معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

الدكتور محمّد سالم محيسن

معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد سالم محيسن


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦١
الجزء ١ الجزء ٢

ولقد أحبه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأثنى عليه ثناء عاطرا : فعن « جابر » رضي‌الله‌عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : من أراد أنه ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى « طلحة بن عبيد الله » ا هـ.

قال « أبو نعيم » حدثنا سليمان بن أحمد فقال : لما رجع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من « أحد » صعد « المنبر » فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قرأ هذه الآية : ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (١)

فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله من هؤلاء؟ فأقبل « طلحة بن عبيد الله » وعليه ثوبان أخضران ، فقال : « أيها السائل هذا منهم » ا هـ (٢).

كما كان « طلحة » رضي‌الله‌عنه شجاعا لا يهاب الأعداء وهناك أكثر من شاهد على ذلك : فعن « عائشة » أم المؤمنين رضي‌الله‌عنها قالت : كان « أبو بكر » إذا ذكر يوم « أحد » قال : ذلك كله يوم طلحة ، قال « أبو بكر » : كنت أول من فاء يوم « أحد » فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولأبي عبيدة بن الجراح : « عليكما صاحبكما » يريد « طلحة » فأصلحنا من شأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم أتينا « طلحة » في بعض تلك « الجفار » (٣) فإذا به بضع وسبعون أو أقلّ أو أكثر ، بين طعنة ، وضربة ، ورمية ، وإذا قد قطعت إصبعه ، فأصلحنا من شأنه ا هـ (٤).

__________________

(١) سورة الأحزاب الآية ٢٣.

(٢) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٨٧.

(٣) الجفار جمع « جفرة » وهي البئر الواسعة التي لم تبن بالحجارة.

(٤) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٨٧.

٣٢١

وروى « قبيصة » عن « جابر » قال : صحبت « طلحة بن عبيد الله » فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه ا هـ (١).

وحدث « الترمذي » عن « عقبة بن علقمة اليشكري » قال : سمعت « عليا » رضي‌الله‌عنه يوم « الجمل » يقول : سمعت من « في » رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : « طلحة ـ والزبير جاراي في الجنة » ا هـ (٢).

وكان « طلحة » رضي‌الله‌عنه من أثرياء الصحابة ، يدل على ذلك الآثار الآتية : قال « الحميدي » حدثنا « ابن عيينة » حدثنا « عمرو بن دينار » قال : أخبرني « مولى » لطلحة ، قال : كانت غلة طلحة كل يوم ألفا وافيا. انتهى (٣).

وقال « إبراهيم التيمي » عن أبيه قال : كان طلحة يغلّ بالعراق أربع مائة ألف ، ويغلّ بالسراة عشرة آلاف دينار ، ولقد كان يرسل إلى « عائشة » أم المؤمنين رضي‌الله‌عنها إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف ، ولقد قضى عن صبيحة التيمي ثلاثين ألفا » ا هـ (٤).

وقال « الواقدي » : حدثنا إسحاق بن يحيى ـ عن موسى بن طلحة أن « معاوية » سأله : كم ترك « أبو محمد » من العين؟ قال : ترك ألفي ألف درهم ، ومائتي ألف درهم ، ومن الذهب مائتي ألف دينار ، فقال « معاوية » : عاش حميدا سخيّا شريفا ا هـ (٥).

__________________

(١) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٨٨.

(٢) أخرجه الترمذي ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٩.

(٣) أخرجه ابن سعد وغيره ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٣.

(٤) أخرجه ابن سعد ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٢.

(٥) أخرجه ابن سعد ، انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٣.

٣٢٢

ولقد كان « طلحة بن عبيد الله » من الأسخياء البررة الأوفياء ، والدليل على ذلك الآثار الآتية :

فعن « أبي إسماعيل الترمذي » أن « طلحة » أتاه مال من « حضرموت » سبع مائة ألف ، فبات ليلته يتململ ، فقالت له زوجته : ما لك؟ قال : تفكرت منذ الليلة فقلت : ما ظن رجل بربّه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت : فأين أنت عن بعض أخلائك ، فإذا أصبحت فادع بجفان ، وقصاع فقسّمه فقال لها : رحمك الله إنك موفقة بنت موفق ، وهي : « أم كلثوم بنت الصديق » رضي‌الله‌عنهما : فلما أصبح دعا بجفان فقسّمها بين المهاجرين والأنصار.

