بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

١١ ـ ير : محمد بن الحسين عن إبراهيم بن أبي البلاد عن عمار السجستاني قال : كنت لا أستأذن عليه ، يعني أبا عبدالله عليه‌السلام فجئت ذات يوم أو ليلة فجلست في فسطاطه بمنى قال : فاستوذن لشباب كأنهم رجال الزط ، فخرج عيسى شلقان فذكرنا له(١) فأذن لي ، قال : فقال لي : يابا عاصم متى جئت؟ قلت : قبل(٢) اولئك الذين دخلوا عليك ، وما رأيتهم خرجوا ، قال : اولئك قوم من الجن فسألوا عن مسائلهم ثم ذهبوا(٣).

١٢ ـ ير : محمد بن عيسى عن أبي عبدالله المؤمن عن أبي حنيفة سائق الحاج عن بعض أصحابنا قال : أتيت أبا عبدالله عليه‌السلام فقلت له : اقيم عليك حتى تشخص؟ فقال : لا امض حتى يقدم علينا أبوالفضل سدير ، فإن تهيأ لنا بعض مانريد كتبنا إليك ، قال : فسرت يومين وليلتين قال : فأتاني رجل طويل آدم بكتاب خاتمه رطب والكتاب رطب ، قال : فقرأته : (٤) إن أبا الفضل قد قدم علينا ونحن شاخصون إنشاء الله فأقم حتى نأتيك.

قال : فأتاني ، فقلت : جعلت فداك إنه أتاني الكتاب رطبا والخاتم رطبا ، قال : فقال : إن لنا أتباعا(٥) من الجن كما أن لنا أتباعا من الانس ، فإذا أردنا أمرا بعثناهم(٦).

١٣ ـ ير : أحمد بن محمد عن القاسم عن جده عن يعقوب بن إبراهيم الجعفري قال : سمعت إبراهيم بن وهب وهو يقول : خرجت وأنا اريد أبا الحسن بالعريض فانطلقت حتى أشرفت على قصر بني سراة ثم انحدرت الوادي فسمعت صوتا لا أرى

__________________

(١) في نسخة : فذكرني له.

(٢) في المصدر : قبيل أولئك.

(٣) بصائر الدرجات : ٢٨.

(٤) في المصدر : فقرأته فاذا فيه ان.

(٥) جمع التابع : الخادم الجنى.

(٦) بصائر الدرجات : ٢٩.

٢١

شخصه وهو يقول : يا ابا جعفر(١) صاحبك خلف القصر عند السدة ، فأقرئه مني السلام فالتفت فلم أر أحدا ، ثم رد علي الصوت باللفظ الذي كان ، ثم فعل ذلك ثلاثا فاقشعر جلدي ، ثم انحدرت في الوادي حتى أتيت قصد الطريق الذي خلف القصر ولم أطأ في القصر.

ثم أتيت السد نحو السمرات ثم انطلقت قصد الغدير فوجدت خمسين حيات روافع من عند الغدير ، ثم استمعت فسمعت كلاما ومراجعة ، فصفقت بنعلي ليسمع وطئي ، فسمت أبا الحسن يتنحنح ، فتنحنحت وأجبته ، ثم نظرت وهجمت فاذا حية متعلقة بساق شجرة فقال : لا عتي ولا ضائر(٢) ، فرمت بنفسها ثم نهضت على منكبه ثم أدخلت رأسها في اذنه ، فأكثرت من الصفير فأجاب : بلى قد فصلت بينكم ولا يبغي خلاف ما أقول إلا ظالم ، ومن ظلم في دنياه فله عذاب النار في آخرته مع عقاب شديد اعاقبه إياه وآخذ(٣) مالا إن كان له حتى يتوب.

فقلت : بأبي أنت وامي ألكم عليهم طاعة؟ فقال : نعم والذي أكرم محمدا (ص)

__________________

(١) كينة لابراهيم بن وهب.

(٢) في المصدر : ( لاتخشى ولا ضائر ) وفي هامش المصدر حاشية تبين بعض ألفاظ الحديث ونقلها لايخلو عن فائدة وهي هكذا : السراة بالفتح اسم جمع للسرى بمعنى الشريف. واسم لمواضع. والسمرة بضم الميم : شجرة معروفة. وروافع بالفاء والعين المهملة أي رفعت رؤوسها أو بالغين المعجمة من الرفع وهو سعة العيش أي مطمئنة غير خائفة. او بالقاف والعين المهملة أي ملونة بألوان مختلفة ، ويحتمل أن يكون في الاصل بالتاء والعين المهملة أي ترتع حول الغدير. فطفقت بنعلى أي شرعت أضرب به ، والظاهر انه بالصاد كما في بعض النسخ. والصفق : الضرب يسمع له صوت. لاتخشى ولا ضائر اي لاتخافى فانه ليس هنا احد يضرك ، يقال : ضاره اى ضره ، وفي بعض النسخ : لاعسى ، وهو تصحيف ، وقليل ماهم أي المطيعون من الانس أو من الجن بالنسبة إلى غيرهم.

(٣) في المصدر : واخذ ماله.

٢٢

بالنبوة وأعز عليا عليه‌السلام بالوصية والولاية ، إنهم لاطوع لنا منكم يا معشر الانس وقليل ماهم(١).

بيان : قوله : روافع ، أي مرتفعات أو مسرعات أو صاعدات ، قال الفيروزآبادي رفع البعير في مسيره : بالغ ، والقوم : أصعدوا في البلاد ، وبرق رافع : ساطع. والصفق الضرب يسمع له صوت.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وقليل ماهم ، أي الجن قليل مع كثرتهم في جنب من يطيعوننا من سائر المخلوقات ، أو الانس قليل بالنسبة إلى الجن.

