العقائد الاسلامية - ج ٤

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الاسلامية - ج ٤

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-121-4 /
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٥٢٥

علي أول الواردين على النبي عند حوض الكوثر

وردت أحاديث تنص على أن علياً عليه‌السلام أول وارد على رسول الله على حوضه يوم القيامة ، وقد تعرض لها الأميني رحمه‌الله في الغدير : ٣ / ٢٢٠ ، وما بعدها ، ونكتفي بذكر نماذج منها ، قال :

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أولكم وارداً وروداً علي الحوض : أولكم إسلاماً ، علي بن أبي طالب. أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٣٦ ، وصححه ، والخطيب البغدادي في تاريخه : ٢ / ٨١ ، ويوجد في الاستيعاب ٢ / ٤٥٧ ، وشرح ابن أبي الحديد ٣ / ٢٥٨ وفي لفظ : أول هذه الأمة وروداً على الحوض أولها إسلاماً علي بن أبي طالب ٢ ـ السيرة الحلبية ١ ص ٢٨٥ ـ سيرة زيني دحلان ١ / ١٨٨ ، هامش الحلبية.

وفي لفظ : أول الناس وروداً على الحوض أولهم إسلاماً علي بن أبي طالب ـ مناقب الفقيه ابن المغازلي ، مناقب الخوارزمي. انتهى.

وفي مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام : ١ / ٢٨٠ :

محمد بن سليمان ، عن محمد بن منصور ، عن الحكم بن سليمان ، عن أبي زكريا السمسار ، عن محمد بن عبيد الله بن علي ، عن أبيه عن جده ، عن أبي ذر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أولكم وروداً علي الحوض أولكم إسلاماً علي بن أبي طالب. انتهى.

ورواه في كنز العمال : ١١ / ٦١٦ ، وقال عنه ( ك. ولم يصححه ، والخطيب ـ عن سليمان ). انتهى.

وليس من عادة صاحب كنز العمال عندما ينقل حديثاً أن يقول ( رواه فلانٌ ولم يصححه ) ولكنهم يستعملون هذا التعبير للتبرؤ من تبني الحديث.

وبذلك أراد صاحب كنز العمال أن يبعد عن نفسه تهمة التشيع ! لأن هذا الحديث يجعل علياً أول من أسلم وليس أبا بكر ! وأول من يرد المحشر والحوض ، وليس عمر !

٢٠١

وفي مجمع الزوائد : ٩ / ١٠٢ :

وعن سلمان قال أول هذه الأمة وروداً على نبيها صلى الله عليه وسلم أولها اسلاماً علي بن أبي طالب رضي الله عنه. رواه الطبراني ورجاله ثقات.

وعن ابن عباس قال : أول من أسلم علي رضي الله عنه. رواه الطبراني ، وفيه عثمان الجزري ولم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وفي كنز العمال : ١١ / ٦٠١ :

السبَّق ثلاثة : فالسابق الى موسى يوشع بن نون ، والسابق الى عيسى صاحب يس والسابق الى محمد علي بن أبي طالب ( طب ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ).

الصديقون ثلاثة : حزقيل مؤمن آل فرعون ، وحبيب النجار صاحب آل يس ، وعلي بن أبي طالب. ( ابن النجار ، عن ابن عباس ).

وفي مجمع الزوائد : ٩ / ١٠٢ :

عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : السبَّق ثلاثة ، السابق الى موسى يوشع بن نون ، والسابق الى عيسى صاحب ياسين ، والسابق الى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

رواه الطبراني وفيه حسين بن حسن الأشقر ، وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور ، وبقية رجاله حديثهم حسن أو صحيح.

* *

لا يعبر إنسان الصراط إلا بجواز من علي عليه‌السلام

في تاريخ بغداد : ١٠ / ٣٥٧ :

عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن على الصراط لعقبة لا يجوزها أحدٌ إلا بجواز من علي بن أبي طالب.

٢٠٢

وفي تاريخ بغداد : ٣ / ١٦١ :

وفي حديث ابن عباس قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله للنار جواز ؟

قال : نعم.

قلت : وما هو ؟

قال : حب علي بن أبي طالب.

وفي الصواعق المحرقة لابن حجر / ١٩٥ :

عن أبي بكر بن أبي قحافة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز.

عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة حب علي عليه‌السلام

في تاريخ بغداد : ٤ / ٤١٠ :

عن أنس قال : والله الذي لا إلَه إلا هو لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب.

