بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فلا غرو أني سالك مسلك الالى(١)

وشيكا ومن ذا للردى ليس يسلك

ثم آب يكفكف دمعه ويرن رنين البكرة قد بريت ببراءة(٢) وهو يقول :

أقسم قس قسما

ليس به مكتتما

لو عاش ألفي سنة

لم يلق منها سأما

حتى يلاقي أحمد

والنقبآء الحكمآء

أوصيآء(٣) أحمد

أكرم من تحت السمآء

ذرية فاطمة

أكرم بها من فطما

يعمى العباد عنهم

وهم جلاء للعمى

لست بناس ذكرهم

حتى أحل الرجماء

ثم قلت : يا رسول الله أنبئني أنبأك الله بخير عن هذه الاسمآء التي لم نشهدها وأشهدنا قس(٤).

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جارود ليلة أسري بي إلى السمآء أوحى الله عزوجل إلي : أن سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا ، فقلت : (٥) على ما بعثتم؟ فقالوا : على نبوتك وولاية علي بن أبي طالب والائمة منكما ، ثم أوحى الله إلي : أن التفت عن يمين العرش ، فالتفت فاذا علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح(٦) من نور يصلون ، فقال لي الرب تعالى : هؤلاء الحجج

__________________

(١) في المصدر : مسلك الاولى.

(٢) في نسخة : ببرة.

(٣) في المصدر : هم أوصيآء.

(٤) في المصدر : واشهدنا قس ذكرها.

(٥) في المصدر : فقلت لهم.

(٦) ماء ضحضاح : قريب القعر.

٣٠١

أوليآئي ، وهذا(١) المنتقم من أعدائي.

قال الجارود : فقال لي سلمان : يا جارود هؤلآء المذكورون في التوراة والانجيل والزبور ، فانصرفت بقومي وأنا أقول :

أتيتك يابن آمنة الرسولا

لكي بك أهتدي النهج السبيلا

فقلت فكان(٢) قولك قول حق

وصدق ما بدا لك أن تقولا

وبصرت العمى من عبد شمس(٣)

وكل كان من عمه(٤) ضليلا

وأنبأناك عن قس الايادي

مقالا فيك ظلت به جديلا

وأسماء عمت عنا فآلت

إلى علم وكنت بها جهولا(٥)

بيان : العرواء بضم العين وفتح الراء : قرة الحمى ومسها في أول رعدتها والقردد : الموضع المرتفع من الارض. والآل : السراب. والجوب : القطع. والبيد بالكسر جمع البيداء وهي الفلاة والمهمه : القفر. وعال في الارض : ذهب ودار. وفي النسخ بالمعجمة من المغاولة وهي المبادرة في السير. والغول : بعد المفازة والمشقة. والطوى : الجوع. وكغني : الساعة من الليل.

والصحيح : الارض المستوية الواسعة. والدهناء : الفلاة. وأرقل : أسرع ، والمفازة : قطعها. والقلوص من الابل : الشابة. وكل شئ أظهرته فقد نصصته. ويقال : شام البرق : إذا نظر إليه أين يقصد وأين يمطر.

ويقال : توكف الخبر : إذا انتظر وكفه ، أي وقوعه. والقتاد كسحاب : شجر صلب شوكه كالابر. والسمر بضم الميم : شجر معروف. والعتاد : العدة ، والقدح الضخم ، وهما غير مناسبين ، والعتود : السدرة ، ولعله جمع كذا على غير القياس.

__________________

(١) أى المهدى عليه‌السلام.

(٢) في نسخة : وكان.

(٣) في نسخة : من عبد قيس.

(٤) العمه : التردد في الضلال.

(٥) كنز الكراجكى : ٢٥٦ ـ ٢٥٨ وفيه : وكن بها جهولا.

٣٠٢

والنجاد ككتاب : حمائل السيف. وليلة إضحيانة بالكسر : مضيئة. والارقعة جمع رقيع وهو السماء وأمرع الوادي : أكلا. والسرى كغني : النهر الصغير ، و هو كناية عن جعفر عليه‌السلام لانه أيضا في اللغة بمعنى النهر الصغير ، واللاي كالسعي : الابطاء ، وغاله : أهلكه.

وقوله : لا غرو ، أي لا عجب ، والوشيك : السريع. وكفكفه : دفعه وصرفه وبرى السهم : نحته ، والبراءة : السكين يبري بها القوس. وجدله : أحكم فتله. و الرجم بالتحريك : القبر.

أقول : قال الكراجكي رحمه‌الله : تسأل(١) في هذا الخبر عن ثلاثة مواضع : أحدها أن يقال لك : كان الانبيآء المرسلون قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم قد ماتوا ، فكيف يصح سؤالهم في السمآء؟

وثانيها : أن يقال لك : ما معنى قوله : إنهم بعثوا على نبوته وولاية علي و الائمة من ولده عليهم‌السلام؟

وثالثها : أن يقال لك : كيف يصح أن يكون الائمة الاثنا عشر عليهم‌السلام في تلك الحال في السمآء ، ونحن نعلم ضرورة خلاف هذا! لان أمير المؤمنين عليه‌السلام كان في ذلك الوقت بمكة في الارض ، ولم يدع(٢) قط ولا ادعى له أحد أنه صعد إلى السمآء ، فأما الائمة من ولده فلم يكن وجد أحد منهم بعد ولا ولد ، فما معنى ذلك إن كان الخبر حقا؟

فأما الجواب عن السؤال الاول فانا لا نشك(٣) في موت الانبيآء عليهم‌السلام غير أن الخبر قد ورد بأن الله تعالى يرفعهم بعد مماتهم إلى سمائه ، وأنهم يكونون فيها أحياء متنعمين إلى يوم القيامة ، ليس ذلك بمستحيل في قدرة الله سبحانه ، وقد ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أنا أكرم عند الله من أن يدعني في الارض أكثرمن ثلاث

__________________

(١) في المصدر : اعلم ايدك الله انك تسأل.

