معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

الدكتور محمّد سالم محيسن

معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد سالم محيسن


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦١
الجزء ١ الجزء ٢

وعن « ابن عباس » رضي‌الله‌عنهما قال : انتهيت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعنده « جبريل » فقال له « جبريل » : إنه كائن هذا حبر الأمة فاستوص به خيرا (١).

وعن « سعيد بن جبير » عن « ابن عباس » قال : كان « عمر » يدخلني مع أشياخ بدر ، فقال بعضهم : لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال : إنه من قد علمتم ، قال : فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم ، وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني فقال : ما تقولون في قوله تعالى : ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) حتى ختم السورة؟ فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله تعالى ، ونستغفره إذا جاء نصر الله وفتح علينا.

وقال بعضهم : لا ندري ، ولم يقل بعضهم شيئا ، فقال لي : يا ابن عباس كذلك تقول؟ قلت لا ، قال : فما تقول؟ قلت : هو أجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أعلمه الله ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) أي فتح مكة ، فذاك علامة أجلك ، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توّابا فقال « عمر » ما أعلم منها إلا ما تعلم (٢).

وعن « محمد بن كعب » القرظي عن « ابن عباس » رضي‌الله‌عنهما ، أن « عمر بن الخطاب » رضي‌الله‌عنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من المهاجرين فذكروا ليلة القدر ، فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما سمع ، فقال « عمر » : ما لك يا ابن عباس صامتا؟ تكلم ولا تمنعك الحداثة ، فقال « ابن عباس » : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى وتر يحب الوتر ، فجعل أيام الدنيا تدور على سبع وخلق الإنسان من سبع ، وخلق أرزاقنا من سبع ، وخلق

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٣٩.

(٢) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٣١٧.

٣٨١

فوقنا سبع سماوات ، وخلق تحتنا أرضين سبعا ، وأعطى من المثاني سبعا ، ونقع في السجود من أجسادنا على سبع ، والطواف بالكعبة سبعا ، وبين الصفا والمروة سبع ، ورمى الجمار بسبع ، فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان والله أعلم. فتعجب « عمر » وقال : ما وافقني فيها أحد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا هذا الغلام (١).

ومناقب « ابن عباس » رضي‌الله‌عنهما كثيرة ومتعددة أذكر فيها ما يلي : قال « طاوس » : ما رأيت أحدا أشدّ تعظيما لحرمات الله من « ابن عباس » انتهى (٢).

وقال « الواقدي » أن « سعد بن أبي وقاص » رضي‌الله‌عنه قال : ما رأيت أحدا أحضر فهما ، ولا ألبّ لبّا ، ولا أكثر علما ، ولا أوسع حلما من « ابن عباس » لقد رأيت « عمر » يدعوه للمعضلات فيقول : قد جاءت معضلة ، ثم لا يجاوز قوله ، وإن حوله لأهل بدر ا هـ (٣).

وحدث « الواقدي » عن « عبيد الله بن عبد الله » قال : كان « ابن عباس » قد فات الناس بخصال : بعلم ما سبق ـ وفقه فيما احتج إليه من رأيه ـ وحلم ـ ونسب ـ وما رأيت أحدا أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولا بقضاء « أبي بكر ـ وعمر ـ وعثمان » منه ـ ولا أعلم بما مضى ـ ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه ، ولقد كنا نحضر عنه فيحدثنا العشية كلها في المغازي ، والعشية كلها في النسب ، والعشية كلها في الشعر ا هـ (٤).

__________________

(١) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٣١٧.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٤٢.

(٣) ذكره ابن سعد في الطبقات ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٤٧.

(٤) ذكر ابن سعد في الطبقات ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٥٠.

٣٨٢

وقال « طاوس » : ما رأيت أورع من « ابن عمر » ولا أعلم من « ابن عباس » ا هـ (١).

توفي « ابن عباس » بالطائف سنة ثمان وستين هـ وصلى عليه « محمد ابن الحنفية » وقال : مات ربانيّ الأمة ا هـ. رضي الله عن « ابن عباس » وجزاه عن القرآن وأهله أفضل الجزاء.