وفي المعجم الكبير للطبراني : ١١ / ٨٣ :

عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ) : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل ... وعن حبنا أهل البيت.

وفي الفضائل / ١١٤ :

وروى أنس بن مالك قال سمعت أذناي أن رسول الله ( ص ) يقول في علي بن أبي طالب عليه‌السلام : عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة حب علي.

من هو المخاطب بقوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد

قال الله تعالى :

ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد. وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد. لقد كنت

٢٠٣

في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد. وقال قرينه هذا ما لدي عتيد ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. مناع للخير معتد مريب. الذي جعل مع الله إلَهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد. قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد. قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد. ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد. ق ٢٠ ـ ٢٩

والسؤال هنا : من هما المخاطبان بقوله تعالى ( ألقيا ) المأموران بإلقاء الكفارين العنيدين في جهنم ؟

وقد أجاب أكثر المفسرين بأن المأمور بذلك هو القرين وهو واحدٌ ! لكن الأمر جاء بصيغة المثنى للتأكيد !!!

قال الطبري في تفسيره : ٢٧ / ١٠٣ : ( فأخرج الأمر للقرين وهو بلفظ واحد مخرج الاثنين ، وفي ذلك وجهان من التأويل : أحدهما أن يكون القرين بمعنى الاثنين ... والثاني أن يكون كما قال بعض أهل العربية وهو أن العرب تأمر الواحد والجماعة بما تأمر به الاثنين. انتهى.

وقال الرازي في تفسيره : ٢٧ / ١٦٥ :

ثم يقال للسائق أو للشهيد : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. فيكون هو أمراً لواحد ، وفيه وجهان : أحدهما أنه ثنى تكرار الأمر كما يقال ألق ألق ، وثانيهما عادة العرب ذلك. انتهى.

وذكر شبيهاً به بعض مفسرينا ، كما في التبيان : ٩ / ٣٦٦ ، وإملاء مامن به الرحمن : ٢ / ٢٤٢

ولكن لا يمكن قبول هذا الرأي :

أولاً ، لأنه يخالف مصداقية النص القرآني الدقيقة دائماً ، خاصة أنه تعالى كرر التثنية.

٢٠٤

فقال ( فألقياه في العذاب الشديد ). فما ذكره الطبري والرازي وغيرهما ، مضافاً الى تهافته ، لا يمكن قبوله.

وثانياً : أن الظاهر من الآيات أن القرين ملقى في جهنم أيضاً ، وأن تخاصمه مع صاحبه داخل جهنم ، فكيف يكون مقرباً عند الله تعالى ، ومأموراً بإلقاء الكفارين فيها ؟!

فلم يبق وجه للتثنية إلا أن يكون المخاطبان هما السائق والشهيد.

ولكن يرد عليه : أن الالقاء في النار عملٌ آخر غير السوق للمحشر والشهادة في الحساب. وأن المشهد في الآيات لشخصين : شخص كفار عنيد مناع للخير ، وقرينه قرين السوء .. الخ. وهي تتناسب مع أمر اثنين بإلقائهما في جهنم !

وهذا يقوي ما ورد في مصادرنا وبعض المصادر السنية من أن المأمورين في الآية هما محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام.

وقال في هامش مناقب أمير المؤمنين ( ع ) : ٢ / ٥٢٧ :

في مناقب علي المطبوع في خاتمة مناقب ابن المغازلي / ٤٢٧ ط ١ ، قال : حدثنا أبو الأغر أحمد بن جعفر الملطي قدم علينا في سنة سبع وعشرين وثلاث مائة قال : حدثنا محمد بن الليث الجوهري قال : حدثنا محمد بن الطفيل قال : حدثنا شريك بن عبدالله قال : كنت عند الأعمش وهو عليل فدخل عليه أبو حنيفة وابن شبرمة وابن أبي ليلى فقالوا : يا أبا محمد إنك في آخر أيام الدنيا وأول أيام الآخرة ، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث فتب الى الله منها !!

فقال الأعمش : أسندوني أسندوني. فأسند فقال :

حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة قال الله تبارك وتعالى لي ولعلي : ألقيا في النار من أبغضكما ، وأدخلا في الجنة من أحبكما ، فذلك قوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.

فقال أبو حنيفة للقوم : قوموا لا يجيء بشيء أشد من هذا.

