العقائد الاسلامية - ج ٤

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الاسلامية - ج ٤

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-121-4 /
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٥٢٥

وقال في هامشه : أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ( ٩ / ١٠٢ ) وقال رواه الطبراني والبزار ، وفيه عمر بن سعيد المصري وهو ضعيف. انتهى.

وكلام هذا المهمش ليس دقيقاً ، لأن رواية كنز العمال عن ثلاثة : سلمان وأبي ذر وحذيفة. ورواية الطبراني والبزار التي ضعفها الهيثمي بعمر بن سعيد المصري إنما هي عن أبي ذر وحده ، وبالتالي فهو لم يضعف رواية سلمان وأبي ذر معاً ، ولا رواية حذيفة التي نقلها صاحب كنز العمال عن البيهقي ، وعن طبقات ابن سعد !

واليك ما قاله في مجمع الزوائد : ٩ / ١٠٢ :

وعن أبي ذر وسلمان قالا : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال : إن هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين.

رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده وقال فيه : أنت أول من آمن بي ، وقال فيه : والمال يعسوب الكفار. وفيه عمرو بن سعيد المصري وهو ضعيف. انتهى.

ومهما يكن ، فإن بعض طرق الحديث صحيحةٌ على مبانيهم بدون حاجة الى شواهد ، وبعضها صحيحةٌ بشواهدها. ولكنهم لا يبحثون أسانيده وأسانيد شواهده ، ويضعفونه ويحكمون عليه بأنه منكر ، لأنه يتضمن شهادة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بصفات مهمة لعلي عليه‌السلام ، وهي أمر منكر يضر بالخلافة القرشية !!

بل الأحوط عند بعض علماء الخلافة أن يعارضوه بأحاديث تشهد بأن الصفات التي وردت فيه قد ثبتت لخلفاء قريش ، وليس لعلي !!

ونترك لقب الصديق والفاروق فعلاً ، ونذكر ما رووه حول : أول من تنشق عنه الأرض مع النبي في يوم المحشر ، وأول من يصافح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لإنهما من صلب موضوعنا.

١٦١

أما الاول :

فقد روى الحاكم في المستدرك : ٢ / ٤٦٥ ، وصححه :

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أول من تنشق الأرض عنه ، ثم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي ، ثم أنتظر أهل مكة !!

وتلا عبد الله بن عمر : يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ذلك حشر علينا يسير !

ورواه أيضاً في : ٣ / ٦٨ ، وصححه.

ورواه في كنز العمال : ١١ / ٤٠٣

وروى نحوه في / ٤٢٦ و٤٣٣ ( عن الترمذي ، وحسنه ، وأبي عروبة في الأوائل ، والطبراني الكبير ، وابن عساكر ، وأبي نعيم في فضائل الصحابة ، عن ابن عمر.

وبآخر عن ابن عساكر ، عن أبي هريرة. انتهى.

وتلاحظ في هذه الأحاديث أنها تعطي الأولية في الحشر ودخول الجنة لأبي بكر وعمر ، ثم لأهل البقيع ، ثم للقرشيين في مكة !

كما يوجد عندهم حديث آخر يميلون الى قبوله ، رواه في كنز العمال : ١٣ / ٢٣٣ عن علي ! قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

أنا أول من تنشق الأرض عنه ولا فخر ، فيعطيني الله من الكرامة ما لم يعطني من قبل. ثم ينادي مناد : يا محمد قرب الخلفاء ، فأقول : ومن الخلفاء ؟!

فيقول جل جلاله : عبد الله أبو بكر الصديق ، فأول من تنشق الأرض عنه بعدي أبو بكر ، ويقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ويكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.

ثم ينادي مناد : أين عمر بن الخطاب ؟ فيجيء وأوداجه تشخب دماً فأقول : عمر ! من فعل هذا بك !؟

فيقول : مولى المغيرة بن شعبة ، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.

١٦٢

ثم يؤتى بعثمان بن عفان وأوداجه تشخب دماً ، فأقول : عثمان ! من فعل بك هذا !؟

فيقول : فلانٌ وفلان ، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.

ثم يؤتى بعلي وأوداجه تشخب دماً فأقول : علي ! من فعل بك هذا ؟!

فيقول : عبد الرحمن بن ملجم ، فيوقف بين يدي لله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش مع أصحابه.