__________________

(١) ذكره ابن سعد في الطبقات ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٥٠.

٣٨٣

رقم الترجمة / ١٧١

« عبد الله بن عمر بن الخطّاب » رضي‌الله‌عنه ت ٧٣ هـ (١)

مفتي الأمة ـ وشيخ الإسلام ـ والإمام القدوة ـ الفصيح العفيف ـ صاحب الجود والحياء ـ والزهد والورع.

ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات ، وقال : وردت الرواية عنه في حروف القرآن (٢).

أسلم « عبد الله بن عمر » وهو صغير ، ثم هاجر مع أبيه قبل البلوغ ، واستصغر يوم « أحد » فأول غزواته « الخندق ». وهو ممن بايع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت الشجرة.

روى « ابن عمر » علما كثيرا نافعا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعن أبيه وأبي بكر ـ وعثمان ـ وعلي ـ وبلال ـ وصهيب ـ وزيد بن ثابت ـ وابن مسعود ـ وعائشة ـ وأخته حفصة.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : طبقات ابن سعد ١ / ٣٧٣ و ٤ / ١٤٢ ـ ١٨٨ ، طبقات خليفة ت ١٢٠ ، ١٤٩٦ ، الزهد ١٨٩ ، نسب قريش ٣٥٠ ، المحبر ٢٤ ، ٤٤٢ ، التاريخ الكبير ٥ / ٢ و ١٢٥ ، التاريخ الصغير ١ / ١٥٤ ، ١٥٥ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٤٩ ، ٤٩٠ ، الجرح والتعديل ٥ / ١٠٧ ، الحلية ١ / ٢٩٢ ، ٢ / ٧ ، الاستيعاب : ٩٥٠ ، تاريخ بغداد ١ / ١٧١ ، طبقات الفقهاء : ٤٩ ، تاريخ ابن عساكر مصورة المجمع. ١١ ـ ١٦٥ ، أسد الغابة ٣ / ٢٢٧ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١ / ٢٧٨ وفيات الأعيان ٣ / ٢٨ ، تاريخ الاسلام ٣ / ١٧٧ ، العبر ١ / ٨٣ ، تذهيب التهذيب ٢ / ١٦٨ ، مرآة الجنان ١ / ١٥٤ ، البداية والنهاية ٩ / ٤ ، العقد الثمين ٥ / ٢١٥ ، غاية النهاية ت ١٨٢٧ الاصابة : ٢ / ٣٤٧ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٢٨ ، النجوم الزاهرة ١ / ١٩٢ ، خلاصة تذهيب الكمال : ١٧٥ ، شذرات الذهب ١ / ٨١.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ص ٤٣٧.

٣٨٤

كما روى عنه عدد كثير أذكر منهم : آدم بن علي ـ وأسلم مولى أبيه ـ وأبا ذؤيب ـ وأنس بن سيرين ـ وبشر بن حرب ـ وبكر المزني ـ وبلال بن عبد الله ـ وثابت البناني ـ وحبيب بن أبي مليكة ـ وآخرين (١).

وكان « ابن عمر » رضي‌الله‌عنهما : ربعة كأنه بدر ـ يخضب بالصفرة ـ إزاره إلى نصف الساق.

كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحبه حبا جما ، وقد بشره بالجنة : فعن « ابن عمر » رضي‌الله‌عنهما قال : كنت شاهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حائط نخل ، فاستأذن « أبو بكر » فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « ائذنوا له وبشروه بالجنة » ثم « عمر » كذلك ، ثم « عثمان » فقال : « بشروه بالجنة على بلوى تصيبه » فدخل يبكي ويضحك ، فقال : « عبد الله بن عمر » فأنا يا نبي الله؟ قال : « أنت مع أبيك » (٢).

وكان « ابن عمر » رضي‌الله‌عنهما من الشبان الذين نشئوا في طاعة الله يدل على ذلك الآثار الآتية : فعن « ابن مسعود » رضي‌الله‌عنه أنه قال : « إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا « عبد الله بن عمر » ا هـ (٣).

وعن « جابر » رضي‌الله‌عنه أنه قال : « ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به إلا « ابن عمر » ا هـ (٤).

