معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

الدكتور محمّد سالم محيسن

معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد سالم محيسن


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦١
الجزء ١ الجزء ٢

قال « عطاء » : أسلم « معاذ بن جبل » وله ثمان عشرة سنة ا هـ.

وكان رضي‌الله‌عنه : أبيض ، جعد الشعر ، طويلا ، جميلا ، عظيم العينين.

قال « جابر بن عبد الله » : كان « معاذ » من أحسن الناس وجها ، وأحسنهم خلقا ، وأسمحهم كفّا ا هـ.

وقال « أيوب بن سيّار » : قال « أبو بحرية » : « دخلت مسجد « حمص » فإذا بفتى حوله الناس : جعد ـ قطط ـ إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ـ ولؤلؤ ، فقلت : من هذا؟ قالوا : معاذ بن جبل ا هـ (١).

وقد روى عن « معاذ » عدد كبير أذكر منهم : ابن عمر ـ وابن عباس ـ وجابر ـ وأنس ـ وأبا أمامة ـ وأبا مسلم الخولاني ـ وابن أبي ليلى ـ ومسروق ـ وآخرين.

ولقد أحبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والدليل على ذلك قول « معاذ » : لقيني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : « يا معاذ إني لأحبّك في الله » قلت : وأنا والله يا رسول الله أحبّك في الله ، قال : « أ فلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة : ربّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك » ا هـ (٢).

ولسموّ منزلة « معاذ » عند النبي عليه الصلاة والسلام كان يثني عليه ثناء عاطرا ، والدليل على ذلك الأثر التالي : فعن « ابن غنم » قال : سمعت « أبا عبيدة » ـ « وعبادة بن الصامت » يقولان : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين ، وإن الله يباهي به الملائكة » (٣).

__________________

(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٥٥.

(٢) أخرجه أبو داود ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٥٠.

(٣) أخرجه الحاكم في صحيحه وصححه ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٦٠.

٥٦١

وكان « معاذ بن جبل » رضي‌الله‌عنه ينطق بالحكمة ، وقد أثر عنه في ذلك الكثير من الأخبار أذكر منها ما يلي :

١ ـ قال : « أبو نعيم » حدثنا « أبي » عن « معاذ بن جبل » رضي‌الله‌عنه قال : « تعلّموا العلم فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، لأنه معالم الحلال والحرام ومنار أهل الجنة ، والأنس في الوحشة ، والصاحب في الغربة ، والمحدث في الخلوة ، والدليل على السراء ، والضرّاء ، والسلاح على الأعداء ، والزين عند الأخلاء ، يرفع الله به أقواما ، ويجعلهم في الخير قادة وأئمة ، تقتبس آثارهم ، ويقتدي بفعالهم ، وينتهي إلى رأيهم ، ترغب الملائكة في خلّتهم بأجنحتها تمسحهم ، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى الحيتان في الحجر وهوامّه ، وسباع الطير وأنعامه ، لأن العلم حياة القلوب من الجهل ، ومصباح الأبصار من الظلم ، يبلغ بالعلم منازل الأخيار ، والدرجة العليا في الدنيا والآخرة ، به توصل الارحام ، ويعرف الحلال من الحرام ، يلهمه السعداء ، ويحرمه الأشقياء » ا هـ. (١)

٢ ـ وروى « سليمان بن أحمد » أن « معاذ بن جبل » رضي‌الله‌عنه كان إذا تهجّد من الليل قال : « اللهم قد نامت العيون ، وغارت النجوم ، وأنت حيّ قيوم ، اللهم طلبي الجنة بطيء ، وهربي من النار ضعيف ، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد » ا هـ (٢).

ومناقب « معاذ » رضي‌الله‌عنه كثيرة أذكر منها ما يلي :

فعن « أنس » رضي‌الله‌عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « أرحم أمتي بأمتي « أبو بكر » وأشدّها في دين الله « عمر » وأصدقها حياء « عثمان »

__________________

(١) انظر حلية الاولياء ج ١ ص ٢٣٩.

