بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

١٥

باب

*(انهم الحجة على جميع العوالم وجميع المخلوقات)*

١ ـ ل : أبي عن سعد عن الحسن بن عبدالصمد عن ابن أبي عثمان عن العبادي عبدالخالق(١) عمن حدثه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل اثنى عشر ألف عالم ، كل عالم منهم أكبر من سبع سماوات وسبع أرضين ، مايرى عالم منهم أن الله عز وجل عالما غيرهم ، وإني الحجة عليهم(٢).

٢ ـ ير : ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن رجاله عن أبي عبدالله عليه‌السلام يرفع الحديث إلى الحسن بن علي عليه‌السلام أنه قال : إن لله مدينتين(٣) : إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب عليهما سوران من حديد ، وعلى كل مدينة ألف ألف مصراع من ذهب ، وفيها سبعون ألف ألف لغة ، يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه وأنا أعرف جميع اللغات وما فيها ، وما بينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي(٤).

ير : أحمد بن الحسين(٥) عن أبيه بهذا الاسناد مثله(٦).

٣ ـ ير : أحمد بن محمد بن الحسين عن إحمد بن إبراهيم عن عمار عن إبراهيم بن الحسين عن بسطام عن ابن بكير عن عمر بن يزيد عن هشام الجواليقي عن أبي عبدالله

__________________

(١) في المصدر : عن العبادي بن عبدالخالق.

(٢) الخصال ٢ : ١٧١ و ١٧٢.

(٣) لعلهما في غير كرتنا بل في الكرات الاخرى.

(٤) بصائر الدرجات : ٩٨.

(٥) في المصدر : أحمد بن محمد بن الحسين.

(٦) بصائر الدرجات : ٩٨.

٤١

عليه‌السلام قال : إن لله مدينة(١) خلق البحر سعتها مسيرة أربعين يوما للشمس(٢) فيها قوم لم يعصوا الله قط ولا يعرفون إبليس ولا يعلمون خلق إبليس ، نلقاهم في كل حين فيسألونا عما يحتاجون إليه ويسألونا الدعاء فنعلمهم ، ويسألونا عن قائمنا متى يظهر.

وفيهم عبادة واجتهاد شديد ، ولمدينتهم أبواب مابين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ ، لهم تقديس واجتهاد شديد ، لو رأيتموهم لاحتقرتم(٣) عملكم ، يصلي الرجل منهم شهرا لا يرفع رأسه من سجوده ، طعامهم التبسيح ولباسهم الورق(٤) ووجوههم مشرقة بالنور ، إذا رأوا منا واحدا لحسوه(٥) واجتمعوا إليه وأخذوا من أثره من الارض يتبركون به ، لهم دوي إذا صلوا أشد من دوي الريح العاصف ، فيهم جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ، ينتظرون قائمنا ، يدعون(٦) أن يريهم إياه ، وعمر أحدهم ألف سنة ، إذا رأيتهم رأيت الخشوع والاستكانة وطلب مايقربهم إليه(٧).

إذا احتبسنا ظنوا أن ذلك من سخط ، يتعاهدون الساعة التي نأتيهم فيها لا يسأمون ولا يفترون ، يتلون كتاب الله كما علمناهم ، وإن فيما نعلمهم مالو تلي على الناس

__________________

(١) الظاهر على فرض ثبوت الحديث انها في عالم آخر غير الارض ، والا يلزم أن تكون قطعة من الارض أوسع من جميع الارض : اربعين مرة. ولعل الصحيح مافي البصائر المطبوع من اسقاط كلمة : ( للشمس ) فيكون سعة المدينة مسيرة أربعين يوما للراجل وعلى أي يحتمل ان يكون المراد بتلك المدينة مدينة روحاني بدلالة قوله : طعامهم التسبيح.

(٢) في المصدر : مسيرة اربعين يوما ، فيها : والعلم عند الله.

(٣) في نسخة : لاحقرتم. وفي المحتضر : لو رأيتهم لحقرت.

(٤) في نسخة : ( ولباسهم الورع ) يوجد ذلك في المحتضر.

(٥) الصحيح كما في المحتضر : ( احتوشوه ) أي أحدقوا به وجعلوه في وسطهم.

(٦) في المحتضر : يدعون الله.

(٧) في المحتضر : ( مايقربهم من الله ) وفيه : ( احتبسنا عنهم ) وفيه : يتعاهدون أوقاتنا التي.

٤٢

لكفروا به ولانكروه ، يسألوننا عن الشئ إذا ورد عليهم من القرآن ولا يعرفونه(١) فاذا أخبرناهم به انشرحت صدروهم لما يسمعون(٢) منا وسألوا الله طول البقاء وأن لا يفقدونا ، ويعلمون أن المنة من الله عليهم فيما نعلمهم عظيمة.

