المرشد الوجيز

الميرزا محسن آل عصفور

المرشد الوجيز

المؤلف:

الميرزا محسن آل عصفور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٣

( الثّانى ) أن تكون مفخّمتين نحو « أضل الله » فى قراءة ورش عند بعض القراء.

( الثالث ) أن تكون احداهما مرققة والأخرى مفخّمة ، نحو « وأحلّ الله ».

( الرابع ) أن تكون احداهما مفخّمة والأخرى مرققة ، نحو « وظلّلنا عليكم الغمام ».

الطرف الثانى

والكلام فيه عن اللام الواقعة فى أوّل لفظ الجلالة :

تقدم الكلام فى ان اللام أصلها الترقيق عكس الراء عند أهل التحقيق فلا تفخم الا لموجب (١) وهو تقدم فتح أو ضم نحو قوله تبارك وتعالى : « إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى » وقوله : « لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ » وقوله عز وجل : « ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ » أو ساكن بعد ضم نحو « قالوا » (٢) « اللهم » أو ساكن بعد فتح نحو « وَإِلَى اللهِ » ، « وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ » وكذلك فى الابتداء نحو : « الله ربنا » ولا يفرّق اتصاله بالميم نحو « قالوا اللهم » كما تقدم التمثيل له و « قال اللهم » لمناسبة الفتحة والضمة التفخيم المناسب للفظ الجلالة من التعظيم على حد تعبير ملا على القارى فى شرحه على متن الجزرية لكونه الاسم الأعظم عند الجمهور.

واما العلة فى تفخيم اللام فى لفظ الجلالة فقد قيل للفرق بينها وبين سائر اللامات وقيل لمجرد التعظيم وليس بجيّد وإلا فلم كانت ترقّق ، وقيل لانعدام موجب الترقيق ، وان الفتحة والضمة يستعليان فى الحنك والاستعلاء خفيف وهو أنسب.

__________________

(١) قال الدانى فى التيسير : قد أجمعوا اى القراء على تفخيم اللام واشباعها فى لفظة الجلالة مع الفتح والضم نحو « قال الله » ، « رسل الله » ، « قال اللهم » وعلى ترقيقها مع الكسرة نحو « بسم الله » ، « الحمد لله » وقال أيضا لا خلاف فى ترقيق سائر اللامات سواء حركت أو سكنت.

(٢) الالف للجماعة زائدة ، والمدار هنا الواو ، لانها آخر الكلمة.

٢٢١

وترقق على الأصل اذا تقدمتها كسرة مباشرة بأن لم تكن بين الكسرة واللام حركة أخرى وهى (١) محضة غير ممالة متصلة اتصالا صوريا رسميا نحو « بالله » ، « لله » « قل اللهم » ، « من دين الله » فان الاتصال الحقيقى غير متصوّر فى الحرف الذى يوجد قبل لفظ الجلالة أو منفصلة عارضة ولازمة تقدّمها ساكن بعد حرف مكسور نحو « بسم الله » ، « وينجى الله » ، « كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ » أو تنوين نحو « قوما الله » وذلك لأنها تلفظ بهذا النحو « قومن الله » وعلة الكسر فى المثال التقاء الساكنين وسبب ترقيق اللام هاهنا كراهية التصعّد بعد التسفّل واستثقاله.

قال الفخر الرازى فى تفسيره الكبير : أطبق القراء على ترك تغليظ اللام فى قوله « بسم الله » وفى قوله « الحمد لله » والسبب فيه ان الانتقال من الكسرة الى اللام المفخمة ثقيل لأن الكسرة توجب التسفّل واللام المفخمة حرف مستعل ، والانتقال من التسفل الى التصعد فى حال كونها مرفوعة أو منصوبة كقوله تعالى :

« اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ » ، « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » ، « إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ » انتهى كلامه.

الطرف الثالث

والكلام فيه يقع عن اللام الواقعة فى الفعل من حيث الاظهار والادغام والترقيق والتفخيم.

تظهر اللام الواقعة فى الفعل دائما عند جميع الحروف غير اللام والراء سواء كان الفعل ماضيا نحو « جعلنا » « فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ » أو مضارعا نحو « يلتقطه » أو أمرا نحو « كلوا » ، « قل نعم » ، « وليطوفوا ».

وأما اذا جاءت بعدها لام أو راء فانها تدغم فيها نحو « قل لا أملك لنفسى ضرّا

__________________

(١) أى : الكسرة.

٢٢٢

ولا نفعا » « قل ربى زدنى علما » وتلحق اللام الظاهرة الماضى فى آخره ووسطه نحو « جعلنا » ، « قلنا » ، « ضللنا » ، « التقى » وأما الأمر ففي آخره نحو « قل نعم ».

وان كان بعد اللام ألف منقلبة عن ياء هى رأس آية وذلك فى ثلاثة مواضع :

( الأول ) قوله عز وجل : « فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى ».

( الثانى ) قوله : « ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ».

( الثالث ) قوله تبارك وتعالى : « عَبْداً إِذا صَلَّى ».

فعن ورش ان الترقيق أقيس أى : أصح ليأتى الآى بلفظ واحد على حد دعواه.

