بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

لم يتمسكوا بظهور موته لان هذا كان يبطل مذهبهم ، لان موت الكاظم عليه‌السلام أيضا كان ظاهرا ، ولعله عليه‌السلام لهذا تعرض لاسماعيل للرد عليهم دون عبدالله ، لان قصته كانت شبيهة بهذه القصة إذ جماعة منهم كانوا يقولون بغيبة اسماعيل وعدم موته. فأجاب عليه‌السلام بأن الشبهة كانت فيه أيضا قائمة وإن لم يكن داخلا في الوصية لانه كان داخلا في كتاب الصدقات التي أوقفها الصادق عليه‌السلام ، أو كتاب الصدقات جمع كاتب.

وكان اماما ، أي وكان الناس يأتمون به في الصلاة ، أو كان الناس يزعمون أنه إمام قبل موته لانه كان أكبر وقد اشتهر فيه البداء ، ويحتمل أن يكون حالا عن فاعل أدخله لكنه بعيد.

قوله : الكذا والكذا ، أي غلظ في اليمين بغير ما ذكر من الاسماء العظام كالضار النافع المهلك المدرك ، وحاصل يمينه اني لا يسرني أن تكون لي الدنيا و ما فيها ولا تكون اماما ، أي اني احب بالطبع إمامتك لكني متحير في الامر ثم أخبره أخوه بمثله وأعاد السؤال الاول فأمره عليه‌السلام بالسكوت ، ويحتمل أن يكون أمسك فعلا.

والمشيخة بفتح الميم والياء وسكون الشين وبكسر الشين وسكون الياء جمع الشيخ.

٣٠ ـ كش : قال أبوالحسن علي بن محمد بن قتيبة ومما وقع(١) عبدالله بن حمدويه البيهقي وكتبته من رقعته : أن أهل نيسابور قد اختلفوا في دينهم وخالف بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا(٢) وبها قوم يقولون : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرف جميع لغات أهل الارض(٣) ولغات الطيور وجميع ما خلق الله ، وكذلك لابد أن يكون في كل زمان من يعرف ذلك ، ويعلم ما يضمر الانسان ، ويعلم ما يعمل أهل كل بلاد في بلادهم

____________________

(١) في نسخة : ومما رقع.

(٢) المصدر خال عن قوله : يكفر بعضهم بعضا.

(٣) في نسخة : عرف جميع اللغات من اهل الارض.

١٦١

ومنازلهم ، وإذا لقي طفلين فيعلم أيهما مؤمن وأيهما يكون منافقا(١) ، وأنه يعرف أسماء جميع من يتولاه في الدنيا وأسماء آبائهم ، وإذا رأى أحدهم عرفه باسمه من قبل أن يكلمه.

ويزعمون(٢) جعلت فداك أن الوحي لا ينقطع والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن عنده كمال العلم ، ولا كان عند أحد من بعده ، وإذا حدث الشئ في أي زمان كان ولم يكن علم ذلك عند صاحب الزمان أوحى الله إليه وإليهم.

فقال : كذبوا لعنهم الله وافتروا إثما عظيما.

وبها شيخ يقال له : فضل بن شاذان يخالفهم في هذه الاشياء وينكر عليهم أكثرها ، وقوله : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن الله عزوجل في السماء السابعة فوق العرش كما وصف نفسه عزوجل وانه جسم(٣) فوصفه بخلاف المخلوقين في جميع المعاني ، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.

وإن من قوله : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد اتي بكمال الدين وقد بلغ عن الله عز وجل ما أمره به وجاهد في سبيله وعبده حتى أتاه اليقين ، وانه عليه‌السلام أقام رجلا يقوم مقامه(٤) من بعده فعلمه من العلم الذي أوحى الله ، فعرف(٥) ذلك الرجل الذي

____________________

(١) في المصدر : وايهما كان كافرا.

(٢) في نسخة : ويزعم.

(٣) في المصدر : [ وانه لبس بجسم ] وهو اقرب بالاعتبار لانه رحمه‌الله صنف كتاب النقض على الاسكافى تقوية الجسم واوفق ايضا بما بعده ، والحديث يدل على ذم الفضل بن شاذان واصحابنا اعرضوا عنه واتفقوا على جلالة قدر الفضل ووثاقته واستشكلوا في الحديث بانه لم يثبت انه من خطه عليه‌السلام.

(٤) في نسخة : [ اقام مقامه رجلا يقوم مقامه ] وفى المصدر : [ اقام مقامه رجلا من بعده ] وفى طبعة اخرى : اقام رجلا مقامه من بعده.

(٥) في المصدر : اوحى الله اليه يعرف.

١٦٢

عنده من العلم الحلال والحرام(١) وتأويل الكتاب وفصل الخطاب ، وكذلك في كل زمان لابد من أن يكون واحد يعرف(٢) هذا وهو ميراث من رسول الله (ص) يتوارثونه وليس يعلم أحد منهم شيئا من أمر الدين إلا بالعلم الذي ورثوه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ينكر الوحي بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : قد صدق في بعض ، وكذب في بعض. وفي آخر الورقة : قد فهمنا رحمك الله كل ما ذكرت ، ويأبى الله عزوجل أن يرشد أحدكم وأن يرضى عنكم وأنتم مخالفون معطلون(٣) الدين لا تعرفون إماما ولا تتولون وليا كلما تلافاكم(٤) الله عزوجل برحمته وأذن لنا في دعائكم إلى الحق وكتبنا إليكم بذلك وأرسلنا إليكم رسولا لم تصدقوه ، فاتقوا الله عباد الله ولا تلجوا(٥) في الضلالة من بعد المعرفة ، واعلموا أن الحجة قد لزمت أعناقكم واقبلوا(٦) نعمته عليكم تدم(٧) لكم بذلك السعادة في الدارين عن(٨) الله عزوجل إن شاء الله. وهذا الفضل بن شاذان ما لنا وله؟ يفسد علينا موالينا ، ويزين لهم الاباطيل وكلما كتبنا إليهم كتابا اعترض علينا في ذلك ، وأنا أتقدم إليه أن يكف عنا وإلا(٩) والله سألت الله أن يرميه بمرض لا يندمل جرحه(١٠) في الدنيا ولا في الاخرة ابلغ (١١)

____________________

(١) في نسخة : من العلم علم الحلال والحرام.