١٤ ـ يج : سعد عن ابن أبي الخطاب عن ابن أبي البلاد عن سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن لنا خداما من الجن فاذا أردنا السرعة بعثناهم(٢).

١٥ ـ ختص : ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن البرقي عن أحمد بن النضر عن النعمان بن بشير قال : زاملت جابر بن يزيد الجعفي إلى الحج فلما خرجنا إلى المدينة ذهب إلي أبي جعفر الباقر عليه‌السلام فودعه ، ثم خرجنا فما زلنا معه حتى نزلنا الاخيرجه(٣) ، فلما صلينا الاولى ورحلنا واستوينا في المحمل إذا رجل(٤) طوال آدم شديد الادمة ، ومعه كتاب طينه رطب : « من محمد بن علي الباقر إلى جابر بن يزيد الجعفي ».

فتناوله جابر وأخذه وقبله ، ثم قال : متى عهدك بسيدي قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ قال : بعد الصلاة ، الساعة ، قال : ففك الكتاب وأقبل يقرأه ويقطب وجهه فما ضحك ولا تبسم حتى وافينا الكوفة ليلا ، فلما أصبحت أتيته إعظاما له فوجدته قد خرج علي وفي عنقه كعاب قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول : « منصور بن جمهور أمير غير مأمور » ونحو هذا من الكلام ، وأقبل يدور في أزقة الكوفة والناس

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٢٩.

(٢) الخرائج والجرائح.

(٣) اسم موضع في طريق مكة إلى الحج.

(٤) في المصدر : اذا دخل رجل.

٢٣

يقول : جن جابر ، جن جابر.

فلما كان بعد ثلاثة أيام ورد كتاب هشام بن عبدالملك على يوسف بن عثمان بأن : انظر رجلا من جعف يقال له : جابر بن يزيد ، فاضرب عنقه ، وابعث إلي برأسه.

فلما قرأ الكتاب التفت إلى جلسائه فقال : من جابر بن يزيد؟ فقد أتاني أمير المؤمنين يأمرني بضرب عنقه وأن أبعث إليه برأسه ، فقالوا : أصلح الله الامير ، هذا رجل علامة صاحب حديث وورع وزهد ، وإنه جن وخولط في علمه ، وها هوذا في الرحبة يلعب مع الصبيان ، فكتب إلى هشام بن عبدالملك : إنك كتبت إلي في هذا الرجل الجعفي وإنه جن ، فكتب إليه : دعه ، فقال : فما مضت الايام حتى جاء منصور بن جمهور فقتل يوسف بن عمر وصنع ما صنع(١).

١٦ ـ كا علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل عمن ذكره عن محمد بن جحرش قال : حدثتني حكيمة بنت موسى قالت : رأيت الرضا عليه‌السلام واقفا على باب بيت الحطب وهو يناجي ولست أرى أحدا ، فقلت : ياسيدي لمن تناجي؟ فقال : هذا عامر الزهرائي أتاني يسألني ويشكو إلي ، فقلت : ياسيدي(٢) احب أن أسمع كلامه.

فقال لي : إنك إذا(٣) سمعت به حممت سنة ، فقلت : سيدي(٤) احب أن أسمعه ، فقال لي : اسمعي ، فاستمعت فسمعت شبه الصفير ، وركبتني الحمى فحممت سنة(٥).

اقول : سيأتي أخبار هذا الباب في أبواب معجزاتهم عليهم‌السلام.

__________________

(١) الاختصاص : ٦٧ و ٦٨.

(٢ و ٤) في المصدر : ياسيدي.

(٣) في المصدر : ان سمعت.

(٥) اصول الكافي ١ : ٣٩٥ و ٣٩٦.

٢٤

١٢

با ب

*(ان عندهم الاسم الاعظم وبه يظهر منهم الغرائب)*

١ ـ ير : أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن الفضل عن ضريس(١) الوابشي عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن اسم الله الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، وإنما عند آصف(٢) منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالارض مابينه وبين سرير بلقيس ، ثم تناول السرير بيده ثم عادت الارض كما كانت أسرع من طرفة عين وعندنا نحن من الاسم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم(٣).

كشف : من كتاب الدلائل للحميري عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وسعيد أبي عمر الجلاب عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله(٤).

بيان : استأثر ، أي استبد وتفرد به كائنا هو في سائر الغيوب التي تفرد بعلمها أو معها.

٢ ـ ير : أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن خالد عن زكريا بن عمران القمي عن هارون بن الجهم عن رجل من أصحاب أبي عبدالله عليه‌السلام لم يحفظ اسمه قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن عيسى بن مريم عليه‌السلام اعطي حرفين وكان يعمل بهما ، واعطي موسى بن عمران عليه‌السلام أربعة أحرف ، واعطي إبراهيم عليه‌السلام ثمانية أحرف ، واعطي نوح عليه‌السلام خمسة عشر حرفا ، واعطي آدم عليه‌السلام خمسة وعشرين

__________________

(١) في نسخة : شريس الوابشي.

(٢) في المصدر : انما كان عند آصف.

(٣) بصائر الدرجات : ٥٧.

(٤) كشف الغمة : ٢٣٥.

٢٥

حرفا ، وإنه جمع الله ذلك لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته ، وإن اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، أعطى الله محمدا اثنين وسبعين حرفا ، وحجب عنه حرفا واحدا(١).

