العقائد الاسلامية - ج ٤

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الاسلامية - ج ٤

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-121-4 /
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٥٢٥

أيها الناس : إن المنية قبل الدنية ، والتجلد قبل التبلد ، والحساب قبل العقاب والقبر خير من الفقر ، وغض البصر خير من كثير من النظر ، والدهر يومٌ لك ويوم عليك ، فإذا كان لك فلا تبطر ، وإذا كان عليك فاصبر ، فبكليهما تمتحن.

أيها الناس : أعجب ما في الانسان قلبه ، وله موادُّ من الحكمة ، وأضدادٌ من خلافها ، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الأسف ، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ ، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ ، وإن ناله الخوف شغله الحذر ، وإن اتسع له الأمن استلبته الغرة ، وإن جددت له نعمة أخذته العزة ، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى ، وإن عضته فاقة شغله البلاء وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع ، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة .. فكل تقصير به مضر ، وكل إفراط له مفسد.

أيها الناس : إنه من فل ذل ، ومن جاد ساد ، ومن كثر ماله رأس ، ومن كثر حلمه نبل ، ومن أفكر في ذات الله تزندق ، ومن أكثر من شيء عرف به ، ومن كثر مزاحه استخف به ، ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته ، فسد حسب من ليس له أدب ، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ، ليس من جالس الجاهل بذي معقول ، من جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال ، لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لإقلاله.

أيها الناس : لو أن الموت يشترى لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج ، واللئيم الملهوج.

أيها الناس : إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط وفطنة الفهم. للمواعظ ما يدعو النفس الى الحذر من الخطر ، وللقلوب خواطر للهوى ، والعقول تزجر وتنهى ، وفي التجارب علم مستأنف ، والاعتبار يقود الى الرشاد ، وكفاك أدباً لنفسك ما تكرهه لغيرك ، وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه ، لقد خاطر من استغنى برأيه ، والتدبر قبل العمل ، فإنه يؤمنك من الندم ، ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ ، ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول ، ومن

٣٠١

حصن شهوته فقد صان قدره ، ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته ، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال ، والأيام توضح لك السرائر الكامنة ، وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة ، ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة ، وأشرف الغنى ترك المنى ، والصبر جنة من الفاقة ، والحرص علامة الفقر ، والبخل جلباب المسكنة ، والمودة قرابة مستفادة ، ووصول معدم خير من جاف مكثر ، والموعظة كهف لمن وعاها ، ومن أطلق طرفه كثر أسفه ، وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله ، وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو إحسان ، ومن ضاق خلقه مله أهله ، ومن نال استطال ، وقل ما تصدقك الأمنية ، والتواضع يكسوك المهابة ، وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق.

كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره ، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه ، وانح القصد من القول فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن ، وفي خلاف النفس رشدك ، من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد.

ألا وإن مع كل جرعة شرقاً وإن في كل أكلة غصصاً ، لا تنال نعمة إلا بزوال أخرى ولكل ذي رمق قوت ، ولكل حبة آكل ، وأنت قوت الموت.

أعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير الى بطنها ، والليل والنهار يتنازعان في هدم الأعمار.

يا أيها الناس : كفر النعمة لؤم ، وصحبة الجاهل شؤم ، إن من الكرم لين الكلام ومن العبادة إظهار اللسان وإفشاء السلام. إياك والخديعة فإنها من خلق اللئيم ، ليس كل طالب يصيب ، ولا كل غائب يؤوب. لا ترغب فيمن زهد فيك. رب بعيد هو أقرب من قريب. سل عن الرفيق قبل الطريق ، وعن الجار قبل الدار.

ألا ومن أسرع في المسير أدركه المقيل. أستر عورة أخيك كما تعلمها فيك. اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك.

من غضب على من لا يقدر على ضره ، طال حزنه وعذب نفسه. من خاف ربه

٣٠٢

كف ظلمه ، ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره ، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة.

إن من الفساد إضاعة الزاد. ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غداً هيهات هيهات. وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب ، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم ، وما شرٌ بشر بعده الجنة ، وما خيرٌ بخير بعده النار. كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر.

تصفية العمل أشد من العمل ، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد. هيهات لو لا التقى لكنت أدهى العرب.

* *

أيها الناس : إن الله تعالى وعد نبيه محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله الوسيلة ووعده الحق ، ولن يخلف الله وعده.