(٢) في المصدر : ممن يعرف.

(٣) في المصدر : ومبطلون في الدين.

(٤) تلافى الامر : تداركه. وفى المصدر : تلاقاكم.

(٥) في المصدر : ولا تلحوا.

(٦) في المصدر : فاقبلوا.

(٧) في المصدر : تدوم.

(٨) في نسخة : بمن الله.

(٩) في نسخة : وانا.

(١٠) في المصدر : جرحه منه.

(١١) في نسخة : اقرء.

١٦٣

موالينا هداهم الله سلامي وأقرئهم هذه الرقعة انشاء الله تعالى(١).

بيان : قوله : فقال : كذبوا ، أي كتب عليه‌السلام تحت هذا الفصل في الكتاب : كذبوا ، وقوله : وبها شيخ ، تتمة الرقعة ، وقوله : فقال : قد صدق ، أي كتب عليه‌السلام بعد هذا الفصل من كلام الفضل : هذا القول ، قوله عليه‌السلام : ولا تلجوا إما مخفف من الولوج أو مشدد من اللجاج.

٣١ ـ كا : العدة عن سهل عن محمد بن حسن بن شمون عن علي بن محمد النوفلي عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : ذكرت الصوت عنده فقال : إن علي بن الحسين عليهما‌السلام كان يقرأ القرآن فربما مر به المار فصعق من حسن صوته ، وأن الامام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه ، قلت : ولم يكن رسول الله (ص) يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن؟ فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحمل الناس من خلفه ما يطيقون(٢).

٣٢ ـ فر : أحمد بن القاسم معنعنا عن أبي خليفة قال : دخلت أنا وأبوعبيدة الحذاء على أبي جعفر عليه‌السلام فقال : ياجارية هلمي بمرفقة ، قلت : بل نجلس ، قال : يا أبا خليفة لا ترد الكرامة ، لان الكرامة لا يردها إلا حمار ، قلت لابي جعفر عليه‌السلام : كيف لنا بصاحب هذا الامر حتى نعرف؟ قال : فقال : قول الله تعالى : « الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر » إذا رأيت هذا الرجل منا فاتبعه فإنه هو صاحبك(٣).

أقول : سيأتي في كتاب القرآن من تفسير النعماني باسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق عليه‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : والامام المستحق للامامة له علامات فمنها أن يعلم أنه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها ، لا يزل في الفتيا ، ولا يخطئ في الجواب ، ولا يسهو ولا ينسى ، ولا يلهو بشئ من أمر الدنيا(٤)

____________________

(١) رجال الكشى : ٣٣٤ ( ط ١ ) و ٤٥٢ ـ ٤٥٤ (ط ٢).

(٢) اصول الكافى ١ : ٦١٤ و ٦١٥.

(٣) تفسير فرات : ٩٩ فيه : اذا رأيت في رجل منا فاتبعه فانه صاحبك.

(٤) في المصدر : لا يلهوه شئ من امور الدنيا.

١٦٤

والثاني أن يكون أعلم الناس بحلال الله وحرامه وضروب أحكامه وأمره ونهيه جميع ما يحتاج إليه الناس فيحتاج الناس إليه(١) ويستغني عنهم.

والثالث : يجب أن يكون أشجع الناس لانه فئة المؤمنين التي يرجعون إليها إن انهزم من الزحف انهزم الناس لانهزامه.

والرابع : يجب أن يكون أسخى الناس ، وإن بخل أهل الارض كلهم ، (٢) لانه إن استولى الشح عليه شح بما في يديه من أموال المسلمين.

الخامس : العصمة من جميع الذنوب وبذلك يتميز عن المأمومين الذين هم غير معصومين لانه لو لم يكن معصوما لم يؤمن عليه أن يدخل فيما يدخل الناس فيه من موبقات الذنوب المهلكات والشهوات واللذات ، ولو دخل في هذه الاشياء لاحتاج إلى من يقيم عليه الحدود ، فيكون حينئذ إماما مأموما ، ولا يجوز أن يكون الامام بهذه الصفة.

وأما وجوب كونه أعلم الناس فانه لو لم يكن عالما لم يؤمن أن يقلب الاحكام(٣) والحدود وتختلف عليه القضايا المشكلة فلا يجيب عنها أو يجيب عنها ثم يجيب بخلافها(٤).

وأما وجوب كونه أشجع الناس فبما قدمناه لانه لا يصح أن ينهزم(٥) فيبوء بغضب من الله تعالى ، وهذه لا يصح أن تكون صفة الامام.

وأما وجوب كونه أسخى الناس فبما قدمناه(٦) وذلك لا يليق بالامام ـ وساقه

____________________

(١) المصدر خال عن قوله : فيحتاج الناس اليه.

(٢) في المصدر : وان بخل الناس كلهم.

(٣) في المصدر : فانه لو لم يكن اعلم الناس لم يؤمن عليه تقلب الاحكام.

(٤) في المصدر : فلا يجيب عنها او يجيب عنها بخلافها.

