بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

في ولد الحسين دون ولد الحسن وهما جميعا ولدا رسول الله (ص) وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟

فقال : إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى ، ولم يكن لاحد أن يقول : لم فعل الله ذلك؟ فان الامامة خلافة الله عزوجل ليس لاحد أن يقول : لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن؟ لان الله هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون(١).

٩

باب

*(نفى الغلو النبى والائمة صلوات الله عليه وعليهم وبيان معانى)*

*(التفويض وما لا ينبغى أن ينسب اليهم منها وما ينبغى)*

الايات : آل عمران : « ٣ » ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون. « ٧٩ و ٨٠ »

النساء : « ٤ » يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق ١٧١.

المائدة : « ٥ » لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ـ إلى قوله تعالى : ـ قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل. « ٧٢ ـ ٧٧ »

الرعد : « ١٣ » أم جعلوا لله شركآء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار « ١٦ ».

الروم : « ٣ » الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم

____________________

(١) اكمال الدين : ٢٠٤ و ٢٠٥ ، معانى الاخبار : ١٢٦ و ١٢٧. الخصال ١ : ١٤٦.

٢٦١

من يفعل من ذلكم من شئ سبحانه وتعالى عما يشركون « ٤٠ ».

تفسير : « ما كان لبشر » قيل : تكذيب ورد على عبدة عيسى عليه‌السلام ، وقيل : إن أبا رافع القرظي والسيد النجراني قالا : يامحمد أتريد أن نعبدك ونتخذك ربا؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : معاذ الله أن نعبد غير الله ، وأن نأمر بغير عبادة الله ، فما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني ، فنزلت.

وقيل : قال رجل : يارسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض؟ أفلا نسجد لك؟ قال : لا ينبغي أن يسجد لاحد من دون الله ، ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لاهله « ولكن كونوا » أي ولكن يقول : كونوا « ربانيين » الرباني منسوب إلى الرب بزيادة الالف والنون كاللحياني ، وهو الكامل في العلم والعمل « بما كنتم » أي بسبب كونكم معلمين الكتاب ، وكونكم دارسين له « ولا يأمركم » بالنصب عطفا على « ثم يقول » ولا مزيدة لتأكيد النفي في قوله : « ما كان » أو بالرفع على الاستيناف أو الحال « أيأمركم » أي البشر أو الرب تعالى.

« لا تغلوا في دينكم » باتخاذ عيسى إلها « إلا الحق » أي تنزيهه سبحانه عن الصاحبة والولد « قد ضلوا من قبل » أي قبل مبعث محمد (ص) « وضلوا عن سواء السبيل » بعد مبعثه صلى‌الله‌عليه‌وآله لما كذبوه.

« قل الله خالق كل شئ » يدل على عدم جواز نسبة الخلق إلى الانبياء والائمة عليهم‌السلام ، وكذا قوله تعالى : « هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شئ » يدل على عدم جواز نسبة الخلق والرزق والاماتة والاحياء إلى غيره سبحانه وأنه شرك.

أقول : دلالة تلك الايات على نفي الغلو والتفويض بالمعاني التي سنذكرها ظاهرة ، والايات الدالة على ذلك أكثر من أن تحصى ، إذ جميع آيات الخلق ودلائل التوحيد والايات الواردة في كفر النصارى وبطلان مذهبهم دالة عليه ، فلم نتعرض لا يرادها وتفسيرها وبيان وجه دلالتها لرضوح الامر والله يهدي إلى سواء السبيل.

١ ـ كش : سعد عن الطيالسي عن ابن أبي نجران عن ابن سنان قال : قال

٢٦٢

أبوعبدالله عليه‌السلام : إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط(١) صدقنا بكذبه علينا عند الناس ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصدق البرية لهجة ، وكان مسيلمة يكذب عليه ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام أصدق من برأ الله بعد رسول الله (ص) وكان الذي يكذب عليه ويعمل(٢) في تكذيب صدقه بما يفترى عليه من الكذب عبدالله بن سبا لعنه الله ، وكان أبوعبدالله الحسين بن علي عليهما‌السلام قد ابتلي بالمختار ، ثم ذكر أبوعبدالله عليه‌السلام الحارث الشامي وبنان فقال : كانا يكذبان على علي بن الحسين عليهما‌السلام ثم ذكر المغيرة بن سعيد وبزيعا والسري وأبا الخطاب ومعمرا وبشار الشعيري وحمزة الترمدي(٣) وصائد النهدي فقال : لعنهم الله إنا لا نخلو من كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأي كفانا الله مؤنة كل كذاب وأذاقهم حر الحديد.(٤)

بيان : عاجز الرأي أي ضعيف العقل يعتقد فيهم ما يكذبه العقل المستقيم.

٢ ـ كش : أحمد بن علي عن سهل(٥) عن عبدالرحمن بن حماد عن ابن فضال عن غالب بن عثمان عن عمار بن أبي عتبة(٦) قال : هلكت بنت لابي الخطاب فلما

____________________

(١) في المصدر : فيسقط.

(٢) في نسخة : [ ويعمد ] وهو إلى قوله : من الكذب قد سقط من المصدر.

