بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ولد زنا(١).

٧ ـ مل : محمد بن جعفر عن خاله محمد بن الحسين بن علي بن النعمان عن مثنى عن سدير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل جعل قتل أولاد النبيين في الامم الماضية(٢) على يدي أولاد الزنا(٣).

٨ ـ عد : اعتقادنا في قتلة الانبياء وقتلة الائمة عليهم‌السلام(٤) أنهم كفار مشركون مخلدون في أسفل درك من النار ، ومن اعتقد فيهم غير ما ذكرناه فليس عندنا من دين الله على شئ.

١٢

باب

*(ثواب من استشهد مع آل محمد عليهم‌السلام)*

١ ـ سن : إسماعيل بن إسحاق عن الحسن بن الحسين عن سعيد(٥) بن خيثم عن محمد بن القاسم عن زيد بن علي قال : من استشهد معنا أهل البيت له سبع رقوات ، قيل : وما سبع رقوات؟ قال : سبع درجات : ويشفع في سبعين من أهل بيته(٦).

__________________

(١) كامل الزيارة : ٧٩ فيه : وأولاد الانبياء.

(٢) في نسخة : ( من الامم الماضية ) وهو الموجود في المصدر.

(٣) كامل الزيارة : ٧٨.

(٤) اعتقادات الصدوق : ١١٤.

(٥) في المصدر : ( سعد بن خيثم ) ولعل الصحيح : خثيم بتقديم المثلثة.

(٦) المحاسن : ٦٢.

٢٤١

١٣

باب

*(حق الامام على الرعية وحق الرعية على الامام)*

١ ـ مع : الطالقاني عن أحمد الهمدانى عن علي بن الحسين بن فضال عن أبيه عن الرضا عليه‌السلام قال : صعد النبي (ص) المنبر فقال : من ترك دينا أو ضياعا فعلي و إلي ، ومن ترك مالا فلورثته. فصار بذلك أولى بهم من آبائهم وامهاتهم وصار أولى بهم منهم بأنفسهم ، وكذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله(١).

توضيح : قال في النهاية : « من ترك ضياعا فالي » الضياع : العيال ، وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا فسمى العيال بالمصدر كما تقول : من مات وترك فقرا أي فقرآء وإن كسرت الضاد كان جمع ضائع كجياع وجائع انتهى.

وأقول : ربما يتوهم التنافي بين أمثال هذا الخبر وبين ماورد من الاخبار من طرق الخاصة والعامة من أن النبي (ص) ترك الصلاة على من توفي وعليه دين ، وقال : صلوا على صاحبكم.

وفي طريقنا : حتى ضمنه بعض أصحابه ، وقد يجاب بأن هذا كان قبل ذلك عند التضيق وعدم حصول الغنائم وذلك كان بعد التوسع في بيت المال وتيسر الفتوحات والغنائم.

ويؤيده ماروي من طريق المخالفين أنه كان يؤتى بالمتوفى وعليه دين فيقول صلى‌الله‌عليه‌وآله : « هل ترك لدينه قضاء؟ » فان قيل : ترك ، صلى ، فلما فتح الله تعالى الفتوح قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم من توفي وترك دينا فعلي ومن ترك مالا فلورثته.

__________________

(١) معاني الاخبار :

٢٤٢

وأقول : يحتمل أن يكون ترك الصلاة نادرا للتأديب لئلا يستخف بالدين وإن كان يقضى آخرا دينه ، أو لايقضى لهذه المصلحة ، أو يكون ترك الصلاة لمن استدان في معصية أو إسراف فانه لايجب أدآء دينه حينئذ على الامام كما يدل عليه خبر ابن سيابة الآتي ، أو لمن كان يتهاون في أدائه ولم يكن عازما عليه.

٢ ـ فس : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم(١) » قال : نزلت وهو أب لهم و (٢) معنى أزواجه امهاتهم فجعل الله المؤمنين أولاد رسول الله (ص) وجعل رسول الله (ص) أبا لهم لمن لم يقدر أن يصون نفسه ولم يكن له مال وليس له على نفسه ولاية.

فجعل الله تبارك وتعالى نبيه أولى بالمؤمنين من أنفسهم(٣) ، وهو قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم : أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى. ثم أوجب لامير المؤمنين عليه‌السلام ما أوجبه لنفسه عليهم من الولاية فقال : « ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ».

فلما جعل الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أب المؤمنين(٤) ألزمه مؤنتهم ، وتربية أيتامهم ، فعند ذلك صعد رسول الله (ص) فقال : « من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي » فألزم الله نبيه للمؤمنين مايلزم الوالد للولد ، وألزم المؤمنين من الطاعة له مايلزم الولد للوالد ، فكذلك ألزم أمير المؤمنين ما ألزم رسول الله (ص) من ذلك ، وبعده الائمة واحدا واحد(٥).