(٥) في المصدر : فلما قدمنا انه لا يجوز ان ينهزم.

(٦) في المصدر : فلما قدمنا.

١٦٥

بطوله إلى أن قال ردا على مستحلي القياس والرأي : ـ

وذلك أنهم لما عجزوا عن إقامة الاحكام على ما أنزل الله في كتابه وعدلوا عن أخذها من أهلها ممن فرض الله سبحانه طاعتهم على عباده ممن لا يزل ولا يخطئ ولا ينسى الذين أنزل الله كتابه عليهم وأمر الامة برد ما اشتبه عليهم من الاحكام إليهم وطلبوا الرياسة رغبة في حطام الدنيا وركبوا طريق أسلافهم ممن ادعى منزلة أولياء الله لزمهم المعجز(١) فادعوا أن الرأي والقياس واجب(٢).

٣٣ ـ كا : علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحفص بن البختري عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قيل له : بأي شئ يعرف الامام؟ قال : بالوصية الظاهرة وبالفضل ، إن الامام لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج فيقال : كذاب ويأكل أموال الناس وما أشبه هذا.(٣)

٣٤ ـ كا : محمد بن يحيى عن محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب قال : قلت لابي(٤) عبدالله عليه‌السلام : ما علامة الامام الذي بعد الامام؟ فقال : طهارة الولادة وحسن المنشأ ولا يلهو ولا يلعب.(٥)

بيان : حسن المنشأ أن يظهر منه آثار الفضل والكمال من حد الصبا إلى آخر العمر(٦) ، وأما طهارة الولادة فظاهر أن المراد به أن لا يطعن في نسبه ، وربما قيل : اريد به أن يولد مختونا مسرورا منقى من الدم والكثافات ، ولا يخفى بعده.

٣٥ ـ كا : علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أحمد بن عمر عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن الدلالة على صاحب هذا الامر ، فقال : الدلالة عليه

____________________

(١) في المصدر : لزمهم العجز.

(٢) المحكم والمتشابة : ٧٩ و ١٢٤.

(٣ و ٥) اصول الكافى ١ : ٢٨٤.

(٤) في المصدر : لابى جعفر عليه‌السلام.

(٦) ويمكن ان تكون حسن المنشأ اشارة إلى لزوم كونه من اهل بيت الفضل والدين والتقى.

١٦٦

الكبر(١) والفضل والوصية ، إذا قدم الركب المدينة فقالوا : إلى من أوصى فلان؟ قيل : إلى فلان(٢) ، ودوروا مع السلاح حيث ما دار ، فأما المسائل فليس فيها حجة(٣).

بيان : أي ليس فيها حجة للعوام لعدم تمييزهم بين الحق والباطل.

٣٦ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض خطبه : وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون(٤) على الفروج والدماء والمغانم والاحكام وإمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته ، ولا الجاهل فيضلهم بجهله ، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ، ولا الحائف(٥) للدول فيتخذ قوما دون قوم ، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع ، ولا المعطل للسنة فيهلك الامة(٦).

بيان : النهمة بالفتح : الحاجة وبلوغ الهمة والحاجة والشهوة في الشئ ، وبالتحريك كما في بعض النسخ : إفراط الشهوة في الطعام. والجفاء : خلاف البر والصلة ، والغلظة في الخلق.فيقطعهم بجفائه أي عن حاجتهم لغلظته عليهم ، أو بعضهم عن بعض لانه يصير سببا لتفرقتهم. والحائف بالمهملة : الظالم. والدول بالضم جمع دولة وهي المال الذي يتداول به ، فالمعنى الذي يجور ولا يقسم بالسوية وكما فرض الله ، فيتخذ قوما مصرفا أو حبيبا فيعطيهم ما شاء ويمنع آخرين حقوقهم.

وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة ، والدول بالكسر جمع دولة بالفتح وهي الغلبة في الحرب وغيره وانقلاب الزمان ، فالمراد الذي يخاف تقلبات الدهر وغلبة أعدائه فيتخذ قوما يتوقع نصرهم ونفعهم في دنياه ويقويهم بتفضيل العطاء وغيره ، ويضعف آخرين.

____________________

(١) بكسر الكاف وضمه : الشرف والرفعة.

(٢) في المصدر : إلى فلان بن فلان.

(٣) اصول الكافى ١ : ٢٨٥.

(٤) في المصدر : ان يكون الوالى.

(٥) في نسخة : ولا الخائف.

(٦) نهج البلاعة ١ : ٢٦٧ و ٢٦٨.

١٦٧

وفي بعضها بالمعجمة وضم الدال ، أي الذي يخاف ذهاب الاموال وعدمها عند الحاجة ، فيذهب بالحقوق أي يبطلها. ويقف بها دون المقاطع ، أي يجعلها موقوفة عند مواضع قطعها فلا يحكم بها بل يحكم بالباطل ، أو يسوف في الحكم حتى يضطر المحق ويرضى بالصلح ، ويحتمل أن يكون دون بمعنى غير ، أي يقف بها في غير مقاطعها وهو الباطل.

٣٧ ـ كا : على بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن أبي عمير عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : للامام عشر علامات : يولد مطهرا مختونا ، وإذا وقع على الارض وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادتين ، ولا يجنب ، وتنام عينه ولا ينام قلبه ، ولا يتثاءب ، ولا يتمطى ، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه(١) ، ونجوه كرائحة المسك والارض موكلة بستره وابتلاعه ، وإذا لبس درع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت عليه وفقا وإذا لبسه غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبرا ، وهو محدث ، إلى أن تنقضي أيامه(٢).