٣ ـ ير : الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبدالله عن علي بن محمد النوفلي عن أبي الحسن العسكري عليه‌السلام قال : سمعته يقول : اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، وإنما كان عند آصف منه حرف واحد فتكلم به فانخرقت له الارض فيما بينه وبين سبأ ، فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ثم انبسطت الارض في أقل من طرفة عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله مستأثر(٢) به في(٣) علم الغيب(٤).

٤ ـ ير : محمد بن عبدالجبار عن أبي عبدالله البرقي عن فضالة(٥) عن عبدالصمد ابن بشير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان مع عيسى بن مريم حرفان يعمل بهما ، وكان مع موصى عليه‌السلام أربعة أحرف ، وكان مع إبراهيم عليه‌السلام ستة أحرف ، وكان مع آدم خمسة وعشرين حرفا ، وكان مع نوح(٦) ثمانية ، وجمع ، ذلك كله لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن اسم الله ثلاثة وسبعون حرفا ، وحجب عنه واحدا(٧).

٥ ـ ير : إبراهيم بن هاشم عن محمد بن حفص عن عبدالصمد بن بشير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن اسم الله الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، كان عند آصف منها

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٥٧.

(٢) في المصدر : استأثر به.

(٣) في نسخة : مستأثر به في علم الغيب المكنون.

(٤) بصائر الدرجات : ٥٧ و ٥٨.

(٥) في نسخة : فضالة بن ايوب.

(٦) تقدم في الحديث الثاني انه كان مع نوح خمسة عشر ومع ابراهيم ثمانية احرف ولعل الاختلاف نشأ من قبل الروات وعدم اهتمامهم بضبط الاعداد ، وروى البرقي حديثا آخر يوافق الحديث الثاني راجع بصائر الدرجات : ٥٧.

(٧) بصائر الدرجات : ٥٧.

٢٦

حرف واحد فتكلم به فخسف بالارض مابينه وبين سرير بلقيس ، ثم تناول السرير بيده ثم عادت الارض كما كان ، أسرع من طرفة عين ، وعندنا من الاسم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب المكتوب(١).

٦ ـ ير : الحسن بن علي بن عبدالله عن ابن فضال(٢) عن داود بن أبي يزيد عن بعض أصحابنا عن عمر بن حنظلة قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : إني أظن أن لي عندك منزلة ، قال : أجل ، قال : قلت : فإن لي إليك حاجة ، قال : وماهي؟ قلت : تعلمني الاسم الاعظم ، قال : وتطيقه؟ قلت : نعم ، قال : فادخل البيت ، قال : فدخل البيت فوضع أبوجعفر عليه‌السلام يده على الارض فأظلم البيت فأرعدت فرائص عمر ، فقال : ماتقول؟ اعلمك؟ فقال : لا ، قال : فرفع يده فرجع البيت كما كان(٣).

٧ ـ ير : أحمد بن محمد بن علي بن الحكم عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان سليمان عنده اسم الله الاكبر الذي إذا سأله(٤) به اعطي ، وإذا دعا به أجاب ، ولو كان اليوم لاحتاج إلينا(٥).

٨ ـ كش : نصر بن الصباح عن ابن أبي عثمان عن قاسم الصحاف عن رجل من أهل المدائن يعرفه القاسم عن عمار الساباطي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك احب أن تخبرني باسم الله تعالى الاعظم ، فقال لي : إنك لن تقوى على ذلك ، قال : فلما ألححت قال : فمكانك إذا ، ثم قام فدخل البيت هنيهة ثم صاح بي : ادخل فدخلت ، فقال لي : ماذلك؟

فقلت : أخبرني به جعلت فداك ، قال : فوضع يده على الارض فنظرت إلى البيت يدور بي ، وأخذني أمر عظيم كدت اهلك ، فضحك ، فقلت : جعلت فداك! حسبي لا اريد(٦).

__________________

(١ و ٣ و ٥) بصائر الدرجات : ٥٧.

(٢) في نسخة : ( عن حسين بن فضال ) وفي المصدر : ( عن الحسن بن علي بن فضال ) و كلاهما مصحفان عن الحسن.

(٤) في نسخة ، ( اذا سئل به ) وفي المصدر : اذا سئله اعطى.

(٦) رجال الكشي : ١٦٤.

٢٧

٩ ـ ختص : محمد بن(١) علي عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان الاحمر قال : قال الصادق عليه‌السلام : يا أبان كيف ينكر الناس قول أمير المؤمنين عليه‌السلام لما قال : « لو شئت لرفعت رجلي هذه فضربت بها صدر ابن أبي سفيان بالشام فنكسته عن سريره » ولا ينكرون تناول آصف وصي سليمان عرش بلقيس وإتيانه سليمان به قبل أن يرتد إليه طرفه؟ أليس نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل الانبيآء ، ووصيه أفضل الاوصياء؟ أفلا جعلوه كوصي سليمان! حكم الله بيننا وبين من جحد حقنا وأنكر فضلنا(٢).