٢٠٥

ورواه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية (٢٣) من سورة ( ق ) من شواهد التنزيل بسنده عن الكلابي ، وبسند آخر ، ثم قال : ورواه أيضاً الحماني عن شريك : حدثنيه أبو الحسن المصباحي ، حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن واصل ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا يعقوب بن إسحاق من ولد عباد بن العوام ، حدثنا يحيى بن عبدالحميد ، عن شريك ، عن الأعمش قال : حدثنا أبو المتوكل الناجي : عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لمحمد وعلي : أدخلا الجنة من أحبكما ، وأدخلا النار من أبغضكما ، فيجلس علي على شفير جهنم فيقول لها : هذا لي وهذا لك ! وهو قوله : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. ثم رواه بأسانيد أخر...

ورواه أيضاً الطوسي في الحديث : ٩ ـ ١١ من أماليه : ١ / ٢٩٦ ط ٣ ، قال : قال أبو محمد الفحام : حدثني أبو الطيب محمد بن الفرحان الدوري قال : حدثنا محمد بن علي بن فرات الدهان ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع ، عن أبيه عن الأعمش : عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب : أدخلا الجنة من أحبكما وأدخلا النار من أبغضكما. وذلك قوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.

وقريباً منه رواه بسند آخر في الحديث (٣٢) من المجلس ١٣ ، من : ١ / ٣٧٨ ورواه أيضاً بسنده عن أبي المفضل الشيباني في الحديث : (٧) من المجلس : (١٢) من أماليه : ٢ / ٦٣٩ ط. بيروت ، قال : قال أبوالمفضل : حدثنا ابراهيم بن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة قال : حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب قال : حدثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عم لشريك ، قال : حدثني شريك بن عبد الله القاضي قال : حضرت الأعمش في علتة التي قبض فيها ، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبوحنيفة فسألوه عن حاله فذكر ضعفاً شديداً ، وذكر ما يتخوف من خطيئاته وأدركته ذمة فبكى.

٢٠٦

فأقبل عليه أبو حنيفة فقال : يا أبا محمد اتق الله وانظر لنفسك ، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة ، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو رجعت عنها كان خيرا لك.

قال الأعمش : مثل ماذا يا نعمان ؟

قال : مثل حديث عباية : أنا قسيم النار !

قال : أو لمثلي تقول هذا يا يهودي ؟!

أقعدوني سندوني أقعدوني ! حدثني ـ والذي مصيري اليه ـ موسى بن طريف ولم أر أسدياً كان خيراً منه ، قال : سمعت عباية بن ربعي إمام الحي قال : سمعت علياً أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : أنا قسيم النار ، أقول هذا وليي دعيه وهذا عدوي خذيه.

وحدثني أبو المتوكل الناجي علي بن داوود ـ أو دواد ـ البصري الموثوق بالاتفاق من رجال الصحاح الست ـ في إمرة الحجاج ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يأمر الله عز وجل فأقعد أنا وعلي على الصراط ، ويقال لنا : أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما ، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما.

ثم قال أبو سعيد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما آمن بالله من لم يؤمن بي ، ولم يؤمن بي من لم يتول ـ أو قال : لم يحب ـ علياً ، وتلا : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.

قال : فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال : قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمد بأطم من هذا.

قال الحسن بن سعيد : قال لي شريك بن عبدا الله : فما أمسى يعني الأعمش حتى فارق الدنيا رحمه‌الله.

وقريباً منه رواه أيضاً الشيخ السديد السعيد المفيد أبوسعيد محمد بن أحمد بن الحسين الخزاعي جد الشيخ أبي الفتوح الرازي في الحديث (١٤) من أربعينه قال :

وعن محمد بن تميم الواسطي ، عن الحماني عن شريك قال : كنت عند سليمان الأعمش في مرضه ...

٢٠٧

ورواه أيضاً في الحديث العاشر منه بسند آخر وزيادة ، ومثله رواه ابن المغازلي في الحديث (٩٧) من مناقب علي / ٦٧. انتهى.

وروى فرات هذا المعنى في تفسيره بعدة طرق ، قال في / ٤٣٩ :

حدثني علي بن محمد الزهري معنعناً عن صباح المزني قال :

كنا نأتي الحسن بن صالح وكان يقرأ القرآن ، فإذا فرغ من القرآن سأله أصحاب المسائل حتى إذا فرغوا قام اليه شابٌ فقال له : قول الله تعالى في كتابه :

ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ؟

فنكت نكتة في الأرض طويلاً ، ثم قال : عن العنيد تسألني ؟

قال : لا ، أسألك عن ( ألقيا ).

