معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

الدكتور محمّد سالم محيسن

معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد سالم محيسن


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦١
الجزء ١ الجزء ٢

رقم الترجمة / ٣٨

« بكار بن أحمد » ت ٣٥٣ هـ (١)

هو : بكار بن أحمد بن بكار بن بنان بن بكار بن زياد بن درستويه ابو عيسى البغدادي مقرئ ثقة مشهور.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

ولد « بكار بن أحمد » في شهر صفر سنة خمس وسبعين ومائتين وظل يقرئ القرآن أكثر من ستين سنة ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط ، قال : سمعت أحمد بن عبد الله بن الخضر يقول : سمعت أبا عيسى بكار بن أحمد في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة يقول : « أنا أقرأ منذ ستين سنة ، وسألته في اثر ذلك عن سنّه فقال لي : ولدت في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين » ا هـ (٢).

تلقى « ابن بكار » القرآن الكريم وسنة الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم على خيرة العلماء فمن أخذ عنهم « بكار » القراءة القرآنية : « الحسن بن الحسين الصواف صاحب أبي حمدون ، وأحمد بن يعقوب ابن أخي العرق وعبد الله بن الصقر السكري ، وابن مجاهد ، وأبو بكر محمد بن سليمان المروزي ، وأبو عبد الله الحداد » ، وآخرون (٣).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ بغداد ٧ / ١٣٤ ـ ١٣٥ ، وتاريخ الإسلام ، وفيات سنة ٣٥٣ ، وغاية النهاية ١ / ١٧٧ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٣٣٨ ، وشذرات الذهب ٣ / ١٢.

(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٧ ص ١٣٤.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ص ١٧٧.

٨١

ومن الذين أخذ عنهم « بكار » سنة الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وإبراهيم بن هاشم البغوي. وأحمد بن علي الآبار ، وأحمد بن القاسم بن نصر ، وأحمد بن عبد الله بن شجاع ، والحسين بن محمد بن عفير ، والعباس بن يوسف الشكلي ، وأحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي » وغير هؤلاء (١).

جلس « بكار » زمنا طويلا يقرئ الناس ويروي لهم سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط ، فأقبل عليه الناس من كل مكان ، وكثر طلابه والآخذون عنه ، فمن الذين نقلوا عنه القراءة القرآنية : « أبو جعفر الكتاني ، وعلي بن محمد العلاف ، وأبو الحسن الحمامي ، وأبو العلاء محمد بن الحسن الوراق وأبو بكر بن مهران ، والحسن بن الفحام ، وعبد الملك بن بكر النهرواني وآخرون (٢). ومن الذين أخذوا عن « بكار » سنة النبي عليه الصلاة والسلام : عبد العزيز بن جعفر الفارسيّ ، وأبو الحسن بن رزقويه ، وأبو علي بن شاذان ، وغير هؤلاء (٣).

كان « بكار » من الثقات ، وفي هذا يقول الخطيب البغدادي : « كان « بكار » ثقة ينزل الجانب في سوق يحيى » ا هـ (٤).

توفي « بكار » يوم الأربعاء ودفن يوم الخميس لتسع بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة من الهجرة ، ودفن عند قبر الإمام أبي حنيفة ـ رحمه‌الله ـ في مقبرة الخيزران. رحم الله « بكار بن أحمد » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٧ ص ١٣٤.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ١٧٧.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٠٦.

(٤) انظر تاريخ بغداد ج ٧ ص ١٣٤.

٨٢

رقم الترجمة / ٣٩

« أبو بكر الأدمي » ت ٣٢٧ هـ (١)

هو أحمد بن محمد بن إسماعيل المعروف بالحمزوي لأنه كان عارفا بحروف حمزة ، وكان من الثقات المتقنين.

ذكره الذهبي ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

تلقى « أبو بكر الأدمي » القرآن عن خيرة العلماء منهم : سليمان بن يحيى الضبيّ ، وهو من أجل أصحابه ، ومحمد بن عمر بن سليمان ، وعثمان بن سعيد ، وغيرهم كثير.

