المرشد الوجيز

الميرزا محسن آل عصفور

المرشد الوجيز

المؤلف:

الميرزا محسن آل عصفور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٣

الواقعة فى الصراط ، وعلة عدم وصلها باللام لأن اللام هنا شمسية وكونها كذلك يستلزم خفاءها وعدم النطق بها (١).

المد اللازم

ويكون فيما اذا جاء بعد أحد حروف المد حرف ساكن سكونا لازما أى : من بنية الكلمة ـ فى الحالين لا يختلف حاله باعتبار اختلاف الوصل والوقف فلا يضر كون سكونه عارضا عند الاعلال نحو « دابة » فانها فى الأصل كانت « داببة » على وزن ( فاعلة ) فسكنت الباء الأولى وأدغمت فى الثانية فلا يسمى سكونا عارضيا عند القراء بل لازما والأحوط مراعاته عند القراء فى الصلاة.

ثم المد بسبب السكون ينقسم الى كلمى وحرفى ، وكل منهما اما مدغم أى مثقل أو مخفف بتعبير آخر.

المد اللازم المثقل الكلمى

أو اللازم المشدد ويسمى أيضا مد الحجز لأنه يحجز بين الساكنين وهو أن يكون بعد حرف المد سكون لازم وكان مدغما.

وقد ذكره السيد الخوئى فى مسائله المنتخبة وذهب الى وجوبه وقد سبق ايضاح معنى الحرف المشدد وذلك ببيان التشديد ومثاله ما هو نحو « الضالين » و « أتحاجوني » و « هذان » و « اللذان » عند من شدد نونهما أو « الذاكرين » فى وجه الابدال دون التسهيل.

__________________

(١) أقول : ويزيد على هذا الحكم قوله فى وسيلة النجاة ومما يعتبر عليه المدار فى صحة القراءة فى الصلاة حذف همزة الوصل فى الدرج كهمزة « ال » وهمزة « اهدنا » على الاحوط واثبات همزة القطع كهمزة « أنعمت ».

١٨١

المد اللازم المخفف الكلمى

وهو أن يكون بعد حرف المد ساكن غير مشدد نحو « الآن » وقد ورد فى القرآن فى موضعين من سورة يونس.

ومقدار طول مده عند القراء ثلاث ألفات أى ست حركات وكذا « اللائى » و « محياى » فى قراءة من أسكن ياءهما لأنه اعتبر فيه اللفظ اعتبارا بالعارض.

المد اللازم الحرفى

وينقسم هو لآخر الى مثقل ومخفف وذلك ان أدغم الحرف الذى بعد حرف المد كان مثقلا نحو « الم » وان لم يدغم كان مخففا نحو « ص والقرآن » و « ن والقلم » ، و « ق والقرآن » وما أشبه ذلك.

المد اللازم المثقل الحرفى

أى : المشبع وهو أن يوجد حرف فى فواتح السور هجاؤه ثلاثة أحرف وكان أوسطها حرف مد والثالث حرف ساكن مدغم نحو السين واللام فى « طسم » و « المر » و « الم » فان حروفها الهجائية المتلفظ بها ثلاثة أحرف ، فيكون أصل المثال الأول على هذا النحو « طا سين ميم » والثانى « ألف لام ميم را » والثالث « ألف لام ميم » فكل منها من ثلاثة أحرف وفى وسطه حرف مد الاّ خمسة أحرف وهى الطاء والها والرا واليا والحا فهى مقصورة بلا خلاف.

واعترض السيد عباس الكاشانى على ذلك مخالفا للمشهور بين القراء فى كتابه حدائق الأنس حيث قال ذهب كثير من المفسرين على ان الحروف المقطعات فى أوائل السور أسماء للحروف المخصوصة فالألف فى « الم » اسم للمسمى بالالف واللام اسم للمسمى باللام والحاء فى « حم » اسم للمسمى بالحاء ، والطاء فى « طه » اسم للمسمى بالطاء ، ولا ريب فى ان الاسم للمسمى بالحاء هو الحاء بالمد وكذا

١٨٢

الاسم المسمى بالطاء هو الطاء بالمد ، وعلى هذا يجب أن تقرأ الحاء فى أوائل « حم » والطاء فى أوائل « طه » و « طس » بالمد ، مع انه لا يقرأ كذلك باتفاق القراء ثم قال : ولم أعثر على أحد تعرض لهذا الاشكال وجوابه والظاهر انهم أسقطوا الهمزة تخفيفا ولكن الكلام فى صحة هذا الاسقاط اذ لا مقتضى لصحته على الظاهر انتهى كلامه زيد افضاله.

