مناهج المفسرين

الدكتور منيع عبد الحليم محمود

مناهج المفسرين

المؤلف:

الدكتور منيع عبد الحليم محمود


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتاب المصري
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٢

ولقد أعلن الشيخ عن ظروف تاليف الكتاب ، وعن منهجه فى التأليف من حيث الحجم ، ومن حيث التزام الصحة فى الروايات ، ومن حيث النحو ، ومن حيث القراءات وفى كل ذلك يقول :

« ... ثم سألنى بعد ذلك جماعة من أصحابى المخلصين ... أن أجعل لهم تفسيرا وسطا بين الطويل الممل ، والقصير المخل ، فأجبتهم إلى ذلك ممتثلا وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يرويه أبو سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال :

« ان رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون فى الدين ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ».

واقتداء بالماضين من السلف فى تدوين العلم ابقاء على الخلف. وليس على ما فعلوه مزيد ، ولكن لا بدّ لكل زمان من تجديد ما طال به العهد ، وقصر للطالبين فيه الجد والجهد ، تنبيها للمتوقفين ، وتحريضا للمتثبطين ، وليكون ذلك عونا لى ، وللقاصرين مثلى مقتصرا فيه : على أرجح الأقوال ، وإعراب ما يحتاج إليه عند السؤال وترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية وأعاريب محلها كتب العربية ، وحيث ذكرت فيه شيئا من القراءات فهو من السبع المشهورات ، وقد اذكر بعض أقوال وأعاريب لقوة مداركها أو لورودها ولكن بصيغة « قيل » ليعلم أن المرضى أولها ...

ولقد حاول الشيخ حقا أن يجرد كتابه عن الروايات الضعيفة وينتقد ما ذكره منها المفسرون ولكنه هو لم يسلم من إيراد بعضها ، ولكن يلاحظ أن الروايات الضعيفة التى يأتى بها عليها جميعها سمة الموعظة والغبرة ، وليس فيها ما يمس أمرا من أمور الدين فى أصوله أو فى فروعه.

والملاحظ فى التفسير أن أسلوبه سهل وعبارته فصيحة ، وأنه يعتمد كثيرا على تفسير الفخر الرازى ، ولكنه لا يتبعه اتباعا أعمى وذلك أنه فى كثير من الأحيان يرد عليه وينتقده.

٢٦١

والمؤلف لا ينكر أنه استفاد من الذين سبقوه وإنما يعلن ذلك فى صراحة ، أنه يقول : وقد تلقيت التفسير ـ بحمد الله ـ من تفاسير متعددة ، رواية ودراية ، عن أئمة ظهرت وبهرت مفاخرهم ، واشتهرت وانتشرت مآثرهم ... ».

وهذه شيمة العلماء الأعلام : أنهم يعترفون بالفضل لأولى الفضل فلا ينقصهم الاعتراف بل يزيدهم فضلا ورفعه.

وهاك نموذجا من تفسيره : قال فى قوله تعالى :

( لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ). ( سورة البقرة : ٢٨٤ )

« لله ما فى السموات وما فى الأرض » خلقا وملكا ـ قال الجلال السيوطى : وعبيدا ولعل ذكره بعد « ملكا » لئلا يتوهم أن « ما » لما لا يعقل « وان تبدوا » أى تظهروا ... « ما فى أنفسكم » من السوء والعزم عليه « أو تخفوه » أى تسروه « يحاسبكم » أى يجزكم « به الله » يوم القيامة والآية حجة على من أنكر الحساب كالمعتزلة والروافض. « فيغفر لمن يشاء » مغفرته « ويعذب من يشاء » تعذيبه ، وهذا صريح فى نفى وجوبه ، وقرأ ابن عامر وعاصم برفع الراء من « يغفر » ، ورفع الياء من « يعذب » على الاستئناف ، والباقون يجزمهما عطفا على جواب الشرط ، وأدغم الراء المجزومة فى اللام : السوس.

وقول الزمخشرى ، ومدغم الراء فى اللام مخطئ خطأ فاحشا ورواية عن ابن عمر يعنى : السوس ـ مخطئ مرتين : لأنه يلحن وينسب اللحن إلى أعلم الناس بالعربية مما يؤذن بجهل عظيم ، والسبب فى نحو هذه الروايات قلة ضبط الرواة ، والسبب فى قلة الضبط قلة الدراية ولا يضبط نحو هذا إلا أهل النحو مردود لأنه مبنى على القول بأن الراء إنما تدغم فى الراء لتكرره الفائت بإدغامها فى اللام ...

