معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

الدكتور محمّد سالم محيسن

معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد سالم محيسن


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦١
الجزء ١ الجزء ٢

توفي « إسماعيل القسط » سنة سبعين ومائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحم الله « إسماعيل القسط » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

٦١

رقم الترجمة / ٢٨

« إسماعيل بن جعفر » ت ١٨٠ هـ (١)

هو إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري مولاهم المدني ، الحافظ ، الثقة ، ولد « إسماعيل بن جعفر » سنة بضع ومائة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

قرأ « إسماعيل بن جعفر » القرآن على « شيبة بن نصاح » ثم عرض القرآن على الإمام نافع المدني ، الإمام الأول من أئمة القراءات ، وسليمان بن مسلم بن جماز.

وسمع الحديث من مشاهير علماء عصره ، منهم : عبد الله بن دينار ، وأبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن ، والعلاء بن عبد الرحمن ، وحميد الطويل ، وهشام بن عروة ، وربيعة بن عبد الرحمن ، وآخرون.

وتصدر « إسماعيل بن جعفر » للإقراء فتتلمذ عليه عدد كثير منهم : الإمام أبو الحسن الكسائي ، وأبو عبيد القاسم بن سلاّم ، وسليمان بن داود الهاشمي ، وأبو عمر الدوري ، وآخرون.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ طبقات ابن سعد ٧ / ٢ / ٧٢ ، وطبقات خليفة ٣٢٧ ، والتاريخ الكبير ١ / ٣٤٩. والجرح والتعديل ٢ / ١٦٢ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٤١ ، وتاريخ بغداد ٦ / ٢١٨ ، والجمع بين الصحيحين ١ / ٢٤ ، وتهذيب الكمال ٣ / ترجمة ٤٣٣ ، وتذكرة الحفاظ ١ / ٢٥٠ ، وسير أعلام النبلاء ٨ / ٢٠٣ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٤٤ ، والكاشف ١ / ١٢١ ، والعبر ١ / ٢٧٥ ، والوافي بالوفيات ٩ / ١٠٤ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٢٧٥ ، وغاية النهاية ١ / ١٦٣ ، وتقريب التهذيب ١ / ٦٨ ، وتهذيب التهذيب ١ / ٢٨٧ ، والتحفة اللطيفة ١ / ٢٩٤ ، وطبقات الحفاظ للسيوطي ١٠٦ ، وخلاصة تذهيب الكمال : ٣٣ ، وشذرات الذهب ١ / ٢٩٣.

٦٢

وكما تصدر « إسماعيل بن جعفر » للإقراء ، تصدّر أيضا للحديث ، وقد أخذ عنه الحديث عدد كثير منهم : قتيبة بن سعيد ، وعلي بن حجر ، ومحمد بن سلام البيكندي ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي ، وداود بن عمرو الضبيّ ، ومحمد بن الصباح الدولابي ، وآخرون.

وكما اشتهر « إسماعيل بن جعفر » بالإقراء ، والحديث ، اشتهر أيضا بالصدق والثقة ، والأمانة ، يقول « يحيى بن معين » : إسماعيل بن جعفر ثقة مأمون. وقد كان « إسماعيل بن جعفر » مؤدّبا « لعليّ » ولد الخليفة المأمون ، وهذا مما زاد في حرمته ومكانته.

توفي « إسماعيل بن جعفر » سنة ثمان ومائة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة سيّد الأنام. رحم الله « إسماعيل بن جعفر » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

٦٣

رقم الترجمة / ٢٩

« أبو الأسود الدؤلي » ت ٧٥ هـ (١)

علامة العصر والاوان في اللغة ، والنحو ، والقراءات ، أول من وضع علم النحو ، وأول من ابتكر نقط المصاحف ، قاضي البصرة ، الثقة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

قال « ابن فارس » : « الدؤل » بضم الدال ، وفتح الهمزة : قبيل من كنانة ا هـ. وقال « أبو اليقظان » « الدّول » بضم الدال ، وسكون الواو ، من « بكر بن وائل » وعددهم كثير ا هـ. وقد أسلم « أبو الأسود » في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولكنه لم ير الرسول عليه الصلاة والسلام ، لهذا اعتبره المؤرخون من المخضرمين (٢).