أقول : ولنا دفع لما أورده وان كان كلامه هذا قد وافق الصواب وأوضح القشر من اللباب بما لم يتنبه اليه سابق من أولى الألباب فيمن طرق هذا الباب وكشف عن الحقائق النقاب فى خضم هذا العباب هو انه قد تحرر فى مواطن التحقيق ان القراءة هى ما ثبت صحة تواتره بالنقل لا ما وافق العربية فلا يرد ما ذكره والله العالم.

وكيف كان فلا مد فى قوله جل شأنه « طه » لأن أصله « طاها » وفى « يس » مد واحد نشأ من السين ك « حم » فان مده فى الميم لا في الحاء وهى وان كانت ثلاثية الاّ ان هجاءها يتم بحرفين.

وتمدّ السين والميم الموجودتين فى « طسم » ست حركات ، وكذلك اللام والميم الموجودتين فى « المص » و « الم » و « المر » واختلف فى « الم » فى فاتحة البقرة ، وكذا فاتحة آل عمران وقفا هل مد اللام أكثر لكونه مشددا أو مد الميم لأنه فى محل الوقف أظهر وجمهور القراء على التساوى على ما صرح به الجعبرى فيزاد حرف المد فيه بالطول قدر ثلاث ألفات ، وقيل ألفين ويرجع الخلاف فيه الى اعتبار المد الأصلى معها أو بدونه.

أما فى حالة الوصل فان الميم يجوز مدها مد القصر أى مقدار حركتين مع فتحها فتقول « ألف لام ميم الله ».

١٨٣

المد اللازم المخفف الحرفى

ويجيء فى فواتح السور وذلك فى الحروف التى تكون أحرف هجائها ثلاثة أحرف وكان الأوسط منها حرف ساكن غير مدغم نحو « ص » و « ن » و « ق » ويلحق بها السين والميم واللام والكاف الموجودة فى « يس » و « حم عسق » و « حم » و « الر » و « كهيعص » ومقدار طول مده عند القراء ثلاث ألفات ـ ست حركات ـ الاّ العين الموجودة فى « حم عسق » و « كهيعص » فانها تمد أربع حركات أو ست وهى الأفضل عندهم على قول.

وكيف كان فما من حرف كان أحد جملة الحروف السبعة المجموعة فى قولك « سنقص لكم » أو « نقص عليكم » فانه سواء كان مدغما أو غير مدغم يمدّ ست حركات للألف منها أربعة أحرف وهى « ص والقرآن » وكاف وصاد من فاتحة سورة مريم « كهيعص » و « ق » من فاتحة سورة الشورى واللام من « الم » وللياء حرفان الميم من « الم » والسين من « يس » و « طس » وللواو حرف واحد وهو النون من « ن وَالْقَلَمِ » فقط فهذه سبعة تمدّ مدّا مشبعا بلا خلاف.

وأما العين من فاتحة سورة مريم والشورى ففيها وجهان المدّ بقدر ثلاث ألفات والتوسط بقدر ألفين ، الاّ ان المد أشهر.

وأما الحروف التى تمدّ على قول بقدر حركتين فهى خمسة يجمعها قولك « حىّ طهر » ومثال الحاء « حم » والياء « يس » والطاء والهاء « طه » والراء « الر ».

وليعلم أيضا انّ النون مدغم فى هجاء « طسم » فى الميم ولا تدغم نون هجاء « يس والقرآن » ولا « ن وَالْقَلَمِ » فى الواو التى بعدها من غير خلاف يذكر فى الباب.

١٨٤

الضابطة الثالثة

من ضوابط الكلمة الوصل

وهو اسقاط الهمزة تلفظا فى درج الكلام نحو : « رَبِّ الْعالَمِينَ » وتسمّى الهمزة حينئذ همزة وصل لوصلها فى الكلام وخفاء ظهورها فيه.

الضابطة الرابعة

من ضوابط الكلمة الفصل

وهو اثبات الهمزة فى التلفظ فى ابتداء الكلام او درجه وتسمى الهمزة حينئذ همزة قطع لانقطاع الصوت عندها نحو « الْحَمْدُ لِلَّهِ » وسيأتى مزيد ايضاح حول هاتين الضابطتين العارضتين للكلمة فى أول الفصل الخامس.