وان كان بعد اللام ألف منقلبة عن ياء فى غير رءوس الآى ، وهى ستة مواضع فى القرآن :

( أولها ) فى سورة البقرة وهو قوله تعالى : « مُصَلًّى » ، ١٢ ـ ١٢٥ ـ.

و ( ثانيها ) فى سورة الأسراء قوله « يَصْلاها مَذْمُوماً ».

و ( ثالثها ) فى سورة الانشقاق قوله « وَيَصْلى سَعِيراً ».

و ( رابعها ) فى سورة الغاشية قوله « تَصْلى ناراً حامِيَةً ».

و ( خامسها ) فى سورة الليل قوله « لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى » ١٥.

و ( سادسها ) فى سورة المسد قوله : « سَيَصْلى ».

فقد اختلف فيهنّ أهل الأداء عن ورش وقفا ووصلا ترقيقا وتفخيما.

الطرف الرابع ( فى لام الاسم )

وحكمها الاظهار مطلقا ، نحو « ألسنتكم » ، « ألوانكم » ، « ألفافا » ، « سلطان » « الذى » ، « التى » لأن اللام فيها أصلية وليست مزيدة.

الطرف الخامس ( فى لام التعريف )

اعلم ان اللام تنقسم باعتبار افادتها التعريف وعدمه الى معرّفة وغير معرّفة والأولى من مختصّات الأسماء والثانية أعم وموضعها منها أوائلها ولها حينئذ

٢٢٣

حكمان : الاظهار والادغام وتسمى باللام القمرية والثانية باللام الشمسية ، وتفصيل الكلام عنها بعد الذى عرفت ينتظم فى مقامين :

المقام الاول فى اللام القمرية :

يجب اظهار اللام اذا وقعت قبل أربعة عشر حرفا بالاتفاق ، وهى مجموعة فى قولك : « ابغ حجّك وخف عقيمة » وأمثلة كل حرف منها كالآتي :

فأما مثال الباء فقوله : « فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ ».

ومثال الهمزة قوله : « إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ».

ومثال الغين قوله : « عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ».

ومثال الحاء قوله : « وَأَتِمُّوا الْحَجَّ ».

ومثال الجيم قوله : « الْجُرُوحَ قِصاصٌ ».

ومثال الكاف قوله : « ذلِكَ الْكِتابُ ».

ومثال الواو قوله : « فَتَرَى الْوَدْقَ ».

ومثال الخاء قوله : « وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ».

ومثال الفاء قوله : « ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ».

ومثال العين قوله : « وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ».

ومثال القاف قوله : « وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها ».

ومثال الياء قوله : « كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ ».

ومثال الميم قوله : « ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ».

ومثال الهاء قوله : « وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى ».

وسميت هذه الحروف حروفا قمريّة لأن القمر لا يؤثر نوره فى غيره كالشمس كذلك هذه الحروف لا تؤثر تأثيرها أصلا فى اللام عند اتصالها بها ويسمى هذا الاظهار بالنظر الى هذه الحروف قمريا ، وأما العلة فى تسمية اللام بالقمر تشبيها

٢٢٤

لها بجامع الظهور (١) فى كل وحقيقة هذا الاظهار أن ينطق بالحرف الأول وهو اللام ساكنا ويخفف الحرف الذى دخلت عليه نحو « البصير » ، « الكبير ».

المقام الثانى

فى اللام الشمسية

يجب ادغامها بلا غنّة بالحرف الذى بعدها اذا كان واحدا من أربعة عشر حرفا مجموعة فى أوائل هذا البيت :

طب ثم صل رحما تفز ضف ذا نعم

دع سوء ظن زر شريفا للكرم

وفى عدّ اللام الأخيرة من جملتها خلاف ، ذهب سيبويه فى الكتاب الى عدمه ومكى فى الكشف الى اثباتها.

وأمثلة كل حرف منها كالآتى :

فمثال الطاء قوله : « وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ ».

ومثال الثاء قوله : « ما تَحْتَ الثَّرى ».

ومثال الصاد قوله : « ادْخُلِي الصَّرْحَ ».

ومثال الراء قوله : « الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ».

ومثال التاء قوله : « وَقابِلِ التَّوْبِ ».

ومثال الضاد قوله : « الضُّحى ».

ومثال الذال قوله : « غافِرِ الذَّنْبِ ».

ومثال النون قوله : « وَمِنَ النَّخْلِ ».

ومثال الدال قوله : « تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ».

ومثال السين قوله : « وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً ».

__________________

(١) أى ان لفظة القمر لما كانت اللام ظاهرة فيها فى اللفظ ميزت اللام عن غيرها لظهورها فيها بالقمرية.

٢٢٥

ومثال الظاء قوله : « يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ».

ومثال الزاى قوله : « بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ ».

ومثال الشين قوله : « وَالشَّمْسِ وَضُحاها ».

وسميت هذه الحروف شمسية لأن الشمس كما تؤثر فى القمر بحيث يصير منورا كذلك هذه الحروف عند اتصالها بلام التعريف مؤثرة بحيث تصير اللام مثلها كما مرّ ، ويسمى هذا الادغام بالنظر الى هذه الحروف ادغاما شمسيا.

والعلة فى ادغام اللام فى هذه الحروف هى مقاربة اللام لهذه الحروف فى مخارجها من الفم.

