النّفس من كتاب الشّفاء

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

النّفس من كتاب الشّفاء

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: الشيخ حسن حسن زاده الآملي
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-146-0
الصفحات: ٣٧٦

وأما الذى يتوهم (١) من أن النفس إذا كانت تنسى معقولاتها ولا تفعل فعلها مع مرض البدن وعند الشيخوخة فلذلك لها بسبب أن فعلها لا يتم إلا بالبدن ، فظنّ غير ضرورى ولا حقّ ، وذلك أنه قد يمكن أن يجتمع الأمران جميعا ، فتكون النفس لها فعل بذاتها إذا لم يعق عائق ولم يصرف عنه صارف ، وأنها أيضا قد تترك فعلها الخاص مع حال يعرض للبدن فلا تفعل حينئذ فعلها وتصرف عنه ، ويستمر القولان من غير تناقض (٢). وإذا كان كذلك لم يكن إلى هذا الاعتراض التفات.

ولكنا نقول : ان جوهر النفس له فعلان : فعل له بالقياس إلى البدن ، وهو السياسة. وفعل له بالقياس إلى ذاته وإلى مبادئه وهو الإدراك بالعقل ؛ وهما متعاندان متمانعان ، فإنه إذا اشتغل بأحدهما انصرف عن الآخر ، ويصعب عليه الجمع بين الأمرين. وشواغله (٣) من جهة البدن الإحساس (٤) والتخيل والشهوات والغضب والخوف والغم والفرح والوجع.

وأنت تعلم هذا بأنك إذا أخذت تفكر فى معقول تعطّل عليك كل شىء من هذه ، إلا أن تغلب هى النفس وتقسرها رادّة إياها إلى جهتها.

__________________

(١) قوله : « واما الذى يتوهم » اقول : هذا السؤال وجوابه يتضمن برهانا آخر على تجرد جوهر النفس الناطقة كما قد جعله الشيخ نفسه الحجة التاسعه من رسالته « الحجج العشر » على ذلك. وكذلك جعله ابو البركات فى « المعتبر » الحجة العاشرة. وصدر المتألهين فى « الاسفار ». الحجة الحادية عشر. والحكيم السبزوارى فى « اسرار الحكم » البرهان الحادى عشر أيضا. وراجع فى تفصيل ذلك كتابنا عيون مسائل النفس.

(٢) لان احدهما ذاتى والآخر عرضى.

(٣) مبتدأ.

(٤) خبر.

٣٠١

وأنت تعلم أن الحس يمنع النفس عن التعقل ، فإن النفس إذا أكبّت على المحسوس شغلت عن المعقول من غير أن يكون أصاب آلة العقل أو ذاتها (١) آفة (٢) بوجه ؛ وتعلم أن السبب فى ذلك هو اشتغال النفس بفعل دون فعل ، فكذلك الحال والسبب إذا عرض أن تعطّلت (٣) أفعال العقل عند المرض.

ولو كانت الملكة العقلية المكتسبة قد بطلت وفسدت لأجل الآلة ، لكان رجوع الآلة إلى حالها يحوج إلى اكتساب من الرأس (٤). وليس الأمر كذلك ، فإنه قد تعود النفس إلى ملكتها وهيئتها عاقلة بجميع ما عقلته بحالها إذا عاد البدن إلى سلامته ، فقد كان إذن ما كسبته موجودا معها بنوع مّا إلا أنها كانت مشغولة عنه.

وليس اختلاف جهتى فعل النفس فقط يوجب فى أفعالها التمانع ، بل تكثّر أفعال جهة واحدة قد يوجب ذلك بعينه. فإن الخوف يغفل عن الوجع والشهوة تصدّ عن الغضب ، والغضب يصرف عن الخوف ، والسبب فى جميع ذلك واحد وهو انصراف النفس بالكلية إلى أمر واحد.

فبين من هذا أنه ليس يجب إذا لم يفعل شىء فعله عند اشتغاله بشىء أن لا يكون فاعلا فعله إلا عند وجود ذلك الشىء المشتغل به.

ولنا أن نتوسع فى بيان هذا الباب ، إلا أن الإمعان فى المطلوب بعد

__________________

(١) او ذاته ، نسخة.

(٢) فاعل أصاب.

(٣) فاعل عرض.

(٤) رأس ، نسخة.

٣٠٢

بلوغ الكفاية منسوب إلى التكلف لما لا يحتاج إليه.

فقد ظهر من أصولنا التى قررنا أن النفس ليست منطبعة فى البدن ولا قائمة به ، فيجب أن يكون اختصاصها به على سبيل مقتضى هيئة (١) فيها جزئية جاذبة إلى الاشتغال بسياسة البدن الجزئى ، بعناية (٢) ذاتية مختصة به ، صارت النفس عليها كما وجدت مع وجود بدنها الخاص بهيئته ومزاجه.

