بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٥٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٣

باب

*(أحوال ام سلمة رضى الله عنها)*

١ ـ لى : ابى الوليد ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله الصادق ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : بلغ ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه آله أن مولى لها يتنقص عليا عليه‌السلام ويتناوله ، فأرسلت إليه ، فلما أن صار إليها قالت له : يا بني بلغني أنك تتنقص عليا وتتناوله ، قال لها : نعم يا اماه ، قالت : اقعد تكلتك امك حتى احدثك بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم اختر لنفسك ، إنا كنا عند رسول الله (ص) تسع نسوة وكانت ليلتي ويومي من رسول الله (ص) ، فدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو متهلل ، أصابعه في أصابع علي ، واضعا يده عليه ، فقال : يا أم سلمة اخرجي من البيت واخليه لنا ، فخرجت وأقبلا يتناجيان أسمع الكلام وما أدري ما يقولان حتى إذا قمت فأتيت(١) الباب فقلت : أدخل يا رسول الله ، قال : لا ، قالت : فكبوت(٢) كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطة أو نزل في شئ من السماء ، ثم لم ألبث أن أتيت الباب الثانية فقلت : أدخل يا رسول الله؟ فقال : لا ، فكبوت كبوة أشد من الاولى ، ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة فقلت : أدخل يا رسول الله؟ فقال : ادخلي يا ام سلمة ، فدخلت وعلي جاث بين يديه ، وهو يقول : فداك أبي وامي يا رسول الله إذا كان كذا وكذا فما تأمرني؟ قال : آمرك بالصبر ، ثم أعاد عليه القول الثانية فأمره بالصبر ، فأعاد عليه القول الثالثة فقال له : يا علي يا أخي إذا كان ذاك منهم فسل سيفك وضعه على عاتقك ، واضرب به قدما حتى تلقاني و سيفك شاهر يقطر من دمائهم ، ثم التفت إلي فقال لي : والله ما هذه الكأبة يا ام

____________________

(١) في المصدر : حتى اذا قلت : قد انتصف النهار فأتيت الباب.

(٢) في المصدر : قال : لا ، فكبوت.

٢٢١

سلمة؟ قلت : للذي كان ردك لي يا رسول الله(١) فقال لي : والله ما رددتك من موجدة ، وإنك لعلى خير من الله ورسوله ، ولكن أتيتني وجبرئيل عن يميني وعلي عن يساري ، وجبرئيل يخبرني بالاحداث التي تكون من بعدي ، وأمرني أن أوصي بذلك عليا ، يا ام سلمة اسمعي واشهدي ، هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا ، وأخي في الآخرة ، يا ام سلمة اسمعي واشهدي ، هذا علي بن أبي طالب حامل لوائي في الدنيا ، وحامل لوائي غدا في القيامة(٢) يا ام سلمة اسمعي واشهدي ، هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفيتي من بعدي ، وقاضي عداتي ، والذائد عن حوضي ، يا ام سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، قلت : يا رسول الله من الناكثون؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة ، قلت : من القاسطون؟ قال : معاوية وأصحابه من أهل الشام ، قلت : من المارقون؟ قال : أصحاب النهروان ، فقال مولى ام سلمة : فرجت عني فرج الله عنك ، والله لا سببت عليا أبدا(٣).

ما : الغضائري ، عن الصدوق ، عن ابن الوليد مثله(٤).

أقول : سيأتي ما روت ام سلمة في فضائل أهل البيت عليهم‌السلام في أبواب فضائلهم وهي كثيرة لا سيما في نزول آية التطهير.

٢ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن علي بن محمد بن مخلد ، عن عباد بن سعيد الجعفي ، عن محمد بن عثمان بن أبي البهلول ، عن صالح بن أبي الاسود ، عن هاشم بن البريد ، عن أبي سعيد التيمي ، عن ثابت مولى أبي ذر رحمه‌الله قال : شهدت مع علي عليه‌السلام يوم الجمل فلما رأيت عايشة واقفة دخلني من الشك بعض ما يدخل

____________________

(١) في المجالس : من ردك اياى يا رسول الله.

(٢) في المجالس : وحامل لواء الحمد غدا يوم القيامة.

(٤) امالى الصدوق : ٢٢٨ و ٢٢٩. (٣) مجالس الشيخ : ٢٧٠ ؤ ٢٧١.

٢٢٢

الناس ، فلما زالت الشمس كشف الله ذلك عني فقاتلت مع أمير المؤمنين عليه‌السلام ثم أتيت بعد ذلك ام سلمة زوج النبي (ص) ورحمها فقصصت عليها قصتي فقالت : كيف صنعت حين طارت القلوب مطائرها؟ قال : قلت : إلى أحسن ذلك ، والحمد لله كشف الله عزوجل عني ذلك عند زوال الشمس فقاتلت مع أمير المؤمنين عليه‌السلام قتالا شديدا فقالت : أحسنت ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : علي مع القرآن ، والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض(١).

٣ ـ ب : السندي بن محمد ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كانت امرأة من الانصار تدعى حسرة ، تغشى آل محمد وتحن(٢) وإن زفر وحبتر لقياها ذات يوم فقالا : أين تذهبين يا حسرة؟ فقالت : أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم ، واحدث بهم عهدا ، فقالا : ويلك إنه ليس لهم حق إنما كان هذا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فانصرفت حسرة ولبثت أياما ثم جاءت فقالت لها ام سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بطأبك(٣) عنا يا حسرة؟ فقالت : استقبلني زفر وحبتر فقالا : أين تذهبين يا حسرة؟ فقلت : أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم الواجب ، فقالا : إنه ليس لهم حق ، إنما كان هذا على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت ام سلمة : كذبا لعنهما الله لا يزال حقهم واجبا على المسلمين إلى يوم القيامة(٤).

بيان : زفر وحبتر عمر وصاحبه ، والاول لموافقة الوزن ، والثاني لمشابهته لحبتر وهو الثعلب في الحيلة والمكر.

أقول : سيجئ في أبواب أحوال عايشة بعض فضائلها(٥).