تصدر « أبو بكر الأدمي » لتعليم القرآن ببغداد في جامع المدينة مدة طويلة ، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : محمد بن عبد الله بن أشتة ، وعبد الله بن الصقر ومحمد ابن أحمد الشنبوذي ، وأبو بكر الشطوي ، ومحمد بن أحمد بن عبد الرحمن وعبد الواحد بن أبي هاشم سماعا ، وعبد الله بن الحسن ، وغيرهم كثير (٢).

وكما اشتغل « أبو بكر الأدمي » بحفظ القرآن وتعليمه اشتغل أيضا بالسنة النبوية وروايتها ، فسمع الحديث من : محمد بن اسماعيل الحساني ، والحسن بن عرفة ، والسّري بن عاصم ، وفضل بن سهل الأعرج ، وأبي يوسف القلويّ ، وغيرهم (٣)

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ بغداد ٤ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠ ، وتاريخ الإسلام ، الورقة ١٤٢ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣١ ، وغاية النهاية.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٧٥.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٨٩.

٨٣

وقد روى الحديث عن أبي بكر الأدمي عدد كثير ، في مقدمتهم : الدار قطني ، ويوسف بن عمر القواس. يقول الخطيب البغدادي : حدثني عبيد الله بن أبي الفتح حدثنا أبو الحسن الدار قطني حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي الشيخ! (١)

توفي « أبو بكر الأدمي » يوم الأربعاء لعشرين بقين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٩٠.

٨٤

رقم الترجمة / ٤٠

« أبو بكر الأذفوي » ت ٣٨٨ هـ (١)

هو : محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري ، وأذفو بضم الهمزة ، وسكون الذال المعجمة وفاء ، مدينة حسنة بالقرب من أسوان ، يقول « ابن الجزري » قد رأيتها. ولد « أبو بكر الأذفوي » سنة أربع وثلاثمائة من الهجرة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو بكر الأذفوي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : أخذ القراءة عرضا عن « المظفر بن أحمد بن حمدان » ، وسمع الحروف من : أحمد بن إبراهيم بن جامع ، وسعيد بن السكن ، والعباس بن أحمد (٢)

كما أخذ « أبو بكر » علوم العربية والحديث عن عدد من خيرة العلماء. وفي هذا يقول « القفطي » : وصحب أبو بكر « الأذفوي » أبا جعفر النحاس المصري ، وأخذ عنه وأكثر. وروى كل تصانيفه ، وأخذ عن غيره من أهل العلم

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ فهرست ابن خير ٧٤ ، ٣٠٢ ، ومعجم البلدان ١ / ١٢٦ ، وإنباه الرواة ٣ / ١٨٦ ـ ١٨٨ ، وإشارة التعيين الورقة ٥١ ، وتاريخ الإسلام الورقة ١٩٩ ، ( آيا صوفيا ٣٠٠٨ ) والطالع السعيد ٥٥٢. وتلخيص ابن مكتوم الورقة ٢٢٤ ، والبلغة ٢٣٨ ـ ٢٣٩ وغاية النهاية ٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩ ، وتحفة الأحباب ٢٧٦. وبغية الوعاة ١ / ١٨٩ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤٩٠ ، ٥٣٢.

وطبقات المفسرين للسيوطي ٣٨ ، وللداودي ٢ / ١٩٤ وشذرات الذهب ٣ / ١٣٠ ، وتاج العروس ١٠ / ١٢٨ وغيرها.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٩٨.

٨٥

والقرآن ، والحديث والعربية ، وكان سيد أهل عصره في مصره وغير مصره ، وقرأ على الاجلاء واعتاد على مجالسة الرؤساء والفضلاء (١)

تصدر « أبو بكر الأذفوي » لتعليم القرآن الكريم وحروفه واشتهر بالثقة والضبط وحسن الإتقان وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : « روى عن أبي بكر الأذفوي القراءة « محمد بن الحسين بن النعمان ، والحسن بن سليمان ، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي ، وابنه أبو القاسم أحمد بن أبي بكر الأذفوي ، وعتبة بن عبد الملك وأبو الفضل الخزاعي » (٢).