١٠ ـ كتاب المحتضر للحسن بن سليمان نقلا من كتاب السيد حسن بن كبش باسناده عن المفيد رفعه إلى سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ياسلمان الويل كل الويل لمن لا يعرفنا حق معرفتنا وأنكر فضلنا ، ياسلمان أيما أفضل؟ محمد (ص) أم سليمان بن داود؟ قال سلمان : بل محمد (ص) ، قال : ياسلمان فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من فارس في طرفة عين وعنده علم من الكتاب ، ولا أفعل أضعاف ذلك وعندي علم ألف كتاب؟ أنزل الله على شيث بن آدم عليهما‌السلام خمسين صحيفة ، وعلى إدريس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم الخليل عليه‌السلام عشرين صحيفة ، والتوراة والانجيل والزبور والفرقان ، فقلت : صدقت ياسيدي.

فقال عليه‌السلام : اعلم ياسلمان إن الشاك في أمرنا وعلومنا كالممتري(٣) في معرفتنا وحقوقنا ، وقد فرض ولايتنا في كتابه في غير موضع وبين فيه ماوجب العمل به وهو غير مكشوف(٤).

__________________

(١) أي محمد بن علي بن بابويه.

(٢) الاختصاص : ٢١٢ و ٢١٣.

(٣) أي كالشاك في معرفتنا.

(٤) المحتضر.

٢٨

١٣

با ب

*(انهم يقدرون على احياء المتوى وابراء الاكمه والابرص)*

*(وجميع معجزات الانبياء عليهم‌السلام)*

١ ـ ير : أحمد بن محمد عن عمر بن عبدالعزيز عن محمد بن الفضيل عن الثمالي عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : قلت له : أسألك جعلت فداك عن ثلاث خصال انفي عني فيه(١) التقية ، قال : فقال : ذلك لك ، قلت : أسألك عن فلان وفلان ، قال : فعليهما لعنة الله بلعناته كلها ، ماتا والله وهما كافرين مشركين(٢) بالله العظيم.

ثم قلت : الائمة يحيون الموتى ويبرؤن الاكمه والابرص ويمشون على الماء؟

قال : ما أعطى الله نبيا شيئا قط إلا وقد أعطاه محمدا (ص) ، وأعطاه مالم يكن عندهم ، قلت : وكل ما كان عند رسول الله (ص) فقد أعطاه أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ قال : نعم ، ثم الحسن والحسين ثم من بعد كل إمام إماما إلى يوم القيامة ، مع الزيادة التي تحدث في كل سنة وفي كل شهر ، إي والله(٣) في كل ساعة(٤).

٢ ـ يج : الصفار عن أحمد بن الحسين عن ابن عيسى عن الحسين بن بريرة عن إسماعيل بن عبدالعزيز عن أبان عن أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : مافضلنا على من خالفنا! فوالله إني لارى الرجل منهم أرخى بالا وأنعم عيشا وأحسن حالا و أطمع في الجنة.

__________________

(١) في نسخة : فيها التقية.

(٢) في المصدر : وهما كافران مشركان.

(٣) في المصدر : ثم قال : اي والله.

(٤) بصائر الدرجات : ٧٤.

٢٩

قال : فسكت عني حتى كنا بالابطح من مكة ، ورأينا الناس يضجون(١) إلى الله ، قال : ما أكثر الضجيج والعجيج ، وأقل الحجيج! والذي بعث بالنبوة محمدا وعجل بروحه إلى الجنة مايتقبل الله إلا منك ومن أصحابك خاصة ، قال : ثم مسح يده على وجهي فنظرت فاذا أكثر الناس خنازير وحمير وقردة إلا رجل بعد رجل.

٣ ـ يج : الصفار عن أبي سليمان داود بن عبدالله عن سهل بن زياد عن عثمان ابن عيسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : أنا مولاك ومن شيعتك ضعيف ضرير ، اضمن لي الجنة.

قال : أولا اعطيك علامة الائمة؟ قلت : وما عليك أن تجمعها لي؟ قال : و تحب ذلك؟ قلت : كيف لا احب؟ فما زاد أن مسح على بصري فأبصرت جميع ما في السقيفة التي كان فيها جالسا ، قال : يا أبا محمد هذا بصرك ، فانظر ماترى بعينك ، قال : فوالله ما أبصرت إلا كلبا وخنزيرا وقردا ، قلت : ماهذا الخلق الممسوخ؟.

قال : هذا الذي ترى ، هذا السواد الاعظم ، ولو كشف الغطاء للناس مانظر الشيعة إلى من خالفهم إلا في هذه الصورة ، ثم قال : يا أبا محمد إن أحببت تركتك على حالك هكذا وحسابك على الله ، وإن أحببت ضمنت لك على الله الجنة ورددتك على حالك الاول ، قلت : لا حاجة لي إلى النظر إلى هذا الخلق المنكوس ، ردني فما للجنة عوض ، فمسخ يده على عيني فرجعت كما كنت(٣).

٤ ـ قب : سليمان شلقان قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام كانت له خؤولة في بني مخزوم ، وإن شابا منهم أتاه فقال : يا خال إن أخي وتربي(٤) مات وقد حزنت عليه حزنا شديدا ، فقال له : تشتهي أن تراه؟ قال : نعم.

__________________

(١) في نسخة : يصيحون إلى الله.

(٢) الخرائج والجرائح :

(٣) الخرائج والجرائح :

(٤) الترب : القرين والنظير ، عربا أترابا اى امثالا واقرانا.

٣٠

قال : فأرني قبره ، فخرج وتقنع برداء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المستجاب ، فلما انتهى إلى القبر تكلم بشفتيه ثم ركضه برجله فخرج من قبره وهو يقول : « وميكا » بلسان الفرس فقال له علي عليه‌السلام : ألم تمت وأنت رجل من العرب؟ فقال : بلى ولكنا متنا على سنة فلان وفلان فانقلبت ألسنتنا(١).