٤ ـ ير : عمران بن موسى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبدالله بن زرارة عن عيسى بن عبيدالله(٦) عن أبيه ، عن جده ، عن عمر بن أبي سلمة عن امه ام

____________________

(١) مجالس الشيخ : ٢٩٤. (٢) اى تأتيهم. وتحن اليه اى تشتاق.

(٢) في المصدر : ما أبطأ بك علينا. (٤) قرب الاسناد : ٢٩.

(٥) اى فضائل ام سلمة.

(٦) في المصدر : [ عيسى بن عبدالله ] وهو عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن على بن ابى طالب عليه‌السلام.

٢٢٣

سلمة قال : قالت : أقعد رسول الله (ص) عليا عليه‌السلام في بيتي ثم دعا بجلد شاة فكتب فيه حتى ملا أكارعه ثم دفعه إلي وقال : من جاءك من بعدي بآية كذا وكذا فادفعيه إليه ، فأقامت ام سلمة حتى توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وولى أبوبكر أمر الناس بعثتني فقال : اذهب وانظر ماصنع هذا الرجل ، فجئت فجلست في الناس حتى خطب أبوبكر ثم نزل فدخل بيته ، فجئت فأخبرتها فأقامت حتى إذا ولى عمر بعثتني فصنع كما صنع صاحبه فجئت فأخبرتها ، ثم أقامت حتى ولى عثمان فبعثتني فصنع كما صنع صاحباه فأخبرتها ، ثم أقامت حتى ولى علي فأرسلتني فقالت : انظر ما يصنع هذا الرجل ، فجئت فجلست في المسجد فلما خطب علي عليه‌السلام نزل فرآني في الناس ، فقال : اذهب فاستأذن على امك ، قال : فخرجت حتى جئتها فأخبرتها وقلت قال لي : استأذن على امك وهو خلفي يريدك ، قالت : وأنا والله اريده فاستأذن علي فدخل فقال : أعطيني الكتاب الذي دفع إليك بآية كذى وكذى كأني أنظر إلى امي حتى قامت إلى تابوت لها في جوفه تابوت لها صغير(١) فاستخرجت من جوفه كتابا فدفعته إلى علي ثم قالت لي امي : يا بني الزمه ، فلا والله ما رأيت بعد نبيك إماما غيره(٢).

بيان : الاكارع جمع كراع كغراب وهو مستدق الساق.

أقول : قد أوردنا مثله بأسانيد في باب جهات علوم الائمة عليهم‌السلام ، وأوردنا فيه وفي غيره بأسانيد أن الحسين عليه‌السلام لما أراد العراق استودعها الكتب فدفعتها إلى علي بن الحسين عليهم‌السلام.

٥ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن الحسين بن علي بن يقطين ، عن عاصم بن حميد ، عن إبراهيم بن أبي يحيى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : تزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ام سلمة ، زوجها إياه عمر بن أبي سلمة وهو صغير لم يبلغ الحلم(٣).

____________________

(١) في المصدر : [ في جوفها تابوت صغير ] اقول : التابوت : صندوق من الخشب ، ومنه تابوت الميت.

(٢) بصائر الدرجات : ٤٤. (٣) فروع الكافى ٢ : ٢٤.

٢٢٤

٦ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أبا بكر وعمر أتيا ام سلمة فقالا لها : يا ام سلمة إنك قد كنت عند رجل قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذاك؟(١)

فقالت : ما هو إلا كسائر الرجال ، ثم خرجا عنها وأقبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقامت إليه مبادرة فرقا(٢) أن ينزل أمر من السماء فأخبرته الخبر ، فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى تربد(٣) وجهه ، والتوى عرق الغضب بين عينيه ، وخرج وهو يجر رداءه حتى صعد المنبر وبادرت(٤) الانصار بالسلاح وأمر بخيلهم أن تحضر ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « أيها الناس ما بال أقوام يتبعون عيبي ويسألون عن عيبي(٥) والله إني لاكرمكم حسبا ، وأطهركم مولدا ، وأنصحكم لله في الغيب ولا يسألني أحد منكم عن أبيه إلا أخبرته ، فقال إليه رجل فقال : من أبي؟ فقال : فلان الراعي ، فقام إليه آخر فقال : من أبي؟ فقال : غلامكم الاسود فقام(٦) إليه الثالث فقال : من أبي؟ فقال : الذي تنسب إليه ، فقالت الانصار : يا رسول الله اعف عنا عفا الله عنك ، فإن الله بعثك رحمة فاعف عنا عفا الله عنك ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كلم استحيى وعرق وغض طرفه عن الناس حياء حين كلموه ، فنزل ، فلما كان في السحر هبط عليه جبرئيل عليه‌السلام بصحفة من الجنة فيها هريسة فقال : يا محمد هذه عملها لك الحور العين فكلها أنت وعلي وذريتكما ، فإنه لا يصلح أن يأكلها غيركم ، فجلس رسول الله (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام فأكلوا فاعطي رسول الله (ص) في المباضعة من تلك الاكلة قوة أربعين رجلا ، فكان إذا شاء غشي نساءه كلهن في ليلة واحدة(٧).

٧ ـ كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية

____________________

(١) من ذلك في الخلوة خ ل. اقول : في المصدر : من ذاك في الخلوة.

(٢) اى خوفا وفزعا. (٣) اى تغير من الغضب.

(٣) وسارت خ ل. (٥) في المصدر : ويسألون عن غيبى.

(٤) وقام خ ل. (٧) فروع الكافى ٢ : ٧٨.

٢٢٥

عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : مات الوليد بن المغيرة(١) فقالت ام سلمة للنبي : إن آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم؟ فأذن لها فلبست ثيابها وتهيأت وكانت من حسنها كأنها جان ، وكانت إذا قامت فأرخت شعرها جلل جسدها ، و عقد(٢) بطرفيه خلخالها ، فندبت ابن عمها بين يدي رسول الله صلى الله عليه آله فقالت :

أنعي الوليد بن الوليد

أبا الوليد فتى العشيرة

حامي الحقيقة ماجد

يسمو إلى طلب الوتيرة

قد كان غيثا في السنين

وجعفرا غدقا وميرة(٣)

فما عاب النبي(٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك ولا قال شيئا(٥).

