موسوعة الإمام الخوئي - ج ١٢

الشيخ مرتضى البروجردي

[١٣١٧] مسألة ٤٩ : إذا لبس ثوباً طويلاً جدّاً وكان طرفه الواقع على الأرض غير المتحرّك بحركات الصلاة نجساً أو حريراً أو مغصوباً أو ممّا لا يؤكل فالظاهر عدم صحّة الصلاة (*) ما دام يصدق أنّه لابس ثوباً كذائياً ، نعم لو كان بحيث لا يصدق لبسه ، بل يقال لبس هذا الطرف منه كما إذا كان طوله عشرين ذراعاً ولبس بمقدار ذراعين منه أو ثلاثة وكان الطرف الآخر ممّا لا تجوز الصلاة فيه فلا بأس به (١).

______________________________________________________

ذلك بين الساتر وغيره. ومنه يظهر النظر فيما أُفيد في المتن فلاحظ.

(١) أمّا ما ذكره قدس‌سره أخيراً من عدم البأس في الطول المفرط كعشرين ذراعاً فهو متين جدّاً ، بل لا ينبغي الإشكال فيه ، إذ لا يعدّ مثله ثوباً واحداً عرفاً ، فإنّه نظير ما لو خيط لحاف نجس مثلاً بثوبه ، الذي لا شك في عدم قدحه ، بل وخروجه عن محلّ الكلام.

وأمّا ما ذكره قدس‌سره من عدم الصحة فيما عدا هذه الصورة فغير تام على إطلاقه ، وإنّما يتّجه في الثوب المتنجس فقط ، لدلالة الأدلّة على عدم جواز الصلاة في الثوب النجس ، ولا في ثوب يكون بعضه نجساً ، فقد دلّت على أن نجاسة جزء من الثوب كافية في بطلان الصلاة فيه ، وهي صادقة على الثوب في مفروض المسألة بالضرورة ، ولم يرد مثل ذلك في لسان الأدلّة في سائر الأمثلة.

أمّا في الغصب فواضح إذ لم ينهض دليل خاص على مانعيته في الصلاة ، وإنّما استفيدت على القول بها ممّا دلّ على النهي عن التصرف في مال الغير ، فلا‌

__________________

(*) هذا إنما يتم في الثوب المتنجّس لأن نجاسة جزء منه كافية في بطلان الصلاة فيه ، وأما الجزء المغصوب الذي لا يتحرك بحركات الصلاة فلا ينبغي الشك في صحة الصلاة في الثوب المشتمل عليه ، بل الأمر كذلك في الحرير وغير المأكول ، لأن الممنوع إنما هي الصلاة في الحرير المحض أو في أجزاء غير المأكول ، ومن الظاهر أنها لا تصدق في مفروض الكلام وإنما الصادق هي الصلاة في ثوب بعض أجزائه حرير محض أو من غير المأكول ، وهو لا يوجب البطلان.

٤٢١

[١٣١٨] مسألة ٥٠ : الأقوى جواز الصلاة فيما يستر ظهر القدم ولا يغطّي الساق كالجورب ونحوه (١).

______________________________________________________

جرم يختص بما إذا اتحدت الحركات الصلاتية مع التصرّف فيه حتى يقال بامتناع التقرّب بالمبغوض ، وهو منفي في المقام ، إذ المفروض أنّ المغصوب إنّما هو الطرف الواقع على الأرض غير المتحرّك بحركات المصلّي ، فلا يعد تصرفاً فيه بوجه ليحرم ويفسد.

نعم ، هو معاقب على استيلائه على مال الغير ، لكن المانعية منوطة بالتصرّف المنفي في محلّ الكلام ، وإن صدق أنّه لابس له ، أو أنّه صلّى فيه ، لعدم دوران الحكم مداره كما عرفت.

وأمّا الحرير والذهب وإن لم يذكر الأخير في المتن فموضوع الحرمة النفسية الثابتة لهما هو عنوان اللبس ، ولا لبس في المقام ، فإنّه متقوّم باشتمال الملبوس على لابسه. ومن البيّن أنّه لا اشتمال في محلّ البحث ، بل المشتمل على الشخص ثوب من قطن مثلاً غير أنّ بعض أجزائه حرير أو ذهب ، من غير اشتمال أي جزء منه على لابسه.

وكذلك الحال في الحرمة الغيرية ، أعني المانعية الثابتة لهما ولغير المأكول ، فإنّ الموضوع فيها هو الصلاة في الحرير أو في الذهب أو في غير المأكول ، وأداة الظرف تدل على نوع من الاشتمال كاللباس ، وقد عرفت أنّه لا اشتمال في محلّ الكلام ، فلا يكاد يصدق أنّه صلّى في الحرير أو في الذهب أو في غير المأكول لعدم الاتصاف (١) بالمصلّي ولا حمله فضلاً عن أن يكون ظرفاً له.