فائدة : قال الشيخ المفيد في كتاب المسائل : فأما ظهور المعجزات على الائمة والاعلام فانه من الممكن الذي ليس بواجب عقلا ولايمتنع قياسا ، وقد جاءت بكونه منهم عليهم‌السلام الاخبار على التظاهر والانتشار ، فقطعت عليه من جهة السمع وصحيح الآثار ، ومعي في هذا الباب جمهور أهل الامامة ، وبنو نوبخت تخالف فيه وتأباه.

وكثير من المنتمين إلى الامامية يوجبونه عقلا كما يوجبونه للانبيآء عليهم‌السلام ، والمعتزلة بأسرها على خلافنا جميعا فيه سوى ابن الآخشيد ومن تبعه ، فانهم يذهبون فيه إلى الجواز ، وأصحاب الحديث كافة تجوزه لكل صالح من أهل التقى والايمان. ثم قال :

القول في ظهور المعجزات على المعصومين من الخاصة والسفراء والابواب :

وأقول : إن ذلك جائز لا يمنع منه عقل ولا سنة ولا كتاب ، وهو مذهب جماعة من مشايخ الامامية ، وإليه يذهب ابن الاخشيد من المعتزلة وأصحاب الحديث في الصالحين الابرار ، وبنو نوبخت من الامامية يمتنعون من ذلك ، ويوافقون المعتزلة في الخلاف علينا فيه ، ويجامعهم على ذلك الزيدية والخوارج المارقة من الاسلام انتهى كلامه رفع الله مقامه.

ولعل مراده رحمه‌الله بالمعصوم هنا غير المعنى المصطلح ، والحق أن المعجزات الجارية على أيدي غير الائمة عليهم‌السلام من أصحابهم ونوابهم إنما هي معجزاتهم عليهم‌السلام تظهر على أيدي اولئك السفراء لبيان صدقهم ، وكلامه رحمه‌الله أيضا لايأبى عن ذلك ومذهب النوبختية ، هنا في غاية السخافة والغرابة.

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٦٤.

٣١

١٢

باب

*(انهم عليهم‌السلام سخر لهم السحاب ويسر لهم الاسباب)*

١ ـ ختص : ابن عيسى عن محمد بن سنان عمن حدثه عن القصير قال : ابتدأني أبوجعفر عليه‌السلام فقال : أما إن ذا القرنين قد خير السحابتين فاختار الذلول ، وذخر لصاحبكم الصعب ، فقلت : وما الصعب؟ فقال : ماكان من سحاب فيه رعد وصاعقة و برق فصاحبكم يركبه ، أما إنه سيركب السحاب ويرقى في الاسباب أسباب السماوات والارضين السبع ، خمس عوامر وثنتان خراب(١).

ختص : ابن عيسى عن ابن سنان عن القماط وأبي سلام الحناط عن سورة بن كليب عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله(٢).

٢ ـ ختص : ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عن عثمان بن عيسى عن سماعة أو غيره عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن عليا عليه‌السلام ملك مافوق الارض وما تحتها ، فعرضت له سحابتان إحداهما الصعبة والاخرى الذلول ، وكان في الصعبة ملك ماتحت الارض وفي الذلول ملك مافوق الارض ، فاختار الصعبة على الذلول فدارت به سبع أرضين فوجد ثلاثا خرابا وأربعة عوامر(٤).

٣ ـ ختص : إبراهيم بن هاشم عن عثمان بن عيسى عن الخزاز عن أبي بصير أو غيره عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن عليا عليه‌السلام حين خير ملك مافوق الارض وما تحتها عرضت له سحابتان إلى آخر الخبر(٤).

٤ ـ ختص : المعلى عن سليمان بن سماعة عن عبدالله بن القاسم عن سماعة بن

__________________

(١ ـ ٣) الاختصاص : ١٩٩.

(٤) الاختصاص : ٣٢٧.

٣٢

مهران قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فأرعدت السماء وأبرقت ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فانه من أمر صاحبكم ، قلت : من صاحبنا؟ قال : أمير المؤمنين عليه‌السلام(١).

٥ ـ أقول : قال الشيخ حسن بن سليمان رحمه‌الله في كتاب المحتضر : روى(٢) بعض علمآء الامامية في كتاب منهج التحقيق إلى سوآء الطريق باسناده عن سلمان الفارسي قال : كنت أنا والحسن والحسين عليهما‌السلام ومحمد بن الحنفية ومحمد بن أبي بكر و عمار بن ياسر والمقداد بن الاسود الكندي رضي‌الله‌عنهم فقال له ابنه الحسن عليهما‌السلام يا أمير المؤمنين إن سليمان ابن داود عليه‌السلام سأل ربه ملكا لاينبغي لاحد من بعده فأعطاه ذلك. فهل ملكت مما ملك(٣) سليمان بن داود شيئا؟ فقال عليه‌السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إن سليمان بن داود سأل الله عزوجل الملك فأعطاه ، وإن أباك ملك مالم يملكه بعد جدك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحد قبله ولا يملكه أحد بعده.

فقال الحسن(٤) : نريد ترينا مما فضلك الله عزوجل به من الكرامة ، فقال عليه‌السلام : أفعل إنشاء الله ، فقام أمير المؤمنين عليه‌السلام وتوضأ وصلى ركعتين ودعا الله عزوجل بدعوات لم نفهمها ثم أومأ بيده إلى جهة المغرب فما كان بأسرع من أن جاءت سحابة فوقفت على الدار وإلى جانبها سحابة اخرى.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيتها السحابة اهبطي باذن الله عزوجل فهبطت و هي تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله وأنك خليفته(٥) ووصيه ، من شك فيك فقد هلك ، ومن تمسك بك سلك سبيل النجاة.