وعن « علي بن زيد » قال : جاء أعرابي إلى « طلحة » يسأله ، فتقرب إليه برحم ، فقال : إن هذه لرحم ما سألني بها أحد قبلك ، إنّ لي أرضا قد أعطاني بها « عثمان » ثلاث مائة ألف فاقبضها ، وإن شئت بعتها من « عثمان » ودفعت إليك الثمن ، فقال : الثمن ، فأعطاه ا هـ.

وعن « سعدى » بنت عوف المريّة قالت : دخلت على « طلحة » يوما وهو خائر ، فقلت : ما لك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال : لا والله ، ونعم حليلة المسلم ، ولكن مال عندي قد غمني ، فقلت : ما يغمّك؟ عليك بقومك ، قال : يا غلام ادع لي قومي فقسمه فيهم ، فسألت الخازن : كم أعطى؟ قال : أربع مائة ألف.

قتل « طلحة » في موقعة « الجمل » سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وهو ابن ثنتين وستين سنة. رضي الله عن « طلحة بن عبيد الله » وجزاه الله أفضل الجزاء.

٣٢٣

رقم الترجمة / ١٤٦

« طلحة بن محمد » ت ٣٨٠ هـ (١)

هو : طلحة بن محمد بن جعفر أبو القاسم ، ويقال : أبو محمد البغدادي ، الشاهد ، غلام « ابن مجاهد » ووراقة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « الذهبي » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

ولد « طلحة بن محمد » في شهر ربيع من سنة إحدى وتسعين ومائتين. أخذ « طلحة » على « ابن مجاهد » واستملى عليه ولذا يقال له : غلام ابن مجاهد ، كما روى القراءة أيضا عن أبي بكر محمد بن عمران الدينوري ، والحسن بن محمد الحداد (٢).

حدث « طلحة بن محمد » عن عدد من العلماء ، يقول « الخطيب البغدادي » : حدث عن « عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان الثقفي ، ومحمد بن العباس اليزيدي ، وعبد الله بن زيدان ، ومحمد بن الحسين الأشناني ، وأبي القاسم البغوي ، وأبي بكر بن داود ، وأحمد بن القاسم أخي الليث الفرائضي وأبي الصخرة الشامي ، ويحيى بن مجاهد ، وغير هؤلاء (٣).

تصدر « طلحة بن محمد » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ بغداد ٩ / ٣٥١ ، وتاريخ الاسلام الورقة ١٥١ ( آيا صوفيا ٣٠٠٨ ) وغاية النهاية ١ / ٣٤٢. والنجوم الزاهرة ٤ / ١٥٨ ، وشذرات الذهب ٣ / ٩٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣٤٢.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ٩ ص ٣٥١.

٣٢٤

قرءوا عليه : القاضي أبو العلاء ، وأبو أحمد عبد الله بن عبدويه العطار ، وأبو الفضل الخزاعي (١).

وقد روى عن « طلحة بن محمد » الحديث الكثيرون. يقول « الخطيب البغدادي » حدثنا عنه عمر بن إبراهيم الفقيه ، والازهري ، وأبو محمد الخلال ، وعبد العزيز بن علي الازجي ، وعلي بن المحسن التنوخي ، والحسن بن علي الجوهري (٢).

توفي « طلحة بن محمد » سنة ثمانين وثلاثمائة وله تسعون سنة ، رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣٤٢.

(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٩ ص ٣٥١.

٣٢٥

رقم الترجمة / ١٤٧

« أبو الطيب الأنطاكي » ت ٣٤٠ هـ (١)

هو : أحمد بن يعقوب التائب ، أبو الطيب الأنطاكي.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

روى « أبو الطيب الأنطاكي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : بكر ابن سهل الدمياطي ، وأحمد بن المعلى ، وعبيد الله بن صدقة ، ومحمد بن حفص الخشاب صاحب السوسي ، وإسحاق بن أحمد الخزاعي وآخرون.