الزوزني ، وفيه علي بن صالح ، قال الذهبي : لا يعرف ، وله خبرٌ باطل ، وقال في اللسان ذكره ابن حبان في الثقات وقال : روى عنه أهل العراق ، مستقيم الحديث. انتهى.

وهكذا عالج رواة الخلافة أولية علي التي رواها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ! فوضعوا حديثاً على لسان علي نفسه ! يجعل الأولية لخلفاء قريش بالترتيب ، ويجعل علياً الرابع !!

وإذا كلمتهم في السند تراهم يعرضون عن بحث أسانيد الأحاديث التي فيها فضائل علي ، ويعملون المستحيل لتصحيح الأحاديث التي فيها فضائل غيره ، ويمدح ابن حبان واضع الحديث بأنه مستقيم الحديث ، أي أحاديثه في مدح الخلفاء والأمراء وعمالهم !

* *

وأما حديث أن أول من يصافحه النبي يوم القيامة علي .. فقد وجدوا له معالجة أخرى ، فإذا كان علي أول شخص يستقبله الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ويصافحه يوم القيامة ، فإن عمر أول شخص يستقبله الله تعالى يوم القيامة ويصافحه !! ويرحب به ، ويدخله الجنة !!

فقد روى ابن ماجة في صحيحه : ١ / ٣٩ :

حدثنا إسماعيل بن محمد الطلحي ، أنبأنا داود بن عطاء المديني ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب ، قال :

١٦٣

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول من يصافحه الحق عمر ، وأول من يسلم عليه ، وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة.

ورواه في كنز العمال : ١ / ٥٧٨ ـ هـ ، ك ـ عن أبي. انتهى.

وقد جاءت روايتهم فاقعةً الى حد أن الذهبي الذي يحب التجسيم ويحب عمر ، لم يستطع الدفاع عنها !

وكذلك الألباني ، حيث ضعفها على مضض في ضعيفته برقم ٢٢٤٨٥.

* *

نتيجة كلية

والنتيجة الأكيدة عند المتأمل في هذه الأحاديث من مصادر الفريقين :

أن علياً وأهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لهم دورٌ كبير في الشفاعة مع النبي يوم القيامة .. بل إن كل مؤمن مقبول له شفاعة يوم القيامة بحسبه ، ولما كان أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سادة المؤمنين ، فشفاعتهم أكبر وأعظم.

أما الصحابة فتدل أحاديث القيامة على أن أكثرهم يكونون مشغولين الى آخر نفس في معالجة مشكلتهم وتخليص أنفسهم !!

علي عليه‌السلام هو ذائد المنافقين عن حوض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة!

تقدم في الفصل الخامس عشر تحت عنوان : علي ميزان الإسلام والكفر ، حديث الإمام الحسن السبط عليه‌السلام ، وقد صححه الحاكم وغيره ، وفيه :

( فقال له الحسن : أما والله لئن وردت عليه الحوض ، وما أراك ترده ، لتجدنه مشمر الازار على ساق ، يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الابل ! قول الصادق المصدوق ، وقد خاب من افترى ).

كما تقدمت بعض أحاديثه في حمل لواء المحشر عن أحمد وغيره.

١٦٤

وفي مناقب الصحابة لأحمد / ٦٦٧ :

وفيما كتب إلينا ( عبد الله بن غنام ) يذكر أن عباد بن يعقوب حدثهم ، نا علي بن عابس ، عن عبد الله عن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي ، قال اشتكى أبو الأسود الفالج فنعت له ثعلب فطلبناها في خرب البصرة ، فبينا أنا أطوف إذا أنا برجل يصلي فأشار إلي فأتيته فقال : من أنت ؟ فقلت أبو حرب بن أبي الأسود ، فقال : أقرئ أباك السلام وقل له عبد الله بن فلان يقرأ عليك السلام ويقول لك : أشهد أني سمعت علياً يقول : لأذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول الله رايات الكفار والمنافقين ، كما تذاد غريبة الإبل عن حياضها. انتهى.

وفي تاريخ المدينة لابن شبة : ١ / ٣٧ :

حدثنا محمد بن بكار قال ، حدثنا أبو معشر ، عن حرام بن عثمان ( عن أبي ) عتيق ، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أناساً من المسجد وقال : لا ترقدوا في مسجدي هذا. قال : فخرج الناس ، وخرج علي رضي الله عنه ، فقال : لعلي رضي الله عنه إرجع فقد أحل لك فيه ما أحل لي ، كأني بك تذودهم على الحوض ، وفي يدك عصا عوسج.