٢٦٢

ورد بأن ذلك قراءة أبى عمرو وهى متواترة مع أن القول بامتناع ادغام الراء فى اللام إنما هو مذهب البصريين ، وأما الكوفيون ـ بل وبعض البصريين كأبى عمرو فقائلون بالجواز ـ كما نقله عنهم أبو حيان ـ ونقل أبو عمرو والكسائى وأبو جعفر صحة ادغام : « صار لى » و « صار لك » عن العرب ـ ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ووجه الجعبرى ادغام الراء فى اللام بتقارب مخرجيهما على رأى سيبويه وتشاركهما على رأى الفراء ، وتجانسهما فى الجهر والانفتاح والاستقلال.

« والله على كل شىء قدير » فيقدر على جزائكم ومحاسبتكم ...

نموذج آخر فى تفسير قوله تعالى :

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا ، وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ).

الآية الأخيرة من سورة آل عمران :

« يا أيها الذين آمنوا اصبروا » على مشاق الطاعة ، وما يصيبكم من الشدائد وعن المعاصى « وصابروا » أى وغالبوا أعداء الله فى الصبر على شدائد الحرب فلا يكونوا أشد صبرا منكم « ورابطوا » أى أقيموا فى الثغور رابطين خيلكم فيها مترصدين مستعدين للغزو ، قال الله تعالى : « ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم » وروى أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال « من رابط يوما وليلة فى سبيل الله كان كعدل صيام شهر وقيامه لا يفطر ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجة » وروى أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة » « واتقوا الله » فى جميع أحوالكم « لعلكم تفلحون » أى تفوزون فى الجنة وتنجون من النار وقال بعض العلماء :

اصبروا على السراء والضراء ، ورابطوا فى دار الأعداء ، واتقوا اله الأرض والسماء لعلكم تفلحون فى دار البقاء ..

رحم الله الخطيب الشربينى ونفع بعلمه ...

هذا وبالله التوفيق.

٢٦٣
٢٦٤

روح البيان فى تفسير القرآن

لاسماعيل حقى

إن هذا التفسير مشهور شهرة كبيرة تسمع به هنا وتسمع به هناك ، وهو مشهور فى أوساط العرب ، ومشهور فى أوساط العجم يعجب به أولئك ويقدسه هؤلاء ، ألفه إسماعيل حقى ابن مصطفى الاسلامبولى.

وهو تركى ولد فى آيدوس ، وتعلم كما كان طلبة العلم إذ ذاك يتعلمون :العربية فى استفاضة حتى تزيل العجمة ، وحتى تكون هى الطابع الغالب على طالب العلم ، وتعلم الطالب إسماعيل حقى فى إطار اللغة : النحو والصرف وتعلم البلاغة بأقسامها وكان نابها نابغا فى المدارس فى الدرس ممتازا وفى القسطنطينية تعلم عن طريق العربية والتفسير والحديث والفقه ، والعلوم الإسلامية على وجه العموم.

وكان يقف كثيرا أمام آيات القرآن التى تتحدث عن التقوى وعن القرب مثل :

( التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ). ( سورة التوبة : ١١٢ ) ومثل :

( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ

٢٦٥

كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ).

( سورة الأحزاب ٣٥ )

ويقف عند الآيات التى تتحدث عن التوكل ، ويبحث فى الجو الذى نزلت فيه وهكذا فى كل ما يتصل بالقلب فى القرآن الكريم.

أما فى الأحاديث الشريفة ، فانه كان يطيل النظر فيما يسمى الرقائق ، والرقائق كلمة يراد بها فى الحديث كل ما يتصل بالسرائر والبواطن تهذيبا واصلاحا ، أو ـ على حد تعبير القرآن الكريم ـ تزكية ، والله سبحانه وتعالى يقول :

( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) سورة الشمس : ٩ ) ويقوده ذلك كله إلى أن يتجه شطر التصوف وينخرط فى سلك المريدين ، وأخذ طريق الخلوتية.