قال « أبو عمرو الداني » ت ٤٤٤ هـ : قرأ « أبو الأسود » القرآن على

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ طبقات ابن سعد ٧ / ٩٩ ، طبقات خليفة ت ١٥١٥ ، تاريخ البخاري ٦ / ٣٣٤ ، المعارف ٤٣٤ ، الكنى للدولابي ١٠٧ ، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول ٥٠٣ ، مراتب النحويين ١١ ، الأغاني ١٢ / ٢٩٧ ، أخبار النحويين البصريين ١٣ ، معجم الشعراء للمرزباني ٦٧ ، طبقات النحويين ٢١ ، الفهرست لابن النديم ٣٩ ، سمط اللآلي ٦٦ ، تاريخ ابن عساكر ٨ / ٣٠٣ ، نزهة الألباء ١ / ٨ ، معجم الأدباء ١٢ / ٣٤ ، أسد الغابة ٣ / ٦٩ ، إنباه الرواة ١ / ١٣ وفيات الأعيان ٢ / ٥٣٥ ، تهذيب الكمال ص ٦٣٢ ، ١٥٨٠ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٩٤ ، العبر ١ / ٧٧ ، البداية والنهاية ٨ / ٣١٢ ، غاية النهاية ت ١٤٩٣ ، الإصابة ت ٤٣٢٩ ، و ٤٣٣٣ كنى ت ٨٨ و ٩٩ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ١٠ ، النجوم الزاهرة ١ / ١٨٤ ، بغية الوعاة ٢ / ٢٢ خلاصة تذهيب الكمال ٤٤٣ ، خزانة الأدب ١ / ١٣٦ ، تهذيب ابن عساكر ٧ / ١٠٤ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ١١.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ص ٣٤٦.

٦٤

« عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب » رضي‌الله‌عنهما ، كما قرأ على « أبي الأسود » عدد كثير ، منهم : « ولده حرب ، ونصر بن عاصم ، ويحيى بن يعمر ، وحمران بن أعين » ا هـ (١). وأخذ « أبو الأسود » الحديث عن « عمر ، وعلي ، وأبي بن كعب ، وأبي ذر والزبير بن العوام » وآخرين.

كما حدث عنه : ابنه حرب ، ويحيى بن يعمر ، وابن بريدة ، وآخرون. وأخذ عن « أبي الأسود » النحو : « عنبسة ميمون الأقرن » ثم أخذه عن « ميمون » « عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي » وأخذ عنه « عيسى بن عمر » وأخذه عنه « الخليل بن أحمد » وأخذه عنه « سيبويه » وأخذه عنه « سعيد الأخفش » (٢)

وذكر المؤرخون أن « أبا الأسود » أول من نقط المصاحف ، وسبب ذلك أنه سمع قارئا يقرأ قول الله تعالى : ( أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) (٣) بخفض لام « ورسوله » فقال : ما ظننت أن أمر الناس قد صار الى هذا ، فذهب الى « زياد » وقال له : أريد كاتبا فطنا ، فأتى به فقال له « أبو الأسود » خذ « المصحف » ومدادا يخالف لونه لون المصحف ، وانظر إليّ وأنا أقرأ القرآن ، فإذا فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه ، وإذا رأيتني قد ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف ، وإن كسرت فانقط نقطة تحت الحرف ، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غنة أي تنوينا ، فاجعل مكان النقطة نقطتين ، وهكذا حتى أتى على القرآن كله ، ولهذا اعتبر « أبو الأسود » أول من ابتكر نقط المصاحف (٤). وقال « محمد بن سلام الجمحي » : أبو الأسود هو أول من وضع باب الفاعل

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٨٢.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ص ٣٤٦.

(٣) سورة التوبة الآية ٣.

(٤) انظر سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٨٣.

٦٥

والمفعول ، والمضاف ، وحرف النصب ، والرفع ، والجرّ ، والجزم ، الخ ، ثم أخذ ذلك عنه « يحيى بن يعمر » ا هـ (١).