(٢) في نسخة : ولم تدع.

(٣) في المصدر : فهو أنا.

٣٠٣

وهكذا عندنا حكم الائمة عليهم‌السلام.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لو مات نبي بالمشرق ومات وصيه بالمغرب لجمع الله بينهما » وليس زيارتنا لمشاهدهم على أنهم بها ، ولكن أشرف المواضع ، (١) فكانت غيبت الاجسام فيها ، ولعبادة أيضا ندبنا إليها ، فيصح على هذا أن يكون النبي (ص) رأى الانبيآء عليهم‌السلام في السمآء فسألهم كما أمره الله تعالى.

وبعد فقد قال الله تعالى : « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم(٢) » فإذا كان المؤمنون الذين قتلوا في سبيل الله على هذا الوصف فكيف ينكر أن الانبيآء عليهم‌السلام بعد موتهم أحياء منعمون في السمآء ، وقد اتصلت الاخبار من طريق الخاص والعام بتصحيح هذا.

وأجمع الرواة على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما خوطب بفرض الصلاة ليلة المعراج و هو في السمآء قال له موسى عليه‌السلام : « إن امتك لا تطيق » وإنه راجع إلى الله تعالى دفعة بعد اخرى ، وما حصل عليه الاتفاق فلم يبق فيه كذب.

وأما الجواب عن السؤال الثاني فهو أن يكون الانبيآء عليهم‌السلام قد اعلموا بأنه سيبعث نبيا يكون خاتمهم وناسخا بشرعه شرائعهم ، واعلموا أنه أجلهم وأفضلهم ، وأنه سيكون أوصيآؤه من بعده حفظة لشرعه وحملة لدينه وحججا على امته ، فوجب على الانبيآء عليهم‌السلام التصديق بما أخبروا به والاقرار بجميعه.

أخبرني الشريف يحيى بن أحمد بن إبراهيم بن طباطبا ئى الحسيني(٣) عن عبد الواحد بن عبدالله الموصلي عن أبي علي بن همام عن عبدالله بن جعفر الحميري عن عبدالله بن محمد عن محمد بن أحمد عن يونس بن يعقوب عن عبدالاعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله الصادق عليه‌السلام يقول : ما تنبأ نبي قط إلا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سوانا.

__________________

(١) في المصدر : ولكن الشرف لمواضع.

(٢) آل عمران : ١٦٣.

(٣) في نسخة : الحسنى.

٣٠٤

وإن الامة مجمعة على أن الانبياء عليهم‌السلام قد بشروا بنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونبهوا على أمره ، ولا يصح منهم ذاك إلا وقد أعلمهم الله تعالى به فصدقوا وآمنوا بالمخبر به وكذلك قد روت الشيعة أنهم قد بشروا بالائمة أوصياء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وأما الجواب عن السؤال الثالث فهو أنه يجوز أن يكون تعالى أحدث لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحال صورا كصور الائمة عليهم‌السلام ليراهم أجمعين على كمالهم كمن شاهد(١) أشخاصهم برؤية مثالهم ، ويشكر الله تعالى على ما منحه من تفضيلهم وإجلالهم ، وهذا في الممكن المقدور(٢).

ويجوز أيضا أن يكون الله تعالى خلق على صورهم ملائكة في سمآئه يسبحونه ويقدسونه لتراهم ملائكته الذين قد أعلمهم بأنهم سيكونون(٣) في أرضه حججا له على خلقه ، فتتأكد عندهم منازلهم وتكون رؤيتهم تذكارا لهم بهم وبما سيكون من أمرهم.

وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى في السمآء لما عرج به ملكا على صورة أميرالمؤمنين صلوات الله عليه. وهذا خبر اتفق(٤) أصحاب الحديثين على نقله ، حدثني به من طريق العامة أبوالحسن محمد بن أحمد بن شاذان عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد عن أحمد بن علويه عن إبراهيم بن محمد عن عبدالله بن صالح عن حديد بن عبدالحميد عن مجاهد عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لما اسري بي إلى السماء ما مررت بملا من الملائكة إلا سألوني عن علي بن أبي طالب حتى ظننت أن اسم علي أشهر في السماء من اسمي.

فلما بلغت السمآء الرابعة نظرت إلى ملك الموت عليه‌السلام فقال لي : يا محمد

__________________

(١) في المصدر : فيكون كمن شاهد.

(٢) في نسخة : [ وهذا في الممكن من المقدور ] وفى المصدر : وهذا في العقول من الممكن المقدور.

(٣) في المصدر : يكونون.

(٤) في المصدر : قد اتفق.

٣٠٥

ما خلق الله خلقا إلا أقبض روحه بيدي ما خلا أنت وعلي ، فإن الله جل جلاله يقبض أرواحكما بقدرته.

فلما صرت تحت العرش نظرت فإذا أنا بعلي بن أبي طالب واقفا تحت عرش ربي ، فقلت : ياعلي سبقتني؟ فقال لي جبرئيل عليه‌السلام : يا محمد من هذا الذي يكلمك؟ قلت : هذا أخي علي بن أبي طالب ، قال لي : يامحمد ليس هذا عليا ولكنه ملك من ملائكة الرحمان خلقه الله على صورة علي بن أبي طالب ، فنحن الملائكة المقربون كلما اشتقنا إلى وجه علي بن أبي طالب زرنا هذا الملك لكرامة علي بن أبي طالب على الله سبحانه.