توضيح : الظاهر أن المختون تفسير للمطهر ، فإن إطلاق التطهير على الختان شائع في عرف الشرع ، والكليني رحمه‌الله عنون : باب الختان بالتطهير(٣).

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله طهروا أولادكم يوم السابع الخبر(٤).

وربما يحمل التطهير هنا على سقوط السرة فيكون قوله : مختونا ، تأسيسا ، و يحتمل أن يراد به عدم التلوث بالدم والكثافات كما أشرنا إليه سابقا ، وعلى الاخيرين عدا علامة واحدة لتشابههما وشمول معنى واحد لهما وهو تطهره عما ينبغي تطهيره عنه.

____________________

(١) قدامه خ ل.

(٢) اصول الكافى ١ : ٣٨٨.

(٣) فروع الكافى ٢ : ٩١.

(٤) يوجد الحديث في الفروع ٢ : ٩١.

١٦٨

وإذا وقع ، هي الثانية. ولا يجنب الثالثة(١) أي لا يحتلم كما مر في الخبر الاول وغيره ، أو أنه لا يلحقه خبث الجنابة وإن وجب عليه الغسل تعبدا ، ويؤيده ما سيأتي في أخبار كثيرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا يحل لاحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين ومن كان من أهلي فانه مني.

وفي خبر آخر : ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد وآله.

وتنام عينه هي الرابعة ، أي لا يرى الاشياء في النوم بيصره ، ولكن يراها و يعلمها بقلبه ، ولا يغير النوم منه شيئا كما مر. والتثاءب مهموزا من باب التفعل : كسل ينفتح الفم عنده ، ولا يسمع صاحبه حينئذ صوتا. والتمطي : التمدد باليدين طبعا. وعدهما معا الخامسة لتشابههما في الاسباب ويرى من خلفه هي السادسة. ونجوه هي السابعة ، والنجو : الغائط ، وفيه تقدير مضاف أي رائحة نجوه. والارض موكلة هي الثامنة. ويمكن عدها مع السابعة علامة واحدة ، وعد التثاءب والتمطي أو التطهر والختان على بعض الاحتمالات علامتين. وإذا لبس هي التاسعة. وفقا أي موافقا. و هو محدث هي العاشرة.

٣٨ ـ البرسي في مشارق الانوار عن طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : ياطارق الامام كلمة الله وحجة الله ووجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه فهو وليه في سماواته وأرضه ، أخذ له بذلك العهد على جميع عباده ، فمن تقدم عليه كفر بالله من فوق عرشه ، فهو يفعل ما يشاء وإذا شاء الله شاء.

ويكتب على عضده : « وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا » فهو الصدق والعدل وينصب له عمود من نور من الارض إلى السماء يرى فيه أعمال العباد ، ويلبس الهيبة وعلم الضمير ، (٢) ويطلع على الغيب ، (٣) ويرى ما بين المشرق والمغرب فلا يخفى

____________________

(١) اى هى العلامة الثالثة.

(٢) في نسخة : ويعلم ما في الضمير.

(٣) زاد في نسخة : ويعطى التصرف على الاطلارق.

١٦٩

عليه شئ من عالم الملك والملكوت ، ويعطى منطق الطير عند ولايته.

فهذا الذي يختاره الله لوحيه ويرتضيه لغيبه ويؤيده بكلمته ويلقنه حكمته و يجعل قلبه مكان مشيته وينادى له بالسلطنة ويذعن له بالامرة(١) ويحكم له بالطاعة وذلك لان الامامة ميراث الانبيآء ومنزلة الاصفيآء وخلافة الله وخلافة رسل الله فهي عصمة وولاية وسلطنة وهداية ، وإنه تمام الدين ورجح الموازين.

الامام دليل للقاصدين ومنار للمهتدين وسبيل السالكين وشمس مشرقة في قلوب العارفين ، ولايته سبب للنجاة وطاعته مفترضة في الحياة وعدة(٢) بعد الممات ، وعز المؤمنين وشفاعة المذنبين ونجاة المحبين وفوز التابعين ، لانها رأس الاسلام وكمال الايمان ومعرفة الحدود والاحكام وتبيين الحلال(٣) من الحرام ، فهي مرتبة لا ينالها إلا من اختاره الله وقدمه وولاه وحكمه.

فالولاية هي حفظ الثغور وتدبير الامور وتعديد الايام والشهور(٤) الامام الماء العذب على الظمأ ، والدال على الهدى ، الامام المطهر من الذنوب ، المطلع على الغيوب ، الامام هو الشمس الطالعة على العباد بالانوار فلا تناله الايدي والابصار وإليه الاشارة بقوله تعالى : « فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين » (٥) والمؤمنون علي و عترته ، فالعزة للنبي وللعترة ، والنبي والعترة لا يفترقان في العزة إلى آخر الدهر. فهم رأس دائرة الايمان وقطب الوجود وسمآء الجود وشرف الموجود وضوء شمس الشرف ونور قمره وأصل العز والمجد ومبدؤه ومعناه ومبناه ، فالامام هو السراج الوهاج والسبيل والمنهاج والماء الثجاج والبحر العجاج والبدر المشرق والغدير

____________________

(١) الامرة بالكسر : الامارة والولاية.

(٢) العدة : ما اعددته لحوادث الدهر من مال وسلاح.

(٣) في نسخة : وسنن الحلال.

(٤) في نسخة : [ وهى بعده الايام والشهور ] ولعله مصحف : وهى بعدد الشهور.

(٥) المنافقون : ٨.

