الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٧
ورى بغيرها إلا غزاة تبوك ، فإنه عرفهم أنه يريدها(١) وأمرها أن يتزودوالها فتزودوالها دقيقا كثيرا يختبزونه في طريقهم ، ولحما مالحا وعسلا وتمرا ، و كان زادهم كثيرا ، لان رسول الله كان حثهم على التزود لبعد الشقة ، وصعوبة المفاوز ، وقلة ما بها من الخيرات ، فساروا أياما ، وعتق طعامهم ، وضاقت من بقاياه صدورهم ، فأحبوا طعاما طريا ، فقال قوم منهم : يا رسول الله قد بشمنا(٢) هذا الذي معنا من الطعام فقد عتق ، وصار يابسا(٣) وكاد يريح ولا صبر لنا عليه فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما معكم؟ قالوا : خبز ولحم قديد مالح(٤) وعسل وتمر فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فأنتم الآن كقوم موسى لما قالوا : (٥) لن نصبر على طعام واحد ، فما(٦) الذي تريدون؟ قالوا : نريد لحما طريا قديدا ولحما مشويا من لحم الطيور(٧) ومن الحلواء المعمول ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ولكنكم تخالفون في هذه الواحدة بني إسرائيل ، لانهم أرادوا البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير ، وأنتم تستبدلون الذي هو أفضل بالذي هو دونه ، وسوف أسأله(٨) لكم ربي ، قالوا : يا رسول الله فإن فينا من يطلب مثل ما طلبوا من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها ، فقال(٩) رسول الله صلىاللهعليهوآله : سوف يعطيكم الله ذلك بدعاء رسول الله (ص) (١٠) يا عباد الله إن قوم عيسى لما سألوا عيسى أن ينزل عليهم مائدة من السماء قال الله : « إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذ به عذابا لا أعذ به أحدا من العالمين(١١) » فأنزلها عليهم ، فمن
____________________
(١) في التفسير : بأنه يريدها.
(٢) بشم من الطعام : اتخم : ومن الشئ : سئم. وفي المصدر. قد سئمنا.
(٣) غابا خ ل. (٤) في المصدر : ومالح.
(٥) في المصدر : لما قالوا له (٦) فماذا خ ل.
(٧) في المصدر : من الحوم الطير. (٨) أسأل خ ل.
(٩) قال خ ل.
(١٠) فآمنوا به وصد قوه ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله خ ل. أقول : يوجد ذلك في التفسير الا ان فيه : ثم قال لهم. (١١) المائدة : ١١٥.
كفر بعد منهم مسخه الله إما خنزيرا ، وإما قردا(١) وإما دبا ، وإما هرا(٢) و إما على صورة بعض الطيور والدواب التي في البر والبحر حتى مسخوا على أربعمائة نوع من المسخ ، وإن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يستنزل لكم ما سألتموه من السماء حتى يخل بكافر كم(٣) ما حل بكفار قوم عيسى عليهالسلام ، وإن محمدا أرأف بكم من أن يعرضكم لذلك ، ثم نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى طائر في الهواء فقال لبعض أصحابه : قل لهذا الطائر : إن رسول الله يأمرك أن تقع على الارض ، فقالها(٤) فوقع ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أيها الطائر إن الله يأمرك(٥) أن تكبر ، فازداد عظما(٦) حتى صار كالتل العظيم ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لاصحابه : أحيطوا به فأحاطوا به وكان عظم ذلك(٧) الطير أن أصحاب رسول الله وهم فوق عشرة آلاف اصطفوا حوله ، فاستدار صفهم ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أيها الطائر إن الله يأمرك أن تفارقك(٨) أجنحتك وزغبك وريشك ، ففارقه ذلك أجمع ، وبقي الطائر لحما على عظم(٩) وجلده فوقه ، فقال رسول الله (ص) : إن الله يأمرك أن تفارق (١٠) عظام بدنك ورجليك ومنقارك ، ففارقه ذلك أجمع ، وصار حول الطائر(١١) والقوم حول ذلك أجمع ، ثم قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله تعالى يأمر هذه العظام أن تعود قثا ، فعادت كما قال ، ثم قال : إن الله تعالى يأمر هذه الا جنحة والزغب والريش أن يعود(١٢) بقلا وبصلا وفوما وأنواع البقول ، فعادت كما قال ، ثم قال رسول الله (ص) :
____________________
(١) قردة خ ل. أقول : يوجد ذلك في التفسير.
(٢) في التفسير : واما هرة. (٣) فيحل بكفار كم خ ل
(٤) فقاله خ ل. أقول : يوجد ذلك في التفسير
(٥) امرك خ ل.
(٦) في المصدر : ان تكبر وتزداد عظما فكبر وتزداد عظما.
(٧) الطائر خ ل. أقول : في التفسير : فكان عظم ذلك الطائر حتى ان اصحاب.
(٨) ان تفارق خ ل. (٩) في التفسير : على عظمه.
(١٠) ان يفارقك ايها الطائر خ ل (١١) في التفسير : حول الطير.
(١٢) في التفسير : ان تعود.
يا عباد الله ضعوا الآن أيديكم عليها ، فمزقوا منها بأيديكم ، وقطعوا منها بسكا كينكم فكلوه(١) ففعلوا ، فقال بعض المنافقين وهو يأكل : إن محمدا يزعم أن في الجنة طيورا يأكل منه الجناني من جانب له قديدا ، ومن جانب مشويا(٢) فهلا أرانا نظير ذلك في الدنيا! فأوصل الله تعالى علم ذلك إلى قلب محمد (ص) ، فقال : عباد الله ليأخذ كل واحد منكم لقمته(٣) وليقل : بسم الله الرحمن الرحيم ، و صلىاللهعليهوآله على محمد وآله الطيبين ، وليضع لقمته في فيه فإنه يجد طعم ما شاء قديدا وإن شاء مشويا ، وإن شاء مرقا طبيخا ، وإن شاء سائر ما شاء من ألوان الطبيخ أو ما شاء من ألوان الحلواء ، ففعلوا(٤) فوجدوا الامر كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى شبعوا ، فقالوا : يارسول الله صلىاللهعليهوآله شبعنا ونحتاج إلى ماء نشربه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أولا تريدون اللبن؟ أولا تريدون سائر الاشربة؟ قالوا : بلى يارسول الله فينا من يريد ذلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليأخذ كل واحد منكم لقمة منها فيضع(٥) في فيه وليقل : بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين ، فإنه يستحيل في فيه ما يريد ، إن أراد لبنا(٦) وإن أراد شرابا آخر من الاشربة ، ففعلوا فوجدوا(٧) الامر على ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله تعالى يأمرك أيها الطائر أن تعود كما كنت ، ويأمر هذه الا جنحة والمناقير والريش والزغب التي قد استحالت إلى البقل والقثاء(٨) والبصل و الفوم أن تعود جناحا وريشا وعظما كما كانت على قدر قلتها(٩) فانقلبت وعادت أجنحة وريشا وزغبا وعظما(١٠) ثم تركبت على قدر الطائر كما كانت ، ثم قال
____________________
(١) وكلوه خ ل (٢) في التفسير : ومن جانب له مشويا.