وقال « المبرّد » : حدثنا « المازني » : قال : السبب الذي جعل « أبا الأسود » يضع أبواب النحو ، أن بنت أبي الأسود قالت له : « ما أشدّ الحر »؟ برفع الدال ، فقال : الحصباء بالرمضاء ، قالت : إنما تعجبت من شدته فقال : أو قد لحن الناس؟ فأخبر بذلك « عليا » رضي‌الله‌عنه فأعطاه أصولا بنى عليها ، فقال « علي » رضي‌الله‌عنه : « ما أحسن هذا النحو الذي نحوت » فمن ثم سمّى النحو نحوا ا هـ (٢).

ولقد بلغ « أبو الأسود » القمة في المجد ، وكانت له المكانة المرموقة بين العلماء ، يقول عنه « الجاحظ » : أبو الأسود مقدم في طبقات الناس ، كان معدودا في : الفقهاء ، والشعراء ، والمحدثين ، والفرسان ، والنحاة ، والحاضري الجواب ... الخ (٣)

توفي « أبو الأسود » سنة تسع وستين من الهجرة ، بعد حياة حافلة في نشر العلم ، والقرآن ، وتعليمهما. رحم الله « أبا الأسود » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٨٢.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٨٣.

(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٨٤.

٦٦

رقم الترجمة / ٣٠

« الأسود بن يزيد »

( أبو عمرو النخعي الكوفي ) ت ٧٥ هـ (١)

الإمام القدوة ، قارئ الكوفة. وهو أخو « عبد الرحمن بن يزيد » ووالد « عبد الرحمن بن الأسود » وابن أخي « علقمة بن قيس » وخال « إبراهيم النخعي » فهؤلاء أهل بيت من رءوس العلم والعمل ، والفضل. وكان « الأسود ابن يزيد » مخضرما ، أدرك الجاهلية والإسلام.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

قرأ « الأسود بن يزيد » « القرآن » على « عبد الله بن مسعود » رضي‌الله‌عنه وروى عن الخلفاء الأربعة.

كما كان من العباد الذين لا هم لهم إلا قراءة « القرآن » فكان يختم « القرآن » كل ست ليال ، وفي رمضان كان يختم كل ليلتين. وكان « الأسود

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ طبقات ابن سعد ٦ / ٧٠ ، وطبقات خليفة ٣٥٣ ، وتاريخ البخاري الكبير : ١ / ٤٤٩ وتاريخه الصغير ١ / ١٥٤ ، والمعارف ٤٣٢ ، والمعرفة والتاريخ ٢ / ٥٥٩ ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٢ / ٢٩١ ، وثقات ابن حبان ٤ / ٣١ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٠٠ ، وحلية الأولياء ٢ / ١٠٢ ، والاستيعاب ٩٤ ، وطبقات الشيرازي ٧٩ ، وأسد الغابة ١ / ٨٨ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٢٢ ، وتهذيب الكمال ٣ ، الترجمة ٥٠٩ ، وتاريخ الإسلام ٣ / ١٣٧ ، وتذكرة الحفاظ ١ / ٥٠ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٥٠ ، معرفة القراء الكبار : ١ / ٥٠ ، والعبر ١ / ٨٦ ، والكاشف ١ / ١٣٢ ، والوافي بالوفيات ٩ / ٢٥٦ ، والبداية والنهاية ٩ / ١٢ ، وغاية النهاية ١ / ١٧١ ، والاصابة ١ / ١٠٦ ، وتهذيب التهذيب ١ / ٣٤٢ ، وطبقات الحفاظ للسيوطي : ١٥ ، وخلاصة تذهيب الكمال ٣٧ ، وشذرات الذهب ١ / ٨٢.

٦٧

ابن يزيد » من معلمي « القرآن الكريم » ومن الذين قرءوا عليه : « إبراهيم النخعي ، وأبو إسحاق السبيعي ، ويحيى بن وثاب ».

وحدث « الأسود بن يزيد » عن : « معاذ بن جبل ، وبلال ، وابن مسعود ، وعائشة ، وحذيفة بن اليمان » ، وغيرهم.

كما حدث عنه : « ابنه عبد الرحمن ، وأخوه ، وإبراهيم النخعي ، وعمارة بن عمير ، وأبو إسحاق السبيعي » ، وآخرون.

