معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

الدكتور محمّد سالم محيسن

معجم حفّاظ القرآن عبر التّاريخ - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد سالم محيسن


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦١
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى حكاية عمّا دعا به أبو الأنبياء « إبراهيم »

عليه وعلى نبينا « محمد » أفضل الصلاة والسلام :

( وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ )

سورة الشعراء الآية ٨٤

٥
٦

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الذي أنزل « القرآن » هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في محكم كتابه : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) (١).

والصلاة والسلام على رسول الله الذي صح عنه من الحديث الذي رواه « أبو سعيد الخدري » رضي‌الله‌عنه حيث قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « من شغله القرآن ، وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ، وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله على خلقه » ا هـ (٢).

وبعد : فقد اقتضت إرادة الله تعالى أن جعل قلوب بعض عباده المؤمنين أوعية « للقرآن » فحفظوه ، وفهموه ، وعملوا بتعاليمه : فأحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه ، وتأدّبوا بآدابه ، وتخلّقوا بأخلاقه ثم علّموه للمسلمين حتى وصل إلينا صحيحا مرتّلا ، فقد تلقّاه الخلف عن السلف ، وتعلمه جيل بعد جيل. وهكذا ستظلّ

__________________

(١) سورة الحجر الآية ٩.

(٢) رواه الترمذي ، أنظر : التاج ج ٤ ص ٦.

والفضائل في ضوء الكتاب والسنة د / محمد سالم محيسن ص ٢٤٣.

٧

طائفة من المسلمين ـ بعون الله تعالى ـ لا همّ لهم إلا حفظ « القرآن » ثم تعليمه للمسلمين ، الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ولقد كان من نعم الله الكبرى التي أنعم بها عليّ أن جعلني من حفظة كتابه ثم تعلّم رواياته وقراءاته ، ثم الوقوف على معرفة رسمه ، وضبطه ، وعدّ آياته ، ثم فهم معانيه وأحكامه ، والوقوف على بلاغته وإعجازه.

ولقد تعلق قلبي ووجداني تعلقا كبيرا « بالقرآن » منذ نعومة أظافري.

وأحمد الله تعالى أن وفقني فدوّنت ما يقرب من أربعين كتابا كلها لها صلة بالقرآن الكريم.

وبما أن حفاظ « القرآن » لهم المكانة السامية ، والمنزلة الرفيعة في نفسي وفكري ، فقد رأيت من الواجب عليّ نحوهم أن أقوم بتجلية بعض الجوانب المشرقة على هؤلاء الأعلام ليقتفي آثارهم من شرح الله صدره للإسلام.

فأمسكت بقلمي ـ رغم كثرة الأعمال المنوطة بي ـ وطوّفت بفكري ، وعقلي بين المصنفات التي كتبت شيئا عن هؤلاء « الحفاظ » بدءا من صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ويسعدني ويشرّفني أن أقدّم الجزء الاول لتراجم هؤلاء العلماء الأجلاء تحت عنوان : « حفاظ القرآن عبر التاريخ ».

وقد ضمّنت هذا الجزء تراجم حفاظ القرآن ابتداء من الصحابة رضوان الله عليهم حتى عام ٤٠٥ هـ خمس وأربعمائة من الهجرة (١). كما رتبت الأعلام حسب

__________________

(١) تنبيه : أدخلت ضمن هذه التراجم ترجمة كل من :

١ ـ عامر السيد عثمان ت ١٤٠٨ هـ لأنه شيخي.

٢ ـ محمد سالم محيسن مؤلف هذا الكتاب.

٨

حروف الهجاء ليسهل الرجوع إليها عند اللزوم. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لي لسان صدق في الآخرين وأن يجعلني من الناجين الفائزين يوم يقوم الناس لربّ العالمين. وصلّ اللهمّ على سيدنا « محمد » وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

خادم العلم والقرآن

الدكتور / محمد محمد محمد سالم محيسن

المدينة المنورة

الجمعة ٢٠ رمضان ١٤٠٨ هـ.

