران أحمد بن الحسن » ت ٣٨١ ه ، له كتاب « طبقات القراء » (٥).
« أحمد الفضل الباطرقاني » ت ٤٦٠ ه ، له كتاب « طبقات القراء » (٦) « محمد بن سهل العطار » ت ٥٦٩ ه ، له كتاب « معرفة القراء » (٧)
« الحسن بن أحمد الهمذاني » ت ٥٦٩ ه ، له كتاب « الانتصار في معرفة قراء المدن والأمصار » (٨)
« ابن الملقّن عمر بن علي » ت ٨٠٤ ه ، له كتاب « طبقات القراء » (٩)
__________________
(١) انظر : معرفة القراء الكبار للذهبي ، ج ٢ ، ص ٤٨٩.
(٢) انظر : معجم المؤلفين لكحالة ج ٤ ، ص ١٠٨.
(٣) انظر : غاية النهاية لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٠١.
(٤) انظر : فهرست ابن النديم ص ٥٠.
(٥) انظر : غاية النهاية لابن الجزري ، ج ١ ، ص ٤٩.
(٦) انظر : الأعلام للزركلي ، ج ١ ، ص ١٩٥.
(٧) انظر : معجم المؤلفين لكحالة ج ١٠ ، ص ٥٨.
(٨) انظر : غاية النهاية لابن الجزري ، ج ١ ، ص ٢٠٤.
(٩) أنظر : الأعلام للزركلي ج ٥ ، ص ٥٧.
« السخاوي محمد بن عبد الرحمن » ت ١٢١٤ ه ، له كتاب « تلخيص طبقات القراء (١).
« محمد بن عبد السلام الفاسي » ت ١٢١٤ ه ، له كتاب « طبقات المقرئين » (٢).
ومن نعم الله عليّ التي لا تحصى أن جعلني من حفظة كتابه ، ومن قراء رواياته. وقد وفقني الله تعالى ووضعت « الجزء الأول » في تراجم القراء تحت عنوان : « معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ ».
ويسعدني أن أضيف إلى المكتبة القرآنية « الجزء الثاني » لتراجم القراء.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
المدينة المنورة الجمعة ٨ جمادى الثانية ١٤١٠ ه الموافق ٥ يناير ١٩٩٠ م |
خادم العلم والقرآن الدكتور محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن غفر الله له |
__________________
(١) انظر : الأعلام للزركلي ج ٦ ، ص ١٩٥.
(٢) انظر : الأعلام للزركلي ، ج ٦ ، ص ٢٠٦.
رقم الترجمة / ١
« إبراهيم بن أحمد » (١) ت ٨٧٠ هـ
هو : إبراهيم بن أحمد بن ناصر بن خليفة بن فرج المقدسي الدمشقي الشافعي. ولد في ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة بصفد ، ونشأ بها فحفظ القرآن تجويدا على « الشهاب حسن بن حسن الفرغني » إمام جامعها ، وحفظ بعض « المنهاج » في فقه الشافعي.
ثم انتقل من « صفد » قريبا من سنّ البلوغ مع أبيه إلى « الشام » فأخذ الفقه عن الشرق « الغربي » وغيره ، ثم لازم « النور الأنباري » حتى حمل عنه الكثير من الفقه ، والعربية ، واللغة ، وانتفع به كثيرا في علوم الأدب وغيرها.
ثم رحل إلى « مصر » سنة أربع وثمانمائة تقريبا ، فأخذ عن « السراج البلقيني » ولازمه مدة سنة كما أخذ عن « الكمال الدميري » بعض مصنفاته.
وبعد أن قضى بمصر بضع سنوات يأخذ عن علمائها ، عاد إلى بلده « باعون » وهي قرية من قرى « حوران » بالقرب من « عجلون » فأقام بها على أحسن حال ، وأجمل طريقة.
ثم باشر نيابة الحكم عن أبيه ، والخطابة بجامع بني أمية ، وتولى مشيخة الشيوخ ، وكان حسن السيرة ، محمود العاقبة في جميع الأعمال التي قام بها ، ومما اشتهر عنه أنه كان يتمسك بالحق ولا يلتفت إلى وساطة الكبراء ، وشفاعة الشفعاء.