ألا وإن الوسيلة على درج الجنة وذروةُ ذوائب الزلفة ، ونهاية غاية الأمنية ، لها ألف مرقاة ، ما بين المرقاة الى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام. وما بين مرقاة درة الى مرقاة جوهرة ، الى مرقاة زبرجدة ، الى مرقاة لؤلؤة ، الى مرقاة ياقوته ، الى مرقاة زمردة ، الى مرقاة مرجانة ، الى مرقاة كافور ، الى مرقاة عنبر ، الى مرقاة يلنجوج ، الى مرقاة ذهب ، الى مرقاة غمام ، الى مرقاة هواء ، الى مرقاة نور !!

قد أنافت على كل الجنان ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ قاعدٌ عليها ، مرتد بريطتين ، ريطة من رحمة الله وريطة من نور الله ، عليه تاج النبوة واكليل الرسالة ، قد أشرق بنوره الموقف ، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته ، وعليَّ ريطتان ، ريطة من أرجوان النور ، وريطة من كافور.

والرسل والأنبياء ، قد وقفوا على المراقي ، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور ، عن أيماننا وقد تجللهم حلل النور والكرامة ، لا يرانا ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسل إلا بهت بأنوارنا وعجب من ضيائنا وجلالتنا.

٣٠٣

وعن يمين الوسيلة عن يمين الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله غمامةٌ بسطة البصر ، يأتي منها النداء :

يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الاٌمي العربي ، ومن كفر فالنار موعده !

وعن يسار الوسيلة عن يسار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ظلةٌ يأتي منها النداء :

يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي ، والذي له الملك الأعلى لا فاز أحد ولا نال الروح والجنة إلا من لقي خالقه بالاخلاص لهما والاقتداء بنجومهما. فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم ، وشرف مقعدكم ، وكرم مآبكم وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين. ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ورسوله وصراطه وأعلام الأزمنة ، أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاءً بما كنتم تعملون.

وما من رسول خلفَ ولا نبي مضى إلا وقد كان مخبراً أمته بالمرسل الوارد من بعده ، ومبشراً برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وموصياً قومه باتباعه ومحله عند قومه ، ليعرفوه بصفته وليتبعوه على شريعته ، ولئلا يضلوا فيه من بعده ، فيكون من هلك أو ضل بعد وقوع الاعذار والانذار عن بينة وتعيين حجة ، فكانت الأمم في رجاء من الرسل وورود من الأنبياء.

ولئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي ، على عظم مصائبهم وفجائعها بهم فقد كانت على سعة من الأمل ، ولا مصيبة عظمت ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأن الله ختم به الانذار والاعذار ، وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه ، وجعله بابه الذي بينه وبين عباده ، ومهيمنه الذي لا يقبل إلا به ، ولا قربة اليه إلا بطاعته ، وقال : في محكم كتابه : من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا. فقرن طاعته بطاعته ، ومعصيته بمعصيته ، فكان ذلك دليلاً على ما فوض اليه ، وشاهداً له على من اتبعه وعصاه ، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه ، والترغيب في تصديقه والقبول لدعوته : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم.

٣٠٤

فاتباعه صلى‌الله‌عليه‌وآله محبة الله ، ورضاه غفران الذنوب ، وكمال الفوز ، ووجوب الجنة.

وفي التولي عنه والاعراض محادة الله وغضبه وسخطه ، والبعد منه مسكن النار وذلك قوله : ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ، يعني الجحود به والعصيان له. فإن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده ، وقتل بيدي أضداده ، وأفنى بسيفي جحاده ، وجعلني زلفة للمؤمنين ، وحياض موت على الجبارين ، وسيفه على المجرمين ، وشد بي أزر رسوله ، وأكرمنى بنصره ، وشرفني بعلمه ، وحباني بأحكامه ، واختصني بوصيته ، واصطفاني بخلافته في أمته ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد حشد المهاجرون والأنصار وانغصت بهم المحافل : أيها الناس إن علياً مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول ، إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وأمه ، كما كان هارون أخا موسى لأبيه وأمه ، ولا كنت نبياً فاقتضى نبوة ، ولكن كان ذلك منه استخلافاً لي ، كما استخلف موسى هارون ، حيث يقول : أخلفني في قومي وأصلح ، ولا تتبع سبيل المفسدين ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين تكلمت طائفة فقالت : نحن موالي رسول الله ، فخرج رسول الله الى حجة الوادع ، ثم صار الى غدير خم فأمر فأصلح له شبه المنبر ، ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعاً صوته قائلاً في محفله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فكانت على ولايتي ولاية الله ، وعلى عداوتي عداوة الله. وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا. فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره ، وأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصاً لي وتكرماً نحلنيه ، وإعظاماً وتفضيلاً من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منحنيه ، وهو قوله تعالى منحنيه وهو قوله تعالى : ثم ردوا الى الله موليهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين. في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع.