(٢) انظر حلية الاولياء ج ١ ص ٢٣٣.

٥٦٢

وأعلمهم بالحلال والحرام « معاذ » وأفرضهم « زيد » ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة « أبو عبيدة » ا هـ (١).

وعن « أبي هريرة » رضي‌الله‌عنه أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « نعم الرجل « أبو بكر » نعم الرجل « عمر » نعم الرجل « معاذ بن جبل » (٢).

وعن « محمد بن عبد الله الثقفي » أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « يجيء « معاذ » يوم القيامة أمام العلماء بين يدي العلماء » وعن « عبيد بن صخر » أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين ودعه « معاذ » قال : « حفظك الله من بين يديك ومن خلفك ، ودرأ عنك شرّ الانس والجنّ » ا هـ (٣).

ولقد كان « معاذ » رضي‌الله‌عنه يخشى الله حق خشيته ، من أدلة ذلك ما يلي : فعن « ابن عمر » رضي‌الله‌عنهما قال : « مرّ « عمر » بمعاذ وهو يبكي فقال : ما يبكيك؟ قال : حديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : « إن أدنى الرياء شرك ، وأحب العبيد إلى الله الاتقياء الأخفياء ، الذين غابوا لم يفتقدوا ، وإذا شهدوا لم يعرفوا ، أولئك مصابيح العلم ، وأئمة الهدى » ا هـ (٤).

توفي « معاذ » سنة سبع عشرة من الهجرة وله ثلاث وثلاثون سنة. رحم الله « معاذ بن جبل » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) أخرجه احمد.

(٢) أخرجه الترمذي.

(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٤٨.

(٤) أخرجه الحاكم ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٥٩.

٥٦٣

رقم الترجمة / ٢٥٧

« معروف بن مشكان » ت ١٦٥ هـ (١)

هو : أبو الوليد معروف بن مشكان ـ بضمّ الميم ـ ويجوز كسرها.

ولد سنة مائة من الهجرة ، وهو من أبناء الفرس ، الذين بعث بهم « كسرى » في السفن لطرد الحبشة من اليمن (٢).

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

وقد تلقى « معروف » القرآن على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « عبد الله ابن كثير » قارئ مكة المكرمة ، وهو الإمام الثاني من القراء العشرة المشهورين ، وقد خلّف « معروف » ابن كثير من القراءة بمكة المكرمة (٣).

وقد تلقى على « معروف » القرآن عدد كثير منهم : « إسماعيل بن عبد الله القسط ، ووهب بن واضح » ، كما سمع منه الحروف : « مطرف النّهدي ، وحماد ابن زيد ، وعبيد بن عقيل » وآخرون (٤).

وقد أخذ « معروف » الحديث عن عدد من العلماء منهم : « عطاء بن أبي رباح ، ومجاهد بن جبر ».

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : تهذيب الكمال ١٨ / الورقة ١٢٠ ( من نسخة ابن المهندس ) ، وتذهيب التهذيب ٤ / الورقة ٥٦ والكاشف ٣ / ١٦٢ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٣٠ ، وغاية النهاية ٢ / ٣٠٣ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٢٦٤ ، وتهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٣٢.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٠٣.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣٠٥.

(٤) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣٠٥.

٥٦٤

كما حدث عنه « ابن المبارك ، ومروان بن معاوية ، ومحمد بن حنظلة المخزومي ، وآخرون (١).

توفي « معروف بن مشكان » سنة خمس وستين ومائة من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ص ١٣٠.

٥٦٥

رقم الترجمة / ٢٥٨

« المغيرة بن أبي شهاب » ت ٩١ هـ (١)

هو : المغيرة بن أبي شهاب ، عبد الله بن عمرو بن المغيرة بن ربيعة بن عمرو ابن مخزوم أبو هاشم المخزومي الشامي ، مقرئ دمشق.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

قرأ « المغيرة » القرآن الكريم على « عثمان بن عفان » رضي‌الله‌عنه ، وقد ذكره الإمام « أبو عبيد القاسم بن سلام » في كتابه « القراءات ».

