آداب العشرة في أحاديث الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي

آداب العشرة في أحاديث الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

المؤلف:

الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: العتبة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

قال : كنت عند الرضا عليه السلام فقال لي : يا محمد إنه كان في زمن بني اسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فأتى واحد منهم الثلاثة وهم مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم فقرع الباب ، فخرج إليه الغلام ، فقال أين مولاك ؟ فقال : ليس هو في البيت ، فرجع الرجل ودخل الغلام إلى مولاه فقال له : من كان الذي قرع الباب ؟

قال : كان فلان. فقلت له : لست في المنزل. فسكت ولم يكترث ولم يلم غلامه ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب وأقبلوا في حديثهم.

فلمّا كان من الغد بكرّ إليهم الرجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة لبعضهم فسلّم عليهم وقال أنا معكم ، فقالوا : نعم ولم يعتذروا إليه وكان الرجل محتاجاً ضعيف الحال ، فلمّا كانوا في بعض الطريق إذا غمامة قد أظلّتهم فظنوا أنه مطر ، فبادروا ، فلمّا استوت الغمامة على رؤوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة : أيتها النار خذيهم وأنا جبرئيل رسول الله فإذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة نفر وبقى الرجل مرعوباً يعجب بما نزل بالقوم ولا يدري ما السبب ، فرجع إلى المدينة فلقى يوشع بن نون فأخبره الخبر وما أرى وماسمع فقال يوشع بن نون : أما علمت أن الله سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضيا وذلك بفعلهم

قال : وما فعلهم بي ؟ فحدّثه يوشع.

فقال الرجل : فأنا أجلهم في حل وأعفو عنهم.

قال : لو كان هذا قبل لنفعهم ، وأمّا الساعة فلا.

وعسى أن ينفعهم من بعد. ٥٤

أقول : يحتمل أن يكون المراد به من بعد : هو البرزخ أو القيامة.

__________________

٥٤ الكافي ج ٢ ص ٣٦٤ ، بحار الأنوار ج ٧٥ ص ١٩٢

٢١

٥ ـ عدم جواز إخافة المؤمن

وفي العيون عن أحمد بن الحسين بن يوسف ، عن علي بن محمد بن عنبسه ، عن بكر بن أحمد بن محمد بن إبراهيم عن فاطمة بنت الرضا ، عن أبيها ، عن آبائه عن الصادق عليهم السلام

قال : لا يحلّ لمسلم أن يروع مسلماً. ٥٥

وفي صحيفة الرضا عنه عليه السلام عن آبائه قال : قال علي عليه السلام : ورثت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابين كتاب الله عزّ وجل وكتاباً في قراب سيفي ، قيل يا أمير المؤمنين وما الكتاب الذي في قراب سيفك ؟

قال : من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه فعليه لعنة الله. ٥٦

٦ ـ عدم جواز هجران المؤمن

وفي العيون أيضاً بالإسناد إلى دارم عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: في أوّل ليلة من شهر رمضان يغلّ المردة من الشياطين ويغفر في كل ليلة سبعين ألفاً ، فإذا كان ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان وشهر رمضان إلى ذلك اليوم رجل بينه وبين أخيه شحناء فيقول الله عز وجل : أنظروا هؤلاء حتى يصطلحوا. ٥٧

__________________

٥٥ عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٧٠ ، بحار الأنوار ج ٧٥ ص ١٤٧

٥٦ صحيفة الامام الرضا ص ١٤ ، بحار الأنوار ج ٧٥ ص ١٤٩

٥٧ عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٧١ ، بحار الأنوار ج ٧٥ ص ١٨٨

٢٢

٧ ـ عدم جواز أهانة المؤمن أو الإستهزاء به

وعن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من استذل مؤمناً أو حقّره لفقره وقلة ذات يده شهره الله يوم القيامة ثم يفضحه. ٥٨

وعنه أيضاً عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من آذى مؤمناً أو حقّره لفقره وقلة ذات يده شهره الله على جسر جهنم يوم القيامة. ٥٩

وفي العيون عن البيهقي عن الصولي عن محمد بن يحيى بن أحمد بن أبي عباد عن عمّه قال : سمعت الرضا عليه السلام يوماً ينشد شعراً. فقلت لمن هذا أعزّ الله الأمير.

فقال : لعراقى لكم. قلت : أنشد فيه أبوالعتاهية لنفسه.

فقال : هات اسمه ودع عنك هذا. إن الله سبحانه يقول : ولاتنابزوا بالألقاب ، ولعلّ الرجل يكره هذا. ٦٠

قلت والعتاهية هو الأحمق كما قال الجوهري عن الأخفش : رجل عتاهية وهو الأحمق. ٦١

ولمّا كان هذا اللقب من الألقاب الذميمة نهى الإمام عن التفوه به حفظاً على كرامة الرجل.