١٧٠

المغدق والمنهج الواضح المسالك ، والدليل إذا عمت المهالك والسحاب الهاطل والغيث الهامل(١) والبدر الكامل والدليل الفاضل والسمآء الظليلة والنعمة الجليلة والبحر الذي لا ينزف والشرف الذي لا يوصف والعين الغزيرة والروضة المطيرة والزهر الاريج والبدر البهيج(٢) والنير اللائح والطيب الفائح والعمل الصالح والمتجر الرابح والمنهج الواضح والطيب الرفيق(٣) والاب الشفيق

مفزع العباد في الدواهي(٤) والحاكم والآمر والناهي ، مهيمن(٥) الله على الخلائق ، وأمينه على الحقائق حجة الله على عباده ومحجته في أرضه وبلاده ، مطهر من الذنوب مبرأ من العيوب مطلع على الغيوب ، ظاهره أمر لا يملك ، وباطنه غيب لا يدرك ، واحد دهره وخليفة الله في نهيه وأمره.

لا يوجد له مثيل ولا يقوم له بديل.فمن ذا ينال معرفتنا أو يعرف درجتنا أو يشهد كرامتنا أو يدرك منزلتنا؟ حارت الالباب والعقول وتاهت الافهام(٦) فيما أقول تصاغرت العظماء وتقاصرت العلماء وكلت الشعراء وخرست البلغاء ولكنت الخطبآء وعجزت الفصحآء وتواضعت الارض والسماء عن وصف شأن الاوليآء.

وهل يعرف أو يوصف أو يعلم أو يفهم أو يدرك أو يملك من هو شعاع جلال الكبريآء وشرف الارض والسمآء؟ جل مقام آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عن وصف الواصفين و

____________________

(١) الوهاج : شديد الاتقاد. الثجاج : سيال شديد الانصباب. العجاج : الصياح. والمغدق من غدق عين الماء : غزرت وعذبت ويقال : هطل المطر أى نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر. ويقال : هملت عينه اى فاضت دموعا. والسماء : دام مطرها في سكون.

(٢) البهيج : الحسن.

(٣) لعله مصحف والطبيب الرفيق.

(٤) الدواهى : المصيبة والنوائب والشدائد.

(٥) المهيمن بمعنى المؤتمن والشاهد ، والقائم على الخلق باعمالهم وأرزاقهم.

(٦) حار : تحير.تاه : تحير ، ضل.

١٧١

نعت الناعتين وأن يقاس بهم أحد من العالمين ، كيف وهم الكلمة العليآء ، والتسمية البيضآء ، والوحدانية الكبرى التي أعرض عنها من أدبر وتولى ، وحجاب الله الاعظم الاعلى.

فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول من هذا؟ ومن(١) ذا عرف أو وصف من وصفت؟(٢) ظنوا أن ذلك في غير آل محمد ، كذبوا وزلت أقدامهم ، اتخذوا العجل ربا ، والشياطين حزبا ، كل ذلك بغضة لبيت الصفوة ودار العصمة وحسدا لمعدن الرسالة والحكمة ، وزين لهم الشيطان أعمالهم ، فتبا لهم وسحقا ، (٣) كيف اختاروا إماما جاهلا عابدا للاصنام ، جبانا يوم الزحام؟

والا مام يجب أن يكون عالما لا يجهل ، وشجاعا لا ينكل ، لا يعلو عليه حسب ولا يدانيه نسب ، فهو في الذروة من قريش ، والشرف من هاشم ، والبقية من ابراهيم والنهج(٤) من النبع الكريم ، والنفس من الرسول ، والرضى من الله ، والقول عن الله.

فهو شرف الاشراف والفرع من عبد مناف ، عالم بالسياسة ، قائم بالرياسة ، مفترض الطاعة إلى يوم الساعة ، أودع الله قلبه سره ، وأطلق به لسانه فهو معصوم موفق ليس بجبان ولا جاهل ، فتركوه ياطارق واتبعوا أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله؟

والامام ياطارق بشر ملكي وجسد سماوي وأمر الهي وروح قدسي ومقام علي ونور جلي وسر خفي ، فهو ملك الذات ، إلهي الصفات ، زائد الحسنات ، عالم بالمغيباب خصا من رب العالمين ، ونصا من الصادق الامين.

____________________

(١) في نسخة : وماذا عرف

(٢) في نسخة : ما وصف.

(٣) تباله أى الزمه الله خسرانا وهلاكا. وسحقا اى ابعده الله.

(٤) في نسخة : والشمخ من النبع الكريم.

١٧٢

وهذا كله لال محمد لا يشاركهم فيه مشارك.لانهم معدن التنزيل ومعنى التأويل وخاصة الرب الجليل ومهبط الامين جبرئيل ، صفوة الله وسره وكلمته ، شجرة النبوة ومعدن الصفوة عين المقالة ، ومنتهى الدلالة ، ومحكم الرسالة ، ونور الجلالة جنب الله ووديعته ، وموضع كلمة الله ومفتاح حكمته ، ومصابيح رحمة الله وينابيع نعمته السبيل إلى الله والسلسبيل والقسطاس المستقيم والمنهاج القويم والذكر الحكيم والوجه الكريم والنور القديم ، أهل التشريف والتقويم والتقديم والتعظيم والتفضيل خلفاء النبي الكريم وأبناء الرؤف الرحيم(١) وأمناء العلي العظيم ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

السنام الاعظم والطريق الاقوم ، من عرفهم وأخذ عنهم فهو منهم ، وإليه الاشارة بقوله : « فمن تبعني فانه مني » (٢) خلقهم الله من نور عظمته وولاهم أمر مملكته فهم سر الله المخزون وأوليآؤه المقربون وأمره بين الكاف والنون(٣) إلى الله يدعون وعنه يقولون وبأمره يعملون.