عظمة البناء القرآنى

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

القرآن افضل كل شىء دون الله عز وجل فمن وقّر القرآن فقد وقّر الله ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحرمة الله حرمة القرآن على الله كحرمة الوالد على ولده (١).

وقال :

فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه (٢).

وفى الكافى روى الثقة الكلينى بسند عن ابى عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : اذا جمع الله عز وجل الأولين والآخرين اذا هم بشخص قد أقبل لم يرقط احسن صورة منه فاذا نظر اليه المؤمنون وهو القرآن قالوا : هذا منا هذا أحسن شىء رأينا فاذا انتهى اليهم جازهم ( الى ان قال : ) حتى يقف عن يمين العرش فيقول الجبار

__________________

(١) جامع الاخبار ص ٤٧ ـ ط قم

(٢) جامع الاخبار ص ٤٧ ـ ط قم

١٨٥

عز وجل ، وعزتى وجلالى وارتفاع مكانى لأكرمن اليوم من اكرمك ولأهينن من أهانك (١).

وفيه ايضا بسنده عن ابى جعفر الباقر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا اول وافد على العزيز الجبّار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتى ثم امّتى ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وأهل بيتى (٢).

قدسية البناء القرآنى العنصرى الصورى

قال عزّ من قائل :

( فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ » ( عبس ـ ١٤ ـ ١٥ ).

وقال جل شأنه فى موضع آخر « يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً » ( البينة ـ ٣ ).

ولا يخفى ما فى ذلك من الاشارة الى وجوب المحافظة على القرآن والتحفظ به عن ملامسة النجاسة والاقذار.

ويؤيد ذلك ما رواه الثقة الكلينى فى جامعه الكافى عن عبد الملك ابن عتبة عن ابى الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن القراطيس تجتمع هل تحرق بالنار وفيها شىء من ذكر الله؟ قال : لا تغسل بالماء اولا قبل.

وفيه عن السكونى عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : امحوا كتاب الله تعالى بأطهر ما تجدون ونهى ان يحرق كتاب الله ونهى ان يمحى بالأقلام.

قال الملا صالح المازندرانى فى شرحه :

قوله ( امحوا كتاب الله وذكره بأطهر ما تجدون ) ان كان محوه مطلوبا بأن وقع فيه الغلط او وقع فى غير موضعه أو وقع فى موضع يوطأ ونحو ذلك ( ونهى ان يمحى بالأقلام ) النهى الأول للتحريم والثانى للتنزيه وفى نسخة بالاقلام والظاهر انه تحريف.

__________________

(١) الوسائل باب وجوب اكرام القرآن ح ١ ـ ٢.

(٢) الوسائل باب وجوب اكرام القرآن ح ١ ـ ٢.

١٨٦

وعن محمد بن اسحاق بن عمار عن ابى الحسن موسى عليه‌السلام فى الظهور التى فيها ذكر الله عز وجل قال : اغسلها.

قال الشارح المازندرانى : قوله ( فى الظهور ) أى الجلود التى فيها ذكر الله تعالى قال : ( اغسلها ) ان كانت غير مذكاة او كانت هى والمداد نجسة أو وجد شيئا آخر من اسباب المحو التى ذكرنا بعضها.

أقول : ان حصول التطهير للورق المتنجس يحصل بالوضع فى ماء قدره كر فما زاد هذا بلحاظ نفوذ الاجزاء المائية عند الوضع الى جرم المادة الورقية وكذا الحبر المكتوب به عليه.

واما اذا كان الحبر سميكا لحد اوجد الجرميّة وكان هو المتنجس فانه لا يحصل التطهير والحال هذه الا بازالة عين الكتابة وشياع اجزائها فيه وهذا وان كان هو السبيل الوحيد للتطهير الا ان فيه زوال الكتابة واتلافها كليا ومعه لا يحصل الغرض التام من الجميع بين التطهير والابقاء عليها الا انه لا محيص عنه.

وقد اشرنا فى كتابنا ( التبيان فى تجويد القرآن ) الى ان بعض المعاصرين قد ذهب الى جواز تمزيق الأوراق التى يوجد عليها شىء من القرآن وذلك بفصل الكلمات اولا عن بعضها البعض ثم الكلمات نفسها بتجزئتها ما وجد لذلك سبيلا ثم الحروف كالرحمن بفصل ( الر ) عن ( حمن ) من البسملة.