وقد ترك للمكتبة الإسلامية والعربية بعض المؤلفات منها : « مختصر الصحاح للجوهري » وهو مختصر حسن لطيف. وله ديوان خطب ، ورسائل ،
__________________
(١) انظر ترجمته في : الضوء اللامع ج ١ ، ص ٢٦ ، والبدر الطالع ج ١ ، ص ٨ ، ورقم الترجمة / ٤.
وديوان شعر أتى فيه نحو مائة وخمسين مقطوعا ، أودع كلا منها معنى غريبا غير الآخر ، ومن شعره :
سل الله ربك ما عنده |
|
ولا تسأل الناس ما عندهم |
ولا تبتغ من سواه الغنا |
|
وكن عبده لا تكن عبدهم |
وله أيضا :
سئمت من الدنيا وصحبة أهلها |
|
وأصبحت مرتاحا إلى نقلتي منها |
والله ما آسى عليها وإنني |
|
وإن رغبت في صحبتي راغب عنها |
وله أيضا :
إذا استغنى الصديق وصا |
|
ر ذا وصل وذا قطع |
ولم يبدا احتفالا بي |
|
ولم يحرص على نفعي |
فأنأى عنه واستغني |
|
بجاه الصبر والقنع |
وأحسب أنه ما مرّ |
|
في الدنيا على سمعي |
ثم أصبح « إبراهيم بن أحمد » شيخ الأدب بالبلاد الشامية بغير مدافع ، كذا وصفه كل من « السخاوي » في تاريخه ، وابن حجر في معجمه. وقال « المقريزي » : إنه مهر في عدة فنون سيما الأدب فله النظم الجيّد.
وكان يحكى أن « الزينبي عبد الباسط » قال له إن مراسلاتك المسجعة إلينا تبلغ أربعة مجلدات. يفهم من هذا أنه كان بارعا في الكتابة ، يقول « الشوكاني » : والحاصل أنه وقع الاتفاق من جميع من ترجم له على أنه لم يكن في عصره من يدانيه في النظم والنثر (١).
توفي « إبراهيم بن أحمد » يوم الخميس رابع عشر ربيع الأول سنة سبعين
__________________
(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ١٠.
وثمانمائة ، وصلّى عليه بالجامع المظفري ، ودفن بالروضة من سفح قاسيون.
رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ٢
« إبراهيم بن ثابت » (١) ت ٤٣٢ هـ
هو : إبراهيم بن ثابت بن أخطل أبو إسحاق الأقليشي المقرئ نزيل مصر. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه ، ضمن علماء القراءات.
تلقى « إبراهيم بن ثابت » القراءات القرآنية على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون ، أبو الحسن الحلبي نزيل مصر ، أستاذ عارف ، ثقة ضابط وحجة ، محرّر ، شيخ الإمام الداني ، ومؤلف كتاب « التذكرة » في القراءات الثمان.
رحل إلى العراق ، وأخذ القراءات عن خيرة العلماء ، قال عنه « الإمام الداني » : لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله وصدق لهجته كتبنا عنه كثيرا » اهـ ت بمصر ٣٩٩ هـ.
ومن شيوخ « إبراهيم بن ثابت » عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي ، مؤلف كتاب « المجتبي الجامع » وهو أستاذ متصدر ثقة ، نزل مصر ، وكان شيخها ت ٤٢٠ هـ.
توفي « إبراهيم بن ثابت » سنة ٤٣٢ ه رحمهالله رحمة واسعة. آمين.
__________________
(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :
القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٢ ، طبقات القراء ج ١ ، ص ١٠ ، وحسن المحاضرة للسيوطي ج ١ ، ص ٤٩٣.
رقم الترجمة / ٣
« إبراهيم الجعبري » (١) ت ٧٣٢ هـ
هو : إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبي العباس أبو محمد الجعبري نسبة إلى قلعة « جعبر » وتقع على نهر الفرات بين بالس والرقة قرب صفين.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه ، ضمن علماء الطبقة الثامنة عشرة من علماء القراءات. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه ضمن علماء القراءات.