ومع أن « أبا بكر الأذفوي » كان من العلماء الأجلاء ومن الذين تصدوا لتعليم القرآن والتصنيف في علومه إلا أنه مع ذلك كان خشابا يتجر في الخشب ولعله كان يتمثل بحديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حيث قال في الحديث الذي رواه المقداد بن معديكرب رضي‌الله‌عنه حيث قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبيّ الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده » (٣).

لم تقتصر جهود « أبي بكر الأذفوي » على التعليم والتجارة بل تصدى للتصنيف وترك للمكتبة الإسلامية ثروة قيمة من مصنفاته ، في مقدمة ذلك كتابه « الاستغناء » في تفسير القرآن الذي بلغ مائة وعشرين مجلدا ، وقد جمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره قال عنه « الذهبي » : منه نسخة بمصر بوقف القاضي الفاضل عبد الرحيم علي البيساني على مدرسته بالقاهرة (٤).

من هذا يتبين أن « أبا بكر الأذفوي » بلغ منزلة رفيعة في العلم ، ومكانة سامية في خدمة القرآن الكريم وعلومه. وفي هذا المعنى يقول « الإمام أبو عمرو

__________________

(١) انظر إنباه الرواة ج ٣ ص ١٨٦.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٩٨.

(٣) رواه البخاري ، انظر الترغيب ج ٢ ص ٨٧٠.

(٤) انظر انباه الرواة ج ٣ ص ١٨٧.

٨٦

الداني » : انفرد « أبو بكر الأذفوي » بالإمامة في وقته في قراءة « نافع » إمام أهل المدينة. مع سعة علمه وبراعة فهمه وصدق لهجته وتمكنه من علم العربية وبصره بالمعاني ، روى عنه القراءة جماعة من الأكابر (١).

وقال « الحافظ الذهبي » : « برع أبو بكر الأذفوي » في علوم القرآن ، وكان سيد أهل عصره بمصره ، له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلدا موجود بالقاهرة (٢). وقال « القفطي » : كان « أبو بكر » صالحا يرتزق من معيشته وكان خشابا. وصحب أبا جعفر النحاس المصري وأخذ عنه وأكثر ، وكان سيد أهل عصره في مصره وغير مصره (٣). وقال « الإمام ابن الجزري » : « أبو بكر الأذفوي » أستاذ نحوي مقرئ مفسر ثقة (٤). وقال « العلامة السيوطي » : كان أبو بكر من أهل الدين والصلاح والأدب والعلم ، صنف كتاب « الاستغناء » في التفسير (٥). هكذا تجد خيرة العلماء يتفقون على علمه وتقواه وتوثيقه.

وهناك ملاحظة علمية مهمة ذكرها « الذهبي » حيث قال : « وقد غلط « ابن سوار » فأسند قراءة « ورش » عن شيخه العثماني عن الأذفوي عن أحمد ابن عبد الله بن هلال. كذا قال. فأسقط بينهما رجلا وهو : المظفر بن أحمد عن ابن هلال » (٦).

توفي « أبو بكر الأذفوي » بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٥٤.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٩٩.

(٣) انظر إنباه الرواة ج ٣ ص ١٨٦.

(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٩٨.

(٥) انظر بغية الوعاة ج ١ ص ١٨٩.

(٦) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٩٩.

٨٧

رقم الترجمة / ٤١

« أبو بكر الأصبهاني » ت ٢٩٦ هـ (١)

هو : محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن شبيب بن يزيد أبو بكر الأصبهاني ، الأسدي شيخ القراء في زمانه.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

وقد تلقى « أبو بكر الأصبهاني » القراءة عن خيرة علماء عصره وفي مقدمتهم : « أبو الربيع سليمان بن أخي الرشديني ». قال « عبد الواحد بن أبي هاشم » : حدثنا « محمد بن أحمد الدقاق » ، حدثنا « محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني » قال : قرأت القرآن على « أبي الربيع ابن أخي الرشديني » وختمت عليه إحدى وثلاثين ختمة ، وقلت له : الى من تسند قراءتك؟ قال : الى « ورش » (٢).