__________________

(١) كتصور كمال واستكمال.

(٢) لعناية ، نسخة.

٣٠٣

الفصل الثالث

يشتمل على مسألتين : إحداهما كيفية انتفاع النفس

الإنسانية بالحواس ؛ والثانية إثبات حدوثها.

إن القوى الحيوانية تعين النفس الناطقة فى أشياء منها : أن يورد الحس من جملتها عليها الجزئيات فتحصل لها من الجزئيات أمور أربعة :

أحدها انتزاع الذهن الكليات المفردة (١) من الجزئيات على سبيل تجريد لمعانيها عن المادة وعلائق المادة ولواحقها ومراعاة المشترك فيه والمتباين به والذاتى وجوده والعرضى وجوده ، فتحدث للنفس من ذلك مبادئ التصور وذلك بمعاونة استعمال (٢) الخيال والوهم.

والثانى إيقاع النفس مناسبات بين هذه الكليات المفردة على مثل سلب أو إيجاب (٣) ، فما كان التأليف فيها بسلب أو إيجاب أوّليا بينا بنفسه أخذه ، وما كان ليس كذلك (٤) تركه إلى مصادفة الواسطة (٥).

__________________

(١) فى تعليقة نسخة : اى الكليات الخمس.

(٢) استعماله للخيال والوهم ، نسخة. ولكن الظاهر : « استعمالها ».

(٣) كمفهوم الفرد والزوج والحجر والشجر. والايجاب كمفهوم الانسان والناطق.

(٤) كاثبات جوهرية النفس وسلبها.

(٥) اى البرهان.

٣٠٤

والثالث تحصيل المقدمات التجربية ، وهو أن تجد بالحس محمولا لازم الحكم لموضوع مّا كان حكمه إيجابا أو سلبا أو تاليا موجب الاتصال أو مسلوبه أو موجب العناد أو مسلوبه ، وليس ذلك فى بعض الأحايين دون بعض ولا على سبيل المساواة ، بل دائما وجودا (١) يسكن النفس إلى أنّ بين طبيعة هذا المحمول وهذا الموضوع هذه النسبة ، وأن طبيعة هذا التالى تلزم هذا المقدم أو تنافيه لذاته لا بالاتفاق ، فيكون ذلك اعتقادا حاصلا من حس وقياس كما هو مبين فى الفنون المنطقية.

والرابع الأخبار التى يقع فيها التصديق لشدة التواتر.

فالنفس الإنسانية تستعين بالبدن لتحصيل هذه المبادئ للتصور والتصديق.

ثم إذا حصّلتها رجعت إلى ذاتها ، فإن تعرّض لها شىء من القوى التى دونها شاغلة إياها بمايليها من الأحوال شغلتها عن فعلها فأضربت (٢) عن فعلها ، وإن لم تشغلها فلا تحتاج إليها بعد ذلك فى خاص أفعالها إلا فى أمور تحتاج فيها خاصة إلى أن تعاود القوى الخيالية مرة أخرى وذلك لاقتناص مبدأ غير الذى حصل أو معاونة بتمثيل الغرض فى الخيال ليستحكم تمثّله بمعونته فى العقل ، وهذا مما يقع فى الابتداء ولا يقع بعده إلا قليلا. فأما إذا استكملت النفس وقويت فإنها تنفرد بأفاعيلها على الإطلاق ، وتكون القوى الحسية والخيالية وسائر القوى البدنية صارفة إياها عن فعلها ، مثل أن الإنسان قد يحتاج إلى دابة وآلات ليتوصل بها إلى

__________________

(١) مفعول مطلق لقوله : « تجد ».

(٢) أو اضرّت بفعلها ، نسخة.

٣٠٥

مقصد مّا ، فإذا وصل إليه ثم عرض من الأسباب ما يعوقه عن مفارقتها صار السبب الموصل بعينه عائقا.

ونقول : (١) إن الأنفس الإنسانية لم تكن (٢) قائمة مفارقة للأبدان ثم حصلت فى البدن (٣) ، لأن الأنفس الإنسانية متفقة فى النوع والمعنى ، فإذا فرض أن لها وجودا ليس حادثا مع حدوث الأبدان ، بل هو وجود مفرد ، لم يجز أن تكون النفس فى ذلك الوجود متكثرة. وذلك لأن كثرة (٤) الأشياء إما أن تكون (٥) من جهة الماهية والصورة ، وإما أن تكون من جهة النسبة إلى العنصر والمادة المتكثرة بما تتكثر به من الأمكنة التى تشتمل على كل مادة فى جهة والأزمنة التى تختص بكل واحد منها فى حدوثه والعلل القاسمة إياها ، وليست (٦) متغايرة بالماهية والصورة ، لأن صورتها

__________________

(١) هذا شروع فى اثبات ان النفس حادثة بحدوث البدن ، بل حادثة مع حدوث البدن.