وفي مجمع الزوائد : ٩ / ١٧٣ :

وعن أبي هريرة أن علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، أيما أحب اليك أنا أم فاطمة ؟

قال : فاطمة أحب إلي منك ، وأنت أعز عليّ منها. وكأنى بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس ، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء ، وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة ، إخواناً على سرر متقابلين ، أنت معي وشيعتك في الجنة. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : إخواناً على سرر متقابلين ، لا ينظر أحد في قفا صاحبه.

رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه سلمى بن عقبة ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.

١٦٥

ورواه في تفسير الميزان : ١٢ / ١٧٦ ، عن تفسير البرهان عن الحافظ أبي نعيم عن رجاله عن أبي هريرة ..

وفي مجمع الزوائد : ٩ / ١٣٥ :

عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي معك يوم القيامة عصا من عصى الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلام بن سليمان المدايني وزيد العمي ، وهما ضعيفان وقد وثقا ، وبقية رجالهما ثقات.

وعن عبد الله بن إجارة بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو على المنبر يقول : أنا أذود عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين القصيرتين ، الكفار والمنافقين كما تذود السقاة غريبة الابل عن حياضهم.

رواه الطبراني في الاوسط ، وفيه محمد بن قدامة الجوهري ، وهو ضعيف.

وعن علي بن أبي طالب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا ترضى يا علي إذا جمع الله النبيين في صعيد واحد ، حفاة عراة مشاة قد قطع أعناقهم العطش فكان أول من يدعي ابراهيم فيكسى ثوبين أبيضين ، ثم يقوم عن يمين العرش ، ثم يفجر مثعب من الجنة الى حوضي ، وحوضي أبعد مما بين بصرى وصنعاء ، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة ، فأشرب وأتوضأ وأكسى ثوبين أبيضين ، ثم أقوم عن يمين العرش ، ثم تدعى فتشرب وتتوضأ وتكسى ثوبين أبيضين ، فتقوم معي ، ولا أدعى الى خير إلا دعيت له.

رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه عمران بن ميثم ، وهو كذاب.

وفي مجمع الزوائد : ١٠ / ٣٦٦ :

وعن أبي هريرة وجابر بن عبد الله قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي بن أبي طالب صاحب حوضي يوم القيامة ، فيه أكوابٌ كعدد نجوم السماء ، وسعة حوضي مابين الجابية الى صنعاء. رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه ضعفاء وثقوا.

١٦٦

وفي الغدير : ١ / ٣٢١ :

أخرج الطبراني بإسناد رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة ، تذود بها المنافقين عن الحوض.

الذخاير / ٩١ ، الرياض : ٢ / ٢١١ ، مجمع الزوائد : ٩ / ١٣٥ ، الصواعق / ١٠٤. انتهى.

وهو في الطبراني الصغير : ٢ / ٨٩ ، ورواه الديلمي أيضاً في فردوس الأخبار : ٥ / ٣١٧ و ٤٠٨ ، وفي طبعة أخرى من الصواعق / ١٧٤

وفي تاريخ دمشق لابن عساكر : ١ / ٢٦٥ :

أخبرنا أبو الحسن السلمي ، أنبأنا عبد العزيز التميمي ، أنبأنا علي بن موسى بن الحسين ، أنبأنا أبو سليمان بن زير ، أنبأنا محمد بن يوسف الهروي ، أنبأنا محمد بن النعمان بن بشير ، أنبأنا أحمد بن الحسين بن جعفر الهاشمي اللهبي ، حدثني عبد العزيز بن محمد ، عن حرام بن عثمان ، عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما جابر بن عبد الله الأنصاري قال :

جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في المسجد ، وفي يده عسيب رطب فضربنا ، وقال : أترقدون في المسجد ، إنه لا يرقد فيه أحد.

فأجفلنا وأجفل معنا علي بن أبي طالب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي ، ياعلي ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة.

والذي نفسي بيده إنك لتذودن عن حوضي يوم القيامة رجالاً كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصى من عوسج ، كأني أنظر مقامك من حوضي.