وقالت « عائشة » أم المؤمنين رضي‌الله‌عنها : « ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من « ابن عمر » ا هـ (٥).

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢٠٤.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢١٠.

(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢١١.

(٤) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢١١.

(٥) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢١١.

٣٨٥

وقال « طاوس » : ما رأيت أورع من « ابن عمر » ا هـ (١).

كما كان رضي‌الله‌عنه زاهدا في الدنيا ، يوضح ذلك ما يلي : قيل لـ « نافع » : ما كان يصنع « ابن عمر » في منزله؟ قال : لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة ـ والمصحف فيما بينهما ا هـ (٢).

وكان « ابن عمر » رضي‌الله‌عنهما يتمثل دائما قول الله تعالى : ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) (٣)

وهناك أكثر من دليل على ذلك : فعن « نافع » مولى « ابن عمر » قال : « كان ابن عمر إذا اشتدّ عجبه بشيء من ماله قرّبه لربّه عزوجل ، قال « نافع » : وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه ، فربما شمّر أحدهم فيلزم المسجد ، فإذا رآه « ابن عمر » على تلك الحالة الحسنة أعتقه ، فيقول له أصحابه : يا أبا عبد الرحمن والله ما بهم إلا أن يخدعوك ، فيقول « ابن عمر » : فمن خدعنا بالله عزوجل تخدّعنا له.

قال « نافع » : فلقد رأيتنا ذات عشية وراح « ابن عمر » على نجيب له قد أخذه بمال عظيم ، فلما أعجبه سيره أناخه مكانه ثم نزل عنه ، فقال : يا نافع ، انزعوا زمامه ، ورحله ، وحللوه ، وأشعروه ، وأدخلوه في « البدن » (٤).

وعن « ابن عمر » رضي‌الله‌عنهما قال : لما نزلت : ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) دعا « ابن عمر » جارية له فأعتقها ، وقال : والله إن كنت لأحبك في الدنيا ، اذهبي فأنت حرة لوجه الله عزوجل (٥).

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢١٢.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢١٥.

(٣) سورة آل عمران الآية ٩٢.

(٤) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٩٤.

(٥) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٩٥.

٣٨٦

وعن « نافع » قال : كان « ابن عمر » لا يعجبه شيء من ماله إلا خرج منه لله عزوجل ، قال : وكان ربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفا ، قال : وأعطاه « ابن عمر » مرتين ثلاثين ألفا ، فقال : يا نافع ، إني أخاف أن تفتنني دراهم « ابن عمر » اذهب فأنت حرّ (١).

ولقد فاق « ابن عمر » أهل زمانه في الجود ـ والسخاء ، يوضح ذلك ما يلي : فعن « نافع » مولى « ابن عمر » قال : « أتى ابن عمر ببضعة وعشرين ألفا فما قام حتى أعطاها » ا هـ.

وعن « نافع » أنه قال : « ما مات « ابن عمر » حتى أعتق ألف إنسان ، أو زاد » ا هـ.

وعن « نافع » قال : « بعث معاوية إلى « ابن عمر » بمائة ألف فما حال عليه الحول وعنده منها شيء » ا هـ.

وعن « نافع » أنه قال : « إن كان « ابن عمر » ليفرق في المجلس ثلاثين ألفا ، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم » ا هـ.

كما كان « لابن عمر » رضي‌الله‌عنهما المكانة العلمية والمنزلة السامية : فعن « مالك » رحمه‌الله أنه قال : « كان إمام الناس عندنا بعد « زيد بن ثابت » « عبد الله بن عمر » مكث ستين سنة يفتي الناس » ا هـ.

مات « ابن عمر » سنة ثلاث وسبعين من الهجرة ، وكان عمره سبعا وثمانين سنة. رحمه‌الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٩٥.

٣٨٧

رقم الترجمة / ١٧٢

« عبد الله بن عمرو بن العاص » رضي‌الله‌عنه ت ٦٥ هـ (١)

علم من حفاظ القرآن ، صاحب الفضائل ـ والمقام الراسخ في العلم والعمل ـ العابد الزاهد ـ الإمام الحبر.

ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات ، وقال : وردت الرواية عنه في حروف القرآن (٢).