نعم ، يصدق أنّه صلّى في ثوب بعض أجزائه حرير أو ذهب أو غير المأكول ، وهو لا يستوجب البطلان فيها كما كان يوجبه في النجس بمقتضى لسان دليله حسبما عرفت. فلم تكن أدلّة هذه الموارد على سياق واحد كما يظهر من المتن.

(١) كما عن غير واحد من المتأخرين وبعض القدماء كابن حمزة في‌

__________________

(١) [ لعل المناسب : لعدم الارتباط ].

٤٢٢

الوسيلة (١) والشيخ في المبسوط (٢). كما أنّ القول بعدم الجواز منسوب إلى جماعة كثيرين منهم ، ولا يبعد أن يكون الأشهر بين المتأخّرين هو الجواز ، والأشهر بين القدماء عدمه. وقد اختلف القائلون بالجواز ، فبعضهم قال به عن كراهة وبعضهم بدونها ، وثالث خصّها بالنعل السنديّة والشمشك.

وكيف ما كان ، فقد استدلّ لعدم الجواز بوجوه :

أحدها : عدم فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والصحابة والتابعين ، فكانت سيرتهم جارية على العدم.

وفيه : مع أنّه لم يثبت ، إذ لا شاهد عليه ، وقلّما تحرز السيرة على العدم ولعلّهم كانوا يلبسونها بعض الأحيان ، أنّ عدم اللبس لا يكشف عن المانعية وإلاّ لوجب الالتزام بها في كلّ ما لم يلبسوه كالساعة والمنظرة ونحوهما ، وهو كما ترى. نعم يكشف عدمه عن عدم الوجوب وإلاّ للبسوه.

ثانيها : ما حكي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله من قوله : « صلّوا كما رأيتموني أصلي » (٣) ولم يصلّ فيما يستر ظهر القدم ولا يغطي الساق.

وفيه : مع أنّه لم تثبت هذه الحكاية من طرقنا ، كما لم يثبت أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يصلّ فيه أنّه على تقدير الثبوت لا دلالة فيه على المانعية ، فإنّ الحديث إنّما يدلّ عليها ، وكذا على الجزئية أو الشرطية فيما إذا أُحرز أنّه أتى بشي‌ء أو تركه من جهة الصلاة ورعاية لما يعتبر فيها ، ولا سبيل إلى إحراز ذلك في المقام بوجه ، ولعلّه كان يتركه بحسب طبعه وعدم ميله ورغبته في لبسه.

ثالثها : خبر سيف بن عميرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يصلّى على جنازة بحذاء ، ولا بأس بالخف » (٤) فإنّ الأمر في صلاة الجنازة أوسع من‌

__________________

(١) الوسيلة : ٨٨.

(٢) المبسوط ١ : ٨٣.

(٣) كنز العمال ٧ : ٢٨١ / ١٨٨٧٩.

(٤) الوسائل ٣ : ١١٨ / أبواب صلاة الجنازة ب ٢٦ ح ١.

٤٢٣

صلاة الفريضة ، فإذا لم يجز الحذاء في الأُولى لم يجز في الثانية بطريق أولى.

وفيه : مضافاً إلى ضعف السند حتى على مسلك الانجبار ، إذ لم يعلم استناد المشهور إليها بعد تعدّد ملاك المسألة ممّا عرفت وتعرف ، أنّ كيفية الحذاء المسئول عنه بنحو ينطبق على المقام من ستر ظهر القدم دون الساق غير ثابتة. وعلى تقدير الثبوت لم يعلم أنّ المنع كان لهذه العلّة ، ولعلّه لجهة أُخرى لم نعرفها.

على أنّه لم يعمل بهذا الرواية حتى في موردها ، لما ورد في بعض النصوص من جواز الصلاة على الجنازة مع الحذاء ، بل في بعضها استحبابها (١) ، فكيف يعمل بها في غير موردها.

رابعها : ما رواه ابن حمزة في الوسيلة مرسلاً قال : « وروى أن الصلاة محظورة في النعل السندي والشمشك » (٢) على ما نسب إليه.

وفيه : مضافاً إلى ضعفها بالإرسال لو صحت النسبة ، إذ لا أثر لها في الأخبار ، وعدم الانجبار بفتوى المشهور حسبما عرفت ، كيف وأكثرهم أفتوا بالمنع مطلقاً لا في خصوص النعل والشمشك ، أنّه لم تعلم الكيفية في هذين الموردين ، ولعلّها كانت بحيث تمنع عن وصول الإبهامين إلى الأرض لدى السجود ، فتخرج عن محلّ الكلام.

فتحصّل : أن الأقوى هو الجواز.