قال صدر المتألهين فى الاسفار ( ص ٣٠٨ ج ١ ط ١ ـ ص ٤٣٨ ج ٣ ط جديد ) : « النفس الانسانية عند الشيخ مجردة عن المادة فى اول الفطرة ». وقال فى الاسفار ( ص ١٢٥ ج ٤ ط ١ ـ ص ١١٢ ج ٩ ط جديد ) : « النفس الانسانية عند الشيخ مجرد عقلى من اول الفطرة حين حدوثها فى الشهر الرابع للجنين ». وراجع آخر الفصل الرابع من المقالة التاسعة من الهيات الشفاء ( ص ٢٦٩ ) فى أنّ النفس تحدث بحدوث البدن ، حيث يقول الشيخ : « وممّا لا نشكّ فيه أنّ هيهنا عقولا بسيطة ». وراجع ايضا ج ٢ من كتاب المباحث المشرقية للفخر ص ٣٨٢ فى كيفية تعلق النفس بالبدن ، وص ٣٨٩ منه فى حدوث النفوس البشرية.

(٢) فى تعليقة نسخة : اى لم تكن مجردة موجودة قبل الابدان ثم تعلقت بالابدان الحادثة التى تستعد لتعلقها.

(٣) فى الأبدان ، نسخة.

(٤) تكثّر الأشياء ، نسخة.

(٥) فى تعليقة نسخة : أى التكثر بحسب الأنواع المختلفة.

(٦) فى تعليقة نسخة : أى هذه المتكثرات التى هى النفوس.

٣٠٦

واحدة (١). فإذن إنما تتغاير من جهة قابل الماهية أو المنسوب إليه الماهية بالاختصاص ، وهذا هو البدن. وأما إذا أمكن أن تكون النفس موجودة ولابدن ، فليس يمكن أن تغاير نفس نفسا بالعدد وهذا مطلق فى كل شىء ، فإن الأشياء التى ذواتها معان فقط وقد تكثرت نوعياتها بأشخاصها فإنما تكثرها بالحوامل والقوابل والمنفعلات عنها أو بنسبة مّا إليها وإلى أزمنتها فقط وإذا كانت مجردة أصلا لم تتفرق بما قلنا. فمحال أن يكون بينها مغايرة وتكثر ، فقد بطل أن تكون الأنفس قبل دخولها الأبدان متكثرة الذات بالعدد.

وأقول : ولا يجوز أن تكون واحدة الذات بالعدد ، لأنه إذا حصل بدنان حصل فى البدنين نفسان.

فإما أن تكونا قسمى تلك النفس الواحدة ، فيكون الشىء الواحد الذى ليس له عظم وحجم منقسما بالقوة ، وهذا ظاهر البطلان بالأصول المتقررة فى الطبيعيات وغيرها.

وإما أن تكون النفس الواحدة بالعدد فى بدنين ، وهذا لا يحتاج أيضا إلى كثير تكلف فى إبطاله.

ونقول بعبارة أخرى : إن هذه الأنفس إنما تتشخص نفسا واحدة من جملة نوعها بأحوال (٢) تلحقها ليست لازمة لها بما هى نفس ، وإلا لاشترك فيها جميعها. والأعراض اللاحقة تلحق عن ابتداء لا محالة زمانى لأنها تتبع سببا عرض لبعضها دون بعض ، فيكون تشخص الأنفس

__________________

(١) لاشتراكها فى الحد.

(٢) أى بعوارض.

٣٠٧

أيضا أمرا حادثا ، فلا تكون قديمة لم تزل ويكون حدوثها مع بدن. فقد صح إذن أن الأنفس تحدث كما تحدث مادة بدنية صالحة لاستعمالها إياها ، ويكون (١) البدن الحادث مملكتها وآلتها ، وتكون فى جوهر النفس الحادثة مع بدن مّا ذلك البدن استحق حدوثها من المبادئ الأولى هيئة نزاع طبيعى إلى الاشتغال به واستعماله والاهتمام بأحواله والانجذاب إليه تخصها وتصرفها عن كل الأجسام غيره ، فلابد أنها إذا وجدت متشخصة فإن مبدأ تشخصها يلحق بها من الهيئات ما تتعين به شخصا وتلك الهيئة تكون مقتضية لاختصاصها بذلك البدن ومناسبة لصلوح أحدهما للآخر ، وإن خفى علينا تلك الحالة وتلك المناسبة ، وتكون مبادئ الاستكمال متوقّعة لها بوساطته ، ويكون هو بدنها.

ولكن لقائل أن يقول : إن هذه الشبهة تلزمكم فى النفوس إذا فارقت الأبدان ، فإنها إما أن تفسد ولا تقولون به ، وإما أن تتحد وهو عين ما شنّعتم به ، وإما أن تبقى متكثرة ، وهى عندكم مفارقة للمواد ، فكيف تكون متكثرة.