وكان « الأسود بن يزيد » ورعا تقيا ، تضرب بعبادته المثل ، فقد ورد أنه حج ثمانين حجة ، من بين حجة وعمرة ، وكان صوّاما قوّاما ، وكان يقول في تلبيته : لبيك غفّار الذنوب. وقال « إبراهيم النخعي » : كان « الأسود » إذا حضرت الصلاة أناخ بعيره ، ولو على حجر.

توفي « الأسود بن يزيد » سنة خمس وسبعين من الهجرة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن ، وقراءته ، وعبادة الله تعالى. رحم الله « الأسود بن يزيد » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

٦٨

رقم الترجمة / ٣١

« ابن أشتة » ت ٣٦٠ هـ (١)

هو : محمد بن عبد الله بن محمد بن أشتة أبو بكر الأصبهاني أستاذ كبير وإمام شهير ، ونحوي محقق سكن مصر.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « ابن أشتة » القراءة القرآنية عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو بكر ابن مجاهد الإمام المشهور وصاحب كتاب السبعة في القراءات ، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي الأخير ، ومحمد بن يعقوب المعدل ، وأبو بكر النقاش ، وأبو بكر الآدمي ، وإبراهيم بن جعفر الباطرقاني ، ويوسف بن جعفر بن معروف. وآخرون (١)

يقول « ابن الجزري » : وقول « ابن سوار » في كتابه « المستنير » في سند رواية « روح » أنه قرأ على « أحمد بن حرب المعدل » وهم. والصواب أنه محمد ابن يعقوب المعدل. كما ذكره « ابن أشتة » في كتابه ، وهو أخبر به « وأحمد بن حرب » قديم الوفاة توفي سنة إحدى وثلاثمائة ، ولم يدركه « ابن أشتة » ولو لم يسمّه « ابن أشتة » في كتابه لقلنا : إنه ربما يروي عنه بواسطة ولكن بعد تسميته

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ الإسلام ، وفيات ٣٦٠ ( آيا صوفيا ٣٠٠٨ ) ، والمشتبه ٢٨ ، والوافي بالوفيات ٣ / ٣٤٧ ، وغاية النهاية ٢ / ١٨٤ ، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين : ١ / الورقة ١٧.

ونهاية الغاية ، الورقة ٢٤٦ ، وبغية الوعاة ١ / ١٤٢ ، وطبقات المفسرين للداودي ٢ / ١٥٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٨٤.

٦٩

له وتعيينه أنه : « محمد بن يعقوب » لا سبيل الى أن يكون : أحمد بن حرب. وأيضا فإن المعدل الذي هو معروف بابن وهب صاحب « روح » وأبي الزعراء صاحب الدوري ، إنما هو : محمد بن يعقوب ، لا « أحمد بن حرب » ا هـ (١).

تصدر « ابن أشتة » لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وجودة الإتقان ، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة القرآنية : خلف بن إبراهيم ، وعبد الله بن محمد بن أسد الأندلسي ، وعبد المنعم بن غلبون ، ومحمد بن عبد الله المؤدب ، وخلف بن قاسم وغير هؤلاء (٢).

لم يقتصر عمل « ابن أشتة » على الدرس والتعليم ، بل تعدى ذلك إلى الكتابة والتصنيف فزود مكتبة علوم القرآن بالمصنفات النافعة المفيدة ، من هذه المصنفات : كتاب « رياضة الألسنة » في اعراب القرآن ومعانيه ، وكتاب « المصاحف » يقول عنه « السيوطي » رأيت لابن أشتة « كتاب المصاحف » ، ونقلت منه أشياء في كتاب « الاتقان » (٣) ومن مصنفات « ابن أشتة » أيضا كتاب « المحبر » ، قال عنه « ابن الجزري » : وكتابه « المحبّر » كتاب جليل يدل على عظيم مقداره (٤) ومن مصنفات « ابن أشتة » أيضا كتاب « المفيد في الشاذ » (٥).

احتل « ابن أشتة » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه حول هذا المعنى يقول الداني : « ابن أشتة » ضابط مشهور ثقة ، عالم بالعربية بصير

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٨٤.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٢١.