ولئن تقمصها دوني ...

إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان ، يقيمون لها المناسك ، وينصبون لها العتائر ، ويتخذون لها القربان ، ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام ،

٣٠٥

ويستقسمون بالأزلام ، عامهين عن الله عز ذكره ، حائرين عن الرشاد ، مهطعين الى العباد ، وقد استحوذ عليهم الشيطان ، وغمرتهم سوداء الجاهلية ، ورضعوها جهالة وانفطموها ضلالة ، فأخرجنا الله اليهم رحمة وأطلعنا عليهم رأفة ، وأسفر بنا عن الحجب نوراً لمن اقتبسه ، وفضلاً لمن اتبعه ، وتأييداً لمن صدقه ، فتبوؤوا العز بعد الذلة ، والكثرة بعد القلة ، وهابتهم القلوب والأبصار ، وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها وصاروا أهل نعمة مذكورة ، وكرامة ميسورة ، وأمن بعد خوف ، وجمع بعد كوف ، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان ، وأولجناهم باب الهدى ، وأدخلناهم دار السلام وأشملناهم ثوب الايمان ، وفلجوا بنا في العالمين ، وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين ، من حام مجاهد ، ومصل قانت ، ومعتكف زاهد ، يظهرون الأمانة ، ويأتون المثابة.

حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه ورفعه اليه ، لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة ، أو وميض من برقة ، الى أن رجعوا على الأعقاب ، وانتكصوا على الأدبار ، وطلبوا بالأوتار ، وأظهروا الكتائب ، وردموا الباب ، وفلوا الديار ، وغيروا آثار رسول الله ، ورغبوا عن أحكامه ، وبعدوا من أنواره ، واستبدلوا بمستخلفه بديلا ، اتخذوه وكانوا ظالمين ، وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله ممن اختار رسول الله لمقامه ، وأن مهاجر آل أبي قحافة خيرٌ من المهاجري والأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف.

ألا وإن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان ، رجعوا عن ذلك وقالوا : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مضى ولم يستخلف ، فكان رسول الله الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الإسلام ، وعن قليل يجدون غب ما أسسه الأولون.

ولئن كانوا في مندوحة من المهل ، وشفاء من الأجل وسعة من المنقلب ، واستدراج من الغرور ، وسكون من الحال ، وإدراك من الأمل ، فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد ، وثمود بن عبود ، وبلعم بن باعور ، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ،

٣٠٦

وأمدهم بالأموال والأعمار ، وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله ، وليعرفوا الاهابة له ، والانابة اليه ، ولينتهوا عن الاستكبار ، فلما بلغوا المدة ، واستتموا الأكلة أخذهم الله عز وجل واصطلمهم ، فمنهم من حصب ، ومنهم من أخذته الصيحة ، ومنهم من أحرقته الظلة ، ومنهم من أودته الرجفة ، ومنهم من أردته الخسفة : وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

ألا وإن لكل أجل كتاباً ، فاذا بلغ الكتاب أجله لو كشف لك عما هوى اليه الظالمون ، وآل اليه الأخسرون ، لهربت الى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون ، واليه صائرون.

ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون ، وكباب حطة في بني إسرائيل ، وكسفينة نوح في قوم نوح. إني النبأ العظيم ، والصديق الأكبر ، وعن قليل ستعلمون ما توعدون وهل هي إلا كلعقة الآكل ومذقة الشارب ، وخفقة الوسنان ، ثم تلزمهم المعرات خزياً في الدنيا ، ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب ، وما الله بغافل عما يعملون.

فما جزاء من تنكب محجته ، وأنكر حجته ، وخالف هداته ، وحاد عن نوره ، واقتحم في ظلمه ، واستبدل بالماء السراب ، وبالنعيم العذاب ، وبالفوز الشقاء ، وبالسراء الضراء ، وبالسعة الضنك ، إلا جزاء اقترافه وسوء خلافه ، فليوقنوا بالوعد على حقيقته ، وليستيقنوا بما يوعدون : يوم تأتي الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج. إنا نحن نحيي ونميت والينا المصير. يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ... الى آخر السورة.

العلاقة بين التوسل والاستشفاع وبين درجة الوسيلة في الجنة

لا بد أن يكون اسم ( الوسيلة ) لتلك المنطقة والدرجة العالية من الجنة ، بسبب أنها مسكن أقرب المخلوقات وسيلةً الى الله تعالى.

وبذلك تكون الشفاعة التي يعطاها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نوعاً من الوسيلة ، التي استحقها لأنه أقرب الناس الى الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستحق معها مسكن الفردوس والوسيلة ، أعلى مراتب الجنة.