(٣) لقمة خ ل. (٤) ففعلوا ذلك خ ل أقول : يوجد ذلك في التفسير.
(٥) فيضعها خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر.
(٦) ان اراد ماء او شرابا خ ل أقول : في المصدر : إن اراد ماء او لبنا او شرابا من الاشربة.
(٧) ووجدوا خ ل. (٨) والعدس خ.
(٩) قلبتها خ ل. أقول : في التفسير : قالبها.
(١٠) عظاما خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر.
رسول الله (ص) : أيها الطائر إن الله يأمر الروح التي كانت فيك فخرجت أن تعود إليك ، فعادت روحه في جسده ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيها الطائر إن الله يأمرك أن تقوم وتطير كما كنت تطير ، فقام وطار في الهواء وهم ينظرون إليه ، ثم نظروا إلى ما بين أيديهم فإذا لم يبق هناك من ذلك البقل والقثاء(١) والبصل والفوم شئ(٢).
ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليهالسلام أنه قال : كان علي بن الحسين عليهماالسلام قال يوما في مجلسه : إن رسول الله (ص) لما أمر بالمسير إلى تبوك أمر بأن يخلف عليا عليهالسلام بالمدينة.
أقول : وساق الحديث مثل ما مر إلى قوله : ولكنهم قوم لا ينصفون ، بل يكابرون(٣).
٢٥ ـ عم : تهيأ رسول الله صلىاللهعليهوآله في رجب(٤) لغزو الروم ، وكتب إلى قبائل العرب ممن قد دخل في الاسلام ، وبعث إليهم الرسل يرغبهم في الجهاد والغزو وكتب إلى تميم وغطفان وطيئ ، وبعث إلى عتاب بن أسيد عامله على مكة(٥) سيتنفرهم لغزو الروم ، فلما تهيأ للخروج قام خطيبا فحمد الله تعالى وأثنى عليه ورغب في المواساة وتقوية الضعيف والانفاق ، فكان أول من أنفق فيها عثمان بن عفان ، جاء بأواقي من فضة فصبها في حجر رسول الله صلىاللهعليهوآله فجهز ناسا من أهل الضعف ، وهو الذي يقال : إنه جهز جيش العسرة ، وقدم العباس على رسول الله صلىاللهعليهوآله فأنفق نفقة حسنة وجهز ، وسارع فيها الانصار ، وأنفق عبدالرحمن والزبير وطلحة وأنفق ناس من المنافقين رياء وسمعة فنزل القرآن بذلك ، وضرب رسول
____________________
(١) والعدس خ.
(٢) التفسير المنسوب إلى الامام العسكرى عليهالسلام : ٢٣٢ ـ ٢٣٥.
(٣) الاحتجاج : ١٧٩ و ١٨٠. فكلما ذكرت ذيل الحديث شيئا من المصدر فاردت منه و من التفسير. (٤) في سنة تسع
(٥) في المصدر : إلى مكة.
الله صلىاللهعليهوآله عسكره فوق ثنية الوداع بمن تبعه من المهاجرين ، وقبائل العرب ، وبني كانة ، وأهل نهامة ومزينة وجهينة وطيئ وتميم ، واستعمل على المدينة عليا؟ وقال « إنه لابد للمدينة مني أو منك » واستعمل الزبير على راية المهاجرين ، وطلحة بن عبيدالله على الميمنة ، وعبدالرحمن بن عوف على الميسرة ، وسار رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى نزل الجرف ، فرجع عبدالله بن أبي بغير إذن ، فقال(١) عليهالسلام : « حسبي الله ، هو الذي ايدني بنصره وبالمؤمنين ، وألف بين قلوبهم(٢) » الآية ، فلما انتهى إلى الجرف لحقه علي عليهالسلام وأخذ بغرز(٣) رحله ، وقال : يا رسول الله زعمت قريش أنك إنما خلفتني استثقالا لي(٤) ، فقال عليهالسلام : « طال ما أذت الامم أنبياءها أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ » فقال : قد رضيت ، قد رضيت ثم رجع إلى المدينة ، وقدم رسول الله صلىاللهعليهوآله تبوك في شعبان يوم الثلثاء وأقام بقية شعبان وأياما من شهر رمضان ، وأتاه وهو بتبوك نحبة بن روبة(٥) صاحب أيلة(٦) فأعطاه الجزية ، وكتب رسول الله صلىاللهعليهوآله له كتابا(٧) ، والكتاب عندهم ، وكتب أيضا
____________________
(١) في المصدر : فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
(٢) اقتبس صلىاللهعليهوآله من قوله تعالى : « حسبك الله وهو الذى ايدك بنصره و بالمؤمنين * والف بين قلوبهم » راجع سورة الانفال : ٦٢ و ٦٣.
(٣) الغرز : الركاب من الجلد. (٤) في المصدر : استثقالا منى.
(٥) هكذا في نسخة المصنف ، وفي اعلام الورى الطبعة الاولى : نجية بن روبة وفي الطبعة الثانية : [ يحنة بن رؤبة ] وهو الصحيح ، وهو بضم الياء وفتح الحاء والنون المشددة.