الموافق ٦ مايو ١٩٨٨ م.

٩
١٠

رقم الترجمة / ١

« إبراهيم أبو اسحاق » ت ٣٦٠ هـ ونيف (١)

هو إبراهيم بن محمد بن مروان أبو اسحاق الشامي الأصل ، المصريّ الدار ، ضابط ماهر عارف بقراءة ورش عالي السند فيها.

ذكره الذهبي ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « إبراهيم أبو إسحاق » القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم « أبو بكر بن سيف » وذلك سنة ثمان وتسعين ومائتين من الهجرة.

تصدر « إبراهيم أبو اسحاق » لتعليم القرآن واشتهر بالثقة والضبط وحروف القرآن ، وأقبل عليه حفاظ القرآن.

ومن الذين أخذوا عنه : ابن غلبون ، وابنه طاهر مؤلف كتاب « التذكرة » وغيرها (٢).

توفي « إبراهيم أبو اسحاق » سنة بضع وستين وثلاثمائة. رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) أنظر ترجمته فيما يأتي : ـ غاية النهاية ج ١ ص ٢٦.

(٢) أنظر : طبقات القراء ج ٢ ص ٢٦.

١١

رقم الترجمة / ٢

« إبراهيم البزوري » ت ٣٦١ هـ (١)

هو : إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم أبو اسحاق البزوري (٢) البغدادي مقرئ كبير وشيخ جليل ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « إبراهيم البزوري » القراءة عن خيرة العلماء. فقد قرأ على : اسحاق ابن احمد الخزاعي وأحمد بن فرح ، وأحمد بن يعقوب بن أخي العرق ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وابن مجاهد ، وأبي بكر النقاش ، وجعفر بن محمد الرافقي (٣).

تصدر « أبو بكر البزوري » لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، واشتهر بالصدق ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية :

عبد الباقي بن الحسن ، وعلي بن محمد الحذّاء ، ومحمد بن عمر بن بكير ، ومحمد بن الحسن بن عبد الله الشمعي ، وأبو جعفر محمد بن جعفر بن علان ، ومنصور بن أحمد العراقي. ومنصور بن محمد السندي ، وأبو الحسين علي بن محمد الخبازي.

يقول « ابن الجزري » : وقول « الحفدلي » إن « الشذائي » قرأ على « إبراهيم البزوري » غلط فاحش ا هـ (٤).

__________________

(١) أنظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ بغداد ٦ / ١٦ ـ ١٧ ، وغاية النهاية ج ١ ص ٤.

(٢) نسبة إلى « بزرجسابور » بضمتين وراء ساكنة ، وجيم مفتوحة ، من بغداد. أنظر : معجم البلدان ج ١ ص ٤١٠.

(٣) أنظر : طبقات القراء ج ١ ص ٤.

(٤) أنظر : طبقات القراء ج ١ ص ٤.

١٢

أخذ « إبراهيم البزوري » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : حدث عن يوسف بن يعقوب القاضي ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وأحمد بن الحسين بن نصر الحذاء وجعفر الفريابي وأحمد بن فرح المقرئ. وإبراهيم بن هاشم البغوي ، ومحمد بن جرير الطبري ، وعلي بن اسحاق بن زاطيا ، واسحاق بن إبراهيم بن حاتم (١).

وقد حدث عن « إبراهيم البزوري » عدد من العلماء ، يقول « الخطيب البغدادي » : حدثنا عنه أبو الحسن بن الحمامي المقرئ ، وأبو نعيم الأصبهاني ، ومحمد بن عمر بن بكير النجار (٢). توفي « إبراهيم البزوري » يوم الخميس لست بقين من ذي الحجة سنة إحدى وستين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر : تاريخ بغداد ج ٦ ص ١٦.

(٢) انظر : تاريخ بغداد ج ٦ ص ١٦.