قال : ثم انبسطت السحابة إلى الارض حتى كأنها بساط موضوع. فقال أمير

__________________

(١) الاختصاص : ٣٢٧.

(٢) هذا حديث مرسل مروي عن كتاب مجهول منفرد به وفيه غرابة شديدة.

(٣) في المصدر : ما ملك.

(٤) في المصدر : فقال له الحسن.

(٥) في المصدر : وانك خليفة الله.

٣٣

المؤمنين عليه‌السلام : اجلسوا على الغمامة ، فجلسنا وأخذنا مواضعنا ، فأشار إلى السحابة الاخرى فهبطت وهي تقول كمقالة الاولى ، وجلس أمير المؤمنين عليه‌السلام عليها مفردة(١) ثم تكلم بكلام وأشار إليها بالمسير نحو المغرب ، وإذا بالريح قد دخلت تحت السحابتين فرفعتهما رفعا رفيقا.

فتأملت نحو أمير المؤمنين عليه‌السلام وإذا به على كرسي والنور يسطع من وجهه يكاد يخطف الابصار ، فقال الحسن : يا أمير المؤمنين إن سليمان بن داود كان مطاعا بخاتمه ، وأمير المؤمنين بماذا يطاع؟ فقال عليه‌السلام : أنا عين الله في أرضه أنا لسان الله الناطق في خلقه ، أنا نور الله الذي لايطفأ ، أنا باب الله الذي يؤتى منه وحجته على عباده.

ثم قال : أتحبون أن اريكم خاتم سليمان بن داود قلنا : نعم فأدخل يده إلى جيبه فأخرج خاتما من ذهب فصه من ياقوتة حمراء عليه مكتوب : « محمد وعلي » قال سلمان : فتعجبنا من ذلك ، فقال : من أي شئ تعجبون؟ وما العجب من مثلي ، أنا اريكم اليوم مالم تروه أبدا(٢).

فقال الحسن : اريد تريني(٣) يأجوج ومأجوج والسد الذي بيننا وبينهم ، فسارت الريح تحت السحابة(٤) فسمعنا لها دويا كدوي الرعد وعلت في الهواء ، و أمير المؤمنين عليه‌السلام يقدمنا حتى انتهينا إلى جبل شامخ في العلو ، وإذا شجرة جافة قد تساقطت أوراقها وجفت أغصانها.

فقال الحسن : مابال هذه الشجرة قد يبست؟ فقال عليه‌السلام : سلها فإنها تجيبك فقال الحسن : أيتها الشجرة مابالك قد حدث بك مانراه من الجفاف؟ فلم تجبه ، فقال

__________________

(١) في المصدر : فجلس امير المؤمنين عليه‌السلام عليها منفردة.

(٢) في المصدر : مالا ترون ابدا.

(٣) في المصدر : اريد ان ترينى.

(٤) في المصدر : فسارت السحابة فوق الريح.

٣٤

أمير المؤمنين عليه‌السلام : بحقي عليك إلا ما أجبتيه(١).

قال الراوي : والله لقد سمعتها وهي تقول : لبيك لبيك ياوصي رسول الله وخليفته ، ثم قالت : يا أبا محمد إن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يجيئني في كل ليلة وقت السحر ، ويصلي عندي ركعتين ويكثر من التسبيح فاذا فرغ من دعائه جاءته غمامة بيضاء ينفخ منها ريح المسك وعليها كرسي ، فيجلس فتسير به(٢) ، وكنت أعيش ببركته فانقطع عني منذ أربعين يوما ، فهذا سبب ماتراه مني.

فقام أمير المؤمنين عليه‌السلام وصلى ركعتين ومسح بكفه عليها فاخضرت وعادت إلى حالها ، وأمر الريح(٣) فسارت بنا ، وإذا نحن بملك يده في المغرب والاخرى بالمشرق(٤) ، فلما نظر الملك إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وأشهد أنك وصيه وخليفته حقا وصدقا.

فقلنا : يا أمير المؤمنين من هذا الذي يده في المغرب والاخرى بالمشرق؟(٥) فقال عليه‌السلام : هذا الملك الذي وكله الله عزوجل بظلمة الليل والنهار ، لايزوال(٦) إلى يوم القيامة.

وإن الله عزوجل جعل أمر الدنيا إلي وإن أعمال الخلق تعرض في كل يوم علي ثم ترفع إلى الله عزوجل ، ثم سرنا حتى وقفنا على سد يأجوج ومأجوج فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام للريح : اهبطي بنا مما يلي هذا الجبل ، وأشار بيده إلى جبل شامخ في العلو وهو جبل الخضر عليه‌السلام ، فنظرنا إلى السد وإذا ارتفاعه مد البصر وهو أسود

__________________

(١) في المصدر : ما أجبته.

(٢) في المصدر : فيجلس عليه وتسير به.

(٣) في المصدر : ثم أمر به.

(٤ و ٥) في المصدر : واخرى في المشرق.

(٦) في المصدر : وكله الله عزوجل بالليل والنهار فلا يزول.

٣٥

كقطعة ليل دامس(١) ، يخرج من أرجائه الدخان فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا أبا محمد أنا صاحب هذا الامر على هؤلاء العبيد.