(٦) قال ياقوت : أيلة بالفتخ : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلى الشام وقيل : هى اخر الحجاز واول الشام. وقال ابوعبيدة : أيلة مدينة بين الفسطاط ومكة على شاطئ بحر القلزم تعد في بلاد الشام. وقدم يوحنة بن رؤبة على النبى صلىاللهعليهوآله من ايلة وهو في تبوك فصالحه على الجزية وقرر على كل حالم بارضه في السنة دينارا فبلغ ذلك ثلاثمائة دينار واشترط عليهم قرى من مربهم من المسلمين اه. أقول : يوحنة مصحف يحنه على ما قدمناه
(٧) نص عليه ابن هشام في السيرة والمقريزى في الامتاع والفاظه كذلك : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا امنة من الله ومحمد النبى رسول الله ليحنة بن رؤبة واهل ايلة سفنهم وسيارتهم
لاهل حرباء(١) وأذرح كتابا(٢) ، وبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو بتبوك أبا عبيدة بن الجراح إلى جمع من جذام مع زنباع بن روح الجذامي ، فأصاب منهم طرفا ، وأصاب منهم سبايا ، وبعث سعد بن عبادة إلى ناس من بني سليم وجموع من بلي ، فلما قارب القوم هربوا ، وبعث خالدا إلى الاكيدر صاحب دومة الجندل ، وقال له : لعل الله يكفيكه بصيد البقر فتأخذه ، فبينا خالد وأصحابه في ليلة إضحيان إذا أقبلت البقر(٣) تنتطح ، فجعلت تنتطح باب حصن أكيدر ، وهو مع امرأتين له يشرب الخمر ، فقام فركب هو وحسان أخوه وناس من أهله فطلبوها ، وقد كمن له خالد وأصحابه فتلقاه أكيدر وهو يتصيد البقر فأخذوه وقتلوا حسانا أخاه وعليه قباء مخوص بالذهب ، وأفلت أصحابه فدخلوا الحصن(٤) وأغلقوا الباب دونهم ، فأقبل خالد بأكيدر وسار معه أصحابه فسألهم أن يفتحوا له فأبوا(٥) ، فقال : أرسلني فإني أفتح الباب ، فأخذ عليه موثقا ، وأرسله ، فدخل وفتح الباب حتى دخل خالد و أصحابه ، وأعطاه ثمان مائة رأس وألفي بعير ، وأربع مائة درع ، وأربع مائة رمح
____________________
في البر والبحر ، لهم ذمة الله وذمة النبى ومن كان معهم من اهل الشام واهل اليمن واهل البحر ، فمن احدث حدثا فانه لا يحول ماله دون نفسه ، وانه طيب لمن اخذه من الناس ، وانه لا يحل ان يمنعوا ماء يردونه ، ولا طريقا يريدونه من بر او بحر.
(١) جربى خ ل. أقول : الصحيح : جرباء بالمد.
(٢) ذكر الكتاب المقريزى في الامتاع : ٤٦٨ وهو [ هذا كتاب من محمد النبى رسول الله لاهل جرباء ، انهم آمنون بأمان الله وامان محمد ، وان عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة والله كفيل عليهم ] ونسخة كتاب اذرح بعد البسملة : [ من محمد النبى رسول الله لاهل اذرح انهم آمنون بامان الله وامان محمد ، وان عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة ، والله كفيل عليهم بالنصح والاحسان للمسلمين ، ومن لجأ اليهم من المسلمين من المخافة والتعزير اذا خشوا على المسلمين وهم آمنون حتى يحدث اليهم محمد قبل خروجه ].
وكتب لاهل مقنا : انهم آمنون بامان الله وامان محمد : وان عليهم ربع غزولهم وربع ثمارهم.
(٣) في المصدر : اذ اقبلت البقرة تنتطح باب حصن اكيدر.
(٤) في المصدر : وقد دخلوا الحصن.
(٥) في المصدر : وسار معه إلى اصحابه فسألهم ان يفتحوا له الباب فابوا.
وخمسمائة سيف ، فقبل ذلك منه وأقبل به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فحقن دمه وصالحه على الجزية.
وفي كتاب دلائل النبوة للشيخ أبي بكر أحمد البيهقي : أخبرنا أبوعبدالله الحافظ وذكر الاسناد مرفوعا إلى أبي الاسود عن عروة قال : لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله قافلا من تبوك إلى المدينة حتى إذا كان ببعض الطريق مكر به ناس من أصحابه ، فتأمروا(١) أن يطرحوه من عقبة في الطريق أرادوا أن يسلكوها معه ، فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله خبرهم ، فقال : من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم ، فأخذ النبي صلىاللهعليهوآله العقبة ، وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين أرادوا المكر ، به استعدوا وتلثموا وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه مشيا ، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة ، وأمر حذيفة بسوقها ، فبيناهم يسيرون إذ سمعوا وكزة(٢) القوم من ورائهم قد غشوه ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمر حذيفة أن يراهم ، (٣) ، فرجع ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم وضربها ضربا(٤) بالمحجن ، وأبصر القوم وهم متلثمون ، فرعبهم الله حين أبصروا حذيفة وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه ، فأسرعوا حتى خالطوا الناس ، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما أدركه قال : اضرب الراحلة يا حذيفة ، وامش أنت يا عمار فأسرعوا فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : يا حذيفة هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب أحدا؟ فقال حذيفة : عرفت راحلة فلان وفلان ، وكان ظلمة الليل غشيتهم وهم متلثمون ، فقال صلىاللهعليهوآله : هل علمتم ماشأن الركب وما أرادوا؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت بي العقبة طرحوني منها ، قالوا : أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاؤك الناس فتضرب أعناقهم؟ قال : أكره أن يتحدث الناس ويقولون : إن محمدا قد وضع يده في أصحابه ، فسماهم لهما ثم قال : اكتماهم.
____________________
(١) اى تشاوروا. (٢) ركزة خ ل.
(٣) في المصدر : أن يردهم. (٤) في المصدر : وضربهم ضربا.
وفي كتاب أبان بن عثمان : قال الاعمش : وكانوا اثني عشر : سبعة من قريش قال : وقدم رسول الله صلىاللهعليهوآله المدينة ، وكان إذا قدم من سفر استقبل بالحسن والحسين عليهماالسلام فأخذهما إليه وحف المسلمون به حتى يدخل على فاطمة عليهاالسلام ويقعدون بالباب وإذا خرج مشوا معه ، وإذا دخل منزله تفرقوا عنه.
وعن أبي حميد الساعدي : قال : أقبلنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله من غزوة تبوك حتى إذا أشرفنا على المدينة ، قال : هذه طابة ، وهذا أحد ، جبل يحبنا ونحبه. وعن أنس بن مالك : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما دنا من المدينة قال : إن بالمدينة لاقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه ، قالوا : يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال : نعم وهم بالمدينة حبسهم العذر ، وكان تبوك آخر غزوات رسول الله (ص). ومات عبدالله بن أبي بعد رجوع رسول الله صلىاللهعليهوآله من غزوة تبوك(١).