تصدر « أبو الطيب الأنطاكي » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : علي بن أحمد بن بشر الأنطاكي ، وعبيد الله بن عمر البغدادي ، وعلي بن محمد وآخرون (٢).

كما أخذ « أبو الطيب الأنطاكي » حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : أبو أمية الطرسوسي ، وعثمان بن خرّزاد ، وجماعة آخرون (٣).

وقد احتل أبو « الطيب الأنطاكي » مكانة سامية ، واشتهر بمعرفته للقراءات القرآنية ، وفي هذا يقول الذهبي : « قال بعض الشيوخ » : « لم يكن بعد « ابن مجاهد » أعرف من أحمد بن يعقوب التائب بحروف القراءة » (٤).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ غاية النهاية ج ١ ص ١٥١.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ١٥١.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٨٢.

(٤) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٨٢.

٣٢٦

كما أثنى عليه « الداني » فقال : أبو الطيب الأنطاكي إمام في هذه الصنعة ، ضابط بصير بالعربية ، وله كتاب حسن في القراءات. (١)

توفي « أبو الطيب الأنطاكي » بأنطاكية سنة أربعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم ، رحم الله « أبا الطيب الأنطاكي » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٨٢.

٣٢٧

رقم الترجمة / ١٤٨

« أبو الطيب الحضيني » ت ٣٦٩ هـ (١)

هو : عبد الغفار بن عبيد الله بن السري أبو الطيب الحضيني بالحاء المهملة والضاد المعجمة الكوفي ثم الواسطي.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو الطيب الحضيني » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو العباس أحمد بن سعيد الضرير ، وأبو بكر بن مجاهد ، والحسين بن علي ، وأبو العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوي ، والعباس بن الفضل ، وعبد الله بن عبد الجبار ، والحسن بن داود النقار ، وجعفر بن سليمان القافلاني ، وعلي بن محمد بن عمار ، ومحمد بن عمير القاضي ، وحماد بن محمد ، وابن أبي أمية ، وأحمد ابن محمد الأدمي ، ومحمد بن جعفر بن خليل ، ومحمد بن معلى الشونيزي ، وأحمد ابن الحسين (٢).

أخبر « الحافظ الذهبي » بأن « أبا الطيب الحضيني » حدث عن عدد من العلماء ذكر منهم : عمر بن أبي غيلان ، ومحمد بن جرير الطبري ، وأحمد بن حماد ابن سفيان (٣).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ إكمال ابن ماكولا ٣ / ٣٨ ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي ٢٩ ، وتاريخ الاسلام الورقة ١٠٥ ( آيا صوفيا ٣٠٠٨ ) وغاية النهاية ١ / ٣٩٧ ، ونهاية الغاية الورقة ١٠٠ ، وبغية الوعاة ٢ ص ١٠٣.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٣٩٧.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣٣٥.

٣٢٨

تصدر أبو الطيب الحضيني لتعليم القرآن واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الامام ابن الجزري » : قرأ عليه « أبو عبد الله الكارزيني ، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ، وأبو بكر أحمد بن المبارك الواسطي ، وإبراهيم بن سعد الرفاعي ، وعبد الرحمن بن الهرمزان ، وعلي بن محمد الخبازي ، وعبيد الله بن أحمد » ا هـ (١).

اشتهر أبو الطيب الحضيني بالمكانة العلمية والثقة بين العلماء فأصبح شيخ الإقراء بواسط وصنف في القراءات ، ذكره « الحافظ الذهبي » في كتابه « تاريخ الاسلام » بأنه رأى هذا الكتاب ، ونظرا لأن أبا الطيب كانت له مكانة سامية جليلة فقد أثنى عليه العلماء ، وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » : « أبو الطيب الحضيني إمام مقرئ ضابط ثقة محقق وشيخ واسط » ا هـ (٢).

وقال « القاضي أسعد » : كان أبو الطيب مقرئا معروفا متقنا نحويا أديبا (٣).