قال سلمان : فرأيت أصنافا ثلاثة : طول أحدهم(٢) مائة وعشرون ذراعا ، و الثاني طول كل واحد سبعون(٣) ذراعا ، والثالث يفرش أحد اذنيه تحته والاخرى يلتحف به.

ثم إن أمير المؤمنين عليه‌السلام أمر الريح فسارت بنا إلى جبل قاف فانتهيت(٤) إليه ، وإذا هو من زمردة خضراء وعليها(٥) ملك على صورة النسر ، فلما نظر إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال الملك : السلام عليك ياوصي رسول الله وخليفته ، أتأذن لي في الكلام؟ فرد عليه‌السلام وقال له : إن شئت تكلم وإن شئت أخبرتك عما تسألني عنه.

فقال الملك : بل تقول أنت يا أمير المؤمنين ، قال : تريد أن آذن لك أن تزور الخضر عليه‌السلام ، قال : نعم ، فقال عليه‌السلام : قد أذنت لك ، فأسرع الملك بعد أن قال : بسم الله الرحمان الرحيم ، ثم تمشينا(٦) على الجبل هنيئة فاذا بالملك قد عاد إلى مكانه بعد زيارة الخضر عليه‌السلام ، فقال سلمان : يا أمير المؤمنين رأيت الملك مازار الخضر إلا حين أخذ إذنك.

فقال عليه‌السلام : والذي (٧) رفع السماء بغير عمد ، لو أن أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نفس واحد لما زال حتى آذن له ، وكذلك يصير حال ولدي الحسن وبعده

__________________

(١) اي شديد السواد ، والارجاء : النواحي.

(٢) في المصدر : اصناما ثلاثة طول احدها.

(٣) في المصدر : طوله احد وسبعون ، والثالث مثله ولكنه يفرش احدى اذنيه.

(٤) في المصدر : فانتهينا.

(٥) في نسخة : من زمردة خضرة وعليه.

(٦) في المصدر : ثم مشينا.

(٧) في المصدر : مازار حتى اخذ الاذن فقال : ياسلمان والذي.

٣٦

الحسين وتسعة(١) من ولد الحسين تاسعهم قائمهم ، فقلنا : ما اسم الملك الموكل بقاف؟ فقال عليه‌السلام : ترجائيل(٢) ، فقلنا : يا أمير المؤمنين كيف تأتي كل ليلة إلى هذا الموضع وتعود؟ فقال : كما أتيت بكم.

والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إني لاملك من ملكوات السماوات والارض مالو علمتم ببعضه لما احتمله جنانكم ، إن اسم الله الاعظم على اثنين وسبعين حرفا وكان عند آصف بن برخيا حرف واحد فتكلم به فخسف الله عزوجل الارض مابينه وبين عرش بلقيس ، حتى تناول السرير ، ثم عادت الارض كما كانت أسرع من طرف النظر(٣) ، وعندنا نحن والله اثنان وسبعون حرفا ، وحرف واحد عند الله عزوجل استأثر به(٤) في علم الغيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، عرفنا من عرفنا وأنكرنا من أنكرنا ، ثم قام عليه‌السلام وقمنا فاذا نحن بشاب في الجبل يصلي بين قبرين. فقلنا : يا أمير المؤمنين من هذا الشاب؟ فقال عليه‌السلام : صالح النبي فقال عليه‌السلام : وهذا القبران لامه وأبيه وإنه يعبد الله بينهما ، فلما نظر إليه صالح لم يتمالك نفسه حتى بكى ، وأومأ بيده إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ثم أعادها إلى صدره وهو يبكي فوقف أمير المؤمنين عليه‌السلام عنده حتى فرغ من صلاته ، فقلنا له : مابكاؤك؟ قال صالح : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يمر بي عند كل غداة فيجلس فتزداد عبادتي بنظري إليه فقطع ذلك(٥) مذ عشرة أيام فأقلقني ذلك ، فتعجبنا من ذلك.

فقال عليه‌السلام : تريدون أن اريكم سليمان بن داود؟ قلنا : نعم ، فقام ونحن معه حتى دخل بستانا مارأينا أحسن منه ، وفيه من جميع الفواكه والاعناب وأنهاره.

__________________

(١) في المصدر : ولدى الحسن بعدى ثم الحسين بعده ثم تسعة.

(٢) في المصدر : برجائيل.

(٣) في المصدر : من طرفة عين.

(٤) في المصدر : وحرف واحد استأثر الله.

(٥) في المصدر : فانقطع عنى مدة عشرة ايام.

٣٧

تجري والاطيار يتجاوبن(١) على الاشجار فحين رأته(٢) الاطيار أتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان ، وإذا سرير عليه شاب ملقى على ظهره واضع يده على صدره.

فأخرج أمير المؤمنين عليه‌السلام الخاتم من جيبه ، وجعله في إصبع سليمان بن داود فنهض قائما وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، ووصي رسول العالمين ، أنت والله الصديق الاكبر والفاروق الاعظم ، قد أفلح من تمسك بك وقد خاب وخسر من تخلف عنك ، وإني سألت الله عزوجل بكم أهل البيت فاعطيت ذلك الملك.

قال سلمان : فلما سمعنا(٣) كلام سليمان بن داود لم أتمالك نفسي حتى وقعت على أقدام أمير المؤمنين عليه‌السلام اقبلها ، وحمدت الله عزوجل على جزيل عطآئه بهدايته إلى ولاية أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وفعل(٤) أصحابي كما فعلت ، ثم سألت أمير المؤمنين ماوراء قاف ، قال عليه‌السلام : وراؤه مالا يصل إليكم علمه ، فقلنا : تعلم(٥) ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه‌السلام : علمي بما وراءه كعلمى بحال هذه الدنيا وما فيها ، وإني الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذلك الاوصيآء من ولدي بعدي.