والدليل على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام هما الوالدان قوله :

__________________

(١) الاحزاب : ٦.

(٢) في نسخة : وهو معنى.

(٣) في نسخة : ( فجعل الله تبارك لنبيه الولاية على المؤمنين ) وهو الموجود في

المصدر.

(٤) في المصدر : أبا للمؤمنين.

(٥) في المصدر : واحد بعد واحد.

٢٤٣

« واعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا(١) » فالوالدان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقال الصادق عليه‌السلام : وكان إسلام عامة اليهود بهذا السبب لانهم آمنوا على أنفسهم وعيالاتهم(٢).

٣ ـ جا:عن الصادق عليه‌السلام قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبة منى:أيها الناس من ترك مالا فلاهله ولورثته ، ومن ترك كلا أو ضياعا فعلي وإلي.

بيان : الكل : العيال والثقال ومن لا ولد له ولا والد.

أقول : تمامه باسناده في باب البدع من كتاب العلم.

٤ ـ كا : الحسين بن محمد عن المعلى عن محمد بن جمهور عن حماد بن عثمان عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام : ماحق الامام على الناس؟ قال : حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا ، قلت : فما حقهم عليه؟ قال : يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعية فاذا كان ذلك في الناس فلا يبالي من أخذ ههنا وههنا(٣).

محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن بزيع عن منصور بن يونس عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله إلا أنه قال : هكذا وهكذا وهكذا ، يعني من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله(٤).

بيان : أن يسمعوا له ، كأن المراد بالسماع القبول والطاعة ، فالفقرة الثانية مفسرة لها ، أو المراد به الانصات إليه وعدم الالتفات إلى غيره عند سماع كلامه ، أو المراد بالاولى الاقرار وبالثانية العمل ، فاذا كان ذلك في الناس أي أن الامام إذا عدل في الرعية وأجرى حكم الله فيهم وقسم بالسوية فلا يبالي بسخط الناس وخروجهم من

__________________

(١) النساء : ٣٦.

(٢) تفسير القمي : ٥١٦.

(٣) اصول الكافي ١ : ٤٠٥.

(٤) اصول الكافي ١ : ٤٠٥ وذكر « هكذا » فيه أربع مرات وهو الصحيح باعتبار الجهات الاربعة.

٢٤٤

الدين وذهاب كل منهم إلى ناحية بسبب ذلك كما تفرق الناس عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بسبب ذلك ، حيث سوى بين الرؤساء والضعفاء في العطاء.

وهذه كانت سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد غيرها خلفاء الجور بعده تأليفا لقلوب الرؤساء والاشراف ، فلما أراد أمير المؤمنين عليه‌السلام تجديد سنة رسول الله (ص) صار الامر إلى ما صار.

وأما ما نقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في غنائم حنين والهازن من تفضيل جماعة من أهل مكة وأشراف العرب فكأنه كان مأمورا بذلك في خصوص تلك الواقعة لمصلحة عظيمة في الدين ، أو كان ذلك من نصيبه صلى‌الله‌عليه‌وآله وسهم أهل بيته عليهم‌السلام من الخمس.

٥ ـ كا : محمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن هارون عن ابن صدقة عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لاتختانوا ولاتكم ولاتغشوها هداتكم ولا تجهلوا أئمتكم ولا تصدعوا عن حبلكم فتفشلوا وتذهب ريحكم ، وعلى هذا فليكن تأسيس اموركم ، والزموا هذه الطريقة فانكم لو عاينتم ماعاين من قد مات منكم ممن خالف ما قد تدعون إليه لبدرتم وخرجتم ولسمعتم ، ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا وقريبا مايطرح الحجاب(١).

بيان : الاختيان : الخيانة ، وأما النسبة إلى الخيانة كما توهم فلم يرد في اللغة والمراد بالولاة الائمة عليهم‌السلام أو الاعم منهم ومن المنصوبين من قبلهم خصوصا بل عموما أيضا ، وكذا الهداة هم الائمة عليهم‌السلام أو الاعم منهم ومن العلماء الهادين إلى الحق.

لاتجهلوا على بناء التفعيل ، أي لاتنسبوهم إلى الجهل ، أو على بناء المجرد أي اعرفوهم بصفاتهم وعلاماتهم ودلائلهم وميزوا بين ولاة الحق وولاة الجور ولاتجهلوا حقوقهم ورعايتهم وطاعتهم.

والتصدع : التفرق ، والحبل. كناية عما يتوصل به إلى النجاة ، والمراد هنا

__________________

(١) اصول الكافي ١ : ٤٠٥.