(٣) انظر بغية الوعاة ج ١ ص ١٤٢.

(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٢١.

(٥) انظر طبقات المفسرين ج ٢ ص ١٦٢.

٧٠

بالمعاني ، حسن التصنيف ، صاحب سنة ، روى عنه جماعة من شيوخنا ، وسمع منه عبد المنعم بن غلبون ، وخلف بن إبراهيم ، وعبد الله بن محمد بن أسد الأندلسي وآخرون ا هـ (١). قال ابن الجزري : « ابن أشتة » أستاذ كبير وإمام شهير ، ونحوي محقق ثقة » ا هـ (٢).

توفي « ابن أشتة » بمصر في شعبان سنة ستين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٢١.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٨٤.

٧١

رقم الترجمة / ٣٢

« أبو الأشعث الجرشي » (١)

هو : عامر بن سعيد بالتصغير ، أبو الأشعث الجرشي ، نسبة إلى « الجرش » قرية بمصر.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

تلقى « أبو الأشعث » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « ورش » أحد رواة « الإمام نافع » المدني المشهورين ولا زالت قراءة « ورش » يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين (٢)

وقد تلقى على « أبي الأشعث » القرآن « محمد بن عبد الرحيم » الأصبهاني ، وقال : قرأت عليه « بالمصّيصة » في المسجد الجامع. وكان يقول : قرأت على « ورش » ثم يقول « الأصبهاني » : فختمت عليه ختمتين ، وشرعت في الثالثة فمات ا هـ (٣).

كان « أبو الأشعث » من خيرة العلماء ، المجاهدين ، الصابرين ، وفي هذا المعنى يقول « الداني » كان « أبو الأشعث خيّرا فاضلا بلغ المائة في سنه ، وزاد عليها ، وغزا « الروم » سبعين سنة » ا هـ (٤).

توفي « أبو الأشعث » إلى رحمة الله ، ولم يذكر أحد من المؤرخين تاريخ وفاته.رحم الله « أبا الأشعث » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في المشتبه ١٤٨ ، وغاية النهاية ١ / ٣٤٩ ، وتوضيح ابن ناصر الدين ١ / الورقة ٨.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣٤٩.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣٤٩.

(٤) انظر القراء الكبار ج ١ ص ١٦٠.

٧٢

رقم الترجمة / ٣٣

« ابن أبي الأصبغ » ت ٣٣٩ هـ (١)

هو : محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن منير ، أبو بكر الحراني المعروف بابن أبي الأصبغ إمام الجامع بمصر ، وفقيه متصدر ، وكان من علماء مذهب « الإمام مالك » رحمه‌الله ـ.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « ابن أبي الأصبغ » القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم : أحمد بن هلال. كما سمع حروف القرآن من عبد الله بن عيسى عن قالون. وقالون أحد الرواة المشهورين عن الإمام نافع المدني الإمام الاول بالنسبة إلى أئمة القراءات ، ولا زالت قراءة قالون يتلقاها المسلمون حتى الآن (٢)

كما أخذ « ابن أبي الأصبغ » حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن العلماء. وفي مقدمتهم : « محمد بن سليمان المنقري » وغيره (٣)

تصدر « ابن أبي الأصبغ » لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. فمن الذين أخذ عنهم القراءة القرآنية : « أحمد بن عمر بن محفوظ الجيزيّ ، ومنير ابن أحمد الخشاب ، وأبو محمد بن النحاس ، وأبو عبد الله بن المفرج الأندلسي » وغيرهم (٤).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ الإسلام ، الورقة ٢٠٠ ، والديباج المذهب ٢ / ٣٠٧ ، وغاية النهاية ٢ / ٦٨. وحسن المحاضرة ١ / ٤٨٨.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٠١.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٠١.

(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٦٨.

٧٣

توفي « ابن أبي الأصبغ » بمصر سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبيّ عليه الصلاة والسّلام. رحمه‌الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

٧٤

رقم الترجمة / ٣٤

« أيّوب بن تميم » ت ١٩٨ هـ (١)

هو : أيوب بن تميم بن سليمان بن أيوب ، أبو سليمان التميمي الدمشقي الضابط المشهور.