وكان للطريق اذ ذاك منهج اصطلاحى يرقى بالمريد خطوة فخطوة إلى القرب من الله تعالى ، ولم يكن الطريق سلبيا ، وإنما الجهاد للنفس والجهاد فى المجتمع حتى تستقيم النفس ويستقيم المجتمع على أمر الله.

ولكن الجهاد فى المجتمع محفوف دائما بالاشواك وذلك أن الغرائز والشهوات والنزعات والفساد المختلف الألوان حينما يستشرى فى المجتمع ، فان اقتلاعه مثير دائما للخواطر ، ولم يبال اسماعيل حقى بهذه المخاطر ، وإنما جابه المجتمع بكل ما يعتقد أنه حق ، وثار ذوو الاغراض الفاسدة.

وكان إسماعيل حقى قد انتقل من القسطنطينية إلى « بروسة »

وأعلن منهجه الاصلاحى وجاهد فى سبيله فنفى إلى « تكفور طاغ ».

وناله من الأذى الكثير : لقد اوذى فى نفسه وفى ماله واستمر الايذاء امدا من الدهر ، ثم عاد إلى بروسة واستمر إلى أن مات سنة ١١٢٧ ه‍ ١٧١٥ م أما تآليفه فانه كان تارة يؤلف بالعربية : الرسالة الخليلية » فى التصوف.

وهى رسالة الخلة : شروطها وطريقها وثمرتها وغايتها ، الخلة التى وصل

٢٦٦

إليها سيدنا إبراهيم عليه‌السلام حينما أصبح خليل الله ، وهى درجة لا تتأتى لغير الأنبياء ، ولكن وضعها كذروة يسير الانسان نحو انوارها ويهتدى بهديها وهو ما يجوز لغير الأنبياء : ان الله سبحانه وتعالى حينما يقول :

( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) سورة الأحزاب : ٢٢ )

إنما أحب سبحانه أن نتخذ منه المنارة التى تسير نحوها فى اضوائها ، والرسالة الخليلية إنما تنهج هذا المنهج.

ومن عادة كثير من كبار العلماء أن يختاروا أربعين حديثا من الاحاديث الشريفة ينتخبونها فى دقة ويذيعونها ويشرحونها يستشفعون بها إلى الله فى أن يكتب لهم النجاة ومن أشهرها « الأربعون النووية » التى جمعها الإمام النووى رضى الله عنه ، وسلك الإمام إسماعيل حقى هذا المسلك فجمع من الاحاديث الشريفة أربعين وسماها « الأربعون حديثا ».

أما أثره الخالد فانه كتابه فى التفسير وهو تفسير لغوى بيانى صوفى ، أى أنه جمع ميزة التفسير العادى الذى يلتزم أسباب النزول والآثار والقراءات ، واللغة ، وميزة التفسير الصوفى ، ولعل مكانة هذا التفسير عند الصوفية لا تضارعها مكانة تفسير آخر ذلك أنه خلا من الشطح ومن المغالاة والتزم القصد والاعتدال مع اعتماد على الأثر واللغة.

وفيما يلى بعض الأضواء على جوانب من حياته وعلى ظروف تأليف التفسير ، انه يقول : « وبعد : فيقول العبد الفقير سمى الذبيح الشيخ إسماعيل حقى الناصح المهاجر كلأه الله من فتن الغدايا والعليا والهواجر ، لما أشار إلى شيخى الإمام العلامة ، واستاذي الجهبذ الفهامة ، سلطان وقته ونادرة زمانه ، حجة الله على الخلق بعلمه وعرفانه ، مطلع أنوار العناية والتوفيق ، وارث أسرار الخليفى على التحقيق ، المشهود له بسر التجديد فى رأس العقد الثانى من الألف الثانى ، معدن الالهام الربانى السيد الثانى ، الشيخ الحسيب