ولهم خرجة مع الامام إذا قام يسبقون فيها أصحاب السلاح منهم ويدعون الله أن يجعلهم ممن ينتصر به لدينه(٣) ، فيهم كهول وشبان ، إذا رأى شاب منهم الكهل جلس بين يديه جلسة العبد لايقوم حتى يأمره ، لهم طريق هم أعلم به من الخلق إلى حيث يريد الامام ، فاذا أمرهم الامام بأمر قاموا عليه(٤) أبدا حتى يكون هو الذي يأمرهم بغيره ، لو أنهم وردوا على مابين المشرق والمغرب من الخلق لافنوهم في ساعة واحدة لايختل الحديد فيهم(٥).

ولهم سيوف من حديد غير هذا الحديد ، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلا لقده حتى يفصله ، يغزوا بهم الامام الهند والديلم والكرك(٦) والترك والروم وبربر و مابين جابرسا إلى جابلقا ، وهما مدينتان واحدة بالمشرق ، واخرى بالمغرب ، لايأتون على أهل دين إلا دعوهم إلى الله وإلى الاسلام(٧) وإلى الاقرار بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن لم يقر بالاسلام ولم يسلم قتلوه حتى لايبقى بين المشرق والمغرب ومادون الجبل أحد إلا أقره(٨).

__________________

(١) في المحتضر : لايفهمونه.

(٢) في المحتضر : ( يسمعونه منا وسألوا لنا طول البقاء ) وفيه : فيما نعلمهم به عظيمة.

(٣) في البصائر : لدينهم.

(٤) في المحتضر : قاموا اليه.

(٥) المحتضر خال عن قوله : لايختل الحديد فيهم.

(٦) في المحتضر : والكرد والروم وبربر وفارس.

(٧) في المحتضر : والى الاسلام والتوحيد والاقرار.

(٨) بصائر الدرجات : ١٤٤ و ١٤٥.

٤٣

بيان : أقول : رواه الشيخ حسن بن سليمان في كتاب المحتضر من الاربعين لسعد الاربلي بإسناده عن سعد عن ابن عيسى عن الاهوازي واليقطيني معا عن فضالة عن القاسم بن بريد عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن ميراث العلم ما مبلغه؟ أجوامع هو من العلم أم تفسير كل شئ من هذه الامور التي يتكلم(١) فيها؟ فقال : إن الله عزوجل مدينتين : مدينة بالمشرق ، ومدينة بالمغرب ، فيهما قوم لايعرفون إبليس إلى آخر الخبر(٢).

قوله : لحسوه ، اللحس : أخذ الشئ باللسان ، ولعل المراد به ههنا اهتمامهم في أخذ العلم ، قال الجزري : في حديث غسل اليد من الطعام : إن الشيطان حساس لحاس ، أي كثير الحس لما يصل إليه ، تقول : لحست الشئ ألحسه : إذا أخذته بلسانك ، ويقال : التحست منه حقي ، أي أخذته ، واللاحوس : الحريص.

قوله عليه‌السلام : لايختل فيهم الحديد ، قال الفيروزآبادي : اختله بالرمح : نفذه وانتظمه ، وتخلله به طعنة إثر اخرى ، ويحتمل أن يكون من ختله : إذا خدعه. قوله عليه‌السلام : وما دون الجبل ، أي المحيط بالدنيا.

٤ ـ ير : الحسين بن محمد عن المعلى عن محمد بن جمهور عن سليمان بن سماعة عن عبدالله بن القاسم عن سماعة بن مهران عن أبي الجارود عن أبي سعيد قال : قال الحسن بن علي عليهما‌السلام : إن لله مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب على كل واحدة سور من حديد ، في كل سور سبعون ألف مصراع من ذهب ، يدخل من كل مصراع سبعون ألف لغة آدميين ، وليس فيها لغة إلا مخالف للاخرى ، وما منها لغة إلا وقد علمتها ، ولا

__________________

(١) في المصدر : نتكلم فيها.

(٢) المحتضر : ١٠٣ و ١٠٤ ورواه أيضا في مختصر البصائر : ١٠ عن أحمد بن محمد بن عيسى وفيهما : والى الاسلام والاقرار بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والتوحيد وولايتنا أهل البيت فمن أجاب منهم ودخل في الاسلام تركوه وامروا عليه أميرا منهم ومن لم يجب ولم يقر بمحمد ولم يقر بالاسلام. وفيهما : الا آمن.

٤٤

فيهما ولا بينهما ابن نبي غيري وغير أخي ، وأنا الحجة عليهم(١).

خص : سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة وعبدالله بن محمد عن عبدالله بن القاسم مثله(٢).

أقول : رواه الحسن بن سليمان من الاربعين لسعد الاربلي عن سعد بن عبدالله عن سلمة مثله(٣).