ولد « أيوب بن تميم » سنة عشرين ومائة من الهجرة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

قرأ « أيوب » القرآن على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « يحيى بن الحارث الذماري » صاحب « ابن عامر » الإمام الرابع بالنسبة للقراء العشرة المشهورين ، وقد خلف « أيوب » « ابن عامر » في القراءة بدمشق (٢).

وقد تلقى القرآن على « أيوب بن تميم » كثير منهم : « الوليد بن عتبة » و « عبد الله بن ذكوان » ولا زالت قراءة « ابن ذكوان » يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ الحروف عن « أيوب بن تميم » : « عبد الحميد بن بكار ، وأبو مسهر الغسّاني ، وهشام بن عمّار » ولا زالت قراءة « هشام » يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.

قال « ابن ذكوان » قلت « لأيوب بن تميم » : أنت تقرأ بقراءة « يحيى بن

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ ابن عساكر ( تهذيب ٣ / ٢٠٥ ) ، وتاريخ الإسلام للذهبي ، الورقة ١٩٦ ( آيا صوفيا ٣٠٠٦ ) ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٤٨ وغاية النهاية : ١ / ١٧٢.

(٢) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١٤٨.

٧٥

الحارث »؟ قال : نعم ، أقرأ بحروفها كلها ، إلا قوله تعالى : « جبلاّ » من قوله تعالى : ولقد أضل منكم جبلاّ كثيرا أفلا تعقلون (١) فإنه رفع الجحيم ، وأنا أكسرها ا هـ (٢).

وأقول : ورد في « جبلا » أربع قراءات. الاولى : قراءة « نافع » و « عاصم وأبي جعفر » : « جبلاّ » بكسر الجيم ، وتشديد اللام ؛ والثانية : قراءة « ابن كثير ، وحمزة ، والكسائي ، ورويس ، وخلف العاشر ». « جبلا » بضم الجيم والباء وتخفيف اللام ؛ والثالثة : قراءة « روح » « جبلاّ » بضم الجيم والباء ، وتشديد اللام. والرابعة : قراءة « ابي عمرو وابن عامر » ، « جبلا » بضم الجيم ، وسكون الباء وتخفيف اللام وكلها لغات ، ومعناها : الخلق (٣).

توفي « أيوب بن تميم » سنة ثمان وتسعين ومائة من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

__________________

(١) سورة يس الآية ٦٢.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ١٤٨.

(٣) انظر المهذب في القراءات العشرة / محمد محيسن ج ٢ ص ١٦٩.

٧٦

رقم الترجمة / ٣٥

« أبو أيوب الخيّاط » ت ٢٣٥ هـ (١)

هو : سليمان بن أيوب بن الحكم أبو أيوب الخياط البغدادي ، والمعروف بصاحب « البصري » مقرئ جليل ثقة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٧٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

تلقى « أبو أيوب » القرآن على خيرة العلماء ، وفي هذا المعنى يقول « ابن الجزري » : قرأ « أبو أيوب » على « اليزيدي ». وقيل : إنه عرض على « أبي عبد الرحمن عبد الله بن اليزيدي ». وإن ثبت ذلك فلا يمنع عرضه على « اليزيدي » نفسه ، فقد صحّ عندنا من غير طريق ا هـ (٢).

وقد تلقى « القرآن » على « أبي أيوب » عدد كثير ، منهم : « أحمد بن حرب المعدّل ، وإسحاق بن مخلد الدقاق ، وعلي بن أحمد بن مروان ، وبكر بن أحمد السراويلي ، والسرّي بن مكرم ، وعبد الله بن كثير المؤدب » وغيرهم كثير (٣). كان « أبو أيوب » من الحفاظ الثقات ، وفي هذا المعنى يقول « ابن معين » : « أبو أيوب » صاحب البصري ثقة صدوق ، حافظ لما يكتب عنه ا هـ (٤).

توفي « أبو أيوب » سنة خمس وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر ترجمته في معرفة القراء : ١ / ١٩٤ ، وغاية النهاية : ج ١ / ٣١٢.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣١٢.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣١٢.

(٤) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣١٢.