كما قرأ « الأصبهاني » على « مواس بن سهل » والحسن بن الجنيد ، والفضل ابن يعقوب الحمراوي » بمصر. وقال « الأصبهاني » دخلت « مصر » ومعي ثمانون ألفا فأنفقتها على ثمانين ختمة ا هـ (٣).

وقد اشتهر « الأصبهاني » بالقراءة وعظم شأنه مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول « أبو عمرو الداني » ت ٤٤٤ هـ : الأصبهاني إمام عصره في رواية ورش لم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه (٤). ولا زالت قراءة « الأصبهاني » عن

__________________

(١) انظر ترجمته في تاريخ الإسلام ( الطبقة الثلاثون ) وغاية النهاية ج ٢ ص ١٦٩.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٣٤.

(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٧٠.

(٤) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٣٣.

٨٨

« ورش » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد الله رب العالمين.

كما حدث « الأصبهاني » عن « عثمان بن أبي شيبة ، وداود بن رشيد ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وعبد الله بن عمر مشكدانه » وغيرهم (١)

توفي « الأصبهاني » ببغداد سنة ست وتسعين ومائتين من الهجرة. رحمه‌الله تعالى رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ٢ ص ٢٣٣.

٨٩

رقم الترجمة / ٤٢

« أبو بكر بن الإمام » ت ٣٥٥ هـ (١)

هو : أحمد بن العباس بن عبيد الله ، أبو بكر البغدادي ، المعروف بابن الإمام ، نزيل خراسان إمام واستاذ ماهر.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

شغف « ابن الإمام » بالترحال الى كثير من المدن لتلقّي العلم والأخذ عن العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « ورد « ابن الإمام » خراسان سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، ثم إنه خرج من « نيسابور » ودخل « مرو » و « بخارى ». ثم انصرف الى نيسابور سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة ثم خرج الى « جرجان » ومنها الى « الريّ ». فبلغني أنه توفي في الريّ » ا هـ (٢).

أخذ « ابن الإمام » القراءة عن خيرة العلماء ، منهم : والده ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وأبو بكر بن مجاهد ، ومحمد بن إبراهيم الأهناسيّ ، وعلي بن محمد بن فارس (٣). كما أخذ « ابن الإمام » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، منهم : أبو القاسم البغوي ، وجعفر بن محمد الفريابي ، وعبد الله ابن محمد بن ناجية (٤).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ بغداد ٤ / ٣٣٠ ـ ٣٣١ ، وتاريخ الإسلام ، وفيات ٣٥٥ ، والوافي بالوفيات ٧ / ١١ ، وغاية النهاية ١ / ٦٤ ـ ٦٥.

(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٣٠.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٦٤.

(٤) انظر تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٣٠.

٩٠

تصدر « ابن الإمام » لتعليم القرآن ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : أبو عبد الله الحاكم الحافظ والقاضي أبو بكر الحيري ، وعلي بن جعفر السعيدي ، وأبو نصر أحمد بن علي بن السمناني وغيرهم (١).

اشتهر « ابن الإمام » بالقراءات وصحة الضبط وجودة الاتقان. وفي هذا يقول تلميذه « أبو عبد الله الحاكم » : « كان أبو بكر أحمد العباس بن الإمام البغدادي » أوحد عصره في أداء الحروف في القراءات ومن المتقدمين ببغداد من أصحاب أبي بكر بن مجاهد » ا هـ (٢).

توفي « ابن الإمام » بالريّ في صفر من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله « ابن الإمام » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٦٤.

(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٣٠.