وأما العلة فى تسمية اللام بالشمسية تشبيها لها بلام الشمس بجامع الادغام فى كل.

وكيفية هذا الادغام أن تجعل اللام من جنس الحرف المدغم فيه فتجعل اللام فى نحو « وَالشَّمْسَ » شينا ، كأنك تقول : « واششمس » وفى نحو « النَّارَ » نونا بمثل ما تقدم ، وعلى ذلك قس بقية الأحرف المذكورة ثمة.

وفائدة هذا الادغام تخفيف اللفظ لثقل عود اللسان الى المخرج الأول فاختار العرب الادغام للخفّة ، لأن النطق بذلك أسهل.

تتمة

فى كيفية معرفة اللام القمرية والشمسية : تعرف كل واحدة منهما بتشديد الحرف الذى بعدها ، وعدمه عند التلفّظ به كما مر التمثيل له فاذا جاء بعد شدّة فاللام شمسية والاّ فقمرية.

احكام الميم الساكنة

للميم الساكنة ثلاث حالات اذا وقع بعدها أحد حروف الهجاء الثمانية والعشرين.

٢٢٦

وهى الاخفاء والادغام والاظهار والكلام عنها يقع على هذا الترتيب :

الحالة الاولى ( الاخفاء )

اذا وقع بعد الميم الساكنة حرف الباء الموحدة التحتية فحكم الميم الاخفاء بغنة عند القراء نحو قوله تعالى : « وَما هُمْ بِخارِجِينَ » و « إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ » ، « وَهُمْ فِيها » « عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ».

فالاخفاء هو الغن باخفاء فى الميم الساكنة عند ما يتلوها حرف الباء ويسمى إخفاء شفويا لخروج الميم من بين الشفتين ، وسبب هذا الاخفاء ان الميم والباء لما اشتركا فى المخرج وتجانسا فى الانفتاح والاستفال ثقل الاظهار والادغام المحض فعدل بهما الى الاخفاء.

الحالة الثانية ( الادغام )

اذا وقع بعد الميم الساكنة حرف ميم ثان تدغم الميم الأولى بالميم الثانية بحيث تصيران ميما واحدة مشددة مع غنة كاملة نحو : « وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً » ، « لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ » ويسمى ادغام متماثلين سواءً كانت هذه الميم أصلية كما تقدم أم مقلوبة عن النون الساكنة نحو « من مال » ، « من ماء مهين » فيصير الأولى « ممال » والآخر « مم مائم مهين ».

الحالة الثالثة ( الاظهار )

اذا وقع بعد الميم الساكنة أحد حروف الهجاء عدا الباء والميم يكون النطق بالميم المذكورة ظاهرا من غير غنّة ، نحو : « أَلَمْ تَرَ » ، « يَمْشِي » ، « وَهُمْ فِيها »

فالاظهار وجوب عدم الغن فى الميم الساكنة عند ما يأتى بعدها أحد حروف الهجاء غير الباء والميم ويسمّى هذا اظهارا شفويّا وتكون أشدّ اظهارا عند الواو والفاء.

٢٢٧

أما قبل الميم فيجب ضم الضمير اتفاقا إلاّ فى الهاء المكسور ما قبلها نحو « آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ » ، « إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ ».

والاّ فى الهاء قبلها ياء ساكنة فكسروا الهاء لمجاورة ما أوجب ذلك من الكسر وهو الياء الساكنة عند غير حمزة ، نحو : « عليهم ولا الضالين ».

احكام الميم والنون المشددتين

أوجب القراء باصطلاحهم اظهار الغنّة والشدّة فى الميم أو النون المشددتين سواء أكانا فى كلمة واحدة أو فى كلمتين.

فمثال النون المشددة فى كلمة واحدة « انّ » ، « مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ».

ومثال الميم المشددة فى كلمة واحدة « المزمّل » ، « محمّد » ، « أمّا » ، « ثمّ » ، « لمّا ».

ومثال الميم المشددة فى كلمتين « ما لهم من » ، « كم من فئة » ، « فهل تر لهم من باقية ».

فالغنة لازمة لهما اصطلاحا ، وليست بشرط كما نبهنا على ذلك فيما مضى.

احكام النون الساكنة والتنوين

ذكرنا فيما مضى تعريف التنوين وفى معرضه أشرنا الى انه نون ساكنة زائدة أصالة متطرفة تلحق آخر الاسم لفظا ووصلا وتسقط خطا ووقفا لغير توكيد وأقسامه ثمانية أو عشرة مستوفاة فى كتب النحو المبسوطة.

والنون الساكنة هى التى ذهبت حركتها.

ولو كانت كذلك ولكنها كانت للتوكيد نحو « وليكونا » ، « لنسفعا » فهى مما يثبت لفظا وخطا ووصلا ووقفا.

والمذكور من أنواع التنوين فى القرآن أربعة جاءت مختصة بالأسماء :

( الأول ) تنوين التمكّن أو التمكين أو التصريف ، وهو يدل على أمكنية الاسم

٢٢٨

فى بابه لكونه منصرفا من كمال حركات الاعراب فيه لفظا أو تقديرا نحو « اسم الله » « هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ».

( الثانى ) تنوين المقابلة نحو ( مسلمات » ، « مؤمنات » فان التنوين فيها قبال النون فى جمع المذكر السالم ، نحو « مسلمون » ، « مؤمنون ».