١٣

رقم الترجمة / ٣

« إبراهيم الطبري » ت ٣٩٣ هـ (١)

هو : إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي ، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ « إبراهيم الطبري » القراءة عن عدد كبير من خيرة حفاظ القرآن.

يقول « ابن الجزري » قرأ إبراهيم الطبري علي أحمد بن عثمان بن بوبان ، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ. وأبي بكر النقاش ، وأبي بكر بن مقسم ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وأبي عيسى بكار ، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري ، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم ، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن قرد بن أبي عمر الطوسي النقاش ، وعبد الوهاب بن العباس. وقرأ الحروف على أحمد بن عبد الله ابن محمد المكي عن العنزي صاحب البزي ، وإبراهيم بن أحمد بن الحسن القرماسيني عن أبي بكر الأصبهاني وغيره ، وأبي سليمان محمد بن عبد الله بن سليمان بن الطيب بن يوسف السعدي الدمشقي عن أحمد بن عبد الله بن ذكران ، وعثمان بن أحمد بن عبد الله الرقيقي عن صاحب خلف وأبي بكر بن جعفر بن أحمد الشعيري عن صاحب أبي حمدون وغير هؤلاء كثير (٢).

وقد رحل أبو اسحاق الطبري في سبيل العلم إلى كثير من الأمصار يأخذ عن علمائها وفي هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي : « كان إبراهيم الطبري أحد

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ تاريخ بغداد ٦ / ١٩ ، وتاريخ الإسلام الورقة ٢٢٠ ( آيا صوفيا ٣٠٠٨ ) وغاية النهاية ١ / ٥ ـ ٦ والنجوم الزاهرة ٤ / ٢٠٩ ، وشذرات الذهب ج ٣ / ١٤٢.

(٢) انظر : طبقات القراء ج ١ ص ٥.

١٤

الشهود ببغداد ، وذكر لي أبو القاسم التنوخي أنه شهد أيضا بالبصرة ، وواسط ، والأهواز والكوفة ، ومكة ، والمدينة المنورة. قال : وأم بالناس في المسجد الحرام أيام الموسم ، وما تقدم فيه من ليس بقرشي غيره » ثم يقول الخطيب البغدادي : « وسكن إبراهيم الطبري بغداد وحدث بها عن اسماعيل بن محمد الصفار ، وأبي عمرو بن السماك وأحمد بن سليمان العبداني ، وعلي بن ادريس السنوري ، ومن في طبقتهم وبعدهم ». ثم يقول : « وكان أبو الحسن الدار قطني خرج له خمسمائة جزء. وكان كريما سخيا مفضلا على أهل العلم ، حسن المعاشرة ، جميل الأخلاق ، وداره مجمع أهل القرآن والحديث وكان ثقة » (١).

تصدر « إبراهيم الطبري » لتعليم القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « الحسين بن علي العطار ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وأبو علي الأهوازي ، وأبو علي البغدادي صاحب كتاب « الروضة » وأبو نصر أحمد بن مسرور ، وأحمد بن رضوان ، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الإخشيني روى عنه الحروف » (٢).

احتل « إبراهيم الطبري » مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه ، يقول « الإمام ابن الجزري » : « كان الطبري ثقة مشهورا أستاذا » (٣).

توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر : تاريخ بغداد ج ٦ ص ١٩.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٥.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٥.

١٥

رقم الترجمة / ٤

« إبراهيم بن محمّد المعروف بنفطويه » ت ٣٢٣ هـ (١)

هو : إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب الأزدي ، أبو عبد الله البغدادي ، صاحب التصانيف.

تلقى نفطويه القراءة عن خيرة العلماء منهم : محمد بن عمرو بن عون الواسطي ، وأحمد بن إبراهيم بن الهيثم البلخي. وسمع الحروف من « شعيب بن أيوب الصريفيني صاحب يحيى بن آدم ، وقيل عرض عليه وعن محمد بن الجهم » (٢).

جلس نفطويه لتعليم القرآن والنحو ، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : محمد بن أحمد الشنبوذي ، وعبد الواحد بن أبي هاشم ، وعمر بن إبراهيم الكتاني ، وغير هؤلاء كثير.