قال : فمكث الحسن ساعة ينكت في الأرض ثم قال : إذا كان يوم القيامة يقوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام على شفير جهنم ، فلا يمر به أحدٌ من شيعته إلا قال : هذا لي ، وهذا لك.

ورواه في تفسير القمي : ٢ / ٣٢٤ ، بسنده عن فرات.

وفي تفسير فرات / ٤٣٧ :

عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة وعدني المقام المحمود وهو واف لي به ، إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر له ألف درجة ، لا كمراقيكم ، فأصعد حتى أعلو فوقه فيأتيني جبرئيل بلواء الحمد فيضعه في يدي ويقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى ، فأقول لعلي : إصعد ، فيكون أسفل مني بدرجة ، فأضع لواء الحمد في يده.

ثم يأتي رضوان بمفاتيح الجنة فيقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى ، فيضعها في يدي فأضعها في حجر علي بن أبي طالب.

ثم يأتي مالك خازن النار فيقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى ، هذه مفاتيح النار ، أدخل عدوك وعدو ذريتك وعدو أمتك النار ، فآخذها وأضعها في حجر علي بن أبي طالب.

٢٠٨

فالنار والجنة يومئذ أسمع لي ولعلي من العروس لزوجها ، فهو قول الله تبارك وتعالى في كتابه : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. ألق يا محمد ويا علي عدوكما في النار.

ثم أقوم فأثني على الله ثناء لم يثن عليه أحد قبلي ، ثم أثني على الملائكة المقربين ، ثم أثني على الأنبياء والمرسلين ، ثم أثني على الأمم الصالحين ، ثم أجلس فيثني الله ويثني علي ملائكته ويثني علي أنبياءه ورسله ويثني على الأمم الصالحة.

ثم ينادي مناد من بطنان العرش : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تمر بنت حبيب الله الى قصرها ، فتمر فاطمة بنتي عليها ريطتان خضراوان حولها سبعون ألف حوراء ، فإذا بلغت الى باب قصرها وجدت الحسن قائماً والحسين نائماً مقطوع الرأس فتقول للحسن : من هذا ؟ فيقول هذا أخي ، إن أمة أبيك قتلوه وقطعوا رأسه ، فيأتيها النداء من عند الله : يا بنت حبيبي إني إنما أريتك ما فعلت به أمة أبيك لاني ادخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه ، إني جعلت لتعزيتك بمصيبتك فيه أني لا أنظر في محاسبة العباد حتى تدخلي الجنة أنت وذريتك وشيعتك ، ومن أولاكم معروفاً ممن ليس هو من شيعتك ، قبل أن أنظر في محاسبة العباد !

فتدخل فاطمة ابنتي الجنة وذريتها وشيعتها ومن أولاها معروفاً ممن ليس هو من شيعتها ، فهو قول الله تعالى في كتابه : لا يحزنهم الفزع الأكبر ...

وفي تفسير فرات الكوفي / ٤٣٨ :

عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة نصب منبر يعلو المنابر فيتطاول الخلائق لذلك المنبر ، إذ طلع رجل عليه حلتان خضراوان ، متزر بواحدة مترد بأخرى ، فيمر بالملائكة فيقولون هذا منا ، فيجوزهم ، ثم يمر بالشهداء فيقولون هذا منا ، فيجوزهم ، ويمر بالنبيين فيقولون هذا منا ، فيجوزهم حتى يصعد المنبر.

ثم يجيَ رجل آخر عليه حلتان خضراوان متزر بواحدة مترد بأخرى فيمر

٢٠٩

بالشهداء فيقولون هذا منا ، فيجوزهم ثم يمر بالنبيين فيقولون هذا منا ، فيجوزهم ويمر بالملائكة فيقولون هذا منا ، فيجوزهم حتى يصعد المنبر.

ثم يغيبان ما شاء الله ، ثم يطلعان فيعرفان : محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي.

وعن يسار النبي ملكٌ وعن يمينه ملكٌ ، فيقول الملك الذي عن يمينه : يا معشر الخلائق أنا رضوان خازن الجنان ، أمرني الله بطاعته ، وطاعة محمد ، وطاعة علي بن أبي طالب. وهو قول الله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ، يا محمد ويا علي.

ويقول الملك الذي عن يساره : يا معشر الخلائق أنا خازن جهنم ، أمرني الله بطاعته ، وطاعة محمد ، وعلي !

