بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

للمباهلة(١) فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم : السيد والعاقب والاهتم : إن باهلنا بقومه باهلناه ، فإنه ليس بنبي وإن باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله فإنه لا يقدم على أهل بيته إلا وهو صادق ، فلما أصبحوا جاؤا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام فقال النصارى : من هؤلاء؟ فقيل لهم : هذا ابن عمه ووصيه وختنه(٢) علي بن أبي طالب ، وهذه ابنته(٣) فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين ، فقرقوا وقالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعطيك الرضا فاعفنا عن المباهلة ، فصالحهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الجرية وانصرفوا(٤).

٧ ـ يج : روي أنه لما قدم وفد نجران دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله العاقب والطيب(٥) رئيسيهم إلى الاسلام ، فقالا : أسلمنا قبلك ، فقال : كذبتما يمنعكما من ذلك حب الصليب وشرب الخمر ، فدعا هما إلى الملاعنة فواعداه على أن يغادياه ، فغدا رسول الله عليه واله ولقد أخذ بيد علي والحسن والحسين وفاطمة ، فقالا : أتي بخواصه واثقا بديانتهم فأبوا الملاعنة ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو فعلا لامطر الوادي عليهم(٦) نارا ـ شى : عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن فضائله ، فذكر بعضها(٧) ثم قالوا له : زدنا ، فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران فتكلما في أمر عيسى ، فأنزل الله هذه الآية : « إن مثل عيسى عندالله كمثل آدم(٨) » إلى آخر الآية ، فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ بيد علي والحسن والحسين وفاطمة ثم خرج ورفع كفه إلى السماء وفرج بين أصابعه ودعاهم إلى المباهلة.

____________________

(١) المباهلة خ ل : (٢) وحبيبه خ ل.

(٣) في المصدر : « بنته » وفيه : « فعرفوا » وفيه : من المباهلة.

(٤) تفسير القمى : ٩٤. (٥) لعله مصحف السيد.

(٦) عليهما خ ل. أقول : لم نجد الحديث في الخرائج.

(٧) اى ذكر ابوعبدالله عليه‌السلام بعضها. (٨) آل عمران : ٥٩.

٣٤١

قال : وقال أبوجعفر عليه‌السلام : وكذلك المباهلة يشبك يده في يده يرفعهما إلى السماء.

فلما رآه الحبران قال أحدهما لصحابه : والله لئن كان نبيا لنهلكن وإن كان غير نبي كفانا قومه ، فكفا وانصرفا(١).

٩ ـ شى : عن محمد بن سعيد الاردني(٢) عن موسى بن محمد بن الرضا ، عن أخيه أبي الحسن عليهم‌السلام أنه قال في هذه الآية : « قل(٣) تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين(٤) » ولو قال : تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيبون للمباهلة ، وقد علم أن نبيه مؤد عنه رسالاته وما هو من الكاذبين(٥).

١٠ ـ شى : عن المنذر قال : حدثنا علي عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الآي « تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم » الآية. قال : أخذ بيد علي وفاطمة وابنيهما(٦) عليهم‌السلام فقال رجل من اليهود : (٧) لا تفعلوا فتصيبكم عنت ، فلم يدعوه(٨).

١١ ـ شى : عن عامر بن سعد قال : قال معاوية لابي : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ قال : لثلاث رويتهن(٩) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما نزلت آية المباهلة : تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم « الآية أخذ رسول الله بيد علي وفاطمة والحسن و الحسين عليهم‌السلام قال : هؤلاء أهلي(١٠).

١٢ ـ قب : تفسير ابن عباس وقتادة ومجاهد وابن جبير والكلبي والحسن وأبي صالح والقزويني والمغربي والوالبي ، وفي صحيح مسلم ، وشرف الخر كوشي

____________________

(١) تفسير العياشى ١ : ١٧٥ و ١٧٦. (٢) في نسخة من المصدر : الازدى.

(٣) الصحيح : فقل. (٤) آل عمران : ٦١.

(٥) تفسير العياشى ١ : ١٧٦. أقول : راجع البحار : ج ١٠ ص ٣٨٨ تجد الحديث مشروحا

(٦) وابنيها خ ل. (٧) في نسخة من المصدر ، من النصارى.

(٨) فلم يلاعنوه خ ل. أقول : في المصدر : « فلم يراعوه » راجع التفسير : ج ١ ص ١٧٧.

(٩) رأيتهن خ ل. أقول : وباقيها حديث المنزلة والراية وسياتى قريبا.

(١٠) تفسير العياشى : ١ : ١٧٧.

٣٤٢

واعتقاد الاشهني في قوله تعالى : « ونساءنا ونساءكم » كانت فاطمة عليهما‌السلام فقط ، و هو المروي عن الصادق وسائر أهل البيت عليهم‌السلام(١).

١٣ ـ قب : حديث المباهلة رواه الترمذي في جامعه وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وذكر مسلم أن معاوية أمر سعد بن أبي وقاص أن يسب أبا تراب فذكر قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، الخبر ، و قوله : لاعطين الراية غدا رجلا ، الخبر ، وقوله تعالى : ندع أبناءنا وأبناءكم القصة. وقد رواه أبوالفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس بإسناده عن سعد بن أبي وقاص قال : لعلي ثلاث فلان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ثم روى الخبر بعينه.

وفي أخرى لمسلم : قال سعد بن أبي وقاص : لما نزلت قوله تعالى : « قل تعالوا ندع أبناءناو أبناءكما » دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهما‌السلام وقال : اللهم هؤلاء أهلي.

أبونعيم الاصفهاني فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال الشعبي : قال جابر : أنفسنا وأنفسكم رسول الله وعلي وأبناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة.