وأمّا الكراهة ففي الموردين المزبورين وإن أمكن القول بها ، استناداً إلى الرواية المذكورة ، بناءً على قاعدة التسامح وعمومها للمكروهات ، أمّا في غيرهما فلم ترد حتى رواية ضعيفة ليصحّ التعويل عليها بناءً على تلك القاعدة إلاّ بناءً على شمولها لفتوى الفقيه ، وهو في حيّز المنع.

__________________

(١) [ لم نعثر على ذلك ، بل عدّ النراقي في المستند ٦ : ٣٢٣ نزع النعلين من المستحبات حاكياً عدم الخلاف فيه ].

(٢) الوسائل ٤ : ٤٢٨ / أبواب لباس المصلي ب ٣٨ ح ٧ ، الوسيلة : ٨٨.

٤٢٤

والعمدة أنّ القاعدة ممنوعة من أصلها ، إذ مضافاً إلى اختصاصها ببلوغ الثواب دون العقاب فلا تشمل المكروهات ، أنّها إنّما تدلّ على الاستحباب الشرعي فيما إذا كان ترتّب الثواب بحكم الشرع ، كما لو ورد في رواية ضعيفة أنّ من أكل الرّمان يوم الجمعة يثاب عليه.

وأمّا إذا كان ذلك بحكومة من العقل من أجل الانقياد كما هو مفاد أخبار الباب الناطقة بأنّ من بلغه ثواب على عمل فعمله برجاء ذلك ، فمثل هذا اللسان لا يكشف عن الاستحباب الشرعي بوجه ، وتمام الكلام في محلّه (١).

فتحصّل : أنّه لا دليل على الكراهة فضلاً عن الحرمة ، ومقتضى القاعدة هو القول بالجواز حسبما عرفت.

__________________

(١) مصباح الأُصول ٢ : ٣١٩.

٤٢٥

فصل

فيما يكره من اللباس حال الصلاة

وهي أمور (١) : أحدها : الثوب الأسود حتى للنساء عدا الخف والعمامة والكساء ومنه العباء ، والمشبع منه أشد كراهة ، وكذا المصبوغ بالزعفران أو العصفر ، بل الأولى اجتناب مطلق المصبوغ. الثاني : الساتر الواحد الرقيق. كما أنّه يكره للنساء الصلاة في ثوب واحد وإن لم يكن رقيقاً. الثالث : الصلاة في السروال وحده وإن لم يكن رقيقاً. الرابع : الاتزار فوق القميص. الخامس : التوشّح ، وتتأكّد كراهته للإمام ، وهو إدخال الثوب تحت اليد اليمنى وإلقاؤه على المنكب الأيسر بل أو الأيمن. السادس : في العمامة المجرّدة عن السدل وعن التحنّك أي التلحّي ويكفي في حصوله ميل المسدول إلى جهة الذقن ولا يعتبر إدارته تحت الذقن وغرزه في الطرف الآخر ، وإن كان هذا أيضاً أحد الكيفيات له. السابع : اشتمال الصمّاء بأن يجعل الرداء على كتفه وإدارة طرفه تحت إبطه وإلقائه على الكتف. الثامن : التحزّم للرجل. التاسع : النقاب للمرأة إذا لم يمنع من القراءة وإلاّ أبطل.

______________________________________________________

(١) لا يهمّنا البحث عمّا تضمّنه هذا الفصل وما بعده من المكروهات والمستحبات ، فانّ كثيراً منها إمّا لم ترد فيه رواية ، أو أنّها ضعيفة السند يبتني الحكم فيها على قاعدة التسامح التي لا نقول بها ، نعم جملة منها مورد للنصّ المعتبر ، وبما أنّه واضح الدلالة ولا إلزام فيه فالبحث عنه قليل الجدوى.

أجل لمّا ذهب جمع من الأعلام إلى حرمة بعض هذه المكروهات فلا مناص من التعرّض إليها ليستبين الحال فيها.

٤٢٦

العاشر : اللثام للرجل إذا لم يمنع من القراءة (١).

______________________________________________________

(١) أمّا مع المنع فلا إشكال في الحرمة ، فإنّه إخلال بالقراءة الواجبة كما هو واضح.

وأمّا مع عدمه فقد نسب إلى المفيد القول بالحرمة (١) استناداً إلى ما رواه المشايخ الثلاثة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال « قلت له : أيصلّي الرجل وهو متلثّم؟ فقال : أمّا على الأرض فلا ، وأمّا على الدابّة فلا بأس » (٢).

ولكنّه معارض بنصوص اخرى صريحة في الجواز كصحيحة عبد الله بن سنان : « أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام : هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ فقال : لا بأس بذلك » (٣).

وصحيحة الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ فقال : لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة » (٤) أي إذا لم يمنع عن القراءة.

وموثقة سماعة : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلّي ويقرأ القرآن وهو متلثّم ، فقال : لا بأس » (٥).