بيان : الحقيقة : ما يحق على الرجل أن يحميه. والوتيرة : الطريقة ، و الوتر : طلب الدم. والجعفر : النهر الصغير. والماء الغدق : الكثير. والميرة بالكسر : الطعام يمتاره الانسان.

٨ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : دخل رسول الله (ص) على ام سلمة فقال لها : مالي(٦) لا أرى في بيتك البركة؟ قالت : بلى ، والحمد لله إن البركة لفي بيتي ، فقال : إن الله عزوجل أنزل ثلاث بركات : الماء ، والنار ، والشاة(٧).

____________________

(١) هو وليد بن الوليد بن المغيرة المخزومى اخو خالد بن الوليد.

(٢) في المصدر : وعقدت.

(٣) في اسد الغابة :

يا عين فابكى للوليد

بن الوليد بن المغيرة

قد كان غيثا في السنين

ورحمة فينا وميره

ضخم الدسيعة ماجدا

يسمو إلى طلب الوتيره

مثل الوليد بن الوليد

ابن الوليد كفى العشيرة

(٤) فما عاب عليها رسول الله خ. اقول : في المصدر : فما عاب ( ذلك خ ) عليها النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٥) فروع الكافى ١ : ٣٦٠. (٦) في المصدر : مالك.

(٧) فروع الكافى ٢ : ٢٣١.

٢٢٦

٩ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن العلى ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : رأى رسول الله (ص) امرأة فأعجبته فدخل على ام سلمة و كان يومها فأصاب منها وخرج إلى الناس ورأسه يقطر فقال : أيها الناس إنما النظر من الشيطان ، فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله(١).

١٠ ـ دعوات الراوندي : عن ام سلمة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من اصيب بمصيبة فقال كما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني من مصيبتي وأعقبني خيرا منه ، فعل الله ذلك به ، قالت : فلما توفي أبوسلمة قلته ، ثم قلت : ومن مثل أبي سلمة فأعقبني الله برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فتزوجني(٢).

٤

باب

*(أحوال عايشة وحفصة)*

الآيات : الحجرات « ٤٩ » : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن « ١١ ».

التحريم « ٤٦ » : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله موليكم وهو العليم الحكيم * وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير * إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير * عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات و أبكارا « ١ ـ » ٥.

____________________

(١) فروع الكافى ٢ : ٥٦.

(٢) دعوات الراوندى : مخطوط.

٢٢٧

إلى قوله تعالى : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين « ١٠ ».

تفسير : قال الطبرسي طيب الله رمسه : قوله : « ولا نساء من نساء » نزل في نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يسخرن من أم سلمة ، عن أنس ، وذلك أنها ربطت حقويها بسبنية(١) وهي ثوب أبيض ، وسدلت طرفيها خلفها ، وكانت تجر(٢) فقالت عايشة لحفصة : انظري ماذا تجر خلفها كأنه لسان كلب ، فهذا كانت سخريتها(٣) وقيل : إنها عيرتها بالقصر ، وأشارت بيدها أنها قصيرة ، عن الحسن(٤) وقال رحمه‌الله في قوله تعالى : « يا أيها النبي لم تحرم » اختلف أقوال المفسرين في سبب نزول الآيات ، فقيل : إن رسول الله كان إذا صلى الغداة يدخل على أزواحه امرأة امرأة ، وكان قد اهديت لحفصة عكة من عسل ، فكانت إذا دخل عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مسلما(٥) حبسته وسقته منها ، وإن عايشة أنكرت احتباسه عندها فقالت لجويرية حبشية عندها : إذا دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على حفصة فادخلي عليها فانظري ما تصنع ، فأخبرتها الخبر وشأن العسل ، فغارت عايشة وأرسلت إلى صواحبها فأخبرتهن وقالت : إذا دخل عليكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلن : إنا نجد منك ريح المغافير ـ وهو صمغ العرفط كريه الرايحة ـ وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يكره ويشق عليه أن توجد منه ريح غير طيبة ، لانه يأتيه الملك ، قال : فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على سودة قالت : فما أردت أن أقول ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم إني فرقت(٦) من عايشة فقلت : يا رسول الله ما هذه الريح التي أجدها منك؟ أكلت المغافير؟ فقال :

____________________

(١) قال في النهاية : السبنية : ضرب من الثياب ، تتخذ من مشاقة الكتان ، منسوب إلى موضع بناحية المغرب يقال له : سبن ، وقال : المغافير : شئ ينضحه شجر العرفط حلو كالناظف وقال : العكة من السمن أو العسل هى وعاء من جلود مستدير يختص بهما وهو بالسمن أخص ـ منه ـ.

(٢) في المصدر : وكانت تجره. (٣) في المصدر : سخريتهما

(٤) مجمع البيان ٩ : ١٣٥. (٥) المصدر يخلو عن قوله ، مسلما.

(٦) اى خفت وخشيت.

٢٢٨

لا ، ولكن حفصة سقتني عسلا ، ثم دخل على امرأة امرأة وهن يقلن له ذلك ، فدخل على عايشة فأخذت بأنفها فقال لها : ما شأنك؟ قالت : أجد ريح المغافير ، أكلتها يا رسول الله؟ قال : لا ، بل سقتني حفصة عسلا ، فقالت : جرست(١) إذا نحلها العرفط فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : والله لا أطعمه أبدا ، فحرمه على نفسه ، وقيل : إن التي كانت تسقى رسول الله(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله ام سلمة ، عن عطا ، وقيل : بل كانت زينب بنت جحش ، قالت