٢٤٥

الكتاب وأهل البيت عليهم‌السلام كما مر أنهم حبل الله المتين وقال (ع) : « كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض » والفشل : الضعف والجبن ، والفعل كعلم. والريح : الغلبة والقوة والرحمة والنصرة والدولة وهو إشارة إلى قوله تعالى : وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم(١).

قوله عليه‌السلام : وعلى هذا أي ليكن أساس دينكم وأعمالكم على التمسك بحبلهم عليهم‌السلام.

قوله عليه‌السلام : ماقد تدعون إليه ، أي من الجهاد مع معاوية وأضرابه أو الاقتدآء بأئمة الحق ومتابعتهم. لبدرتم ، أي إلى طاعة أئمتكم وخرجتم إلى الجهاد ولسمعتم قولهم وأطعتم أمرهم.

٦ ـ كا : العدة عن أحمد بن محمد عن عبدالرحمان بن حماد وغيره عن حنان بن سدير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : نعيت إلى النبي (ص) نفسه وهو صحيح ليس به وجع ، قال : نزل به الروح الامين قال : فنادى عليه‌السلام الصلاة جامعة ، وأمر المهاجرين والانصار بالسلاح فاجتمع الناس فصعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فنعى إليهم نفسه.

ثم قال : اذكر الله الوالي من بعدي على امتي ألا يرحم على جماعة المسلمين فأجل كبيرهم ورحم ضعيفهم ووقر عالمهم ولم يضر بهم فيذلهم ولم يفقرهم فيكفرهم ولم يغلق بابه دونهم ، فيأكل قويهم ضعيفهم ، ولم يخبزهم(٢) في بعثوهم فيقطع نسل امتي.

ثم قال : قد بلغت ونصحت ، فاشهدوا ، قال أبو عبدالله عليه‌السلام : هذا آخر كلام تكلم به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على منبره(٣).

__________________

(١) الانفال : ٤٦.

(٢) في نسخة : ولم يجنزهم.

(٣) اصول الكافي ١ : ٤٠٦.

٢٤٦

بيان : يقال : نعاه لي وإلي : أخبرني بموته ، ونفسه نائب الفاعل ، وضمير « به » أخيرا لمصدر نعيت ، والصلاة منصوب بالاغرآء ، وجامعة حال ، أو الصلاة مبتدء و جامعة خبره ، أي تجمع الناس لادائها ، وهذا وضع لندآء الصلاة ، ثم استعمل لكل أمر يراد الاجتماع له ، ولعل الامر بالسلاح لارادة بيان ماثقل على الناس ويخاف منه الفتنة وإن لم يذكر في الرواية.

قوله : ألا يرحم ألا بالفتح إما كلمة تحضيض أو مركب من أن الناصبة ولا النافية ويقدر معه كلمة في أي اذكره في أن لايرحم ، أي في عدم الرحم ، أو بالكسر كلمة استثناء ، أي اذكرهم في جميع الاحوال إلا حال الرحم ، كقولهم : أسألك إلا فعلت كذا ويحتمل أن تكون « إن » شرطية والفعل مجزوما.

ورحم ضعيفهم يشتمل الصغير والفقير والنساء ، ولم يضربهم من الاضرار وربما يقرأ من الضرب وهو بعيد ولم يفقرهم أي لم يدعهم فقرآء بعدم دفع أموال الله إليهم ، أو بأخذ أموالهم.

فيكفرهم أي يصير سببا لكفرهم ، إذ كثيرا مايصير الفقر سببا للكفر لقلة الصبر عليه ، وهو أحد معاني قول النبي (ص) : « كاد الفقر أن يكون كفرا » قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولم يخبزهم في بعض النسخ بالخاء المعجمة ثم الباء الموحدة ثم الزآء المعجمة ، و الخبز : السوق الشديد ، وفي بعضها بالجيم والنون من قولهم : جنزه يجنزه : إذا ستره وجمعه.

وفي قرب الاسناد : بالجيم ثم الميم ثم الرآء المهملة ، هكذا : « ولم يجمرهم في ثغورهم»(١). وهو أظهر ، نظرا إلى التعليل ، قال في النهاية : في حديث عمر : « لا تجمروا الجيوش فتفتنوهم » تجمير الجيش : جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهلهم. والبعوث : الجيوش ، وهذا آخر كلام أي من جملة آخر خطبة له صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٧ ـ كا : محمد بن علي وغيره عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن رجل عن

__________________

(١) قرب الاسناد : ٤٨.

٢٤٧

حبيب بن أبي ثابت قال : جاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام عسل وتين من همدان وجلوان فأمر العرفاء أن يأتوا باليتامي فأمكنهم من رؤوس الازقاق يلعقونها ، وهو يقسمها للناس قدحا قدحا.

فقيل له : يا أمير المؤمنين مالهم يلعقونها(١)؟ فقال : إن الامام أبواليتامى و إنما ألعقتهم هذا برعاية الآباء(٢).