(٣) هكذا في الكتاب وفى مصدره : [ اليزيدى ] ونقل المامقانى عن نسخة مصححة البربرى وفى المقالات والفرق لسعد بن عبدالله وفرق الشيعة للنوبختى : وكان حمزة بن عمارة البربرى منهم ( إلى من الكيسانية ) وكان من اهل المدينة ففارقهم وادعى انه نبى وان محمد بن الحنفية هوالله وان حمزة هو الامام والنبى وانه ينزل عليه سبعة اسباب من السماء فيفتح بهن الارض ويملكها فتبعه على ذلك اناس من اهل المدينة واهل الكوفة ولعنه ابوجعفر محمد بن على بن الحسين وبرئ منه وكذبه وبرأت منه الشيعة وتبعه على رأيه رجلان من نهد من اهل الكوفة يقال لاحدهما : صائد والاخر بيان بن سمعان.

(٤) رجال الكشى : ١٩٦ و ١٩٧.

(٥) اى سهل بن زياد ابا سعيد الادمى.

(٦) في المصدر : عمار بن ابى عتيبة.

٢٦٣

دفنها اطلع يونس بن ظبيان في قبرها فقال : السلام عليك يابنت رسول الله(١).

٣ ـ كش : محمد بن قولويه عن سعد عن محمد بن عيسى عن يونس قال : سمعت رجلا من الطيارة يحدث أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن يونس بن ظبيان انه قال : كنت في بعض الليالي وأنا في الطواف فاذا نداء من فوق رأسي : يا يونس إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ، فرفعت رأسي فإذاج(٢) ، فغضب أبوالحسن عليه‌السلام غضبا لم يملك نفسه ثم قال للرجل : اخرج عني لعنك الله ولعن من حدثك ولعن يونس بن ظبيان ألف لعنة تتبعها ألف لعنة كل لعنة منها تبلغك قعر جهنم(٣) أشهد ما ناداه إلا شيطان ، أما إن يونس مع أبي الخطاب في أشد العذاب مقرونان ، وأصحابهما إلى ذلك الشيطان مع فرعون وآل فرعون في أشد العذاب ، سمعت ذلك من أبي عليه‌السلام فقال يونس : فقام الرجل من عنده فما بلغ الباب إلا عشر خطأ حتى صرع مغشيا عليه قدقاء رجيعه وحمل ميتا فقال أبوالحسن عليه‌السلام : أتاه ملك بيده عمود فضرب على هامته ضربة قلب منها مثانته حتى قاء رجيعه وعجل الله بروحه إلى الهاوية وألحقه بصاحبه الذي حدثه يونس بن ظبيان ، ورأى الشيطان الذي كان يتراءى له.(٤)

بيان : من الطيارة ، أي الذين طاروا إلى لغلو.فاذاج أي جبرئيل.

٤ ـ كتاب المناقب(٥) لمحمد بن أحمد بن شاذان باسناده إلى الصادق عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص).ياعلي مثلك في امتي مثل المسيح عيسى بن

____________________

(١) رجال الكشى : ٢٣٣.

(٢) في الطبعة الاولى من المصدر : [ فاذاح ابوالحسن ] أى فاذا حينئذ أبوالحسن وفى الطبعة الثانية : فاذاح.

(٣) في المصدر : إلى قعر جهنم.

(٤) رجال الكشى : ٢٣٢ و ٢٣٣.

(٥) ويسمى ايضاح دفائن النواصب.

٢٦٤

مريم افترق قومه ثلاث فرق : فرقه مؤمنون وهم الحواريون ، وفرقه عادوه وهم اليهود وفرقة غلوا فيه فخرجوا عن الايمان ، وإن امتي ستفترق فيك ثلاث فرق : ففرقة(١) شيعتك وهم المؤمنون وفرقة عدوك وهم الشاكون ، وفرقة تغلو فيك وهم الجاحدون وأنت في الجنة ياعلي وشيعتك ومحب(٢) شيعتك وعدوك والغالي في النار.(٣)

٥ ـ نوادر الراوندي باسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ترفعوني فوق حقي فان الله تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا.(٤)

٦ ـ ما : الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن العطار عن أبيه عن أحمد بن محمد البرقي عن العباس بن معروف عن عبدالرحمان بن مسلم عن فضيل بن يسار قال : قال الصادق عليه‌السلام : احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدوهم فان الغلاة شر خلق الله ، يصغرون عظمة الله ويدعون الربوبية لعباد الله ، والله إن الغلاة لشر(٥) من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا ، ثم قال عليه‌السلام : إلينا يرجع الغالي فلا نقبله ، وبنا يلحق المقصر فنقبله ، فقيل له : كيف ذلك يا ابن رسول الله؟ قال : الغالي قد اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصيام والحج فلا يقدر على ترك عادته وعلى الرجوع إلى

____________________

(١) في المصدر ، فرقة.

(٢) في المصدر : ومحبوا شيعتك.

(٣) ايضاح دفائن النواصب : ٣٣.

(٤) نوادر الراوندى : ١٦ ، رواه الراوندى وسائر احاديث ذلك الكتاب باسناده عن ابى المحاسن عبدالواحد بن اسماعيل بن احمد الرويانى عن محمد بن الحسن التيمى البكرى عن سهل بن احمد الديباجى عن محمد بن محمد بن الاشعث الكوفى عن موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر عليه‌السلام عن ابيه اسماعيل عن ابيه موسى عن آبائه عليهم‌السلام ، و الحديث مستخرج من كتاب الجعفريات يوجد في ص ١٨١ منه.

(٥) في المصدر : أشر.