وروى الواحدي في أسباب نزول القرآن بإسناده عن عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أبيه ، وروى ابن البيع في معرفة علوم الحديث عن الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس ، وروى مسلم في الصحيح ، والترمذي في الجامع ، وأحمد بن حنبل في المسند وفي الفضائل أيضا ، وابن بطة في الابانة ، وابن ماجة القزويني في السنن والاشنهي في اعتقاد أهل السنة ، والخر كوشي في شرف النبي ، وقد رواه محمد بن إسحاق وقتيبة بن سعيد والحسن البصري ومحمود الزمخشري وابن جرير الطبري والقاضي أبويوسف والقاضي المعتمد أبوالعباس ، وروي عن ابن عباس وسعيد

____________________

(١) مناقب ال ابى طالب ٣ : ١٠٢.

٣٤٣

ابن جبير ومجاهد وقتادة والحسن وأبي صالح والشعبي والكلبي ومحمد بن جعفر ابن زبير ، وأسند أبوالفرج الاصفهاني في الاغاني عن شهر بن حوشب وعن عمر بن علي وعن الكلبي وعن أبي صالح وابن عباس وعن الشعبي وعن الثمالي وعن شريك وعن جابر وعن أبي رافع وعن الصادق وعن الباقر وعن أمير المؤمنين عليهم‌السلام ، وقد اجتمعت الامامية والزيدية مع اختلاف رواياتهم على ذلك ، ومجمع الحديث من الطرق جميعا أن وفد نجران كانوا أربعين رجلا ، فيهم السيد والعاقب وقيس والحارث وعبدالمسيح بن يونان أسقف نجران فقال الاسقف : يا أبا القاسم موسى من أبوه؟ قال : عمران ، قال : فيوسف من أبوه؟ قال : يعقوب ، قال : فأنت من أبوك؟ قال : أبي عبدالله بن عبدالمطلب ، قال : فعيسى من أبوه؟ فأعرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم ، فنزل : « إن مثل عيسى عندالله » الآية ، فتلاها رسول الله فغشي عليه ، فلما أفاق قال : أتزعم أن الله أوحى إليك أن عيسى خلق من تراب؟ ما نجد هذا فيما أوحي إليك ، ولا نجده فيما أوحي إلينا ، ولا يجده هؤلاء اليهود فيما أوحي إليهم ، فنزل : فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم » الآية ، قالوا : أنصفتنا يا أبا القاسم فمتى نباهلك؟ فقال : بالغداة إنشاءالله ، وانصرف النصارى فقال السيد لابي الحارث : ما تصنعون بمباهلته؟ إن كان(١) كاذبا ما نصنع بمباهلته شيئا ، وإن كان صادقا لنهلكن ، فقال الاسقف : إن غدا فجاء بولده وأهل بيته فاخذروا مباهلة ، و إن غدا بأصحابه فليس بشئ ، فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مختصنا الحسين ، آخذا بيدالحسن وفاطمة تمشي خلفه ، وعلي خلفها ، وفي رواية : آخذا بيد علي ، والحسن و الحسين بين يديه ، وفاطمة تتبعه ، ثم جثابر كبتيه ، وجعل عليا عليه‌السلام أمامه بين يديه ، وفاطمة بين كتفيه ، والحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وهو يقول لهم : إذا دعوت فأمنوا ، فقال الاسقف : جثاوالله محمد كما يجثو الانبياء للمباهلة ، و

____________________

(١) في المصدر : فقال السيد للحارث ما تصنعون بمباهلة؟ قال : ان كان.

٣٤٤

خافوا ، فقالوا : يا أبا القاسم أقلنا أقال الله عثرتك ، فقال : نعم قد أقلتكم ، فصالحوه على ألفي حلة وثلاثين درعا ، وثلاثين فرسا ، وثلاثين جملا ، ولم يلبث السيد و العاقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأسلما ، وأهدى العاقب له حلة و عصا وقدحا ونعلين.

وروي أنه قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران ، ولو لا عنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضرم عليهم الوادي نارا ، و لا ستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا.

وفي رواية : لو باهلتموني بمن تحت الكساء لاضرم الله عليكم نارا تتأجج ثم ساقها إلى من وراءكم في أسرع من طرفة العين ، فأحرقتهم تأججا. وفي رواية : لو لاعنوني لفلعت دار كل نصراني في الدنيا.

وفي رواية : أما والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم منهم بشر ، وكانت المباهلة يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة ، وروي يوم الخامس والعشرين(١) والاول أظهر(٢).

١٤ ـ ضه : قال ابن عباس في قوله تعالى : « قل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم » قال : وفد وفد نجران على نبي الله وفيهم السيد والعاقب وأبوالحارث وهو عبد المسيح بن يومان(٣) أسقف نجران سادة أهل نجران فقالوا : لم تذكر صاحبنا؟ قال : ومن صاحبكم؟ قالوا : عيسى بن مريم. تزعم أنه عبدالله ، قال : أجل هو عبدالله ، قالوا : فأرنا فيمن خلق الله عبدا مثله فأعرض النبي صلى الله عليه وآله عنهم فنزل جبرئيل عليه‌السلام بقوله تعالى : « إن مثل عيسى عندالله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون » إلى قوله : « فنجعل لعنة الله على الكاذبين »

____________________

(١) من سنة العشر.

(٢) مناقب آل ابى طالب ٣ : ١٤٢ ـ ١٤٤. والايات تقدمت الاشارة إلى موضعها في صدر الباب وغيره. (٣) في المصدر : نونان.