٢٦٧

النسيب سمى بن عفان نزيل قسطنطينية ، أمده الله وأمدنا به فى السر والعلانية ، بالنقل إلى بروج الأولياء مدينة بروسا ، صينت عن تطاول يد الضراء والبؤس فى العشر السادس من العشر العاشر من العقد الأول من الألف الثانى ولم أجد بدا من الوعظ والتذكير فى الجامع الكبير والمعبد المنير الشهير ، وقد كان منى حين انتواء الاقامة ببعض ديار الروم ، بعض صحائف ملتقطة من صفحات التفاسير وادوات العلوم ، مشتمله على ما يزيد عن آل عمران ، من سورة القرآن ، ولكنها مع الاطناب الواقع فيها كانت متفرقة كأيدى سبا جزء منها حوته الصبا ، وأردت أن الخص ما فرط من الالتقاط ، وأضم إليها مما سنح لى من المعارف ، وأجعله فى سمط ما أنظمه ، وأسرد بانملة البراعة ، وإن كنت قليل البضاعة قصير الباعة ما يليه إلى آخر النظم الكريم ، ان أمهلنى الله العظيم إلى قضاء هذا الوطر الجسيم ، وأبيض للناس قدر ما حررته فى الاسابيع والشهور وافرزته بالتسوية أثناء السطور ليكون ذخرا للآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون ، وشفيعا لى حين لا يجدى نفعا غير الصاد والنون وأسأل الله تعالى أن يجعله من صالحات الأعمال ، وخالصات الآثار ، وباقيات الحسنات إلى آخر الاعمال ، فانه إذا أراد بعبد خيرا حسن عمله فى الناس ، وأهله لخيرات هى بمنزلة العين من الرأس وهو الفياض » ا هـ

ويقول فى آخر التفسير :

« هذا وقد تم تحرير روح البيان فى تفسير القرآن ، فى مدة الوحى تقريبا لما أن أقصت الاقدار إلى أقاصى أقطار الأرض ، وأيدى الاسفار النائية تداولتنى من طول إلى عرض ، حتى أقامنى الله مقام الاتمام ، فجاء باذن الله التمام يوم الخميس الرابع عشر من جمادى الأولى المنتظم فى سلك شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف » ا هـ

وقد اتقن إسماعيل حقى الفارسية أيضا وكثيرا ما يستخدم الفارسية والتركية فى تفسيره فيورد أبياتا من الشعر بالفارسية أو التركية وجملا بهذه وبتلك.

٢٦٨

وهاك نموذجا من تفسيره :

( تِلْكَ الرُّسُلُ ) إشارة إلى الجماعة الذين من جملتهم النبى عليه الصلاة والسلام فاللام فى الرسل للاستغراق ( فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره ، وأعلم أن الأنبياء كلهم متساوون فى النبوة لأن النبوة شىء واحد لا تفاضل فيها وانما التفاضل باعتبار الدرجات بلغ بعضهم منصب الخلة كإبراهيم عليه الصلاة والسلام ولم يحصل ذلك لغيره ، وجمع لداود الملك والنبوة وطيب النعمة ولم يحصل هذا لغيره ، وسخر لسليمان الجن والانس والطير والريح ولم يحصل هذا لأبيه داود ، وخص محمدا عليه وعليهم‌السلام بكونه مبعوثا إلى الجن والأنس ، ويكون شرعه ناسخا لجميع الشرائع المتقدمة ، ومنهم من دعا امته بالفعل إلى توحيد الأفعال وبالقوة إلى الصفات والذات ، ومنهم من دعا امته بالفعل إلى الصفات أيضا وبالقوة إلى الصفات والذات ، ومنهم من دعا بالفعل وهو إبراهيم عليه‌السلام فانه قطب التوحيد اذ الأنبياء كانوا يدعون إلى المبدأ أو العماد وإلى الذات الأحدية الموصوفة ببعض الصفات الالهية الأحدية ولذا أمر الله نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم باتباعه بقوله ( ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ) ( سورة النحل : ١٢٣ ) فهو من أتباع إبراهيم باعتبار الجمع دون التفصيل إذ لامتمم لتفاصيل الصفات إلا هو ولذلك لم يكن غيره خاتما فالانبياء وان كانوا متفاوتين فى درجات الدعوة بحسب مشارب الأمم إلا أن كلهم واصلون فانون فى الله باقون بالله لأن الولاية قبل النبوة حيث أن آخر درجات الولاية أول مقامات النبوة فهى تبنى على الولاية ومعنى الولاية الفناء فى الله والبقاء بالله فالنبى لا يكون إلا واصلا محرزا جميع مراتب التوحيد من الأفعال والصفات والذات ( مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ ) أى فضله الله بأن كلمه بغير واسطة وهو موسى عليه الصلاة والسلام فهو كليمه بمعنى مكالمه واختلفوا فى الكلام الذى سمعه موسى وغيره من الله تعالى هل هو الكلام القديم الازلى الذى ليس من جنس الحروف والاصوات قال ، الأشعرى وأتباعه المسموع هو