أسلم « عبد الله بن عمرو » قبل أبيه ، وحمل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم علما كثيرا.

وكان « عبد الله بن عمرو » طويلا ـ سمينا ـ أحمر اللون ـ عظيم البطن. وقد روى « عبد الله عن عمرو » عن : أبي بكر ـ وعمر ـ ومعاذ ـ وأبيه ـ وسراقة بن مالك ـ وعبد الرحمن بن عوف ـ وأبي الدرداء ـ وعن غيرهم ..

وقد حدث عنه عدد كبير أذكر منهم : ابنه محمد ـ ومولاه أبا قابوس ـ وحفيده شعيب بن محمد ـ ومولاه إسماعيل ـ وأنس بن مالك ـ وأبا أمامة بن سهل ـ وسعيد بن المسيب ـ وعروة ـ وغيرهم.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : طبقات ابن سعد ٤ / ٣٧٣ و ٤ / ٢٦١ ، ٢٦٨ و ٧ / ٤٩٤ ، ونسب قريش : ٤١١ ، وطبقات خليفة : ت ١٤٩ ، ٩٧١ ، ٢٨٢٢ ، المحبر : ٢٩٣ ، التاريخ الكبير : ٥ / ٥ ، المعارف : ٢٨٦ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٥١ ، الجرح والتعديل ٥ / ١١٦ ، المستدرك ٣ / ٥٢٥ ، الحلية ١ / ٢٨٣ ، الاستيعاب ٩٥٦ ، تاريخ ابن عساكر : مصورة المجمع ٢٠٥ ـ ٢٧٢ ، أسد الغابة ٣ / ٣٤٩ ـ ٣٥١ ، تهذيب الأسماء واللغات : ١ / ١ / ٢٨١ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٣٧ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٣٩ تذهيب التهذيب ٢ / ١٦٩ ب ، العقد الثمين ٥ / ٢٢٣ ، غاية النهاية : ت ١٨٣٠ ، الإصابة ٢ / ٣٥١ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٣٧ ، خلاصة تذهيب الكمال ١٧٦ ، شذرات الذهب : ١ / ٧٣.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ص ٤٣٩.

٣٨٨

وكان « عبد الله بن عمرو » قد أتم حفظ القرآن في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد عكف على قراءته ـ وتدبره ـ وترتيله : يقول « ابن جريج » عن « عبد الله بن عمرو » قال : « جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « اقرأه في شهر » قلت : يا رسول الله دعني أستمتع من قوتي وشبابي ، قال : « اقرأه في عشرين » قلت : دعنى أستمتع ، قال « اقرأه في سبع ليال » قلت : دعني يا رسول الله أستمتع » رواه النسائي.

وحينما تقدمت به السن ، ووهن منه العظم ، كان يتذكر دائما نصح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم له فيقول : يا ليتني قبلت رخصة الرسول عليه الصلاة والسلام.

وكان « عبد الله بن عمرو » صاحب عقلية حافظة ، ولنستمع إليه وهو يقول : « حفظت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ألف مثل » ا هـ (١).

وقال عنه « أبو هريرة » رضي‌الله‌عنه : « لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أكثر حديثا مني إلا ما كان من « عبد الله بن عمرو » فإنه كان يكتب ولا أكتب » ا هـ (٢).

وقد أحب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم « عبد الله بن عمرو » حبّا جمّا ، وأثنى عليه وعلى والديه ، يوضح ذلك الخبر التالي : قال « طلحة بن عبيد الله » رضي‌الله‌عنه : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : « نعم أهل البيت « عبد الله ، وأبو عبد الله ، وأم عبد الله » ا هـ (٣).

وكان « عبد الله بن عمرو » رضي‌الله‌عنهما من الذين لا يتعلقون بزخارف الدنيا يوضح ذلك الخبر التالي :

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر. انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٨٧.

(٢) أخرجه البخاري. انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٨٩.

(٣) أخرجه ابن عساكر. انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٨٣.

٣٨٩

وكان « عبد الله بن عمرو » رضي‌الله‌عنهما من الحكماء ، وقد أثر عنه في ذلك الشيء الكثير : فعن « عياش بن عياش » عن « أبي عبد الرحمن » قال : سمعت « عبد الله بن عمرو بن العاص » يقول : إن الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها » (١).