وقد أنكر « ابن جرير الطبري » أن « المغيرة » قرأ على « عثمان » حيث قال : وزعم بعضهم أن « ابن عامر » قرأ على « المغيرة » عن « عثمان » وهذا غير معروف لأننا لا نعلم أحدا ادّعى أنه قرأ على « عثمان » ا هـ (٢).

وقد ردّ انكار « الطبري » هذا الكثيرون من العلماء ، فقال « السخاوي » : « وهذا قول ظاهر السقوط فقوله : « لا نعلم أحدا قرأ على « عثمان » فغير صحيح فإن « أبا عبد الرحمن السلمي » قرأ عليه ، وروي أنه علمه القرآن.

ثم يقول « السخاوي » : وقرأ أيضا على « عثمان » أبو الأسود الدؤلي ، وروى الأعمش ، عن « يحيى بن وثاب » عن « زرّ بن حبيش » عن « عثمان » ثم لا يمنع أن يكون « عثمان » أقرأ « المغيرة » وحده ، لرغبة « المغيرة » في ذلك ، أو أراد « عثمان » أن يخصّه. ا هـ (٣).

__________________

(١) انظر ترجمته في معرفة القراء الكبار ١ / ٤٨ ، وغاية النهاية ج ٢ ص ٣٠٥.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٤٨.

(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٠٥.

٥٦٦

وقد أخذ القراءة عن « المغيرة بن أبي شهاب » خيرة العلماء في مقدمتهم : « عبد الله بن عامر » الدمشقي ، الإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراء المشهورين ولا زالت قراءة « عبد الله بن عامر » يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين (١).

توفي « المغيرة بن أبي شهاب » سنة إحدى وتسعين من الهجرة ، وله تسعون سنة. رحم الله « المغيرة » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٠٦.

٥٦٧

رقم الترجمة / ٢٥٩

« المفضّل الضّبّي » ت ١٦٨ هـ (١)

هو : المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر ، الكوفي ، الثقة. شيخ قراء الكوفة ، وإمام النحو ، واللغة.

ذكره « الذهبي » ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ضمن علماء القراءات.

تلقى « المفضل الضبي » القراءة على مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « عاصم بن أبي النجود » شيخ قراء الكوفة ، وهو الإمام الخامس بالنسبة لأئمة القراءات.

وقد أخذ القراءة عرضا عن « المفضل الضبي » عدد كثير منهم : « علي بن حمزة الكسائي » الإمام السابع بالنسبة للقراء ، و « جبلة بن مالك ، وسعيد بن أوس » (٢).

كما روى « المفضل الضبي » عن « أبي رجاء العطاردي » و « أبي إسحاق ، وسماك بن حرب ».

وروى عنه « الحسن المدائني » ، وقيل : إن « ابن الأعرابي » أدركه وحمل عنه (٣).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : مراتب النحويين ٧١ ، وتاريخ بغداد ١٣ / ١٢١ ، وإرشاد الاريب ٧ / ١٧١ ، وإنباه الرواة ٣ / ٣٠٤ ، وميزان الاعتدال ٤ / ١٧٠ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٣١ ، وغاية النهاية ٢ / ٣٠٧ ، ولسان الميزان ٦ / ٨١ ، والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ٦٩.

(٢) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١٣١.

(٣) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ص ٣٠٧.

٥٦٨

قال « أبو بكر الخطيب » : كان « المفضل الضبي » علاّمة ، إخباريّا ، ثقة قال « أبو عمرو الحافظ » : قرأت في أخبار « بني العباس » أن الرشيد قال له : يا أبا محمد كم اسما في قوله عزوجل : ( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ ) (١) فقال : ثلاثة أسماء : وقال « أبو زيد الأنصاري » : سمعت « المفضل » يقول : كنت آتي « عاصما » أقرأ عليه ، وإذا لم آته آتاني في بيتي (٢).

ولما بلغ « ابن المبارك » موت « المفضل » أنشد قائلا :

نعى لي رجال والمفضّل منهم

فكيف تقرّ العين بعد المفضّل

توفي « المفضل » سنة ثمان وستين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ولغة القرآن. رحم الله « المفضل الضبي » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) سورة البقرة آية ١٣٧.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ص ٣٠٧.