٢٦٥

طاعة الله عزوجل أبدا ، وإن المقصر إذا عرف عمل وأطاع.(١)

٧ ـ ما : الحسين بن عبيدالله عن علي بن محمد العلوي عن أحمد بن علي بن إبراهيم عن أبيه عن جده إبراهيم بن هاشم عن أبي أحمد الازدي(٢) عن عبدالصمد بن بشير عن ابن طريف عن ابن نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اللهم إني برئ من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى ، اللهم اخذلهم أبدا ولا تنصر منهم أحد.(٣)

٨ ـ ن : الفامي عن محمد الحميري عن أبيه عن ابن هاشم عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك ونحن منه برآء في الدنيا والاخرة ، يا ابن خالد إنما وضع الاخبار عنا في التشبيه والجبر الغلاة الذين صغروا عظمة الله تعالى ، فمن أحبهم فقد أبغضنا ومن أبغضهم فقد أحبنا ، ومن والاهم فقد عادانا ومن عاداهم فقد والانا ، ومن وصلهم فقد قطعنا ومن قطعهم فقد وصلنا ، ومن جفاهم فقد برنا ، ومن برهم فقد حفانا ، ومن أكرمهم فقد أهاننا ومن أهانهم فقد أكرمنا ، ومن قبلهم فقد ردنا ، ومن ردهم فقد قبلنا ، ومن أحسن إليهم فقد أساء إلينا ، ومن أساء إليهم فقد أحسن إلينا ومن صدقهم فقد كذبنا ، ومن كذبهم فقد صدقنا ، ومن أعطاهم فقد حرمنا ، ومن حرمهم فقد أعطانا ، يا ابن خالد من كان من شيعتنا فلا يتخذن منهم وليا ولا نصيرا(٤).

٩ ـ ج : ومما خرج عن صاحب الزمان صلوات الله عليه ردا على الغلاة من التوقيع جوابا لكتاب كتب إليه على يدي محمد بن علي بن هلال الكرخي : يامحمد بن علي تعالى الله عزوجل عما يصفون ، سبحانه وبحمده ، ليس نحن شركاءه في علمه ولا في قدرته.

____________________

(١) امالى الطوسى : ٥٤.

(٢) الظاهر ان المراد منه محمد بن ابى عمير زياد بن عيسى ابواحمد الازدى.

(٣) امالى الطوسى : ٥٤.

(٤) عيون الاخبار : ٨١ و ٨٢.

٢٦٦

بل لا يعلم الغيب غيره كما قال في محكم كتابه تبارك وتعالى : « قال لا يعلم من في السماوات والارض الغيب إلا الله » (١) وأنا وجميع آبائي من الاولين آدم ونوح وإبراهيم وموسى وغيرهم من النبيين ومن الاخرين محمد رسول الله وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وغيرهم ممن مضى من الائمة صلوات الله عليهم أجمعين إلى مبلغ أيامي ومنتهى عصري عبيدالله عزوجل ، يقول الله عزوجل : « ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى » (٢) يا محمد بن علي قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم ومن دينه جناح البعوضة أرجح منه ، واشهد الله(٣) الذي لا إله إلا هو وكفى به شهيدا ومحمدا رسوله(٤) وملائكته وأنبياءه وأولياءه واشهدك واشهد كل من سمع كتابي هذا أني برئ إلى الله وإلى رسوله ممن يقول : إنا نعلم الغيب أو نشارك الله في ملكه أو يحلنا محلا سوى المحل الذي نصبه الله لنا(٥) وخلقنا له أو يتعدى بنا عما قد فسرته لك وبينته في صدر كتابي ، واشهدكم أن كل من نتبرأ منه فان الله يبرأ منه وملائكته ورسله وأولياؤه ، وجعلت هذا التوقيع الذي في هذا الكتاب أمانة في عنقك وعنق من سمعه أن لا يكتمه من أحد من موالي وشيعتي حتى يظهر على هذا التوقيع الكل(٦) من الموالي ، لعل الله عزوجل يتلافاهم فيرجعون إلى دين الله الحق وينتهوا(٧) عما لا يعلمون منتهى أمره ولا يبلغ منتهاه ، فكل من

____________________

(١) النمل : ٦٥.

(٢) طه : ١٢٤ ـ ١٢٦.

(٣) في المصدر : فاشهد الله.

(٤) في المصدر : ورسوله محمدا.

(٥) في المصدر : رضيه الله لنا.

(٦) في نسخة : كل من الموالى.

(٧) في المصدر : وينتهون.

٢٦٧

فهم كتابي ولم يرجع(١) إلى ما قد أمرته ونهيته فلقد(٢) حلت عليه اللعنة من الله وممن ذكرت من عباده الصالحين.(٣)

بيان : المراد من نفي علم الغيب عنهم أنهم لا يعلمونه من غير وحي وإلهام ، وأما ما كان من ذلك فلا يمكن نفيه إذ كانت عمدة معجزات الانبياء والاصياء عليهم‌السلام الاخبار عن المغيبات ، وقد استثناهم الله تعالى في قوله : « إلا من ارتضى من رسول » (٤) وسيأتي تمام القول في ذلك انشاء الله تعالى.

١٠ ـ ن : الهمداني عن علي عن أبيه عن الهروي قال : قلت للرضا عليه‌السلام : يا بن رسول الله ما شئ يحكيه عنكم الناس؟ قال : وما هو؟ قلت : يقولون : إنكم تدعون أن الناس لكم عبيد ، فقال : اللهم فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة أنت شاهد بأني لم أقل ذلك قط ولاسمعت أحدا من آبائي عليهم‌السلام قال(٥) قط ، وأنت العالم بما لنا من المظالم عند هذه الامة ، وإن هذه منها.