ولد « الجعبري » في قلعة جعبر في حدود سنة أربعين وستمائة من الهجرة. ونشأ في أسرة عريقة في العلم والدين ، حيث كان والده من أعيان ووجهاء « قلعة جعبر » وقد اشتهر بمؤذن جعبر ، كما ألف والده « المحرر في الفقه ، والمنتقى في الأحكام » (٢).
اتجه « الجعبري » منذ نعومة أظفاره وهو في التاسعة من عمره إلى تحصيل العلم ، وكان يتمتع بذاكرة قوية ، وحافظة أمينة ، فحفظ القرآن الكريم مبكرا ، كما حفظ كتاب « التيسير » في القراءات السبع ، وكتاب « التعجيز في مختصر الوجيز في الفقه على مذهب الإمام الشافعي ».
رحل « الجعبري » إلى بعض البلاد الإسلامية من أجل طلب العلم والسماع من الشيوخ ، والاستزادة من الثقافة والمعرفة. فكانت رحلته الأولى إلى
__________________
(١) انظر ترجمة الجعبري في المراجع الآتية :
معرفة القراء الكبار ج ٢ ، ص ٧٤٣. طبقات القراء ج ١ ، ص ٢١. الوافي بالوفيات ج ٦ ، ص ٧٣. وفيات الأعيان ج ١ ، ص ٣٩. مرآة الجنان ج ٤ ، ص ٢٨٥. طبقات الشافعية للسبكي ، ج ٦ ، ص ١٢. البداية والنهاية ج ١٤ ، ص ١٦٠. الدرر الكامنة ج ١ ، ص ٥١.
النجوم الزاهرة ج ٩ ، ص ٢٩٦. بغية الوعاة ج ١ ، ص ٤٢٠.
(٢) وقد شرحه الشوكاني وعرف شرحه « بنيل الأوطار » كما أن كتابه المحرر في الفقه طبع عدة مرات.
« بغداد » بعد عام ستين وستمائة من الهجرة ، فالتحق بالمدرسة النظامية ، وحضر دروس المشايخ بالمدرسة المستنصرية ، وحضر مجالس كبار العلماء ، وتلقى القراءات السبع على « أبي الحسن علي بن عثمان البغدادي ».
وقرأ القراءات العشر على « الحسين بن الحسن المنتجب التكريتي » ت ٦٨٨ ه وأسند القراءات بالإجازة عن الشريف أبي البدر الداعي ت ٦٦٨ ه وأخذ الفقه عن أبي العزّ محمد بن عبد الله البصري الشافعي المدرّس بالمدرسة النظامية.
وهذه الرحلة تعتبر أعظم رحلاته التي قام بها ، حيث أدرك الفوائد العلمية ، واتسع أفقه العلمي ، وارتفع مستواه ، وبرع في القراءات ، فكتب فيها كتابه « نزعة البررة في قراءات الأئمة العشرة » ، وكتابه « عقود الجماعة في تجويد القرآن » وعرضهما على شيخه منتجب الدين التكريتي.
ثم كانت رحلته الثانية إلى « دمشق » فسمع من كبار الحفاظ منهم « الفخر ابن البخاري » ت ٦٩٠ ه والفخر بن الفخر البعلبكي ت ٦٩٩ هـ.
وباحث ، وناظر ، وأفاد الطلبة كثيرا (١).
ثم رحل بعد ذلك إلى « مدينة الخليل » بفلسطين وكان ذلك قبل عام ثمانية وثمانين وستمائة ، وأقام بها بضعة وأربعين عاما حتى توفاه الله. وقد تولى « الجعبري » في « مدينة الخليل » القضاء ، والإفتاء ، والخطابة ، ونشر العلم بشتى الوسائل المختلفة سواء كان بالتدريس أو التأليف وقد عمر طويلا حتى أدركه الأحفاد.
يفهم مما تقدم أن « الجعبري » اجتهد في طلب العلم وتحصيله وبذل في سبيل ذلك كل عمره ، وزهرة شبابه ، حتى وصل إلى أرقى المناصب العلمية في زمانه.
__________________
(١) انظر الوافي بالوفيات ج ٦ ، ص ٧٣.