وموثّقته الأُخرى قال : « سألته عن الرجل يصلّي فيتلو القرآن وهو متلثّم فقال : لا بأس به ، وإن كشف عن فيه فهو أفضل. قال : وسألته عن المرأة تصلّي متنقّبة ، قال : إن كشفت عن موضع السجود فلا بأس به ، وإن أسفرت فهو أفضل » (٦).

__________________

(١) المقنعة : ١٥٢.

(٢) الوسائل ٤ : ٤٢٢ / أبواب لباس المصلي ب ٣٥ ح ١ ، الكافي ٣ : ٤٠٨ / ١ ، الفقيه ١ : ١٦٦ / ٧٧٨ ، التهذيب ٢ : ٢٢٩ / ٩٠٠.

(٣) ، (٤) ، (٥) الوسائل ٤ : ٤٢٣ / أبواب لباس المصلي ب ٣٥ ح ٢ ، ٣ ، ٥.

(٦) الوسائل ٤ : ٤٢٤ / أبواب لباس المصلّي ب ٣٥ ح ٦.

٤٢٧

الحادي عشر : الخاتم الذي عليه صورة (١). الثاني عشر : استصحاب الحديد البارز (٢).

______________________________________________________

ومقتضى الجمع العرفي بينها هو الحمل على الكراهة ، بعد وضوح عدم إمكان حمل نصوص الجواز الكثيرة على راكب الدابّة الذي هو فرد نادر ، بل إنّ مقتضى الرواية الأخيرة أفضلية ترك التلثّم وكراهته ، من غير فرق بين الرجل والمرأة. وكيف ما كان ، فالقول بالحرمة ضعيف غايته.

(١) سيأتي البحث عنه في الأمر الثامن عشر ، أعني الثوب ذا التماثيل.

(٢) على المشهور ، خلافاً لما عن الشيخ في النهاية (١) وابن البراج (٢) والكليني (٣) والصدوق (٤) وجماعة آخرين من القول بالحرمة استناداً إلى روايات :

منها : ما رواه الشيخ بإسناده عن موسى بن أكيل النميري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « في الحديد ، إنّه حلية أهل النار إلى أن قال : وجعل الله الحديد في الدنيا زينة الجنّ والشياطين ، فحرّم على الرجل المسلم أن يلبسه في الصلاة ، إلاّ أن يكون قبال عدوّ فلا بأس به. قال قلت : فالرجل يكون في السفر معه السكّين في خفّه لا يستغني عنها ( عنه ) أو في سراويله مشدوداً ومفتاح يخشى إن وضعه ضاع ، أو يكون في وسطه المنطقة من حديد ، قال : لا بأس بالسكّين والمنطقة للمسافر في وقت ضرورة ، وكذلك المفتاح إذا خاف الضيعة والنسيان ، ولا بأس بالسيف وكلّ آلة السلاح في الحرب ، وفي غير ذلك لا تجوز الصلاة في شي‌ء من الحديد ، فإنّه نجس ممسوخ » (٥).

__________________

(١) النهاية : ٩٨.

(٢) لاحظ المهذب ١ : ٧٥.

(٣) الكافي ٣ : ٤٠٤ [ حيث نقل روايتين تدلاّن بظاهرهما على الحرمة ولم يناقش دلالتهما ].

(٤) المقنع : ٨٣.

(٥) الوسائل ٤ : ٤١٩ / أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٧ / ٨٩٤.

٤٢٨

وفيه : أنّها ضعيفة السند بالإرسال فلا يعوّل عليها. على أنّها مطلقة فتشمل البارز والمستور ، ولا سيما بمقتضى عموم التعليل بكونه حلية أهل النار ، بل هي كالصريحة في الشمول للثاني بموجب التمثيل بالسكين والمفتاح المستورين غالباً بالوضع في الجيب ، ومع ذلك قد منع عنهما في غير مورد الضرورة.

فالتخصيص بالبارز كما في كلمات القوم منافٍ للإطلاق المزبور ، وليس له وجه ظاهر عدا مرسلة الكليني قال : « وروى إذا كان المفتاح في غلاف فلا بأس » (١). وما في التهذيب من قوله : وقد قدّمنا رواية عمار الساباطي أنّ الحديد متى كان في غلاف فإنّه لا بأس بالصلاة فيه (٢).

لكن الأُولى ضعيفة السند بالإرسال ، والثاني سهو من قلمه الشريف ظاهراً ، حيث لم يتقدّم منه ذلك.

وبالجملة : فالرواية لضعفها لا تصلح لإثبات الحرمة ، نعم لا بأس في الاستناد إليها للقول بالكراهة بناءً على قاعدة التسامح ، لكن مقتضاها الكراهة مطلقاً ، من غير اختصاص بالبارز حسبما عرفت.

ومنها : ما رواه الصدوق بإسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام في حديث المناهي قال : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن التختّم بخاتم صفر أو حديد » (٣) وما رواه أيضاً مرسلاً عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا يصلّي الرجل وفي يده خاتم حديد » (٤).