ثم أقبل علي فقال : يا عبدالسلام إذا كان الناس كلهم عبيدنا على ما حكوه عنا فممن نبيعهم؟ فقلت : يابن رسول الله صدقت ، ثم قال : يا عبدالسلام أمنكر أنت لما أوجب الله عزوجل لنا من الولاية كما ينكره غيرك؟ قلت : معاذ الله بل أنا مقر بولايتكم(٦)

١١ ـ ب : هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله (ص) :

____________________

(١) في المصدر : ولا يرجع.

(٢) في المصدر : فقد حلت.

(٣) احتجاج الطبرسى : ٢٦٥ و ٢٦٦.

(٤) الجن : ٢٧.

(٥) في المصدر : قاله قط.

(٦) عيون اخبار الرضا : ٣١١.

٢٦٨

صنفان لا تنالهما شفاعتي : سلطان غشوم عسوف ، وغال في الدين مارق منه غير تائب ولا نازع.(١)

بيان الغشم : الظلم كالعسف ، ومرق منه : خرج.قوله : ولا نازع ، أي لا ينزع نفسه منه ، وفي بعض النسخ بالباء الموحدة والراء المهملة أي غير فائق في العلم.

١٢ ـ ب : الطيالسي عن الفضيل بن عثمان قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : اتقوا الله وعظموا الله وعظموا رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا تفضلوا على رسول الله (ص) أحدا فإن الله تبارك وتعالى قد فضله ، وأحبوا أهل بيت نبيكم حبا مقتصدا ولا تغلوا(٢) ولا تفرقوا ولا تقولوا مالا نقول ، فانكم إن قلتم وقلنا متم ومتنا ثم بعثكم الله وبعثنا فكنا حيث يشاء الله وكنتم(٣).

بيان : أي حيث يشاء الله في مكان غير مكاننا ، أو محرومين عن لقائنا ، هذا إذا كان المراد بقوله : قلتم وقلنا غير قولنا كما هو الظاهر ، وإن كان المعنى قلتم : مثل قولنا ، كان المعني كنتم معنا أو حيث كنا أو هو عطف على كنا.

١٣ ـ ل : ابن الوليد عن محمد العطار عن الاشعري عن محمد بن عبدالجبار رفعه إلى رسول الله (ص) أنه قال : رجلان لا تنالهما شفاعتي : صاحب سلطان عسوف غشوم وغال في الدين مارق(٤).

قب : مغفل بن يسار عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.(٥)

١٤ ـ ل : محمد بن علي بن بشار عن المظفر بن أحمد وعلي بن محمد بن سليمان معا عن علي بن جعفر البغدادي عن جعفر بن محمد بن مالك عن الحسن بن راشد عن علي بن

____________________

(١) قرب الاسناد : ٣١.

(٢) في المصدر : [ ولا تغلوا في ] وفيه : ومتم.

(٣) قرب الاسناد : ٦١.

(٤) الخصال ١ : ٣٣.

(٥) مناقب آل ابى طالب ١ : ٢٢٦ فبه : [ معقل بن يسار ] وهو الصحيح.

٢٦٩

سالم عن أبيه قال : قال أبوعبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام : أدنى ما يخرج به الرجل من الايمان أن يجلس إلى غان فيستمع إلى حديثه ويصدقه على قوله ، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلوات الله عليهم قال : صنفان من امتي لا نصيب لهما في الاسلام : الغلاة والقدرية(١).

١٥ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إياكم والغلو فينا ، قولوا : إنا عبيد مربوبون ، وقولوا في فضلنا(٢) ما شئتم.(٣)

١٦ ـ ل : أبي وابن الوليد معا عن محمد العطار وأحمد بن إدريس معا عن الاشعري عن ابن يزيد عن الحسن بن علي بن فضال عن داود بن أبي يزيد عن رجل عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله عزوجل : « هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم » قال : هم سبعة : المغيرة وبيان(٤) وصائد وحمزة بن عمارة البربري والحارث الشامي وعبدالله بن الحارث وأبوالخطاب(٥).

بيان : المغيرة وهو ابن سعيد من الغلاة المشهورين وقد وردت أخبار كثيرة في لعنه ، وسيأتي بعضها. وبيان في بعض النسخ بالباء الموحدة ثم المثناة ، وفي بعضها ثم النون ، وهو الذي ذكره الكشي بالنون وروى باسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : لعن الله بنان البيان(٦) ، وإن بنانا لعنه الله كان يكذب على أبي

____________________

(١) الخصال ١ : ٣٧.

(٢) اى قولوا في فضلنا ما شئتم مما يناسب العبيد والمربوبين.

(٣) الخصال ٢ : ١٥٧.

(٤) في نسخة : بنان.

(٥) الخصال ٢ : ٣٦ والاية في الشعراء : ٢٢١ و ٢٢٢ وروى الكشى في رجاله : ١٨٧ الحديث باسناده عن ابى على خلف بن حامد عن الحسن بن طلحة عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن بريد العجلى عن ابى عبدالله عليه‌السلام وفيه : [ بنان ] بالنون.

(٦) رواه المامقانى في رجاله وفيه : بنان التبان. وصرح النوبختى في فرق الشيعة :

٢٧٠

أشهد كان أبي علي بن الحسين عليهما‌السلام عبدا صالحا.(١)

أقول : قال مؤلف كتاب ميزان الاعتدال من علماء المخالفين : بيان الزنديق(٢) قال ابن نمير : قتله خالد بن عبدالله القسري وأحرقه بالنار.