٢٦٩

ذلك الكلام الازلى قالوا كما أنه لم تمتنع رؤية ما ليس بمكيف فكذا لا يستعبد سماع ما ليس بمكيف ، وقيل سماع ذلك الكلام محال وانما المسموع هو الحروف والصوت ( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) ( سورة البقرة : ١٥٣ ) أى عمل درجات أى على درجات فانتصابه على نزع الخافض وذلك بأن فضله على غيره من وجوه متعددة أو بمراتب متباعدة والظاهر أنه أراد محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأنه هو المفضل عليهم أوتى ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة المرتقية إلى ثلاثة آلاف آية وأكثر ولو لم يؤت الا القرآن وحده لكفى به فضلا منيفا على سائر ما أوتى الأنبياء لأنه المعجزة الباقية على وجه الدهر دون سائر المعجزات ، وفى الحديث ( فضلت على الأنبياء بست أوتيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب واحلت لى الغنائم وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بى النبيون ) ، قال فى التأويلات النجمية اعلم أن فضل كل صاحب فضل يكون على قدر استعلاء ضوء نوره لأن الرفعة فى الدرجات على قدر رفعة الاستعلاء كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) ( سورة المجادلة : ١١ ) فالعلم هو الضوء من نور الوحدانية فكلما ازداد العلم زادت الدرجة فناهيك عن هذا المعنى قول النبى عليه‌السلام فيما يخبر عن المعراج أنه رأى آدم فى السماء الدنيا ويحيى وعيسى فى السماء الثانية ويوسف فى السماء الثالثة وادريس فى السماء الرابعة ، وهارون فى السماء الخامسة ، وموسى فى السماء السادسة وإبراهيم فى السماء السابعة وعبر النبى عليه‌السلام حتى رفع إلى سدرة المنتهى ومن ثم إلى قاب قوسين أو أدنى ، فهذه الرفعة فى الدرجة فى القرب إلى الحضرة كانت له على قدر قوة ذلك النور فى استعلاء ضوئه وعلى قدر غلبات أنوار التوحيد على ظلمات الوجود كانت مراتب الانبياء بعضهم فوق بعض فلما غلب نور الوحدانية على ظلمة انسانية النبى عليه‌السلام اضمحلت وتلاشت وفنيت ظلمة وجوده بسطوات تجلى صفات الجمال والجلال فكل نبى بقدر بقية ظلمة وجوده بقى فى مكان من أماكن السموات فانه صلى الله تعالى عليه وسلم ما بقى فى مكان ولا فى الامكان لأنه كان غائبا عن ظلمة

٢٧٠

وجوده باقيا بنور وجوده ولهذا سماه الله نورا وقال ( قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ ) ( سورة المائدة : ١٥ ) فالنور هو محمد عليه‌السلام والكتاب هو القرآن ، فافهم واغتنم فانك لا تجد هذه المعانى إلا هاهنا ، انتهى كلام التأويلات النجمية.

٢٧١
٢٧٢

فتح القدير للإمام الشوكانى

لقد كتب مفسرنا تاريخا لحياته وكتابه تاريخ الحياة فى جو مفكري الاسلام نادر وربما كان أول من بدأ كتابة تاريخ حياته الفكرية فى عالمنا الاسلامى هو الإمام الغزالى فى كتابه « المنقذ من الضلال » ولكن مفسرنا كتب حياته الانسانية يختلط فيها الفكر بالنسب والحسب والدراية والتحصيل انه من هجرة شوكان وهو يعتز بهذه البلدة وإليها ينتسب الشوكانى ويقول عنها.

وهذه الهجرة معمورة بأهل الفضل والصلاح والدين من قديم الازمان لا يخلو وجود عالم منهم فى كل زمن ولكنه يكون تارة فى بعض البطون وتارة فى بطن أخرى.