لكن الأُولى ضعيفة السند ، لجهالة شعيب ، وإهمال ابن زيد. على أنّ فيها الصفر ، ولا قائل بكراهة لبسه. وكذا الثانية بالإرسال.

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٤١٨ / أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ٣ ، الكافي ٣ : ٤٠٤ / ٣٥.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٢٧ / ذيل ح ٨٩٤.

(٣) الوسائل ٤ : ٤١٩ / أبواب لباس المصلي ب ٣٢ ح ٧ ، الفقيه ٤ : ٥ / ١.

(٤) الوسائل ٤ : ٤٢٠ / أبواب لباس المصلي ب ٣٢ ح ٨ ، الفقيه ١ : ١٦٣ / ٧٧١.

٤٢٩

ومنها : معتبرة السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يصلّي الرجل وفي يده خاتم حديد » (١).

وموثّقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « في الرجل يصلّي وعليه خاتم حديد ، قال : لا ، ولا يتختّم به الرجل ، فإنّه من لباس أهل النار » الحديث (٢).

وهاتان المعتبرتان لا بأس بالاستدلال بهما على عدم جواز لبس الحديد في الصلاة ، بل الثانية تدلّ على عدم جواز اللبس في نفسه أيضاً.

لكن العمل بإطلاقهما غير ممكن ، لأنّ مقتضاه عدم الفرق بين البارز وغيره بل التعليل كالصريح في التعميم. مع أنّه لا قائل بالكراهة في غير البارز فضلاً عن الحرمة ، فينبغي إذن حملهما على الكراهة. على أنّهما معارضتان بما دلّ على جواز الصلاة في السيف كصحيحة عبد الله بن سنان : « ... وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلّد السيف ويصلّي قائماً » (٣).

والجمع بينهما بحمل هذه على المستور وتلك على البارز ، فيه أنّه تبرّعي ، لا شاهد له بعد ما عرفت من ضعف الشاهد من مرسلة الكليني وغيرها.

على أنّ التعليل في الموثّقة كالصريح في عدم الفرق كما سبق. مع أنّ السيف بارز غالباً. وعلى تقدير جعله في الغلاف فموضع اليد منه وهو أيضاً من الحديد بارز ظاهر.

والمتحصّل ممّا تقدّم : أنّ ملاحظة النصوص تقضي بأنّ لبس الحديد في نفسه فضلاً عن حال الصلاة مرجوح ، من غير فرق بين البارز وغيره ، وترتفع الكراهة في السيف فيما إذا تقلّده بدلاً عن الثوب ، حيث إنّ لبسه زائداً على الإزار مستحب ، فاذا لم يكن له ثوب وجعل السيف بدله ارتفعت به الكراهة‌

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٤١٧ / أبواب لباس المصلي ب ٣٢ ح ١.

(٢) الوسائل ٤ : ٤١٨ / أبواب لباس المصلي ب ٣٢ ح ٥.

(٣) الوسائل ٤ : ٤٥٢ / أبواب لباس المصلي ب ٥٣ ح ٣.

٤٣٠

الثالث عشر : لبس النساء الخلخال الذي له صوت. الرابع عشر : القباء المشدود بالزرور الكثيرة أو بالحزام (١).

______________________________________________________

كما دلّت عليه الصحيحة المتقدّمة.

(١) كما أشار إليه المحقّق في الشرائع حيث قال : « وتكره الصلاة في قباء مشدود إلاّ حال الحرب » (١) وقد نسب ذلك إلى المشهور ، بل نسب حرمته إلى الشيخ المفيد (٢) وابن حمزة في الوسيلة (٣). وعن الخلاف دعوى الإجماع على كراهة أن يصلّي مشدود الوسط (٤).

وكيف ما كان ، فلا دليل على كراهة الصلاة في قباء مشدود ، فضلاً عن الحرمة. والإجماع المزبور لا يصلح سنداً له ، إذ مورده مطلق شدّ الوسط من غير تقييد بالقباء ، مع أنّه منقول لا يعبأ به ، إلاّ إذا قلنا بشمول قاعدة التسامح للإجماع وبشمولها للمكروهات أيضاً ، وحينئذ فتثبت الكراهة في مطلق الشد ولكنّه فرض في فرض.

وأمّا الشد بالحزام فقد استدلّ له في الذكرى (٥) بالنبوي « لا يصلّي أحدكم وهو محزّم » فيدّعى كراهته من باب التسامح. ولكنّه معارض بمثله من خبرين عاميين مرويين في محكي النهاية الأثيرية (٦) مصرّحين بالنهي عن الصلاة بغير حزام.