وقد تتلمذ « الجعبري » على عدد كبير من خيرة العلماء ، في كثير من العلوم المختلفة ، وفي مقدمة شيوخه في القراءات :
١ ـ شمس الدين أبو الحسن ، علي بن عثمان بن محمود الوجوهي الحنبلي البغدادي ، وهو شيخ مقرئ ، ماهر محقق مجود ، عني بالقراءات والأداء ، قرأ عليه « الجعبري » القراءات السبع ، وقرأ عليه « كتاب التجريد » لابن الفحام ، وسمّع عليه كتاب « الوقف والابتداء » لابن عباد ، وقرأ عليه صحيح البخاري ، وعوارف المعارف (١).
٢ ـ شمس الدين أبو البدر محمد بن عمر بن القاسم الشريف الرشيدي العباسي الواسطي ، شيخ القراء بالعراق ، وإمام بارع. قرأ القراءات العشر على « أبي بكر عبد الله بن الباقلاني » وروى عنه الجعبري بالإجازة (٢).
٣ ـ إبراهيم بن محمود بن سالم أبو محمد الأزجي البغدادي ، المعروف بابن الخير الحنبلي ، أجاز « الجعبري » بالقراءات (٣).
٤ ـ مجد الدين أبو أحمد عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش الحنبلي البغدادي ، وكان واسع الرواية ، وشيخ القراء ببغداد. وقد أخذ الروايات عن « الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي » وسمع منه كتبا كثيرة في القراءات. كما قرأ على « عبد العزيز الناقد » وروى عنه أكثر من ثلاثين كتابا في القراءات. وقد أخذ عنه « الجعبري » القراءات الثلاث. توفي مجد الدين سنة ٦٧٦ هـ.
٥ ـ منتجب الدين أبو علي ، الحسين بن الحسن بن أبي السعادات التكريتي وهو عالم حاذق بالقراءات. انتهى إليه الإقراء ببغداد. يقول « الجعبري » :
__________________
(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٥٦.
(٢) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج ٢ ، ص ٦٤٩.
(٣) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٧.
قرأت عليه من حفظي « درّة الأفكار في القراءات العشر » توفي منتجب الدين سنة ٦٨٨ ه ببغداد (١).
٦ ـ جمال الدين يوسف بن جامع بن أبي البركات أبو إسحاق القفصي بضم القاف ، وسكون الفاء ، الحنبلي البغدادي. وهو أستاذ كبير مؤلف محقق عالم ، ألف كتاب « الشافي في القراءات العشر » قال عنه « الحافظ الذهبي » :
كان جمال الدين رأسا في القراءات عارفا باللغة ، والنحو ، جمّ الفضل. وكان لا يتقدمه أحد في زمانه في الاقراء. قال « الجعبري » : قرأت عليه « كتاب المصباح » وكتاب « التذكرة » ، ووقف ابن الأنباري ، توفي « جمال الدين » سنة ٦٨٢ ه (٢).
وبعد أن اكتملت مواهب « الجعبري » وأصبح من العلماء تصدر لتعليم القرآن وعلومه وقراءاته ، واشتهر بالثقة والاتقان وسعة العلم ، أقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ويقرءون عليه ، فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم :
١ ـ علي بن أبي محمد بن أبي سعد بن عبد الله أبو الحسن الواسطي المعروف بالديواني ، توجه إلى الخليل فأخذ عن « الجعبري » نظم « كتاب الإرشاد » في قصيدة لامية سماها « جمع الأصول » وكان خاتمة المقرئين بواسط مع الدين والتحقيق ت ٧٤٣ ه (٣).
٢ ـ الحافظ الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان أبو عبد الله شمس الدين. عني بالقراءات من صغره ، قرأ على « الجعبري » كتابه « نزعة البررة في القراءات العشرة » ت ٧٤٨ ه ، بدمشق (٤).
__________________
(١) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ٢١.
(٢) انظر : معرفة القراء الكبار ، ج ٢ ، ص ٦٨٣.
(٣) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٨٠.
(٤) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٧١. والمنهل الصافي ج ١ ، ص ١٣٣.
٣ ـ محمد بن جابر بن محمد بن قاسم أبو عبد الله شمس الدين الوادي.