فيصح على هذا الوجه أن يكون الذين رآهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ملائكة على صور الائمة عليهم‌السلام ، وجميع ذلك داخل في باب التجويز والامكان ، والحمد لله(١) انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول : ويحتمل أيضا في رؤية من مضى ومن لم يأت أن يكون صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى أجسادهم المثالية أو أرواحهم على القول بتجسمها ، وقد مر بعض القول في ذلك في كتاب المعاد والله يهدي إلى الرشاد.

٦٦ ـ مناقب محمد بن أحمد بن شاذان القمي عن أبي معاوية عن الاعمش عن أبي وائل عن عبدالله قال : قال رسول الله (ص) : قال قال لي جبرئيل عليه‌السلام : يا محمد علي خير البشر من أبى فقد كفر.

٦٧ ـ وباسناده عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : يا علي أنت خير البشر لا يشك فيه إلا كافر(٢).

٦٨ ـ وعن أنس عن عائشة قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقول : علي بن أبي طالب خير البشر من أبى فقد كفر ، فقيل : فلم حاربته؟ فقالت : والله ما حاربته من ذات نفسي وما حملني عليه إلا طلحة والزبير.(٣)

__________________

(١) كنز الكراجكى ـ ٢٥٨ ـ ٢٦٠.

(٢) ايضاح دفائن النواصب : ٤٠ و ٤١.

(٣) ايضاح دفائن النواصب : ٤٣.

٣٠٦

٦٩ ـ وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بي إلى السماء انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة فرأيت بيتا من ياقوت أحمر ، فقال لي جبرئيل : يا محمد هذا هو البيت المعمور خلقه الله تعالى قبل خلق السماوات والارضين بخمسين ألف عام ، قم يا محمد فصل إليه.

قال النبي (ص) : وجمع الله إلى النبيين فصفهم جبرئيل عليه‌السلام ورائى صفا فصليت بهم فلما سلمت أتاني آت من عند ربي فقال لي : يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك : سل الرسل على ماذا أرسلتهم من قبلك؟ فقلت : معاشر الرسل على ماذا بعثكم ربي قبلي؟ فقالت الرسل : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب ، وهو قوله تعالى : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا.(١)

٧٠ ـ كتاب المحتضر للحسن بن سليمان مما رواه من تفسير محمد بن العباس بن مروان عن جعفر بن محمد الحسني عن علي بن إبراهيم القطان عن عباد بن يعقوب عن محمد بن فضيل عن محمد بن سوقه عن علقمة عن ابن مسعود قال : قال رسول الله (ص) في حديث الاسرى : فإذا ملك قد أتاني فقال : يا محمد سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا ، فقلت معاشر الرسل والنبيين على ما بعثكم الله قبلي؟(٢) قالوا : على ولايتك يا محمد وولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام.(٣)

٧١ ـ ومما رواه من كتاب المعراج عن الصدوق عن أحمد بن محمد الصقر عن محمد بن العباس بن بسام عن عبدالله بن محمد المهلبي عن أحمد بن صبيح عن الحسن بن جعفر عن أبيه عن منصور عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : لما عرج بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى السماء قال العزيز عزوجل : « آمن الرسول بما انزل إليه من ربه » قال : قلت(٤) : « والمؤمنون » (٥).

__________________

(١) ايضاح دفائن النواصب : ٤٩ والاية في الزخرف : ٤٥.

(٢) في المصدر : على ما بعثتم قبلى؟ فقالوا.

(٣) المحتضر : ١٢٥.

(٤) في المصدر : فقال : والمؤمنون.

(٥) البقرة : ٢٨٥.

٣٠٧

قال : صدقت يا محمد من خلفت لامتك؟ وهو أعلم(١) قلت : خيرها لاهلها قال : صدقت يا محمد ، إني اطلعت إلى الارض اطلاعة فاخترتك منها ثم شققت لك اسما من أسمائي ، فلا اذكر في موضع إلا ذكرت معي ، وأنا المحمود(٢) وأنت محمد ، ثم اطلعت إليها اطلاعة اخرى فاخترت منها عليا فجعلته(٣) وصيك فأنت سيد الانبياء وعلي سيد الاوصياء.(٤)

إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين من شبح نور ، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة وسائر خلقي وهم أرواح(٥) فمن قبلها كان عندي من المقربين ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد وعزتي وجلالي لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن(٦) البالي ثم أتاني جاحدا لولايتهم لم أدخله جنتي ولا أظللته تحت عرشي.(٧)

٧٢ ـ ومما رواه من كتاب السيد حسن بن كبش باسناده عن إسماعيل بن علي الدعبلى عن أبيه عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : يا علي أنت خير البشر لا يشك فيك إلا كافر.(٨)

٧٣ ـ ومنه عن وهب بن منبه قال : إن موسى عليه‌السلام نظر ليلة الخطاب إلى كل شجرة في الطور وكل حجر ونبات ينطق بذكر محمد واثني عشر وصيا له من

__________________

(١) أى والله أعلم بمن خلفت.

(٢) في المصدر : فانا المحمود.

(٣) في المصدر : وجعلته.