وأمّا اسم أبي العتاهية : اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان. ٦٢

__________________

٥٨ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ٣٣ ، بحار الأنوار ج ٧٥ ص ١٤٣

٥٩ نفس المصدر ج ٢ ص ٧٠ ، بحار الأنوار ج ٧٥ ص ١٤٣

٦٠ عيون أخبار الرضا (ع) ج ٢ ص ١٧٧ ، وسائل ج ٢١ ص ٤٠٠

٦١ الصحاح ج ٦ ص ٢٢٣٩

٦٢ مجمع البحرين ص ٥٢٤

٢٣

وأمّا الأبيات التي أنشدها الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام كما يلي :

كلّنا نأمل مداً في الأجل

والمنايا هنّ آفات الأمل

لا تغرنك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

إنما الدنيا كظلّ زائل

حل فيه راكب ثم رحل ٦٣

٨ ـ حرمة المكر والخديعة مع المؤمنين

روى الصدوق في العيون والأمالي عن ماجيلويه عن على عن أبيه عن ابن معيد ، عن ابن خالد عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من كان مسلماً فلا يمكر ولا يخدع ، فإنّى سمعت جبرئيل عليه السلام يقول إن الكر والخديعة في النار ثم قال عليه السلام :

ليس منّا من غش مسلماً وليس منا من خان مسلماً.

ثم قال عليه السلام : إن جبرئيل الروح الأمين عزل عليّ من عند رب العالمين ، فقال يا محمّد عليك بحسن الخلق فإن سوء الخلق يذهب بخير الدنيا والآخرة وإن أشبهكم بي أحسنكم خلقاً. ٦٤

وفيه أيضاً : عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ليس منّا من غش مسلماً أو ضره أو ماكره. ٦٥

__________________

٦٣ بحار الأنوار ج ٤٩ ص ١٠٧

٦٤ عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٥٠ ، بحار الأنوار ج ٧٥ ص ٢٨٤

٦٥ بحار الأنوار ج ٧٥ ص ٢٨٥

٢٤

٩ ـ النهي عن الغمز واللمز

وفي صحيفة الرضا عليه السلام عن آبائه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ موسى بن عمران عليه السلام سأل ربّه ورفع يديه ، فقال : يا رب أين ذهبت أوذيت فأوحى الله إليه : يا موسى إن في عسكرك غمازاً ، فقال : يا رب دلّني عليه ، فأوحى الله تعالى إليه إنّي أبغض الغمّاز فكيف أغمز. ٦٦

١٠ ـ النهي عن ظلم الآخرين

وفي صحيفة الرضا أيضاً : عن آبائه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إيّاكم والظلم فإنه يخرب قلوبكم. ٦٧

١١ ـ التحرز عن مواضع التهمة

وفيها أيضاً : عن الرضا عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام من عرض نفسه للتهمة فلا يلومنّ من أساء الظن به. ٦٨

__________________

٦٦ صحيفة الرضا ص ١١ ،بحار الأنوار ج ٧٥ ص ٣١٥

٦٧ نفس المصدر ص ٧

٦٨ بحار الأنوار ج ٧٥ ص ٩١

٢٥

١٢ ـ النهي عن رد الكرامة

إن من أخلاق المؤمن يقبل هدية الأخ المؤمن ولا يردّ ذلك وقد عبّر في بعض الأحاديث بأنه لا يرد الكرامة إلّا حمار ، وفسّر ذلك بالطيب أو توسعة المجلس والدعوة على الجلوس على الوسادة فمن رد ذلك فقد ردّ الكرامة وعليه أن نراعي هذه الصفة الحسنة إلّا أن يمنعنا مانع كالمرض أو لمحاذير أخرى وإليك بعض الأحاديث المروية في هذا المجال :

روى الصدوق في معاني الأخبار ، عن سعد عن ابن عيسى عن البجلي ، عن ابن اسباط عن الحسن بن الجهم قال : قال الرضا عليه السلام : كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول :

لا يأبى الكرامة إلاّ حمار.

قلت مامعنى ذلك ؟

قال : التوسعة في المجلس والطيب يعرض عليه. ٦٩ عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن الجهم قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : لا يأبى الكرامة إلاّ حمار.

قلت : أي شيء الكرامة ؟ قال : مثل الطيب وما يكرم به الرجل الرجل. ٧٠

وفيه أيضاً عن سعد عن البرقي عن علي بن ميّسر ، عن أبي زيد المكي قال سمعت الرضا عليه السلام : يقول : لا يأبى الكرامة إلا حماراً يعني بذلك في الطيب والتوسعة في المجلس والوسادة. ٧١

__________________

٦٩ معانى الاخبار ص ٢٦٨ ، بحار الانوار ج ٧٥ ص ١٤١

٧٠ عيون أخبار الرضا ج ١ ص ٣١١

٧١ بحار الأنوار ج ٧٥ ص ١٤١

٢٦