فنقول : أما بعد مفارقة الأنفس للأبدان (٢) ، فإن الأنفس قد وجدت

__________________

(١) فيكون ، نسخة.

(٢) قال فى النجاة ص ٣٧٧ : واما بعد مفارقة البدن فان الانفس قد وجد كل واحد منها ذاتا منفردة باختلاف موادها التى كانت وباختلاف ازمنة حدوثها واختلاف هيأتها التى بحسب ابدانها المختلفة لا محالة.

وقال صدر المتألهين فى الاسفار ( ص ٨٩ ج ٤ ط ١ ـ ص ٣٧٣ ج ٨ ط جديد ) : « لو كانت النفوس قبل الابدان متكثرة لزم منه محالات قوية.

منها تعطيل النفوس مدة غير متناهية عن تصرفها فى البدن وتدبيرها وقد علمت أنّ الاضافة النفسية ليست كاضافة الابوه والبنوة العارضة وكاضافة الربان الى السفينة

٣٠٨

كل واحدة منها ذاتا منفردة باختلاف موادها التى كانت وباختلاف أزمنة حدوثها واختلاف هيئاتها التى لها بحسب أبدانها المختلفة لا محالة. فإنا نعلم يقينا أن موجد المعنى الكلى شخصا مشارا إليه لا يمكنه أن يوجده شخصا أو (١) يزيد له معنى على نوعيّته به يصير شخصا من المعانى (٢) التى تلحقه عند حدوثه وتلزمه ، علمناها أو لم نعلم.

ونحن نعلم أن النفس ليست واحدة فى الأبدان كلها ، ولو كانت واحدة وكثيرة بالإضافة لكانت عالمة فيها كلها أو جاهلة ، ولما خفى على زيد ما فى نفس عمرو ، لأنّ الواحد المضاف إلى كثيرين يجوز أن يختلف بحسب الإضافة. وأما الأمور الموجودة له فى ذاته فلا يختلف فيها ، حتى إذا كان أب لأولاد كثيرين وهو شاب لم يكن شابا إلا بحسب الكل ، إذ

__________________

وكاضافة رب الدار الى الدار حتى يجوز ان يزول ويعود تلك الاضافة النفسية والشخص بحاله بل النفسية كالمادية والصورية وغيرها من الحقائق اللازمة الاضافات التى نحو وجودها الخاص مما لزمتها الاضافة وكالمبدعية والالهية لصانع العالم حيث ذاته بذاته موصوفة بها فالنفس مادام كونها نفسا لها وجود تعلقى ، فاذا استكملت فى وجودها وصارت عقلا مفارقا يتبدّل عليها نحو الوجود ويصير وجودها وجودا اخرويّا وينقلب الى اهله مسرورا فلو فرضت وجودها النفسى قديما لزم التعطيل بالضرورة والتعطيل محال.

ومنها لزوم كثرة فى افراد نوع واحد من غير مادة قابلة للانفعال ولا مميّزات عرضيّة وهو محال.

ومنها وجود جهات غير متناهية بالفعل فى المبدأ العقلى ينثلم بها وحدة المبدأ الاعلى.

الى غير ذلك من المحالات اللازمة على القول بلاتناهى النفوس المفارقة فى الازل.

وعلى القول بتناهى النفوس القديمة يلزم التناسخ ».

(١) فى تعليقة نسخة : بمعنى الا أى إلاّ أن يزيد له.

(٢) اى العوارض المشخصة.

٣٠٩

الشباب له فى نفسه فيدخل فى كل إضافة ؛ وكذلك العلم والجهل والظن وما أشبه ذلك إنما تكون فى ذات النفس وتدخل مع النفس فى كل إضافة.

فإذن ليست النفس واحدة ، فهى كثيرة بالعدد ، ونوعها واحد ، وهى حادثة ، كما بيناه.

فلا شك أنها بأمر مّا تشخصت وأن ذلك الأمر فى النفس الإنسانية ليس هو الانطباع فى المادة ، فقد علم بطلان القول بذلك ، بل ذلك الأمر هيئة من الهيئات (١) ، وقوة من القوى ، وعرض من الأعراض الروحانية ، أو جملة منها تشخصها باجتماعها وإن جهلناها.

وبعد أن تشخصت مفردة فلا يجوز أن تكون هى والنفس الأخرى بالعدد ذاتا واحدة ، فقد أكثرنا القول فى امتناع هذا فى عدة مواضع.