والادلة التى سبق وان المحنا الى بعضها لا تسعف اولئك لما هو المعلوم بل المقطوع به من بقاء حرمة كلمات القرآن افرادا وتركيبا ولهذا وقع الاتفاق على حرمة لمس المحدث بالحدث الاكبر او الاصغر على حد سواء لكتابة القرآن ولو ابعاضها العنصرية من نقط او شد أو مد فضلا عن الحروف والكلمات والذى يلزمه الاحتياط فى العمل هو اضافة بعض الخطوط والحروف للكلمات القرآنية على وجه يخرجها عن منطوقها وصورتها القرآنية بالكلية ثم يطرحها ان شاء فى اى مكان.

١٨٧

وما ورد من النهى عن الامحاء بالاقلام المتقدم الاشارة اليه انما هو عبارة عن اراقة الحبر على الكلمات بنحو لا يبقى معه مجال لرؤية الكلمة ولا يخفى ما فيه لان بعض انواع الحبر عند ما تسكب مباشرة أو بتوسط الاقلام ربما لا تذهب الهيئة العنصرية بل تبقى معها بادية الا انها اخف ظهورا وما ذكرناه أقوى ظهورا فى مقام العمل كما لا يخفى على اولى الفضل.

واما ما ورد من الامحاء بالماء حسبما تقدم ايضا ونحوه فانه مما كان ممكنا فى ازمنتهم عليهم‌السلام اما فى هذه الأزمنة فتعذره فى الغالب مما يقطع به وذلك لاختلاف وسائل الكتابة والطباعة والورق وانواع الحبر المستخدم فيها.

وقد كان لنا إشارة فى بعض الفوائد التى سجلناها قبل سنين الى الصور التى المح اليها خبر محمد بن اسحاق المتقدم احببنا الاشارة اليها لما فيها من مزيد النفع والفائدة فنقول :

المستفاد من الخبر المزبور فيما يجب ازالته عشر صور وذلك ان المكتوب عليه اما ان يكون جلدا أو ورقا ( فالأول ) منها له ست صور :

( الأولى ) ان يكون الجلد لنجس العين كالكلب والخنزير.

( الثانية ) ان يكون الجلد لغير نجس العين من المأكول وغيره الا انه أخذ ممّا مات حتف انفه او مترد او نطيحة او منخنق او نحو ذلك.

( الثالثة ) ان يكون الجلد لغير نجس العين بالأصل أو بالعارض بل من حيوان مذكى شرعا وكذا ما كتب عليه طاهر.

( الرابعة ) ان يكون الجلد مذكى لكنه قد تنجس بفعل نجاسة طارئة عليه قبل الكتابة.

( الخامسة ) ان يكون الجلد مذكى لكنة قد كتب عليه بحبر نجس.

( السادسة ) ان يكون الجلد مذكى الا انه وقع فى موضع يوطأ بالاقدام عليه وفيه آيات من الذكر الحكيم على نحو لا يمكن رفعه ونقله الى مكان

١٨٨

مناسب ولائق لعلة ما.

ولا يستثنى من وجوب الازالة والتطهير الا الصورة الثالثة.

( واما الثانى ) وهو فيما اذا كان ورقا فان له صورا اخرى ايضا.

( الأولى ) ان يكون الورق طاهرا وكذا الحبر المكتوب به عليه.

ولا خلاف فى عدم وجوب ازالة الذكر المحترم الموجود عليه والحال هذه.

( الثانية ) ان يكون الخليط المصنوع منه الورق نجسا فيكون الورق نجسا وقد كتب عليه بطاهر ولا يخفى ان الاخير ينجس هنا للملاقاة والرطوبة فيجب ازالة الذكر المحترم.

( الثالثة ) ان يكون الورق نجسا بالعرض قبل الكتابة وقد كتب عليه أو بعد الكتابة فوقعت النجاسة عليهما.

( الرابعة ) ان يكون الحبر نجسا وهذا ايضا مما لا ريب فى وجوب ازالته.

جواز كتابة القرآن للمحدث بالحدث الاصغر والاكبر

استدل على التحريم برواية على بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام انه سأله عن الرجل أيحل له ان يكتب القرآن فى الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء قال : لا (١).