* *

٣٠٧
٣٠٨

الفصل الثالث

التوسل الى الله في مصادرنا

١ ـ التوسل الى الله بالأعمال الصالحة

تقدم في المسألة السابعة : التوسل العملي الى الله تعالى بالأعمال الصالحة وقول أمير المؤمنين عليه‌السلام : أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان بالله ، ورسوله ، والجهاد في سبيل الله ، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة ، وأقام الصلاة فإنها الملة ، وايتاء الزكاة فإنها من فرائض الله ، وصيام شهر رمضان فانه جنة من عذاب الله ، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب ، وصلة الرحم فانها مثراة للمال ، ومنسأة للأجل ، والصدقة في السر فانها تذهب الخطيئة وتطفيَ غضب الرب ، وصنايع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء ، وتقي مصارع الهوان. انتهى.

وذكرنا هناك أن التوسل بالأعمال الصالحة لا ينافي التوسل اليه بدعائه بأسمائه وصفاته ، وبمن أمر بالتوسل بهم من أنبيائه وأوصيائه .. لأن ذلك من الأعمال الصالحة أيضاً.

٣٠٩

٢ ـ التوسل الى الله بذاته وصفاته عز وجل

في الكافي : ٤ / ٧٤ :

علي ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن ابراهيم ، عن محمد بن مسلم والحسين بن محمد ، عن أحمد بن اسحاق ، عن سعدان ، عن أبي بصير قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان :

اللهم إني بك أتوسل ومنك أطلب حاجتي. من طلب حاجته الى الناس ، فإني لا أطلب حاجتي إلا منك ، وحدك لا شريك لك.

وأسألك بفضلك ورضوانك أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تجعل لي في عامي هذا الى بيتك الحرام سبيلا ، حجة مبرورة متقبلة زاكية خالصة لك ، تقر بها عيني وترفع بها درجتي ، وترزقني أن أغض بصري ، وأن أحفظ فرجي ، وأن أكف بها عن جميع محارمك ، حتى لا يكون شيء آثر عندي من طاعتك وخشيتك ، والعمل بما أحببت والترك لما كرهت ونهيت عنه.

واجعل ذلك في يسر ويسار وعافية ، وأوزعني شكر ما أنعمت به علي.

وأسألك أن تجعل وفاتي قتلاً في سبيلك تحت راية نبيك مع أوليائك.

وأسألك أن تقتل بي أعدائك وأعداء رسولك. وأسألك أن تكرمني بهوان من شئت من خلقك ، ولا تهني بكرامة أحد من أوليائك.

اللهم اجعل لي مع الرسول سبيلا. حسبي الله ، ما شاء الله.

وفي الصحيفة السجادية : ١/ ٤٠٨ :

إلَهي استشفعت بك اليك ، واستجرت بك منك ، أتيتك طامعاً في إحسانك ، راغباً في امتنانك ، مستسقياً وابل طولك ، مستمطراً غمام فضلك ، طالباً مرضاتك ، قاصداً جنابك ، وارداً شريعة رفدك ، ملتمساً سني الخيرات من عندك.

وفي الصحيفة السجادية : ١/ ١٥١ :

دعاؤه عليه‌السلام في ذكر التوبة وطلبها :

٣١٠

اللهم صل على محمد وآله ، وشفع في خطاياي كرمك ، وعد على سيئاتي بعفوك ، ولا تجزني جزائي من عقوبتك ، وابسط علي طولك ، وجللني بسترك ، وافعل بي فعل عزيز تضرع اليه عبد ذليل فرحمه ، أو غني تعرض له عبد فقير فنعشه.

اللهم لا خفير لي منك فليخفرني عزك ، ولا شفيع لي فليشفع لي فضلك ، وقد أوجلتني خطاياي فليؤمني عفوك..

وفي الصحيفة السجادية : ١/ ٤٠٢ :

يا مجيب المضطر ، يا كاشف الضر ، يا عظيم البر ، يا عليماً بما في السر ، يا جميل الستر استشفعت بجودك وكرمك اليك ، وتوسلت بحنانك وترحمك لديك فاستجب دعائي ، ولا تخيب فيك رجائي ، وتقبل توبتي ، وكفر خطيئتي بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

وفي الصحيفة السجادية : ١ / ٤٤١ :

يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين ، ولا يزيد جبروته إيمان الموحدين ، اليك أستشفع بقديم كرمك ، أن لا تسلبني مامنحتني من جسيم نعمك.