وقد وثقه « خميس الحوزي » وقال : أظنه توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة ، وقال « سبط الخياط » توفي سنة تسع وستين وثلاثمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٩٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٩٧.

(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٩٨.

٣٢٩

رقم الترجمة / ١٤٩

« عاصم بن أبي النّجود » ١٢٧ هـ (١) مولى بني أسد

أحد علماء التابعين ، الإمام ، وشيخ قراء الكوفة بلا منازع ، ومقرئ عصره الحجة الثقة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

قال « أبو عبيد القاسم بن سلام » : كان من قراء أهل الكوفة « يحيى بن وثاب » وعاصم بن أبي النجود ، وسليمان الأعمش ، قرأ « عاصم » على كل من : « أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي ت ٧٣ هـ ، وأبي مريم زر بن حبيش الأسدي ت ٨٢ هـ ، وأبي عمرو سعد بن إلياس الشيباني ت ٩٦ هـ وقرأ هؤلاء الثلاثة على : « عبد الله بن مسعود » ت ٣٢ هـ.

وقرأ كل من « أبي عبد الرحمن السلمي ، وزر بن حبيش » على « عثمان بن عفان ، وعليّ بن أبي طالب » رضي‌الله‌عنهما ، وقرأ « أبو عبد الرحمن السلمي » أيضا على « أبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت » رضي‌الله‌عنهما.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ طبقات خليفة : ١٥٩ ، التاريخ الكبير ٦ / ٤٨٧ ، التاريخ الصغير ٢ / ٩ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٤٠ ، تاريخ ابن عساكر ٣ ، ٢٦ ، وفيات الأعيان ٣ / ٩ ، تهذيب الكمال ٦٣٤ ، تذهيب التهذيب ٢ / ١٠٩ / ٢ ، تاريخ الاسلام ٥ / ٨٩ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٣٥٧ ، العبر ١ / ١٦٧ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٨ ، خلاصة تذهيب الكمال ١٨٢ ، تهذيب ابن عساكر : ٧ / ١٢٢ ، ١٢٤ ، غاية النهاية ١ / ٣٤٦ ، سير أعلام النبلاء : ٥ / ٢٥٦. شذرات الذهب ١ / ١٧٥ ، معرفة القراء الكبار : ١ ص ٨٨.

٣٣٠

وقرأ كل من : عبد الله بن مسعود ، وعثمان بن عفان ، وعليّ بن أبي طالب ، وأبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت » رضي‌الله‌عنهم ، على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. من هذا يتبيّن أن قراءة « عاصم » متواترة ، وصحيحة ، ومتصلة السند بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ولا زال المسلمون يتلقون قراءة « عاصم » بالرضا والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.

قال « الذهبي » : وتصدر « عاصم » للاقراء مدّة بالكوفة فقرأ عليه عدد كثير منهم : « شعبة أبو بكر بن عياش » ت ١٩٣ هـ وحفص أبو عمرو وحفص ابن سليمان بن المغيرة ت ١٨٠ هـ وأبان بن تغلب ت ١٤١ هـ ، وحماد بن سلمة ت ١٦٧ هـ ، وسليمان بن مهران الأعمش ت ١٤٧ هـ.

وقال « ابن الجزري » : كان « عاصم » هو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد « أبي عبد الرحمن السلمي » ت ٧٣ هـ.

ثم قال : وقد جلس موضعه ورحل الناس إليه للقراءة ، وكان قد جمع بين الفصاحة والاتقان ، والتحرير ، والتجويد ، وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن. انتهى (١).

وقال « أبو بكر بن عياش » : « لا أحصي ما سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول : ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من عاصم » (٢).

وقال : « يحيى بن آدم » : حدثنا « الحسن بن صالح » قال : ما رأيت أحدا قط أفصح من « عاصم بن أبي النجود » (٣).

__________________

(١) انظر في رحاب القرآن د / محمد سالم محيسن ج ١ ص ٣١١.

(٢) أنظر النشر في القراءات العشر ج ١ ص ١٥٥.

(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٥٧.