وفي تأويل الآيات لشرف الدين : ٢ / ٦٠٩ :

تأويله : ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده ، عن رجاله ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله عز وجل : وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد.

قال : السائق : أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والشهيد : رسول الله صلى الله عليه وآله.

ويؤيد هذا التأويل : قوله تعالى لهما : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.

بيان ذلك ما ذكره أبو علي الطبرسي قال : روى أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن الأعمش قال : حدثنا أبو المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يقول الله لي ولعلي : ألقيا في النار من أبغضكما وأدخلا الجنة من أحبكما ، وذلك قوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.

وذكر الشيخ في أماليه ... الى آخر ما تقدم.

ويؤيده : ما روي بحذف الاسناد عن محمد بن حمران قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قوله عز وجل : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ؟ فقال :

إذا كان يوم القيامة وقف محمد وعلي صلوات الله عليهما وآلهما على الصراط ، فلا يجوز عليه إلا من كان معه براءة.

قلت : وما براءة ؟ قال : ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ولده عليهم‌السلام.

٢١٠

وينادي مناد : يا محمد يا علي : القيا في جهنم كل كفار بنبوتك عنيد لعلي بن أبي طالب وولده عليهم‌السلام.

وذكر في هامشه من مصادره :

تفسير البرهان : ٤ /٢٢٢ ح ٢ ، عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي.

وشواهد التنزيل : ٢ / ١٩٠ ح ٨٩٦

ومجمع البيان ٩ / ١٤٧ ، وعنه البحار : ٣٦ / ٧٥

ونور الثقلين : ٥ / ١١٣ ح ٣٥

عنه البرهان : ٤ / ٢٢٧ ح ٤

والبحار : ٧ / ٣٣٨ ح ٢٦ و٣٩ / ٢٥٣ ح ٢٣ و٦٨ / ١١٧ ح ٤٣ ، عن أمالي الطوسي : ١ / ٣٧٨. انتهى.

وفي شواهد التنزيل للحسكاني : ٢ / ٢٦٥ :

عن علي عليه‌السلام في قوله تعالى ( ألقيا في جهنم ... ) قال قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد ، كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش ، فيقول لي ولك : قوماً فألقيا من أبغضكما وخالفكما في النار.

٢١١

أحاديث في شفاعة فاطمة الزهراء عليها‌السلام

في مسائل علي بن جعفر / ٣٤٥ :

أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني قال : حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال : حدثنا محمد بن سهل قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين قال : حدثني علي بن جعفر بن محمد ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن جده علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

إذا كان يوم القيامة نادى مناد : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتى تمر فاطمة بنت محمد ، فتكون أول من يكسى ، وتستقبلها من الفردوس إثنا عشر ألف حوراء ، وخمسون ألف ملك ، علي نجائب من الياقوت ، أجنحتها وأزمتها اللؤلؤ الرطب ، ركبها من زبرجد ، عليها رحل من الدر ، على كل رحل نمرقة من سندس حتى يجوزوا بها الصراط ، ويأتوا بها الفردوس ، فيتباشر بمجيئها أهل الجنان. فتجلس على كرسي من نور ويجلسون حولها ، وهي جنة الفردوس التي سقفها عرش الرحمان ، وفيها قصران ، قصر أبيض وقصر أصفر من لؤلؤة على عرق واحد ، في القصر الأبيض سبعون ألف دار ، مساكن محمد وآل محمد.

وفي القصر الأصفر سبعون ألف دار ، مساكن ابراهيم وآل ابراهيم.

ثم يبعث الله ملكاً لها لم يبعث لأحد قبلها ولا يبعث لأحد بعدها ، فيقول : إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول : سليني. فتقول : هو السلام ، ومنه السلام ، قد أتم علي نعمته ، وهنأني كرامته ، وأباحني جنته ، وفضلني على سائر خلقه ، أسأله ولدي وذريتي ، ومن ودهم بعدي وحفظهم في. فيوحي الله الى ذلك الملك من غير أن يزول من مكانه ، أخبرها أني قد شفعتها في ولدها وذريتها ومن ودهم فيها وحفظهم بعدها ، فتقول : الحمد لله الذي أذهب عني الحزن ، وأقر عيني ، فيقر الله بذلك عين محمد صلى الله عليه وآله.

٢١٢

ورواه في تأويل الآيات : ٢/ ١٧٩ ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، وقال في آخره : كان أبي إذا ذكر هذاالحديث تلا هذه الآية : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ، وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين.