وعن « حميد بن هلال » أن « عبد الله بن عمرو » قال : « من سقى مسلما شربة ماء باعده الله من جهنم شوط فرس » ا هـ.

وكان يقول : « دع ما لست منه في شيء ، ولا تنطق فيما لا يعنيك » (٢).

وعن « ابن هبيرة » أن « عبد الله بن عمرو » قال : « إنه في الناموس الذي أنزل الله تعالى على « موسى » عليه‌السلام : أن الله تعالى يبغض من خلقه ثلاثة : الذي يفرق بين المتحابين ، والذي يمشي بالنمائم ، والذي يلتمس البريء ليعنّته » (٣).

وعن « خالد بن يزيد » أن « عبد الله بن عمرو » قال : « مكتوب في التوراة من حفر حفرة سوء لصاحبه وقع فيها » (٤).

وكان « عبد الله بن عمرو » ورعا شديد التمسك بآداب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم والأدلة على ذلك كثيرة ومتعددة :

فعن « عمرو بن شعيب » عن أبيه قال : « انطلقت مع « عبد الله بن عمرو ابن العاص » إلى البيت ، فلما جئنا دبر الكعبة قلت له : أ لا تتعوذ؟ قال : أعوذ بالله من النار ، ثم مضى حتى اذا استلم الحجر قام بين الركن والباب ، فوضع

__________________

(١) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٨٨.

(٢) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٨٨.

(٣) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٨٨.

(٤) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٨٨.

٣٩٠

صدره ، ووجهه ، وبسط ذراعيه ثم قال : « هكذا رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعل » (١).

ومما يدل على عدم تعلّق عبد الله بن عمرو بزخارف الدنيا ، الخبر التالي :

فعن « أبي عبد الرحمن الحبليّ » قال : سمعت « عبد الله بن عمرو » يقول : « لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة أحبّ إليّ من أن أكون عاشر عشرة أغنياء ، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا ، يقول : يتصدق يمينا وشمالا » ا هـ (٢).

وكان « عبد الله بن عمرو » كثير البكاء من خشية الله تعالى ، يوضح ذلك الأثر التالي : فعن « يعلى بن عطاء » عن « أم عبد الله » أنها كانت تصنع الكحل « لعبد الله بن عمرو » وكان يكثر من البكاء : يغلق عليه بابه ، ويبكي حتى رمصت عيناه ا هـ.

ومنذ أن دخل « عبد الله بن عمرو » الإسلام ، وقلبه مضاء بنور الله وكان رضي‌الله‌عنه ذا مكانة عالية بين العابدين والزاهدين والمتواضعين والخاشعين.

توفي « عبد الله بن عمرو » سنة خمس وستين من الهجرة ، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة بعد حياة حافلة بالعكوف على قراءة « القرآن الكريم » رضي الله عن « عبد الله بن عمرو » وجزاه الله أفضل الجزاء ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٨٧.

(٢) أخرجه ابن عساكر ورواته ثقات ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٩٠.

٣٩١

رقم الترجمة / ١٧٣

« عبد الله بن عيّاش » ت ٧٠ هـ (١)

هو : عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة أبو الحارث المخزومي المكي ثم المدني. ولد بالحبشة ، وذلك أن والده كان قديم الإسلام فهاجر إلى الحبشة ، فولد له « عبد الله » بها (٢).

وعبد الله بن عياش من التابعين ، وقيل : إنه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو صغير : وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام جاء إلى بعض بيوت آل ربيعة ، إما لعيادة أو لغير ذلك ، فقالت له « أسماء بنت مخرمة التميميّة » وهي أم أولاد « عياش » : يا رسول الله ، أ لا توصيني؟ فأوصاها بوصية ، ثم أتى بصبيّ من ولد عياش ذكرت به مرضا ، فجعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يرقيه ويتفل عليه ، فجعل الصبي يفعل مثل ذلك فينهاه بعض أهل البيت فيكفّهم النبي عليه الصلاة والسلام عنه (٣).