٣٣١

وقال « عبد الله بن أحمد بن حنبل » : سألت « أبي » عن « عاصم بن بهدلة » فقال : رجل صالح ، خيّر ثقة ، قلت : أي القراءات أحب إليك؟ قال : قراءة أهل المدينة ، فإن لم يكن ، فقراءة « عاصم » ا هـ (١).

وقال « أبو كريب » : حدثنا « أبو بكر » قال لي عاصم : مرضت سنتين ، فلما قمت قرأت « القرآن » فما أخطأت حرفا ا هـ (٢).

وقال « أبو بكر بن عياش » عن « شمر بن عطية ». قام فينا رجلان : أحدهما أقرأ القرآن لقراءة « زيد بن ثابت » وهو « عاصم » والآخر أقرأ الناس لقراءة « عبد الله بن مسعود » وهو : الأعمش ، ثم قال « ابن عياش » : وكان « عاصم » نحويا ، فصيحا ، إذا تكلم ، مشهور الكلام ، وكان هو ، والأعمش ، وأبو حصين الأسدي لا يبصرون. جاء رجل يوما يقود « عاصما » فوقع وقعة شديدة ، فما نهره ، ولا قال له شيئا ا هـ (٣).

وأقول : هذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدل على حلم ، وسعة صدر ، « عاصم » رحمه‌الله تعالى.

وقال « سلمة بن عاصم » : كان « عاصم بن أبي النجود » ذا أدب ، ونسك ، وفصاحة ، وصوت حسن ا هـ (٤).

وقال « أبو بكر بن عياش » : قال « عاصم » : من لم يحسن من العربية إلا وجها واحدا ، لم يحسن شيئا ، ثم قال : ما أقرأني أحد حرفا إلا « أبو عبد الرحمن السلمي » ، وكان قد قرأ على « عليّ » رضي‌الله‌عنه ، وكنت أرجع من عنده

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٥٧.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٥٨.

(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٥٨.

(٤) انظر سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٥٩.

٣٣٢

فأعرض على « زر بن حبيش » وكان « زر » قد قرأ على « عبد الله بن مسعود » رضي‌الله‌عنه ا هـ (١).

وقال « زياد بن أيوب » حدثنا « أبو بكر » قال : كان « عاصم » إذا صلى ينتصب كأنه « عود » وكان يقيم يوم الجمعة في المسجد إلى العصر ، وكان عابدا ، خيّرا ، يصلي أبدا ، ربما أتى حاجة ، فإذا رأى مسجدا قال : حل بنا فإن حاجتنا لا تفوت ، ثم يدخل فيصلي ا هـ (٢).

وقال « الذهبي » : كان « عاصم » ثبتا في القراءة ، صدوقا في الحديث ، وقد وثقه « أبو زرعة » وجماعة ، وقال « أبو حاتم » : محله الصدق ا هـ (٣).

وقال « أبو بكر بن عياش » : دخلت على « عاصم » وقد احتضر ، فجعل يردد هذه الآية يحققها كأنه في الصلاة : ( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ ) (٤).

توفي الإمام « عاصم » بالكوفة سنة سبع وعشرين ومائة بعد حياة حافلة بتعليم كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. رحم الله « عاصما » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٥٨.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٥٩.

(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٦٠.

(٤) انظر النشر في القراءات العشر ج ١ ص ٥٥. والآية من سورة الأنعام رقم ٦٢.

٣٣٣

رقم الترجمة / ١٥٠

« عامر السيد عثمان » ت ١٤٠٨ هـ (١)

ولد « عامر السيد عثمان » ببلده « ملامس » مركز منيا القمح محافظة الشرقية بالديار المصرية ، وذلك في سنة عشر من شهر مايو سنة ألف بعد التسعمائة ميلادية.

حفظ « شيخي » القرآن الكريم منذ باكورة حياته ببلدة « ملامس » على خيره العلماء وهو : الشيخ عطيّة بن سلامة.

كما تلقى « شيخي » القراءات القرآنية ، وعلوم القرآن على خيرة علماء عصره مثل : الشيخ « عبد الرحمن سبيع » إلا أن الشيخ « عبد الرحمن سبيع » انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أن يتم شيخي « عامر السيد عثمان » القراءات القرآنية.