وفي علل الشرائع : ١ / ١٧٩ :

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لفاطمة عليها‌السلام وقفةٌ على باب جهنم ، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر ، فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه الى النار ، فتقرأ فاطمة بين عينيه محباً فتقول : إلهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ، ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد. فيقول الله عز وجل : صدقت يا فاطمة إني سميتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار ، ووعدي الحق ، وأنا لا أخلف الميعاد ، وإنما أمرت بعبدي هذا الى النار لتشفعي فيه فأشفعك ، وليتبين لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ، ومكانتك عندي ، فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فخذي بيده وأدخليه الجنة. انتهى.

ورواه في البحار : ٨ / ٥١

وفي تفسير فرات / ١١٦ :

عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : قال جابر لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك يا بن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة عليها‌السلام إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك.

قال أبو جعفر : حدثني أبي ، عن جدي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور ، فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة ، ثم يقول الله : يا محمد أخطب ، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها.

٢١٣

ثم ينصب للأوصياء منابر من نور ، وينصب لوصيي علي بن أبي طالب في أوساطهم منبر من نور ، فيكون منبره أعلى منابرهم ، ثم يقول الله : يا علي أخطب ، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها.

ثم ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور ، فيكون لابني وسبطي وريحانتي أيام حياتي منبران من نور ، ثم يقال لهما : أخطبا ، فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلهما.

ثم ينادي المنادي وهو جبرئيل عليه‌السلام :

أين فاطمة بنت محمد ؟

أين خديجة بنت خويلد ؟

أين مريم بنت عمران ؟

أين آسية بنت مزاحم ؟

أين أم كلثوم أم يحيى بن زكريا ؟

فيقمن ، فيقول الله تبارك وتعالى : يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟

فيقول محمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة : لله الواحد القهار.

فيقول الله جل جلاله : يا أهل الجمع إني قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة.

يا أهل الجمع طأطئوا الرؤوس وغضوا الأبصار ، فإن هذه فاطمة تسير الى الجنة.

فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين ، خطامها من اللؤلؤ المحقق الرطب ، عليها رحلٌ من المرجان ، فتناخ بين يديها فتركبها فيبعث إليها مائة ألف ملك فيصيروا على يمينها ، ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى يصيروها على باب الجنة ، فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت فيقول الله : يا بنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك الى جنتي ؟

فتقول : يا رب أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم. فيقول الله تعالى يا بنت

٢١٤

حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حبٌّ لك أو لأحد من ذريتك خذي فأدخليه الجنة.

قال أبو جعفر : والله يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الردي ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنة ، يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا فإذا التفتوا يقول الله : يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟

فيقولون : يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم ، فيقول الله :

يا أحبائي إرجعوا وانظروا من أحبكم لحب فاطمة ، أنظروا من أطعمكم لحب فاطمة ، أنظروا من كساكم لحب فاطمة ، أنظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة ، أنظروا من رد عنكم غيبة في حب فاطمة .. خذوا بيده وأدخلوه الجنة.

قال أبو جعفر : والله لا يبقي في الناس إلا شاكٌّ أو كافرٌ أو منافق.

فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم. فيقولون : فلو أن لناكرة فنكون من المؤمنين.

قال أبو جعفر : هيهات هيهات ، منعوا ماطلبوا ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ).

وفي مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان : ٢ / ٥٨٩ :

حدثنا أبو أحمد قال : أخبرنا عبدالله بن عبد الصمد ، عن عبد الله بن سوار ، عن عباس بن خليفة ، عن سليمان الأعمش قال قال : بعث أبو جعفر أمير المؤمنين إلي فأتاني رسوله في جوف الليل فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي ، فقلت عسى أن يكون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي فلعلي إن صدقته صلبني.

قال : فكتبت وصيتي ولبست كفني ودخلت عليه ، فإذا عنده عمرو بن عبيد فحمدت الله على ذلك ، فقال لي أبو جعفر يا سليمان أدن مني ، قال فدنوت منه

٢١٥

فاشتم رائحة الحنوط ، فقال لي : والله يا سليمان لتصدقني أو لأصلبنك !

قال قلت : حاجتك يا أمير المؤمنين.

قال : ما لي أراك محنطاً ؟

قال قلت : أتاني رسولك أن أجب ، فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي ، فقلت :

عسى أن يكون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة يسألني عن فضائل علي ، فلعلي إن صدقته صلبني !!