(٤) في المصدر : فانت خير الانبياء وهو خير الاوصياء ، يا محمد انى

(٥) في المصدر : من شبح نورى ثم عرضتهم على الملائكة وسائر خلقى واردت ولايتهم وهم أرواح.

(٦) الشن : القربة الخلق الصغيرة.

(٧) المحتضر : ١٤٧ و ١٤٨ فيه : ولا اظله.

(٨) المحتضر : ١٥١ فيه : الا من كفر.

٣٠٨

بعده ، فقال موسى : إلهي لا أرى شيئا خلقته إلا وهو ناطق بذكر محمد وأوصيائه الاثنى عشر ، فما منزلة هؤلاء عندك؟ قال : يابن عمران إني خلقتهم قبل أن أخلق الانوار خلقتهم في خزانة قدسي ترتع في رياض مشيتي ، وتتنسم من روح جبروتي ، وتشاهد أقطار ملكوتي حتى شئت بمشيتي أنفذت قضائي وقدري.

يا ابن عمران إني سبقت بهم السباق حتى ازخرف بهم جناني ، يابن عمران تمسك بذكرهم فانهم خزنة علمي وعيبة حكمتي ومعدن نوري.

قال حسين بن علوان : فذكرت ذلك لجعفر بن محمد عليه‌السلام فقال : حق ذلك ، هم اثنا عشر من آل محمد : علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ومن شاء الله ، قلت : جعلت فداك إنما سألتك لتبين الحق لي ، قال : أنا وابني هذا وأومأ إلى ابنه موسى ـ والخامس من ولده يغيب شخصه ولا يحل ذكره باسمه.(١)

٧٤ ـ ومنه عن الحسن بن علي العسكري عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله اختارنا معاشر آل محمد واختار الملائكة المقربين وما اختارهم إلا لعلمه أنهم ليهتدون.(٢)

٧٥ ـ ومنه عن أبي ذر رضي‌الله‌عنه قال : نظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : هذا خير الاولين وخير الآخرين من أهل السماوات وأهل الارضين ، وهذا سيد الصديقين وسيد الوصيين(٣)

٧٦ ـ ما : محمد بن أحمد بن شاذان عن المعافا بن زكريا عن أحمد بن هوذة عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال : سألت جعفر بن محمد عليهما‌السلام لم سميت الجمعة جمعة؟ قال : لان الله تعالى جمع فيها خلقه لولاية محمد وأهل بيته(٤).

٧٧ ـ كتاب تفضيل الائمة على الانبيآء للحسن بن سليمان قال : ذكر السيد حسن بن كبش في كتابه باسناده مرفوعا إلى عدة من أصحاب رسول الله (ص) منهم

__________________

(١ ـ ٣) المحتضر : ١٥١.

(٤) امالى ابن الشيخ : ٧١.

٣٠٩

جابر بن عبدالله الانصاري وأبوسعيد الخدري وعبدالصمد بن أبي امية وعمر بن أبي سلمة وغيرهم قالوا : لما فتح النبي (ص) مكة أرسل رسله إلى كسرى وقيصر يدعوهما إلى الاسلام أو الجزية وإلا آذنا بالحرب ، وكتب أيضا إلى نصارى نجران بمثل ذلك.

فلما أتتهم رسله (ص) فزعوا إلى بيعتهم(١) العظمى وكان قد حضرهم أبوحارثة اسقفهم الاول ، وقد بلغ يومئذ مائة وعشرين سنة ، وكان يؤمن بالنبي والمسيح عليهما‌السلام ويكتم ذلك عن كفرة قومه ، فقام على عصاه وخطبهم ووعظهم وألجأهم بعد مشاجرات كثيرة إلى إحضار الجامعة الكبرى التي ورثها شيث ، ففتح طرفها واستخرج صحيفة شيث التي ورثها من أبيه آدم عليه‌السلام ، فألفوا في المسباح الثاني من فواصلها :

« بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا أنا الحي القيوم ، معقب الدهور ، وفاصل الامور ، سببت بمشيتي الاسباب ، وذللت بقدرتي الصعاب ، وأنا العزيز الحكيم الرحمن الرحيم ، أرحم وأترحم ، وسبقت رحمتي غضبي ، وعفوي عقوبتي ، خلقت عبادي لعبادتي وألزمتهم حجتي ».

« ألا إني باعث فيهم رسلي ، ومنزل عليهم كتبي ، ابرم ذلك من لدن أول مذكور من بشر إلى أحمد نبيي وخاتم رسلي ، ذلك الذي أجعل عليه صلواتي ورحمتي وأسلك في قلبه بركاتي ، وبه اكمل أنبيائي ونذري ».

« قال آدم : من هؤلاء الرسل؟ ومن أحمد هذا الذي رفعت وشرفت؟ قال : كل من ذريتك ، وأحمد عاقبهم(٢) ووارثهم ، قال : يارب بما أنت باعثهم ومرسلهم؟ قال : بتوحيدي ، ثم اقفي ذلك(٣) بثلاثمائة وثلاثين شريعة انظمها وأكملها لاحمد جميعا ، فأذنت لمن جاءني بشريعة(٤) منها مع الايمان بي وبرسلي أن ادخله الجنة ».

__________________

(١) البيعة : معبد النصارى واليهود.

(٢) عقب الرجل او مكان الرجل : خلفه وجاء بعده ، والمراد انه يأتي بعد الانبياء وفى آخرهم ، اى يكون خاتمهم.

(٣) أى التوحيد.

(٤) أى في الوقت الذى شرع ذلك الشريعة.