بيان : لعله ذكر التين استطرادا فان اللعق كان لازقاق العسل ، ويمكن أن يكون التين أيضا في الازقاق فاعتصر منها دبس ألعقهم إياه أيضا. وهمدان بفتح الهاء وسكون الميم والدال المهملة : اسم قبيلة باليمن ، وبفتح الهاء والميم والذال المعجمة : اسم البلد المعروف ، ولا يخفى أن المناسب هنا البلد ، لكنه شاع تسمية البلد أيضا بالمهملة وحلوان : من بلاد كردستان قريبة من بغداد(٣).

وفي القاموس : العريف كأمير : من يعرف أصحابه. والجمع عرفاء ، ورئيس القوم سمي به لانه عرف بذلك ، أو النقيب وهو دون الرئيس.

برعاية الآباء ، أي برعاية يشبه رعاية الآباء أو لرعاية آبائهم(٤) فان احترام الاولاد يوجب احترامهم(٥).

٨ ـ كا : العدة عن البرقي وعلي عن أبيه جميعا عن الاصبهاني عن المنقري عن سفيان بن عيينة عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن النبي (ص) قال : « أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ، وعلي أولى به من بعدي » فقيل له : ما معنى ذلك؟ فقال : قول النبي (ص) « من ترك دينا أو ضياعا فعلي ومن ترك مالا فلورثته » فالرجل ليست له ولاية على

__________________

(١) في المصدر : يلعقونهم؟

(٢) اصول الكافي ١ : ٤٠٦.

(٣) يقال لها اليوم : بل ذهاب.

(٤) لان نضالهم وجهادهم صار سببا لفتح البلدان واستجلاب الاموال.

(٥) اصول الكافي ١ : ٤٠٦.

٢٤٨

نفسه(١) إذا لم يكن له مال ، وليس له على عياله أمر ولا نهي إذا لم يجر عليهم النفقة والنبي وأمير المؤمنين ومن بعدهما ألزمهم هذا ، فمن هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم وما كان سبب إسلام عامة اليهود إلا من هذا القول من رسول الله (ص) ، وإنهم آمنوا على أنفسهم وعيالاتهم(٢).

بيان : فقال : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أي معناه قول النبي (ص) أو سببه أو هو تفسير للشئ بمثال له عرف لعرف معنى ذلك الشئ ، ولعل المراد بعدم الولاية على النفس أنه ملوم مخذول عند نفسه ، أو لايمكنه حمل نفسه على النوافل والآداب والانفاق و أدآء الديون وغيرها مما لايتيسر بغير المال ، وقيل : أي ليست له ولاية في أدآء ديونه إذ عجز عنه ، وعدم الولاية على العيال بالامر والنهي لانه لايمكنه أن يأمرهم بالجلوس في بيوتهم ، لانه لابد لهم من تحصيل النفقة أو أن يأمرهم بالتقتير في النفقة و ينهاهم عن بذل المال ، لانه ليس مال عندهم.

قوله : ألزمهم،لعل ضمير الجمع راجع إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام ، و ضمير الفاعل المستتر إليه ، ويحتمل أن يكون أفعل التفضيل فيكون ضمير الجمع راجعا إلى الناس.

٩ – كا : العدة عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن صباح بن سيابة عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : أيما مؤمن أو مسلم مات و ترك دينا لم يكن في فساد ولا إسراف فعلى الامام أن يقضيه ، فان لم يقضه فعليه إثم ذلك إن الله تبارك وتعالى يقول : « إنما الصدقات للفقرآء والمساكين » الاية ، فهو من الغارمين وله سهم عند الامام فان حبسه(٣) فاثمه عليه(٤).

__________________

(١) في المصدر : فالرجل ليست له على نفسه ولاية.

(٢) اصول الكافي ١ : ٤٠٧ فيه : وعلى عيالاتهم.

(٣) في نسخة : فهو آثم.

(٤) اصول الكافي ١ : ٤٠٧.

٢٤٩

بيان : أيما : مركب من أي وما الزائدة لتأكيد العموم ، وهو مبتدء مضاف إلى مؤمن والترديد إما من الراوي أو من الامام عليه‌السلام ، بناء على أن المراد بالمؤمن الكامل الايمان وبالمسلم كل من صحت عقائده ، أو المؤمن من صحت عقائده والمسلم من أظهر العقائد الحقة وإن كان منافقا فان المنافقين كانوا مشاركين للمؤمنين في الاحكام الظاهرة. و الفساد : الصرف في المعصية. والاسراف : البذل زائدا على ماينبغي وإن كان في مصرف حق. وإن لم يقضه ، أي على الفرض المحال ، أو هو مبني على أن المراد بالامام أعم من إمام الحق والجور.