٧٧

رقم الترجمة / ٣٦

« أيّوب بن المتوكّل » ت ٢٠٠ هـ (١)

حجة القراءات ، الثبت الثقة ، معلم القرآن ، ومجوّده. هو أيوب بن المتوكل البصري الصيدلاني المقرئ.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

وقد تلقى « أيوب بن المتوكل » القرآن على خيرة علماء عصره ، منهم : سلام القارئ ، وأبو الحسن الكسائي ، وحسين الجعفي ، وآخرون (٢). كما أخذ الحديث عن « فضيل بن سليمان » وجماعة.

وقد تلقى القرآن على « أيوب بن المتوكل » عدد كبير أجلّهم : محمد بن يحيى القطيعي ، وخالد بن إبراهيم ، وفهد بن الصقر (٣). كما حدث عنه « ابن المديني ، ويحيى بن معين » ، وجماعة. وقال « أحمد بن سنان » : سمعت « أيوب بن المتوكل يقول : « قرأت على يحيى القطان ، وسألني كتاب الحروف ، فسمعه مني » (٤).

وكان « أيوب بن المتوكل » من خير علماء عصره ، يقول « إسحاق بن إبراهيم الشهيدي » : دخلت الكوفة فأتيت « عبد الله بن إدريس » فأول ما

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : تاريخ البخاري الكبير ١ / ٤٢٤ ، والمعرفة والتاريخ ٢ / ٦٤٧ ، وتاريخ بغداد ٧ / ٧ ، وغاية النهاية ١ / ١٧٢ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٤٨.

(٢) أنظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١٤٨.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ص ١٧٢.

(٤) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١٤٩.

٧٨

سألني عن « أيوب بن المتوكل » قلت : هو بخير ، قال : يقرئ؟ قلت : نعم ، قال : ذلك أقرأ الناس (١) وقال « أبو حاتم السجستاني » : أيوب بن المتوكل من أقرأ الناس ، وأرواهم للآثار في القرآن (٢).

وقال « أيوب بن المتوكل » : ما غلبت « يعقوب الحضرمي » إلاّ بالأثر. ويقول « الذهبي » : كان « أيوب بن المتوكل » إماما ضابطا ثقة ، متبعا الأثر ، وقد وثقه « علي بن المديني » وغيره ا هـ (٣). ويقول « الذهبي » أيضا : جاء عن « أيّوب » أخبار كثيرة ، وكان من جلّة القراء وبلغنا أن « يعقوب الحضرمي » وقف على قبر « أيوب » عند ما دفن فقال : يرحمك الله يا أيّوب ، ما تركت خلقا أعلم بكتاب الله منك ا هـ (٤).

توفي « أيوب بن المتوكل » سنة مائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله « أيوب » وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١٤٩.

(٢) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١٤٩.

(٣) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١٤٩.

(٤) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ص ١٧٣.

٧٩

رقم الترجمة / ٣٧

« ابن برهام » ت ٣٨٥ هـ (١)

هو : مظفر بن أحمد بن إبراهيم أبو الفتح الدمشقي المعروف بابن برهام ويقال : « برهان » بالنون.

ذكره « الذهبي » ت ٧٨٤ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « ابن برهام » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : محمد بن الأخرم ، وصالح بن ادريس ، والحسن بن سعيد المطوعي ، ومحمد بن أحمد بن الحسن الأشناني ، وعلي بن عبد العزيز الجلاء ، وعلي بن سعيد أبو ذؤابة (٢).

كما أخذ « ابن برهام » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء. وفي مقدمتهم : « أحمد بن عبد الله بن النصر بن هلال ، وأبي علي الحصائري » وجماعة (٣).

تصدر « ابن برهام » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط. ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : « عبيد الله بن سلمة ، وتمام بن محمد ، وأبو سعيد الماليني ، وعلي بن الحسن الربعي ، وعبد الله بن محمد الزارع ، وأبو علي الحسين بن علي الرهاوي » (٤)

توفي « ابن برهام » سنة خمس وثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ الإسلام الورقة ١٨٢ ( آيا صوفيا ٣٠٠٨ ) وغاية النهاية ٢ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، وله ترجمة في تاريخ دمشق لابن عساكر.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٠٠.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٥٣.

(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٠٠.

٨٠