٥٦٩

رقم الترجمة / ٢٦٠

« أبو موسى الأشعري » رضي‌الله‌عنه ت ٤٤ هـ (١)

هو : « أبو موسى الأشعري » عبد الله بن قيس ، اليماني ، التميمي ، أحد مشاهير القراء.

عده « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الاولى من حفاظ القرآن.

قال « حسين المعلم » : سمعت « ابن بريدة » يقول : كان « الأشعري » قصيرا ، أثط : أي خفيف شعر اللحية ، خفيف الجسم ا هـ (٢).

وقال أنس بن مالك ، رضي‌الله‌عنه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « يقدم عليكم غدا قوم هم أرقّ قلوبا للاسلام منكم ، فقدم الأشعريون ، فلما دنوا جعلوا يرتجزون :

غدا نلقى الأحبه

محمدا وحزبه

فلما قدموا تصافحوا ، فكانوا أول من أحدث المصافحة » (٣).

قال « أبو أحمد الحاكم » : أسلم « أبو موسى الأشعري » بمكة ، وهاجر إلى الحبشة ، ثم قدم مع أهل السفينتين بعد فتح خيبر بثلاث ، فقسم لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ا هـ (٤).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : طبقات ابن سعد ٢ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، ٤ / ١٠٥ ، ٦ / ١٦ ، وتاريخ البخاري الكبير ٥ / ٢٢ ـ ٢٣ ، ومشاهير علماء الامصار : ٣٧ ، وحلية الأولياء : ١ / ٢٥٦ والاستيعاب ٢ / ٣٧١ ، وتاريخ ابن عساكر ٤٢٢ ـ ٥٤٣ ، وصفة الصفوة ١ / ٢٢٥ وأسد الغابة ٣ / ٣٦٧ ، والعبر ١ / ٥٢ ، وغاية النهاية ١ / ٤٤٢ ، والاصابة : ٢ / ٣٥٩ ، وتهذيب التهذيب ٥ / ٢٤٩ ، وكنز العمال ١٣ / ٦٠٦ وشذرات الذهب ١ / ٥٣ وسير أعلام النبلاء ٢ / ٣٨٠ ـ ٤٠٢ ، ومسند أحمد ٤ / ٩١ ومرآة الجنان ١ / ١٢٠ ، وتاريخ الاسلام ٢ / ٢٥٥ ، وتذكرة الحفاظ ١ / ٢٣.

(٢) أخرجه ابن سعد ، وابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٣.

(٣) أخرجه أجمد بسند صحيح ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٤.

(٤) ذكره ابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨١.

٥٧٠

وعن « عياض » الأشعري ، قال : لما نزل قوله تعالى : ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) (١) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « هم قومك يا أبا موسى وأومأ إليه » (٢).

وعن « أبي البختري » قال : أتينا « عليا » رضي‌الله‌عنه فسألناه عن أصحاب « محمد » صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : عن أيّهم تسألوني؟ قلنا : عن « ابن مسعود » قال : علم القرآن والسنة ، ثم انتهى ، وكفى به علما ، قلنا : « أبو موسى الأشعري »؟ قال : صبغ في العلم صبغة ، قلنا : « حذيفة »؟ قال : أعلم أصحاب « محمد » صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمنافقين ، قالوا : « سلمان »؟ قال : أدرك العلم الاول ، والعلم الآخر ، بحر لا يدرك قعره ، قالوا : « أبو ذر »؟ قال : « وعى علما عجز عنه » ا هـ (٣).

وقال « الشعبي » يؤخذ العلم عن ستة : عمر ـ وعبد الله بن مسعود ـ وزيد ابن ثابت ، يشبه علمهم بعضه بعضا وكان « علي ، وأبيّ بن كعب ، وأبو موسى » يشبه علمهم بعضه بعضا ، يقتبس بعضهم من بعض ا هـ (٤).