بيان : في النهاية : جربى(٢) وأذرح : هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال ، وكتب لهما النبي صلىاللهعليهوآله أمانا انتهى. وزنباع كقنطار. والطرف جمع الطرفة نفائس الاموال وغرائبها. وليلة إضحيانة بالكسر : مضيئة لا غيم فيها. وقال الجزري : فيه عليه ديباج مخوص بالذهب ، أي منسوخ به ، كخوص النخل وهو ورقه. والوكز : العدو. وفي بعض النسخ : بالراء المهملة بمعناه. وفي بعضها بالراء أولا ثم الزاي ، وهو بالكسر : الصوت الخفي والحس. ولعله أنسب. وفي النهاية : غشوه ، أي ازدحموا عليه وكثروا. والمحجن كمنبر : العصا المعوجة. وطيبة وطابة : من أسماء المدينة. وفي النهاية : في حديث جبل أحد هو جبل يحبنا ونحبه ، هذا محمول على المجاز ، أراد أنه جبل يحبنا أهله ، ونحب أهله ، وهم الانصار ، وهو يجوز أن يكون من باب المجاز الصريح ، أي إننا نحب الجبل بعينه لانه في أرض من نحب. انتهى. وقال الطيبي : والاولى أنه على ظاهره
____________________
(١) إعلام الورى بأعلام الهدى : ٧٥ و ٧٦ ط ١ و ١٢٩ ـ ١٣١ ط ٢.
(٢) فيه جرباء بالمد.
ولاينكر حب الجمادات للانبياء والاولياء كما حنت الاسطوانة على مفارقته وكان يسلم الحجر عليه. وقيل : أراد به أرض المدينة ، وخص الجبل لانه أول ما يبدو منها ، ولعله حبب إليه بدعائه : اللهم حبب إلينا المدينة. انتهى وأقول : سيأتي تحقيق منا في ذلك في المجلد السابع إنشاءالله.
٢٦ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن ابن يزيد ، عن عبدالحميد ، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لما نفروا برسول الله (ص) ناقته ، قالت له الناقة : والله لا أزلت خفا عن خف ولو قطعت إربا إربا(١).
٢٧ ـ أقول : قال في المنتقى : كان النبي صلىاللهعليهوآله في غزوة تبوك قد ظهر منه معجزات شتى ، فمنها أنه وصل إلى وادي القرى وقد أمسى بالحجر قال : إنها ستهب الليلة ريح شديدة ، فلا يقومن منكم أحد إلا مع صاحبه ، ومن كان له بعير فليوثقه بعقاله ، فهاجت ريح شديدة أفزعت الناس ، فلم يقم أحد إلا مع صاحبه إلا رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته ، وآخر لطلب(٢) بعير له فأما الخارج لحاجته فقد خنق في مذهبه ، وأما الذي خرج في طلب البعير فاحتملته الريح فطرحته في جبلي(٣) طيئ ، ثم دعا صلىاللهعليهوآله للذي أصيب في مذهبه فعاد إليه وأما الذي وقع بجبلي طيئ فإن طيئا أهدته للنبي صلىاللهعليهوآله حين قدم المدينة. ومنها أنه لما ارتحل عن الحجر أصبح ولا ماء معه ولا مع أصحابه ، ونزلوا على غير ماء ، فشكوا إليه العطش ، فاستقبل القبلة ودعا ولم تكن في السماء سحابة فما زال يدعو حتى اجتمعت السحائب(٤) من كل ناحية ، فما برح من مقامه حتى سحت بالرواء(٥) فانكشفت السحابة من ساعتها فسقي الناس وارتووا(٦) و
____________________
(١) روضة الكافى : ١٦٥. والارب : العضو.
(٢) في المصدر : في طلب.
(٣) في المصدر : [ جبل ] وكذا فيما يأتى. ولكن في نسخة المصنف وفي الامتاع : جبلى.
(٤) في المصدر : السحابة. (٥) في المصدر : حتى سحت السماء بالرواء
(٥) في المصدر : وارتووا من آخرهم.
ملاؤا الاسقية ، قال بعض الصحابة : (١) قلت لرجل من المنافقين : ويلك أبعد هذا شئ؟ فقال : سحابة مارة ثم ارتحل النبي صلىاللهعليهوآله متوجها إلى تبوك فأصبح في منزل فضلت ناقة النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال منافق : (٢) يزعم محمدا أنه بني ويخبركم بخبر السماء ، ولا يدري أين ناقته ، فخرج صلىاللهعليهوآله فقال : يزعم منافق أن محمدا (ص) يقول :
إنه نبي ويخبركم بخبر السماء ولا يدري أين ناقته ، وإني والله لا أعلم إلا ما علمني الله ، ولقد أعلمني الآن ودلني عليها ، وإنها في الوادي في شعب كذا ، و أشار إلى الشعب حبستها شجرة بزمامها ، فذهبوا وجاؤا بها.
ومنها أنه صلىاللهعليهوآله قال : إنكم ستأتون غدا إنشاءالله عين تبوك ، وإنكم لن تأتوها إلا حين يضحي النهار(٣) فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي ، قال معاذ : فجئناها وقد سبق إليها رجلان(٤) والعين مثل الشراك يبض(٥) بشئ يسير من الماء ، فسألهما هل مسستما من مائها شيئا؟ فقالا : نعم ، فقال لهما ماشاء أن يقول ثم أمر فغرفوا من العين قليلا قليلا حتى اجتمع شئ ، ثم غسل النبي صلىاللهعليهوآله فيه وجهه ويديه ثم أعاده فيها ، فجاءت العين بماء كثير ، فاستقى الناس وكفاهم.
ومنها : أن ذا البجادين(٦) لما أسلم ولبث زمانا وتعلم القرآن خرج معه صلىاللهعليهوآله إلى تبوك ، فلما حصل بتبوك قال : يا رسول الله (ص) ادع الله لي بالشهادة فقال : ائتني بلحاء سمرة ، فأتاه به فربطه رسول الله (ص) على عضده ، وقال : « اللهم حرم دمه على الكفار » فقال : يا رسول الله ما هذا أردت ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : إنك إذا خرجت غازيا في سبيل الله فأخذتك الحمى وقتلتك فأنت شهيد ، فلما أقاموا بتبوك أياما أخذته الحمى فتوفي.