سكن « نفطويه » بغداد وحدث بها عن « إسحاق بن وهب العلاّف ، وخلف بن محمد كردوس ، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي ، وشعيب بن أيوب الصريفيني ، وعباس بن محمد الدوري ، واحمد بن عبد الجبار العطاردي ، وعبد الكريم بن الهيثم العاقولي » ، وقد روى عن « نفطويه » الحديث عدد كثير منهم : « أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، وأبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ » (٣).

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ طبقات النحويين للزبيدي ١٥٤ ، ونور القبس ٣٤٤. وفهرست ابن النديم ٨١ ، وتاريخ بغداد ٦ / ١٥٩ ، ونزهة الألباء ٣٢٦ ، والمنتظم ٦ / ٢٧٧ ، وإرشاد الأريب ١ / ٢٥٤ ، والكامل لابن الأثير ٨ / ٣١٣ ، وإنباه الرواة ١ / ١٧٦ ، ووفيات الأعيان ١ / ٤٧ ، والمختصر لأبي الفداء ٢ / ٨٣ ، وإشارة التعيين ، الورقة ٢ ـ ٣ وتاريخ الاسلام الورقة ١٢٥ ( أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٩ ) وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٠٤ ، والعبر ٢ / ١٩٨ ، وميزان الاعتدال ١ / ٦٤ ، وتلخيص ابن مكتوم ٣١ ، ومرآة الجنان ٢ / ٢٨٧ ، ومعرفة القراء ١ / ٢٧٣ ، وغاية النهاية ، ١ / ٢٥. وبغية الوعاة ١ / ٤٢٨ ، وطبقات المفسرين ١ / ١٩ ، وشذرات الذهب ٢ / ٢٩٨.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٢٥.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ٦ ص ١٥٩.

١٦

وقد احتل نفطويه مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المقام يقول « القفطي » : كان « نفطويه » حسن الحفظ للقرآن ، أول ما يبتدئ في مجلسه بمسجد الأنباريين بالغدوات الى أن يقرئ القرآن علي قراءة « عاصم » ثم الكتب بعدها وكان مسندا في الحديث ، ثقة ، صدوقا ، وكان حسن المجالسة للخلفاء والوزراء ، متقن الحفظ للسير وأيام الناس ، وتواريخ الزمان ، ووفاة العلماء ، وكانت له مروءة وفتوّة (١).

وقد ترك « نفطويه » كتبا متعددة في شتى العلوم استفاد منها الكثيرون مما يدلّ على كثرة علمه وسعة اطلاعه ، من هذه الكتب : غريب القرآن ، والردّ على من قال بخلق القرآن ، وكتاب التاريخ ، وكتاب المقنع في النحو ، وكتاب الاستيفاء في الشروط ، وكتاب الأمثال ، وكتاب الشهادات ، وكتاب الاقتضابات ، وكتاب في الردّ على المفضل الضبيّ في نقضه على « الخليل بن أحمد » ، وكتاب الملح ، وكتاب المصادر ، وكتاب القوافي.

توفي « نفطويه » ببغداد بعد حياة حافلة بالعلم وتعليم القرآن في شهر صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه‌الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر إنباه الرواة ج ١ ص ٢١٦.

١٧

رقم الترجمة / ٥

« أبي بن كعب » رضي‌الله‌عنه ت ٣٠ هـ (١)

عده « أبو عبيد القاسم بن سلام » ت ٢٢٤ هـ ضمن الصحابة الذين أتموا حفظ « القرآن » وذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الاولى من حفاظ « القرآن الكريم ».

عرض « أبي بن كعب » القرآن على النبي عليه الصلاة والسلام. كان « أبيّ » رضي‌الله‌عنه صاحب مدرسة وحده : فقد قرأ عليه الكثيرون من الصحابة أذكر منهم : عبد الله بن عباس رضي‌الله‌عنه ، أبا هريرة رضي‌الله‌عنه ، عبد الله بن السائب رضي‌الله‌عنه ، كما قرأ على « ابيّ » الكثيرون من التابعين أذكر منهم : عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، أبا عبد الرحمن السلمي ، وأبا العالية.