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

قرأ « عبد الله بن عياش » القرآن على « أبيّ بن كعب » رضي‌الله‌عنه كما سمع الحديث من « عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عباس ومن أبيه عياش » رضي‌الله‌عنهم أجمعين (٤).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : طبقات خليفة ٢٣٤ ، والتاريخ الكبير ٥ / ١٤٩ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٢٤٧ ، والاستيعاب ٢ / ٣٦٣ ومرآة الجنان ١ / ١٢٢ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ٥٧ ، وغاية النهاية ١ / ٤٣٩ ، والإصابة ٢ / ٣٥٦ ، والتحفة اللطيفة ٣ / ٤ ، وشذرات الذهب ١ / ٥٥.

(٢) انظر الإصابة في تمييز الصحابة ج ٢ ص ٣٤٨.

(٣) انظر الإصابة في تمييز الصحابة ج ٢ ص ٣٤٨.

(٤) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٥٧.

٣٩٢

وقد تلقى القرآن على « عبد الله بن عياش » عدد كثير منهم : « مولاه : أبو جعفر يزيد بن القعقاع ، وشيبة بن نصاح ، وعبد الرحمن بن هرمز ، ومسلم بن جندب ، ويزيد بن رومان » (١).

وكان « عبد الله بن عياش » أقرأ أهل المدينة في زمانه. وقد تلقى الحديث عن « عبد الله بن عياش » عدد كثير منهم : « ابنه الحارث ، ونافع مولى « ابن عمر » وسليمان بن يسار » (٢).

توفي « عبد الله بن عياش » بعد سنة سبعين من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٤٤٠.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٨.

٣٩٣

رقم الترجمة / ١٧٤

« عبد الله بن محمد » ت ٣٧٨ هـ (١)

هو : عبد الله بن محمد أبو محمد القضاعي الأندلسي ، المعروف بمقرون.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

اشتهر « عبد الله بن محمد » بكثرة الترحال إلى الأقطار ليأخذ عن علمائها ، ويقرأ على قرائها ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « أبو محمد القضاعي الأندلسي نزيل وهران ، ثم مالقة ، ثم نزيل قرطبة قدمها بأمر « الحكم » أمير الأندلسي في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة ، فأقرأ الناس بها على باب مسجد الجامع بحرف نافع من رواية ورش ، وكان ينحو في قراءته نحو قراءة البصريين (٢).

أخذ « عبد الله بن محمد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الإمام الداني » : « أخذ عبد الله بن محمد » القراءة عرضا عن أبي الفضل عبد الحكم بن إبراهيم المقرئ ، صاحب أبي بكر بن سيف (٣).

تصدر « عبد الله بن محمد » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « أبو بكر قاسم بن مسعود » (٤).

توفي « عبد الله بن محمد » بقرطبة سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : غاية النهاية ١ / ٤٥٦ :

(٢) انظر طبقات القراء ١ / ٤٥٦.

(٣) انظر القراء الكبار ١ / ٣٤١.

(٤) انظر طبقات القراء ١ / ٤٥٦.

٣٩٤

رقم الترجمة / ١٧٥

« عبد الله بن مسعود » رضى الله عنه ت ٣٢ هـ (١)

ذكره « أبو عبيد القاسم بن سلام » ت ٢٢٤ هـ ضمن علماء الصحابة الذين أتموا حفظ « القرآن الكريم ».

كما ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الأولى من حفاظ « القرآن ».

كان « ابن مسعود » رضي‌الله‌عنه : نحيفا ، قصيرا ، شديد الأدمة لطيفا ، فطنا ، شديد الذكاء.

كان رضي‌الله‌عنه من خيرة الصحابة ، ومن السابقين إلى الإسلام ، يقول عن نفسه : « لقد رأيتني سادس ستة ، وما على ظهر الأرض مسلم غيرنا » ا هـ (٢). شهد « بدرا » واحتزّ رأس « أبي جهل » عليه لعنة الله.