٣١٠

قال : قال آدم عليه‌السلام : حق لمن عرفك يا إلهي بنعمتك أن لا يعصيك بها ، ولمن علم سعة رحمتك ومغفرتك أن لا ييئس منها.

قال : يا آدم أتحب أن اريك أبناءك هؤلاء الذين كرمتهم واصطفيتهم على العالمين؟ قال : نعم أي رب ، فمثلهم الله تبارك وتعالى قدر منازلهم ومكانتهم من فضله عليهم ونعمته ثم عرضهم عليه أشباحا في ذرياتهم وخاص أتباعهم من أممهم ، فنظر إليهم آدم وبعضهم أعظم نورا من بعض ، وإذا فضل أنوار الخمسة أصحاب المقامات والشرائع من الانبيآء كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وفضل العاقب محمد (ص) في عظم نوره على الخمسة كفضل الخمسة عى الانبيآء جميعا.

فنظر فإذا حامة(١) كل نبي وخاصته من قومه ورهطه آخذون بحجزة ذلك النبي من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله ، تتلالا وجوهم وتشرق جباههم نورا ، وذلك بحسب منزلة ذلك النبى من ربه وبقدر منزلة كل واحد من نبيه.

ثم نظر آدم عليه‌السلام إلى نور قد لمع فسد الجو المنخرق وأخذ بالمطالع من المشارق ثم سرى حتى طبق المغارب ثم سما(٢) حتى بلغ ملكوت السمآء ، فاذا الاكناف قد تضوعت طيبا ، وإذا أنوار أربعة قد اكتنفته عن يمينه وشماله ومن خلفه وأمامه أشبه به أرجا(٣) ونورا يتلوها أنوار من بعدها يستمد منها ، وإذا هي شبيهة بها في ضيائها وعظمها ونشرها ، ثم دنت منه فتكللت عليها وحفت بها.

ونظر فاذا أنوار من بعد ذلك في مثل عدد الكواكب ودون منازل الاوائل جدا جدا ، ثم طلع(٤) عليه سواد كالليل وكالسيل ينسلون(٥) من كل وجه وأوب(٦)

__________________

(١) الحامة : خاصة الرجل من اهله وولده.

(٢) أى علا وارتفع.

(٣) أى طيبا.

(٤) في نسخة : ثم طبع عليه.

(٥) أنسل : اسرع. القوم : تقدمهم.

(٦) الاوب : الطريق. الجهة اى من كل طريق وجهة.

٣١١

فأقبلوا حتى ملاؤا البقاع(١) والاكم ، وإذا هم أقبح شئ هيئة وصورا وأنتنه ريحا.

فبهر آدم عليه‌السلام مارأى من ذلك ، فقال : يا عالم الغيوب ويا غافر الذنوب وياذا القدرة الباهرة والمشية الغالبة من هذا السعيد الذي كرمت ورفعت على العالمين؟ ومن هذه الانوار المنيفة المكتنفة له؟

فأوحى الله عزوجل إليه : يا آدم هؤلاء وسيلتك ووسيلة من أسعدت من خلقى هؤلاء السابقون المقربون والشافعون المشفعون ، وهذا أحمد سيدهم وسيد بريتي اخترته بعلمي واشتققت اسمه من اسمي ، فأنا المحمود وهذا أحمد ، (٢) وهذا صنوه ووصيه ووارثه ، وجعلت بركاتي وتطهيري في عقبه وهي(٣) سيدة إمآئى ، والبقية في علمي من أحمد نبيي ، وهذان السبطان والخلفان لهم ، وهذه الاعيان المضارع نورها(٤) أنوارهم بقية منهم ، ألا إن كلا اصطفيت وطهرت ، وعلى كل باركت وترحمت ، وكلا بعلمي جعلت قدوة عبادي ونور بلادي.

ونظر إلى شيخ في آخرهم يزهر في ذلك الصفيح كما يزهر كوكب الصبح لاهل الدنيا ، فقال تبارك وتعالى : وبعبدي هذا السعيد أفك عن عبادي الاغلال ، وأضع عنهم الآصار ، وأملا الارض حنانا ورأفة وعدلاكما ملئت من قبله قسوة وشقوة وجورا.

قال آدم : يارب إن الكريم كل الكريم من كرمت ، وإن الشريف كل الشريف من شرفت ، وحق يا إلهي لمن رفعت(٥) وأعليت أن يكون كذلك ، فياذا النعم الذي لا ينقطع والاحسان الذي لا ينفذ ، بم بلغ(٦) هؤلآء العالون(٧) هذه المنزلة

__________________

(١) في نسخة : [ القاع ] ولعله انسب.

(٢) في نسخة : محمد.

(٣) في نسخة : وهذه.

(٤) أى المشابه نورها.

(٥) في نسخة : لما رفعت.

(٦) في نسخة : بما بلغ.

(٧) في نسخة : العالمون.

٣١٢

من شرف عطاياك وعظيم فضلك وحنانك وكذلك من كرمت من عبادك المرسلين.

قال الله تبارك وتعالى : إني أنا الله لا إله إلا أنا الرحمن الرحيم العزيز الحكيم عالم الغيوب ومضمرات القلوب ، أعلم ما لم يكن مما يكون كيف يكون ، وما لا يكون لو كان كيف يكون.