علم الانبياء في علمهم وسر الاوصياء في سرهم وعز الاولياء في عزهم كالقطرة في البحر والذرة في القفر ، والسماوات والارض عند الامام كيده من راحته يعرف ظاهرها من باطنها ويعلم برها من فاجرها ورطبها ويابسها ، لان الله علم نبيه علم ما كان وما يكون وورث ذلك السر المصون الاوصياء المنتجبون ، ومن أنكر ذلك فهو شقي ملعون يلعنه الله ويلعنه اللاعنون.

وكيف يفرض الله على عباده طاعة من يحجب عنه ملكوت السماوات والارض؟ وإن الكلمة من آل محمد تنصرف إلى سبعين وجها ، وكل ما في الذكر الحكيم والكتاب الكريم والكلام القديم من آية تذكر فيها العين والوجه واليد والجنب فالمراد منها الولي

____________________

(١) المراد به النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) ابراهيم : ٣٦.

(٣) زاد في نسخة : لا بل هم الكاف والنون.

١٧٣

لانه جنب الله ووجه الله ، يعني حق الله وعلم الله وعين الله ويد الله فهم الجنب العلي والوجه الرضي والمنهل الروي والصراط السوي والوسيلة إلى الله والوصلة إلى عفوه ورضاه.

سر الواحد والاحد ، فلا يقاس بهم من الخلق أحد ، فهم خاصة الله وخالصته وسر الديان وكلمته ، وباب الايمان وكعبته وحجة الله ومحجته وأعلام الهدى ورايته وفضل الله ورحمته ، وعين اليقين وحقيقته ، وصراط الحق وعصمته ، و مبدء الوجود وغايته ، وقدرة الرب ومشيته ، وام الكتاب وخاتمته ، وفصل الخطاب ودلالته ، وخزنة الوحي وحفظته ، وآية الذكر وتراجمته ، ومعدن التنزيل ونهايته فهم الكواكب العلوية والانوار العلوية المشرقة من شمس العصمة الفاطمية ، في سماء العظمة المحمدية والاغصان النبوية النابتة في دوحة الاحمدية والاسرار الالهية المودعة في الهياكل البشرية ، والذرية الزكية ، والعترة الهاشمية الهادية المهدية اولئك هم خير البرية.

فهم الائمة الطاهرون والعترة المعصومون والذرية الاكرمون والخلفاء الراشدون والكبراء الصديقون والاوصياء المنتجبون والاسباط المرضيون والهداة المهديون والغر الميامين من آل طه وياسين ، وحجج الله على الاولين والاخرين.

اسمهم مكتوب على الاحجار وعلى أوراق الاشجار وعلى أجنحة الاطيار و على أبواب الجنة والنار وعلى العرش والافلاك وعلى أجنحة الاملاك وعلى حجب الجلال وسرادقات العز والجمال ، وباسمهم تسبح الاطيار ، وتستغفر لشيعتهم الحيتان في لجج البحار ، وان الله لم يخلق أحدا إلا وأخذ عليه الاقرار بالوحدانية والولاية للذرية الزكية والبراءة من أعدائهم وإن العرش لم يستقر حتى كتب عليه بالنور : لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله.

بيان : ورجح الموازين أي بالامامة ترجح موازين العباد في القيامة. أغدق المطر : كثر قطره والهطل : المطر المتفرق العظيم القطر. وهملت السماء : دام مطرها. والارج محركة والاريج : توهج ريح الطيب وفاح المسك : انتشرت رائحته. ولكنت كخرست

١٧٤

بكسر العين ويقال لمن لا يقيم العربية لعجمة لسانه ويقال : خصه بالشئ خصا وخصوصا وأمره بين الكاف والنون ، أي هم عجيب أمر الله المكنون الذي ظهر بين الكاف والنون إشارة إلى قوله تعالى : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.(١)

أقول : صفات الامام عليه‌السلام متفرقة في الابواب السابقة والآتية لاسيما باب احتجاجات هشام بن الحكم.

٤

باب

*(آخر في دلالة الامامة وما يفرق به بين دعوى المحق والمبطل ، وفيه)*

*(قصة حبابة الوالبية وبعض الغرائب)*

١ ـ ك : علي بن أحمد الدقاق عن الكليني عن علي بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن موسى عن أحمد بن القاسم العجلي عن أحمد بن يحيى المعروف ببرد(٢) عن محمد بن خدا هي عن عبدالله بن أيوب عن عبدالله بن هشام(٣) عن عبدالكريم بن عمر الجعفي عن(٤) حبابة الوالبية قالت : رأيت أمير المؤ منين عليه‌السلام في شرطة الخميس(٥) ومعه

____________________

(١) يس : ٨٢.

(٢) في الكافى : المعروف بكرد.

(٣) في الكافى : عبدالله بن هاشم.

(٤) ضبطها الفيروزآبادى في القاموس بفتح الحاء وتخفيف الباء. وهى على ما في التنقيح : حبابة بنت جعفر الاسدية الوالبية ام الندى.

(٥) الشرطة بالضم : ما اشترطته. اول كتيبة تحضر الحرب. وطائفة من خيار اعوان الولاة. والخميس : الجيش سمى به لانه مقسوم بخمسة اقسام : المقدمة والساقة والميمنة والميسرة والقلب. وقيل : لانه تخمس فيه الغنانم. وسمى اميرالمؤمنين عليه‌السلام بذلك رجالا كانت عدتهم خمسة آلاف رجل او ستة آلاف قيل : سموا بذلك لانهم اشترطوا على الامام.ذكر هم البرقى في اصحاب اميرالمؤمنين عليه‌السلام قال : واصحاب اميرالمؤمنين الذين كانوا شرطة.