يقول في ترجمة شيخه « الجعبري » : حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي ، ورويت عنه الحديث ، والقراءات ، وغيرها. ت ٧٤٩ ه ، بتونس (١).
٤ ـ إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن أبو إسحاق الشامي ، نزيل القاهرة ، قرأ على « الجعبري » القرآن الكريم من أوله إلى قوله تعالى : ( وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ت بمصر سنة ٧٣٢ ه (٢).
٥ ـ محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن جامع أبو المعالي ابن اللبان الدمشقي ، رحل إلى « الخليل » وقرأ على « الجعبري » نصف حزب جمعا للسبعة ، ثم أقبل على الإقراء فلم ير في زمانه أحسن استحضارا منه للقراءات.
وولي مشيخة الإقراء بالديار الأشرفية ، وبجامع التوبة ، والجامع الأموي ، وأقرأ الناس زمانا ، ورحل الناس إليه من الأقطار ، وبعد صيته ، واشتهر اسمه ، وانتفع به الخلق ت ٧١٥ ه (٣).
٦ ـ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم شمس الدين البغدادي ، يعرف بالمطرز الكتبي ، رحل إلى « الخليل » وقرأ على « الجعبري » بالقراءات العشر ، ت ٧٤٩ ه (٤).
٧ ـ أحمد بن محمد بن يحيى بن نحلة ـ بحاء مهملة ـ المعروف بسبط السلعوس أبو العباس النابلسي ثم الدمشقي. قرأ القراءات على « الجعبري » « بالخليل » وانتفع به خلق كثيرون ، توفي بدمشق سنة ٧٣٢ ه (٥).
__________________
(١) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ٢ ، ص ١٠٦.
(٢) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٧.
(٣) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ٢ ، ص ٧٢.
(٤) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ٢ ، ص ١٧٩.
(٥) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ١ ، ص ١٣٣.
٨ ـ أبو بكر عبد الله بن أيدغدعي بن عبد الله الشمس الشهير بابن الجندي شيخ القراء بمصر ، قرأ القراءات العشر على الجعبري ، ألف شرحا على الشاطبية تضمن إيضاح شرح « الجعبري » كما ألف كتاب « البستان في القراءات الثلاث عشرة » ت بمصر سنة ٧٦٩ ه (١).
من هذا يتبين أن « الجعبري » كان له الأثر الواضح في تعليم القرآن والقراءات ، فنال بذلك منزلة علمية بارزة مرموقة بين أقرانه ومعاصريه ، فمدحوه ، وأثنوا عليه.
وفي هذا يقول تلميذه « العلامة الحافظ الذهبي » : شيخ بلد الخليل العلامة الجعبري صاحب الفنون ، ومقرئ الشام ، له التصانيف المتقنة في القراءات ، والحديث ، والأصول ، والعربية ، والتاريخ وغير ذلك. اهـ.
وقال تلميذه « ابن جابر الوادي آشي » : « الجعبري » الشيخ الفقيه المقرئ الخطيب ، قاضي بلد الخليل ، حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي ، ورويت عنه الحديث ، والقراءات ، وغيرهما. اهـ (٢).
وقال « صلاح الدين الصفدي » : الشيخ الإمام العلامة الجعبري شيخ القراء ، ألف في كثير من العلوم ، واشتهر ذكره ، وتصانيفه تقارب المائة ، كلها جيدة ، محررة ، رأيته غير مرة ببلد الخليل ، وسمعت كلامه ، وكان حلو العبارة ، ساكنا ، وقورا ، ذكيا ، له قدرة تامة على الاختصار. اهـ (٣).
وقال « اليافعي » : الجعبري الشيخ الجليل الإمام العلامة المقرئ وشيخ القراء صاحب الفضائل الحميدة ، والمباحث المفيدة ، والتصانيف العديدة. اهـ (٤).
__________________
(١) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ١ ، ص ١٨٠.
(٢) انظر : برنامج الوادي آشى ص ٥١.
(٣) انظر : الوافي بالوفيات ج ٦ ، ص ٧٣.
(٤) انظر : مرآة الجنان ، ج ٤ ، ص ٢٨٥.