والقاعدة على تقدير ثبوتها وشمولها للمكروهات غير جارية في خصوص المقام ، لعدم بلوغ الثواب بعد المعارضة المزبورة. إلاّ أن يدعى أنّ مقتضاها‌

__________________

(١) الشرائع ١ : ٨٤.

(٢) المقنعة : ١٥٢.

(٣) الوسيلة : ٨٨.

(٤) الخلاف ١ : ٥٠٩.

(٥) الذكرى ٣ : ٦٥.

(٦) النهاية ١ : ٣٧٩.

٤٣١

الخامس عشر : الصلاة محلول الأزرار (١).

______________________________________________________

استحباب كلّ من التحزيم وعدمه ، لثبوت كلّ منهما بخبر ضعيف ، ولكنّه كما ترى ، لاستبعاد شمولها للمتناقضين أشدّ البعد ، بل الظاهر من بلوغ الثواب على عمل اختصاصه بالفعل فقط ، وعدم شموله للترك. والعمدة أنّ القاعدة غير ثابتة من أصلها.

والمتحصّل : أنّه لا دليل على كراهة شدّ الوسط ، ولا شدّ القباء بالزرور أو بالحزام فضلاً عن حرمته.

(١) على المشهور ، ويستدلّ له بمعتبرة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال : « لا يصلّي الرجل محلول الأزرار إذا لم يكن عليه إزار » (١).

ولكن الظاهر أنّ العلّة في النهي بقرينة فرض عدم الإزار بدوّ العورة وعليه فالحكم إلزامي أخذاً بظاهر النهي ، ولا موجب للحمل على الكراهة بعد كونها منصرفة إلى هذه الصورة.

وعلى تقدير الإطلاق وعدم الانصراف فهي معارضة بروايات عديدة دلّت على جواز الصلاة محلول الأزرار كمعتبرة زياد بن سوقة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا بأس أن يصلّي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محلّلة ، إنّ دين محمد حنيف » (٢).

ومقتضى الجمع هو الحمل على الكراهة. وتؤيّدها روايتان ضعيفتان تحملان عليها بقاعدة التسامح :

إحداهما رواية إبراهيم الأحمري قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يصلّي وأزراره محلّلة ، قال : لا ينبغي ذلك » (٣).

والأُخرى رواية زياد بن منذر عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : « إنّ‌

__________________

(١) ، (٣) الوسائل ٤ : ٣٩٤ / أبواب لباس المصلي ب ٢٣ ح ٣ ، ٥.

(٢) الوسائل ٤ : ٣٩٣ / أبواب لباس المصلي ب ٢٣ ح ١.

٤٣٢

السادس عشر : لباس الشهرة إذا لم يصل إلى حدّ الحرمة أو قلنا بعدم حرمته. السابع عشر : ثوب من لا يتوقى من النجاسة ، خصوصاً شارب الخمر ، وكذا المتّهم بالغصب.

الثامن عشر : ثوب ذو تماثيل (١). التاسع عشر : الثوب الممتزج بالإبريسم. العشرون : ألبسه الكفّار وأعداء الدين. الحادي والعشرون : الثوب الوسخ. الثاني والعشرون : السنجاب. الثالث والعشرون : ما يستر ظهر القدم من غير أن يغطّي الساق. الرابع والعشرون : الثوب الذي يوجب التكبّر. الخامس والعشرون : لبس الشائب ما يلبسه الشبان. السادس والعشرون : الجلد المأخوذ ممّن يستحل الميتة بالدباغ. السابع والعشرون : الصلاة في النعل من جلد الحمار. الثامن والعشرون : الثوب الضيق اللاصق بالجلد. التاسع والعشرون : الصلاة مع الخضاب قبل أن يغسل. الثلاثون : استصحاب الدرهم الذي عليه صورة. الواحد والثلاثون : إدخال اليد تحت الثوب إذا لاصقت البدن. الثاني والثلاثون : الصلاة مع نجاسة ما لا تتم فيه الصلاة كالخاتم والتكّة والقلنسوة ونحوها. الثالث والثلاثون : الصلاة في ثوب لاصق وبر الأرانب أو جلده مع احتمال لصوق الوبر به.

______________________________________________________

حلّ الأزرار في الصلاة من عمل قوم لوط » (١).

(١) أو خاتم عليه صورة كما تقدّم في عبارة المتن (٢) على المشهور من كراهة ذلك ، ونسب ذلك إلى الشيخ في النهاية (٣) والمبسوط (٤) عدم جواز الصلاة فيهما. كما نسب ذلك إلى ابن البراج أيضاً (٥) ولكن في خصوص الخاتم ،

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٣٩٤ / أبواب لباس المصلي ب ٢٣ ح ٦.

(٢) في ص ٤٢٨.

(٣) النهاية : ٩٩.

(٤) المبسوط ١ : ٨٤.

(٥) المهذب ١ : ٧٥.