ومنها : أنه صلىاللهعليهوآله في تبوك دعا مرارا كثيرة بالطعام ، فجاءه بلال ببقية من
____________________
(١) في الامتاع : هو عبدالله بن ابى حدرد قاله لاوس بن قيظى ، ويقال : لزيد بن اللصيت القينقاعى.
(٢) هو زيد بن اللصيت على ما في الامتاع
(٣) في المصدر والامتاع : حتى يضحى النهار.
(٤) في الامتاع : رجلان من المنافقين. (٥) في الامتاع : تبض.
(٦) هو عبدالله بن عبدنهم المزنى.
الطعام قليلة ، وكانت عنده جماعة كثيرة فمس بيده الطعام وكان تمرا وغيره فأكلوا منه جميعا حتى شبعوا ، وبقي من الطعام أكثر مما كان أولا ، وقد ظهر على يده من المعجزات في هذه السفرة أكثر من ذلك ، لكنا ذكرنا منها لمعا ، ولما نزل النبي صلىاللهعليهوآله تبوك أقام بها شهرين ، وكان ما أخبر به النبي صلىاللهعليهوآله من بعث(١) هرقل أصحابه ودنوه إلى أدنى الشام وعزمه على قتال النبي (ص) والمسلمين باطلا وبعث هرقل رجلا من غسان إلى النبي صلىاللهعليهوآله ينظر إلى صفته وعلاماته وإلى حمرة في عينية ، وإلى خاتم النبوة(٢) وسأل فإذا هو لا يقبل الصدقة ، فوعى أشياء من صفات النبي صلىاللهعليهوآله ثم انصرف إلى هرقل فذكرها له ، فدعا هرقل قومه إلى التصديق به فأبوا عليه حتى خافهم علي ملكه ، وأسلم هو سرا منهم ، وامتنع من قتال النبي صلىاللهعليهوآله ، فلم يؤذن النبي (ص) لقتاله فرجع ، قالوا : وهاجت ريح شديدة بتبوك فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هذا لموت منافق عظيم النفاق ، فقدموا المدينة فوجدوا منافقا قدمات ذلك اليوم(٣). ثم ذكر قصة العقبة وقصة أكيدر.
توضيح : الحجر بالكسر : ديار ثمود. خنق ، أي خنقته الجن في خلائه حتى غشي عليه أو مات ، وعلى التقديرين أفاق أو حيي بدعائه صلىاللهعليهوآله. حتى سحت بتشديد الحاء أي صبت. والسح : الصب أو السيلان من فوق. والرواء بالفتح و المد : الماء الكثير. وقيل : العذب الذي للواردين فيه ري. ويقال : بض الماء : إذا قطر وسال.
٢٨ ـ من الديوان المنسوب إلى أميرالمؤمنين عليهالسلام :
ألا باعدالله أهل النفاق |
|
وأهل الاراجيف والباطل |
يقولون لي : قد قلاك الرسول(٤) |
|
فخلاك في الخالف الخاذل |
وما ذاك إلا لان النبي |
|
جفاك وما كان بالفاعل |
فسرت وسيفي على عانقي |
|
إلى الراحم الحاكم الفاضل(٥) |
____________________
(١) في المصدر : من تعبية. (٢) في المصدر : وإلى خاتم النبوة بين كتفيه.
(٣) المنتقى في مولد المصطفى : الباب التاسع فيما كان في سنة تسع من الهجرة.
(٤) اى أبغضك. (٥) الفاصل خ.
فلما رآني هفا قلبه |
|
وقال مقال الاخ السائل |
أمم ابن عمي؟ فأنبأته |
|
بإرجاف ذي الحسد الداغل |
فقال : أخي أنت من دونهم |
|
كهارون موسى ولم يأتل(١) |
بيان : الخالف : المتأخر لقصان أو قصور وقال الاصممي : إذا تخلف الظبي عن القطيع قيل : خذل. وهفا الطائر ، أي خفق وطار ، ويقال : ائتلى في الامر : إذا قصر.
٣٠
باب
*(قصة أبى عامر الراهب ، ومسجد الضرار ، وفيه)*
ما يتعلق بغزوة تبوك
الآيات : التوبة : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون * لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين * أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين * لا يزال بنيانهم الذي بنواريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله حكيم عليم ١٠٧ ـ ١١٠.
تفسير : قال الطبرسي قدس الله روحة في قوله تعالى : « والذين اتخذوا مسجدا » قال المفسرون : إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء وبعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يأتيهم فأتاهم فصلى فيه فحسدهم جماعة من المنافقين من بني غنم ابن عوف فقالوا : (٢) نبني مسجدا نصلي فيه ولا نحضر جماعة محمد صلىاللهعليهوآله ، وكانوا
____________________
(١) الديوان : ١١٠.
(٢) وقالوا : خ ل.
اثني عشر رجلا ، وقيل : خمسة عشر رجلا ، منهم ثعلبة بن حاطب ، ومعتب بن قشير ، ونبتل بن الحارث ، فبنوا مسجدا إلى جنب قباء ، فلما فرغوا منه أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يتهجز(١) إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله (ص) إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه وتدعو بالبركة ، فقال صلىاللهعليهوآله : إني على جناح السفر(٢) ولو قدمنا أتيناكم(٣) إنشاءالله فصلينا لكم(٤) فلما انصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله من تبوك نزلت عليه الآية(٥) في شأن المسجد « ضرارا » أي مضارة بأهل مسجد قباء(٦) أو مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله ليقل الجمع فيه « وكفرا » أي ولاقامة الكفر فيه ، أو كان اتخاذهم ذلك كفرا أو ليكفروا فيه بالطعن على رسول الله صلىاللهعليهوآله والاسلام « و تفريقا بين المؤمنين أي لاختلاف الكلمة ، وإبطال الالفة ، وتفريق الناس عن رسول الله صلىاللهعليهوآله « وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل » وهو أبوعامر لراهب وكان من قصة أنه كان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح ، فلما قدم النبي صلىاللهعليهوآله المدينة حزب عليه الاحزاب ، ثم هرب بعد فتخ مكة إلى الطائف ، فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام ، وخرج إلى الروم وتنصر ، وهو أبوحنظلة غسيل الملائكة الذي قتل مع النبي صلىاللهعليهوآله يوم أحد ، وكان جنبا فغسلته الملائكة ، وسمى رسول الله أبا عامر الفاسق ، وكان قد أرسل إلى المنافقين أن استعدوا وابنوا مسجدا فإني أذهب إلى قيصر ، وآتي من عنده بجنود ، وأخرج محمدا من المدينة ، فكان هؤلاء المنافقون يتوقعون أن يجيئهم أبوعامر ، فمات قبل أن يبلغ ملك الروم « و ليحلفن إن أردنا إلا الحسنى » أي يحلفون كاذبين ما أردنا ببناء هذا المسجد إلا
____________________
(١) متجهز خ ل. (٢) السفر خ ل.