ثم قال عليه‌السلام : إني لاعرف بطرق السماوات من طرق الارض ، نحن الاسم المخزون المكنون ، نحن الاسمآء الحسنى التي إذا سئل الله عزوجل بها أجاب ، نحن الاسمآء المكتوبة على العرش ، ولاجلنا خلق الله عزوجل السماء (٦) والارض و العرش والكرسي والجنة والنار ، ومنا تعلمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد

__________________

(١) في المصدر : تجرى فيه الانهار وتتجاوب الاطيار.

(٢) في المصدر : فلما رأته.

(٣) في المصدر : فلما سمعت. وفيه : فلم املك نفسي ان وقعت.

(٤) في المصدر : ( ففعل ) وفيه : ثم سألنا.

(٥) في المصدر : أتعلم.

(٦) في المصدر : السماوات.

٣٨

والتهليل والتكبير ، ونحن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه.

ثم قال : أتريدون أن اريكم عجبا؟ قلنا : نعم ، قال : غضوا أعينكم ، ففعلنا ثم قال : افتحوها ففتحناها فإذا نحن بمدينة مارأينا أكبر منها ، الاسواق فيها قائمة(١) وفيها اناس مارأينا أعظم من خلقهم على طول النخل ، قلنا : يا أمير المؤمنين من هؤلاء؟ قال : بقية قوم عاد كفار لايؤمنون بالله عزوجل أحببت أن اريكم إياهم. وهذه المدينة وأهلها اريد أن اهلكهم وهم لايشعرون.

قلنا : يا أمير المؤمنين تهلكهم(٢) بغير حجة؟ قال : لا بل بحجة عليهم ، فدنا(٣) منهم وترآءى لهم فهموا أن يقتلوه ونحن نراهم وهم يرون(٤) ثم تباعد عنهم ودنا منا ومسح بيده على صدورنا وأبداننا وتكلم بكلمات لم نفهمها وعاد إليهم ثانية حتى صار بازائهم وصعق فيهم صعقة.

قال سلمان : لقد ظننا أن الارض قد انقلبت والسماء قد سقطت وأن الصواعق من فيه قد خرجت ، فلم يبق منهم(٥) في تلك الساعة أحد ، قلنا(٦) : يا أمير المؤمنين ماصنع الله بهم؟ قال : هلكوا وصاروا كلهم إلى النار ، قلنا : هذا معجز مارأينا ولا سمعنا بمثله ، فقال عليه‌السلام : أتريدون أن اريكم أعجب من ذلك؟ فقلنا : لانطيق بأسرنا على احتمال شئ آخر (٧) فعلى من لايتوالاك ويؤمن بفضلك وعظيم قدرك على الله(٨)

__________________

(١) في المصدر : فاذا نحن في مدينة. وفيه : فيها اسواق قائمة.

(٢) في المصدر : أتهلكهم.

(٣) في المصدر : ثم دنا.

(٤) في المصدر : وهم لا يروننا.

(٥) في المصدر : قد انقلبت بنا والسماء قد سقطت علينا وظننا أن الصواعق قد خرجت من فيه فأهلكوا ولم يبق منهم.

(٦) في المصدر : فقلنا.

(٧) في المصدر : لانطيق احتمال شئ آخر.

(٨) في المصدر : عند الله.

٣٩

عزوجل لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة(١) والخلق أجمعين إلى يوم الدين.

ثم سألنا(٢) الرجوع إلى أوطاننا فقال : أفعل ذلك إنشاء الله ، فأشار(٣) إلى السحابتين فدنتامنا فقالعليه‌السلام:خذوا مواضعكم فجلسنا على سحابة(٤) وجلس عليه‌السلام على الاخرى ، وأمر الريح فحملتنا حتى صرنا في الجور ورأينا الارض كالدرهم ، ثم حطتنا في دار أمير المؤمنين عليه‌السلام في أقل من طرف النظر(٥) ، وكان وصولنا إلى المدينة وقت الظهر والمؤذن يؤذن ، وكان خروجنا منها وقت علت الشمس(٦) ، فقلنا : بالله العجب كنا في جبل قاف مسيرة خمس سنين وعدنا في خمس ساعات من النهار(٧).

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لو أنني أردت أن أجوب(٨) الدنيا بأسرها والسماوات السبع وأرجع في أقل من الطرف لفعلت بما عندي(٩) من اسم الله الاعظم ، فقلنا : يا أمير المؤمنين أنت والله الآية العظمى والمعجز الباهر بعد أخيك وابن عمك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله(١٠).

أقول : هذا خبر غريب لم نره في الاصول التي عندنا ، ولا نردها ونرد علمها إليهم عليهم‌السلام.

__________________

(١) في المصدر : من الملائكة.

(٢) في المصدر : ثم سألناه.

(٣) في المصدر : ثم أشار.

(٤) في المصدر : على السحابة.

(٥) في المصدر : من طرف عين.

(٦) في المصدر : وقت ارتفاع الشمس فقلنا : بالله.

(٧) المصدر خال عن قوله : من النهار.

(٨) أجاب البلاد. قطعها. وفي المصدر : أخرق الدنيا.

(٩) في المصدر : من طرفة عين لفعلت لما عندي.

(١٠) المحتضر : ٧١ ٧٦.

٤٠