قال ( و ) أخبرناه عاليا أبو المظفر بن القشيري وأبو القاسم الشحامي قالا : أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو سعيد محمد بن بشر ، أنبأنا محمد بن ادريس ، أنبأنا سويد بن سعد ، أنبأنا حفص بن ميسرة ، عن حزام بن عثمان ، عن ابن جابر ـ أراه عن جابر ـ قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في

١٦٧

المسجد ، فضربنا بعصف في يده فقال : أترقدون في المسجد إنه لا يرقد فيه.

فأجفلنا فأجفل علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعال يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ، والذي نفسي بيده إنك لذواد عن حوضي يوم القيامة ، تذود كما يذاد البعير الضال عن المأ بعصى لك من عوسج ، كأني أنظر الى مقامك من حوضي. انتهى.

ونقله عنه في إحقاق الحق : ١٧ / ٣٧٤ ، ورواه الخوارزمي في مناقبه / ٦٥

وفي الروض الأنف : ٢ / ١٤٦ :

من طريق جابر بن عبد الله أن رسول الله ( ص ) قال لعلي : والذي نفسي بيده إنك لذائد عن حوضي يوم القيامة ، تذود عنه كفار الأمم كما تذاد الابل الضالة عن الماء.

وقال السهيلي : إلا أن هذا الحديث يرويه حرام بن عثمان عن جابر عن النبي. وقد سئل مالك عنه فقال : ليس بثقة ، وأغلظ فيه الشافعي. انتهى.

وكذلك ضعفه في تهذيب التهذيب : ٤ / ٢٨٣

ولا بد أن مالكاً سئل عنه ، بعد أن ندم على تدوين حديث الحوض في موطئه !

وسواء صح ما نقلوه عن الشافعي في راوي الحديث حرام بن عثمان أم لا ، فإن الذين ضعفوا هذا الحديث قد تعصبوا ضد أهل البيت ، ودلسوا أيضاً !

ذلك أن القاعدة عند العلماء : أنهم إذا ضعفوا طريقاً لحديث مروي من طرق أخرى صحيحة ، أن ينبهوا الى ذلك ، ويذكروا أن له طرقاً أخرى ليس فيها حرام !! خاصة أنه حديثٌ مشهورٌ من رواية أهل البيت واحتجاجاتهم من زمن علي والحسنين عليهم‌السلام ، وكذلك في احتجاج شيعتهم ومحاوراتهم من القرن الأول نثراً وشعراً.

وقد نقلته مصادر السنيين بأسانيد صحيحة عن علي ، وعن الحسن السبط عليهما‌السلام ، وقد تقدم في الفصل الخامس عشر تحت عنوان : علي عليه‌السلام ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق ، فراجع.

١٦٨

وكذا روته مصادرهم فيما روت من خطب الإمام الحسين عليه‌السلام ومحاوراته لجيش يزيد في كربلاء ..

ولذلك يعتبر علماء الجرح والتعديل مثل هذا العمل تدليساً ، يقصد منه إيهام القارىء بضعف متن هذا الحديث وأسانيده الأخرى !!

* *

وأخيراً ، فقد روت مصادر السنيين حديثاً غير مفهوم ، ورد فيه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يذود عن الحوض لأهل اليمن !

ففي المسند الجامع ـ تحقيق الدكتور عواد : ٣ / ٣٤٣ ـ ح ٢٠٦٢ ـ ٤٨ :

عن ثوبان ، أن نبي الله ( ص ) قال : إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم. فسئل عن عرضه ؟ فقال : من مقامي الى عمان.

وسئل عن شرابه ؟ فقال : أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، يغث فيه ميزابان يحدانه من الجنة ، أحدهما من ذهب ، والآخر من ورق. انتهى.

وقد وجدنا حديثاً صححه في مجمع الزوائد ، وهو يعطي ضوءاً على هذا الحديث المبهم ، ويدل على أنه نصه كان يرتبط بأهل البيت عليهم‌السلام ، فصار لأهل اليمن !!

قال في مجمع الزوائد : ١٠ / ٣٦٦ :

وعن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حوضي أذود عنه الناس لأهل بيتى إني لأضربهم بعصاي هذه حتى ترفض.

قلت : فذكر الحديث وهو في الصحيح غير قوله ( لأهل بيتي ).

رواه البزار بإسنادين ، ورجال أحدهما رجال الصحيح. انتهى.