(٣) لا تيناكم. خ ل. (٤) في المصدر : فصلينالكم فيه.
(٥) الايات خ ل.
(٦) قبا اصله اسم بئر هناك عرفت القرية بهاء وهو مساكن بنى عمرو بن عوف من الانصار وفي مده وقصره اختلاف وفي نسخة المصنف بالقصر ، وفى المصدر بالمد.
الفعلة الحسنى من التوسعة على أهل الضعف والعلة من المسلمين ، فأطلع الله نبيه على خبث سريرتهم فقال : « والله يشهد إنهم لكاذبون » فوجه رسول الله صلىاللهعليهوآله عند قدومه من تبوك عاصم بن عوف العجلاني ومالك بن الدخشم ، وكان مالك من بني عمرو بن عوف فقال : لهما : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحر قاه وروي أنه بعث عمار بن ياسر ووحشيا فحرقاه ، وأمر بأن يتخذ كناسة تلقى فيه الجيف ، ثم نهى الله نبيه أن يقوم في هذا المسجد فقال : « لا تقم فيه أبدا » أي لا تصل. ثم أقسم فقال : « لمسجد » أي والله لمسجد « أسس على التقوى » أي بني أصله على تقوى الله وطاعته « من أول يوم » أي منذ أول يوم وضع أساسه « أحق أن تقوم فيه » أي أولى بأن تصلي فيه ، واختلف في هذا المسجد فقيل : هو مسجد قباء وقيل : مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقيل : كل مسجد بني للاسلام وأريد به وجه الله تعالى « فيه » أي في هذا المسجد « رجال يحبون أن يتطهروا » أي يصلوا لله متطهرين بأبلغ الطهارة ، وقيل : يحبون أن يتطهروا من الذنوب ، وقيل : يحبون أن يتطهروا بالماء عن الغائط والبول ، وهو المروي عن السيدين الباقر والصادق عليهماالسلام وروي عن النبي (ص) أنه قال لاهل قباء : ماذا تفعلون في طهركم فإن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء؟ قالوا : نغسل أثر الغائط ، فقال : أنزل الله فيكم « والله يحب المطهرين » أي المتطهرين « أفمن أسس بنيانه » إلى قوله : « شفا جرف هار » الشفا : جرف الشئ وشفيرة ، وجرف الوادي : جانبه الذي ينحفر بالماء أصله ، وهار الجرف يهور هورا فهو هائر ، وتهور وانهار ، وهار أصله هائر ، وهو من المقلوب ، كما يقال : شاكي السلاح ، أي شائك ، وتهور البناء : تساقط ، فالله تعالى شبه بنيانهم على نار جهنم بالبناء على جانب نهر هذه صفته » فانهار به في نار جهنم « أي يوقعه ذلك البناء في نار جهنم ، وروي عن جابر بن عبدالله أنه قال : رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان » لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم « أي شكا في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم وثباتا على
النقاق ، وقيل : حزازة في قلوبهم ، وقيل : حسرة يترددون فيها(١) » إلا أن تقطع قلوبهم « أي إلا أن يموتوا ، وقيل : إلا أن يتوبوا توبة تنقطع بها قلوبهم ندما وأسفا على تقريطهم » والله عليم « بنيتهم في بناء المسجد » حكيم » في أمره بنقضه(٢).
١ ـ فس : قوله : « الذين(٣) اتخذوا مسجد ضرارا وكفرا » فإنه كان سبب نزولها أنه جاء قوم من المنافقين إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقالوا : يا رسول الله! أتأذن لنا فنبني مسجدا في بني سالم للعليل والليلة المطيرة والشيخ الفاني؟ فأذن لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو على الخروج إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله لو أتينا فصليت فيه ، قال : أنا على جناح الطير(٤) فإذا وافيت إنشاء الله أتيته فصليت فيه فلما أقبل رسول الله صلىاللهعليهوآله من تبوك نزلت عليه هذه الآية في شأن المسجد وأبي عامر الراهب ، وقد كانوا حلفوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله أنهم يبنون ذلك للصلاح والحسنى فأنزل الله على رسوله « والذين اتخذوا مسجدا » إلى قوله تعالى : « وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل » يعني أبا عامر الراهب ، كان يأتيهم فيذكر رسول الله وأصحابه ، قوله : « لمسجد أسس على التقوى » يعني مسجد قباء قوله : « فيه رجال يحبون أن يتطهروا » قال : كانوا يتطهرون بالماء ، وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : مسجد الضرار ، الذي أسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم ، قوله : « إلا أن تقطع قلوبهم » « إلا » في موضع « حتى(٥) » فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله مالك بن دخشم الخزاعي وعامر بن عدي أخابني عمرو بن عوف على أن يهدموه ويحرقوه ، فجاه مالك فقال لعامر : انتظرني حتى أخرج نارا من منزلي ، فدخل وجاء بنار وأشعل(٦) في سعف النخل ثم أشعله في المسجد فتفرقوا
____________________
(١) في المصدر : حسرة في قلوبهم يترددون فيها.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٧٢ ـ ٧٤ (٣) في المصدر : والذين.
(٤) هكذا في النسخ ، ولعله مصحف : انى على جناح السفر.
(٥) زاد في المصدر : يعنى حتى ينقطع قلوبهم والله عليم حكيم.
(٦) في المصدر : واشتعل.
وقعد زيد بن حارثة حتى احترقت البنية ثم أمر بهدم حائطه(١).
٢ ـ كا : علي ، عن ابيه ، عن ابن أبي عمير ، ومحمد بن اسماعيل ، عن الفضل ابن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : لا تدع إتيان المشاهد كلها مسجد قباء فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم(٢).
٣ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبدالله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ابدأ بقبا فصل فيه وأكثر فإنه أول مسجد صلى فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله في هذه العرصة(٣).
٤ ـ شى : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سألته عن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ، فقال : مسجد قبا(٤).