٤٣٣

ولم يذكر الثوب مع أنّه لا بدّ من ذكره ، إذ النصوص بين ما ذكرا فيها معاً وبين ما اقتصر فيه على خصوص الثوب ، وهي كثيرة جدّاً. ومعه كيف يمكن التخصيص بالخاتم فتدبّر.

وكيف ما كان ، فالنصوص الواردة في المقام على طوائف ثلاث :

أولاها : ما تضمّن النهي عن الصلاة في ثوب فيه تمثال ، وهي كثيرة نقتصر على المعتبرة منها وهي أربعة :

الأُولى : صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الصلاة في الثوب الديباج ، فقال : ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس » (١) فإنّها تدلّ بالمفهوم على ثبوت البأس مع وجود التماثيل.

الثانية : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا بأس أن تكون التماثيل في الثوب إذا غيّرت الصورة منه » (٢). فانّ مقتضى مفهوم الشرط ثبوت البأس مع عدم التغيير.

الثالثة : صحيحة علي بن جعفر عن أبيه قال : « سألته عن الرجل يصلح أن يصلّي إلى أن قال : وسألته عن الثوب يكون فيه التماثيل أو في علمه أيصلّى فيه؟ قال : لا يصلّى فيه » (٣).

الرابعة : موثّقة سماعة بن مهران قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن لباس الحرير والديباج ، فقال : أمّا في الحرب فلا بأس به ، وإن كان فيه تماثيل » (٤) فانّ مفهومها ثبوت البأس في لبس الحرير ، وكذا في لبس ما فيه التماثيل في غير حالة الحرب ، فترتفع المانعية في هذه الحالة من كلتا الناحيتين.

ثانيتها : ما تضمّن النهي عنها في الثوب والخاتم كموثّقة عمّار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : « عن الثوب يكون في علمه مثال‌

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٣٧٠ / أبواب لباس المصلي ب ١١ ح ١٠.

(٢) ، (٣) الوسائل ٤ : ٤٤٠ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ١٣ ، ١٦.

(٤) الوسائل ٤ : ٣٧٢ / أبواب لباس المصلي ب ١٢ ح ٣.

٤٣٤

طير أو غيره ( ذلك ) أيصلّى فيه؟ قال : لا. وعن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك ، قال : لا تجوز الصلاة فيه » (١).

فلو كنّا نحن وهذه الأخبار لم يكن بدّ من القول بعدم جواز الصلاة في الثوب أو الخاتم المشتملين على الصورة ، لقوّتها سنداً ودلالة ، ولا سيما الأخيرة المشتملة على التعبير بـ « لا يجوز » الذي هو كالصريح في الحرمة. إلاّ أنّ هناك طائفة ثالثة عبّر فيها بلفظ الكراهة ، وهي روايتان :

إحداهما : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « أنّه كره أن يصلّي وعليه ثوب فيه تماثيل » (٢).

والأُخرى : صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : « أنّه سأله عن الصلاة في الثوب المعلَّم ، فكره ما فيه من التماثيل » (٣).

فقد يقال بظهورها في الكراهة المصطلحة ، وأنّها تكون قرينة على حمل النصوص المتقدّمة عليها. لكن الظاهر أنّ الكراهة في لسان الأخبار تستعمل على ما هي عليه من المعنى اللغوي ، أعني ما يقابل المحبوبية ، فيراد بها تارة خصوص المبغوضية المساوقة للحرمة ، وأُخرى مطلق المرجوحية الأعم منها ومن الكراهة المصطلحة.

وما عن المحقّق الهمداني من استظهار الثاني بقرينة فهم الفقهاء واستظهارهم ذلك من هذه النصوص (٤).

يدفعه أوّلاً : أنّه لا حجّية لفهمهم وآرائهم لغير مقلّديهم لينجبر به قصور الدلالة ، فإنّ الجبر لو تمّ فإنّما هو جبر ضعف السند بالعمل ، لا ضعف الدلالة بالفهم.

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٤٤٠ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ١٥.

(٢) الوسائل ٤ : ٤٣٧ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٢ ، ٤.

(٣) الوسائل ٤ : ٤٣٧ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٢ ، ٤.

(٤) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٦٨ السطر ٣١.

٤٣٥

وثانياً : أنّه لم يعلم استناد فتواهم بالكراهة إلى هاتين الصحيحتين ليتم الجبر ، ولعلّهم استندوا إلى أمر آخر.

إذن فالقول بالحرمة لا يخلو عن قوّة ، إذ ليس لدينا ما يمنع عن الأخذ بظواهر هذه الأخبار عدا ما قد يقال من الاستناد إلى ما رواه في قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : « وسألته عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل سبع أو طير يصلّى فيه؟ قال : لا بأس » (١) فإنّ موردها وإن كان هو الخاتم إلا أنّه يتعدّى إلى الثوب بعدم القول بالفصل.