٩١

رقم الترجمة / ٤٣

« أبو بكر بن الأنباري » ت ٣٢٨ هـ (١)

هو : محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن ، أبو بكر بن الأنباري البغدادي الإمام الكبير والأستاذ الشهير.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

ولد « ابن الأنباري » في يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين من الهجرة ، ونشأ في بيت علم ومعرفة ، لأن والده رحمه‌الله تعالى كان من العلماء بالقرآن الكريم ، كما كان أديبا لغويا مصنفا.

تلقى « أبو بكر بن الأنباري » القرآن الكريم على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : والده القاسم بن محمد ، واسماعيل بن إسحاق القاضي ، والحسن بن الحباب ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وسليمان بن يحيى الضبيّ ، وعبيد الله بن

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ طبقات الزبيدي ١٥٣ ـ ١٥٤ ، ونور القبس ٣٤٥ ، وفهرست ابن النديم ٧٥ ، وتاريخ بغداد ٣ / ١٨١ ـ ١٨٦ ، وفهرست ابن خير ، ٤٤ ، ١٦٦ ، ١٩٧ ، ٣٤١ ، ٣٤٨ ، ونزهة الألباء ١٩٧ ـ ٢٠٤ ، وإرشاد الاريب ٧ / ٧٣ والكامل لابن الأثير ٦ / ٢٨٤ ، واللباب / ١ / ٦٩. وإنباه الرواة ٣ / ٢٠١ ـ ٢٠٨ ، ووفيات الأعيان ٤ / ٣٤١ ـ ٤٣ ، والمختصر لأبي الفداء ٢ / ٨٢ ، وإشارة التعيين الورقة ٥٢ ، وتاريخ الإسلام الورقة ١٥٤ ـ ١٥٥ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٤٢ ـ ٨٤٤ ، والعبر ٢ / ٢١٤ ، وتلخيص ابن مكتوم ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، والوافي بالوفيات ٤ / ٣٤٤ ـ ٤٥ ، ومرآة الجنان ٢ / ٢٩٤ ، والبداية والنهاية ١١ / ١٩٦ ، ووفيات ابن قنفذ ٢٠٩ ، والبلغة ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، وغاية النهاية ٢ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ونهاية الغاية الورقة ٢٥٥ ، وبغية الوعاة ١ / ٢١٢ ، وطبقات الحفاظ للسيوطي ٤٤٩ ، والمزهر ٢ / ٤٦٦ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٢٦٩ ، وشذرات الذهب ٢ / ٣١٥ ـ ٣١٦ وغيرها.

٩٢

عبد الرحمن الواقدي ، ومحمد بن هارون التمار ، وأحمد بن فرح وغيرهم كثير (١).

وقد تصدر « أبو بكر بن الأنباري » للتدريس وتعليم القرآن ولغة العرب في حياة والده وكان يملي في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى. وقد تتلمذ على « أبي بكر بن الأنباري » عدد كثير ، أذكر منهم ما يلي : عبد الواحد بن أبي هاشم ، وأبا الفتح بن بدهن ، وأحمد ابن نصر ، وعبد الله بن الحسين السامري والحسين بن خالويه ، وصالح بن ادريس ، وأبا علي اسماعيل القالي ، والدار قطني ، وعبد العزيز بن عبد الله الشعيري ، وغير هؤلاء كثير (٢).

كما أن « أبا بكر الأنباري » أخذ حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة علماء عصره ، فسمع : اسماعيل بن اسحاق القاضي ، وأحمد بن الهيثم بن خالد البزاز ، ومحمد بن يونس ، وأبا العباس ثعلب ، ومحمد بن النضر وغيرهم من هذه الطبقة.

وكما اشتهر « ابن الأنباري » بتعليم القرآن اشتهر أيضا برواية حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقد روى عنه الحديث عدد كثير منهم : أبو عمر بن حيوية ، وأبو الحسين بن البواب ، وأبو الحسن الدار قطني ، وأبو الفضل بن المأمون واحمد بن محمد بن الجراح ، ومحمد بن عبد الله ، وغيرهم كثير (٣).

وقد وهب الله تعالى « أبا بكر بن الأنباري » حافظة قوية ، وذاكرة فذة نادرة ، وقد ذكر ذلك غير واحد من الذين أرخوا له. يقول الخطيب البغدادي :

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣٠.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣٠.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ٣ ص ١٨٢.