لكنا نتيقن أنه يجوز أن تكون النفس إذا حدثت مع حدوث مزاج مّا أن تحدث لها هيئة معدّة تعدّها فى الأفعال النطقية والانفعالات النطقية تكون على جملة متميزة عن الهيئة الناظرة لها فى أخرى تميّز المزاجين فى البدنين وأن تكون الهيئة المكتسبة التى تسمى عقلا بالفعل أيضا على حد مّا تتميز به عن نفس أخرى ، وأنها يقع لها شعور بذاتها الجزئية ، وذلك الشعور هيئة مّا فيها أيضا خاصة ليست لغيرها. ويجوز أن تحدث فيها من جهة القوى البدنية هيئة خاصة أيضا ، وتلك الهيئة تتعلق بالهيئات الخلقية ، أو تكون هى هى ، أو تكون أيضا خصوصيات أخرى تخفى علينا تلزم النفوس مع حدوثها وبعده ، كما تلزم امثالها أشخاص الأنواع الجسمانية فتتمايز بها ما بقيت ، وتكون الأنفس كذلك تتميز بمخصصاتها

__________________

(١) بل ذلك الامر لها هيئة من الهيئات ، نسخة.

٣١٠

فيها ، كانت الأبدان أو لم تكن أبدان ، عرفنا تلك الأحوال أو لم نعرف أو عرفنا بعضها (١).

__________________

(١) قال صدر المتألهين فى الاسفار ( ص ٨٢ ج ٤ ط ١ ـ ص ٣٣٦ ج ٨ ط جديد ) : السادس المعارضة وهى أنّ النفوس بعد المفارقة لا يكون تمايزها بالماهية ولوازمها وانما يكون بالعوارض لكن النفوس الهيولانية التى لم يكتسب شيئا من العوارض اذا فارقت الابدان لا يكون فيها شىء من العوارض الا مجرد ذاتها التى كانت قبل ذلك متعلقة بابدان متغايرة فان كفى هذا القدر فى وقوع التمايز فكفى ايضا كونها بحيث يحدث لها بعد ذلك التعلق بابدان متمايزة.

وليس لأحد أن يقول : ما قاله الشيخ جوابا عن ذلك من انّها وان لم تكتسب شيئا من الكمالات إلا أنّ لكل منها شعورا بهويته الخاصة وذلك الشعور غير حاصل للنفس الاخرى.

لانا نقول : شعور الشىء بذاته هو نفس ذاته على ما ثبت فى باب العلم فلو اختلفا فى الشعور بذاتيهما لكانا مختلفين بذاتيهما وذلك يبطل اصل الحجة.

وايضا لو ثبت هذا القدر فى حصول الامتياز فلم لا يجوز ان يحصل الامتياز بهذا القدر قبل التعلق بالابدان؟

٣١١

الفصل الرابع

فى أن الأنفس الانسانية لا تفسد ولا تتناسخ (١)

أما أن النفس لا تموت بموت البدن ، فلأن كل شىء يفسد بفساد شىء آخر فهو متعلق به نوعا من التعلق ، وكل متعلق بشىء نوعا من التعلق فإما أن يكون تعلقه به تعلق المتأخر عنه فى الوجود ، أو تعلق المتقدم له فى الوجود الذى هو قبله فى الذات لا فى الزمان ، أو تعلق المكافئ فى الوجود.

فإن كان تعلق النفس بالبدن تعلق المكافئ فى الوجود ، وذلك أمر ذاتى له لا عارض ، فكل واحد منهما مضاف الذات إلى صاحبه وليس لا النفس ولا البدن بجوهر ، لكنهما جوهران وإن كان ذلك أمرا عرضيا لا ذاتيا.

فإن فسد أحدهما ، بطل العارض الآخر من الإضافة ، ولم تفسد الذات بفساده من حيث هذا التعلق.

وإن كان تعلقها به تعلق المتأخر عنه فى الوجود ، فالبدن علة النفس فى

__________________

(١) راجع ص ١٩ ج ٤ ط ١ ـ ص ٨٥ ج ٨ ط ٢ من الاسفار ، وص ٣٩٨ ج ٢ من المباحث للفخر.

٣١٢

الوجود والعلل أربع : فإمّا أن يكون البدن علة فاعلية للنفس معطية لها الوجود ، وإما أن يكون علة قابلية لها بسبيل التركيب كالعناصر للأبدان أو بسبيل البساطة كالنحاس للصنم ، وإما أن يكون علة صورية ، وإما أن يكون علة كمالية (١).

ومحال أن يكون علة فاعلية ، فإن الجسم بما هو جسم لا يفعل شيئا ، وإنما يفعل بقوة. ولو كان يفعل بذاته لا بقواه ، لكان كل جسم يفعل ذلك الفعل. ثم إن القوى الجسمانية كلها إما أعراض وإما صور مادية.

ومحال أن تفيد الأعراض والصور القائمة بالمواد وجود ذات قائمة بنفسها لا فى مادة ووجود جوهر مطلق.

ومحال أيضا أن يكون علة قابلية ، فقد برهّنا وبيّنا أن النفس ليست منطبعة فى البدن بوجه من الوجوه ، فلا يكون البدن إذن متصورا بصورة النفس لا بحسب البساطة ولا بحسب التركيب بأن تكون أجزاء من أجزاء البدن تتركب (٢) وتمتزج تركيبا مّا وامتزاجا مّا فتنطبع فيها النفس.