قلت : هذا بيان بن سمعان النهدي من بني تميم ظهر بالعراق بعد المائة وقال : بالهية علي عليه‌السلام ، وأن جزءا إلهيا متحد بناسوته ، ثم من بعده في ابنه محمد بن الحنفية ثم في أبي هاشم ولد محمد بن الحنفية ، ثم من بعده في بيان هذا ، وكتب بيان كتابا إلى أبي جعفر الباقر عليه‌السلام يدعوه إلى نفسه وأنه نبي انتهى كلامه.(٣)

والصائد هو النهدي الذي لعنه الصادق عليه‌السلام مرارا ، وحمزه من الكذابين الملعونين وسيأتي لعنه ، وكذا الحارث وابنه وأبوالخطاب محمد بن أبي زينب ملعونون على لسان الائمة عليهم‌السلام ، وسيأتي بعض أحوالهم.

١٧ ـ ن : تميم القرشي عن أبيه عن أحمد بن علي الانصاري عن الحسن بن الجهم قال : قال المأمون للرضا عليه‌السلام : بلغني أن قوما يغلون فيكم ويتجاوزون

____________________

٢٨ بانه كان تبانا يتبن التبن بالكوفة ثم ادعى ان محمد بن على بن الحسين اوصى اليه واخذه خالد بن عبدالله القسرى هو وخمسة عشر رجلا من اصحابه فشدهم باطنان القصب وصب عليهم النف في مسجد الكوفة والهب فيهم النار. وقال في ص ٣٤ : ادعى بيان بعد وفاة ابى هاشم النبوة وكتب إلى ابى جعفر محمد بن على بن الحسين عليه‌السلام يدعوه إلى نفسه والاقرار بنبوته ويقول له : اسلم تسلم وترتق في سلم وتنج وتغنم فانك لا تدرى اين يجعل الله النبوة والرسالة وما على الرسول الا البلاغ وقد اعذر من انذر فأمر ابوجعفر عليه‌السلام رسول بيان فاكل قرطاسه الذى جاء به وكان اسمه عمر بن ابى عفيف الازدى.

(١) رجال الكشى : ١٩٤ فيه : ان ابى على بن الحسين عليه‌السلام كان عبدا صالحا.

(٢) في نسخة من المصدر وفى لسان الميزان : بيان بن زريق.

(٣) ميزان الاعتدال ١ : ٣٥٧ ولسان الميزان ٢ : ٦٩ ويوجد ترجمته وترجمة سائر الغلات ومقالاتهم في فرق الشيعة والملل والنحل والمقالات والفرق.

٢٧١

فيكم الحد ، فقال الرضا عليه‌السلام : حدثنى أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي ابن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : لا ترفعوني فوق حقي فان الله تبارك وتعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا :

قال الله تبارك وتعالى : « ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون » (١) وقال علي عليه‌السلام : يهلك في اثنان ولا ذنب لي : محب مفرط ، ومبغض مفرط.

وإنا لنبرأ(٢) إلى الله عزوجل : ممن يغلو فينا فيرفعنا فوق حدنا كبراءة عيسى بن مريم عليه‌السلام من النصارى ، قال الله عزوجل : « وإذ قال الله ياعيسى بن مريمءأنت قلت للناس اتخذوني وامي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد ».(٣)

وقال عزوجل : « لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون(٤) » وقال عزوجل : « ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كانا يأكلان الطعام » ومعناه أنهما كانا يتغوطان ، فمن ادعى للانبياء ربوبية أو ادعى للائمة ربوبية أو نبوة أو لغير الائمة إمامة فنحن براء منه في الدنيا والاخرة.(٥)

____________________

(١) آل عمران : ٧٩ و ٨٠.

(٢) في المصدر : وانا ابرأ.

(٣) المائدة : ١١٦ و ١١٧.

(٤) النساء : ١٧٢.

(٥) عيون الاخبار : ٣٢٤ و ٣٢٥. والاية في المائدة : ٧٥.

٢٧٢

١٨ ـ ن : ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد الصيرفي قال : قال أبوالحسن عليه‌السلام : من قال بالتناسخ فهو كافر ، ثم قال : لعن الله الغلاة ، ألا كانوا مجوسا ، (١) ألا كانوا نصارى ، ألا كانوا قدرية ، ألا كانوا مرجئة ، ألا كانوا حرورية ، ثم قال عليه‌السلام : لا تقاعدوهم ولا تصادقوهم وابرأوا منهم برئ الله منهم.(٢)

بيان : قوله : ألا كانوا مجوسا ، أي هم شر من هؤلاء.

١٩ ـ ن : محمد بن علي بن بشار عن المظفر بن أحمد عن العباس بن محمد بن القاسم عن الحسن بن سهل عن محمد بن حامد عن أبي هاشم الجعفري قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن الغلاة والمفوضة ، فقال : الغلاة كفار ، والمفوضة مشركون ، من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم(٣) أو شاربهم أو واصلهم أوزوجهم أو تزوج إليهم(٤) أو أمنهم أو ائتمنهم على أمانة أو صدق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عزوجل وولاية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وولايتنا أهل البيت.(٥)

٢٠ ـ ج م : في قوله تعالى(٦) : « غير المغضوب عليهم ولا الضالين(٧) » قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : أمر الله عزوجل عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون ، وأن يستعيذوا من(٨) طريق المغضوب عليهم

____________________

(١) في المصدر : الا كانوا يهودا الا كانوا مجوسا.

(٢) عيون الاخبار : ٣٢٥.

(٣) في المصدر : او آكلهم.

(٤) في المصدر : او تزوج منهم او ائتمنهم.

(٥) عيون الاخبار : ٣٢٦.

(٦) لم يوجد في الاحتجاج الحديث من هنا إلى قوله : وقال امير المؤمنين عليه‌السلام : لا تتجاوزوا.