٥ ـ ير : محمد بن هارون عن أبي يحيى الواسطي عن سهل بن زياد عن عجلان أبي صالح قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قبة آدم ، فقلت له : هذه قبة آدم؟ فقال : نعم ، ولله قباب كثيرة ، أما إن خلف مغربكم هذا تسعة وثلاثين مغربا أرضا بيضاء مملوة خلقا يستضيئون بنورنا ، لم يعصوا الله طرفة عين ، لايدرون أخلق الله آدم أم لم يخلقه يتبرأون من فلان وفلان.

قيل له : كيف هذا يتبرأون من فلان وفلان وهم لايدرون أخلق الله آدم أم لم يخلقه؟ فقال للسائل : أتعرف إبليس؟ قال : لا إلا بالخبر ، قال : فامرت باللعنة و البراءة منه؟ قال : نعم ، قال : فكذلك أمر هؤلاء(٤).

٦ ـ خص ، ير : محمد بن عيسى عن يونس عن عبدالصمدعن جابرعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن من وراء شمسكم هذه أربعين عين شمس ، مابين شمس إلى شمس أربعون عاما ، فيها خلق كثير مايعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه ، وإن من وراء قمركم هذا أربعين قمرا. مابين قمر إلى قمر مسيرة أربعين يوما. فيها خلق كثير مايعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه ، قد الهموا كما الهمت النحل لعنة الاول و

__________________

(١) بصائر الدرجات : ١٤٥ فيه وفي مختصر البصائر : ( لغة ادمي ) وفيهما ( الا مخالفة ) وفيهما : ( علمناها ) وفي المختصر : ( ابن بنت نبي ) وفيه : حجة الله.

(٢) مختصر بصائر الدرجات : ١١ فيه : ( سماعة بن مهران عمن حدثه عن الحسن بن حي وابي الجارود ذكراه عن ابي سعيد عقيصا الهمداني ) وفيه : في كل مصراع.

(٣) مختصر البصائر : ١٠٢.

(٤) بصائر الدرجات : ١٤٥.

٤٥

الثاني في كل وقت من الاوقات ، وقد وكل بهم ملائكة متى لم يلعنوهما عذبوا(١).

أقول : أوردنا كثيرا من الاخبار في ذلك في باب العوالم من كتاب السماء و العالم.

٧ ـ سر : من جامع البزنطي عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ما من شئ(٢) ولا من آدمي ولا إنسي ولا جني(٣) ولا ملك في السماوات إلا و نحن الحجج عليهم ، وما خلق الله خلقا إلا وقد عرض ولايتنا عليه واحتج بنا عليه فمؤمن بنا وكافر وجاحد حتى السماوات والارض والجبال الآية(٤).

٨ ـ ختص : أحمد بن الحسين عن الحسن بن برة والحسن بن برا عن علي بن حسان(٥) عن عمه عبدالرحمان قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من أهل اليمن فسلم فرد عليه‌السلام ثم قال له : عندكم علماء؟ قال : نعم ، قال : فما بلغ من علم عالمكم؟ قال : يزجر الطير ويقفو الاثر في الساعة الواحدة مسيرة شهر للراكب المحث.

فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : إن عالم المدينة أعلم من عالمكم ، قال : وما بلغ من علم عالم المدينة؟ قال : إن عالم المدينة(٦) ينتهي إلى أن لايقفو الاثر ولا يزجر الطير ويعلم في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس يقطع اثني عشر بروجا واثني عشر برا واثني عشر بحرا واثني عشر عالما ، فقال له اليماني : جعلت فداك ماظننت أن أحدا يعلم هذا وما أدري ماهن ، وخرج(٧).

__________________

(١) مختصر بصائر الدرجات : ١٢ ، بصائر الدرجات : ١٤٥.

(٢) في نسخة : مامن نبي.

(٣) في المصدر : ولا انس ولا جن.

(٤) السرائر : ٤٧٣.

(٥) في المصدر : عن الحسن برة عن علي بن حسان.

(٦) في المصدر : ان علم عالم المدينة.

(٧) الاختصاص : ٣١٩.

٤٦

بيان : لعل المراد بقفو الاثر الحكم بأوضاع النجوم وحركاتها ، وبزجر الطير : ماكان بين العرب من الاستدلال بحركات الطيور وأصواتها على الحوادث ، قال في النهاية : الزجر للطير هو التيمن والتشأم بها والتفأل بطيرانها كالسانح والبارح ، وهو نوع من الكهانة والقيافة.