ومحال أن يكون الجسم (٣) علة صورية للنفس أو كمالية ، فإن الأولى أن يكون بالعكس. فإذن ليس تعلق النفس بالبدن تعلق معلول بعلة ذاتية.

وإن كان المزاج والبدن علة بالعرض للنفس ، فإنه إذا حدث مادة بدن تصلح أن تكون آلة للنفس ومملكة لها أحدثت العلل المفارقة النفس الجزئية أو حدث عنها ذلك. فإن إحداثها بلا سبب يخصص (٤) إحداث واحدة

__________________

(١) اى غائية.

(٢) بان تكون اجزاء البدن تتركب ، نسخة.

(٣) ان يكون البدن. نسخة.

(٤) بلا سبب مخصص ، نسخة.

٣١٣

دون واحدة محال.

ومع ذلك فإنه يمنع عن وقوع الكثرة فيها بالعدد ، لما قد بيناه ، ولأنه لابد لكل كائن بعد ما لم يكن من أن تتقدمه مادة يكون فيها تهيّؤ قبوله أو تهيؤ نسبته إليه ، كما تبين فى العلوم الأخرى ، فانّه لو كان يجوز أيضا أن تكون نفس جزئية تحدث ولم تحدث لها آلة بها تستكمل وتفعل لكانت معطلة الوجود ولا شىء معطل فى الطبيعة. وإذا كان ذلك ممتنعا فلا قدرة عليه ، ولكن إذا حدث التهيؤ للنسبة والاستعداد للآلة يلزم حينئذ أن يحدث من العلل المفارقة شىء هو النفس وليس ذلك للنفس (١) فقط بل كل ما يحدث بعد ما لم يكن من الصور فإنما يرجّح وجوده عن لا وجوده استعداد (٢) المادة له وصيرورتها خليقة به. وليس إذا وجب حدوث شىء عند حدوث شىء وجب أن يبطل مع بطلانه ، إنما يكون ذلك إذا كانت ذات الشىء قائمة بذلك الشىء وفيه. وقد تحدث أمور عن أمور ، وتبطل تلك الأمور ، وتبقى تلك الأمور إذا كانت ذاتها غير قائمة فيها ، وخصوصا إذا كان مفيد الوجود لها شىء (٣) آخر غير الذى إنما تهيأ (٤) إفادة وجودها مع وجوده. ومفيد وجود النفس هو غير جسم ولا هو قوة فى جسم ، بل هو لا محالة ذات قائمة بريئة عن المادة وعن المقادير. فإذا كان وجودها من ذلك الشىء ومن البدن يحصل وقت استحقاقها للوجود

__________________

(١) فى النفس ، نسخة.

(٢) فاعل يرحج.

(٣) شىء مرفوع على انه اسم كان ، ومفيد الوجود منصوب على الخبرية ، وفى غير واحدة من النسخ : « اذا كان مفيد الوجود شيئا آخر. »

(٤) يتهيأ ، نسخة.

٣١٤

فقط فليس له تعلق فى نفس الوجود بالبدن ، ولا البدن علة له إلا بالعرض (١). فلا يجوز إذن أن يقال إن التعلق بينهما على نحو يوجب أن يكون الجسم متقدما تقدّم العلية على النفس.

وأما القسم الثالث مما ذكرنا فى الابتداء وهو أن يكون تعلق النفس بالبدن (٢) تعلق المتقدم فى الوجود ، فإما أن يكون التقدم مع ذلك زمانيا فيستحيل أن يتعلق وجودها به فقد تقدمته فى الزمان ، وإما أن يكون التقدم بالذات لا بالزمان ، وهذا النحو من التقدم هو أن تكون الذات المتقدمة فى الوجود كما توجد يلزم أن تستفاد عنها ذات المتأخر فى الوجود.

وحينئذ لا يوجد أيضا هذا المتقدم فى الوجود إذا فرض المتأخر قد عدم ، لا أنّ فرض عدم المتأخر أوجب عدم المتقدم ، ولكن لأن المتأخر لا يجوز أن يكون عدم إلا وقد عرض أولا للمتقدم فى طبعه ما أعدمه ، فحينئذ عدم المتأخر ، فليس فرض عدم المتأخر موجب (٣) عدم المتقدم ، ولكن فرض عدم المتقدم نفسه لأنه إنما يفرض (٤) المتأخر معدوما بعد أن عرض للمتقدم أن عدم فى نفسه.

وإذا كان كذلك فيجب أن يكون السبب المعدم يعرض فى جوهر النفس فيفسد معه البدن ، وأن لا يكون البدن ألبتة يفسد بسبب يخصه. لكن فساد البدن يكون بسبب يخصه من تغيّر المزاج أو التركيب. فمحال

__________________

(١) « فليس لها تعلق ... ولا البدن علة لها بالعرض » ظاهرا.