وكان يتولى فراش الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووساده ، وسواكه ، ونعله ، وطهوره.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : طبقات ابن سعد ج ٣ / ١ / ١٠٦ ، مسند أحمد ج ١ / ٣٤٧ ، تاريخ البخاري الكبير ج ٥ / ٢ ، حلية الأولياء ج ١ / ١٢٤ ، الاستيعاب ج ٢ / ٣١٦ تاريخ بغداد ج ١ / ١٤٧ ، أسد الغابة ج ٣ / ٣٨٤ ، تهذيب الأسماء واللغات ج ١ / ٢٨٨ تذكرة الحفاظ ج ١ / ١٣ ، سير اعلام النبلاء ج ١ / ٤٦١ ، العبر ج ١ / ٣٣ القراء الكبار ج ١ / ٣٢ ، غاية النهاية ج ١ / ٤٥٨ ، مرآة الجنان ج ١ / ٨٧ مجمع الزوائد ج ٩ / ٢٨٦ ، حياة الحيوان للدميري ج ١ / ١٦٢ ، العقد الثمين ج ٥ / ٢٨٣ ، الإصابة ج الإصابة ج ٢ / ٣٦٨ ، تهذيب التهذيب ج ٦ / ٢٧ ، تقريب التهذيب ج ١ / ٤٥٠ ، النجوم الزاهرة ج ١ / ٨٩ ، التحفة اللطيفة ج ٣ / ٤٨ طبقات الحفاظ للسيوطي ص ٥ ، طبقات الشعراني ج ١ / ٢٢ ، كنز العمال ج ١٣ / ٤٦٠ شذرات الذهب ١ / ٣٨.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٦٢.

٣٩٥

أتم « عبد الله بن مسعود » رضي‌الله‌عنه حفظ القرآن في حياة النبي عليه الصلاة والسلام.

قال « عروة بن الزبير » رضي‌الله‌عنه : « أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « عبد الله بن مسعود » ا هـ (١).

ويروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ بابن مسعود وهو يقرأ حرفا حرفا فقال : « من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من « ابن مسعود » ا هـ (٢)

ومما تجدر الإشارة إليه أن « ابن مسعود » رضي‌الله‌عنه كان إماما في تجويد القرآن ، وترتيله ، وتحقيقه ، وحسن صوته ، وقد كان يقرأ القرآن في غير رمضان مرة كل جمعة ، وفي رمضان كان يقرؤه في ثلاث.

وإلى « ابن مسعود » تنتهي قراءة « عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف البزار ، والأعمش » ، وهم علماء القراءات بالكوفة.

وقد تلقى القرآن على « ابن مسعود » عدد كثير أذكر منهم :

١ ـ علقمة بن قيس.

٢ ـ الأسود بن يزيد النخعي.

٣ ـ مسروق بن الأجدع.

٤ ـ عبيدة السلماني.

٥ ـ أبا عبد الرحمن السلمي.

قال : « الشعبي » : « ما دخل الكوفة أحد من الصحابة أنفع علما ، ولا أفقه صاحبا من « عبد الله بن مسعود ».

__________________

(١) أخرجه ابن هشام ، وابن حجر ، ورواته ثقات ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ / ٤٦٦.

(٢) ذكره صاحب الكنز عن ابي عبيدة ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ / ٤٧٦.

٣٩٦

قال « عبد الله بن مسعود » رضي‌الله‌عنه : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « اقرأ عليّ القرآن ، قلت : يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال : « إني أشتهي أن أسمعه من غيري » فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت : ( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) (١) فغمزني برجله فإذا عيناه تذرفان » ا هـ (٢).

وروي عن « خيثمة » قال : « كنت جالسا عند « عبد الله بن عمرو » فذكر « ابن مسعود » فقال : لا أزال أحبه بعد إذا سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : « استقرءوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، فبدأ به ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة » (٣).

ومن الأدلة على مدى اهتمام « ابن مسعود » بالقرآن قوله : « القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ، ولا تشغلوها بغيرها » ا هـ.

وقوله في حامل القرآن : « ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا نام الناس ، وبنهاره إذا أفطر الناس ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون » ا هـ.

توفي رضي‌الله‌عنه في السنة الثانية والثلاثين من الهجرة ، ودفن بالبقيع ، وصلى عليه « عثمان بن عفان ». رحم الله ابن مسعود رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) سورة النساء الآية ٤١.