٣ ـ الاستشفاع الى الله تعالى بحبه ومعرفته

وفي الصحيفة السجادية : ١/ ٢١٦ :

فيا من رباني في الدنيا بإحسانه وتفضله ونعمه ، وأشار لي في الآخرة الى عفوه وكرمه. معرفتي يا مولاي دلتني عليك ، وحبي لك شفيعي اليك ، وأنا واثقٌ من دليلي بدلالتك ، وساكنٌ من شفيعي الى شفاعتك.

وفي الصحيفة السجادية : ١ / ٢٤٩ :

ياذا المن ولا يمن عليك ، يا ذا الطول ، ويا ذا الجلال والاكرام ، لاالَه الا أنت ، ظهر اللاجئين ، وجار المستجيرين ، وأمان الخائفين ، اليك فررت بنفسي يا ملجأ الخائفين ، لا أجد شافعا اليك إلا معرفتي بأنك أفضل من قصد اليه المقصرون ، وآمل من لجأ اليه الخائفون.

٣١١

٤ ـ افتتاح الصلاة بالتوجه الى الله بالنبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله

في الكافي : ٢ / ٥٤٤ :

ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : من قال هذا القول كان مع محمد وآل محمد إذا قام قبل أن يستفتح الصلاة :

اللهم إني أتوجه اليك بمحمد وآل محمد ، وأقدمهم بين يدي صلاتي ، وأتقرب بهم اليك ، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين.

مننت عليّ بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم ومعرفتهم وولايتهم فإنها السعادة ، واختم لي بها ، فإنك على كل شيء قدير.

ثم تصلي فإذا انصرفت قلت :

اللهم اجعلني مع محمد وآل محمد في كل عافية وبلاء ، واجعلني مع محمد وآل محمد في كل مثوى ومنقلب ، اللهم اجعل محياي محياهم ، ومماتي مماتهم ، واجعلني معهم في المواطن كلها ، ولا تفرق بيني وبينهم ، إنك على كل شيء قدير.

عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : تقول قبل دخولك في الصلاة :

اللهم إني أقدم محمداً نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله بين يدي حاجتي ، وأتوجه به اليك في طلبتي ، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين. اللهم اجعل صلاتي بهم متقبلة ، وذنبي بهم مغفوراً ، ودعائي بهم مستجاباً ، يا أرحم الراحمين.

وفي الكافي : ٣ / ٣٠٩ :

وعنه ، عن أبيه ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، ومعاوية بن وهب قالا : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا قمت الى الصلاة فقل :

اللهم إني أقدم اليك محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله بين يدي حاجتي وأتوجه به اليك ، فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين. إجعل صلاتي به مقبولة ، وذنبي به

٣١٢

مغفوراً ، ودعائي به مستجاباً. إنك أنت الغفور الرحيم ...

ورواه في تهذيب الاحكام : ٢ /٢٨٧ ، وفي الفقيه : ١ / ٣٠٢

وفي الفقيه : ١ /٤٨٣ : القول عند القيام الى صلاة الليل :

قال الصادق عليه‌السلام : إذا أردت أن تقوم الى صلاة الليل فقل : اللهم إني أتوجه اليك بنبيك نبي الرحمة وآله ، وأقدمهم بين يدي حوائجي ، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، اللهم ارحمني بهم ولا تعذبني بهم ، واهدني بهم ولا تضلني بهم ، وارزقني بهم ولا تحرمني بهم ، واقض لي حوائجي للدنيا والآخرة ، إنك على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم.

باب الصلوات التي جرت السنة بالتوجه فيهن :

من السنة التوجه في ست صلوات وهي : أول ركعة من صلاة الليل ، والمفردة من الوتر ، وأول ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من ركعتي الاحرام ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من الفريضة. كذلك ذكره أبي رضي الله عنه في رسالته الي.

وفي الصحيفة السجادية : ٢ / ٢٥٨ :

أسألك يا سيدي ، وليس مثلك شيء بكل دعوة دعاك بها نبي مرسل ، أو ملك مقرب ، أومؤمن امتحنت قلبه بالايمان ، واستجبت دعوته ، وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، وأقدمه بين يدي حوائجي.

يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأهل بيتك الطيبين ، إني أتوجه بك الى ربك ، وأقدمك بين يدي حوائجي.

وفي الصحيفة السجادية : ٢ / ٣٤٤ :

أسألك بحق نبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأتوسل اليك بالأئمة عليهم‌السلام الذين اخترتهم لسرك ، وأطلعتهم على خفيك ، واخترتهم بعلمك ، وطهرتهم وأخلصتهم واصطفيتهم وأصفيتهم وجعلتهم هداة مهديين ، وائتمنتهم على وحيك ، وعصمتهم عن معاصيك ، ورضيتهم لخلقك ، وخصصتهم بعلمك ، واجتبيتهم وحبوتهم ، وجعلتهم

٣١٣

حججا على خلقك ، وأمرت بطاعتهم على من برأت.