فالتقى بعلامة عصره الشيخ « همام قطب » فأخذ عنه القراءات العشر الصغرى بمضمّن : الشاطبية ، والدرّة ثم طلب شيخي المزيد من القراءات ، وعلوم القرآن ، فالتقى بعلامة عصره الشيخ « إبراهيم البناسي » فأخذ عنه القراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة.

ثم رحل شيخي « عامر السيد عثمان » إلى القاهرة فالتقى بالشيخ « علي سبيع » شيخ القراء ، فقرأ عليه القراءات من أول القرآن الكريم إلى قوله تعالى : ( وَقالَ ارْكَبُوا فِيها ) (٢) ثم توفي الشيخ « علي سبيع » إلى رحمة الله.

بعد ذلك تفرغ « عامر السيد عثمان » لتحفيظ القرآن الكريم والقراءات القرآنية ، وأقبل عليه الكثيرون من الطلاب ثم ذاع صيته في جميع الأرجاء واحتل

__________________

(١) هذه ترجمة شيخى الذي تلقيت عليه القراءات وقد ذكرتها هنا ضمن هذه التراجم وفاء له.

(٢) سورة هود الآية ٤١.

٣٣٤

مكانة سامية نظرا لعلمه وأمانته ودقته وشدّة تفانيه في أن يكون طلابه على أحسن ما يكون عليه طلاب القرآن جودة ، وإتقانا.

بعد ذلك عرف « عامر السيد عثمان » لدى الخاص والعام فتم تعيينه رسميا من قبل مشيخة المقارئ المصرية قارئا بمسجد السلطان الحنفي ، ثم نقل بعد ذلك إلى أن يكون شيخا إلى مقرأة الإمام الشافعي رحمه‌الله.

بعد ذلك أصبح « لعامر السيد عثمان » المكانة المرموقة والشهرة الطيبة الكريمة ، وأصبحت الأضواء كلها مسلطة عليه ، وأصبح وكأنه القارئ الذي لا يتقدم عليه أحد نظرا لإلمامه وحفظه لجميع القراءات والروايات الصحيحة التي نقلت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

بعد ذلك أخذ « عامر السيد عثمان » يشغل الكثير من المناصب الهامة المتصلة بالقرآن الكريم وعلوم القرآن. فعيّن أستاذا بالأزهر لتعليم الطلاب القراءات القرآنية ، وتجويده ، ورسمه ، وضبطه ، وعدّ آية.

كما وقع الاختيار عليه من قبل مشيخة الازهر ليكون عضوا بلجنة تصحيح المصاحف ، ومراجعتها بالأزهر. ثم اختير ليكون عضوا ضمن اللجنة العلمية التي تختار القراء بالإذاعة المصرية.

وفي نهاية المطاف عين « عامر السيد عثمان » شيخا لعموم القراء ، والمقارئ ، بالقاهرة.

وقد تتلمذ على « عامر السيد عثمان » عدد كثير بلغ الآلاف وفي مقدمتهم : « محمد سالم محيسن » مؤلف هذا الكتاب.

وقد تلقيت عليه ولله الحمد والشكر جميع القراءات التي صحت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونقلت إلينا بطريق التواتر ، وقد قرأت عليه ختمتين كاملتين

٣٣٥

للقرآن الكريم مشافهة حرفا حرفا ، وكلمة كلمة من أول القرآن الكريم إلى آخره ، وذلك بالأزهر بالقاهرة : وكانت الختمة الاولى بالقراءات العشر الصغرى ، بمضمّن : الشاطبية للإمام الشاطبي ، والدرّة ، للإمام « ابن الجزري ». وكانت الختمة الثانية بالقراءات العشر الكبرى بمضمن طيّبة النشر للإمام « ابن الجزري » أيضا.

ومن الذين أخذوا القراءات القرآنية على « عامر السيد عثمان » عبد المتعال منصور عرفة ، ورزق خليل حبّة ، ومحمد عبد المتعال الشرقي ، وإبراهيم عطوة عوض ، وغير ذلك كثير.