ويندفع مضافاً إلى ضعف سندها بعبد الله بن الحسن ، أنّها بنفسها قد نطقت بالفصل ، حيث تضمّنت جملة من الأسئلة ، وفي بعض ما تقدّم سئل عن الثوب الذي فيه التماثيل ، فأجاب بأنّه لا يصلّى فيه. وقد أشار إليه في الوسائل في نفس الباب الحديث ١٧ (٢). والعمدة ما عرفت من ضعف السند ، فلا يعوّل عليها في شي‌ء من الحكمين.

والمتحصّل : أنّ الأوفق بالصناعة ما اختاره الشيخ في المبسوط والنهاية من الحكم بالعدم في الثوب والخاتم ، إذ ليس لدينا ما يتوهّم معارضته لتلك النصوص القويّة سنداً ودلالة ما عدا الشهرة الفتوائية بالكراهة ، غير الناهضة لمقاومتها كما لا يخفى. ولم تكن المسألة ممّا يكثر الابتلاء بها ليصحّ التمسك بما تمسكنا به في كثير من المقامات مما أسميناه بالدليل الخامس فلاحظ.

بقي شي‌ء وهو التعرّض لتفسير التمثال الوارد في هذه الأخبار ، والظاهر أنّه اسم للصورة الحيوانية خاصة ، كما حكي عن بعض أهل اللغة. وعليه فالمنهي عنه تمثال مخلوق ذي روح.

بل يكفينا مجرّد الشك ، وإن احتملنا الوضع للأعم بحيث يشمل النبات والجماد كالشجر والجبل ، للزوم الاقتصار فيما يشك في سعة المفهوم وضيقه على‌

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٤٤٢ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٢٣ ، قرب الإسناد : ٢١١ / ٨٢٧.

(٢) الوسائل ٤ : ٤٤١ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ١٧ ، قرب الإسناد : ١٨٦ / ٦٩٤.

٤٣٦

فصل

فيما يستحب من اللباس

وهي أيضاً أُمور : أحدها : العمامة مع التحنّك. الثاني : الرداء خصوصاً للإمام ، بل يكره له تركه. الثالث : تعدّد الثياب ، بل يكره في الثوب الواحد للمرأة كما مر. الرابع : لبس السراويل. الخامس : أن يكون اللباس من القطن أو الكتّان. السادس : أن يكون أبيض. السابع : لبس الخاتم من العقيق. الثامن : لبس النعل العربية. التاسع : ستر القدمين للمرأة. العاشر : ستر الرأس في الأمة والصبيّة ، وأما غيرهما من الإناث فيجب كما مرّ. الحادي عشر : لبس أنظف ثيابه. الثاني عشر : استعمال الطيب ، ففي الخبر ما مضمونه : الصلاة مع الطيب تعادل سبعين صلاة. الثالث عشر : ستر ما بين السرّة والركبة. الرابع عشر : لبس المرأة قلادتها.

______________________________________________________

المقدار المتيقّن ، والرجوع فيما عداه إلى أصالة البراءة.

بل لو تنازلنا وبنينا على الوضع للأعم لم يكن بدّ من قصر الحكم حرمة أو كراهة على خصوص ذي الروح ، وذلك لروايتين.

إحداهما : صحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في حديث : « أنّه أراه خاتم أبي الحسن عليه‌السلام وفيه وردة وهلال في أعلاه » (١) فانّ‌

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٤٤٣ / أبواب لباس المصلي ب ٤٦ ح ١.

٤٣٧

من الواضح أنّ الإمام عليه‌السلام لا يرتكب المكروه فضلاً عن الحرام.

الثانية : صحيحة محمد بن مسلم المتقدّمة : « لا بأس أن تكون التماثيل في الثوب إذا غيّرت الصورة منه » (١).

فانّ المراد من تغيير الصورة ليس هو إزالتها بتمامها ، كيف ولا موضوع للتمثال بعد الزوال ، فلا معنى لقوله عليه‌السلام : « لا بأس أن تكون التماثيل .. » إلخ فإنّه سالبة بانتفاء الموضوع ، بل المراد تغيير صورته الحيوانية بأن يمحو وجهها أو رأسها ، بحيث لا يصدق عليه أنّه صورة إنسان أو حيوان ، بل مقدار منه مع المحافظة على صدق التمثال عليه.

وقد تلخّص من جميع ما تقدّم أنّ المستفاد من الأدلّة عدم جواز الصلاة في ثوب أو خاتم فيه تمثال حيواني كامل ، وأمّا غير الحيواني أو مع التغيير فلا ضير فيه.

والحمد لله ربّ العالمين أوّلاً وآخراً ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

هذا ما أردنا إيراده في هذا الجزء ، ويتلوه الجزء الثاني مبتدءاً بـ « فصل في مكان المصلّي » إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٤٤٠ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ١٣.

٤٣٨

فهرس الموضوعات

٤٣٩
٤٤٠