وإني اطلعت يا عبدي في علمي على قلوب عبادي فلم أر فيهم أطوع لي ولا أنصح لخلقي من أنبيآئي ورسلي ، فجعلت لذلك فيهم روحي وكلمتي ، وألزمتهم عبء(١) حجتي ، واصطفيتهم على البرايا برسالتي ووحيي ، ثم ألقيت مكاناتهم تلك في منازلهم قلوب حوامهم وأوصيآئهم من بعد ، فألحقتهم بأنبيائي ورسلي ، وجعلتهم من ودائع حجتي والاساة(٢) في بريتي ، لاجبر بهم كسر عبادي واقيم بهم أودهم(٣) ، ذلك أني بهم وبقلوبهم لطيف وخبير.

ثم اطلعت على قلوب المصطفين من رسلي فلم أجد فيهم أطوع لي ولا أنصح لخلقي من محمد خيرتي وخالصتي ، فاخترته على علمي ورفعت ذكره إلى ذكري ، ثم وجدت كذلك قلوب حامته اللائي من بعده على صفة قلبه فألحقتهم به وجعلتهم ورثة كتابي ووحيي وأركان(٤) حكمتي ونوري ، وآليت بي أن لا اعذب بناري من لقيني معتصما بتوحيدي وحبل مودتهم أبدا.

قال آدم : فما هاتان الثلتان العظيمتان؟ قال الله تقدس اسمه : هؤلآء امة محمد (ص) أدركت نبيها في علمه فآمنت به واتبعت فألبستها نورا من نوري ، ثم الذي يلونهم كذلك حتى أرث الارض ومن عليها ولهم قيهاقسمت لهم من فضلي ورحمتي منازل شتى فأفضلهم سابقهم إذا كان أعلمهم بي وأعملهم بطاعتي.

__________________

(١) العبء : الثقل.

(٢) الاساة جمع الاسوة القدوة.

(٣) الاود : الاعوجاج والكد والتعب.

(٤) في نسخة : وأوكار حكمتى.

٣١٣

وهذه الثلة(١) العظمى التي ملات بياضها وسوادها أرضي ، فهم أخابث خلقي وأشرار عبيدي وهم الذين يدركون محمدا خيرتي وسيد بريتي فيكذبونه صادقا ويخوفونه آمنا ويعصونه رؤفا وهم يعرفونه والنور(٢) الذي أبعثه به ، يظاهرون على أخراجه من أرضه ، ويتظاهرون على قتاله وعداوته ، ثم القوامين بالقسط من بعد هذا ، وهم(٣) لهم جنة ، حق علي لاصلين عذابهم نارا لا ينقطع ، ثم لالحقنهم بعدوي الذي اتخذوه وذريته أوليآء من دوني ودون أوليائى أجل ثم لاتبعن من يأتي منهم من بعدهم أنتقم منهم وأنا غير ظالم ، وعند انقضاء مناجاة آدم ربه خر ساجدا فأوحى الله عزوجل ـ وهو أعلم به وبقلبه ـ : ما سجودك هذا؟ قال : تعبدا لك يا إلهي وحدك وتعظيما لاوليائك هؤلاء الذين كرمت ورفعت ، وكانت أول سجدة سجدها مخلوق ، فشكر الله عزوجل ذلك له ، فأسجد له ملائكته وأباحه جنته ، وأوحى إليه : أما إني مخرجهم من صلبك وجاعلهم في ذريتك.

فلما قارف آدم الخطيئة واخرج من الجنة توسل إلى الله وهو ساجد بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وحامته وأهل بيته هؤلاء فغفر الله له خطيئته وجعله الخليفة في أرضه.

فلما أتى القوم على باقي المسباح الثاني من ذكر النبي (ص) وذكر أهل بيته عليهم‌السلام أمرهم أبوحارثة أن يصيروا إلى صحيفة شيث الكبرى التي ميراثها إلى إدريس عليه‌السلام وكان كتابتها بالقلم السرياني القديم ، وهو الذي كتب به من بعد نوح عليه‌السلام ملوك الهياطلة المتماردة فافتض القوم الصحيفة فأفضوا منها إلى هذا الرسم.

قالوا : اجتمع إلى إدريس عليه‌السلام قومه وصحابته وهم يومئذ في بيت عبادته من أرض كوفان فخبرهم بما اقتص عليهم قال : إن بني أبيكم آدم عليه‌السلام لصلبه وبني بنيه وذريته اجتمعوا فيما بينهم ، وقالوا : أي الخلق عندكم أكرم على الله عزوجل

__________________

(١) الثلة : الطائفة. جماعة من الناس.

(٢) أى القرآن الكريم.

(٣) اى هؤلاءالقوامون جنة ووقاية للناس من عذاب الدنيا والاخرة.

٣١٤

وأرفع لديه مكانا وأقرب منه منزلة؟

فقال بعضهم : أبوكم آدم خلقه الله عزوجل بيده وأسجد له ملائكته وجعله الخليفة في أرضه وسخر له جميع خلقه ، وقال آخرون : بل الملائكة الذين لم يعصوا الله عزوجل وقال بعضهم : لا بل الامين جبرئيل عليه‌السلام ، فانطلقوا إلى آدم عليه‌السلام فذكروا له الذي قالوا واختلفوا فيه.

فقال : يا بني إني أخبركم بأكرم الخلق عند الله عزوجل جميعا ، ثم إنه والله ما عدا أن نفخ في الروح حتى استويت جالسا فبرق لي العرش العظيم فنظرت فإذا فيه : لا إله إلا الله ، محمد خيرة الله عزوجل ثم ذكرعدة أسماء(١) صلوات الله عليهم مقرونة بمحمد صلوات الله عليه وآله.