عايشة ، إن رسول الله (ص) كان يمكث عند زينب ويشرب عندها عسلا فتواطيت أنا وحفصة أيتنا دخل عليها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلتقل : إني أجد منك ريح المغافير ، أكلت مغافير؟ فدخل صلى‌الله‌عليه‌وآله على إحداهما فقالت له ذلك فقالت : لا ، بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود إليه ، فنزلت الآيات ، وقيل : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قسم الايام بين نسائه فلما كان يوم حفصة قالت : يا رسول الله إن لي إلى أبي حاجة ، فأذن لي أن أزوره ، فأذن لها ، فلما خرجت أرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جاريته مارية القبطية ، وكان قد أهداها له المقوقس فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقا ، فجلست عند الباب فخرج رسول الله (ص) ووجهه يقطر عرقا ، فقالت حفصة ، إنما أذنت لي من أجل هذا ، أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي ، أما رأيت لي حرمة وحقا؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أليس هي جاريتي قد أحل الله ذلك لي؟ اسكتي فهي حرام علي ، ألتمس بذاك رضاك فلا تخبرى بهذا امرأة منهن ، وهو عندك أمانة ، فلما خرج صلى‌الله‌عليه‌وآله قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عايشة فقالت : ألا ابشرك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد حرم عليه أمته مارية ، وقد أراحنا الله منها ، وأخبرت عايشة بما رأت وكانتا متصادقتين متظاهرتين على سائر أزواجه ، فنزلت : « يا أيها النبي لم تحرم » فطلق حفصة ، و اعتزل سائر نسائه تسعة وعشرين يوما ، وقعد في مشربة ام إبراهيم مارية حتى

____________________

(١) قال في النهاية ، فيه جرست نحلة العرفط ، أى اكلت يقال للنحل الجوارس والجرس في الاصل : الصوت الخفى ، والعرفظ : شجر ـ منه عفى عنه.

(٢) في المصدر : تسقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العسل ام سلمة.

٢٢٩

نزلت آية التخيير ، وقيل : إن النبي خلا في يوم لعايشة مع جاريته ام إبراهيم فوقفت حفصة على ذلك فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تعلمي لعايشة ذلك ، وحرم مارية على نفسه ، فأعلمت حفصة عايشة بالخبر واستكتمتها(١) إياه ، فاطلع الله نبيه على ذلك ، وهو قوله : « وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا » يعني حفصة عن الزجاج ، وقال : ولما حرم مارية القبطية أخبر حفصة أنه يملك من بعده أبوبكر ثم عمر ، فعرفها بعض ما أفشت من الخبر ، وأعرض عن بعض ان أبابكر وعمر يملكان من بعدي ، وقريب من ذلك ما رواه العياشي بالاسناد عن عبدالله بن عطاء المكي عن أبي جعفر إلا أنه زاد في ذلك : إن كل واحدة منهما حدثت أباها بذلك ، فعاتبهما في أمر مارية وما أفشتا عليه من ذلك ، وأعرض(٢) أن يعاتبهما في الامر الآخر « ما أحل الله لك » من الملاذ « تبتغي » أي تطلب « مرضات أزواجك » وهن أحق بطلب مرضاتك ، وليس في هذا دلالة على وقوع ذنب منه صغير أو كبير لان تحريم الرجل بعض نسائه أو بعض الملاذ بسبب أو لغير سبب ليس بقبيح ولا داخل في جملة الذنوب ، ولا يمتنع أن يكون خرج هذا القول مخرج التوجع له صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ بالغ في إرضاء أزواجه ، وتحمل في ذلك المشقة ، ولو أن إنسانا أرضى بعض نسائه بتطليق بعضهن لجاز أن يقال له : لم فعلت ذلك وتحملت فيه المشقة؟ وإن كان لم يفعل قبيحا ، ولو قلنا : إنه صلى‌الله‌عليه‌وآله عوتب على ذلك لان ترك التحريم كان أفضل من فعله لم يمتنع ، لانه يحسن أن يقال لتارك النفل : لم لم تفعله؟ ولم عدلت عنه؟ ولان تطيب قلوب النساء مما لا تنكره العقول.

واختلف العلماء فيمن قال لامرأته : أنت علي حرام(٣) وقال أصحابنا : إنه لا يلزم به شئ ، ووجوده كعدمه ، وإنما أوجب الله فيه الكفارة ، لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان حلف أنه لا يقرب جاريته ، أو لا يشرب الشراب المذكور فأوجب الله عليه أن يكفر عن يمينه ويعود إلى استباحة ما كان حرمه ، وبين أن

____________________

(١) واستكتمها خ ل. (٢) في المصدر : واعرض عن ان يعاتبهما.

(٣) ذكر في المصدر قول العامة في ذلك ، ولم يذكره المصنف اختصارا.

٢٣٠

التحريم لا يحصل إلا بأمر الله ونهيه ، ولا يصير الشئ حراما بتحريم من يحرمه على نفسه إلا إذا حلف على تركه « والله غفور » لعباده « رحيم » بهم إذا رجعوا إلى ما هو الاولى والاليق بالتقوى « قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم » أي قد قدر الله لكم ما تحللون به أيمانكم إذا فعلتموها ، وشرع لكم الحنث فيها ، لان اليمين ينحل بالحنث فسمى ذلك تحلة ، وقيل : أي بين الله لكم كفارة أيمانكم في سورة المائدة ، عن مقاتل ، قال : أمر الله نبيه أن يكفر يمينه ويراجع وليدته ، فأعتق رقبة وعاد إلى مارية ، وقيل : أي فرض الله عليكم كفارة أيمانكم « والله مولاكم » أي وليكم يحفظكم وينصركم ، وهو أولى بأن تتبعوا(١) رضاه « وهو العليم » بمصالحكم « الحكيم » في أوامره ونواهيه لكم ، وقيل : هو العليم بما قالت حفصة لعايشة ، الحكيم في تدبيره « وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه » وهي حفصة « حديثا » كلاما أمرها بإخفائه « فلما نبأت به » أي أخبرت غيرها بما خبرها به فأفشت سره « وأظهره الله عليه » أي واطلع الله نبيه على ما جرى من إفشاء سره « عرف بعضه وأعرض عن بعض » أي عرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حفصة بعض ما ذكرت ، و أخبرها ببعض ما ذكرت ، وأعرض عن بعض ما ذكرت ، أو عن بعض ما جرى من الامر فلم يخبرها ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله قد علم جميع ذلك ، لان الاعراض إنما يكون بعد المعرفة ، لكنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ بمكارم الاخلاق والتغافل من شيم الكرام « فلما نبأها به » أي فلما أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حفصة بما أظهره الله عليه قالت حفصة : « من أنبأك هذا » أي من أخبرك بهذا؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « نبأني العليم » بجميع الامور « الخبير » بسرائر الصدور ، ثم خاطب سبحانه عايشة وحفصة فقال : « إن تتوبا إلى الله » من التعاون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالايذاء والتظاهر عليه فقد حق عليكما التوبة ، ووجب عليكما الرجوع إلى الحق « فقد صغت قلوبكما » أي مالت قلوبكما إلى الاثم ، عن ابن عباس ومجاهد ، وقيل : زاغت قلوبكما عن سبيل الاستقامة