١٠ ـ كا : علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن حنان عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : لاتصلح الامامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال : ورع يحجزه عن معاصي الله ، وحلم يملك به غضبه ، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم.

وفي رواية اخرى : حتى يكون للرعية كالاب الرحيم(١).

١١ ـ كا : علي بن محمد عن سهل عن معوية بن حكيم عن محمد بن أسلم عن رجل من طبرستان يقال له : محمد ، قال : قال معاوية : ولقيت الطبري محمدا بعد ذلك فأخبرني قال : سمعت علي بن موسى عليه‌السلام يقول : المغرم إذا تدين أو استدان في حق الوهم من معاوية اجل سنة ، فان اتسع وإلا قضى عنه الامام من بيت المال(٢).

بيان : قال ، كلام علي بن محمد والضمير لسهل ، بعد ذلك أي بعد رواية محمد بن أسلم لمعاوية الحديث. والمغرم : بضم الميم وفتح الرآء : المديون. والوهم أي الشك بين تدين واستدان ، وهو كلام سهل أو علي ، وفي القاموس : أدان وادان واستدان وتدين : أخذ دينا ، انتهى. وإلا مركب من الشرطية وحرف النفي ويحتمل الاستثناء.

__________________

(١) اصول الكافي ١ : ٤٠٧.

(٢) اصول الكافي ١ : ٤٠٧.

٢٥٠

١٢ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض خطبه : أيها الناس إن لي عليكم حقا ولكم علي حق ، فأما حقكم علي فالنصيحة لكم وتوفير فيئكم عليكم وتعليمكم كي لاتجهلوا وتأديبكم كي ماتعلموا(١) ، وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب ، والاجابة حين أدعوكم والطاعة حين آمركم(٢).

١٣ ـ وقال عليه‌السلام : لكم علينا العمل بكتاب الله تعالى وسيرة رسول الله (ص) والقيام بحقه والنعش(٣) لسنته(٤).

١٤ ـ ومن خطبة له عليه‌السلام خطبها بصفين : أما بعد فقد جعل الله لي عليكم حقا بولاية أمركم ، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم ، فالحق(٥) أوسع الاشياء في التواصف(٦) وأضيقها في التناصف(٧) ، لايجري لاحد إلا جرى عليه ولا يجري عليه إلا جرى له ، ولو كان لاحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه ، ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه ، وجعل جزآءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه وتوسعا بما هو من المزيد أهله.

ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافأ في وجوهها(٨) ويوجب بعضها بعضا ولا يستوجب بعضها إلا ببعض ، وأعظم ما افترض سبحانه

__________________

(١) في نسخة : كى تعملوا.

(٢ و ٤) نهج البلاغة : القسم الاول : ٨٤.

(٣) نعشه الله : رفعه وأقامه. تداركه من هلكة.

(٥) في نسخة : والحق.

(٦) تواصف القوم : الشئ : وصفه بعضهم لبعض.

(٧) تناصف القوم انصف بعضهم بعضا.

(٨) أي تتساوى في وجوهها ، أى افترض الله حقوقا بين الناس فيجب على كل أن يراعى حق الاخر ، فلم يفترض لشخص حقا على الاخر الا بعدما افترض له عليه حقا.

٢٥١

من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي فريضة فرضها الله سبحانه لكل على كل ، فجعلها نظاما لالفتهم وعزا لدينهم ، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية.

فاذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى الوالي إليها حقها عز الحق بينهم وقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها(١) السنن فصلح بذلك الزمان وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الاعدآء.

وإذا غلبت الرعية واليها أو أجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة و ظهرت معالم الجور وكثر الادغال في الدين وتركت محاج السنن(٢) فعمل بالهوى وعطلت الاحكام وكثرت علل النفوس ، فلا يستوحش لعظيم حق عطل ، ولا لعظيم باطل فعل ، فهنالك تذل الابرار وتعز الاشرار وتعظم تبعات الله عند العباد.

فعليكم بالتناصح في ذلك وحسن التعاون عليه ، فليس أحد وإن اشتد على رضا الله حرصه وطال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما الله أهله من الطاعة له ، ولكن من واجب حقوق الله على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم والتعاون على إقامة الحق بينهم.

وليس امرء وإن عظمت في الحق منزلته وتقدمت في الدين فضيلته بفوق أن يعان على ما حمله الله من حقه ولا امرء وإن صغرته النفوس واقتحمته العيون بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه.

فأجابه رجل من أصحابه بكلام طويل يكثر فيه الثناء عليه ويذكر سمعه و طاعته له.

فقال عليه‌السلام : إن من حق من عظم جلال الله في نفسه وجل موضعه من قلبه أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ماسواه ، وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت (٣) نعمة الله عليه

__________________

(١) أي على مجاريها.

(٢) محاج جمع المحجة : وسط الطريق.