٣٤٥

فقال لهم : تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ، قالوا : نعم نلاعنك ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ بيد علي ومعه فاطمة والحسن والحسين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا فهموا أن يلاعنوه ، ثم إن السيد قال لابي الحارث والعاقب : ما تصنعون بملاعنة هذا؟ ان كان(١) كاذبا ما نصنع بملاعنته شيئا ، وإن كان صادقا لنهلكن ، فصالحوه على الجزية ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما والذى نفسي بيده لو لا عنوني ما حال الحول وبحضرتهم بشر ، قال الصادق عليه‌السلام : إن الاسقف قال لهم : إن غدا فجاء بولده وأهل بيته فاحذروا مباهلته ، وإن غدا(٢) بأصحابه فليس بشئ ، فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله آخذا بيد علي والحسن والحسين بين يديه وفاطمة تتبعه ، وتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجثا لر كبتيه ، فقال الاسقف : جثا والله محمد كما يجثو الانبياء للمباهلة وكاع عن التقدم ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لاعنوني يعني النصارى لقطعت دابر كل نصراني في الدنيا(٣).

١٥ ـ فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : « أبناءنا وأبناءكم » الحسن والحسين « وأنفسنا وأنفسكم » رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام « ونساءنا ونساءكم » فاطمة الزهراء عليها‌السلام(٤).

١٦ ـ فر : جعفر بن محمد بن سعيد الاحمسي معنعنا عن أبي رافع قال : قال : مر صهيب مع أهل نجران(٥) ، فذكر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما خاصموه به من أمر عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام ، وأنهم دعوه ولد الله ، فدعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخاصمهم وخاصموه فقال : « تعالوا(٦) ندع أبناءنا وأبنائكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم » إلى آخر الآية ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا فأخذ بيده فتوكأ عليه ومعه ابناه الحسن والحسين عليهما‌السلام وفاطمة عليها‌السلام خلفهم فلما رأى النصارى(٧)

____________________

(١) في المصدر : لانه ان كان. (٢) في المصدر : وان جاء باصحابه.

(٣) روضة الواعظين : ١٤١. (٤) تفسير فرات : ١٤.

(٥) في المصدر : قال : قدمر صهيب باهل نجران.

(٦) في المصدر : فقال : قل تعالوا. (٧) في المصدر : فلما رأى النصارى ذلك.

٣٤٦

أشار عليهم رجل منهم فقال : ما أرى لكم تلاعنوه(١) ، فإن كان نبيا هلكتم ، ولكن صالحوه ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا عنوني ما وجدلهم أهل ولا ولد ولا مال(٢).

١٧ ـ فر : الحسين بن سعيد وأحمد بن الحسن معنعنا عن الشعبي قال : جاء العاقب والسيد النجرانيان إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعاهم(٣) إلى الاسلام ، فقالا : إننا مسلمان ، فقال : إنه يمنعكما من الاسلام ثلاث : أكل الخنزير(٤) ، وتعليق الصليب ، وقولكم في عيسى بن مريم ، فقالا : ومن أين عيسى(٥)؟ فسكت فنزل القرآن : « إن مثل عيسى عندالله كمثل آدم خلقه من تراب » إلى آخر القصة(٦) فنبتهل « فنجعل لعنة الله على الكاذبين » فقالا : فنباهلك ، فتواعدوا لغد ، فقال أحدهما لصاحبه : لا تلاعنه فوالله لئن كان نبيا كان لا ترجع إلى أهلك ولك(٧) على وجه الارض أهل ولا مال ، فلما أصبح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ بيد علي والحسن والحسين وقد مهم وجعل فاطمة وراءهم ، ثم قال لهما : تعاليا فهذا أبناؤنا : الحسن والحسين ، وهذا نساؤنا فاطمة وأنفسنا : علي فقالا : لا نلاعنك(٨).

١٧ ـ فر : أحمد بن جعفر معنعنا عن علي عليه‌السلام قال : لما قدم وفد نجران على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قدم فيهم ثلاثة من النصارى من كبارهم : العاقب ومحسن(٩) والاسقف فجاؤا إلى اليهود وهم في بيت المدارس فصاحوا بهم يا أخوة القردة والخنازير ، هذا الرجل بين ظهرانيكم قد غلبكم انزلوا إلينا ، فنزل إليهم منصور اليهودي وكعب بن الاشرف اليهودي(١٠) ، فقالوا لهم : احضروا غدا نمتحنه ، قال : وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى الصبح قال : ههنا من الممتحنة أحد؟ فان وجدأ حدا أجابه وإن لم يجد

____________________

(١) في المصدر : ان تلاعنوه. (٢) تفسير فرات : ١٥.

(٣) في المصدر : فدعاهما. (٤) في المصدر اكل لحم الخنزير.

(٥) في المصدر : ومن ابوعيسى. (٦) في المصدر : إلى آخر الايات.

(٧) في المصدر : ولا لك. (٨) تفسير فرات : ١٦ وفيه : وهذا انفسنا.

(٩) في المصدر : وقيس.

(١٠) ذلك يخالف ما روى ان كعب بن الاشراف قتل في السنة الثالثة ، أو بعده بقليل.

٣٤٧

أحدا قرأ على أصحابه ما نزل عليه في تلك الليلة فلما صلى الصبح جلسوا بين يديه فقال له الاسقف : يا أبا القاسم فذاك موسى من أبوه؟ قال : عمران ، قال : فيوسف من أبوه؟ قال : يعقوب ، قال : فأنت فداك أبي وأمى من أبوك؟ قال : عبدالله بن عبدالمطلب قال : فعيسى من أبوه؟ قال : فسكت النبي (ص) ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما احتاج إلى(١) شئ من المنطق فينقض عليه جبرئيل عليه‌السلام من السماء السابعة فيصل له منطقه في أسرع من طرفة العين ، فذاك قول الله تعالى : « وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر(٢) » قال : فجاء جبرئيل عليه‌السلام فقال : هو روح الله وكلمته ، فقال له الاسقف : يكون روح بلا جسد؟ قال : فسكت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فأوحي إليه : « إن مثل عيسى عندالله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون » قال فنزا الاسقف نزوة إعظاما لعيسى أن يقال له ، من تراب. ثم قال : ما نجد هذا يا محمد في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ، ولا تجد هذا عندك(٣) ، قال : فأوحى الله إليه : « قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم » فقالوا : أنصفتنا يا أبا القاسم ، فمتى موعدك؟ قال : بالغداة إنشاء الله ، قال : فانصرف وهم يقولون : لا إله إلا الله ما نبالي إيهما أهلك الله : النصرانية والحنيفية(٤) إذا هلكوا غدا؟ قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : فلما صلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الصبح أخذ بيدي فجعلني بين يديه ، وأخذ فاطمة عليها‌السلام فجعلها خلف ظهره ، وأخذ الحسن و الحسين عن يمينه وعن شماله(٥) ، ثم برك لهم باركا ، فلما رأوه قد فعل ذلك ندموا وتؤامروا فيما بينهم وقالوا : والله إنه لنبي ، ولئن باهلنا ليستجيبن(٦) الله له علينا فيهلكنا ولا ينجينا شئ منه إلا أن نستقيله ، قال : فأقبلوا حتى جلسوا(٧) بين