(٧) الفاتحة : ٧.

(٨) في المصدر : وان يستعيذوا به وهكذان فيما يأتى.

٢٧٣

وهم اليهود الذين قال الله فيهم : « هل انبئكم(١) بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه » وأن يستعيذوا من طريق الضالين ، وهم الذين قال الله فيهم : « قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل » (٢) وهم النصارى.

ثم قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه وضال عن سبيل الله.

وقال الرضا عليه‌السلام كذلك ، وزاد فيه : فقال : ومن تجاوز بأميرالمؤمنين عليه‌السلام العبودية فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا تتجاوزوا بنا العبودية ثم قولوا ما شئتم ولن تبلغوا(٣) وإياكم والغلو كغلو النصارى فاني برئ من الغالين ».

فقام إليه(٤) رجل فقال له : يابن رسول الله صف لنا ربك فإن من قبلنا قد اختلفوا علينا(٥).

فقال الرضا عليه‌السلام : إنه من يصف(٦) ربه بالقياس فانه لا يزال الدهر في الالتباس ، مائلا عن المنهاج طاعنا(٧) في الاعوجاج ضالا عن السبيل قائلا غير الجميل ثم قال : اعرفه بما عرف به نفسه اعرفه من غير رؤية ، وأصفه بما وصف به نفسه

____________________

(١) في المصدر والمصحف الشريف : [ قل هل انبئكم ] والاية في المائدة : ٦٠.

(٢) المائدة : ٧٧.

(٣) اى إلى الرضا عليه‌السلام.

(٤) في التفسير : ولن تضلوا ( تغلواخ ) وفى الاحتجاج : ثم قولوا فينا.

(٥) في الاحتجاج : [ قد اختلفوا علينا فوصفه الرضا عليه‌السلام احسن وصف ومجده ونزهه عما لا يليق به تعالى فقال الرجل : بابى انت ] واستقط كل الخطبة.

(٦) في التفسير : من وصف.

(٧) في نسخة : ظاعنا.

٢٧٤

أصفه من غير صورة ، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس ، معروف بالايات ، بعيد بغير تشبيه ، ومتدان في بعده بلا نظير(١) ، لا يتوهم ديمومته ، ولا يمثل بخليقته ولا يجور في قضيته.

الخلق إلى ما علم منهم منقادون ، وعلى ما سطر(٢) في المكنون من كتابه ماضون لا يعملون بخلاف ما علم منهم ، ولا غيره يريدون ، فهو قريب غير ملتزق ، وبعيد غير متقص ، يحقق ولا يمثل ، ويوحد ولا يبعض ، يعرف بالايات ، ويثبت بالعلامات ولا إله غيره الكبير المتعال.

فقال الرجل : بأبي أنت وامي يابن رسول الله فإن معي من ينتحل موالاتكم ويزعم أن هذه كلها صفات علي عليه‌السلام ، وأنه هو الله رب العالمين. قال : فلما سمعها الرضا عليه‌السلام ارتعدت فرائصه وتصبب عرقا ، وقال : سبحان الله سبحان الله عما يقول الظالمون والكافرون(٣) علوا كبيرا ، أو ليس كان علي عليه‌السلام آكلا في الاكلين ، وشاربا في الشاربين ، وناكحا في الناكحين ، ومحدثا في المحدثين؟ وكان مع ذلك مصليا خاضعا(٤) بين يدي الله ذليلا ، وإليه أواها(٥) منيبا ، أفمن كان هذه صفته يكون إلهاء؟ فإن كان هذا إلها فليس منكم أحد إلا وهو إله لمشاركته له في هذه الصفات الدالات على حدث كل موصوف بها(٦).

____________________

(١) في التفسير : لا بنظير.

(٢) في التفسير : وعلى ما سطره.

(٣) لم يكرر [ سبحان الله ] في التفسير ، وفي الاحتجاج : سبحان الله عما يشركون سبحانه عما يقول الكافرون.

(٤) في نسخة : [ خاشعا ] وفى التفسير : خاشعا خاضعا.

(٥) الاواه : كثير الدعاء والنأوة.

(٦) في التفسير : على حدوث كل موصوف بها ، ثم قال : حدثنى ابى عن جدى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ما عرف الله من شبهه بخلقه ولا عدله من نسب اليه ذنوب عباده فقال.

٢٧٥

فقال الرجل : يابن رسول الله إنهم يزعمون أن عليا لما أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله دل(١) على أنه إله ، ولما ظهر لهم بصفات المحدثين العاجزين لبس ذلك عليهم وامتحنهم(٢) ليعرفوه وليكون إيمانهم به اختيارا من أنفسهم.

فقال الرضا عليه‌السلام : أول ما ههنا أنهم لا ينفصلون ممن قلب هذا عليهم فقال : لما ظهر منه الفقر والفاقة دل على أن من هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون لا تكون المعجزات فعله فعلم بهذا أن الذي ظهر منه من المعجزات إنما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين ، لا فعل المحدث المحتاج المشارك للضعفاء في صفات الضعف.

ثم قال الرضا(٣) عليه‌السلام : إن هؤلاء الضلال الكفرة ما اتوا إلا من قبل جهلهم بمقدار أنفسهم حتى اشتد إعجابهم وكثر تعظيمهم لما يكون منها فاستبدوا بآرائهم الفاسدة واقتصروا على عقولهم المسلوك بها غير سبيل الواجب حتى استصغروا قدر الله واحتقروا أمره وتهاونوا بعظيم شأنه ، إذ لم يعلموا أنه القادر بنفسه الغني بذاته التي(٤) ليست قدرته مستعارة ولا غناه مستفادا ، والذي من شاء أفقره ، ومن شاء أغناه ، ومن شاء أعجزه بعد القدرة ، وأفقره بعد الغنى.