وقال « ابن شوذب » : كان « أبو موسى » إذا صلى الصبح ، استقبل الصفوف رجلا رجلا يقرئهم ا هـ (٥).

قرأ على « أبي موسى الأشعري » : أبو رجاء العطاردي ، وحطان الرقاشيّ وحدث عنه : بريدة بن الحصيب ، وأبو أمامة الباهلي ، وأبو سعيد الخدري ، وأنس ابن مالك ، وطارق بن شهاب ، وسعيد بن المسيب ، والأسود بن يزيد ، وغيرهم.

__________________

(١) سورة المائدة آية ٥٤.

(٢) أخرجه أحمد بسند صحيح ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٤.

(٣) أخرجه الفسوى في تاريخه ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٨.

(٤) أخرجه ابن عساكر .. ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٩.

(٥) أخرجه ابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٩.

٥٧١

وقد أحبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودعا له بالمغفرة والجنة : فعن « أبي موسى الأشعري » أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه ، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما » ا هـ (١).

وعن « ابن بريدة » عن أبيه قال : « خرجت ليلة من المسجد فإذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند باب المسجد قائم ، وإذا رجل يصلي ، فقال لي : « يا بريدة أ تراه يرائي »؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : « بل هو مؤمن منيب ، لقد أعطى مزمارا من مزامير آل داود » فأتيته ، فإذا هو « أبو موسى » فأخبرته (٢).

وعن « أنس » رضي‌الله‌عنه : أن « أبا موسى » قرأ ليلة فقمن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يستمعن لقراءته ، فلما أصبح ، أخبر بذلك ، فقال : لو علمت لحبّرت تحبيرا ، ولشوقت تشويقا ا هـ (٣).

وقال « العجلي » : بعثه « عمر » أميرا على البصرة ، فأقرأهم وفقههم ... ولم يكن في الصحابة أحد أحسن صوتا منه ا هـ (٤).

ولقد كان « لأبي موسى الأشعري » المكانة المرموقة ، والمنزلة الرفيعة لدى الصحابة والتابعين ، يتجلى ذلك من خلال النصوص التالية : روى « أسامة بن زيد » عن صفوان بن سليم قال : لم يكن يفتي في المسجد زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غير هؤلاء : عمر ، وعليّ ومعاذ ، وأبي موسى ا هـ (٥).

وقال « مسروق » : كان القضاء في الصحابة إلى ستة : عمر ، وعلي ، وابن

__________________

(١) أخرجه الشيخان ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨١.

(٢) أخرجه مسلم ، وغيره ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٦.

(٣) أخرجه ابن سعد وغيره وسنده صحيح ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٨.

(٤) رواه ابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٣.

(٥) رواه ابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٩.

٥٧٢

مسعود ، وأبيّ ، وزيد ، وأبي موسى ا هـ (١).

وقال « الأسود بن يزيد » لم أر بالكوفة أعلم من : علي وأبي موسى ا هـ (٢).

وقال « أبو عثمان النهدي » : ما سمعت مزمارا ، ولا طنبورا ، ولا صنجا ، أحسن من صوت « أبي موسى الأشعري » إن كان ليصلي بنا فنودّ أنه قرأ البقرة ، من حسن صوته ا هـ (٣).

استعمله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على : « زبيد ، وعدن » (٤).

ثم ولّي إمرة الكوفة ، والبصرة « لعمر » رضي‌الله‌عنه.

توفي « أبو موسى الأشعري » في ذي الحجة سنة أربع وأربعين هـ رحم الله « أبا موسى » وجزاه أفضل الجزاء.

__________________

(١) أخرجه أبو زرعة ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٨.

(٢) أخرجه الفسوى في تاريخه ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٨.

(٣) أخرجه ابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٩٢.

(٤) رواه الشيخان ، انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ٣٩.

٥٧٣

رقم الترجمة / ٢٦١

« موسى بن جرير » ت ٣١٦ هـ (١)

هو : موسى بن جرير أبو عمران الرّقي الضرير.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « موسى بن جرير » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو شعيب السوسي » أحد الرواة المشهورين عن « أبي عمرو » البصري ، وهو أجل أصحابه ، وقد خلفه في القراءة والإقراء بعد وفاته ، ولا زالت قراءة « السوسي » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها ، والحمد لله رب العالمين.