(٢) بالجسم ، نسخة.

(٣) يوجب ، نسخة.

(٤) فرض ، نسخة.

٣١٥

أن تكون النفس تتعلق بالبدن تعلق المتقدم بالذات ، ثم يفسد البدن ألبتة بسبب فى نفسه ، فليس إذن بينهما هذا التعلق. وإذا كان الأمر على هذا ، فقد بطلت أنحاء التعلق كلها وبقى أن لا تعلق للنفس فى الوجود بالبدن ، بل تعلقها فى الوجود بالمبادئ الأخرى التى لا تستحيل ولا تبطل.

وأقول أيضا : إن سببا آخر لا يعدم النفس (١) ألبتة ، وذلك أن كل شىء من شأنه أن يفسد بسبب مّا ففيه قوة أن يفسد ، وقبل الفساد فيه فعل أن يبقى ، وتهيؤه للفساد ليس لفعله أنه يبقى ، فإن معنى القوة مغاير لمعنى الفعل ، وإضافة هذه القوة مغايرة لإضافة هذا الفعل ، لأن إضافة ذلك إلى الفساد وإضافة هذا إلى البقاء. فإذن لأمرين مختلفين ما يوجد فى الشىء هذان المعنيان.

فنقول : إن الأشياء المركبة والأشياء البسيطة التى هى قائمة فى المركبة يجوز أن يجتمع فيها فعل أن يبقى وقوة أن يفسد ، وفى الأشياء البسيطة المفارقة الذات لا يجوز أن يجتمع هذان الأمران.

وأقول بوجه مطلق : إنه لا يجوز أن يجتمع فى شىء أحدىّ الذات هذان المعنيان ، وذلك لأن كل شىء يبقى وله قوة أن يفسد فله أيضا قوة أن

__________________

(١) قوله رضوان الله عليه : « واقول ايضا انّ سببا آخر لا يعدم » ، اقول : كلامه دفع دخل مقدر وهو أن يقال إذا فسد البدن بفساد المزاج أو التركيب يمكن أن يكون فساد المزاج والتركيب بسبب فساد النفس من سبب آخر. ثم بفسادها فسد المزاج والبدن. فأجاب بقوله : « إنّ سببا آخر لا يعدم النفس ألبتة ... ». ثم إن كلامه هذا من انّ سببا آخر لا يعدم النفس ناظر الى كلام الفارابى فى رسالته الموسومة باثبات المفارقات. ونحن شرحناها فى الدرس ١٠٤ من رسالتنا فى معرفة النفس.

٣١٦

يبقى ، لأن بقاءه ليس بواجب ضرورى. وإذا لم يكن واجبا كان ممكنا ، والإمكان الذى يتناول الطرفين هو طبيعة القوة ، فإذن يكون له فى جوهره قوة أن يبقى وفعل أن يبقى. وقد بان أن فعل أن يبقى منه لا محالة ليس هو قوة أن يبقى منه ، وهذا بيّن ، فيكون فعل أن يبقى منه أمرا يعرض للشىء الذى له قوة أن يبقى ، فتلك القوة لا تكون لذات مّا بالفعل ، بل للشىء الذى يعرض لذاته أن تبقى بالفعل ، لا أنه حقيقة ذاته. فيلزم من هذا أن تكون ذاته مركبة من شىء إذا كان ، كانت به ذاته موجودة بالفعل وهو الصورة فى كل شىء ، وعن شىء حصل له هذا الفعل وفى طباعه قوته وهو مادته.

فإن كانت النفس بسيطة مطلقة لم تنقسم إلى مادة وصورة ، فإن كانت مركبة فلنترك المركب ولننظر فى الجوهر الذى هو مادته.

ولنصرف القول إلى نفس مادته ولنتكلم فيها.

ونقول : إن المادة إما أن تنقسم هكذا دائما ونثبت الكلام دائما ، وهذا محال ، وإما أن لا يبطل الشىء هو الجوهر والسنخ. وكلامنا فى هذا الشىء الذى هو السنخ والأصل وهو الذى نسميه النفس ، وليس كلامنا فى شىء مجتمع منه ومنه شىء آخر. فبين أن كل شىء هو بسيط غير مركب ، أو هو أصل مركب وسنخه ، فهو غير مجتمع فيه فعل أن يبقى وقوة أن يعدم بالقياس إلى ذاته. فإن كانت فيه قوة أن يعدم فمحال أن يكون فيه فعل أن يبقى ، وإذا كان فيه فعل أن يبقى وأن يوجد فليس فيه قوة أن يعدم.

فبين إذن أن جوهر النفس ليس فيه قوة أن يفسد.