٩ ـ كتاب المحتضر تأليف الحسن بن سليمان مما رواه من الاربعين لسعد الاربلي عن الحسن بن عبدالصمد عن ابن أبي عثمان عن أبي الهيثم خالد الارمني عن هشام ابن سالم عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن لله عزوجل بالمشرق مدينة اسمها جابلقا(١) ، لها اثنا عشر ألف باب من ذهب بين(٢) كل باب إلى صاحبه فرسخ ، على كل باب برج فيه اثنا عشر ألف مقاتل ، يهلبون(٣) الخيل ويشهرون السيف والسلاح ، ينتظرون قيام قائمنا ، وإني الحجة عليهم(٤).

بيان : الهلب بالضم : ماغلظ من الشعر أو شعر الذنب ، وهلبه : نتف هلبه كهلبه ، وفي النهاية : في حديث أنس : لاتهلبوا أذناب الخيل ، أي لا تستأصلوها بالجز والقطع.

١٠ ـ ومن كتاب البصائر لسعد بن عبدالله عن سلمة بن الخطاب عن أحمد بن عبدالرحمان الصيرفي عن محمد بن سليمان عن يقطين الجواليقي عن فلفلة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل خلق جبلا محيطا بالدنيا من زبرجدة خضرآء ، وإنما خضرة السمآء من خضرة ذلك الجبل ، وخلق خلقه خلقا لم يفترض عليهم شيئا مما افترضه على خلقه من صلاة وزكاة ، وكل يلعن رجلين من هذه الامة ، و سماهما(٥).

__________________

(١) في المصدر : يقال لها : جابلقا.

(٢) في المصدر : مابين.

(٣) في المصدر : ( يهيؤن ) وهو الاصح. وفيه : السيوف.

(٤) المحتضر : ١٠٢.

(٥) مختصر البصائر : ١١ و ١٢ ويوجد ايضا في المحتضر : ١٦٠ ، وفيهما : وكلهم.

٤٧

١٦

باب

*(نادر في أن الابدال هم الائمة عليهم‌السلام)*

١ ـ ج : روي عن الخالد بن الهيثم الفارسي قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه‌السلام : إن الناس يزعمون أن في الارض أبدالا ، فمن هؤلاء الابدال؟ قال : صدقوا ، الابدال الاوصيآء(١) ، جعلهم الله عزوجل في الارض بدل الانبيآء ، إذ رفع الانبيآء وختمهم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله(٢).

بيان : ظاهر الدعاء المروي من ام داود عن الصادق عليه‌السلام في النصف من رجب حيث قال : « اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، كما صليت ورحمت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم صل على الاوصيآء والسعداء والشهداء وأئمة الهدى ، اللهم صل على الابدال والاوتاد والسياح والعباد والمخلصين والزهاد وأهل الجد والاجتهاد » إلى آخر الدعاء يدل على مغايرة الابدال للائمة عليهم‌السلام ، لكن ليس بصريح فيها ، فيمكن حمله على التأكيد.

ويحتمل أن يكون المراد به في الدعاء خواص أصحاب الائمة عليهم‌السلام ، والظاهر من الخبر نفي ماتفتريه الصوفية من العامة ، كما لا يخفى على المتتبع العارف بمقاصدهم عليهم‌السلام.

__________________

(١) في المصدر : الابدال هم الاوصيآء.

(٢) احتجاج الطبرسي : ٢٤٠.

٤٨

١٧

باب

*(ان صاحب هذا الامر محفوظ ، وانه يأتى الله)*

*(بمن يؤمن به في كل عصر)*

١ ـ شى : ابن سنان عن سليمان بن هارون قال : قلت له : إن بعض هذه العجلية يقولون : إن سيف رسول الله (ص) عند عبدالله بن الحسن ، فقال : والله مارآه هو ولا أبوه بواحدة من عينيه إلا أن يكون رآه أبوه عند الحسين عليه‌السلام ، وإن صاحب هذا الامر محفوظ محفوظ له ، فلا تذهبن يمينا ولا شمالا ، فإن الامر والله واضح.

والله لو أن أهل السمآء والارض اجتمعوا على أن يحولوا هذا الامر من موضعه الذي وضعه الله فيه ما استطاعوا ، ولو أن الناس كفروا جميعا حتى لايبقى أحد لجاء الله لهذا الامر بأهل يكونون من أهله ، ثم قال : أما تسمع الله يقول : « يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين »(١) حتى فرغ من الآية ، وقال في آية اخرى : « فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين(٢) » ثم قال : إن أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية(٣).

__________________

(١) المائدة : ٥٩.

(٢) الانعام : ٨٩.

(٣) تفسير العياشي ١ : ٣٢٦.

٤٩

١٨

باب

*(خصائصهم عليهم‌السلام)*

١ ـ صح : عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : إنا أهل بيت لاتحل لنا الصدقة ، وامرنا باسباغ الوضوء ، وأن لاننزي(١) حمارا على عتيقة ، ولا نمسح على خف(٢).