٥ ـ شى : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام عن قوله : « لمسجد أسس على التقوى من أول يوم » قال : مسجد قباء ، و أما قوله : « أحق أن تقوم فيه » يعني من مسجد النفاق ، وكان على طريقه إذا أتى مسجد قباء فكان ينضح(٥) بالماء والسدر ، ويرفع ثيابه عن ساقيه ، ويمشي على حجر في ناحية الطريق ، ويسرع المشي ، ويكره أن يصيب ثيابه منه شئ فسألته هل كان النبي (ص) يصلي في مسجد قبل؟ قال : نعم ، كان منزله على سعد بن خيثمة الانصاري(٦).
٦ ـ شى : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله : « فيه رجال يحبون أن يتطهروا » قال : الذين يحبون أن يتطهروا نظف الوضوء وهو الاستنجاء بالمآء ، وقال : نزلت هذه الآية في أهل قبا.
____________________
(١) تفسير القمى : ٢٨٠ و ٢٨١ (٢ و ٣) فروع الكافى ١ : ٣١٨.
(٤) تفسير العياشى ١ : ١١١. (٥) في المصدر : فقام فينضح.
(٦) تفسير العياشى ١ : ١١١ و ١١٢ ذيله : فسألته هل كان لمسجد رسول الله صلى الله عليه و آله سقف؟ فقال : لا ، وقد كان بعض اصحابه قال : الا تسفف مسجدنا يا رسول الله؟ قا عريش كعريش موسى.
وفي رواية ابن سنان عنه عليهالسلام قال : قلت : ما ذلك الطهر؟ قال : نظف الوضوء إذا خرج أحدهم من الغائط ، فمدحهم الله بتطهرهم(١).
بيان : نظف الوضوء كأن المراد بالوضوء الاستنجاء ، أي النظافة الحاصلة بالاستنجاء ، أو المراد بالنظف المبالغة في إزالة الغائط من قولهم : استنطف الشئ : إذا أخذه كله ، ويحتمل الوضوء المصطلح ، أي التنظف قبل الوضوء ولاجله.
٧ ـ م : لما مات سعد بن معاذ بعد أن شفى من بني قريظة بأن قتلوا أجمعين قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يرحمك الله يا سعذ ، فلقد كنت شجا في حلوق الكافرين ، لو.
بقيت لكففت العجل الذي يراد نصبه في بيضه الاسلام كعجل قوم موسى ، قالوا : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله أو عجل يراد أن يتخذ في مدينتك هذه؟ قال : بلى ، والله يراد ولو كان لهم سعد حياما(٢) استمر تدبيرهم ، ويستمرون ببعض تدبيرهم ، ثم الله يبطله ، قالوا : أنخبرنا(٣) كيف يكون ذلك؟ قال : دعوا ذلك لما يريد الله أن يدبره.
قال موسى بن جعفر عليهالسلام : ولقد اتخذ المنافقون من أمة محمد صلىاللهعليهوآله بعد موت سعد بن معاذ وبعد انطلاق محمد (ص) إلى تبوك أبا عامر الراهب أميرا ورئيسا ، وبايعوا له وتواطئوا على إنهاب المدينة وسبي ذراري رسول الله صلىاللهعليهوآله وسائر أهله وصحابته ودبروا التبيت على محمد ليقتلوه في طريقه إلى تبوك ، فأحسن الله الدفاع عن محمد (ص) وفضح المنافقين وأخزاهم ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « لتسلكن سبل من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة ، حتى لو أن أحدهم دخل حجر ضب لدخلتموه » قالوا : يا ابن رسول الله من كان هذا العجل وما ذا كان هذا التدبير؟ فقال عليهالسلام : اعلموا أن رسول الله (ص) كان يأنيه الاخبار عن صاحب دومة الجندل وكان ملك تلك النواحي به مملكة(٤) عظيمة مما يلي الشام ، وكان يهدد رسول الله (ص)
____________________
(١) تفسير العياشى ١ : ١١٢.
(٢) لما خ ل. أقول : في المصدر : ولو كان سعد فيهم حيا لما استمر.
(٣) فخبرنا خ ل. أقول : في المصدر : اخبرنا.
(٤) ومملكته خ ل. أقول : في المصدر : كانت تلك النواحى مملكة عظيمة ممايلى الشام.
بأنه يقصده ، ويقتل أصحابه ويبيد خضراءهم ، وكان أصحاب رسول الله (ص) خائفين وجلين من قبله ، حتى كانوا يتناوبون على رسول الله صلىاللهعليهوآله كل يوم عشرون منهم وكلما صاح صائح ظنوا أنه قد طلع أوائل رجاله وأصحابه. وأكثر المنافقون الا راجيف والا كاذيب ، وجعلوا يتخللون أصحاب محمد (ص) ، ويقولون : إن أكيدر قد أعد(١) من الرجال كذا ، ومن الكراع كذا ، ومن المال كذا ، وقد نادى فيما يليه من ولايته ألا قد أبحتكم النهب والغارة في المدينة ، ثم يوسوسون إلى ضعفاء المسلمين يقولون لهم فأين يقع(٢) أصحاب محمد من أصحاب أكيدر؟ يوشك أن يقصد المدينة فيقتل رجالها ويسبي ذراريها(٣) ونساءها ، حتى آذى ذلك قلوب المؤمنين ، فشكوا إلى رسول الله (ص) ماهم عليه من الخدع(٤) ثم إن المنافقين اتفقوا وبايعوا أبا عامر الراهب الذي سماه رسول الله صلىاللهعليهوآله الفاسق ، وجعلوه أمير عليهم وبخعوا(٥) له بالطاعة ، فقال لهم : الرأي أن أغيب عن المدينة ، لئلا أتهم بتدبير كم(٦) وكانبوا أكيدر في دومة الجندل ليقصد المدينة ليكونوا هم عليه ، وهو يقصدهم فيصطلموه ، فأوحى الله إلى محمد (ص) وعرفه ما اجتمعوا عليه(٧) من أمرهم ، وأمره بالمسير إلى تبوك. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أراد(٨) غزوا ورى بغيره إلا غزاة تبوك ، فإنه أظهر ما كان يريده ، و أمرهم أن يتزو دوالها ، وهي الغزاة التي افتضح فيه المنافقون ، وذمهم الله تعالى في تثبيطهم عنها ، وأظهر رسول الله (ص) ما أوحى إليه أن سيظفره(٩) بأكيدر حتى يأخذه ويصالحه على ألف أوقية من ذهب في صفر ، وألف أوقية من ذهب في رجب ، ومائتي حلة في صفر ، ومائتي حلة في رجب ، وينصرف سالما إلى ثمانين يوما ، فقال لهم
____________________
(١) في المصدر : قد اعدلكم. (٢) واين يقع خ ل
(٣) ويسير في ذراريها خ ل. (٤) من الجذع خ ل.