ومعنى ذلك أن إحدى روايتي البزاز التي فيها ( لأهل بيتي ) صحيحة ، ولعل أصل الحديث أذود عنه أنا وأهل بيتي ، أو أذود من خالف أهل بيتي ..

* *

١٦٩

من أحاديث الحوض في مصادرنا

أما مصادرنا فلا مشكلة لها مع أحاديث حوض الكوثر ولا مع غيرها ، لذك تجد أحاديثه صحيحة ومتواترة في مصادرنا ، وهي من حججنا على إمامة أهل البيت النبوي الطاهرين عليهم‌السلام ..

قال الصدوق في كتاب الاعتقادات / ٤٣ :

إعتقادنا في الحوض : أنه حق ، وأن عرضه مابين أيلة وصنعاء ، وهو للنبي صلى الله عليه وآله. الساقي عليه يوم القيامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهما‌السلام ، يسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه ، ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليختلجن قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأنادي ياربي أصحابي أصحابي ، فيقال لي : إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك!.

وروى في كتاب الخصال / ٦٢٤ ، عن علي عليه‌السلام :

أنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعي عترتي وسبطي على الحوض ، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا ، فإن لكل أهل بيت نجيب ولنا شفاعة ، ولأهل مودتنا شفاعة ، فتنافسوا في لقائنا على الحوض ، فإنا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أحباءنا وأولياءنا ، ومن شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً.

حوضنا مترعٌ فيه مثعبان ينصبان من الجنة أحدهما من تسنيم ، والآخر من معين ، على حافتيه الزعفران ، وحصاه اللؤلؤ والياقوت ، وهو الكوثر.

ورواه في تفسير فرات الكوفي / ٣٦٦ ، وتفسير نور الثقلين : ٥ / ٥١١

وفي تفسير فرات / ١٧٢ ، من رواية يخبر بها النبي ابنته الصديقة فاطمة الزهراء عليها‌السلام بما سيحدث لها ولأولادها من بعده ، ويعلمها الصبر على أمر الله تعالى ، قال :

يا فاطمة بنت محمد ...

١٧٠

أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة.

أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه ، ويذود عنه أعداءه.

أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار ، يأمر النار فتطيعه يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء.

أما ترضين أن تنظرين الى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون اليك والى ما تأمرين به ، وينظرون الى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله !

فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتليك ؟ !!

وقد أوردنا في معجم أحاديث الإمام المهدي : ٣ /١٥٣ :

عن تفسير العياشي : ١ / ١٤ ، والكافي : ١ /٦٢ :

عن علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ابراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال قلت لأمير المؤمنين عليه‌السلام : إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متعمدين ؟ ويفسرون القرآن بآرائهم ؟

قال : فأقبل علي فقال : قد سألت فافهم الجواب.

إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعاماً وخاصاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عهده حتى قام خطيباً فقال : أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة ، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوء مقعده من النار ! ثم كذب عليه من بعده !

وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

١٧١

رجلٌ منافقٌ يظهر الايمان ، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متعمداً ، فلو علم الناس أنه منافقٌ كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل : وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وإن يقولوا تسمع لقولهم.

ثم بقوا بعده فتقربوا الى أئمة الضلالة والدعاة الى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا !

وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.

ورجلٌ سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجلٌ ثالثٌ سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

وآخرُ رابعٌ لم يكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد في ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [ وخاص وعام ] ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام له وجهان : كلامٌ عام وكلامٌ خاص ، مثل القرآن ، وقال الله عز وجل في كتابه : ما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا.

فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله. وليس كل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسأله عن الشيء فيفهم ! وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن

١٧٢

كانوا ليحبون أن يجييء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يسمعوا.

وقد كنت أدخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كل يوم دخلةً وكل ليلة دخلةً فيخليني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر ذلك في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه ، فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ، ولا أحدٌ من بنيَّ ، وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي ، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصها وعامها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آيةً من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ وكتبته ، منذ دعا الله لي بما دعا ، وما ترك شيئاً علمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفاً واحداً ، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً ، فقلت : يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد ؟

فقال : لا ، لست أتخوف عليك النسيان والجهل. وقد أخبرني ربي أنه قد استجاب لي فيك ، وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.

فقلت : يا رسول الله ومن شركائي من بعدي ؟

قال : الذين قرنهم الله بنفسه وبي.