تولى والده القضاء مدة أربعين عاما وكان عالما ورعا تقيا وعنى عناية فائقة بابنه وتثقف الابن الثقافة الاسلامية كاعمق ما يكون المثقف لقد حفظ القرآن وجوده وهذا من أهم الامور لمن يشتغل بعلوم الدين والعربية فالقرآن الكريم هو الاساس الأول لكل دارس للدين ولكل نابغ فى العربية.

وبينما كان يدرس القرآن فى المكتب عن له سؤال سأله لوالده القاضى :انه يقول :

( وإنى أذكر وأنا فى المكتب مع الصبيان أنى سألت والدى رحمه‌الله عن أعلم من بالديار اليمنية اذ ذاك فقال :

فلان يعنى : « عبد القادر بن أحمد ».

ووطن نفسه على أن ينال ـ عند ما يكون أهلا لذلك ـ فن علم هذا الشيخ.

وقد كان الشوكانى صاحب ذاكرة قوية فحفظ منذ صغره كثيرا من متون

٢٧٣

العلم والمتون هى الصورة الموجزة المركزة لفنون العلم. راقه فى بواكير شبابه الاشتغال بكتب التواريخ ومجاميع الأدب.

ووصل الأمر بنبوغه وجده فى طلب العلم أنه تصدر للافتاء وهو فى سن العشرين وكان مثله فى ذلك مثل العالم الكبير أمير المؤمنين فى الحديث سفيان الثورى العالم النابغة الذى تصدر للفتوى هو الآخر وهو فى سن العشرين.

وكل ذلك حصله فى صنعاء وكان فى صنعاء ذاك الوقت كثير من أفذاذ العلماء وكان يروق للشوكانى أن يدرس الكتاب على عدة من اعلام العلم ليرى منهج كل منهم وليوازن ويقارن بين أفهام النابهين من أولى العلم وكان هذا الأمر كأنه هو آية عنده.

لقد استمع لشرح كتاب « الأزهار » على أربعة من العلماء. بل انه قرأ شرح « الأزهار » على العالم الكبير أحمد بن محمد الرازى ثلاث مرات ويقول عن ذلك فى طرافة « اثنتان إلى ما تدعو إليه الحاجة والثالثة استكملنا بها الدقيق والجليل من ذلك مع بحث وتحقيق.

ويتحدث الشوكانى عن بعض قراءاته على شيخ واحد من مشايخه فيقول : ـ

صحيح مسلم من أوله إلى آخره بلا قوت مع بعض شرحه للنورى ، وبعض صحيح البخارى مع بعض شرحه فتح البارى ، وبعض جامع الأصول لابن الأثير وسنن الترمذى من أولها إلى آخرها بلا فوت وبعض سنن ابن ماجة وبعض الموطأ وبعض المنتقى لابن تيمية وبعض شفاء القاضى عياض.

وسمعت منه كثيرا من الاحاديث المسلسلة ... وقرأت عليه فى علم الاصطلاح بعض منظومة الزين العراقى وشرحها.

وفى الفقه بعض ضوء النهار وبعض البحر الزخار مع حواشيهما ..

٢٧٤

وفى علم أصول الدين بعض المواقف العضدية وشرحها للشريف وبعض القلائد وشرحها.

وفى أصول الفقه بعض جمع الجوامع وشرحه للحملى وفى اللغة بعض الصحاح وبعض القاموس ومؤلفه الذى سماه « فلك القاموس »

ولما استكمل الشوكانى شيئا من النضح العلمى أصبحت تلمذته نوعا من الاستفادة والافادة وهو يصف نمطا من ذلك فيقول :

وكانت القراءات جميعها تجرى فيها المباحث الجارية على نمط الاجتهاد فى الاصدار والايراد ما تشد إليه الرجال وربما انجد البحث إلى تحرير رسائل مطولة ووقع من هذا كثير.

وكنت أحرر ما يظهر لى فى بعض المسائل واعرضه عليه فان وافق ما لديه من اجتهاده فى تلك المسألة .. قرظة تارة بالنظم الفائق ، وتارة بالنثر الرائق ..

وان لم يوافق كتب عليه ثم أكتب على ما كتبه ثم كذلك فان بعض المسائل التى وقعت فيها المباحثة حال القراءة اجتمع ما حررته وحرره فيها إلى سبع رسائل.

وكانت هذه الطريقة هى بداية التأليف عند الامام الشوكانى.