وقد روى القراءة عن « موسى بن جرير » عدد كثير منهم : « أحمد بن الحسين الكتاني ، والحسين بن محمد بن حبش ، وعبد الله بن الحسين السامري ، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي ، ومحمد بن أحمد الداجوني ، والحسن بن سعيد المطوعي » وآخرون (٢).

وقد أثنى عليه الكثيرون ، قال « الذهبي » : كان « موسى بن جرير » بصيرا بالادغام ماهرا في العربية ، وافر الحرمة ، كثير الأصحاب (٣).

توفي « موسى بن جرير » سنة ست عشرة وثلاثمائة على خلاف. رحمه‌الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : تاريخ الاسلام ، في وفيات ٣١٠ ، الورقة ٤٧ ( أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٩ ) ومعرفة القراء : ١ / ٢٤٥. وغاية النهاية ٢ / ٣١٧ ، ونهاية الغاية ، الورقة ٢٨١ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٢٠٦ ، وبغية الوعاة ٢ / ٣٠٦ ، وشذرات الذهب ٢ / ٢٦١.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣١٧.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٤٥.

٥٧٤

رقم الترجمة / ٢٦٢

« ابن مهران » ت ٣٨١ هـ (١)

هو : أحمد بن الحسين بن مهران ، الأستاذ أبو بكر الأصبهاني ثم النيسابوري.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

تنقل « ابن مهران » في الأقطار ليأخذ عن علمائها وقرائها. وأخذ عن الكثيرين. وكان عالي السند ، يقول « ابن الجزري » : قرأ بدمشق على « ابن الأخرم ، وببغداد على « أبي الحسين بن بويان ، وحماد بن أحمد ، وأبي بكر النقاش ، وأبي عيسى بكار ، وعلي بن محمد بن خليع ، وهبة الله بن جعفر ، والحسن بن داود النقار ، ومحمد بن الحسن بن مقسم ، وأبي علي محمد بن أحمد بن الصفار » ، وغيرهم كثير (٢).

وقال « الحاكم » : قرأت ببخاري على « ابن مهران » كتاب « الشامل » في القراءات وهو من مؤلفاته. كما أخذ « ابن مهران » الحديث عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الذهبي » : سمع « ابن مهران » من إمام الأئمة ابن خزيمة ، وأبي العباس السراج ، وأحمد بن محمد بن الحسين وجماعته (٣).

تصدر « ابن مهران » لتعليم القرآن وحروفه ، وحديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واشتهر بين الناس بالأمانة ، والثقة وحسن القراءة ، وأقبل عليه

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ أنساب السمعاني ، الورقة ٥٤٥ ، وإرشاد الأريب ٣ / ١٢. وتاريخ الاسلام ، الورقة ١٥٨ ( آيا صوفيا ٣٠٠٨ ) ، وتذكرة الحفاظ ٣ ، والعبر ٣ / ١٦ ، ومرآة الجنان ٢ / ٤١٠ ، وطبقات الإسنوي ٢ / ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ، وغاية النهاية ، الورقة ١٣ ، والنجوم الزاهرة ٤ / ١٦٠ ، وشذرات الذهب ٣ / ٩٨.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٤٩.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٤٨.

٥٧٥

طلاب العلم وحفاظ القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : « مهدي بن طرارة شيخ الهذلي ، وعلي بن محمد البستي شيخ الواحدي ، ومنصور بن أحمد العراقي ، وطاهر بن علي الصيرفي شيخ شيخ البغوي ، وأحمد بن محمد بن أحمد الحداد ، وعلي بن عبد الله الفارسي ، وأبو بكر محمد بن أحمد الكرابيسي ».

وروى عنه حروف القراءات سماعا « أحمد بن إبراهيم المقرئ من كتابه « الغاية » وعبيد الله بن محمد الطوسي ، وعبد الله بن الحسين النيسابوري ، والحاكم أبو عبد الله الحافظ من كتابه « الشامل » وآخرون » (١).