____________________

(١) في المصدر : بان تبتغوا رضاه.

٢٣١

وعدلت عن الصواب إلى ما يوجب الاثم ، وقيل : إنه شرط في معنى الامر ، أي توبا إلى الله فقد صغت قلوبكما « وإن تظاهرا عليه » أي وإن تتعاونا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالايذاء ، وعن ابن عباس قال : قلت لعمر بن الخطاب : من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : عايشة وحفصة ، أورده البخاري في الصحيح(١) « فإن الله هو مولاه » الذي يتولى حفظه وحياطته ونصرته « و جبرئيل » أيضا معين له « وصالح المؤمنين » يعني خيار المؤمنين ، وقيل : يعني الانبياء ووردت الرواية من طريق الخاص والعام أن المراد بصالح المؤمنين أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وهو قول مجاهد ، وفي كتاب شواهد التنزيل بالاسناد عن سدير الصيرفي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لقد عرفت رسول الله (ص) عليا عليه‌السلام أصحابه مرتين أما مرة فحيث قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه » وأما الثانية فحيث نزلت هذه الآية : « فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين » وقالت أسماء بنت عميس : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : وصالح المؤمنين : علي بن أبي طالب « والملائكة بعد ذلك » أي بعد الله وجبرئيل وصالح المؤمنين « ظهير » أي أعوان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهذا من الواحد الذي يؤدي معنى الجمع « عسى ربه » أي واجب من الله ربه « إن طلقكن » يا معاشر أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « أن يبدله أزواجا خير منكن » أي أصلح له منكن « مسلمات » أي مستسلمات لما أمر الله به « مؤمنات » أي مصدقات لله و رسول ، وقيل : مصدقات في أفعالهن وأقوالهن « قاتتات » أي مطيعات لله تعالى ولازواجهن ، وقيل : خاضعات متذللات لامر الله تعالى ، وقيل : ساكتات عن

____________________

(١) صحيح البخارى ٦ : ١٩٥ ـ ١٩٧ اقول : ذكر البخارى وغيره من ائمة الحديث و جماعة من مفسرى العامة ما سمعت من المصنف في تفسير الاية ، وانى لا ينقضى تعجبى منهم ، انهم صرحوا بذلك في شأن عائشة وحفصة وغيرهما من ازواج النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ومع ذلك يتمسكون باحاديثهم ، ويجعلونها حجة بينهم وبين خالقهم ، ويأمرون الناس بالاخذ عنهن والعمل بما روين ، فكانهم لم يروا الكذب والافتراء وايذاء النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ومخالفته مباينة للعدالة ، وجارحة للراوى. اعاذنا الله عن التعصب والحمية حمية الجاهلية.

٢٣٢

الخناء والفضول « تائبات » عن الذنوب ، وقيل راجعات إلى أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تاركات لمحاب أنفسهن ، وقيل : نادمات على تقصير وقع منهن « عابدات » الله تعالى بما تعبدهن به من الفرائض والسنن على الاخلاص ، وقيل : متذللات للرسول الله (ص) بالطاعة « سائحات » أي ماضيات في طاعة الله ، وقيل : صائمات ، وقيل : مهاجرات(١).

قوله تعالى : « ضرب الله مثلا » أقول : لا يخفى على الناقد البصير والفطن الخبير ما في تلك الآيات من التعريض بل التصريح بنفاق عايشة وحفصة وكفرهما وهل يحتمل التمثيل بامرأتي نوح ولوط في تلك السورة التي سيقت أكثرها في معاتبة زوجتي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وما صدر عنهما باتفاق المفسرين أن يكون لغيرهما ولو كان التمثيل لسائر الكفار لكان التمثيل بابن نوح وسائر الكفار الذين كانوا من أقارب الرسل أولى وأحرى ، والعجب من أكثر المفسرين كيف طووا عن مثل ذلك كشحا مع تعرضهم لادنى إيماء وأخفى إشارة في سائر الآيات ، وهل هذا إلا من تعصبهم ورسوخهم في باطلهم؟ ولما رأى الزمخشري أن الاعراض عن ذلك رأسا ليس إلا كتطيين الشمس وإخفاء الامس قال في الكشاف في تفسير تلك الآية : مثل الله عزوجل حال الكفار في أنهم يعاقبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين معاقبة مثلهم من غير إبقاء ولا محاباة ولا ينفعهم مع عداوتهم بالله ورسوله قطع العلائق وبث الوصل ، وجعلهم أبعد من الاجانب وأبعد ، وإن كان المؤمن الذي يتصل به الكافر نبيا من أنبياء الله تعالى بحال امرأة نوح وامرأة لوط لما نافقتا و خانتا الرسولين لم يغن الرسولان عنهما بحق ما بينهما وبينهما من وصلة الزواج إغناء مامن عذاب الله ، وقيل لهما عند موتهما أو يوم القيامة : « ادخلا النار مع الداخلين » الذين لا وصلة بينهم وبين الانبياء أو مع داخلها(٢) من إخوانكما من قوم نوح ومن قوم لوط صلوات الله عليهما ، ومثل حال المؤمنين في أن وصلة الكافرين لا يضرهم ولا ينقص شيئا من ثوابهم وزلفاهم عندالله بحال امرأة فرعون و

____________________

(١) مجمع البيان ١٠ : ٣١٣ ـ ٣١٦. (٢) في المصدر : او مع داخليها.