ولقد ساعده على التأليف استاذه الكبير عبد القادر بن أحمد الذى دله عليه والده وهو فى المكتب صبيا لقد كان هذا الشيخ يدفعه دفعا إلى القراءة فى كتب معينة يرشده إليها ويقول الشوكانى فى ذلك.

وما سألته القراءة عليه فى كتاب فابى قط بل كان يبتدينى تارات ويقول ، تقرأ فى كذا وكان يبذل لى كتبه ويؤثر بها على نفسه.

بل كان يقترح عليه الكتب التى يؤلفها كما رغبه فى تأليف شرح المنتقى فشرع الشوكانى فى هذا وعرض عليه عددا من الكراريس التى انتهى منها

٢٧٥

فقال : اذا تم على هذه الكيفية كان فى نحو عشرين مجلدا وأهل العصر لا يرغبون فيما بلغ من التطويل إلى دون هذا المقدار.

ثم أرشدنى إلى الاختصار ففعلت ..

وما كان هذا الشيخ وحده هو الذى يفعل مع الشوكانى ذلك ، وإنما كان غيره من خيرة الشيوخ يفعلون ذلك أيضا ، وكان الشيوخ اذ ذاك يتخذون العلم رسالة يريدون بها وجه الله ، ولا يتخذونه حرفة أو مهنة ، وكانوا كلما رأوا طالبا مجدا ساعدوه مساعدة فعاله ، ساعدوه فى العلم وساعدوه فى السلوك حتى يصبح شيخا له تلاميذ يساعد المجد منهم فى العلم ، ويساعده فى حسن السلوك.

وتربع الشوكانى على منصة العلم فى صنعاء ، ودرس وأفتى ، وكان الناس لا يكادون يذهبون فى الفتوى إلى غيره ، وكانوا يحبون أن ينفحوه على الفتوى بعض المال فكان يأبى ويقول هذه الكلمات النفيسة :

« أنا أخذت العلم بلا سبب فأريد انفاقه كذلك ».

وفى سنة ١٢٠٩ ه‍ كان الشوكانى فى السادسة والثلاثين من عمره المبارك ، توفى قاضى القضاة ، ونترك الآن للشوكانى يقص ما جرى ، وهى قصة لها مغزاها العميق نضعها أمام طلاب الدنيا والمناصب الذين يجرون وراء الرئاسة والحكم :

وكان المتولى لهذا المنصب مرجع العامة والخاصة وعليه المعول فى الرأى والاحكام ومستشار الامام الوزراء فيما يعرض لهم وللدولة من احداث أو ما ينوبهم من أمور :

فلما مات فى ذلك التاريخ وكنت اذ ذاك مشتغلا بالتدريس فى علوم الاجتهاد والافتاء والتصنيف مجتمعا عن الناس لا سيما أهل الأمر وأرباب الدولة ، فانى لا اتصل بأحد منهم كائنا من كان.

٢٧٦

ولم يكن لى رغبة فى شىء سوى العلم وكنت أدرس للطلبة فى اليوم الواحد نحو ثلاثة عشر درسا منها ما هو فى التفسير كالكشاف وحواشيه ، ومنها ما هو فى الأصول كالعضد وحواشيه والغاية وحواشيها ، وجمع الجوامع وشرحه وحاشيته.

ومنها ما هو فى المعانى والبيان كالمطول والمختصر وحواشيهما ، ومنها ما هو فى النحو كشرح الرضى على الكافية والمغنى ، ومنها ما هو فى الفقه كالبحر وضوء النهار ، ومنها ما هو فى الحديث كالصحيحين وغيرهما ، مع ما يعرض من تحرير الفتاوى ويمكن من التصنيف : فلم أشعر إلا بطلاب لى من الخليفة بعد موت القاضى المذكور بنحو اسبوع فعزمت إلى مقامه العالى فقال لى أنه قد رجح قيامى مقام القاضى المذكور ، فاعتذرت له بما كنت فيه من الاشتغال بالعلم ، فقال : القيام بالامرين ممكن وليس المراد إلا القيام بفصل ما يصل من الخصومات إلى ديوانه العالى فى يومى اجتماع الحكام فيه.

فقلت : سيقع منى الاستخارة لله والاستشارة لا هل الفضل وما اختاره الله ففيه الخير.