فنظروا إلى عبد قد اختصه الله بقدرته(٥) ليبين بها فضله عنده ، وآثره بكرامته ليوجب بها حجته على خلقه ، وليجعل ما آتاه من ذلك ثوابا على طاعته ، وباعثا على

____________________

(١) في التفسير : دل ذلك.

(٢) في التفسير : فامتحنهم.

(٣) في الاحتجاج تقديم وتأخير فابتدأ بهذا الحديث إلى آخره ثم قال : وروينا

بالاسناد المقدم ذكره عن العسكرى عليه‌السلام ان ابا الحسن الرضا عليه‌السلام قال : ان من تجاوز.

فساق ما تقدم.

(٤) في المصدر : الذى.

(٥) في المصدر ، بقدره.

٢٧٦

اتباع أمره ، ومؤمنا عباده المكلفين من غلط من نصبه عليهم حجة ، ولهم قدوة ، وكانوا كطلاب ملك من ملوك الدنيا ينتجعون فضله ، ويأملون نائله ، ويرجون التفيؤ بظله والانتعاش(١) بمعروفه ، والانقلاب إلى أهلهم بجزيل عطائه الذي يعينهم على كلب الدنيا(٢) ، وينقذهم من التعرض لدني المكاسب وخسيس المطالب.

فبينا هم يسألون عن طريق الملك ليترصدوه وقد وجهوا الرغبة نحوه وتعلقت قلوبهم برؤيته إذ قيل : (٣) سيطلع عليكم في جيوشه ومواكبه وخيله ورجله ، فإذا رأيتموه فأعطوه من التعظيم حقه ، ومن الاقرار بالمملكة واجبه ، وإياكم أن تسموا باسمه غيره ، وتعظموا سواه كتعظيمه فتكونوا قد بخستم الملك حقه ، وأزريتم عليه واستحققتم بذلك منه عظيم عقوبته.

فقالوا : نحن كذلك فاعلون جهدنا وطاقتنا ، فما لبثوا أن طلع عليهم بعض عبيد الملك في خيل قد ضمها إليه سيده ورجل قد جعلهم في جملته وأموال قد حباه بها فنظر هؤلاء وهم للملك طالبون ، واستكبروا(٤) ما رأوه بهذا العبد من نعم سيده ورفعوه عن أن يكون من هو المنعم عليه(٥) بما وجدوا معه عبدا فأقبلوا يحيونه تحية الملك ويسمونه باسمه ، ويجحدون أن يكون فوقه ملك أو له مالك.

فأقبل عليهم(٦) العبد المنعم عليه وسائر جنوده بالزجر والنهي عن ذلك والبراءة مما يسمونه به ويخبرونهم بأن الملك هو الذي أنعم عليه بهذا واختصه به وإن قولكم

____________________

(١) ينتجعون : يطلبون. والانتعاش : النشاط بعد فتور.

(٢) اى شرها واذاها ونوائبها. وفى المصدر : طلب الدنيا.

(٣) في الاحتجاج : اذ قيل لهم.

(٤) في المصدر : واستكثروا.

(٥) في الاحتجاج : [ ورفعوه عن ان يكون هو المنعم عليه ] وفى التفسير : ورفعوه من ان يكون هذا المنعم عليه.

(٦) في الاحتجاج : فاقبل اليهم.

٢٧٧

ما تقولون يوجب عليكم سخط الملك وعذابه ويفيتكم(١) كل ما أملتموه من جهته وأقبل هؤلاء القوم يكذبونهم ويردون عليهم قولهم.

فما زال كذلك حتى غضب عليهم الملك لما وجد هؤلاء قد ساووا(٢) به عبده وأزروا عليه في مملكته وبخسوه حق تعظيمه ، فحشرهم أجمعين إلى حبسه ووكل بهم من يسومهم سوء العذاب.

فكذلك هؤلاء وجدوا أمير المؤمنين عبدا أكرمه الله ليبين فضله ويقيم حجته فصغر عندهم خالقهم أن يكون جعل عليا له عبدا ، وأكبروا عليا عن أن يكون الله عز وجل له ربا ، فسموه بغير اسمه ، فنهاهم هو وأتباعه من أهل ملته وشيعته.

وقالوا لهم : ياهؤلاء إن عليا وولده عباد مكرمون مخلوقون مدبرون لا يقدرون إلا على ما أقدرهم عليه الله رب العالمين ، ولا يملكون إلا ما ملكهم ، لا يملكون(٣) موتا ولا حياة ولا نشورا ولا قبضا ولا بسطا ولا حركة ولا سكونا إلا ما أقدرهم عليه وطوقهم وإن ربهم وخالقهم يجل عن صفات المحدثين ، ويتعالى عن نعوت المحدودين ، فان من اتخذهم أو واحدا منهم أربابا من دون الله فهو من الكافرين وقد ضل سواء السبيل. فأبى القوم إلا جماحا وامتدوا في طغيانهم يعمهون ، فبطلت أمانيهم وخابت مطالبهم وبقوا في العذاب الاليم.(٤)

تبيين : قوله عليه‌السلام : ولن تبلغوا ، أي بعد ما أثبتم لنا العبودية كل ما قلتم في وصفنا كنتم مقصرين في حقنا ولن تبلغوا ما نستحقه من التوصيف.