شهد « أبي بن كعب » رضي‌الله‌عنه « بدرا » والمشاهد كلها. وكان ربعة من الرجال ، أبيض الرأس ، واللحية.

ومناقب « أبي بن كعب » رضي‌الله‌عنه كثيرة أذكر منها ما يلي : فهو سيّد القراء بالاستحقاق ، وأقرأ هذه الأمة على الاطلاق. فعن « أبي صالح الكاتب » قال : حدثنا « موسى بن علي » عن أبيه ، أن « عمر بن الخطاب » رضي الله

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يأتي : ـ طبقات ابن سعد ٣ / ٥٩ ، ومسند أحمد ٥ / ١١٣ ، وتاريخ البخاري الكبير ٢ / ٣٩ ، حلية الأولياء ١ / ٢٥٠ ، والاستيعاب ١ / ٤٧ ، وتاريخ ابن عساكر ٢ / ٢٩٢ ، أسد الغابة ١ / ٦١ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٠٨ ، تاريخ الاسلام للذهبي ٢ / ٢٧ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١١١ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٣٨٩ ، غاية النهاية ١ / ٣١ ، العبر ١ / ٢٢٣ الإصابة ١ / ١٩ ، تهذيب التهذيب ١ / ١٨٧. طبقات الحفاظ للسيوطي وشذرات الذهب ١ / ٣٢ ، معرفة القراء الكبار ١ / ٢٨.

١٨

عنه خطب بالجابية (١) فقال : « من أراد أن يسأل عن « القرآن » فليأت « أبي ابن كعب » ، من أراد أن يسأل عن « الفرائض » فليأت « زيدا » ، من أراد أن يسأل عن « الفقه » فليأت « معاذا » ، من أراد أن يسأل عن « المال » فليأتني فإن الله جعلني خازنا وقاسما » (٢).

كما أمر الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحفظ القرآن على « أبيّ بن كعب » يشير الى ذلك الحديث التالي : فعن « ابن عمر » رضي‌الله‌عنهما أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال « استقرءوا القرآن من أربعة : من « ابن مسعود ، وأبيّ ، ومعاذ ، وسالم مولى أبي حذيفة » (٣). ولعظم شأن « أبي بن كعب » عند النبي عليه الصلاة والسلام ، فقد قرأ عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعض « القرآن » للإرشاد ، والتعليم ، يدل على ذلك الحديث التالي : فعن « أبي » رضي‌الله‌عنه قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « أمرت أن أقرأ عليك القرآن » قلت : يا رسول الله وسميت لك؟ قال : نعم » ا هـ (٤).

وعن « أنس بن مالك » رضي‌الله‌عنه قال : جمع القرآن على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعة كلهم من الأنصار : « أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد أحد عمومتي » (٥).

قال رجل « لابيّ » أوصني. قال : « اتخذ كتاب الله إماما ، وارض به قاضيا وحكما. فإنه الذي استخلفه فيكم رسولكم ، شفيع ، مطاع ، وشاهد لا

__________________

(١) الجابية : المراد بها : قرية من أعمال دمشق.

(٢) أخرجه عبد الله بن الامام أحمد في زوائد المسند وسنده حسن.

(٣) أخرجه البخاري.

(٤) أخرجه أحمد وأبو نعيم.

(٥) أخرجه البخاري.

١٩

يفحم ، فيه ذكركم وذكر من قبلكم ، وحكم ما بينكم ، وخبركم وخبر ما بعدكم » ا هـ (١).

توفي « أبي بن كعب » بالمدينة المنورة سنة ثلاثين من الهجرة في خلافة « عثمان » رضي‌الله‌عنه. رحم الله « أبي بن كعب » وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية ج ١ ص ٢٥٣.

٢٠