____________________

(١) في المصدر : ربما احتاج شيئا. (٢) القمر : ٥.

(٣) في المصدر : ولا تجد هذا الاعندك.

(٤) في المصدر : او الحنفية. (٥) في المصدر : فجعلهما عن يمينه وعن يساره.

(٦) في المصدر : ليستجيب الله.

(٧) في المصدر : قال : فاقبلوا يسترون في خشب كان في المسجد حتى جلسوا.

٣٤٨

يديه ، ثم قالوا : يا أبا القاسم أقلنا ، قال : نعم قد أقلتكم ، أما والذي بعثني بالحق لو باهلتكم ما ترك الله على ظهر الارض نصرانية إلا أهلكه(١).

١٨ ـ فر : أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن صبيح معنعنا عن شهر بن حوشب قال : قدم على رسول الله (ص) عبد المسيح بن أبقى ومعه العاقب وقيس أخوه ، ومعه حارث(٢) بن عبد المسيح ، وهو غلام ، ومعه أربعون حبرا ، فقال : يا محمد كيف تقول في المسيح؟ فوالله إنا لننكر(٣) ما تقول ، قال : فأوحى الله تعالى إليه « إن مثل عيسى عندالله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون » فقال إجلالا له(٤) مما يقول : بل هو الله ، فأنزل الله : « فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع » إلى آخر الآية ، فلما سمع ذكر الابناء غضب غضبا شديدا و دعا الحسن والحسين وعليا وفاطمة عليهم‌السلام فأقام الحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وعلي إلى صدره ، وفاطمة إلى ورائه فقال : هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا فائتيالهم بأكفاء ، قال : فوثب العاقب فقال : أذكرك الله أن تلا عن هذا الرجل ، فو الله إن كان كاذبا مالك في ملاعنته خير ، وإن كان(٥) صادقا لا يحول الحول ومنكم نافخ ضرمة ، قال : فصالحوه كل الصلح(٦).

بيان : قال الجزري في حديث علي : ود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة ، أي أحد ، لان النار ينفخها الصغير والكبير والذكر والانثى.

١٩ ـ فر : أحمد بن يحيى معنعنا عن الشعبي قال : لما نزلت الآية(٧) :

« قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم » أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد الحسن والحسين(٨) وتبعتهم فاطمة ، قال : فقال : هذه أبناؤنا

____________________

(١) تفسير فرات : ١٦ و ١٧. (٢) في المصدر : الحارث.

(٣) في المصدر : لنتنكر. (٤) في المصدر : قال نخر نخرة وقال : اجلالا له.

(٥) في المصدر : ان لا تلا عن هذا الرجل فوالله لان كان كاذبا فما لك في ملا عنته خير ، و لان كان. (٦) تفسير فرات : ١٧ زاد في آخره : ورجعوا عنه.

(٧) خلى المصدر عن « الاية ».

(٨) في المصدر : اخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتكأ على على والحسن والحسين.

٣٤٩

وهذه نساؤنا وهذه أنفسنا(١) عليهم‌السلام فقال رجل لشريك(٢) : يا أبا عبدالله « إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى(٣) » إلى آخر الآية ، قال : يلعنهم كل شئ حتى الخنافس في جحرها ، ثم غضب شريك واستشاط فقال : يا معافا ، فقال له رجل يقال له : ابن المقعد : يا أبا عبدالله إنه لم يعنك ، فقال : أنت له أنفع ، إنما أرادني تركت ذكر علي بن أبي طالب عليه‌السلام(٤).

٢٠ ـ أقول : قال السيد بن طاوس رحمه‌الله في كتاب سعد السعود : رأيت في كتاب تفسير ما نزل من القرآن في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته تاليف محمد بن العباس بن مروان أنه روى خبر المباهلة من أحد وخمسين طريقا عمن سماه من الصحابة وغيرهم ، رواه عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، وعن جرير بن عبدالله السجستاني وعن أبي قيس المدني ، وعن أبي أويس(٥) المدني ، وعن الحسن بن مولانا علي عليهما‌السلام ، وعن عثمان بن عفان ، وعن سعد بن أبي وقاص ، وعن بكر بن سمال. وعن طلحة بن عبدالله ، وعن الزبير بن العوام ، وعن عبدالرحمن بن عوف ، وعن عبدالله بن العباس ، وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعن جابر بن عبدالله وعن البراء بن عازب ، وعن أنس بن مالك ، وعن المنكدر بن عبدالله ، عن أبيه وعن علي بن الحسين عليهما‌السلام ، وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهما‌السلام وعن أبي عبدالله جعفر الصادق عليه‌السلام وعن الحسن البصري ، وعن قتادة ، وعن علباء بن أحمر ، وعن عامر بن شراحيل الشعبي ، وعن يحيى بن يعمر ، وعن مجاهد ، وعن شهر بن حوشب ، ونحن نذكر حديثا واحدا فإنه أجمع وهو من أول الوجهة الاولة من القائمة السادسة من الجزء الثاني بلفظه(٦) : المنكدر بن عبدالله ، عن أبيه ، حد ثنا أبوعبدالله الحسين بن محمد بن سعيد بن البزاز قال : حدثنا محمد بن الفيض

____________________

(١) في المصدر : هؤلاء ابناؤنا وهذه نساؤنا وهذا انفسنا.