٢ ـ كا : العدة عن أحمد بن محمد عن الاهوازي عن عبدالله بن بحر عن ابن مسكان عن عبدالرحمان بن أبي عبدالله عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : الائمة بمنزلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا أنهم ليسوا بأنبيآء ، ولا يحل لهم من النسآء ما يحل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأما ماخلا ذلك فهم بمنزلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله(٣).

بيان : يدل ظاهرا على اشتراكهم مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في سائر الخصائص سوى ماذكر.

__________________

(١) انزى : جعله ينزو ، ونزا الذكر على الانثى : سفدها.

(٢) صحيفة الرضا : ٥.

(٣) اصول الكافي ١ : ٢٧٠ فيه : فهم فيه.

٥٠

أبواب

*(ولايتهم وحبهم وبغضهم صلوات الله عليهم)*

١

باب

*(وجوب موالاة أوليائهم ومعاداة أعدائهم)*

١ ـ فس : في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : « ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه » فيحب بهذا ويبغض بهذا ، فأما محبتنا(١) فيخلص الحب(٢) لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه ، من(٣) أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه فان شاركه(٤) في حبنا حب عدونا فليس منا ولسنا منه ، والله عدو هم وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين(٥).

٢ ـ ب : ابن عيسى عن البزنطي قال : كتب إلى الرضا عليه‌السلام : قال أبوجعفر عليه‌السلام : من سره أن لا يكون بينه وبين الله حجاب حتى ينظر إلى الله(٦) وينظر الله إليه فليتول آل محمد ويبرأ(٧) من عدوهم ويأتم بالامام منهم ، فانه إذا كان كذلك

__________________

(١) في نسخة : فاما محبنا.

(٢) في المصدر : فتخلص المحب.

(٣) في المصدر : فمن اراد.

(٤) في المصدر : فان شارك.

(٥) تفسير القمي : ٥١٤.

(٦) المصدر ونسخة من الكتاب خال عن قوله : ينظر إلى الله و.

(٧) في نسخة : ويتبرا.

٥١

نظر الله إليه ونظر إلى الله(١).

بيان : نظره إلى الله كناية عن غاية المعرفة بحسب طاقته وقابليته ، ونظر الله إليه كناية عن نهاية اللطف والرحمة.

٢ ـ ل في خبر الاعمش عن الصادق عليه‌السلام قال : حب أوليآء الله واجب ، والولاية لهم واجبة ، والبراءة من أعدائهم واجبة ومن الذين ظلموا آل محمد صلى الله عليهم وهتكوا حجابه وأخذوا(٢) من فاطمة عليها‌السلام فدك(٣) ومنعوها ميراثها وغصبوها وزوجها حقوقهما وهموا باحراق بيتها وأسسوا الظلم وغيروا سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة ، والبراءة من الانصاب والازلام أئمة الضلال وقادة الجور كلهم أولهم وآخرهم واجبة ، والبراءة من أشقى الاولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود قاتل أمير المؤمنين عليه‌السلام واجبة ، والبراءة من جميع قتلة أهل البيت عليهم‌السلام واجبة.

والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله واجبة ، مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الاسود الكندي وعمار بن ياسر و جابر بن عبدالله الانصاري وحذيفة بن اليمان وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وأبي أيوب الانصاري وعبدالله بن الصلت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ومن نحا نحوهم وفعل مثل فعلهم والولاية لاتباعهم والمقتدر بهم وبهداهم واجبة(٤).

أقول : قد مضى مثله بتغير مافي المجلد الرابع عن الرضا عليه‌السلام فيما كتب للمأمون في اصول الدين وفروعه.

٤ ـ لى : ابن البرقي عن أبيه عن جده عن سليمان بن مقبل عن ابن أبي عمير

__________________

(١) قرب الاسناد : ١٥٣.

(٢) في المصدر : فاخذوا.

(٣) في نسخة من الكتاب والمصدر : فدكا.

(٤) الخصال : ٢ : ١٥٣ و ١٥٤.

٥٢

عن هشام بن سالم عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : من جالس لنا عائبا أو مدح لنا قاليا أو واصل لنا قاطعا أو قطع لنا واصلا أو والى لنا عدوا أو عادى لنا وليا فقد كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم(١).

٥ ـ ل : ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن سعدان عن الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : عشر من لقي الله عزوجل بهن دخل الجنة : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، والاقرار بما جآء(٢) من عند الله عزوجل وإقام الصلاة و إيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لاوليآء الله والبرآءة من أعداء الله واجتناب كل مسكر(٣).

ل : الطالقاني عن الحسن بن علي العدوي عن صهيب بن عباد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم‌السلام مثله(٤).