٩٣

ت ٤٦٣ هـ. حدثني علي بن أبي علي البصري عن أبيه قال : أخبرني غير واحد ممن شاهد « أبا بكر محمد بن القاسم الأنباري » أنه كان يملي من حفظه لا من كتاب ، وان عادته في كل ما كتب عنه من العلم كانت هكذا. ما أملى قط من دفتر. ثم قال : وسمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق يقول : « كان أبو بكر بن الأنباري يملي كتبه المصنفة ومجالسه المشتملة على الحديث والأخبار والتفاسير ، والأشعار ، كل ذلك من حفظه (١).

ومن الأدلة على قوة حفظه ما يلي : قال « أبو علي القالي » : « كان « ابن الأنباري » يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن (٢). وقال « محمد بن جعفر التميمي » : ما رأينا أحفظ من « ابن الأنباري » ولا أغزر من علمه. حدثوني عنه أنه قال : أحفظ ثلاثة عشر صندوقا ». قال « التميمي » : وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. ثم يقول : وحدثت أنه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها. وقيل : إن « ابن الأنباري » أملى كتاب « غريب الحديث » في خمسة وأربعين ألف ورقة ا هـ (٣).

وحكى « جعفر بن معاذ » أنه كان عند « أبي بكر بن الأنباري » في الجامع فسأله إنسان عن معنى آية فقال : فيها عشرة أوجه ، فقال : هات ما حضر منها. فقال كلها حاضرة ا هـ (٤). وذكر « القفطي » أن « أبا بكر بن الأنباري » مرض يوما مرضا شديدا فانزعج أبوه عليه انزعاجا شديدا ، فلامه الناس على ذلك ، فقال : كيف لا أجزع لعلة من يحفظ جميع ما ترون ، وأشار لهم الى « حيرى » مملوءة كتبا (٥). والحيرى : شبه الحظيرة.

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٣ ص ١٨٢.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٨١.

(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣١.

(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣١.

(٥) انظر إنباه الرواة للقفطي ج ٣ ص ٢٠٢.

والقراء الكبار للذهبي ج ١ ص ٢٨١.

وطبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ص ٢٣١.

٩٤

وكان « أبو بكر الأنباري » أمينا في كل شىء ، وبخاصة في علمه ، فكان إذا أخطأ لا تمنعه مكانته العلمية عن أن يرجع عن خطئه ، ويقول لتلاميذه : إني أخطأت ، والصواب كذا. وحول هذا المعنى يحكي أبو الحسن الدار قطني أحد تلاميذه : أنه حضره في مجلس أملاه يوم جمعة. فصحف اسما أورده في إسناد حديث ـ إما كان حيّان أو حبّان فقال : ( حبان ) ، قال الدار قطني : فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم ، وهبته أن أقفه على ذلك ، فلما انقضى الإملاء تقدمت الى المستملي وذكرت له وهمه ، وعرفته صواب القول فيه وانصرفت ، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه. فقال « أبو بكر بن الأنباري » للمستملي : عرف جماعة الحاضرين أن صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية ، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب وهو كذا ، وعرف ذلك الشاب أنا رجعنا الى الأصل فوجدناه كما قال ا هـ. وهكذا يجب أن تكون أمانة العلماء وصدق الأساتذة مع تلاميذهم.

يقول « ابن النديم » ت ٣٨٥ هـ : أخذ « أبو بكر الأنباري » النحو عن « ثعلب » وكان أفضل من أبيه وأعلم ، كان في نهاية الذكاء والفطنة ، وجودة القريحة ، وسرعة الحفظ ، وكان مع ذلك ورعا من الصالحين ، لا تعرف له زلة ، وكان يضرب به المثل في حضور البديهة وسرعة الجواب ، وكان أكثر ما يمليه من غير دفتر ولا كتاب ا هـ (١). وقال عنه « الإمام الداني » ت ٤٤٤ هـ : « أبو بكر ابن الأنباري » إمام في صناعته مع براعته في فهمه وسعة علمه ، وصدق لهجته ا هـ (٢).