١٧٥

درة(١) يضرب بها بياعي الجري والمار ماهي والزمير والطافي(٢) ويقول لهم : يا بياعي مسوخ بني اسرائيل وجند بني مروان.

فقام إليه فرات بن أحنف فقال له : يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ فقال له : أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب(٣) ، فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه ثم اتبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت له : يا أميرالمؤمنين ما دلالة الامامة رحمك الله؟ فقال : (٤) : ايتني بتلك الحصاة ، أشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع فيها بخاتمه(٥) ثم قال لي : يا حبابة إذا ادعى مدع الامامة فقدر أن يطبع كما رأيت

____________________

الخميس كانوا ستة آلاف رجل. وقال على بن الحكم : اصحاب امير المؤمنين الذين قال لهم : تشرطوا انما اشارطكم على الجنة ولست اشارطكم على ذهب ولا فضة ، ان نبينا (ص) قال لاصحابه فيما مضى : تشرطوا فانى لست اشارطكم الا على الجنة. وقال اميرالمؤمنين عليه‌السلام لعبد الله بن يحيى الحضرمى يوم الجمل : ابشر : يابن يحيى فانك واباك من شرطة الخميس حقا لقد اخبرنى رسول الله (ص) باسك واسم ابيك في شرطة الخميس والله لقد سماكم في السماء شرطة الخميس على لسان نبيه.ثم ذكر البرقى بعضهم باسمائهم كسلمان والمقداد وابوذر وعمار وغيرهم.

(١) في الكافى : ومعه درة لها سبابتان.

(٢) الجرى والجريث : نوح من السمك النهرى الطويل المعروف بالحنكليس ويدعونه في مصر ثعبان الماء وليس له عظم الا عظم الرأس والسلسلة. والزمير والزمير : نوع من السمك له شوك ناتئ على ظهره ، اكثر ما يكون في المياه العذبة. وفى الكافى : الزمار. والطافى : السمك الذى يموت في الماء فيعلو ويظهر.

(٣) في الكافى : [ وفتلوا الشوارب فمسخوا ] أقول فتلوا الشوارب اى لواها يقال بالفارسية : تابيد.

(٤) في المصدر والكافى : [ قالت : فقال ] وفى الكافى : ايتيتى.

(٥) في المصدر والكافى : فطبع لى فيها بخاتمه.

١٧٦

فاعلمي أنه امام مفترض الطاعة ، والامام لا يعزب عنه شئ أراده.(١)

قالت : ثم انصرفت حتى قبض أميرالمؤمنين عليه‌السلام فجئت إلى الحسن عليه‌السلام وهو في مجلس أميرالمؤمنين عليه‌السلام والناس يسألونه فقال لي : يا حبابة الوالبية فقلت : نعم يامولاي فقال : هات(٢) ما معك ، قالت : فأعطيته الحصاة فطبع فيها كما طبع أميرالمؤمنين عليه‌السلام.

قالت : ثم أتيت الحسين عليه‌السلام وهو في مسجد الرسول (ص) فقرب ورحب ثم قال لي : إن في الدلالة دليلا على ما تريدين ، أفتريدين دلالة الامامة؟ فقلت : نعم ياسيدي ، فقال : هات(٣) ما معك ، فناولته الحصاة فطبع لي فيها.

قالت : ثم أتيت علي بن الحسين عليه‌السلام وقد بلغ بي الكبر إلى أن أعييت(٤) فأنا أعد يومئذ مائة وثلاثة عشر سنة فرأيته راكعا وساجدا مشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي فقلت : ياسيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ قال : أما ما مضى فنعم ، وأما ما بقي فلا ، قالت : ثم قال لي : هات(٥) ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها.

ثم لقيت(٦) أبا جعفر عليه‌السلام فطبع لي فيها ، ثم أتيت أبا عبدالله عليه‌السلام فطبع لي فيها ، ثم أتيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام فطبع لي فيها ، ثم أتيت الرضا عليه‌السلام فطبع لي فيها ، ثم عاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكره عبدالله بن همام.(٧)

بيان : الجري والمار ماهي والزمير : أنواع من السمك لا فلوس لها والطافي الذي مات في الماء وطفا فوقه. ورحبة المكان بالفتح والتحريك : ساحته ومتسعه.

____________________

(١) في المصدر والكافى : شئ يريده.

(٢ و ٣ و ٥) في المصدر والكافى : هاتى.

(٤) في الكافى : ان ارعشت.

(٦) في الكافى والمصدر : ثم اتيت اباجعفر عليه‌السلام.

(٧) اكمال الدين : ٢٩٦ و ٢٩٧ فيه : [ عبدالله بن هشام ] وفى الكافى : محمد بن هشام. ولعل الصحيح ما في الاول.

١٧٧

قولها : ورحب أي قال لها : مرحبا. أو وسع لها المكان لتجلس. والرحب : السعة وقولهم : مرحبا ، أي لقيت رحبا وسعة.

قوله عليه‌السلام : إن في الدلالة ، لعل المعنى أن ما رأيت من الدلالة من أبي وأخى تكفي لعلمك بامامتي لنصهم علي ، أو أن فيما جعله الله دليلا على امامتي من المعجزات والبراهين ما يوجب علمك بامامتي أو أن في دلالتي اياك على ما في ضميرك دلالة على الامامة حيث أقول : إنك تريدين دلالة الامامة ، ويمكن أن يقرأ : في بالتشديد ليكون خبران ، والدلالة اسمها ، ودليلا بدله ، وعلى ما تريدين صفته ، كقوله تعالى : « بالناصية ناصية كاذبة » (١)

قوله عليه‌السلام : أما ما مضى فنعم ، أي لنا علم به ، وأما ما بقي فليس لنا به علم ، أو أما ما مضى فنبينه ، فعلى الثاني فسره عليه‌السلام لها ولم تنقل ، وعلى الاول يحتمل البيان وعدمه للمصلحة.