( الثالث ) تنوين العوض وهو على ثلاثة أنواع : عوض عن حرف ، وعن كلمة وعن جملة ، فمثال الأول قوله « من فوقهم غواش » فان التنوين فيه عوض عن الياء المحذوفة ومثال الثانى تنوين كل وبعض نحو « كل له قانتون » فان التنوين يؤتى به هاهنا عوض عن المضاف اليه الموجود فى نحو « كلّهم » ، « بعضهم » ، « قبلهم » وأسماء الجهات المضافة.

ومثال الثالث قوله : « وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ » فإنّ التنوين فيه عوض عن الجملة المحذوفة أى وأنتم حين اذ بلغت الروح الحلقوم تنظرون.

وانما حرّكت الذال لالتقاء الساكنين.

( الرابع ) تنوين التناسب نحو « سلاسلا وأغلالا » فانه صرف « سلاسلا » المصوغة على وزن مفاعل صيغة منتهى الجموع الممنوعة من الصرف عند بعض القراء لمناسبة أغلالا.

ولهما ـ أى النون الساكنة والتنوين ـ عند حروف الهجاء أربعة أحكام اظهار ، وادغام ، وقلب ، واخفاء.

الحالة الاولى : الاظهار

وهو لغة : البيان ، وفى الاصطلاح : اخراج كل حرف من مخرجه من غير غنّة فى الحرف المظهر ويجب اظهار التنوين والنون الساكنة عند حروف الحلق وهى الهمزة والهاء والحاء والخاء والعين والغين المجموعة فى أوائل هذه الكلمات « اخى هاك علما حازه غير خاسر ».

٢٢٩

ولم يذكروا الألف لأنها لا تأتى بعد كائن.

وحقيقة الاظهار ان ينطق بالنون الساكنة والتنوين على حدهما ثم ينطق بحروف الاظهار من غير فصل بينهما وبين حقيقتهما فلا يسكت على النون ولا يقطعها عن حروف الاظهار.

وسبب اظهار النون الساكنة والتنوين عند الأحرف الستة المذكورة بعد مخرج النون لأنه من طرف اللسان والادغام انما يسوغه التقارب ثم لما كان النون والتنوين سهلين لا يحتاجان فى اخراجهما الى كلفة وحروف الحلق أشد الحروف كلفة علاجا فى الاخراج حصل بينهما وبينهن تباين لم يحسن معه الاخفاء كما لم يحسن الادغام اذ الادغام قريب من الاخفاء وكلما بعد الحرف كان التبيين اظهر فتظهر النون الساكنة والتنوين عند الهمزة والهاء اظهارا بينا ويقال له أعلى وعند العين والحاء اظهارا أوسط وعند الغين والعين اظهارا أدنى ، ولا فرق فى ذلك بين أن يكون الالتقاء فى كلمة أو كلمتين.

فمثال اظهار التنوين عند الهمزة قوله تعالى : « كُفُواً أَحَدٌ » ، « رَسُولٌ أَمِينٌ » وعند الهاء قوله : « سَلامٌ هِيَ » « جُرُفٍ هارٍ » وعند الحاء قوله تعالى : « غَفُورٌ حَلِيمٌ » وعند العين قوله تعالى : « واسِعٌ عَلِيمٌ » ، « أَجْرٌ عَظِيمٌ » ، وعند الخاء قوله : « عَلِيمٌ خَبِيرٌ » « لَطِيفٌ خَبِيرٌ » ، « قَوْمٌ خَصِمُونَ » وعند الغين قوله عز وجل : « عَفُوًّا غَفُوراً » ، « عَزِيزٌ غَفُورٌ » ، ومثال اظهار النون الساكنة عند الهمزة فى كلمتين قوله عز شأنه : « مِنْ أَحَدٍ » ، « مَنْ آمَنَ » ، « مِنْ أَجْلِ ذلِكَ » ، وأما اظهارها فى كلمة فمثل قوله « يَنْأَوْنَ عَنْهُ » ومثاله مع الهاء فى كلمتين قوله : « إِنَّ هذا » ، « إِنْ هُوَ » ، « مِنْ هادٍ » وفى كلمة « يَنْهَوْنَ » ومثاله مع الحاء فى كلمتين قوله : « مِنْ حُلِيِّهِمْ » وفى كلمة « ينحتون » ومثاله مع الغين فى كلمتين قوله : « مِنْ غِلٍّ » ، « مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ » وفى كلمة « فسينغضون » ومثاله مع الخاء فى كلمتين قوله : « مِنْ خَيْرٍ » ، « مِنْ خِلافٍ » وفى كلمة « المنخنقة » ، ومثاله مع العين فى كلمتين قوله : « مِنْ عَمَلِ » ، « مِنْ عِنْدِ

٢٣٠

اللهِ » وفى كلمة « أنعمت » ، « ينعق » وانما سميت بحروف الحلق ، لان مخرجها منه وباقى الحروف على قسمين.

( قسم ) يسمى بحروف الشفة لان مخرجها منها ، وهى الواو والباء المنقوطة نقطة من تحت ، والميم.

( والقسم الآخر ) يسمى بحروف الفم لان مخرجها منه وهو باقى الحروف غير حروف الحلق والشفة.