قال آدم : ثم لم أر في السماء موضع أديم ـ أو قال : صفيح ـ منها إلا وفيه مكتوب لا إله إلا الله وما من موضع مكتوب فيه : لا إله إلا الله وفيه مكتوب خلقا لا خطا : محمد رسول الله وما من موضع فيه مكتوب : محمد رسول الله إلا وفيه مكتوب : علي خيرة الله ، الحسن صفوة الله الحسين أمين الله عزوجل ، وذكر الائمة من أهل بيته عليهم‌السلام واحدا بعد واحد إلى القائم بأمر الله.

قال آدم فمحمد صلوات الله عليه وآله ومن خط من أسماء أهل بيته أكرم الخلائق على الله.

فلما انتهى القوم إلى آخر ما في صحيفة إدريس ، قرأوا صحيفة إبراهيم عليه‌السلام وفيها معنى ما تقدم بعينه ، وانفضوا.(٢)

٧٨ ـ ومنه نقلا من كتاب التنبيه للحيرة من الفضل بن شاذان روى أبويوسف عن مجالد عن الشعبي أن عمر أتى النبي (ص) بصحيفة قد كتب فيها التوراة بالعربية فقرأها عليه فعرف الغضب في وجهه فقال : أعوذ بالله وبرسوله من سخطه ، فقال النبي (ص) : لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ فانهم لا يهدونكم ، وقد ضلوا ، وعسى

__________________

(١) في نسخة : عدة اسماء الائمة.

(٢) تفضيل الائمة : مخطوط ليست عندى نسخته.

٣١٥

أن يحدثوكم بباطل فتصدقوهم أو بحق فتكذبوهم ، فلو كان موسى عليه‌السلام بين أظهركم لما حل له إلا أن يتبعني.(١)

قال الحسن بن سليمان : فعلى هذا لو كان موسى عليه‌السلام في زمن محمد (ص) لما وسعه إلا اتباعه ، وكان من أمته ، ووجب عليه طاعة وصيه أميرالمؤمنين والاوصياء من بعده عليهم‌السلام.

٧٩ ـ ومنه نقلا من الكتاب المذكور بحذف الاسناد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد الاولين والآخرين ، وأنت يا علي سيد الخلائق بعدي ، أولنا كآخرنا وآخرنا كأولنا.(٢)

٨٠ ـ ومنه نقلا من تفسير محمد بن العباس باسناده عن الحارث وسعيد بن قيس عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : أنا واردكم(٣) على الحوض ، وأنت يا علي الساقي ، والحسن الذائد ، (٤) والحسين الآمر ، وعلي بن الحسين الفارط(٥) ومحمد بن علي الناشر ، وجعفر بن محمد السائق ، وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين ، وعلي بن موسى مزين المؤمنين ، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم ، وعلي بن محمد خطيب شيعته ومزوجهم الحور ، والحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به ، والهادي المهدي شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن الله إلا لمن يشاء ويرضى.(٦)

٨١ ـ ومنه نقلا من كتاب الحسن بن كبش عن أبي ذر رضوان الله عليه قال : نظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام فقال : هذا خير الاولين وخير الاخرين من أهل

__________________

(١ و ٢) تفضيل الائمة : مخطوط ليست عندى نسخته.

(٣) في نسخة : [ أنا رائدكم ] أقول : الرائد : الرسول الذى يرسله القوم لينظر لهم مكانا ينزلون فيه.

(٤) الذائد : الحامى والدافع.

(٥) الفارط : الذى تقدم القوم إلى الماء او الكلاء.

(٦) تفضيل الائمة : مخطوط.

٣١٦

السماوات وأهل الارضين ، هذا سيد الصديقين وسيد الوصيين(١) الخبر.

٨٢ ـ ومنه قال : روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : علمنا واحد وفضلنا واحد ونحن شئ واحد.(٢)

٨٣ ـ وقال عليه‌السلام كل ما كان لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فلنا مثله إلا النبوة والازواج.(٣)

٨٤ ـ ومنه نقلا من تفسير ابن ماهيار باسناده عن عمران بن ميثم عن أبيه قال : كنت عند أمير المؤمنين عليه‌السلام خامس خمسة وأنا أصغرهم يومئذ نسمع أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : حدثني أخي أنه ختم ألف نبي ، وأني ختمت ألف وصي ، و أنا كلفت ما لم يكلفوا.

إني لاعلم ألف كلمة ما يعلمها غيري وغير محمد (ص) ، ما منها كلمة إلا وهي مفتاح ألف باب ما تعلمون منها كلمة واحدة غير أنكم تقرأون منها آية واحدة في القرآن « وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون(٤) » وما تدرونها؟(٥)

٨٥ ـ ومنه نقلا من كتاب القائم للفضل بن شاذان عن صالح بن حمزة عن الحسن بن عبدالله عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام على منبر الكوفة : والله إني لديان الناس يوم الدين ، وقسيم الله بين الجنة والنار ، لا يدخلها داخل إلا على أحد قسمي.

وأنا الفاروق الاكبر وقرن من حديد وباب الايمان وصاحب الميسم وصاحب السنين ، وأنا صاحب النشر الاول والنشر الآخر وصاحب العصا وصاحب الكرات ودولة الدول ، وأنا إمام لمن بعدي ، والمؤدي عمن كان قبلي ، ما يتقدمني إلا أحمد وإن جميع الرسل والملائكة والروح خلفنا ، وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليدعى فينطق وادعى فأنطق على حد منطقه.

ولقد اعطيت السبع التي لم يسبق إليها أحد قبلي : بصرت سبيل الكتاب ، و

__________________

(١ ـ ٣ و ٥) تفضيل الائمة : مخطوط.