٦ ـ جا ، ما : المفيد عن علي بن خالد المراغي عن القاسم بن محمد الدلال عن سبرة ابن زياد عن الحكم بن عيينة عن حبيش بن المعتمر قال : دخلت على أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته كيف أمسيت قال : أمسيت محبا لمحبنا ومبغضا لمبغضنا ، وأمسى محبنا مغتبطا برحمة من الله كان ينتظرها وأمسى عدونا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار ، فكأن ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لاهلها ، فهنيئا لاهل الرحمة رحمتهم ، والتعس(٥) لاهل النار والنار لهم.

ياحبيش من سره أن يعلم أمحب لنا أم مبغض فليمتحن قلبه ، فكان كان يحب وليا لنا فليس بمبغض لنا ، وإن كان يبغض وليا لنا فليس بمحب لنا ، إن الله تعالى

__________________

(١) امالي الصدوق : ٣٤ و ٣٥.

(٢) في نسخة : بما جاء به.

(٣ و ٤) الخصال ٢ : ٥٢.

(٥) التعس : الهلاك.

٥٣

أخذ الميثاق لمحبينا بمودتنا وكتب في الذكر اسم مبغضنا ، نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء(١).

بيان : الغبطة : حسن الحال والمسرة ، والمغتبط بالكسر : الذي يتمنى الناس حاله.

٧ ـ ما : المفيد عن الجعابي عن ابن عقدة عن محمد بن القاسم الحارثي عن أحمد ابن صبيح عن محمد بن إسماعيل الهمداني عن الحسين بن مصعب قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : من أحبنا لله وأحب محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه وعادى عدونا لا لاجنة كانت بينه وبينه ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر غفر الله تعالى له(٢).

بيان : الاحنة بالكسر : الحقد.

٨ ـ م ، مع ، ن ، ع : المفسر باسناده إلى أبي محمد العسكري عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه ذات يوم : ياعبدالله أحب في الله وأبغض في الله ووال في الله وعاد في الله فإنه لاتنال ولاية الله إلا بذلك ، ولا يجد رجل طعم الايمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك ، وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا عليها يتوادون وعليها يتباغضون ، وذلك لايغني عنهم من الله شيئا.

فقال له : وكيف لي أن أعلم أني قد واليت وعاديت في الله عزوجل؟ ومن ولي الله عزوجل حتى اواليه؟ ومن عدوه حتى اعاديه؟ فأشار له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام فقال : أترى هذا؟ فقال : بلى ، قال : ولي هذا ولي الله فواله ، وعدو هذا عدو الله فعاده ، قال : وال ولي هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك ، وعاد عدو هذا

__________________

(١) مجالس المفيد : ١٩٧.

(٢) امالي ابن الشيخ : ٩٧.

٥٤

ولو أنه أبوك أو ولدك(١).

٩ ـ لى : ابن المتوكل عن الاسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن الثمالي عن ابن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سره أن يجمع الله له الخير كله فليوال عليا بعدي وليوال أولياءه وليعاد أعداءه(٢).

١٠ ـ ثو : أبي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن صالح بن سهل عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أحبنا وأبغض عدونا في الله من غير ترة وترها إياه في شئ من أمر الدنيا ثم مات على ذلك فلقي الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر غفرها الله له(٣).

بيان : الترة بالكسر : الحقد والظلم والثأر ، يقال : وتره يتره وترا وترة ، ووتره ماله : نقصه إياه.

١١ ـ ثو : أبي عن أحمد بن إدريس عن الاشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن عبدالله بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من لم يعرف سوء ما اتي إلينا من ظلمنا وذهاب حقنا وما ركبنا(٤) به فهو شريك من أتى(٥) إلينا فيما ولينا به(٦).

بيان : فيما ولينا به ، أي استولى علينا وقرب منا بسببه ، أو على بناء المجهول من التفعيل ، أي فيما جعلنا الله به واليا.

__________________

(١) التفسير العسكري : ١٨ ، معاني الاخبار : ١١٣ ، عيون الاخبار : ١٦١ ، علل الشرائع : ٥٨.

(٢) امالي الصدوق : ٢٨٣.

(٣) ثواب الاعمال : ١٦٥.

(٤) في نسخة : وما نكبنا به.

(٥) في نسخة : من أتى به الينا.

(٦) ثواب الاعمال : ٢٠٠.

٥٥

١٢ ـ سن : أبي عن حمزة بن عبدالله عن جميل بن دراج عن حكم عن أعين(١) عن ميسر بن عبدالعزيز النخعي عن أبي خالد الكابلي قال : أتى نفر إلى علي بن الحسين بن علي عليه‌السلام فقالوا : إن بني عمنا وفدوا إلى معاوية بن أبي سفيان طلب رفده(٢) وجائزته ، وإنا قد وفدنا إليك صلة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. فقال علي بن الحسين : قصيرة من طويلة ، من أحبنا لا لدنيا يصيبها منا وعادى عدونا لا لشحناء كانت بينه وبينه أتى الله يوم القيامة مع محمد وإبراهيم وعلي(٣).