والنون اذا أتى بعدها واو فى كلمة واحدة نحو « صنوان » أو ياء نحو « بنيان » فانه يجب الاظهار لانهما من كلمة واحدة ، وهذا الحكم عام والعلة فى منعه خشية الالتباس بالمضاعف وهو ما تكرر أحد أصوله ك « رمان » ، و « صوّان » والذى يوجد من ذلك فى القرآن أربع كلمات وهى « دنيا » و « صنوان » و « قنوان » و « بنيان » فلو أدغمت النون هنا فيما بعدها لاشتبه الحال بالنسبة للسامع بالصوّان وهو المضاعف كما تقدم.

الحالة الثانية ( الادغام )

وهو لغة كما سبق ان اشرنا اليه الخفاء والستر ، وادخال الشيء فى الشيء وامتزاجه به واصطلاحا : ادخال حرف ساكن فى مثله متحرك أو مقاربه فى المخرج بحيث يشدد ذلك الحرف حتى يصير فى قوة حرفين يرتفع اللسان عنده ارتفاعة واحدة ونعنى به هاهنا ان التنوين والنون الساكنة ينبغى ادغامهما فى جميع حروف يرملون (١) هذا باصطلاح القراء ، أما المذهب المختار فقد مرّ ايضاحه فى مبحث الادغام.

وذلك فى حال الوصل والمتأخر غير معتبر بالمتقدّم.

__________________

(١) وهى ستة أحرف كما يتبين لك جليا : الياء ، والراء والميم والواو والنون ، باتفاق القراء من غير خلاف.

٢٣١

ومعنى كلمة يرملون ان أهل الدنيا يسرعون الى الموت ومثال ادغام التنوين فى الياء قوله تعالى : « كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى » ومثال ادغامه فى الراء قوله : « غَفُورٌ رَحِيمٌ » ومثال ادغامه فى اللام قوله جل شأنه : « لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ » ومثال ادغامه فى الواو قوله عز وجل « مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً » ، ومثال ادغامه فى النون قوله : « بسير نحن أعلم ».

ومثال ادغام النون الساكنة فى الياء قوله تعالى : « مَنْ يَشْفَعْ » ومثال ادغامها فى الراء قوله تعالى : « مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ » ومثال ادغامها فى الميم قوله تعالى :

« من ما خطاياهم » ومثال ادغامها فى اللام قوله تعالى : « وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ » ومثال ادغامها فى الواو قوله : « مِنْ واقٍ » ومثال ادغامها فى النون قوله عز من قائل :

« مِنْ نَصِيرٍ ».

واستثنى من هذه القاعدة الكلية أربعة مواضع :

( الاول ) فى قوله تعالى : « من راق » فقرأ حفص بالسكون على النون ولم يقطع ، وقراءته هذه فى الحقيقة اظهار ، وانما فعل ذلك لشدة الادغام فيتوهم انها كلمة واحدة ومنه قوله تعالى : « مِنْ رَبِّهِمْ » ، « غَفُورٌ رَحِيمٌ ».

( الثانى ) فى قوله تعالى : « يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ » ، فقرأ حفص وحمزة وقالون والمكى وابن كثير وورش وأبو عمر وابن العلا باظهار النون ، والباقون يدغمون فحينئذ يجوز الادغام والاظهار.

( الثالث ) فى قوله جل شأنه : « طسم » حيث تلفظ بهذا الشكل « طا سين ميم » فقرا حمزة باظهار النون ، واما فى قوله تعالى فى اول سورة النمل « طس » حيث تلفظ « طا سين » فلا وذلك لانه ليس بعد النون ميم كما فى الاولى المذكورة والباقى يدغمون.

( الرابع ) فى قوله تعالى : « ن وَالْقَلَمِ » فقرأ ورش باظهار النون ، وروى له بالادغام والباقى يدغمون ، وينقسم الادغام باعتبار الغنة وعدمها الى قسمين :

٢٣٢

القسم الاول ما تلازم الغنة فيه الادغام

اعلم انه قد أجمع القراء كلهم على وجوب الغنة (١) فى حرفى الميم والنون وأيضا فانهم يقرءون بالغنّة فى حرفين آخرين ، وهما الواو والياء ، وقد جمعت فى كلمة « يومن » أو « ينمو ».

وسمى بالادغام الناقص لأنه لم يتم حيث بقى من الحرف الاول صفته وهى الغنّة فوجودها سبب نقص الادغام عن كمال التشديد ويشترط فيه أن يكون حرفا المدغم والمدغم فيه فى كلمتين ، وخالفهم « خلف » فأدغمهما بلا غنّة.

القسم الثانى ما لا تلازم الغنة فيه الادغام

وهو يعلم ممّا تقدّم بيانه من انّ الحرفين الباقيين لا غنّة فيهما للجميع وهما اللام والرّاء من جملة حروف ( يرملون ) وأمثلة ذلك عند كلّ واحد منهما كما يلى :

فمثال النون الساكنة مع اللام قوله عزّ وجلّ « مِنْ لَدُنَّا » وقوله « يُبَيِّنْ لَنا » وقوله « لَئِنْ لَمْ ».

ومثال التنوين مع اللام قوله : « فَسَلامٌ لَكَ » وقوله « سبلا لهم » ، وقوله : « كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ » وقوله : « هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ».