ولم يفتى بمضمونه سوى المحدث الكاشانى وعمنا الشيخ حسن بن جدنا العلامة الحسين العصفورى فى فتاواه الحسنية وظاهر الاكثر : الحمل على الكراهة جمعا بينه وبين معارضته بحسنة داود بن فرقد عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن التعويذ يعلق على الحائض قال : نعم لا بأس قال وقال : تقرأه وتكتبه ولا تصيبه يدها » (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ من ابواب الوضوء.

(٢) الوسائل باب ٣٧ من ابواب الحيض.

١٨٩

أخذ الاجرة على كتابته

ولم ينقل فيه خلاف بل الظاهر الاطباق عليه قديما وحديثا

روى الفقيه الحلى فى مستطرفات سرائره عن جامع البزنطى عن الامام الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يكتب المصحف بالاجرة؟ قال : لا بأس (١)

وحدّث شيخ الطائفة عن روح بن عبد الرحيم عن ابى عبد الله عليه‌السلام فى حديث قال :

قلت : ما ترى ان أعطى على كتابته أجرا؟ قال : لا بأس اه (٢)

وعن عبد الرحمن ابن ابى عبد الله عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان ام عبد الله بنت الحسن أرادت ان تكتب مصحفا فاشترت ورقا من عندها ودعت رجلا فكتب لها على غير شرط فأعطته حين فرغ خمسين دينارا.

وانه لم تبع المصاحف الاّ حديثا (٣).

ومنهما يظهر نفى البأس عن أخذ الأجرة على كتابته أو ضبطه واعرابه لطرد الحكم لها من دون فرق بل شموله لطبعه وتصويره واستنساخه كما هو المعهود به فى هذه الأعصار المتأخرة حيث تقدم وسائل الكتابة والنسخ والطبع وازدهار أساليبها التقنية.

وظاهر الخبر الثانى الاشعار بكراهة اشتراط الأجرة على كتابة القرآن والأظهر فى معناه هو كراهة المزايدة والمداقّة فى مقدار الأجرة من قبل المستأجر كما يلوح من سياق النص فى الخبر ( فكتب لها على شرط ) لمكان الفاء وتعلق الجار والمجرور بكتب المفهوم منه نسبة عدم الاشتراط الى الكاتب لا الى ام عبد الله ولا يخفى على الفطن النبيه انه لا حجية لفعل الكاتب ولا صلاحية له

__________________

(١) مستطرفات السرائر ص ٥٥.

(٢) الوسائل ج ١٢ ص ١١٦ حديث ٩

(٣) نفس المصدر السابق ح ١٢ ص ١١٦ حديث ١٠

١٩٠

لبناء وتأسيس حكم شرعى عليه وحينئذ فلا كراهة أصلا فى المقام ومنه يظهر سهو من ذهب الى الكراهة اعتمادا على هذا الخبر.

كتابة القرآن بماء الذهب

روى الثقة المعتمد الكلينى فى الكافى بسنده عن محمد بن الوراق قال :

عرضت على ابى عبد الله عليه‌السلام كتابا فيه قرآن مختم بالذهب وكتبت فى آخره سورة بالذهب فأريته اياه فلم يعب فيه شيئا الا كتابة القرآن بالذهب وقال لا يعجبنى ان يكتب القرآن الا بالسواد كما كتب أول مرة.

وعن داود بن سرحان عن ابى عبد الله عليه‌السلام : قال ليس بتحلية المصاحف والسيوف بالذهب بأس.

قال العلامة المجلسى فى مرآة العقول فى تذييله لخبر الوراق ما لفظه :

قيل الختم ما كان علامة ختم الآيات فيه بالذهب ويمكن ان يراد به النقش الذى يكون فى وسط الجلد او فى الافتتاح والاختتام أو فى الحواشى للزينة اه.