واستمر « عامر السيد عثمان » يعلم القرآن الكريم والقراءات القرآنية حتى انتقاله الى رحمة ربّه الكريم.

ونظرا لمكانته السامية ، وشهرته العلمية في جميع أنحاء العالم الإسلامي فقد تم اختياره ليقوم بتصحيح ومراجعة المصحف الشريف بالمملكة العربية السعودية بمجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المفدى حفظه الله لطباعة القرآن الكريم بالمدينة المنورة كما يقوم « عامر السيد عثمان » بالإشراف على تسجيل القرآن الكريم لحفاظ القرآن الكريم وفي مقدمتهم الدكتور / علي الحذيفي الأستاذ بالجامعة الإسلامية ، وإمام المسجد النبوي الشريف ، وأحد المدرسين به.

كما انتدب « عامر السيد عثمان » إلى بعض البلاد الإسلامية للإشراف على مسابقات القرآن الكريم ، وليكون عضوا ضمن لجنة التحكيم ، من هذه البلاد : « اندونسيا ».

ومع أن وقت « عامر السيد عثمان » كان مبذولا في تعليم القرآن ، فقد رأيته يستمع إلى بعض طلابه ، وهو يسير معهم في الطريق ينتقل من مكان إلى مكان ليكون في حلقات درسه ، لأن الحلقات التي كان يعقدها يوميا متعددة ، وفي أماكن متفرقة.

٣٣٦

مع كثرة هذه المشاعل إلاّ أن « عامر السيد عثمان » زود المكتبة الإسلامية ببعض مؤلفاته المفيدة منها :

كتاب : كيف يتلى القرآن الكريم.

وكتاب : فتح القدير شرح تنقيح التحرير. وهذا الكتاب يعتبر فريدا في نوعه حيث عالج موضوعا علميا هامّا إلا وهو بيان الصحيح من وجوه القراءات التي وقع فيها الخلاف بين طرق الروايات ، وإيضاح الممنوع من هذه الوجوه وتوضيح المقيدات ، وبيان ما يترتب على تحرير الطرق والروايات.

توفي بالمدينة المنورة يوم الجمعة الخامس من شوال سنة ١٤٠٨ هـ أسأل الله تعالى أن يغفر له وأن يسكنه فسيح جنانه إنه سميع مجيب.

٣٣٧

رقم الترجمة / ١٥١

« عبادة بن الصّامت » رضي‌الله‌عنه ت ٣٤ هـ (١)

الامام القدوة ـ أحد النقباء ليلة العقبة ، ومن أعيان البدريين ، صحابيّ شهد المشاهد كلها ، وأتم حفظ القرآن في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. كان رضي‌الله‌عنه جميلا ، طويلا ، جسيما.

قال « محمد بن كعب القرظي » : جمع القرآن زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خمسة من الأنصار « معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبيّ بن كعب ، وأبو الدرداء ، وأبو أيوب الأنصاري » (٢).

وقد حدث عن « عبادة » عدد كثير ، أذكر منهم : أبا أمامة الباهلي ، وأنس ابن مالك ، وأبا مسلم الخولاني ، وجنادة بن أبي أمية ، وأبا إدريس الخولاني ، وأبا الأشعث الصنعاني ، وأبا سلمة بن عبد الرحمن ، وغير هؤلاء كثير (٣).

وكان « عبادة بن الصامت » رضي‌الله‌عنه أحد الصحابة الذين أسهموا بقدر كبير في تعليم القرآن وتجويده بالشام.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ مسند أحمد ٥ / ١١٤ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٥٤٦ ، ٦٢١ ، تاريخ خليفة : ١٦٨ ، التاريخ الكبير : ٦ / ٩٢ ، المعارف : ٢٥٥ ، ٣٢٧ ، تاريخ الفسوي : ١ / ٣١٦ ، الجرح والتعديل : ٦ / ٩٥ ، المستدرك : ٣ / ٤٥٤ ـ ٣٥٧ ، الاستبصار : ١٨٨ ـ ١٨٩ ، الاستيعاب ٢ / ٨٠٧ ، تاريخ ابن عساكر : عبادة ٨ / ٤٢٧ / ٢ ، أسد الغابة : ٣ / ١٦٠ ، تهذيب الكمال : ٦٥٥ ، تاريخ الاسلام ٢ / ١١٨ ، العبر : ١ / ٣٥ ، مجمع الزوائد : ٩ / ٣٢٠ ، تهذيب التهذيب : ٥ / ١١١ ، الاصابة : ٥ / ٣٢٢ ، خلاصة تذهيب الكمال : ١٨٨ ، كنز العمال ١٣ / ٥٥٤ ، شذرات الذهب ١ / ٤٠ ، ٦٢ ، تهذيب ابن عساكر : ٧ / ٢٠٩. سير أعلام النبلاء : ٢ / ٥.