ومثال ادغام النون الساكنة مع الرّاء قوله تبارك وتعالى « مِنْ رَبِّهِمْ » وقوله « من ريب » وقوله : « مَنْ راقٍ ».

ومثال ادغام النون مع الرّاء قوله عزّ وجل : « لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ » « غَفُورٌ رَحِيمٌ »

__________________

(١) وغاية ما يستفاد من الوجوب فى اصطلاحهم انه مفهوم مغاير لما عند المتشرعة وان اتفقا فى بعض الاحيان.

٢٣٣

ومثال ادغام النون الساكنة عند الياء قوله تعالى : « مَنْ يَعْمَلْ » ومثال ادغام التنوين عند الواو قوله : « رَحِيمٌ وَدُودٌ » وادغام النون الساكنة عند النون قوله : « مِنْ نَكِيرٍ » ومثال ادغام النون الساكنة عند الميم قوله « من مفرّ ».

ويسمّى هذا الادغام بالكامل.

فكلّ القراء حذفوا الغنة عندهما كما ذكرنا الاّ أبا جعفر (١) برواية النهروانى (٢).

وحيث لم يعتبره صاحب التيسير أبو عمر والدانى والشّاطبى جعلا الادغام بغير غنّة عند هذين الحرفين.

والغنّة على ما قدّمنا صوت يخرج من الخيشوم وعلامة ذلك انّك اذا نطقت بالصوت فاقبض على الأنف ، فان تغيّر الصوت دل ذلك على الغنّة ، وان لم يتغير فلا غنّة ، لأنه لا عمل للسان فيه.

وتمدّ الغنّة بمقدار حركتين والواحدة منهما (٣) مقدار ما يقبض الانسان اصبعه أو يبسطها بدون عجلة بتأن وانما على جهة الاعتدال.

واعلم انّ الميم والنّون لا يمكن انفصال الغنّة عنهما كما عرفت هذا بحسب ما وقع بينهم فى الاصطلاح كما لا يخفى أما باقى الحروف فيمكن مع التكليف بالغنّة وعدمها.

الحالة الثالثة ( القلب )

وهو لغة تحويل الشيء عن وجهه.

وفى الاصطلاح : جعل حرف مكان حرف آخر مراعاة للغنّة بمعنى انّه

__________________

(١) هو يزيد بن القعقاع المخزومى المدنى المتوفى عام ١٣٠ ه‍.

(٢) هو عبد الملك بن بكر ان أحد رواة قراءة أبى جعفر المدنى.

(٣) أى : الحركتين.

٢٣٤

يجب قلب التنوين والنون الساكنة ميما خفيفة بغنّة اذا وقعا قبل الباء الموحدة التحتيّة.

ومثال التقاء النون الساكنة مع الباء فى كلمة قوله : « أنبئهم » أو فى كلمتين قوله : « أَنْ بُورِكَ » أو التقى التنوين مع الباء ولا يكون ذلك الاّ فى كلمتين ، نحو قوله : « سَمِيعٌ بَصِيرٌ » قلبا ميما ليخف النطق بهما لأن الميم من مخرج الباء.

ولم يقع فى كلام الله ولا فى كلام العرب ميم ساكنة قبل باء فى كلمة واحدة فلم يخف الالتباس ك « عنبر » و « منبر ».

الحالة الرابعة ( الاخفاء )

وهو فى اللغة الستر وفى الاصطلاح عبارة عن النطق بحرف ساكن عار أى خال من التشديد على صفة بين الاظهار والادغام مع بقاء الغنّة فى الحرف الأول وهو النون الساكنة أو التنوين ويكون الاخفاء فيهما اذا وقعا بعد أحد هذه الحروف وهى خمسة عشر حرفا :

الصّاد ، الذال ، الثاء ، الكاف ، الجيم ، الشين ، القاف ، السين ، الدال ، الطاء والزاى الفاء التاء الضاد الضاء.

وقد جمعت فى أوائل هذا البيت :

صف ذا ثناكم جاد شخص قد سما

دم طيبا زد فى تقى ضع ظالما

وهى ما عدا حروف الاظهار والادغام وحروف الاقلاب فيجب الغنّ على مذهب القراء فى النون الساكنة والتنوين بصفة تكون بين الاظهار والادغام وسبب اخفاء النون الساكنة والتنوين عند هذه الأحرف انّهما لم يقربا منهن قربهما من حروف الادغام وهى يرملون والميم فيجب ادغامهما فيهن من أجل القرب ولم يبعدا منهن كبعدهما من حروف الاظهار ، وهى حروف الحلق فيجب اظهارهما

٢٣٥

عندهن من أجل البعد فلمّا عدم القرب الموجب للادغام والبعد الموجب للاظهار أعطيتا حكما متوسطا بين الادغام والاظهار وهو الخفاء ، لأن الاظهار ابقاء ذات الحرف وصفته معا والادغام التام اذهابهما معا والاخفاء هنا اذهاب ذات النون والتنوين من اللفظ وابقاء صفتها التى هى الغنّة فانتقل مخرجهما من اللسان الى الخيشوم.