ومن صفات « ابن الأنباري » أنه كان من الزهاد ، لأنه أعطى كل وقته للعلم طلبا ودراسة وتعليما وتدوينا ، ومن الأدلة على زهده ما رواه القفطي

__________________

(١) انظر إنباه الرواة ج ٣ ص ٢٠٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣١.

٩٥

ت ٦٢٤ هـ حيث قال : « مضى ابن الأنباري يوما في النخّاسين ورأى جارية تعرض حسنة كاملة الوصف. قال « ابن الأنباري » فوقعت في قلبي ومضيت الى دار أمير المؤمنين « الراضي بالله ». فقال لي : اين كنت الى الساعة؟ فعرفته ، فأمر بعض أصحابه فمضى فاشتراها وحملها الى منزلي فجئت فوجدتها فعلمت الأمر كيف جرى ، فقلت لها كوني فوق الى أن أستبرئك وكنت أطلب مسألة من العلم قد اختلت عليّ فاشتغل قلبي بالجارية فقلت للخادم : خذها وامض بها الى النخاس فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي فبلغ « الراضي بالله » أمره فقال : لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرجل » (١).

وقد احتل « أبو بكر بن الأنباري » مكانة عظيمة بين العلماء وعامة الناس مما جعل العلماء يثنون عليه ويوثقونه ، حول هذا المعنى يقول « الخطيب ، البغدادي » : « كان « ابن الأنباري » من أعلم الناس بالنحو والأدب ، وأكثرهم حفظا ، وكان صدوقا فاضلا خيرا ، دينا من أهل السنة ، وصنف كتبا كثيرة في علوم القرآن وغريب الحديث ، والمشكل ، والوقف والابتداء ، والرد على من خالف مصحف العامة » ا هـ (٢).

وقد ترك « ابن الأنباري » ثروة علمية كبيرة في فنون متعددة انتفع بها المسلمون من بعده ، من هذه المصنفات : كتاب « الوقف والابتداء » ، وهذا الكتاب يعتبر من أقدم الكتب التي صنفت في هذا العلم ومن أوسعها وأجمعها. وقد تم طبعه ولله الحمد. وفي الحديث عن قيمة هذا الكتاب العلمية يقول الإمام الداني : « سمعت بعض أصحابنا يقول عن شيخ له إن ابن الأنباري لما صنف كتابه في الوقف والابتداء جيء به الى « ابن مجاهد » فنظر فيه وقال : لقد كان

__________________

(١) انظر إنباه الرواة ج ٣ ص ٢٠٤.

(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٢ ص ١٨٢.

٩٦

في نفسي أن أعمل في هذا المعنى كتابا ، وما ترك هذا الشاب لمصنف ما يصنف » ا هـ (١).

وعن مصنفات « ابن الأنباري » وأهميتها وقيمتها العلمية يقول القفطي : نقلا عن « محمد بن جعفر » : مات « ابن الأنباري » فلم نجد من تصنيفه إلا شيئا يسيرا ، وذلك أنه كان يملي من حفظه ، وقد أملى كتاب « غريب الحديث » قيل إنه خمسة وأربعون ألف ورقة ، وكتاب شرح الكافي وهو نحو ألف ورقة ، وكتاب الهاءات وهو نحو ألف ورقة وكتاب الأضداد وما رأيت أكبر منه. وكتاب الجاهليات سبعمائة ورقة. وكتاب المذكر والمؤنث ما عمل أحد أتم منه ، ورسالة المشكل ردا على ابن قتيبة ، وأبي حاتم ونقضا لقولهما ، وكتاب الزاهر في النحو ، وكتاب المقصور والممدود. وكتاب الموضح في النحو. وكتاب نقض مسائل ابن شنبوذ ، وكتاب اللامات ، وكتاب شرح المفضليات ، وكتاب السبع الطوال وعمل عدة أشعار ودواوين من أشعار العرب (٢).