(٣) في نسخة : من عظمت.

٢٥٢

ولطف إحسانه إليه ، فانه لم تعظم نعمة الله على أحد إلا ازداد حق الله عليه عظما ، وإن من أسخف حالاة الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر ويوضع أمرهم على الكبر ، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني احب الاطراء واستماع الثناء ولست بحمد الله كذلك.

ولو كنت احب أن يقال ذلك ، لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ماهو أحق به من العظمة والكبرياء ، وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء فلا تثنوا علي بجميل ثناء لاخراجي نفسي إلى الله وإليكم من التقية في حقوق لم أفرغ من أدائها وفرآئض لابد من إمضائها.

فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة ، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة(١) ، ولا تخالطوني(٢) بالمصانعة(٣) ولاتظنوا بي استثقالا في حق(٤) قيل لي ، ولا التماس إعظام لنفسي ، فانه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه ، فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل ، فاني لست في نفسي بفوق أن اخطئ ولا آمن ذاك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ماهو أملك به مني فانما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لارب غيره يملك منا مالا نملك من أنفسنا و أخرجنا مما كنا فيه إلى ما صلحنا عليه ، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى(٥).

أقول : سيأتي بسند آخر أبسط من ذلك مشروحا في كتاب الفتن.

١٥ ـ كتاب الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي رفعه عن ابن نباته قال : خطب علي

__________________

(١) تحفظ عنه ومنه : احترز. والبادرة : الحدة او مايبدو من الانسان عند حدته.

(٢) في نسخة : ولا تخاطبوني.

(٣) المصانعة : المداهنة والخدعة.

(٤) في نسخة : لحق.

(٥) نهج البلاغة : القسم الاول : ٤٣٣ ـ ٤٣٧.

٢٥٣

عليه‌السلام وقال في خطبته إن أحق مايتعاهد الراعي من رعيته أن يتعاهدهم بالذي لله عليهم في وظائف دينهم ، وإنما علينا أن نأمركم بما أمركم الله به وأن ننهاكم عما نهاكم الله عنه وأن نقيم أمر الله في قريب الناس وبعيدهم ، لانبالي فيمن جاء الحق عليه(١) إلى آخر الخطبة.

١٤

باب

*(آخر في آداب العشرة مع الامام)*

١ ـ ل : أبي عن أحمد بن إدريس عن الاشعري عن أبي عبدالله الرازي عن ابن أبي عثمان عن أحمد بن نوح عن رجل عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال الحارث الاعور لامير المؤمنين عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين أنا والله احبك ، فقال له : ياحارث أما إذا أحببتني فلا تخاصمني ولا تلاعبني ولا تجاريني(٢) ولا تمازحني ولا تواضعني ولا ترافعني(٣).

بيان : قال الجزري : فيه من طلب العلم ليجاري به العلماء ، أي يجري معهم في المناظرة والجدال ليظهر علمه للناس رياء وسمعة ، وفي أكثر النسخ بالياء ، فلا نافية ، وفي بعضها بدونها وهو أظهر ، وفي بعضها بالباء الموحدة من التجربة.

قوله عليه‌السلام : ولا تواضعني ولا ترافعني ، الظاهر أن المراد به لاتضعني دون مرتتي ولا ترفعني عنها ، والمفاعلة للمبالغة ، وقال الفيروزآبادي : المواضعة : المراهنة ومتاركة البيع والموافقة في الامر ، وهلم اواضعك الرأي : أطلعك على رأيي وتطلعني على رأيك وقال : رافعه إلى الحكام : شكاه ورافعني وخافضني : داورني كل مداورة انتهى ، فيحتملان

__________________

(١) الغارات : مخطوط.

(٢) في نسخة : ( ولاتجارنى ) وفى اخرى : ولاتجاربنى.

(٣) الخصال ١ : ١٦٢.

٢٥٤

بعض تلك المعانى بتكلف والاظهر ماذكرنا.

٢ ـ ن : أحمد بن إبراهيم الخوزي(١) عن زيد بن محمد البغدادي عن عبدالله بن محمد الطائي عن أبيه عن الرضا عن آبائه(٢) عليهم‌السلام قال : دعا عليا عليه‌السلام رجل فقال : على أن تضمن لي ثلاث خصال(٣) ، قال : وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال : لاتدخل علينا شيئا من خارج ، ولا تدخر عنا شيئا في البيت ، ولا تجحف بالعيال ، قال : ذلك لك ، فأجابه علي بن أبي طالب عليه‌السلام(٤).