كما روى عنه الحديث عدد كبير ، وفي مقدمتهم : « أبو عبد الله الحاكم » ، وقال : كان إمام عصره في القراءات. وكان أعبد من رأينا من القراء ، وكان مجاب الدعوة ، انتقبت عليه خمسة أجزاء (٢).

ترك « ابن مهران » للمكتبة الاسلامية الكثير من كتب القراءات. وكلها من تصنيفه ، منها : كتاب الغاية في القراءات العشر ، ومذهب حمزة في الهمز في الوقف ، وكتاب طبقات القراء ، وكتاب المرات ، وكتاب الاستعاذة بحججها ، وكتاب الشامل (٣).

احتل « ابن مهران » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، يقول : « ابن الجزري » : ابن مهران ضابط محقق ثقة صالح ، مجاب الدعوة ، وقد وقع لي بحمد الله رواية كتابه عاليا (٤).

توفي « ابن مهران » في شوال سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، وله ست وثمانون سنة. رحمه‌الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٥٠.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٤٨.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٤٩.

(٤) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٤٩.

٥٧٦

رقم الترجمة / ٢٦٣

« نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيم الليثي » ت ١٦٩ هـ (١)

الإمام الكبير ، حبر القرآن ، وشيخ قراء المدينة المنورة ، الحجة الثقة ، وإمام عصره بلا منازع.

مولى جعونة بن شعوب الليثي ، حليف « حمزة بن عبد المطلب ».

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

ولد « الإمام » نافع سنة سبعين من الهجرة ، وأصله من أصبهان.

قال « الذهبي » : وقد اشتهرت تلاوة « نافع » على خمسة : « عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج ، صاحب أبي هريرة ، وأبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد العشرة القراء ، وشيبة بن نصاح ، ومسلم بن جندب الهذلي ، ويزيد بن رومان ».

وروى « إسحاق المسيبي » عن « نافع » قال : أدركت عدة من التابعين فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته ، وما شذ فيه واحد تركته ، حتى ألفت هذه القراءة ا هـ (٢).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : التاريخ الكبير ٨ / ٨٧ ، والمعارف ٥٨٢ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٤١ ، والكامل لابن عدي الورقة ٨١٠ ، ووفيات الأعيان ٥ / ٣٦٨ ، وتهذيب الكمال الورقة ١٤٠٣ ، وتذهيب التهذيب ٤ / الورقة ٩٠ ، وسير أعلام النبلاء ٧ / ٣٣٦ ، معرفة القراء الكبار ١ / ١٠٧ ، والعبر ١ / ٧ وميزان الاعتدال ٤ / ٢٤٠ ومرآة الجنان ١ / ٣٦٨ ، ووفيات ابن قنفذ ١٣٧ ، وغاية النهاية ٢ / ٣٣٠ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٢٩٥ ، وتهذيب التهذيب ١٠ / ٤٠٧ ، وخلاصة تذهيب الكمال ٣٩٩ ، وشذرات الذهب ج ١ ص ٢٧٠.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٣٣٧.

٥٧٧

وقال « أبو قرّة » موسى بن طارق : سمعت « نافعا » يقول : قرأت على سبعين من التابعين ا هـ (١).

وقال « أبو عبيد القاسم بن سلام » ت ٢٢٤ هـ : وإلى « نافع » صارت قراءة أهل المدينة ، وبها تمسكوا إلى اليوم ا هـ.

وقال « مجاهد بن جبر » : كان الإمام « نافع » الذي قام بالقراءة بعد التابعين بمدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكان عالما بوجوه القراءات متبعا لآثار الأئمة.

وقال « أبو بكر المقورسي » : وأقرأ الإمام « نافع » الناس دهرا طويلا نيّفا عن سبعين سنة ، وانتهت إليه رئاسة القراءة بالمدينة المنورة ، وصار الناس إليها (٢).

وقال « الإمام مالك » : نافع إمام الناس في القراءة ، وقراءته سنة.