٢٣٣

منزلتها عند الله مع كونها زوجة أعدى أعداء الله الناطق بالكلمة العظمى ، ومريم ابنة عمران وما اوتيت من كرامة الدنيا والآخرة والاصطفاء على نساء العالمين مع أن قومها كانوا كفارا ، وفي طي هذين التمثيلين تعريض بامي المؤمنين المذكورتين في أول السورة ، وما فرط منهما من التظاهر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما كرهه و تحذير لهما على أغلظ وجه وأشده ، لما في التمثيل من ذكر الكفر ، ونحوه في التغليظ قوله : « ومن كفر فإن الله غني عن العالمين » فإشارة إلى أن من حقهما أن تكونا في الاخلاص والكمال فيه كمثل هاتين المؤمنين ، ولم تتكلا(١) على أنهما زوجا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن ذلك الفضل لا ينفعهما إلا أن تكونا مخلصين(٢) و التعريض بحفصة أرجح ، لان امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء حدا تدق عن تفطن العالم ، وتزل عن تبصره(٣) انتهى كلامه بعبارته.

وقد أومأ إمامهم الرازي أيضا في تفسيره إلى ذلك إيماء لطيفا حيث قال : و أما ضرب المثل بامرأة نوح وامرأة لوط فمشتمل على فوائد متعددة لا يعرفها بتمامها إلا الله تعالى ، والظاهر منها تنبيه الرجال والنساء على الثواب العظيم ، والعذاب الاليم ، ومنها العلم بأن صلاح الغير لا ينفع المفسد ، وفساد الغير لا يضر المصلح(٤) إلى آخر ما قال.

١ ـ يف : روى الثعلبي في تفسير قوله تعالى « وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين » قال : هو علي بن أبي طالب(٥).

٢ ـ نهج : فأما فلانة فأدركها رأي النساء ، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين ، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إلي لم تفعل ، ولها بعد حرمتها الاولى والحساب على الله(٦).

____________________

(١) في المصدر : وان لا تتكلا (٢) في المصدر : الا مع كونهما مخلصتين.

(٣) الطرائف : ٢٤. (٦) نهج البلاغة ١ : ٣٠٢.

٢٣٤

بيان : قال ابن أبي الحديد في شرح هذا القول : الضغن : الحقد. والمرجل : قدر كبير. والقين : الحداد ، أي كغليان قدر من حديد. وفلانة كناية عن عايشة أبوها أبوبكر ، وامها ام رومان ابنة عامر بن عويمر بن عبد شمس ، تزوجها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل الهجرة بسنتين بعد وفاة خديجة رضي‌الله‌عنها ، وهي بنت سبع سنين وبنى عليها بالمدينة وهي بنت تسع سنين وعشرة أشهر ، وكانت قبله تذكر لجبير بن مطعم ، وكان نكاحه إياها في شوال ، وبناؤه عليها في شوال ، وتوفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عنها وهي بنت عشرين سنة ، وكانت ذات حظ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وميل ظاهر إليها ، وكانت لها عليه جرأة وإدلال ، حتى كان(١) منها في أمره في قصة مارية ما كان من الحديث الذي أسره الاخرى(٢) وأدى إلى تظاهرهما عليه ، وانزل فيهما قرآن يتلى في المحاريب ، يتضمن وعيدا غليظا عقيب تصريح بوقوع الذنب وصغو القلب ، وأعقبتها تلك الجرأة وذلك الانبساط أن حدث منها في أيام الخلافة العلوية ما حدث. الاستيعاب(٣) في باب عايشة بإسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لنسائه : أيتكن صاحبة الجمل الادبب ، يقتل حولها قتلى كثير ، وتنجو بعدما كادت. قال ابن عبدالبر : هذا من أعلام نبوته صلى‌الله‌عليه‌وآله(٤) ولم تحمل عايشة من رسول الله عليه‌السلام ولا ولد له ولد من مهيرة إلا من خديجة ، ومن السراري من مارية ، وقذفت عايشة في أيام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بصفوان بن المعطل السلمي ، والقصة مشهورة ، فأنزل الله

____________________

(١) في المصدر : [ لم يزل ينمى ويستسرى حتى كان ] أقول : ينمى الحديى أى يبلغه على جهة الافساد.

(٢) في المصدر : اسره إلى الزوجة الاخرى.

(٣) في المصدر : وروى ابوعمر بن عبد البرفى كتاب الاستيعاب في باب عائشة عن سعيد ابن نصر عن قاسم بن اصبغ عن محمد بن وضاح عن ابى بكر بن ابى شيبة عن وكيع عن عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس. اقول : راجع الاستيعاب ٤ : ٣٥١.

(٤) زاد في المصدر : قال : وعصام بن قدامة ثقة ، وسائر الاسناد فثقة رجاله اشهر من ان تذكر.

٢٣٥

براءتها في قرآن يتلى وينقل ، وجلد قاذفوها الحد ، وتوفيت في سنة سبع وخمسين للهجرة ، وعمرها أربع وستون سنة ، ودفنت بالبقيع في ملك معاوية. أقول : ثم ذكر ابن أبي الحديد عن شيخه أبي يعقوب يوسف بن إسماعيل اللمعاني أسبابا للعداوة بين عايشة وبين أمير المؤمنين وفاطمة صلوات الله عليهما وبسط الكلام في ذلك « إلى أن قال » : وأكرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة إكراما عظيما أكثر مما كان الناس يظنونه ، وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم ، فقال بمحضر الخاص والعام مرارا لامرة واحدة وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد : إنها سيدة نساء العالمين ، وإنها عديلة مريم بنت عمران ، وإنها إذا مرت في الموقف نادى مناد من جهة العرش : يا أهل الموقف غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد ، و هذه من الاحاديث الصحيحة وليس من الاخبار المستنقحة(١) وإن إنكاحه عليا إياها لم يكن إلابعد أن أنكحه الله تعالى إياها في السماء بشهادة الملائكة ، وكم قال مرة(٢) : « يؤذيني ما يؤذيها ، ويغضبني ما يغضبها ، وإنها بضعة مني ، يريبني ما رابها » فكان هذا وأمثاله يوجب زيادة الضغن عند الزوجة ، والنفوس البشرية تغيظ على ما هو دون(٣) هذا ، ثم كان بينها وبين علي عليه‌السلام في حياة رسول الله (ص)

____________________

(١) في المصدر : المستضعفة. (٢) في المصدر : كم قال لا مرة.