قال فاستوى جالساً وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فقال : يا سليمان أسألك بالله كم من حديث ترويه في فضائل علي ؟

قلت : ألفي حديث أو يزيد.

قال لي : والله لأحدثنك حديثين ينسيان كل حديث ترويه في فضل علي !

قال : قلت حدثني.

قال : نعم ، أيام كنت هارباً من بني مروان أدور البلاد وأتقرب الى الناس بحب علي وفضله وكانوا يطعموني ، حتى وردت بلاد الشام وأنا في كساء خلق ما علي غيره ، قال : فنودي للصلاة وسمعت الاقامة ، فدخلت المسجد وفي نفسي أن أكلم الناس ليطعموني ، فلما سلم الإمام إذا رجل عن يميني معه صبيان فقلت : من الصبيان من الشيخ؟

قال : أنا جدهما وليس في هذه المدينة رجل يحب علياً غيري ، ولذلك سميت أحدهما حسناً والآخر حسيناً ، قال : فقمت اليه فقال : يا شيخ ما تشاء ؟

قال قلت : هل لك في حديث أقر به عينك ؟

قال : إن أقررت عيني أقررت عينك.

قال قلت : حدثني أبي عن جدي قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم قعوداً إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي بكاء شديداً فقال لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يبكيك ؟

قالت : يا أبتاه خرج الحسن والحسين ولا أدري أين أقاما البارحة ؟

٢١٦

فقال لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة لا تبكي فو الله إن الذي خلقهما هو ألطف بهما منك ، ثم رفع طرفه الى السماء ، ثم قال : اللهم إن كانا أخذا براً أو ركبا بحراً فاحفظهما وسلمهما.

فإذا بجبرئيل قد هبط على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول : إنك لا تحزن لهما ولا تغتم لهما ، فإنهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة ، وأبواهما خير منهما ، وهما نائمان بحضيرة بني النجار ، قد وكل الله بهما ملكاً يحفظهما.

فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرحاً مع أصحابه حتى أتى حضيرة بني النجار ، فإذا الحسن معانق الحسين ، وإذا ذلك الملك الموكل بهما باسط أحد جناحيه تحتهما والآخر قد جللهما به ، فانكب عليهما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقبلهما ، حتى انتبها من نومهما فحملهما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يقول : والله لأبينن فيكما كما بين فيكما الله.

فقال له أبو بكر : يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنك.

فقال النبي : يا أبا بكر نعم الحامل حاملهما ونعم المحمولان هما ، وأبوهما خيرٌ منهما.

فقال عمر : يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنك.

فقال : يا عمر نعم الحامل حاملهما ، ونعم الراكبان هما ، وأبوهما خيرٌ منهما.

فأتى بهما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المسجد فقال : يا بلال هلم إلي الناس فنادى منادي رسول الله في المدينة ، فاجتمع الناس الى رسول الله ، فقام على قدميه فقال :

يا معشر الناس ، ألا أدلكم على خير الناس جداً وجدة ؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : الحسن والحسين جدهما رسول الله ، وجدتهما خديجة ابنة خويلد سيدة نساء أهل الجنة.

ثم قال : أيها الناس ، ألا أدلكم على خير الناس أباً وأماً ؟

٢١٧

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : عليكم بالحسن والحسين ، أبوهما شاب يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، وأمهما فاطمة ابنة رسول الله.

يا معشر الناس ، ألا أدلكم على خير الناس عماً وعمة ؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : عليكم بالحسن والحسين ، عمهما جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة ، وعمتهما أم هانيء بنت أبي طالب.

ثم قال : يا معشر الناس ، ألا أدلكم على خير الناس خالاً وخالة ؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : عليكم بالحسن والحسين ، فخالهما القاسم بن رسول الله ، وخالتهما زينب ابنة رسول الله.

ثم قال : إن الحسن والحسين في الجنة ، وأباهما في الجنة ، وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة ، وعمتهما في الجنة ، وخالهما في الجنة ، وخالتهما في الجنة.

اللهم إنك تعلم أنه من يحبهما أنه معهما. اللهم إنك تعلم أنه من يبغضهما أنه في النار.

فلما قلت ذلك للشيخ ، قال : من أنت يا فتى ؟

قلت : من أهل الكوفة.

قال : عربيٌّ أم مولى ؟

قلت : عربي.

قال : أنت تحدث بهذا الحديث ، وأنت في هذا الكساء ؟!