وقال « الأصمعي » عن فلان : أدركت المدينة سنة مائة ، ونافع رئيس في القراءة.

وقال « عبيد بن ميمون التبّان » قال لي « هارون بن المسيب » : قراءة من تقرئ؟ قلت : قراءة « نافع ، قال : فعلى من قرأ « نافع »؟ قلت : على « الأعرج ». وقال « الأعرج » قرأت على « أبي هريرة » رضي‌الله‌عنه (٣).

وقال « الذهبي » : روي أن « نافعا » كان صاحب دعابة ، طيب الأخلاق ، وثقه « يحيى بن معين ». وقال « أبو حاتم » : صدوق ، وقال « ابن عدي » : لنافع عن « الأعرج » نسخة مائة حديث ، حدثنا بها « جعفر بن

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ص ٣٣٠.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ص ٣٣١.

(٣) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١١٠.

٥٧٨

أحمد » ، وله نسخة أخرى أكثر من مائة حديث ، عن أبي الزناد ، عن « الأعرج » رواها « ابن أبي فديك » عنه ، ولم أر له شيئا منكرا » ا هـ (١).

وأقول : ذكرت المصادر أن « الإمام نافعا » قرأ على سبعين من التابعين أذكر منهم : أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت ١٢٨ هـ.

وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ت ١١٧ هـ

وشيبة بن نصاح القاضي ت ١٣٠ هـ

ويزيد بن رومان ت ١٢٠ هـ

ومسلم بن جندب الهذلي ت ١٣٠ هـ

وقد تلقى هؤلاء الخمسة القراءات عن ثلاثة من أصحابه وهم : « أبو هريرة ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عياش » رضي‌الله‌عنهم. وقد قرأ هؤلاء الثلاثة على « أبيّ بن كعب » رضي‌الله‌عنه ، وقرأ « أبيّ بن كعب » على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

من هذا يتبيّن أن قراءة « الإمام نافع » صحيحة ومتواترة ، ومتصلة السند بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ولا زال المسلمون في كل مكان يتلقون قراءة « نافع » بالرضا والقبول ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.

وقد تتلمذ على « الامام نافع » خلق كثير لا يحصون : من المدينة المنورة ، ومن مصر ، ومن البصرة ، ومن الشام وغير ذلك من بلاد المسلمين ، أذكر منهم :

الإمام مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة ت ١٧٩ هـ

وأبا عمرو بن العلاء البصري ت ١٥٤ ه

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ١١٠.

٥٧٩

وإسماعيل بن جعفر بن وردان ت ١٦٠ هـ

وسليمان بن جماز ت ١٧٠ هـ

وعيسى بن مينا ، قالون ت ٢٢٠ هـ

وأبا سعيد عثمان المصري ، ورش ت ١٩٧ ه‍

وقال « الذهبي ». : روى « نافع » الحديث عن الأعرج ، وعامر بن عبد الله ابن الزبير ، وأبي الزناد.

وقد روى عنه : « الليث بن سعد ، وخارجة بن مصعب ، وابن وهب ، وأشهب ، وخالد بن مخلد » وغيرهم.

وقال « أحمد بن هلال المصري » قال لي الشيباني ، قال لي رجل ممن قرأ على « نافع » : يا « أبا عبد الله » أتطيب كلما قعدت تقرئ؟

قال : ما مسست طيبا ، ولكني رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقرأ في « فيّ » فمن ذلك أشم من « فيّ » هذه الرائحة » ا هـ (١).

وروى « الذهبي » قال : لما حضرت « نافعا » الوفاة ، قال له ابناؤه : أوصنا ، قال : « اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ».

وقال « قالون » : كان « نافع » من أطهر الناس خلقا ، ومن أحسن الناس قراءة وكان زاهدا ، جوادا ، صلى في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ستين سنة » (٢).

توفي « الإمام نافع » بالمدينة المنورة سنة مائة وتسع وستين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن برواياته وتجويده. رحم الله الإمام نافعا رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ٩٢.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ص ٣٣٣.

٥٨٠