وأما الكائنات التى تفسد فإن الفاسد منها هو المركب المجتمع ، وقوة أن

٣١٧

يفسد أو يبقى ليس فى المعنى الذى به المركب واحد ، بل فى المادة التى هى بالقوة قابلة كلا الضدين. فليس إذن فى الفاسد المركب لا قوة أن يبقى ولا قوة أن يفسد ، فلم تجتمعا فيه.

وأما المادة فإما أن تكون باقية لا بقوة تستعد بها للبقاء كما يظن قوم ، وإما أن تكون باقية بقوة بها تبقى وليس لها قوة أن تفسد ، بل قوة أن تفسد شىء آخر يحدث فيها. والبسائط التى فى المادة فإن قوة فسادها فى جوهر المادة لا فى جوهرها. والبرهان الذى يوجب أن كل كائن فاسد من جهة تناهى قوّتى البقاء والبطلان ، إنما يوجب فيما هو كائن من مادة وصورة ، وتكون فى مادته قوة أن تبقى فيه تلك الصورة وقوة أن تفسد هى منه ، كما قد علمت. فقد بان إذن أن النفس الإنسانية لا تفسد ألبتة ، وإلى هذا سقنا كلامنا والله الموفق.

وقد أوضحنا أن الأنفس (١) إنما حدثت وتكثرت مع تهيؤ من الأبدان. على أن تهيؤ الأبدان يوجب أن يفيض وجود النفس لها من العلل المفارقة.

__________________

(١) قوله ـ رضوان الله تعالى عليه ـ : « وقد أوضحنا أن الأنفس ... » ، اقول هذا شروع فى إبطال التناسخ وخلاصة كلامه فى المقام هو ما ذكره فى التعليقات بقوله : « كلما حدث مزاج صلح لنفس فاحدث لا محالة نفسا ، أو استعدت مادة لقبول صورة نارية أو هوائية أو مائية أو أرضية حدث فيها تلك الصورة من المبادئ المفارقة ، فالقول بالتناسخ يبطل من هذا الوجه » انتهى ( ص ٢٩ ).

وفى النجاة جعل قوله هذا فى إبطال التناسخ إلى آخره فصلا على حدة حيث قال : « فصل فى بطلان القول بالتناسخ ، وقد أوضحنا أنّ الأنفس أنما حدثت ... » ( ص ١٨٩ ط مصر ).

ثم إنّ لنا كلاما فى التناسخ يطلب تفصيله فى تعليقتنا على الأسفار فى المقام.

٣١٨

وظهر من ذلك أن هذا لا يكون على سبيل الاتفاق والبخت ، حتى يكون وجود النفس الحادثة ليس لاستحقاق هذا المزاج نفسا حادثة مدبرة.

ولكن قد كان (١) وجدت نفس واتفق أن وجد معها بدن فتعلق بها ، فإن مثل هذا لا يكون علة ذاتية ألبتة للتكثر ، بل عسى أن يكون عرضية.

وقد عرفنا أن العلل الذاتية هى التى يجب أن تكون أولا ، ثم ربما تليها العرضية ، فإذا كان كذلك ، فكل بدن يستحق مع حدوث مزاج مادته حدوث نفس له ، وليس بدن يستحقه وبدن لا يستحقه ، إذ أشخاص الأنواع لا تختلف فى الأمور التى بها تتقوم. وليس يجوز أن يكون بدن إنسانى يستحق نفسا تكمل به وبدن آخر وهو فى حكم مزاجه بالنوع لا يستحق ذلك ، بل إن اتفق كان وإن لم يتفق لم يكن ، فإن هذا حينئذ لا يكون من نوعه ، فإذا فرضنا أن نفسا تناسختها أبدان ، فكلّ بدن فإنه بذاته يستحق نفسا تحدث له وتتعلق به ، فيكون البدن الواحد فيه نفسان معا.

ثم العلاقة بين النفس والبدن ليست هى على سبيل الانطباع فيه ، كما بيناه مرارا ، بل العلاقة التى بينهما هى علاقة الاشتغال من النفس بالبدن ، حتى تشعر النفس بذلك البدن ، وينفعل البدن عن تلك النفس. وكل حيوان فإنه يستشعر نفسه نفسا واحدة هى المتصرفه (٢) والمدبرة للبدن الذى له ، فإن كان هناك نفس أخرى لا يشعر الحيوان بها ولا هو بنفسه ولا تشتغل

__________________

(١) فى تعليقة نسخة : هذا شروع فى ابطال التناسخ.

(٢) المصرّفة ، نسخة.

٣١٩

بالبدن ، فليست لها علاقة مع البدن ، لأن العلاقة لم تكن إلا بهذا النحو ، فلا يكون تناسخ بوجه من الوجوه. وبهذا المقدار لمن أراد الاختصار كفاية ، بعد أنّ فيه كلاما طويلا.

٣٢٠