فلما فارقته ما زلت مترددا نحو اسبوع ولكنه وفد إلى غالب من ينتسب إلى العلم فى مدينة صنعاء واجمعوا على أن الاجابة واجبة ، وأنهم يخشون أن يدخل هذا المنصب. الذى إليه مرجع الاحكام الشرعية فى جميع الأقطار اليمنية ـ من لا يوثق بدينه وعلمه وأكثروا من هذا وأرسلوا إلى بالرسائل المطولة.

فقبلت مستعينا بالله ومتكلا عليه.

ولقد ألف الشوكانى كثيرا من الكتب منها :

١ ـ نيل الاوطار فى الفقه.

٢ ـ ارشاد الغبى وهو كتاب نفيس يتحدث فيه الشوكانى عن وجوب البعد عن ذم الصحابة أو سبهم وهو كتاب ضروى فى أوساط الشيعة.

٣ ـ كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع.

٢٧٧

٤ ـ تفسير القرآن المسمى : فتح القدير الجامع بين فن الرواية والدراية من التفسير.

وعنوان هذا الكتاب يشرح الطريقة ، فهى ليست طريقة التفسير بالمأثور تقتصر على ايراد ما ورد فى الآية من الآثار كما فعل مثلا الامام السيوطى فى تفسيره الذى اقتصر فيه على ايراد ما ورد من الماثورات.

وليس تفسيرا يجعل كل همه العقليات كما فعل مثلا أبو مسلم الاصفهانى أو الفخر الرازى وأنما هو تفسير يجمع بين » الرواية والدراية » والرواية ، هى ايراد المأثورات والدراية هى ابداء الرأى الشخصى بعد الفهم والتأمل فى الآية وما روى عنها ، ونأتى الآن بنموذج منه.

يقول الله تعالى فى سورة الأنبياء ( إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ ، قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ ، قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ )

( سورة الأنبياء : ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٤ )

وهكذا يجيب هؤلاء المقلدة من أهل الملة الاسلامية ، فان العالم بالكتاب والسنة إذا أنكر عليهم العمل بمحض الرأى المدفوع بالدليل. قالوا : هذا قد قال به امامنا الذى وجدنا آباءنا له مقلدين وبرأيه آخذين. وجوابهم هو ما أجاب به الخليل هاهنا ( قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم فى ضلال مبين ) أى فى خسران واضح لا يخفى على أحد ولا يلتبس على ذى عقل ، فإن قوم إبراهيم عبدوا الاصنام التى لا تضر ولا تنفع ولا تسمع ولا تبصر ، وليس بعد هذا الضلال ضلال ، ولا يساوى هذا الخسران خسران. وهؤلاء المقلدة من أهل الاسلام استبدلوا بكتاب الله ، وبسنة رسوله كتابا فدونت ـ اجتهادات عالم من علماء الاسلام ، زعم أنه لم يقف على دليل يخالفها ، أما لقصور منه ، أو لتقصير فى البحث ، فوجد ذلك الدليل من وجده ، وابرزه واضح المنار كأنه علم فى رأسه نار ، وقال : هذا كتاب الله أو هذه سنة رسول الله.

٢٧٨

ويقول فى تفسير : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) ( سورة آل عمران : ١٦٩ )

وقد اختلف أهل العلم فى الشهداء المذكورين فى هذه الآية من هم؟

فقيل : شهداء أحد. وقيل فى شهداء بدر ، وقيل فى شهداء بئر موتة ..وعلى فرض أنها نزلت فى سبب خاص فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .. ومعنى الآية عند الجمهور : أنهم أحياء حياة محققه .. ثم اختلفوا : فمنهم من قال : أنها ترد إليهم ارواحهم فى قبورهم فيتنعمون. وقال مجاهد : يرزقون من ثمر الجنة ، أى يجدون ريحها وليسوا فيها. وذهب من عدا الجمهور إلى أنها حياة مجازية والمعنى : أنهم فى حكم الله مستحقون للنعم فى الجنة ، والصحيح الأول ، ولا موجب للمصير إلى المجاز وقد وردت السنة المطهرة بأن أرواحهم فى اجواف طيور خضر ، وأنهم فى الجنة يرزقون ويأكلون ..

٢٧٩
٢٨٠