(٢) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ، انظر سير الأعلام ج ٢ ص ٦.

(٣) انظر سير الأعلام ج ٢ ص ٥.

٣٣٨

كما كان رضي‌الله‌عنه من الذين يتمثلون قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم « من رأى منك منكرا فليغيره بيده ، فمن لم يستطع فبلسانه ، فمن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ».

فعن « إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب » عن أبيه ، أن « عبادة بن الصامت » ، أنكر شيئا على « معاوية » فقال : لا أساكنك بأرض ، فرحل إلى « المدينة المنورة » فقال له « عمر » رضي‌الله‌عنه وهو خليفة المسلمين حينئذ : « ما أقدمك »؟ فأخبره بفعل « معاوية » فقال له : « ارحل إلى مكانك ، فقبّح الله أرضا لست فيها ، وأمثالك ، فلا إمرة له عليك » (١).

ولما استشهد « عمر » رضي‌الله‌عنه ، وتولى أمر المسلمين « عثمان بن عفان » رضي‌الله‌عنه ، كتب « معاوية » إلى « عثمان » : أن « عبادة بن الصامت » قد أفسد عليّ « الشام » وأهله ، فإما أن تكفه إليك ، وإما أن أخلّي بينه وبين الشام.

فكتب إليه « عثمان » : أن رحّل « عبادة » حتى ترجعه إلى داره « بالمدينة » قال : فدخل على « عثمان » فلم يفجأه إلا به وهو معه في الدار ، فالتفت إليه فقال : يا عبادة ما لنا ولك؟ فقام « عبادة » بين ظهراني الناس ، فقال : سمعت رسول الله عليه وسلّم يقول : « سيلقى أموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى ، ولا تضلوا بربكم » ا هـ (٢).

ولقد أحب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم « عبادة » حبا كثيرا ، والدليل على ذلك ما يلي : قال محمد بن سابق ، حدثنا حشرج بن نباتة ، عن موسى بن

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٧.

(٢) أخرجه احمد في المسند ، انظر السير ج ٢ ص ٩.

٣٣٩

محمد بن إبراهيم التيمي : سمع أبا قلابة يقول : حدثني الصنابحي : أن عبادة ابن الصامت حدثه قال : خلوت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : أي أصحابك أحب إليك حتى أحبه؟ قال : اكتم عليّ حياتي : « أبو بكر ـ ثم عمر ـ ثم عليّ » ثم سكت ، فقلت : ثم من يا رسول الله؟ قال : « من عسى أن يكون : الزبير ـ وطلحة ـ وسعد ـ وأبو عبيدة ـ ومعاذ ـ وأبو طلحة ـ وأبو أيوب ـ وأنت يا عبادة ـ وأبيّ بن كعب ـ وأبو الدرداء ـ وابن مسعود ـ وابن عوف ـ وابن عفان ـ ثم هؤلاء الرهط من الموالي : سلمان ـ وصهيب ـ وبلال ـ وعمّار » ا هـ (١).

توفي « عبادة بن الصامت » رضي‌الله‌عنه بعد حياة حافلة ـ بالعمل ـ والجهاد وقراءة القرآن ـ وتعليمه ـ والتمسك بتعاليم الاسلام ، وذلك سنة أربع وثلاثين من الهجرة « بالرملة » وهو ابن اثنتين وسبعين سنة رضي الله عن « عبادة » وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٦.

٣٤٠