قال : فكساني حلة وحملني على بغلته.

قال : فبعتهما في ذلك الزمان بمائة دينار.

ثم قال : يا فتى أقررت عيني ، والله لأرشدنك الى شاب يقر عينك.

٢١٨

قال : قلت نعم أرشدني.

قال : فقال نعم ههنا رجلان أحدهما إمام والآخر مؤذن ، فأما الإمام فهو يحب علياً منذ خرج من بطن أمه ، وأما الآخر فقد كان يبغض علياً وهو اليوم يحب علياً.

قال : فأخذ بيدي وأتى بي باب الإمام ، فإذا شابٌ صبيح الوجه قد خرج علي فعرف الحلة وعرف البلغة وقال : والله يا أخي ما كساك فلان حلته ، ولا حملك على بغلته ، إلا أنك تحب الله ورسوله وتحب علياً ، فحدثني في علي.

فقلت : نعم حدثني والدي عن أبيه عن جده قال :

كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم إذ أقبلت فاطمة وهي حاملة الحسن والحسين على كتفيها وهي تبكي بكاء شديداً ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة ما يبكيك ؟

قالت : يا رسول الله عيرتني نساء قريش أن أباك زوجك معدماً لا مال له !

فقال لها رسول الله : يا فاطمة لا تبكي ، فو الله ما زوجتك حتى زوجك الله وشهد على ذلك جبرئيل وإسرافيل. ثم اختار من أهل الدنيا فاختار من الخلق أباك فبعثه نبيا ، ثم اختار من أهل الدنيا فاختار من الخلق علياً فجعله وصياً.

يا فاطمة لا تبكي ، فإني زوجتك أشجع الناس قلباً ، وأعلم الناس علماً ، وأسمح الناس كفاً ، وأقدم الناس إسلاماً.

يا فاطمة لا تبكي ، ابناه سيدا شباب أهل الجنة ، كان اسمهما مكتوباً في التوراة شبراً وشبيراً ومشبراً.

( وفي مناقب الخوارزمي : ثم إن الله عز وجل أطلع الى أهل الأرض فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبياً ، ثم أطلع الى الأرض ثانية فاختار من الخلائق علياً ، فزوجك الله إياه واتخذته وصياً ، فعلي مني وأنا منه ، فعلي أشجع الناس قلباً وأعلم الناس علماً وأحلم الناس حلماً وأقدم الناس سلماً وأسمحهم كفاً وأحسنهم خلقاً.

يا فاطمة ، إني آخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنة بيدي ، ثم أدفعها الى علي ، فيكون آدم ومن ولده تحت لوائه.

٢١٩

يا فاطمة ، إني مقيم غداً علياً على حوضي ، يسقي من عرف من أمتي ، والحسن والحسين ابناه سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين ، وقد سبق اسمهما في توراة موسى ، وكان اسمهما في التوراة شبراً وشبيراً ، سماهما الله الحسن والحسين لكرامة محمد على الله ولكرامتهما عليه )

يا فاطمة ، ألا ترين أني إذا دعيت الى رب العالمين دعي علي معي ، وإذا شفعني الله في المقام المحمود شفع علي معي.

يا فاطمة إذا كان يوم القيامة كسي أبوك حلتين ، وعلي حلتين ، وينادي المنادي في ذلك اليوم : يا محمد نعم الجد جدك ابراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي.

يا فاطمة لا تبكي ، علي وشيعته غداً هم الفائزون في الجنة

وقال في هامشه :

١١٠٠ ـ والحديث رواه الخوارزمي في أول الفصل (١٩) من كتابه مناقب علي عليه‌السلام بسند آخر عن الأعمش ، وبزيادات في متن الحديث.

وقد رواه بعدة أسانيد ابن المغازلي الشافعي في الحديث (١٨٨) من كتابه مناقب علي عليه‌السلام ص ١٤٣ ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج بن الازهر الصيرفي البغدادي رحمه‌الله قدم علينا واسطاً ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسبن سليمان ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبدالله العكبري ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن عتاب العبدي ، حدثنا عمر بن شبة بن عبيدة النميري قال : حدثني المدائني قال : وجه المنصور الى الأعمش يدعوه...

قال : وحدثنا محمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبدالله العكبري ، حدثنا عبدالله بن عتاب بن محمد ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش قال : أرسل الى المنصور ...

وحدثنا محمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله العكبري ، حدثنا

٢٢٠