ومن الأدلة على فهم « ابن الأنباري » لكتاب الله تعالى ، وكيف يكون الوقف عند تمام الكلام ما رواه أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله النحوي المؤدب حيث قال : حدثني أبي قال : سمعت « أبا بكر بن الأنباري » يقول : دخلت « المارستان » بباب المحول ، فسمعت صوت رجل في بعض البيوت يقرأ : ( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) (٣). فقال : أي « ابن الأنباري » أنا لا أقف إلا على قوله تعالى : ( كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ) فأقف على ما عرفه القوم وأقروا به ، لأنهم لم يكونوا يقرون بإعادة الخلق ، وأبتدي بقوله : ( ثُمَّ

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣١.

(٢) انظر إنباه الرواة ج ٣ ص ٢٠٨.

(٣) سورة العنكبوت الآية ١٩.

٩٧

يُعِيدُهُ ) فيكون خبرا. وأما ما قرأه « ابن شنبوذ » الأحمق إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم (١) ، فخطأ ، لأن الله قد قطع لهم العذاب في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) (٢).

أقول : وقراءة « ابن شنبوذ » هذه قراءة شاذة ، والقراءة الصحيحة والمتواترة : ( وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ).

توفي أبو بكر بن الأنباري وهو دون الخمسين سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد ودفن في داره. رحم الله « أبا بكر بن الأنباري » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) سورة المائدة الآية ١١٨.

(٢) سورة النساء الآية ٤٨.

٩٨

رقم الترجمة / ٤٤

« أبو بكر الباهلي » (١)

هو : محمد بن أحمد بن علي أبو بكر الباهلي البصري النجار الصناديقي.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو بكر الباهلي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : القاسم بن زكريا المطرز ، وأبو بكر الداجوني ، وأبو بكر النقاش ، وعمر بن محمد الكاغدي وأبو سلمة عبد الرحمن بن اسحاق الكوفي ، ومحمد بن الربيع بن سليمان الخبزي.

تصدر « أبو بكر الباهلي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة. وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو علي الأهوازي » ونسبه وكناه ، وقال : إنه قرأ عليه في مسجده بالبصرة في بني لقيط سنة خمس وثمانين وثلاثمائة (٢).

ولم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة أبي بكر الباهلي ، وقال « الحافظ الذهبي » : كان حيا في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. رحم الله « أبا بكر الباهلي » رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ غاية النهاية ج ٢ ص ٧٦.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٧٦.

٩٩

رقم الترجمة / ٤٥

« أبو بكر التمّار »

هو : محمد بن هارون بن نافع بن قريش بن سلامة أبو بكر البغدادي المعروف بالتمار ، مقرئ البصرة ، وضابط مشهور.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو بكر التمار » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « رويس » « محمد بن المتوكل » قال الداني : وهو من أجل أصحاب رويس وأضبطهم. وقال « ابن الجلندا » : قرأت على « التمار » وأخبرني أنه قرأ على « رويس » أربعا وعشرين ختمة ، وثلاثا وعشرين ختمة أخرى متقطعا ، وأقرأت في مسجده بعد موته سنتين ا هـ (١). و « رويس » شيخ التمار من القراء المشهورين ، ولا زالت قراءته يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ « أبو بكر التمار » القراءة أيضا عن « وردان بن إبراهيم الأثرم ، وبكير بن إبراهيم ، وسعيد بن أوس » وآخرين (٢).

وقد تصدر « أبو بكر التمار » لتعليم القرآن الكريم ، فتتلمذ عليه الكثيرون. وفي هذا يقول « ابن الجزري » : روى القراءة عن « أبي بكر التمار » عرضا وسماعا : « أحمد بن محمد اليقطيني ، وأبو بكر النقاش ، وأبو بكر بن الأنباري ، وعبد الواحد بن عمرو ، وعبد الله بن الحسن بن سليمان النخّاس ، وأبو الفرج

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٧٢.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٦٦.

١٠٠