قوله عليه‌السلام : طاعنا بالطاء المهملة أي ذاهبا كثيرا يقال : طعن في الوادي ، أي ذهب ، وفي السن أي عمر طويلا ، وفي بعض النسخ بالمعجمة من الظعن بمعنى السير. قوله عليه‌السلام ، غير متقص : التقصي : بلوغ الغاية في البعد ، أي ليس بعده بعدا

____________________

(١) في نسخة من الكتاب وفى المصدر : ويفوتكم.

(٢) في نسخة من الكتاب وفى الاحتجاج : قدسووا به.

(٣) في المصدر : ولا يملكون.

(٤) احتجاج الطبرسى : ٢٤٢ ، تفسير العسكرى : ١٨ ـ ٢١ :

٢٧٨

مكانيا يوصف بذلك ، أو ليس بعدا ينافي القرب.قوله : ما اتوا ، على بناء المجهول أي ما اهلكوا. والبخس : النقص والازراء : التحقير.

وقوله عليه‌السلام : يفيتكم ، على بناء الافعال من الفوت. وفي بعض النسخ « يفوتكم » وهو أظهر ، وجمح الفرس كمنع جماحا بالكسر : اعتز فارسه وغلبه.

٢١ ـ جاما : المفيد عن الحسين بن حمزة العلوي عن محمد الحميري عن أبيه عن ابن عيسى عن مروك بن عبيد عن محمد بن زيد الطبري قال : كنت قائما على رأس الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام بخراسان وعنده جماعة من بنى هاشم منهم إسحاق بن العباس بن موسى فقال له : يا إسحاق بلغني أنكم تقولون : إن الناس عبيد لنا ، لا وقرابتي من رسول الله (ص) ما قلته قط ولا سمعته من أحد من آبائي ولا بلغني عن أحد منهم قاله ، لكنا نقول : الناس عبيد لنا في الطاعة ، موال لنا في الدين ، فليبلغ الشاهد الغائب(١).

٢٢ ـ ير : أحمد بن محمد عن الاهوازي عن الحسين بن بردة عن أبي عبدالله عليه‌السلام وعن جعفر بن بشير الخزاز عن إسماعيل بن عبد العزيز قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : يا إسماعيل ضع لي في المتوضأ ماء ، قال فقمت له ، قال : فدخل ، قال : فقلت في نفسي أنا أقول فيه كذا وكذا ويدخل المتوضأ يتوضأ.

قال : فلم يلبث أن خرج فقال : يا إسماعيل لا ترفع البناء فوق طاقته فينهدم ، اجعلونا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم فلن تبلغوا ، فقال إسماعيل : وكنت أقول : إنه وأقول وأقول.(٢)

بيان : كذا وكذا ، أي أنه رب ورازق وخالق ومثل هذا ، كما أنه المراد بقوله : كنت أقول إنه وأقول.

٢٣ ـ كش : حمدويه عن محمد بن عيسى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن

____________________

(١) امالى المفيد : ١٤٨ ، امالى ابن الشيخ : ١٤.

(٢) بصائر الدرجات : ٦٤ ـ و ٦٥.

٢٧٩

أبيه عمران قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لعن الله أبا الخطاب ولعن الله من قتل معه ولعن الله من بقي منهم ولعن الله من دخل قلبه رحمة لهم(١).

٢٤ ـ كش : حمدويه عن أيوب بن نوح عن حنان بن سدير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كنت جالسا عند أبي عبدالله عليه‌السلام وميسر عنده ونحن في سنة ثمان وثلاثين ومائة ، فقال له ميسر بياع الزطي : جعلت فداك عجبت لقوم كانوا يأتون معنا إلى هذا الموضع فانقطعت آثارهم وفنيت آجالهم.

قال : ومن هم؟ قلت : أبوالخطاب وأصحابه ، وكان متكئا فجلس فرفع أصبعه إلى السماء ثم قال : على أبي الخطاب لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، فأشهد بالله أنه كافر فاسق مشرك ، وأنه يحشر مع فرعون في أشد العذاب غدوا وعشيا ، ثم قال : أما والله إني لانفس على أجساد اصليت(٢) معه النار(٣).

بيان : الزطي بضم الزاي وإهمال الطاء المشددة : نوع من الثياب ، قال في المغرب : الزط : جيل من الهند إليهم ينسب الثياب الزطية ، وفي الصحاح : الزط : جيل من الناس ، الواحد زطي ، وقال في القاموس : الزط بالضم : جيل من الهند معرب جت ، والقياس يقتضي فتح معر به أيضا ، الواحد زطي.(٤)

وأما قول العلامة في الايضاح ، بياع الزطي بكسر الطاء المهملة المخففة و وتشديد الياء ، وسمعت من السيد السعيد جمال الدين أحمد بن طاووس رحمه‌الله بضم الزاي وفتح الطاء المهملة المخففة ومقصورا فلا مساغ له في الصحة إلا إذا قيل : بتخفيف الطاء المكسورة وتشديد الياء للنسبة إلى زوطي من بلاد العراق ، ومنه ما

____________________

(١) رجال الكشى : ١٩٠ ـ ١٩١.

(٢) في المصدر وفى نسخة من الكتاب : اصيبت.

(٣) رجال الكشى : ١٩١.

(٤) ونقل عن القاضى عياض وصاحب التوشيح : [ هم جنس من السودان طوال ] ويأتى في الحديث ٩٠ أنى خرجت آنفا في حاجة فتعرض لى بعض سودان المدينة فهتف بي : لبيك جعفر بن محمد.

٢٨٠