(٥) اى أقروا واذ عنواله بذلك.
(٦) إلى ان يتم تدبيركم خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر.
(٧) في المصدر : ما اجمعوا عليه. (٨) في المصدر : كلما اراد.
(٩) في المصدر : ان الله سيظهره.
رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن موسى وعد(١) قومه أربعين ليلة ، وإني(٢) أعدكم ثمانين ليلة ثم أرجع سالما غانما ظافرا بلا حرب يكون ولا أحد يستأسر(٣) من المؤمنين ، فقال المنافقون : لا والله ، ولكنها آخر كسراته التي لا ينجبر بعدها ، إن أصحابه ليموت بعضهم في هذا الحر ، ورياح البوادي ، ومياه المواضع المؤذية الفاسدة ، ومن سلم من ذلك فبين أسير في يد أكيدر ، وقتيل وجريح ، واستأذنه المنافقون بعلل ذكروها بعضهم يعتل بالحر ، وبعضهم بمرض يجده(٤) ، وبعضهم بمرض عياله ، وكان يأذن لهم ، فلما صح(٥) عزم رسول الله صلىاللهعليهوآله على الرحلة إلى تبوك عمد هؤلاء المنافقون فبنوا مسجدا خارج المدينة وهو مسجد الضرار ، يريدون الاجتماع فيه ويوهمون(٦) أنه للصلاة ، وإنما كان ليجتمعوا فيه لعلة الصلاة فيتم لهم به ما يريدون(٧) ، ثم جاء جماعة منهم إلى رسول الله (ص) وقالوا : يا رسول الله إن بيوتنا قاصية عن مسجدك وإنا نكره الصلاة في غير جماعة ، ويصعب علينا الحضور ، وقد بنينا مسجدا فإن رأيت أن تقصده وتصلي فيه لتيمن ونتبرك بالصلاة في موضع مصلاك ، فلم يعرفهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ما عرفه الله من أمرهم ونفاقهم ، وقال : ائتوني بحماري ، فأتي باليعفور فركبه يريد نحو مسجدهم ، فكلما(٨) بعثه هو وأصحابه لم ينبعث ولم يمش ، فإذا صرف(٩) رأسه إلى غيره ، سار أحسن سير وأطيبه ، قالوا : لعل هذا الحمار قد رأى في هذا(١٠) الطريق شيئا كرهه ، فلذلك لا ينبعث نحوه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ايتوني
____________________
(١) واعد خ ل. (٢) وانا خ ل.
(٣) بشاك خ ل أقول : يوجد ذلك في المصدر ، ولعل المعنى ولا احد يصيبه الشوك من المؤمنين وفي نسخة مخطوطه : ولا يشتاك : ولعله مصحف ولا يشتكى.
(٤) بجسده خ ل. أقول : في المصدر : بمرض جسده.
(٥) في المصدر : فلما اصبح صح. (٦) يزعمون خ ل
(٧) في المصدر : يتم تدبيرهم ويقع هناك ما يسهل به لهم ما يريدون.
(٨) وكلما خ ل.
(٩) واذا انصرف خ ل. أقول : في المصدر : [ وكما صرف رأسه عنه إلى غيره سار احسن سيرا واطيبه ] وفي نسخة مخطوطة : احسن سيره واطيبه.
(١٠) من هذا خ ل. أقول : في نسخة مخطوطة : قد رأى من الطريق.
بفرس(١) فركبه ، فكلما(٢) بعثه نحو مسجدهم لم ينبعث ، وكلما حركوه(٣) نحوه لك يتحرك حتى إذا ولوا رأسه إلى غيره سار أحسن سير ، فقالوا : لعل هذا الفرس قد كره شيئا في هذا الطريق ، فقال : تعالوا نمش(٤) إليه فلما تعاطى هو و أصحابه(٥) المشي نحو المسجد جفوا(٦) في مواضعهم ولم يقدروا على الحركة ، وإذا هموا بغيره من المواضع خفت حركاتهم ، وحنت(٧) أبدانهم ، ونشطت قلوبهم فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن هذا أمر قدكرهه الله ، فليس يريده الآن وأنا على جناح سفر فأمهلوا حتى أرجع إنشاء الله تعالى ثم أنظر في هذا نظرا يرضاه الله تعالى ، وجد في العزم على الخروج إلى تبوك ، وعزم المنافقون على الصطلام مخلفيهم أذا خرجوا فأوحى الله تعالى إليه : يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك : [ إما أن تخرج أنت ويقيم علي وإما أن يخرج علي وتقيم أنت ] فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله ذاك لعلي فقال علي السمع والطاعة لامر الله وأمر رسوله ، وإن كنت أحب أن لا أتخلف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في حال من الاحوال ، فقال رسول الله (ص) : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي فقال : رضيت يا رسول الله فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا الحسن! إن لك أجر خروجك معي في مقامك بالمدينة ، وإن الله قد جعلك أمة وحدك ، كما جعل إبراهيم أمة ، تمنع جماعة المنافقين والكفار هيبتك عن الحركة على المسلمين ، فلما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله وشيعه علي عليهالسلام خاض المنافقون وقالوا : إنما خلفه محمد بالمدينة لبغضه له ، وملاله(٨) منه ، وما أراد بذلك إلا أن يبيته(٩) المنافقون فيقتلوه ويحاربوه فيهلكوه فاتصل(١٠)
____________________
(١) بالفرس خ ل. أقول : في المصدر : ايتونى بفرس فاتى فركبه.
(٢) وكلما خ ل. : أقول : في المصدر : ولما بعثه.
(٣) في نسخة مخطوطة من المصدر : وكلما حركه.
(٤) نمشى خ ل. (٥) ومن معه خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر.
(٦) جثوا خ ل. أقول : في المصدر المطبوع : بقوا : وفي المخطوط : جفوا.
(٧) خفت. خبت خ ل.
(٨) وملالته خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر المخطوط ، وفي المطبوع : ولملالته منه.
(٩) في المصدر المطبوع : الا ان يثبه. ان يلقيه خ ل. (١٠) واتصل خ ل.