ويكون الاخفاء فى كلمة وفى كلمتين وأمثلة كلّ واحد منهما كما يلى : فمثال النون الساكنة عند الصاد فى كلمة قوله « ينصركم » وفى كلمتين قوله : « أن صدق » وعند الذال فى كلمة قوله « منذر » وفى كلمتين قوله « من ذا الذى » وعند الثاء فى كلمة قوله « منثورا » وفى كلمتين قوله « من ثمرة » وعند الكاف فى كلمة قوله : « ينكثون » وفى كلمتين قوله « من كل » وعند الجيم فى كلمة قوله « أنجيناكم » وفى كلمتين قوله « أَنْ جاءَكُمْ » وعند الشين فى كلمة قوله « وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ » وفى كلمتين قوله « لِمَنْ يَشاءُ » وعند القاف فى كلمة قوله « ينقلبون » وفى كلمتين قوله : « وَلَئِنْ قُلْتَ » وعند السين فى كلمة قوله : « منسأته » وفى كلمتين قوله : « أَنْ سَيَكُونُ » وعند الدال فى كلمة قوله : « أندادا » وفى كلمتين قوله : « مِنْ دَابَّةٍ » وعند الطاء فى كلمة قوله : « ينطقون » وفى كلمتين قوله : « من طين » وعند الزاى فى كلمة قوله : « فَأَنْزَلْنا » وفى كلمتين قوله : « فَإِنْ زَلَلْتُمْ » وعند الفاء فى كلمة قوله : « انْفِرُوا » وفى كلمتين قوله « وَإِنْ فاتَكُمْ » وعند التاء فى كلمة قوله : « يَنْتَهُوا » وفى كلمتين قوله : « مِنْ تَحْتِهَا » وعند الضاد فى كلمة قوله : « منضود » وفى كلمتين قوله : « ان ظللت » وعند الظاء فى كلمة قوله : « انظروا » وفى كلمتين قوله : « مِنْ ظَهِيرٍ ».

ومثال التنوين عند الصاد قوله : « رِيحاً صَرْصَراً » وعند الذال قوله : « سِراعاً ذلِكَ » وعند الثاء قوله : « جميع ثم » وعند الكاف قوله : « عاداً كَفَرُوا » وعند الجيم قوله : « شَيْئاً جَنَّاتِ » وعند الشين قوله : « عليهم شرع » وعند القاف قوله : « سميع

٢٣٦

قريب » وعند السين قوله : « عَظِيمٌ سَمَّاعُونَ » وعند الدال قوله : « قِنْوانٌ دانِيَةٌ » وعند الطاء قوله « صَعِيداً طَيِّباً » وعند الزاى قوله : « صَعِيداً طَيِّباً » وعند الفاء قوله :

« خالِداً فِيها » وعند التاء قوله : « جَنَّاتٍ تَجْرِي » وعند الضاد قوله « قَوْماً ضالِّينَ » وعند الظاء قوله : « ظِلًّا ظَلِيلاً ».

احكام هاء الكناية

وهى عبارة عن هاء الضمير التى يكنى بها عن المفرد المذكر الغائب وهى اما أن تكون بين متحركين أو يكون بعدها ساكن أو يكون قبلها ساكن فالأحوال ثلاثة :

الحالة الاولى

فيما اذا وقع بعد هاء الضمير حرف ساكن فجميع القرّاء يحذفون الصلة نحو قوله تعالى : « يَعْلَمْهُ اللهُ » ، « رَبِّهِ الْأَعْلى » « عَلَيْهُ اللهَ » وكذا أيضا اذا كانت الصلة ألفا وذلك فى ضمير المؤنث نحو قوله تعالى : « مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ » ، « فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ » وعلّة هذا الحرف لكون المد فى أمثال هذه المواضع يؤدى الى الجمع بين ساكنين.

الحالة الثانية

فيما اذا كان قبلها ساكن ذهب ابن كثير الى وصل كل هاء ضمير قبلها ساكن وبعدها متحرّك نحو قوله تعالى : « لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ » وقوله :

« لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ».

وشاركه حفص فى قوله تعالى : « فِيهِ مُهاناً » جمعا بين اللغتين والباقون لا يصلون.

الحالة الثالثة

حكى الدانى فى التيسير وغيره الاجماع على ان هاء الضمير للمذكر الواقعة

٢٣٧

بين متحركين المكسورة اذا شبعت يتولّد منها ياء مديّة تقوية لخفاء الهاء بحرف من جنس حركته نحو : « خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً » « من ربه » ، « به ».

وكذلك الهاء المضمومة فإنه يتولّد منها واو مدية نحو « شروه » : « بشّروه » ، « أنزلناه » ، « أحييناه » ، « منه » ، « فليصمه » ، « عنه ».

وأسكن حمزة وشعبة وأبو بكر (١) وأبو عمرو الهاء فى قوله عز وجل : « يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ » وفى قوله : « لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ » فى سورة آل عمران ، وفى قوله : « نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى » ، وفى قوله : « نصله » فى سورة النساء وفى قوله « نُؤْتِهِ مِنْها » فى موضعين من سورة آل عمران وموضع فى الشورى لأن الهاء ضمير والضمائر أسماء والجزم مختص بالأفعال فنزلوه منزلة الجزء منه وقرءوه من غير حركة.