(٢) فيه وهم ، اما اسقط شريك عن الاسناد ، واما اسقط هو وحديثه عن البين.

(٣) البقرة : ١٥٩. (٤) تفسير فرات : ٢٧.

(٥) في المصدر : عن ابى ادريس المدنى.

(٦) هكذا في الكتاب ومصدره ، والصحيح بلفظة المنكدر.

٣٥٠

بن فياض أبوالحسن بدمشق ، قال : حدثني عبدالرزاق بن همام الصنعانى ، قال حدثنا عمر بن راشد ، قال : حد ثنا محمد بن المنكدر ، عن أبيه(١) قال لما قدم السيد والعاقب أسقفا نجران في سبعين راكبا وفدا(٢) على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كنت معهم وكرز(٣) يسير ـ وكرز صاحب نفقاتهم ـ فعثرت بغلته فقال : تعس من نأتيه(٤) ، يريد بذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له صاحبه وهو العاقب : بل تعست وانتكست ، فقال : ولم ذاك؟ فقال : لانك أتعست النبي الامي أحمد ، قال : وما علمك بذلك؟ قال : أما تقرأ المصباح(٥) الرابع من الوحي إلى المسيح : أن قل لبني إسرائيل ما أجهلكم تتطيبون بالطيب لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها(٦) وأهلكم وأجوافكم عندي جيف(٧) الميتة ، يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي والامي الذي يكون في آخر الزمان صاحب الوجه الاقمر ، والجمل الاحمر المشرب بالنور ، ذي الجناب(٨) الحسن ، والثياب الخشن ، سيد الماضين عندي ، وأكرم الباقين علي ، المستن بسنتي والصابر في ذات نفسي(٩) ، والمجاهد بيده المشركين من أجلي ، فبشر به بني إسرائيل ، ومر بني إسرائيل أن يعزروه وينصروه ، قال عيسى : قدوس ، من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه قلبي ولم تره عيني؟ قال : هو منك وأنت منه ، وهو صهرك على أمك ، قليل الاولاد ، كثير الازواج ، يسكن مكة من موضع أساس

____________________

(١) في المصدر : عن ابيه عن جده. (٢) في الاختصاص : وافدا.

(٣) في الاختصاص : فبينا كرز يسير.

(٤) في الاختصاص : اذ عثرت بغلته فقال : تعس من نأتية الابعد.

(٥) المفتاح خ ل. أقول : يوجد ذلك في نسخة من الاختصاص.

(٦) وعند اهلها خ ل.

(٧) كجيفة الميتة خ ل. أقول : يوجد ذلك في الاختصاص. وفي المصدر : جيف كجيفة الميتة

(٨) الثبات خ ل. « النيات خ ل » اقول : في المصدر : الثبات.

(٩) جنبى خ ل. أقول : في المصدر : « والصابر في ذات نفسى دار جنتى » وفي الاختصاص والصائر دارجتى.

٣٥١

وطئ(١) إبراهيم عليه‌السلام نسله من مباركة وهي ضرة أمك في الجنة ، له شأن من الشأن ، تنام عيناه ولا ينام قلبه ، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة(٢) ، له حوض من شفير زمزم إلى معرب(٣) الشمس حيث يعرف ، فيه شرابان(٤) من الرحيق والتسنيم ، فيه أكاويب عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لا يظمأ بعده أبدا وذلك بتفضيلي إياه على سائر المرسلين ، يوافق قوله فعله وسريرته علانيته ، فطوباه وطوبى(٥) أمته ، الذين على ملته يحيون ، وعلى سنته يموتون ، ومع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين ، يكون(٦) في زمن قحط وجدب فيدعوني فيرخي السماء عزاليها(٧) حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها ، وأبارك فيما يصنع يده فيه ، قال : إلهي سمه ، قال : نعم هو أحمد ، وهو محمد رسولي إلى الخلق كافة أقربهم مني منزلة ، وأخصهم مني شفاعة(٨) ، لا يأمر إلا بما أحب ، ولا ينهى إلا عما أكره.

قال له صاحبه : فأني(٩) تقدم بنا على من هذه صفته قال : نشهد أقواله (١٠) وننظر آياته(١١) ، فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من يحث لا يعشر بنا ، وإن يكن كذابا(١٢) كفيناه بكذبه على الله ، قال

____________________

(١) وطن خ ل. (٢) في المصدر والاختصاص : ولا يقمل الصدقة.

(٣) إلى مغيب الشمس حيث يغرب خ ل. أقول : يوجد ذلك في الاختصاص وفي المصدر : حيث يغرف. وذكر في هامش المصنف ايضا : يؤب خ ل.

(٤) ميزابان خ ل.

(٥) فطو بى له وطوبى لامته خ ل. أقول : يوجد ذلك في الاختصاص.

(٦) يظهر خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر والاختصاص.

(٧) عزالى جمع العزلاء : مصب الماء من القربة ونحوها.

(٨) واحضرهم عندى شفاعة خ ل. أقول : يوجد ذلك في الاختصاص.

(٩) فأين خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر ـ فاين تعمد بنا خ.

(١٠) نشهد احواله خ ل أقول : يوجد ذلك في الاختصاص.

(١١) أيامه خ ل. ( ١٢ ) كاذبا خ ل. أقول : يوجد ذلك في الاختصاص.