(٤) النمل : ٨٤.

٣١٧

فتحت لي الابواب وعلمت الاسباب ومجرى السحاب وعلم المنايا والبلايا والوصيات وفصل الخطاب ، ونظرت في الملكوت فلم يغب عني شئ غاب عني ولم يفتني ما سبقني ولم يشركني أحد فيما أشهدني يوم شهادة الاشهاد وأنا الشاهد عليهم.

وعلى يدي يتم موعد الله وتكمل كلمته ، وبي يكمل الدين ، وأنا النعمة التي أنعمها الله على خلقه ، وأنا الاسلام الذي ارتضاه لنفسه ، كل ذلك منا من الله.(١)

٨٦ ـ ومنه نقلا عنه بإسناده عن ابن مسعود قال : قال رسول الله (ص) في حديث الاسرى : فاذا ملك قد أتاني فقال : يا محمد واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا ، فقلت : معاشر الرسل والنبيين على ما بعثكم الله قبلي؟ قالوا : على ولايتك يا محمد وولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام.(٢)

٨٧ ـ ومنه عنه باسناده عن جابر بن عبدالله قال : اكتنفنا رسول الله (ص) يوما في مسجد المدينة فذكر بعض أصحابنا الجنة فقال أبودجانة : يا رسول الله سمعتك تقول : الجنة محرمة على النبيين وسآئر الامم حتى تدخلها.

فقال له : يا أبا دجانة أما علمت أن لله تعالى لواء من نور وعمودا من نور خلقهما الله قبل أن يخلق السماوات والارض بألفي عام ، مكتوب على ذلك : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، آل محمد خير البرية ، صاحب اللواء علي إمام القوم ، فقال علي عليه‌السلام : الحمد لله الذي هدانا بك وشرفك وشرفنا بك.

فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما علمت أن من أحبنا وانتحل محبتنا أسكنه الله معنا وتلا هذه الآية : في مقعد صدق عند مليك مقتدر.(٣)

٨٨ ـ ومنه عنه باسناده عن أبي الورد عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تسنيم أشرف شراب الجنة يشربه محمد وآل محمد صرفا ، ويمزج لاصحاب اليمين ولسائر أهل الجنة(٤)

__________________

(١ و ٢) تفضيل الائمة : مخطوط.

(٣) تفضيل الائمة : مخطوط والاية في القمر : ٥٥.

(٤) تفضيل الائمة : مخطوط.

٣١٨

أقول : وروى من الكتاب المذكور خمسة وعشرين حديثا في قوله تعالى : « إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية » (١) أنهم آل محمد عليهم‌السلام وشيعتهم.

٧

باب

*(ان دعآء الانبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم صلوات الله)*

*(عليهم أجمعين)*

١ ـ جع ، لى : ماجيلويه عن عمه عن أحمد بن هلال عن الفضل بن دكين عن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبدالله الصادق عليه‌السلام يقول : أتى يهودي النبي(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام بين يديه يحد النظر إليه ، فقال : يا يهودي ما حاجتك؟ قال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله وأنزل عليه التوراة والعصا وفلق له البحر وأظله بالغمام؟

فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه يكره للعبد أن يزكي نفسه ، ولكني أقول : إن آدم عليه‌السلام لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي ، فغفرها الله له.

وإن نوحا لما ركب في السفينة وخاف الغرق قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني من الغرق ، فنجاه الله عنه.

وإن إبراهيم عليه‌السلام لما ألقي في النار قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني منها ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما.

وإن موسى لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : اللهم إني أسالك بحق محمد وآل محمد لما آمنتني(٣) فقال الله جلاله : لا تخف إنك أنت الاعلى ، يا

__________________

(١) البينة : ٦.

(٢) في جامع الاخبار والا حتجاج : إلى النبى.

(٣) في جامع الاخبار : لما امنتنى منها.

٣١٩

يهودي إن موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا ولا نفعته النبوة ، يا يهودي ومن ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى بن مريم عليه‌السلام لنصرته فقدمه وصلى خلفه.(١)

ج : عن معمر مثله.(٢)

بيان : كلمة « لما » إيجابية بمعنى إلا ، أي أسألك في كل حال إلا حال حصول المطلوب ، وهو إلحاح ومبالغة في السؤال.

٢ ـ مع : العجلي عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى خلق الارواح قبل الاجساد بألفي عام ، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي و فاطمة والحسن والحسين والائمة بعدهم صلوات الله عليهم , فعرضها على السماوات والارض والجبال فغشهانورهم.

فقال الله تبارك وتعالى للسماوات والارض والجبال : هؤلآء أحبائي وأوليائي وحججي على خلقي وأئمة بريتي ، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم ، ولهم ولمن تولاهم خلقت جنتي ، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري.

فمن ادعى منزلتهم مني ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين ، وجعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري.

ومن أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم مني ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي ، وكان لهم فيها ما يشاؤن عندي ، وأبحتهم كرامتي وأحللتهم جواري وشفعتهم في المذنبين من عبادى وإمائى ، فولايتهم أمانة عند خلقي ، فأيكم يحملها بأثقالها ويدعيها لنفسه دون خيرتي.

فأبت السماوات والارض والجبال أن يحملنها وأشفقن من ادعاء منزلتها وتمني محلها من عظمة ربها.

__________________

(١) جامع الاخبار : ٨ و ٩ ، امالى الصدوق : ١٣١ و ١٣٢.

(٢) احتجاج الطبرسى : ٢٧ و ٢٨.

٣٢٠