أقول : وهذا التعليل ساقط الاعتبار واللازم فيه غض الطرف عنه واسدال الستار عليه لأن القراءة بحسب هذا المدعى فى السورة فى الصلاة موجب للبطلان والخسران فى مذهبنا من غير مخالف يذكر فى المقام لالتزامهم القول بوجوب مراعاة حركات الاعراب والبناء فى مواضعها والبطلان بمخالفة ذلك وقد مرّ الاشارة الى ذلك فراجع.

وكل ما سنوافيك به من أمثال هذا الموضع فالحكم عينه يجرى فيه.

أما قوله تعالى فى سورة النور : « يَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ » فمكنها أبو عمرو وأبو بكر وخلاد بخلاف عنه وكل للقراء يكسرون قافه الا حفصا فقرأها بسكون القاف وعدم الصلة.

وهو بعد ذلك فى الهاء على خمس مراتب منهم من سكنها قولا واحدا وهو أبو عمرو وشعبه ومنهم من عنّه الاسكان والثانى صلتها بياء وهو هشام ومنهم من له الاختلاس قولا واحدا وهو قالون وحفص ومنهم من يحركها موصولة بياء

__________________

(١) وهو راوى عاصم.

٢٣٨

قولا واحدا وهم الباقون.

أما « أرجه » فوقعت فى موضعين فى سورة الأعراف وسورة الشعراء وابن كثير وابن عمرو وابن عامر يقرءون بهمزة ساكنة ويضمّون الهاء الا ابن ذكوان وهو أحد رواة ابن عامر ، قال بكسر الهاء وقرأ عاصم وحمزة باسكان الهاء والباقون يوافقون ابن ذكوان على الكسر الا أن ورشا والكسائى يكسران الهاء ويصلانها بياء وكذلك ابن كثير وهشام فانهما وان كانا يضمّان الهاء فانهما يصلانها بواو.

وأما قوله تعالى : « نُؤْتِهِ مِنْها » و « وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ » فى سورة الشورى فسكّنها أيضا حمزة وأبو بكر وعمرو. وأما قوله تعالى فى سورة آل عمران : « يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ » فقد قرأ حمزة وأبو بكر وأبو عمر بالاسكان.

وأما قوله عز من قائل : « فألقه » فالقراء فيه على أربعة أقوال فمنهم من سكن هاءه قولا واحدا وهم حمزة وعاصم وأبو عمرو ومنهم من حرك الهاء بكسرة مختلسة قولا واحدا وهو قالون ومنهم من له وجهان الأول تحريكها بكسرة مختلسة والثانى تحريكها بكسرة موصولة بياء وهو هشام ومنهم من حركها بكسرة موصولة بياء قولا واحدا وهم الباقون.

وأما قوله تعالى فى سورة الزمر « يَرْضَهُ لَكُمْ » فالقراء فيه على خمسة أقوال :

( الأول ) للسوسى وهى الاسكان فقط.

( الثانى ) لهشام وهو وجهان الاسكان واختلاس الضمة.

( الثالث ) للدورى وهو وجهان الاسكان وصلة الضمة بواو.

( الرابع ) لحمزة وعاصم ونافع وهو اختلاس الضمة فقط.

( الخامس ) للباقين وهو صلة الهاء بواو فقط.

وأما قوله تعالى فى سورة طه : « وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً » فالقراء فيه على ثلاثة أقوال :

( الأول ) للسوسى وهو اسكان الهاء.

٢٣٩

( الثانى ) لقالون وهو القراءة بوجهين الأول الاختلاس والثانى صلتها بياء.

( الثالث ) للباقين وهو وصل كسرة الهاء بياء.

وأما قوله « نفقه » فى سورة هود وقوله « لم ينته » و « لم تنته » حيث وقع قصر بالاتفاق لأن الهاء أصل الكلمة.

وكيف كان فينبغى حسبما مر عليك فى حرفى الصلة الواو والياء أن يكونا ثابتين فى اللفظ وان سقطا فى الخط ويلاحظ فى بعض المصاحف المطبوعة بمصر وغيرها ان كل هاء ضمير مضمومة تحتها واو صغيرة وكل هاء مكسورة تحتها ياء صغيرة.

هاء السكت وهى اللاحقة لبيان حركة أو حرف

وتقع فى القرآن فى سبعة مواضع وهى :

( الأول ) فى سورة البقرة وهو قوله تعالى : « لَمْ يَتَسَنَّهْ ».

( الثانى ) فى سورة الأنعام وهو قوله تعالى « اقْتَدِهْ ».

( الثالث ) و ( الرابع ) و ( الخامس ) و ( السادس ) فى سورة الحاقة وهى قوله « كِتابِيَهْ » ، « مالِيَهْ » ، « حِسابِيَهْ » ، « سُلْطانِيَهْ »

( السابع ) فى سورة القارعة وهو قوله : « ما هِيَهْ ».

وهذه السبعة ساكنة أبدا ان كان فى حالة الوقف أو الوصل والحركة فيها عند جميع القراء مذموم بخلاف النحويين فانهم يسكنونها فى الوقف وفى الوصل أجازوا حذفها أو ضمها تشبيها لها بهاء الضمير وكسرها على أصل التقاء الساكنين ، وربما وصلت بنية الوقف.

احكام ياءات الاضافة

اعلم ان ياءات الاضافة هى ياء المتكلم من الضمائر المتصلة وليست هى جزء

٢٤٠