وأتوسل اليك في موقفي اليوم أن تجعلني من خيار وفدك.

دلالة استحباب التوسل عند الأذان وافتتاح الصلاة

من الأمور التي تهز الانسان وهو يبحث في آيات التوسل وأحاديثه :

أن الله تعالى أنزل آية الأمر بالتوسل في آخر سورة من قرآنه ( المائدة ) بعبارة موجزة مقتضبة ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ... ) ولكن بصيغة قوية تأمر المسلمين بالارتفاع الى نوع راق من السلوك الايماني يتميز بالتعامل اليومي مع النبي وأهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله على أنهم وسيلةُ المسلم الى ربه تعالى !!

ثم بين الرسول للمسلمين كيفية تنفيذ الطلب الالَهي ، بأن يصلوا عليه عندما يذكر اسمه .. وعندما يسمعون الأذان .. وعندما يقفون للصلاة بين يدي ربهم .. وفي ختام صلاتهم .. وعندما تمسهم شدة أو حاجة !!

وهذا يعني أن يعيش المسلم يومياً وفي أقدس لحظات حياته ، التوجه الى الله تعالى بنبيه وآله والتوسل بهم اليه ، لأنهم الواسطة التي اختارها الله وأمر أن يتوسط العباد اليه بها !! وهي حقيقةٌ كبيرةٌ .. تدل على أبعاد النبوة وأعماق الولاية ، لمحمد وآله الطيبين الطاهرين.

ومما تدل عليه أن الله تعالى جذَّر مقامهم في الكون والحياة ، حتى قرنهم بألوهيته فلم يقبل مدخلاً اليه إلا بهم .. وهو مقامٌ عظيمٌ ، وشرفٌ رفيعٌ ، ما عليه من مزيد !!

٥ ـ التوجه بالنبي وآله لدفع شر السلطان

في الكافي : ٢ / ٥٥٨ :

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : من دخل على سلطان يهابه فليقل : بالله أستفتح ، وبالله أستنجح ، وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أتوجه ، اللهم ذلل لي صعوبته ، وسهل لي حزونته ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب.

ونحوه في الصحيفة السجادية : ٢ /٦٥

٣١٤

٦ ـ التوجه إلى الله بالنبي وآله عند الحاجة والشدة

في الكافي : ٢ / ٥٥٢ :

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي داود عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله إني ذو عيال وعلي دين ، وقد اشتدت حالي ، فعلمني دعاء أدعو الله عز وجل به ليرزقني ما أقضي به ديني ، وأستعين به على عيالي.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبدالله توضأ وأسبغ وضوءك ، ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود ، ثم قل : يا ماجد يا واحد يا كريم يا دائم ، أتوجه اليك بمحمد نبيك نبي الرحمة.

يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك الى الله ربك وربي ورب كل شيء أن يصلي على محمد وأهل بيته.

وأسألك نفحة كريمة من نفحاتك وفتحا يسيراً ورزقاً واسعاً ألمُّ به شعثي ، وأقضي به ديني ، وأستعين به على عيالي. ورواه في الكافي : ٣/٤٧٣

وروى نحوه في التهذيب : ٣ /٣١١ :

أحمد بن محمد ، عن أحمد بن أبي داود ، عن ابن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جاء رجل الى الرضا عليه‌السلام فقال له : يابن رسول الله إني ذو عيال وعليَّ دينٌ ، وقد اشتدت حالي ، فعلمني دعاءً إذا دعوت الله عز وجل به رزقني الله ، فقال : يا عبد الله توضأ واسبغ وضوءك ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود فيهما ، ثم قل ... وذكره.

وفي الكافي : ٢ / ٥٨٢ :

علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ابتداءً منه : يا معاوية أما علمت أن رجلاً أتى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فشكى الابطاء عليه في الجواب في دعائه فقال له :

أين أنت عن الدعاء السريع الاجابة ؟

فقال له الرجل : ما هو ؟

٣١٥

قال قل : اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأجل الاكرم ، المخزون المكن ون ، النور الحق البرهان المبين ، الذي هو نورٌ مع نور ، ونورٌ من نور ، ونورٌ في نور ، ونورٌ على نور ، ونورٌ فوق كل نور ، ونورٌ يضيىَ به كل ظلمة ، ويكسر به كل شدة وكل شيطان مريد ، وكل جبار عنيد.

لا تقرُّ به أرض ، ولا تقوم به سماء ، ويأمن به كل خائف ، ويبطل به سحر كل ساحر ، وبغي كل باغ ، وحسد كل حاسد ، ويتصدع لعظمته البر والبحر ، ويستقل به الفلك حين يتكلم به الملك ، فلا يكون للموج عليه سبيل.