(٣) في المصدر : [ ثم حصل عند بعلها ما هو حاصل عندها ، اعنى عليا عليه‌السلام فان النساء كثيرا مايحصلن الاحقاد في قلوب الرجال ، لا سيما وهن محدثات الليل كما قيل في المثل ، وكانت تكثر الشكوى من عائشة ويغشاها نساء المدينة وجيران بيتها فينقلن اليها كلمات عن عائشة ثم يذهبن إلى بيت عايشة فينقلن اليها كلمات عن فاطمة وكما كانت فاطمة تشكوا إلى بعلها كانت عائشة تشكوا إلى ابيها لعلمها ان بعلها لا يشكيها على ابنته ، فحصل في نفس ابى بكر من ذلك اثر ما ، ثم تزايد تقريظ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام وتقريبه واختصاصه فاحدث ذلك حسدا له وغبطة في نفس ابى بكر عنه وهو ابوها ، وفى نفس طلحة وهو ابن عمها وهى تجلس اليهما وتسمع كلامهما وهما يجلسان اليها ويحادثانها فاعدى اليها منهما كما اعدتهما ] أقول : ذكرت كلامه بطوله ـ وان كان فيه ما يضاد نفسيه بضعة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونفسية الامام المرتضى نفس الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله واخيه المنتجب صلوات الله عليه وعلى آله ، لانهما كانا لا يؤثران على طاعة الله شيئا ، ولا يقربان

٢٣٦

ما يقتضي تهييج ما في النفوس ، نحو قولها له وقد استدناه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء حتى قعد بينه وبينها وهما متلاصقان : أما وجدت مقعد الكذا لا يكنى عنه(١) إلا فخدي ونحوه ما روي أنه سايره يوما وأطال مناجاته فجاءت وهي سايرة خلفهما حتى دخلت بينهما وقالت : فيم أنتما فقد أطلتما؟ فيقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غضب ذلك اليوم ، وما روي من حديث الجفنة من الثريد التي أمرت الخادم فوقفت لها فأكفأتها ونحو ذلك مما يكون بين الاهل وبين المرأة وأحمائها ، ثم اتفق أن فاطمة ولدت أولادا كثيرة بنين وبنات ، ولم تلد هي ولدا ، وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقيم بني فاطمة مقام بنيه ، ويسمي الواحد منهم ابني ، ويقول : « دعوا لي ابني * ولا ترزموا(٢) على ابني * وما فعل ابني(٣) » ثم اتفق أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سد باب أبيها إلى المسجد وفتح باب صهره ، ثم بعث أباها ببراءة إلى مكة ثم عزله عنها بصهره ، فقدح ذلك أيضا في نفسها ، وولد رسول الله (ص) إبراهيم من مارية فأظهر علي عليه‌السلام بذلك سرورا كثيرا ، وكان يتعصب لمارية ويقوم بأمرها عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ميلا على غيرها ، وجرت لمارية نكبة مناسبة لنكبة عايشة فبرأها علي عليه‌السلام منها وكشف بطلانها ، أو كشف الله تعالى على يده ، وكان ذلك كشفا محسا بالبصر لا يتهيأ

____________________

ما فيه سخط الله وسخط الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولذا كان لا يسمع قولهما فيهما ولا يشكيها على ابنته ـ لما فيه من بغضها وبغض ابيها وابن عمها طلحة اياهما ، وانهم كانوا يجلسون ويغتابون النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله واخيه وبضعته ، ويدبرون عليهم ، فكان من تدبيرهم وسوء صنيعتهم ما وقع بعد موته صلى‌الله‌عليه‌وآله من غصب الخلافة ، ووقوع الفتن في حرب الجمل.

(١) لما تكنى عنه خ ل.

(٢) هكذا في الكتاب ومصدره ، وفيه وهم ، والصيح : [ لا تزرموا ] بتقديم المعجمة قال الجزرى في النهاية ، فيه انه بال عليه الحسن بن على فاخذ من حجره فقال : لا تزرموا ابنى ، اى لا تقطعوا عليه بوله.

(٣) زاد في المصدر : فما ظنك بالزوجة اذا حرمت الولد من البعل ثم رأت البعل يتبنى بنى ابنته من غيرها ويحنوا عليهم حنو الوالد المشفق هل تكون محبة لاولئك البنين ولامهم ولابيهم ام مبغضة ، وهل تود دوام ذلك واستمراره ام زواله وانقضاءه؟.

٢٣٧

للمنافقين أن يقولوا فيه ما قالوه في القرآن المنزل ببراءة عايشة ، وكل ذلك مما كان يوغر صدر عايشة ، ثم مات إبراهيم فأبطنت شماتة وإن أظهرت كأبة ، و وجم علي وفاطمة عليها‌السلام من ذلك(١).

أقول : ثم ساق كلامه بطوله ، فلما ختمه قال : هذه خلاصة كلام أبي يعقوب ، ولم يكن يتشيع ، وكان شديدا في الاعتزال إلا أنه في التفصيل كان بغداديا(٢).