بيان : قوله : قصيرة من طويلة ، إما كلام الراوي ، أي اقتصر عليه‌السلام من الكلام الطويل على قليل يغني غناءه ، أو من كلامه عليه‌السلام بأن يكون معمولا لفعل محذوف أي خذها ، كما هو المتعارف ، أو خبر مبتدء محذوف ، أي هذه.

ثم الظاهر إن قول الراوي : إن بني عمنا حكاية عن الزمان السالف إن كان إتيانهم في زمان إمامته عليه‌السلام كما هو الظاهر من السياق ومن الراوي فتفطن ، وسيأتي(٤) في باب حبهم « إلى الحسين » فلا يحتاج إلى تكلف.

١٣ ـ سن : أبي عن حمزة بن عبدالله الجعفري عن جميل بن دراج عن عمر بن مدرك أبي علي الطائي قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أي عرى (٥) الايمان أوثق؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : قولوا : فقالوا : يابن رسول الله الصلاة ، فقال : إن للصلاة فضلا ، ولكن ليس بالصلاة ، قالوا : الزكاة ، قال : إن للزكاة فضلا وليس بالزكاة

__________________

(١) في المصدر : حكم بن أيمن.

(٢) الرفد : العطاء.

(٣) المحاسن : ١٦٥.

(٤) هكذا في النسخة المطبوعة ، والنسخ المخطوطة الموجودة عندي خالية عن هذه الجملة ، والصحيح : وسيأتي في باب حبهم انهم أتوا إلى الحسين عليه‌السلام فلا يحتاج إلى تكلف ، والحديث موجود في باب ثواب حبهم تحت رقم : ١١٨.

(٥) العرى جمع العروة.

٥٦

قالوا : صوم شهر رمضان ، فقال : إن لرمضان فضلا وليس برمضان ، قالوا : فالحج والعمرة قال : إن للحج والعمرة فضلا وليس بالحج والعمرة ، قالوا : فالجهاد في سبيل الله قال : إن للجهاد في سبيل الله فضلا وليس بالجهاد ، قالوا : فالله ورسوله أعلم(١).

فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله وتوالي ولي الله وتعادي عدو الله(٢).

١٤ ـ ضا : روي أن الله أوحى إلى بعض عباد بني إسرائيل وقد دخل عليه شئ : أما عبادتك لي فقد تعززت بي ، وأما زهدك في الدنيا فقد تعجلت الراحة ، فهل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا؟ ثم أمر به إلى النار ، نعوذ بالله منها(٣).

١٥ ـ شى : عن سعدان عن رجل عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : « وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء » قال : حقيق على الله أن لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من حبهما(٤).

بيان : من حبهما ، أي من حب أبي بكر وعمر ، فالمراد بقوله : « لمن يشاء » الشيعة ، كما ورد في الاخبار الكثيرة.

١٦ ـ شى : عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : يا أبا حمزة إنما يعبد الله من عرف الله وأما من لايعرف الله كانما يعبد غيره هكذا ضالا ، قلت : أصلحك الله وما معرفة الله؟ قال : يصدق الله ويصدق محمدا رسول الله (ص) في موالاة علي والايتمام به وبأئمة الهدى من بعده ، والبراءة إلى الله من عدوهم ، وكذلك عرفان الله.

قال : قلت : أصلحك الله أى شئ إذا عملته أنا استكملت حقيقة الايمان؟ قال : توالي أولياء الله وتعادي أعداء الله وتكون مع الصادقين كما أمرك الله ، قال : قلت :

__________________

(١) في المصدر : ورسوله وابن رسوله اعلم.

(٢) المحاسن : ١٦٥.

(٣) فقه الرضا : ٥١.

(٤) تفسير العياشي ١ : ١٥٦.

٥٧

ومن أولياء الله؟ فقال : أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ثم انتهى الامر إلينا ثم ابني جعفر ، وأومأ إلى جعفر وهو جالس ، فمن والى هؤلاء فقد والى أولياء الله وكان مع الصادقين كما أمره الله.

قلت : ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال : الاوثان الاربعة ، قال : قلت : من هم؟ قال : أبوالفصيل ورمع ونعثل ومعاوية ومن دان دينهم ، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله(١).

بيان : قوله : هكذا ، كأنه عليه‌السلام أشار إلى الخلف أو إلى اليمين والشمال ، أي حاد عن الطريق الموصل إلى النجاة فلا يزيده كثرة العمل إلا بعدا عن المقصود كمن ضل عن الطريق ، وأبوالفصيل أبوبكر لان الفصيل والبكر متقاربان في المعنى ، ورمع مقلوب عمر ، ونعثل هو عثمان كما صرح به في كتب اللغة.