وهو اسمك الأعظم الأعظم الأجل الأجل ، النور الأكبر ، الذي سميت به نفسك ، واستويت به على عرشك.

وأتوجه اليك بمحمد وأهل بيته ، أسألك بك وبهم ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفعل بي .. كذا وكذا.

وفي الكافي : ٣ / ٤٧٦ :

علي بن ابراهيم ، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله ، عن زياد القندي ، عن عبد الرحيم القصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت جعلت فداك إني اخترعت دعاء ، قال : دعني من اختراعك ! إذا نزل بك أمر فافزع الى رسول الله ، وصل ركعتين تهديهما الى رسول الله صلى الله عليه وآله.

قلت : كيف أصنع ؟

قال : تغتسل وتصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة ، وتشهد تشهد الفريضة فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت :

اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، واليك يرجع السلام ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبلغ روح محمد مني السلام ، وأرواح الأئمة الصادقين سلامي ، واردد عليَّ منهم السلام ، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته.

اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأثبني عليهما ما أملت ورجوت ، فيك وفي رسولك ، يا ولي المؤمنين.

٣١٦

ثم تخر ساجداً وتقول :

يا حي يا قيوم ، ياحي لا يموت ، ياحي لا الَه إلا أنت ، ياذا الجلال والاكرام ، ياأرحم الراحمين. أربعين مرة.

ثم ضع خدك الأيمن ، فتقولها أربعين مرة.

ثم ضع خدك الأيسر ، فتقولها أربعين مرة.

ثم ترفع رأسك وتمد يدك ، وتقول أربعين مرة.

ثم ترد يدك الى رقبتك وتلوذ بسبابتك ، وتقول ذلك أربعين مرة.

ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى وابك أو تباك ، وقل :

يا محمد يا رسول الله أشكو الى الله واليك حاجتي ، والى أهل بيتك الراشدين حاجتي ، وبكم أتوجه الى الله في حاجتي.

ثم تسجد وتقول : يا ألله يا ألله ، حتى ينقطع نفسك .. صل على محمد وآل محمد وافعل بي .. كذا وكذا.

قال أبو عبد الله عليه‌السلام : فأنا الضامن على الله عزوجل أن لا يبرح حتى تقضى حاجته. ورواه في الفقيه : ١ / ٥٥٦

وفي الكافي : ٣ / ٤٧٨ :

وبهذا الاسناد ، عن أبي اسماعيل السراج ، عن ابن مسكان ، عن شرحبيل الكندي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا أردت أمراً تسأله ربك ، فتوضأ وأحسن الوضوء ثم صل ركعتين ، وعظم الله وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقل بعد التسليم :

اللهم إني أسألك بأنك ملك ، وأنك على كل شيء قدير مقتدر ، وبأنك ما تشاء من أمر يكون. اللهم إني أتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة.

يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك الى الله ربك وربي ، لينجح لي طلبتي.

اللهم بنبيك أنجح لي طلبتي بمحمد .. ثم سل حاجتك.

ورواه في تهذيب الأحكام : ٣ / ٣١٣

٣١٧

وفي الفقيه : ١ / ٥٥٦ :

روى موسى بن القاسم البجلي ، عن صفوان بن يحيى ، ومحمد بن سهل عن أشياخهما عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال :

إذا حضرت لك حاجة مهمة الى الله عز وجل فصم ثلاثة أيام متوالية : الأربعاء والخميس والجمعة ، فإذا كان يوم الجمعة إن شاء الله تعالى فاغتسل والبس ثوباً جديداً ، ثم اصعد الى أعلى بيت في دارك وصل فيه ركعتين ، وارفع يديك الى السماء ثم قل :

اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي بوحدانيتك وصمدانيتك ، وإنه لا قادر على حاجتي غيرك ، وقد علمت يارب أنه كلما تظاهرت نعمتك علي اشتدت فاقتي اليك ، وقد طرقني هم كذا وكذا وأنت بكشفه ، عالمٌ غير معلم ، واسعٌ غير متكلف ، فأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت ، ووضعته على السماء فانشقت ، وعلى النجوم فانتثرت ، وعلى الأرض فسطحت ، وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد والأئمة عليهم‌السلام ... وتسمهم الى آخرهم ، أن تصلي على محمد وأهل بيته ، وأن تقضي حاجتي ، وأن تيسر لي عسيرها ، وتكفيني مهمها ، فإن فعلت فلك الحمد ، وإن لم تفعل فلك الحمد ، غير جائر في حكمك ، ولا متهم في قضائك ، ولا حائف في عدلك.