فقال : الأوصياء مني الى أن يردوا علي الحوض ، كلهم هاد مهتد لا يضرهم من خذلهم ، هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقهم ولا يفارقونه ، بهم تنصر أمتي وبهم يمطرون ، وبهم يدفع عنهم ، وبهم استجاب دعاءهم.

١٧٣

فقلت : يارسول الله سمهم لي فقال : ابني هذا ، ووضع يده على رأس الحسن ، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ، ثم ابنٌ له يقال له علي ، وسيولد في حياتك فاقرأه مني السلام ، ثم تكملة اثني عشر من ولد محمد.

فقلت له : بأبي أنت وأمي فسمهم لي ، فسماهم رجلاً رجلاً فيهم والله يا أخا بني هلال مهدي أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام ، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم !! انتهى.

ويوجد قسم منه في نهج البلاغة ـ شرح صبحي الصالح ، خطبة ٢١٠ ، وشرح محمد عبده ص ٢١٤. وروى ابن الجوزي قسماً منه في تذكرة الخواص /١٤٣ ، مرسلاً عن كميل بن زياد. ورواه النعماني / ٧٥ ، والطبري الشيعي في المسترشد /٢٩ ، والصدوق في كمال الدين : ١ / ٢٨٤ ، والخصال : ١ /٢٥٥ ، والحراني في تحف العقول / ١٩٣ ، والطبرسي في الاحتجاج : ١ / ٢٦٤ ، وابن ميثم البحراني في شرح النهج : ٤ /١٩ ، والعاملي في إثبات الهداة : ١ / ٦٦٤ ، والمجلسي في البحار : ٢ /٢٢٨ ، و : ٣٦ / ٢٧٣ و٢٧٦ ، و : ٩ / ٩٨

١٧٤

أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم على الحوض

في مقاتل الطالبين / ٤٣ :

حدثني محمد بن الحسين الأشناني وعلي بن العباس المقانعي قالا : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أخبرنا عمرو بن ثابت ، عن الحسن بن حكم ، عن عدي بن ثابت ، عن سفيان بن أبي ليلى ، وحدثني محمد بن أحمد أبو عبيد قال : حدثنا الفضل بن الحسن المصري قال : حدثنا محمد بن عمرويه قال : حدثنا مكي بن ابراهيم ، قال حدثنا السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن سفيان بن أبي ليلى دخل حديث بعضهم في حديث بعض ، وأكثر اللفظ لأبي عبيدة قال : أتيت الحسن بن علي حين بايع معاوية فوجدته بفناء داره وعنده رهط فقلت :

السلام عليك يا مذل المؤمنين !

فقال عليك السلام يا سفيان ، إنزل.

فنزلت فعقلت راحلتي ثم أتيته فجلست اليه ، فقال : كيف قلت ياسفيان ؟

فقلت : السلام عليك يا مذل رقاب المؤمنين.

فقال : ما جر هذا منك إلينا ؟

فقلت : أنت والله ـ بأبي أنت وأمي ـ أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلمت الأمر الى اللعين بن اللعين بن آكلة الاكباد ، ومعك مائة ألف كلهم يموت دونك ، وقد جمع الله لك أمر الناس.

فقال : يا سفيان ، إنا أهل بيت إذا علمنا الحق تمسكنا به ، وإني سمعت علياً يقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا تذهب الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السرم ضخم البلعوم يأكل ولا يشبع ، لا ينظر الله اليه ولا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذرٌ ولا في الأرض ناصر ، وإنه لمعاوية ، وإني عرفت أن الله بالغ أمره.

١٧٥

ثم أذن المؤذن فقمنا على حالب يحلب ناقة ، فتناول الاناء فشرب قائماً ثم سقاني ، فخرجنا نمشي الى المسجد ، فقال لي : ما جاءنا بك يا سفيان ؟

قلت : حبكم والذي بعث محمداً بالهدى ودين الحق.

قال : فأبشر يا سفيان فإني سمعت علياً يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

يقول : يرد علي الحوض أهل بيتي ومن أحبهم من أمتي كهاتين ، يعني السبابتين ، ولو شئت لقلت هاتين يعني السبابة والوسطى ، إحداهما تفضل على الأخرى.

أبشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر والفاجر ، حتى يبعث الله إمام الحق من آل محمد صلى الله عليه وآله.

هذا لفظ أبي عبيد وقال ( وفي حديث محمد بن الحسين وعلي بن العباس بعض هذا الكلام موقوفاً ، عن الحسن غير مرفوع الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلا في ذكر معاوية فقط ).