١٧ ـ سر : من كتاب انس العالم للصفواني قال : إن رجلا(٢) قدم على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين إني احبك واحب فلانا ، وسمى بعض أعدائه ، فقال عليه‌السلام : أما الآن فأنت أعور ، فاما أن تعمي وإما أن تبصر.

١٨ ـ وقيل للصادق عليه‌السلام : إن فلانا يواليكم إلا أنه يضعف عن البراءة من عدوكم ، فقال : هيهات كذب من ادعى محبتنا ولم يتبرأ من عدونا(٣).

١٩ ـ وروي عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : كمال الدين ولايتنا والبراءة من عدونا.

ثم قال الصفواني : واعلم(٤) أنه لايتم الولاية ولا تخلص المحبة ولا تثبت المودة لآل محمد إلا بالبراءة من عدوهم قريبا كان أو بعيدا(٥) ، فلا تأخذك به رأفة

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ١١٦.

(٢) في المصدر : قال : روى ان رجلا.

(٣) في المصدر : ولايتنا ولم يتبرأ من أعدائنا.

(٤) في المصدر : واعلم يابنى انه.

(٥) في المصدر : قريبا كان منك أو بعيدا.

٥٨

فان الله عزوجل يقول(١) : « لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ». الاية(٢).

٢٠ ـ م : قوله عزوجل : « ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون(٣) » قال الامام : قال الله عزوجل : « ومثل الذين كفروا » في عبادتهم للاصنام واتخاذهم الانداد من دون محمد وعلي عليهما‌السلام « كمثل الذي ينعق بما لايسمع » يصوم بما لايسمع « إلا دعاء ونداء » لايفهم مايراد منه ، فيغيث المستغيث ويعين من استعانه « صم بكم عمي » عن الهدى في اتباعهم الانداد من دون الله والاضداد لاولياء الله الذين سموهم بأسماء خيار خلائق الله(٤) ولقبوهم بألقاب أفاضل الائمة الذين نصبهم الله لاقامة دين الله « فهم لايعقلون » أمر الله عزوجل.

قال علي بن الحسين عليه‌السلام : هذا في عباد الاصنام وفي النصاب لاهل بيت محمد نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعتاة مردتهم سوف يصيرونهم إلى الهاوية(٥) ، ثم قال رسول الله (ص) نعوذ بالله(٦) من الشيطان الرجيم ، فان من تعوذ بالله منه أعاذه الله ونعوذ(٧) من همزاته ونفخاته ونفثاته.

أتدرون ماهي؟ أما همزاته فما يلقيه في قلوبكم من بغضنا أهل البيت ، قالوا : يارسول الله وكيف نبغضكم بعد ماعرفنا محلكم من الله ومنزلتكم؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : بأن تبغضوا أولياءنا وتحبوا أعداءنا فاستعيذوا بالله من محبة أعدائنا وعداوة أوليائنا فتعاذوا

__________________

(١) المجادلة : ٢٣.

(٢) السرائر : ٤٨٨.

(٣) البقرة : ١٦٦.

(٤) في المصدر : خيار خلائف الله.

(٥) في المصدر : وفي نصاب اهل بيت محمد نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هم اتباع ابليس وعتادة مردة وسوف يسيرون إلى الهاوية.

(٦ و ٧) في نسخة : تعوذوا بالله.

٥٩

من بغضنا وعداوتنا فانه من أحب أعداءنا فقد عادانا ونحن منه براء والله عزوجل منه برئ(١).

٢١ ـ عد : اعتقادنا في الظالمين أنهم ملعونون والبراءة منهم واجبة ، قال الله عزوجل : ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا اولئك يعرضون على ربهم ويقول الاسهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون(٢).

وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية : إن سبيل الله عزوجل في هذا الموضع هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام(٣) والائمة في كتاب الله عزوجل إمامان : إمام هدى وإمام ضلالة(٤) ، قال الله جل ثناؤه : « وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا(٥) » وقال الله عزوجل في أئمة الضلالة : « وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لاينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين »(٦).

ولما نزلت هذه الآية : « واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة »(٧) قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الانبياء من قبلي(٨). ومن تولى ظالما فهو ظالم ، قال الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الايمان ومن

__________________

(١) التفسير المنسوب إلى الامام العسكري عليه‌السلام : ٢٤٣ و ٢٤٤.

(٢) هود : ٢١ و ٢٢.

(٣) الظاهر أن قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ينتهى إلى هذا وما بعده من كلام مصنف الاعتقادات.

(٤) في المصدر : امام الهدى وامام الضلالة.

(٥) السجدة : ٢٤.

(٦) القصص : ٤١ و ٤٢.

(٧) الانفال : ٢٥.

(٨) الظاهر ان ذلك وما بعده من كلام مصنف الاعتقادات.

٦٠