٣ ـ مع : القاسم بن محمد بن أحمد الهمداني ، عن أحمد بن الحسين ، عن إبراهيم ابن أحمد البغدادي ، عن أبيه ، عن عبدالسلام(٣) عن إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة(٤) عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل : بادلني بامرأتك وابادلك بامرأتي(٥) تنزل لي عن امرأتك فأنزل(٦) لك عن امرأتي ، فأنزل الله عزوجل : « ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن(٧) » قال : فدخل عيينة بن حصين(٨) على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده عائشة فدخل بغير إذن فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فأين الاستيذان؟

قال : ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت ، ثم قال : من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذه عائشة ام المؤمنين ، قال عيينة : أفلا أنزل(٩) لك عن أحسن الخلق وتنزل(١٠) عنها؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عزوجل

____________________

(١) ثم ذكر ما وقع في مرضه صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد موته راجعه.

(٢) شرح نهج البلاغة : ٢ : ٤٥٦ ـ ٤٦٠.

(٣) في المصدر : ابراهيم بن احمد بن نعيس البغدادى قال : حدثنا ابن الحمانى قال : حدثنا عبدالسلام.

(٤) قروب خ ل. أقول : في نسخة ايضا : [ فروب ] والصحيح ما اخترناه في المتن ، و وهو مذكور في رجال العامة.

(٥) تترك خ ل. (٦) فاترك خ ل.

(٧) الاحزاب : ٥٢.

(٨) استظهر المصنف في الهامش أن الصحيح : [ حصن ] وهو كما استظهر.

(٩) افلا اترك خ ل. (١٠) تترك خ ل.

٢٣٨

قد حرم ذلك علي ، فلما خرج قالت له عائشة : من هذا يا رسول الله؟ قال : هذا أحمق مطاع ، وإنه على ما ترين سيد قومه(١).

٤ ـ فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سيار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله(٢) تعالى : « يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك » الآية ، قال : اطلعت عايشة وحفصة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مع مارية فقال النبي : والله ما اقربها(٣) ، فأمره الله أن يكفر عن يمينه.

وقال علي بن إبراهيم : كان سبب نزولها أن رسول الله كان في بعض بيوت نسائه ، وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه ، وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله (ص) مارية ، فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : يا رسول الله هذا في يومي وفي داري وعلى فراشي ، فاستحيى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : كفي فقد حرمت مارية على نفسي ولا أطأها بعد هذا أبدا ، وأنا افضي إليك سرا ، فإن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، فقالت : نعم ما هو؟ فقال : ان أبا بكر يلي الخلافة بعدي(٤) ثم بعده أبوك(٥) فقالت : من أخبرك بهذا؟ قال : الله أخبرني ، فأخبرت حفصة عايشة في يومها بذلك ، وأخبرت عايشة أبا بكر فجاء أبوبكر إلى عمر فقال له : إن عايشة أخبرتني عن حفصة بشئ ولا أثق بقولها ، فاسئل أنت حفصة ، فجاء عمر إلى حفصة فقال لها : ما هذا الذي أخبرت عنك عايشة ، فأنكرت ذلك ، وقالت : ما قلت لها من ذلك شيئا ، فقال لها عمر : إن كان هذا حقا فأخبرينا حتى نتقدم فيه فقالت : نعم قد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ، فاجتمعوا أربعة على أن يسموا(٦) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنزل جبرئيل على رسول الله (ص) بهذه السورة : يا أيها النبي لم تحرم

____________________

(١) معانى الاخبار : ٩٧ و ٨٠. (٢) في قول الله تعالى خ ل.

(٣) لا اقربها خ ل. (٤) من بعدى خ ل.

(٥) ثم من بعده ابوك خ ل. أقول : اراد ان ابا بكر وعمر يغتصبان الخلافة بعدى يدل عليه ما بعده ورواية تقريب المعارف.

(٦) أى يسقونه سما.

٢٣٩

ما أحل الله لك » إلى قوله : « تحلة أيمانكم » يعني قد أباح الله لك أن تكفر عن يمينك « والله موليكم وهو العليم الحكيم * وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به » أي أخبرت به « وأظهره الله عليه » يعني أظهر الله نبيه على ما أخبرت به وما هموا به من قتله « عرف بعضه » أي خبرها وقال : لم أخبرت بما أخبرتك(١)؟ وقوله : « وأعرض عن بعض » قال : لم يخبرها بما يعلم مما هموا به من قتله « قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير * إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو موليه وجبرئيل وصالح المؤمنين » يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام « والملائكة بعد ذلك ظهير » يعني لامير المؤمنين عليه‌السلام ثم خاطبها فقال : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا « عايشة(٢) لانه لم يتزوج ببكر غير عايشة قال علي بن إبراهيم في قوله : « وضرب الله مثلا » : ثم ضرب الله فيهما مثلا فقال : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما « قال والله ما عنى بقوله : « فخانتاهما » إلا الفاحشة ، وليقيمن الحد على فلانه فيما أتت في طريق البصرة ، وكان فلان يحبها ، فلما أرادت أن تخرج إلى البصرة قال لها فلان : لا يحل لك أن تخرجين(٤) من غير محرم ، فزوجت نفسها من فلان ثم ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إلى قوله : « التي أحصنت فرجها »

____________________

(١) في المصدر : بما اخبرتك به.

(٢) اعرض عائشة خ ل. أقول : في المصدر المطبوع : عرض ولعل المراد أن قوله : [ و ابكارا ] عرض بعائشة ، أى يبدله زوجا خيرا من عائشة.

(٣) فيه شناعة شديدة ، وغرابة عجيبة ، نستبعد صدور مثله عن شيخنا على بن ابراهيم بل نظن قريبا انه من زيادات غيره ، لان التفسير الموجود ليس بتمامه منه قدس‌سره ، بل فيه زيادات كثيرة من غيره ، فعلى اى هذه مقالة يخالفها المسلمون باجمعهم من الخاصة والعامة وكلهم يقرون بقداسة اذيال أزواج النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله مما ذكر ، نعم بعضهم يعتقدون عصيان بعضهن لمخالفتها امير المؤمنين على عليه‌السلام.

(٤) هكذا في الكتاب ومصدره ، واستظهر المصنف في الهامش ان الصحيح : ان تخرجى.

٢٤٠