ورواه ابن طاووس في الملاحم والفتن / ١٠٩ ، ملخصاً عن الفتن للسليلي ...

ورواه ابن أبي الحديد : ١٦/٤٤ ، عن أبي الفرج بسنديه بتقديم وتأخير ، وفي سنده محمد بن أحمد بن عبيد بدل محمد بن أحمد أبو عبيد. والبصري بدل المصري. وابن عمرو بدل محمد بن عمرويه ، والاشنانداني بدل الأشناني.

ورواه في البحار : ٤٤ /٥٩ ، وفي العوالم : ١٦ /١٧٨ ، عن ابن أبي الحديد بسنديه.

* *

١٧٦

شعر حوض الكوثر في مصادر الحديث والأدب

تعتبر مجموعة شعر الكوثر التي نقلتها مصادر الحديث والأدب ، من الأدلة العلمية المهمة على صحة أحاديث أن الساقي على الحوض والذائد عنه هو علي عليه‌السلام. وأول شعر نقله الرواة من ذلك رجز أمير المؤمنين في حرب صفين :

ففي مناقب آل أبي طالب : ١ / ٢١٩ :

أنه عليه‌السلام عندما دعي الى المبارزة في صفين قال مرتجزاً :

أنا عليٌّ صـاحـب الصمصامه

وصـاحـب الحوض لدى القيامه

أخــو نـبـي الله ذي العلامه

قـد قـال إذ عممني العـمـامه

أنت أخـي ومعدن الـكـرامـه

ومن له من بعدي الامامه. انتهى.


ـ كما روت كتب التاريخ والحديث والعقائد أبياتاً للامام الحسين عليه‌السلام ، جاءت ضمن خطبته التاريخة في كربلاء ، ذكر فيها الحوض .. كما في الاحتجاج : ٢ /٢٦ وتفسير نور الثقلين : ٣ / ٥٦٥ ، وغيرهما ، منها :

أنا ابن أباة الضيم من آل هاشم

كـفـاني بـهذا مفخراً حين أفخر

وجدي رسول الله أكرم من مشى

ونحن سـراج الله في الخلق نزهر

ونحن أمان الله للناس كـلـهـم

نـطـول بـهذا في الأنام ونجهر

ونحن ولاة الحوض نسقي محبنا

بـكـأس رسول الله ما ليس ينكر

وشـيعتنا في الحشر أكرم شيعة

ومـبـغضنا يـوم القيامة يخسر

وفي بشارة المصطفى / ١١٢ :

أبو عبدالله الحسين بن الحسن الحسيني الجرجاني القاضي ، قدم علينا من بغداد ، قال : حدثني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد المحمدي النقيب قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عباس الجوهري قال ، حدثنا أحمد بن زياد الهمداني قال : رأيت صبياً صغيراً يكون سباعياً أو ثمانياً بالمدينة ، على ساكنها أفضل السلام ، ينشد :

١٧٧

لنحن عـلى الحوض ذواده

نـــذود وتـسـعـد وراده

ومـا فـاز من فاز إلا بنا

وما خـاب مـن حـبنا زاده

ومن سرنا نال منا السرور

ومــن سـاءنا سـاء ميلاده

ومـن كـان ظالمـنا حقنا

فـإن الـقــيامة مـيعـاده

فقلت يا فتى لمن هذه الأبيات ؟

فقال : لمنشدها.

فقلت : من الفتى ؟

فقال علويٌّ فاطميٌّ ، إيهاً عنك. انتهى.

ونسب في رشفة الصادي / ١٩٢ ، هذه الأبيات الى الإمام محمد الباقر عليه‌السلام.