وتلصق خدك بالأرض وتقول :

اللهم أن يونس بن متي عبدك دعاك في بطن الحوت وهو عبدك فاستجبت له ، وأنا عبدك أدعوك فاستجب لي.

ثم قال أبو عبدالله عليه‌السلام : لربما كانت الحاجة لي فأدعو بهذا الدعاء فأرجع وقد قضيت.

صلاة أخرى للحاجة :

روى سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال :

إن أحدكم إذا مرض دعا الطبيب وأعطاه ، وإذا كانت له حاجة الى سلطان ، رشا البواب وأعطاه !

٣١٨

ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع الى الله تعالى ، فتطهر وتصدق بصدقة قلَّت أو كثرت ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وأهل بيته ثم قال : اللهم إن عافيتني من مرضي ، أو ردتني من سفري ، أو عافيتني مما أخاف من كذا وكذا .. إلا آتاه الله ذلك.

وفي الصحيفة السجادية : ١ / ٢٩٣ :

اللهم فإني أتقرب اليك بالمحمدية الرفيعة ، والعلوية البيضاء ، وأتوجه اليك بهما أن تعيذني من شر كذا وكذا ، فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك ، ولا يتكأدك في قدرتك وأنت على كل شيء قدير ...

وفي الصحيفة السجادية : ٢/ ٢٥٨ :

أسألك يا سيدي وليس مثلك شيء بكل دعوة دعاه بها نبي مرسل ، أو ملكٌ مقرب أو مؤمنٌ امتحنت قلبه بالايمان ، واستجبت دعوته.

وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، وأقدمه بين يدي حوائجي.

يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأهل بيتك الطيبين ، إني أتوجه بك الى ربك ، وأقدمك بين يدي حوائجي.

يا رباه يا الله ، يا رباه يا الله ، إني أسألك بك فليس كمثلك شيء ، وأتوجه اليك بمحمد نبي الرحمة وبعترته الطيبين ، وأقدمهم بين يدي حوائجي ، أن تعتقني من النار ، وتكفيني وجميع المؤمنين والمؤمنات كل ما أهمنا من أمر الدنيا والآخرة .. انتهى.

والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وفيها صحاحٌ متواترة ، تجدها في أبواب افتتاح الصلاة من الفقه ، وأبواب صلاة الحاجة ، وفي كتب المزار والأدعية.

٧ ـ الاستشفاع بالنبي والأئمة عند زيارة قبورهم الشريفة

ستأتي أحاديث الاستشفاع والتوسل بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير قوله تعالى ( ولو أنهم أذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله ... ).

٣١٩

وفي المقنعة / ٤٦٣ :

وتحول الى عند الرأس فقف عليه ، وقل :

السلام عليك يا وصي الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء ، أشهد لك يا ولي الله بالبلاغ والأداء. أتيتك بأبي أنت وأمي زائراً عارفاً بحقك ، مستبصراً بشأنك ، موالياً لأوليائك ، معادياً لأعدائك ، متقرباً الى الله بزيارتك ، في خلاص نفسي ، وفكاك رقبتي من النار ، وقضاء حوائجي للآخرة والدنيا ، فاشفع لي عند ربك ، صلوات الله عليك ورحمة الله وبركاته.

وفي الكافي : ٤ / ٥٦٩ :

عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عمن حدثه ، عن الصادق وأبي الحسن الثالث عليهما‌السلام ، قال يقول :

السلام عليك ياولي الله أنت أول مظلوم ، وأول من غصب حقه ، صبرت واحتسبت ، حتى أتاك اليقين ، فأشهد أنك لقيت الله وأنت شهيد ، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب ، وجدد عليه العذاب.

جئتك عارفاً بحقك مستبصراً بشأنك ، معادياً لأعدائك ومن ظلمك ، ألقى على ذلك ربي إن شاء الله.

يا ولي الله : إن لي ذنوباً كثيرة ، فاشفع لي الى ربك ، فإن لك عند الله مقاماً محمودا معلوماً ، وإن لك عند الله جاهاً وشفاعة وقد قال تعالى : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى.

ورواه في تهذيب الأحكام : ٦/ ٢٨

وفي مصباح المتهجد / ٦٩٤ :

اللهم لا قوة لي على سخطك ولا صبر لي على عذابك ولا غنى لي عن رحمتك تجد من تعذب غيري ولا أجد من يرحمني غيرك ولا قوة لي على البلاء ولا طاقة لي على الجهد ، أسألك بحق محمد نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأتوسل اليك بالأئمة الذين اخترتهم لسرك وأطلعتهم على خفيك وأخبرتهم بعلمك وطهرتهم وخلصتهم واصطفيتهم

٣٢٠