٣ ـ ب : ابن سعد عن الازدي قال : خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبدالله عليه‌السلام فلحقنا أبوبصير خارجا من زقاق من أزقة المدينة وهو جنب ونحن لا علم لنا حتى دخلنا على أبي عبدالله عليه‌السلام ، فسلمنا عليه فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال له : يا أبا بصير أما تعلم أنه لاينبغي للجنب أن يدخل بيوت الانبياء؟ فرجع أبوبصير ودخلنا(٥).

٤ ـ عم ، شا : روي أبوبصير قال : دخلت المدينة وكانت معي جويرية لي فأصبت منها ثم خرجت إلى الحمام فلقيت أصحابنا الشيعة وهم متوجهون إلى جعفر بن محمد فخفت أن يسبقوني ويفوتني الدخول إليه(٦) ، فمشيت معهم حتى دخلنا الدار معهم ، فلما مثلت بين يدي أبي عبدالله عليه‌السلام نظر إلي ثم قال : يا أبا بصير أما علمت أن بيوت الانبياء وأولاد الانبياء لايدخلها الجنب ، فاستحييت وقلت له : يابن رسول الله إني لقيت أصحابنا فخشيت(٧) أن يفوتني الدخول معهم ولن أعود إلى مثلها(٨).

__________________

(١) في نسخة من المصدر : الجوزى.

(٢) في المصدر : عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب انه دعاه رجل.

(٣) لعل الرواية لاتناسب الباب وهي تناسب آداب الضيافة.

(٤) عيون اخبار الرضا : ١٤٣.

(٥) قرب الاسناد : ٢١.

(٦) في اعلام الورى : الدخول عليه.

(٧) في اعلام الورى : فخفت.

(٨) الارشاد : ٢٥٦ و ٢٥٧ ، اعلام الورى : ٢٦٩ ( الطبعة الثانية ).

٢٥٥

٥ ـ كا : محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن صفوان قال : كنت عند الرضا عليه‌السلام فعطس فقلت له : صلى الله عليك ، ثم عطس فقلت : صلى الله عليك ، ثم عطس ، فقلت : صلى الله عليك وقلت له : جعلت فداك إذا عطس مثلك نقول له كما يقول بعضنا لبعض : يرحمك الله أو كما نقول(١)؟ قال : نعم ، أليس تقول : صلى الله على محمد وآل محمد؟ قلت : بلى ، قال : ارحم محمدا وآل محمد؟ قلت : بلى ، قال : وقد صلى(٢) عليه ورحمه وإنما صلواتنا عليه رحمة لنا وقربة(٣).

بيان : الخبر يحتمل تجويز كل من القولين أوهما معا فلا تغفل.

٦ ـ كا : الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبدالله عن أيوب ابن نوح قال : عطس يوما وأنا عنده فقلت : جعلت فداك مايقال للامام إذا عطس؟ قال : يقولون : صلى الله عليك(٤).

بيان : أيوب ثقة من أصحاب الرضا والجواد والهادي والعسكري عليهم‌السلام ، وروي أنه كان وكيلا للهادي والعسكري عليهما‌السلام ، فالضمير في عطس يحتمل رجوعه إلى كل من الائمة الاربعة عليهم‌السلام ، لكن رجوعه إلى الهادي عليه‌السلام أظهر لكون أكثر رواياته ومسائله عنه عليه‌السلام.

__________________

(١) في نسخة : كما تقول. وفي المصدر : كما يقال.

(٢) في المصدر : وقد صلى الله.

(٣) اصول الكافي ٢ : ٦٥٣ و ٦٥٤.

(٤) ..

٢٥٦

١٥

باب

*(الصلاة عليهم صلوات الله عليهم)*

١ ـ يف : روى مسلم في صحيحه في أواسط الجزء الرابع باسناده إلى كعب بن عجرة قال : قلنا : يارسول الله أما السلام عليك فقد عرفنا ، عرفنا الصلاة عليك قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : قولوا : صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم.

٢ ـ ومن ذلك مارواه البخاري في الجزء السادس في أول كراس من أوله باسناده قال : قلنا : يارسول الله هذا التسليم ، فكيف نصلي عليك؟ فقال في روايته عن ابن صالح عن الليث : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم. وروى البخاري نحو ذلك أيضا في هذا الموضع من الجزء المذكور عن كعب ابن عجرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورواه أيضا البخاري في الجزء الرابع من صحيحه في الكراس الرابع منه وكان الجزء تسع كراريس من النسخة المنقول منها.

٣ ـ ومن ذلك مارواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند أبي سعيد الخدري في الحديث الخامس من أفراد الباري قال : قلت(١) : يارسول الله هذا السلام عليك ، فكيف نصلي عليك؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم.

٤ ـ ومن ذلك مارواه الحميدي أيضا في الجمع بين الصحيحين في مسند أبي مسعود عقبة بن عمرو الانصاري في الحديث الثاني من أفراد مسلم قال : قال يسير : أمرنا الله أن نصلي عليك يارسول الله ، فكيف نصلي عليك يارسول الله؟ فكيف نصلي عليك

__________________

(١) في نسخة : قلنا.