* *

وقد ترجم الأميني في من الغدير : ٢ ، لعدد من شعراء الغدير الذين ذكروا الحوض ، نذكر بعضهم :

فمن أقدمهم سفيان بن مصعب العبدي الكوفي :

وهو من شعراء أهل البيت عيهم السلام في القرن الثاني ، وقد مدحه الإمام الصادق عليه‌السلام واستنشده شعره في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام .. قال العبدي من قصيدة طويلة :

هل في سؤالك رسم المنزل الخرب

بـرءٌ لقلبك مـن داء الهوى الوصب

أم حـره يـوم وشـك البين يبرده

ما استحدثته النوى من دمعك السرب

يا رائد الحي حسب الحي ما ضمنت

لـه المدامع مـن مـاء ومن عشب

لهفي لما استودعت تلك القباب وما

حجبن من قـضـب عنا ومن كثب

لأشـرقـن بدمعي إن نـأت بـهم

دارٌ ولم أقض ما في النفس من إرب

ما هز عطفي من شوق الى وطني

ولا اعتراني من وجد ومن طـرب

١٧٨

مـثـل اشتياقي من بعد ومنتزح

الـى الـغـري وما فيه من الحسب

يـا راكباً جسرةً تطوي مناسمها

مـلاءة الـبـيـد بالتقريب والجنب

تثني الـريـاح إذا مرت بغايتها

حسـرى الطلائح بالغيطان والخرب

بلغ سـلامي قبراً بالغري حوى

أوفـى البرية مـن عجم ومن عرب

يا صاحب الكوثرالرقراق زاخره

ذود النواصب عن سـلسـاله العذب

قـارعت منهم كماة فـي هواك

بما جردت من خاطر أو مقول ذرب

حـتـى لقد وسمت كلما جباهم

خواطري بمضاء الشـعـر والخطب

ـ وقال أيضاً في مدح علي عليه‌السلام :

أنت عـين الالَه والجنب من

فـرط فيه يصلى لظى مذموما

أنت فلك النجاة فينا وما زلـ

ت صراطاً الى الهدى مستقيما

وعليك الورود تسقي من الحو

ض ومن شئت ينثني محروما

واليك الجواز تدخل من شئـ

ـت جناناً ومن تشـاء جحيما

وقال الأميني في الغدير : ٢ / ٢٩٦ :

في مقتضب الأثر عن أحمد بن زياد الهمداني قال : حدثني علي بن ابراهيم بن هاشم قال : حدثني أبي عن الحسن بن علي سجاده ، عن أبان بن عمر ختن آل ميثم قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال : جعلني الله فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره :

وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلاً بسيماهم ؟

قال : هم الأوصياء من آل محمد الاثني عشر ، لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه.

قال : فما الأعراف جعلت فداك ؟

قال : كثائب من مسك ، عليها رسول الله والأوصياء يعرفون كلاً بسيماهم.

فقال سفيان : أفلا أقول في ذلك شيئاً ؟

١٧٩

فقال من قصيدة :

أيا ربعهم هل فيك لي اليوم مربع

وهـل لليال كـن لي فيك مرجع

ومنها :

وأنتم ولاة الحشـر والنشر والجزا

وأنتم لـيـوم المفزع الهول مفزع

وأنتم عـلى الاعراف وهي كثائب

من الـمـسـك رياها بكم يتضوع

ثـمـانـيـة بالعرش إذ يحملونه

ومن بعدهم في الأرض هادون أربع

وروى أبو الفرج في الاغاني ٧ / ٢٢ ، عن أبي داود المسترق سليمان بن سفيان : أن السيد والعبدي اجتمعا فأنشد السيد :

أدين بـمـا دان الوصي به

يوم الخريبة من قتل المحلينا

وبالذي دان يوم النهروان به

وشـاركت كفه كفي بصفينا

فقال له العبدي : أخطأت ، لو شاركت كفك كفه كنت مثله ، ولكن قل : تابعت كفه كفي ، لتكون تابعاً لا شريكاً.

فكان السيد بعد ذلك يقول : أنا أشعر الناس إلا العبدي.

* *

ومن شعراء الكوثر السيد الحميري ، المتوفى ١٧٣ :

وهو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري ، الملقب بالسيد.

قال عنه المرزباني : لم يسمع أن أحداً عمل شعراً جيداً وأكثر غير السيد.

وروى عن عبد الله بن إسحاق الهاشمي قال : جمعت للسيد ألفي قصيدة وظننت أنه ما بقي عليَّ شيء ، فكنت لا أ زال أرى من ينشدني ما ليس عندي ، فكتبت حتى ضجرت ، ثم تركت.

وقال : سئل أبو عبيدة من أشعر المولدين ؟ قال : السيد وبشار.

ونقل عن الحسين بن الضحاك أنه قال : ذاكرني مروان بن أبي حفصة أمر السيد بعد موته ، وأنا أحفظ الناس بشعر بشار والسيد ، فأنشدته قصيدته المذهبة التي أولها :

١٨٠