(٢) أخرجه مسلم. انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٨٠.

(٣) أخرجه البخاري. انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٨٦.

٣٩٧

رقم الترجمة / ١٧٦

« أبو عبد الله المسيّبي » ت ٢٣٦ هـ (١)

هو : محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله المسيبي ، المدني المقرئ عالم مشهور بالضبط والثقة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

تلقى « أبو عبد الله المسيبي » القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « والده » رحمه‌الله كما أخذ عن « نافع المدني » الإمام الأول من أئمة القراءات المشهورين ، وأخذ أيضا عن « أحمد وثابت ابني ميمونة بنت أبي جعفر » (٢).

كما روى « أبو عبد الله المسيبي » الحديث عن خيرة العلماء منهم : « سفيان ابن عيينة ، ومحمد بن فليح ، ومعن القزاز » (٣).

وقد روى القراءة عن « أبي عبد الله المسيبي » عدد كثير منهم : « محمد بن الفرج ، وعبد الله بن الصقر ، ومحمد بن واصل ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، وعبد الواحد بن أحمد بن عزال ، وإسماعيل بن يحيى بن عبد ربه ، وأحمد بن إبراهيم الورّاق » وآخرون (٤).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : تاريخ البخاري الكبير ١ / ٤٠ ، والصغير ٢ / ٣٦٧ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٩٤ ، واللباب ٣ / ٢١٤ وتاريخ الإسلام الورقة ٦٤ ( أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٧ ) ومعرفة القراء ١ / ٢١٦ ، وغاية النهاية ٢ / ٩٨ ، وتهذيب التهذيب ٩ / ٣٧ ، وخلاصة تذهيب الكمال ٣٢٦ ، وانظر « تهذيب الكمال ».

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٩٨.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢١٦.

(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٩٨.

٣٩٨

وقد روى الحديث عن « أبي عبد الله المسيبي » عدد كثير منهم : الإمام مسلم ، والإمام أبي داود في كتابيهما ، وأبو زرعة الرازي ، وإبراهيم الحربي ، وأبو يعلى الموصليّ ، وعبد الله بن الصقر السكري وغيرهم كثير (١).

وقد احتل « أبو عبد الله المسيبي » المكانة السامية مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول « مصعب الزبيري » : لا أعلم في قريش كلها أفضل من المسيبي ا هـ (٢).

وقال عنه « الذهبي » : « كان « أبو عبد الله المسيبي » من العلماء العاملين » (٣).

توفي « أبو عبد الله المسيبي » في ربيع الأول سنة ست وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢١٦.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢١٧.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢١٧.

٣٩٩

رقم الترجمة / ١٧٧

« عبد الملك النهرواني » ت ٤٠٤ هـ (١)

هو : عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء ، أبو الفرج النهرواني القطان.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « عبد الملك » القراءة عن خيرة العلماء ، فقد أخذ القراءات عرضا عن « زيد بن علي بن أبي بلال ، وأبي عيسى بكار ، وأبي بكر النقاش ، وابن مقسم ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وأبي طاهر ، بن أبي طاهر ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد ابن عبد الله بن أبي عمر ، وأبي عبد الله الفارسي ، وعلي بن محمد بن خليع القلاني » وآخرين (٢).

تصدر « النهرواني » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : الحسن بن محمد البغدادي والحسن ابن علي العطار ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي ، وأبو علي غلام الهراس ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وعلي بن محمد الخياط ، وعبد الملك بن علي بن شابور ، وعبد الملك بن عبدويه (٣).

كما أخذ « النهرواني » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : تاريخ بغداد ١٠ / ٤٣١ ـ ٤٣٢ ، وتاريخ الإسلام الورقة ٤٠ ( آيا صوفيا ) وغاية النهاية ١ / ٤٦٧ ـ ٤٦٨ ، ونهاية الغاية ، الورقة ١٣٠ ، وشذرات الذهب ٣ / ١٧٣.

(٢) انظر طبقات القراء ١ / ٤٦٨.

انظر القراء الكبار ١ / ٣٧١.

(٣) انظر طبقات القراء ١ / ٤٦٨.

٤٠٠