٣٥٢

له صاحبه : ولم إذا رأيت العلامة(١) لا تتبعه؟ قال : أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم؟ كرمونا ومولونا ونصبوا لنا كنا يسنا(٢) ، وأعلوا فيها ذكرنا ، فكيف تطيب النفس بدين(٣) يستوي فيه الشريف والوضيع؟ فلما قدموا المدينة قال من يراهم(٤) من أصحاب رسول الله (ص) : ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل من هؤلاء ، لهم شعور(٥) وعليهم ثياب الحبر ، وكان رسول الله (ص) متناء عن المسجد فحضرت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تلقاء المشرق ، فهم رجال من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمنعهم(٦) ، فأقبل رسول الله (ص) فقال : دعوهم ، فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا : يا أبا القاسم حاجنا في عيسى ، فقال : عبدالله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، فقال أحدهم بل هو ولده وثاني اثنين ، وقال آخر بل ثالث ثلاثة : أب ، وابن ، وروح قدس ، وقد سمعنا(٧) في قرآن نزل عليك يقول : فعلنا ، وجعلنا ، وخلقنا ، ولو كان واحدا لقال : خلقت وجعلت ، وفعلت ، فتغشى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الوحي ونزل على صدره سورة آل عمران(٨) إلى قوله رأس الستين منها : « فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين » الآية(٩) ، فقص عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله القصة وتلا عليهم القرآن ، فقال بعضهم لبعض : قدوالله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم. وقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله قد أمرني بمباهلتكم ، إذا كان غدا باهلناك ، فقال القوم بعضهم لبعض : حتى ننظر بمن يباهلنا غدا؟ بكثرة أتباعه

____________________

(١) الحق خ ل. (٢) الكنائس خ ل أقول : يوجد ذلك في الاختصاص.

(٣) تطيب النفس بالدخول في دين خ ل. أقول : يوجد ذلك في الاختصاص.

(٤) في الاختصاص : من رآهم (٥) شعوب خ ل.

(٦) في المصدر : يمنعهم. (٧) في المصدر : والاختصاص : وقد سمعناه.

(٨) في المصدر والاختصاص : ونزل صدر سورة آل عمران.

(٩) قوله : الاية زائد خلى عنه المصدر.

٣٥٣

من أوباش الناس ، أم بأهله(١) من أهل الصفوة والطهارة؟ فإنهم وشيج الانبياء وموضع بهلهم(٢) فلما كان من غد ، غدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيمينه علي ، وبيساره الحسن والحسين ، ومن ورائهم فاطمة عليهم‌السلام عليهم الحلل(٣) النجرانية ، وعلى كتف رسول الله (ص) كساء قطواني(٤) رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين ، فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما ونشر الكساء عليهما وو أدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الايسر معهم تحت الكساء معتمد اعلى قوسه النبع ، ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف(٥) الناس ينظرون ، واصفرلون السيد والعاقب وزلزلا(٦) حتى كاد أن يطيش عقولهما فقال أحدهما لصاحبه : أنباهله؟ قال : أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم وبقي كبيرهم ، ولكن أره أنك غير مكترث ، وأعطه من المال والسلاح ما أراد ، فإن الرجل محارب ، وقل له ، أبهؤلاء تباهلنا لئلايرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته ، فلما رفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يده إلى السماء للمباهلة قال أحدهما لصاحبه : أي رهبانية(٧)؟ دارك الرجل ، فإنه إن فاه(٨) ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال ، فقالا : يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا؟ قال : نعم ، هؤلاء أوجه من على وجه الارض بعدي إلى الله وجهة ، وأقربهم إليه وسيلة ، قال : فبصبصا يعني ارتعدا وكرا ، وقالا له : يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف ، وألف درع ، وألف حجفة(٩) وألف دينار كل عام ، على أن الدرع والسيف والحجف عندك إعارة حتى نأتي من وراءنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأينا وشاهدنا ، فيكون الامر على

____________________

(١) بالقلة خ ل. (٢) في الاختصاص : وموضع نهلهم.

(٣) النمار خ ل. أقول : يوجد ذلك في الاختصاص. (٤) قرطق خ ل. قرطف خ ل.

(٥) واشرأب خ ل. أقول : يوجد ذلك في الاختصاص.

(٦) في الاختصاص : وكرا

(٧) استظهر المنصف في الهامش ان الصحيح : وارهباناه

(٨) في المصدر : ان فتح فاه ببهلة.

(٩) الحجفة بتقديم المهملة : الترس من جلد بلا خشب.

٣٥٤

ملاء منهم فإما الاسلام وإما الجزية وإما المقاطعة في كل عام فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد قبلت منكما ، أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لاضرم الله عليكم الوادي نارا تأجج ثم ساقها(١) إلى من وراءكم في أسرع من طرف العين فحرقتهم(٢) تأججا فهبط عليه جبرئيل الروح الامين فقال : يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك : وعزتي وجلالي(٣) لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماء وأهل الارض لتساقطت عليهم السماء كسفا متهافتة : ولتقطعت(٤) الارضون زبرا سايحة(٥) فلم يستقر عليها(٦) بعد ذلك ، فرفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يديه حتى رئي بياض إبطيه ثم قال : على من ظلمكم حقكم وبخسني الاجر الذي افترضه الله عليهم فيكم بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة(٧).

ختص : أبوبكر محمد بن إبراهيم العلاف الهمداني ، عن عبدالله بن محمد بن جعفر ابن موسى بن شاذان البزاز ، عن الحسين بن محمد بن سعيد البزاز وجعفر الدقاق عن محمد بن الفيض بن فياض الدمشقي ، عن إبراهيم بن عبدالله ابن أخي عبدالرزاق عن عبدالرزاق بن همام الصنعاني. عن معمر بن راشد ، عن محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جده مثله(٨).

بيان : قال في النهاية : الوشيج : هو ما التف من الشجر ، والوشيجة : عرق الشجرة وليف يفتل ثم يشد به ما يحمل ، والوشيج جمع وشيجة ، وشجت العروق والاغصان : اشتبكت.