أقول : على ما في الخبر لابد أن يكون عمرها مأتين وخمسة وثلاثين سنة ، أو أكثر على ما تقتضيه تواريخ وفات الائمة عليهم‌السلام ومدة أعمارهم إن كان مجيئها إلى علي بن الحسين في أوائل إمامته كما هو الظاهر ولو فرضنا كونه في آخر عمره عليه‌السلام ومجيئها إلى الرضا عليه‌السلام في أول إمامته فلابد أن يكون عمرها أزيد من مائتي سنة والله يعلم.

٢ ـ ك : ابن عصام عن الكليني عن علي بن محمد(٢) عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر قال : حدثني أبي عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد علي عليهم‌السلام أن حبابة الوالبية دعا لها علي بن الحسين عليه‌السلام فرد الله عليها شبابها وأشار إليها باصبعه فحاضت لوقتها ولها يومئذ مائة سنة وثلا ث عشرة سنة.(٣)

____________________

(١) العلق : ١٥ و ١٦.

(٢) في المصدر : على بن محمد بن مهزيار.

(٣) اكمال الدين : ٢٩٧ فيه : ولها يومئذ مائة وثلاثة عشر سنة.

١٧٨

٣ ـ عم : ذكر أحمد بن محمد بن عياش في كتابه عن أحمد بن محمد العطار ومحمد بن أحمد بن مصقلة عن سعد عن داود بن القاسم قال : كنت عند أبى محمد عليه‌السلام فاستوذن لرجل من أهل اليمن فدخل عليه رجل جميل(١) طويل جسيم فسلم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول ، وأمره بالجلوس فجلس إلى جنبي(٢) فقلت في نفسي : ليت شعري من هذا؟ فقال أبومحمد : هذا من ولد الاعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي فيها بخواتيمهم فانطبعت(٣) ثم قال : هاتها فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس فأخذها وأخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع وكأني أقرأ الخاتم(٤) الساعة : الحسن بن علي.

فقلت لليماني : رأيته قط قبل هذا؟ فقال : لا والله وأني منذ دهر لحريص على رؤيته حتى كان الساعة أتاني شاب لست أراه ، فقال : (٥) قم فادخل فدخلت ثم نهض(٦) وهو يقول : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ذرية بعضها من بعض ، أشهد أن حقك لواجب(٧) كوجوب حق أميرالمؤمنين عليه‌السلام والائمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين(٨) ، واليك انتهت الحكمة والامامة ، وإنك ولي الله الذي لا عذر لاحد في الجهل به.

فسألت عن اسمه فقال : اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن

____________________

(١) في الكافى : عبل.

(٢) في الكافى : فجلس ملاصقا لى.

(٣) زاد في الكافى : وقد جاءها معه يريد ان اطبع فيها.

(٤) في الكافى : فكانى ارى نقش خاتمه.

(٥) في الكافى : فقال لى : قم.

(٦) في الكافى : ثم نهض اليمانى.

(٧) في الكافى والغيبة : حقك الواجب.

(٨) في الكافى بعد ذلك : ثم مضى فلم اره بعد ذلك.قال اسحاق : قال ابوهاشم الجعفرى : وسألته عن اسمه فقال : اسمى مهجع اه ثم سرده إلى قوله : امير المؤمنين عليه‌السلام و زاد : والسبط إلى وقت ابى الحسن عليه‌السلام.

١٧٩

ام غانم وهي الاعرابية اليمانية صاحبة الحصاة التي ختم فيها أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وقال أبوهاشم الجعفري في ذلك :

بدرب الحصى(١) مولى لنا يختم الحصى

له الله أصفى بالدليل وأخلصا

وأعطاه آيات الامامة كلها

كموسى وفلق البحر واليد والعصا

وما قمص الله النبيين حجة

ومعجزة إلا الوصيين قمصا

فمن كان مرتابا بذاك فقصره(٢)

من الامر أن يبلو الدليل ويفحصا

في أبيات.قال أبوعبدالله بن عياش : هذه ام غانم صاحبة الحصاة غير تلك صاحبة الحصاة وهي ام الندى حبابة بنت جعفر الوالبية الاسدية ، وهي غير صاحبة الحصاة الاولى التي طبع فيها رسول الله (ص) وأمير المؤمنين عليه‌السلام فانها ام سليم ، وكانت وارثه الكتب ، فهن ثلاث ولكل واحدة منهن خبر قد رويته ولم أطل الكتاب بذكره.(٣)

غط : سعد عن أبي هاشم الجعفري مثله إلى قوله : التي ختم فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام(٤).

كا : محمد بن أبي عبدالله وعلي بن محمد إسحاق بن محمد النخعي عن الجعفري مثله إلى قوله : صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام والسبط إلى وقت أبي الحسن عليه‌السلام(٥).

بيان : قمصه أي ألبسه قميصا ، استعير هنا لاعطاء الدليل والمعجزة ، ويقال :

____________________

(١) قيل : هو موضع بسر من رأى.

(٢) في المصدر : وان كنت مرتابا. وفيه : ان نتلو الدليل وتفحصا. اقول : ولعل الصحيح : ان تتلو او تبلو.

(٣) اعلام الورى : ٢١٣ و ٢١٤ (ط ١) و ٣٥٢ و ٣٥٤ (ط ٢).

(٤) غيبة الطوسى : ١٣٢.

(٥) اصول الكافى ١ : ٣٤٧.طبعة الاخوندى.

١٨٠