٢٥٧

فسكت رسول الله (ص) حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

٥ ـ ومن ذلك مارواه الثعلبي باسناده في تفسير قوله تعالى : « إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما(١) » قلنا : يارسول الله قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد(٢) كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد(٣).

٦ ـ أقول : روى ابن شيرويه في الفردوس عن البخاري ومسلم باسنادهما عن كعب بن عجرة عن النبي (ص) قال : قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد(٤) كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد(٥).

٧ ـ وعن علي بن بأبي طالب عن النبي صلوات الله عليهما قال : ما من دعآء إلا وبينه وبين السماء حجاب حتى يصلى على النبي محمد وعلى آل محمد ، فاذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب ودخل الدعآء ، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء(٦).

٨ ـ روري البرسي في مشارق الانوار عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لما خلق الله العرش خلق سبعين ألف ملك وقال لهم : طوفوا بعرش النور وسبحوني واحملوا عرشي فطافوا وسبحوا ، وأرادوا أن يحملوا العرش فما قدروا ، فقال لهم الله : طوفوا بعرش النور فصلوا على نور جلالي محمد حبيبي ، واحملوا عرشي ، فطافوا بعرش الجلال وصلوا

__________________

(١) الاحزاب : ٥٦.

(٢ و ٤) في نسخة : وعلى آل محمد.

(٣) الطرائف : ٣٩ و ٤٠.

(٥ و ٦) الفردوس : مخطوط.

٢٥٨

على محمد وحملوا العرش فأطاقوا حمله ، فقالوا : ربنا أمرتنا بتسبيحك وتقديسك ، فقال الله لهم : ياملائكتي إذا صليتم على حبيبي محمد فقد سبحتموني وقد ستموني وهللتموني(١).

٩ ـ قال : وروي ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ولم يبق رطب ولا يابس إلا وصلى على ذلك العبد لصلاة الله عليه(٢).

١٠ ـ كنز : محمد بن العباس عن عبدالعزيز بن يحيى عن علي بن الجعد عن شعيب عن الحكم قال : سمعت ابن أبي ليلى يقول : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا اهدي إليك هدية؟ قلت : بلى ، قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلينا فقلت : يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد(٣) كماصليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد(٤).

أقول : روي ابن بطريق هذا الخبر من صحيح مسلم وتفسير الثعلبي عن عبد الرحمان بن أبي ليلى مثله بأسانيد.

١١ ـ وروى من البخاري أيضا بسند آخر عن أبي سعيد الخدري قال : قلنا : يارسول الله هذا التسليم ، فكيف نصلي عليك؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد(٥) كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم. وبسند آخر : كما صليت على إبراهيم.

١٢ ـ وقال أبوصالح عن الليث : على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم (٦).

__________________

(١ و ٢) مشارق الانوار : ٢٣٧ فيه : عرشي النور.

(٣) في نسخة : ( وعلى آل محمد ) يوجد ذلك في المصدر.

(٤) كنز الفوائد : ٢٣٨.

(٥) في نسخة : ( وعلى آل محمد ) يوجد ذلك في المصدر.

(٦) العمدة : ٢٤ و ٢٥ فيه : ابراهيم وعلى آل ابراهيم.

٢٥٩

أقول : وروي بأسانيد جمة من صحاحهم وفيما ذكرناه كفاية.

١٣ ـ وروى باسناده عن ابن المغازلي عن أحمد بن المظفر العطار الشافعي عن عبدالله بن أحمد بن عثمان عن عبدالله بن زيد عن علي بن يونس عن محمد بن علي الكندي عن محمد بن مسلم عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صلى على محمد وآل محمد مائة مرة قضى الله له مائة حاجة(١).

وروى في المستدرك من كتاب الفردوس باسناده عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مثله(٢).

١٤ ـ وباسناده أيضا عنه عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : ما من دعاء إلا بينه وبين السماء حجاب حتى يصلي على النبي وعلى آل محمد فاذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب ودخل الدعاء فاذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء(٣).

١٥ ـ ومن كتاب مناقب الصحابة للسمعاني : باسناده أيضا عن الحارث وعاصم ابن ضمرة عن علي عليه‌السلام قال : كل دعاء محجوب حتى يصلي على محمد وآل محمد(٤).

أقول : سيأتي أخبار هذا الباب في كتاب الدعاء إن شاء الله ، وإنما أوردت هنا قليلا من ذلك لئلا يخلو هذا المجلد منه رأسا.

__________________

(١) العمدة : ١٩٤ فيه : عبدالله بن زيدان.

(٤ ـ ٢ ) المستدرك : مخطوط.

٢٦٠