وفي القاموس : الوشيج : اشتباك القرابة ، والواشجة : الرحم المشتبكة ، وقال :

____________________

(١) في الاختصاص : « حتى يساقها » وفي المصدر : ثم يساقها.

(٢) في المصدر : « فيحرقهم » وفي الاختصاص : فاحرقتهم تأججا

(٣) زاد في الاختصاص. وارتفاع مكانى. (٤) ولقطعت خ ل.

(٥) في المصدر : سابحة. (٦) في الاختصاص : فلم تستقر عليها.

(٧) سعد السعود : ٩١ : ٩٤

(٨) الاختصاص : ١١٢ ـ ١١٦. فيه : افترضه الله فيكم عليهم.

٣٥٥

النمرة كفرحة : البحرة وشملة فيها خطوط بيض وسود ، وقال : قطوان محركة : موضع بالكوفة منه الاكسية.

وفي بعض النسخ : قرطق بالقافين ، وفي بعضها : قرطف بالفاء أخيرا في القاموس : القرطق كجندب : لبس معروف معرب كرته ، وقال : القرطف كجعفر : القطيفة. وقال : النبع : شجر القسي والسهام. وقال : البصيص : الرعدة ، و بصبص الكلب : حرك ذنبه.

٣٣

باب

*(غزوة عمرو بن معدى كرب )*

١ ـ شا : لما عادر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من تبوك إلى المدينة قدم إليه عمرو بن معدي

كرب فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أسلم يا عمرو يؤمنك الله من الفزع الاكبر ، قال : يا

محمد وما الفزع الاكبر؟ فإني لا أفزع فقال يا عمرو : إنه ليس كما تظن وتحسب إن الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت إلا نشر ، ولا حي إلا مات ، إلا ماشاء الله ، ثم يصاح بهم صيحة أخرى فينشر من مات ويصفون جميعا ، وتنشق السماء وتهد الارض ، وتخر الجبال هدا ، وترمي النار بمثل الجبال شررا ، فلا يبقي ذو روح إلا انخلع قلبه(١) وذكر ذنبه ، وشغل بنفسه إلا من(٢) شاء الله ، فأين أنت يا عمرو بن من هذا؟ قال : ألا إني أسمع أمرا عظيما فآمن بالله ورسوله(٣) و آمن معه(٤) من قومه ناس ، ورجعوا إلى قومهم ، ثم إن عمر وبن معدي كرب نظر إلى أبي بن عثعث الخثعمي فأخذ برقبته ثم جاء به إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله(٥) فقال :

____________________

(١) اى انتزع وزال عن مكانه. (٢) ماشاء الله خ ل.

(٣) وبرسوله خ ل. (٤) من معه خ ل.

(٥) إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خ ل.

٣٥٦

أعدني(١) على هذا الفاجر الذي قتل والدي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أهدر(٢) الاسلام ما كان في الجاهلية ، فانصرف عمرو مرتدا فأغار على قوم من بني الحارث ابن كعب ، ومضى إلى قومه ، فاستدعى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأمره على المهاجرين ، وأنفذه إلى بني زبيد ، وأرسل خالد بن الوليد في الاعراب وأمره أن يعمد لجعفي(٣) فإذا البقيا فأمير الناس أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فسار أمير المؤمنين عليه‌السلام واستعمل على مقدمته خالد بن سعيد ابن العاص ، واستعمل خالد على مقدمته أبا موسى الاشعري ، فأما جعفي فإنها لما سمعت بالجيش افترقت فرقتين : فذهبت فرقة إلى اليمن ، وانضمت الفرقة الاخرى إلى بني زبيد. فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام فكتب إلى خالد بن الوليد : أن قف حيث إدركك رسولي ، فلم يقف ، فكتب إلى خالد بن سعيد بن العاص تعرض له حتى تحبسه ، فاعترض له خالد حتى حبسه ، وأدركه أميرالمؤمنين عليه‌السلام فعنفه على خلافه ، ثم سار حتى لقي بني زبيد بواد يقال له : كثير(٤) فلما رآه بنو زبيد قالوا لعمرو : كيف أنت يا با ثور إذا لقيك هذا الغلام القرشي فأخذ منك الاتاوه قال : (٥) سيعلم إن لقيني ، قال : وخرج عمرو فقال : من يبارز؟ فنهض إليه أمير المؤمنين عليه‌السلام وقام(٦) إليه خالد بن سعيد وقال له : دعني يا أبا الحسن بأبي أنت وأمي أبارزه ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن كنت ترى أن لي عليك طاعة فقف مكانك(٧) فوقف ، ثم برز إليه أمير المؤمنين عليه‌السلام فصاح به صيحة فانهزم عمرو و قتل أخاه(٨) وابن أخيه وأخذت امرأته ركانة بنت سلامة ، وسبى منهم نسوان ، و انصرف أمير المؤمنين عليه‌السلام وخلف على بني زبيد خالد بن سعيد ليقبض صدقاتهم ، و يؤمن من عاد إليه من هرابهم مسلما ، فرجع عمرو بن معدي كرب ، واستأذن على

____________________

(١) اعدى فلانا على فلان : نصره واعانه وقواه. (٢) أبطله واباحه.

(٣) جعفى بن سعد العشيره : بطن من سعد العشيرة من مذحج من القحطانية

(٤) كثر خ ل. أقول : في المصدر : كسر. وفي القاموس : كسر بالكسر : قرى كثيرة باليمن.

(٥) فقال خ ل. (٦) فقام خ ل.

(٧) في مكانك خ ل. (٨) اخوه خ ل.

٣٥٧

خالد بن سعيد فأذن له فعاد إلى الاسلام ، فكلمه(١) في امرأته وولده فوهبهم له ، وقد كان عمرو لما وقف بباب خالد بن سعيد وجد جزورا قد نحرت فجمع قوائمها ثم ضربها بسيفه فقطعها جميعا ، وكان يسمى سيفه الصمصامة ، فلما وهب خالد بن سعيد لعمرو وامرأته وولده وهب له عمرو الصمصامة ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام قد اصطفى من السبي جارية ، فبعث خالد بن الوليد بريدة الاسلمي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له : تقدم الجيش إليه فأعلمه بما فعل علي من اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه ، وقع فيه. فسار بريدة حتى انتهى إلى باب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلقيه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوتهم وعن الذي أقدمه ، فأخبره أنه إنما جاء ليقع في علي عليه‌السلام وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه ، فقال له عمر : امض لما جئت له فإنه سيغضب لا بنته مما صنع علي عليه‌السلام ، فدخل بريدة على النبي (ص) ومعه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة ، فجعل يقرأه ووجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتغير فقال بريدة : يا رسول الله إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهبت فيئهم ، فقال(٢) النبي (ص) : ويحك يا بريدة أحدثت نفاقا؟ إن علي بن أبي طالب عليه‌السلام يحل له له من الفئ ما يحل لي ، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي ، يا بريدة احذر أن تبغض عليا « فيبغضك الله ، قال بريدة : فتمنيت أن الارض انشفت لي فسخت فيها وقلت : أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسول الله(٣) يا رسول الله ، استغفرلي فلن أبغضن(٤) عليا أبدا » ، ولا أقول فيه إلا خيرا ، فاستغفر له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله(٥).

عم : مثله مع اختصار(٦).

بيان : الاتاوة بالفتح : الخراج.

٢ ـ في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وشرحه أن عمرو بن معدي

____________________

(١) وكلمه خ ل. (٢) في المصدر : فقال له.

(٣) وسخطك خ ل. (٤) فلن ابغض خ ل.

(٥) الارشاد : ٨١ ـ ٨٣. (٦) اعلام الورى : ٨٧ ( ط ١ ) و ١٣٤. ط ١.

٣٥٨

كرب خاطب عليا :

الآن حين تقلصت منك الكلى

إذ حر نارك في الوقيعة يسطع

والخيل لاحقة الاياطل شزب

قب البطون ثنيها والاقراع

يحملن فرسانا « كراما » في الوغا

لا ينكلون إذا الرجال تكعكع

إني امرؤ أحمي حماي بعزة

وإذا تكون شديدة لا أجزع

وأنا المظفر في الموطن كلها

وأنا شهاب في الحوادث يلمع

من يلقني يلقى المنية والردى

وحياض موت ليس عنه مذيع(١)

فاحذر مصاولتي وجانب موقفي

إني لدى الهيجا أضر وأنفع(٢)

فأجابه عليه‌السلام :

يا عمرو قدحمي الوطيس وأضرمت

نار عليك وهاج أمر مفظع

وتساقت الابطال كأس منية

فيها ذراريح وسم منقع

فإليك عني لا ينالك مخلبي

فتكون كالامس الذي لا يرجع

إني امرؤ أحمي حماي بعزة

والله يخفض من يشاء ويرفع

إني إلى قصد الهدى وسبيله

وإلى شرايع دينه أتسرع

ورضيت بالقرآن وحيا « منزلا »

وبربنا ربا يضر وينفع

فينا رسول الله أيد بالهدى

فلواؤه حتى القيامة يلمع(٣)

توضيح : تقلص : انضم وانزوى. والوقعية : القتال. ولحق لحوقا ضمر والايطل : الخاصرة. والشزب : الضوامر والاقب : الضامر البطن. والثني : ما دخل في الثالثة في غير الابل ، وفيها في السادسة. والاقراع : التام والتكعكع الجبن ولاحتباس. وأذاع الناس ما في الحوض : شربوه. والوطيس : التنور. و التساقي : أن يسقى كل منهما صاحبه. والذراح والذروح بالضم : دويبة حمراء منقوطة بسواد تطير ، وهي من السموم ، والجمع ذرايح.

____________________

(١) في المصدر : ليس عنه مدفع. (٢) في المصدر : أضر وأدفع.

(٣) الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام : ٧٩ و ٨٠.

٣٥٩

٣٤

باب

*(بعث أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى اليمن)*

١ ـ عم : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام إلى اليمن ليدعوهم إلى الاسلام وقيل : ليخمس ركازهم ، ويعلمهم الاحكام ، ويبين لهم الحلال والحرام ، و إلى أهل نجران ليجمع صدقاتهم ، ويقدم عليه بجزيتهم ، وروى الحاكم أبوعبدالله الحافظ بإسناده رفعه إلى عمرو بن شاس الاسلمي قال : كنت مع علي بن أبي طالب عليه‌السلام في جملة(١) فجفاني علي عليه‌السلام بعض الجفاء فوجدت عليه في نفسي ، فلما قدمت المدينة اشتكيته عند من لقيته ، فأقبلت يوما ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في المسجد فنظر إلي حتى جلست إليه ، فقال : يا عمرو بن شاس لقد آذيتني ، فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أعوذ بالله والاسلام أن أوذي رسول الله ، فقال : ( من آذى عليا فقد آذاني ) وقد كان بعث قبله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الاسلام فلم يجيبوه ، قال البراء : فكنت مع علي عليه‌السلام فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلي بنا علي عليه‌السلام ثم صفنا صفا واحدا « ، ثم تقدم بين أيدينا فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأسلمت همدان كلها ، فكتب علي عليه‌السلام إلى رسول الله (ص) فلما قرأ الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال عليه‌السلام ( السلام على همدان السلام على همدان(٢) أخرجه البخاري في الصحيح.

وروى الاعمش عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي عليه‌السلام قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن ، قلت : يا رسول الله تبعثني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء؟ قال : فضرب بيده في صدري وقال : ( اللهم اهد قلبه ، وثبت

____________________

(١) في خيله خ ل.

(٢) في المصدر : على همدان السلام.

٣٦٠