أقول : المستفاد من الخبرين جواز تختيم وتعشير القرآن بماء الذهب لما فيه من التعظيم ومزيد التحسين والتجميل ولا شك ولا ريب فى مطلوبيته لاعلاء شأن القرآن الدستور الخاتم للبعثات السماوية واظهاره بمظهر يليق بشأنه ويناسب ما هو عليه من درجة الاعجاز ومبلغ الاعزاز أماما يتعلق بكتابة القرآن كلماته وآياته وسوره بماء الذهب فالحكم النهى لخفاء جوهر لونه وسطاعة بريق النور المنعكس عليه الباعث على الاقلال من القدرة على قراءته بالنحو الصحيح مضافا لتأديته الى اللحن والتصحيف وهذا كله منتف عند كتابته بالسواد فانه اكثر الألوان وضوحا وجلاء وظهورا ولهذا ورد التنصيص عليه والتخصيص بذكره بل الاشعار بكراهة الكتابة بغيره.

وروى شيخ الطائفة فى التهذيب عن سماعة فى الموثق قال : سألته عن رجل

١٩١

يعشّر المصاحف بالذهب فقال : لا يصلح فقال : انها معيشتى فقال : انك ان تركته لله جعل الله تعالى لك مخرجا.

واعتمد عليه الأصحاب بالحمل على كراهة التعشير مجردا كما هو ظاهر صريح النص جمعا بينه وبين ما تقدم من خبرى ابن الوراق وابن سرحان اما التختيم ونحوه فلم يرد فيه شىء من البأس.

وذهب الديلمى الملقب بسلار فى المراسم الى تحريم كتابة القرآن بماء الذهب بل واخذ الأجرة عليه واكل ثمن ما ناله من ذلك.

فى بيع القرآن

صرح جملة من اجلاء الطائفة واعلام الفرقة بأنه لا يجوز بيع المصحف وانما يباع الورق والجلد ونحوهما من الآلات التى اشتمل عليها ذلك المصحف وعليه تدل الاخبار المتكاثرة والمرويات المتظافرة.

فمن ذلك ما عن الكافى عن عبد الرحمن بن سليمان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول : ان المصاحف لن تشترى فاذا اشتريت فقل : انما اشترى منك الورق وما فيه من الأديم وحليته وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا.

وعن عثمان بن سعيد عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن بيع المصاحف وشرائها قال : لا تشتر كتاب الله ولكن اشتر الحديد والورق والدفتر وقل اشتريت منك هذا بكذا وكذا.

وعن عنبسة الورّاق قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت له : انا رجل أبيع المصاحف فان نهيتنى لم أبعها فقال : ألست تشترى ورقا وتكتب فيه؟ قلت : بلى واعالجها قال : لا بأس بها.

وروى شيخ الطائفة فى التهذيب عن عثمان بن عيسى عمن سمعه قال : سألته عن بيع المصاحف وشرائها فقال : لا تشتر كتاب الله ولكن اشتر الحديد

١٩٢

والجلود والدفتين وقل اشترى منك هذا بكذا وكذا.

وعن عبد الله بن سليمان قال : سألته عن شراء المصاحف؟ فقال : اذا أردت ان تشترى فقل اشترى منك ورقه وأديمه وعمل يدك بكذا وكذا.

وعن سماعة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تبيعوا المصاحف فان بيعها حرام قلت : فما تقول فى شرائها؟ قال : اشتر منه الدفتين والحديد والغلاف وايّاك ان تشترى منه الورق وفيه القرآن فيكون عليك حراما وعلى من باعه.

قال المحقق الحدائقى فى ذيل هذا الخبر : ( واياك ان تشترى الورق وفيه القرآن ) يعنى تجعله المقصود بالشراء فيلزمه التحريم انتهى (١).

كتابة القرآن فى قبلة المسجد

يجوز كتابة ونقش الآيات القرآنية والسور الفرقانيّة فى المساجد وغيرها فى واجهاتها من جدرانها وشبابيكها واعمدتها ونحو ذلك وكذا فى داخلها من السقوف والقباب وما شاكل ذلك.

لما رواه الحميرى فى كتاب قرب الاسناد باسناده عن على بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن المسجد يكتب فى القبلة القرآن او شىء من ذكر الله قال لا بأس وسألته عن المسجد ينقش فى قبلته بجص أو أصباغ؟ قال : لا بأس ».

وللضرورة القاضية بنفى البأس عنه معتضدا بكونه من شعائر الله عز وجل التى تقوى القلوب ولا عبرة بخلاف من ذهب الى التحريم استنادا لما رواه شيخ الطائفة عن عمرو بن جميع قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة فى المساجد المصورة فقال اكره ذلك ولكن لا يضركم ذلك اليوم ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع فى ذلك » الحديث.

إذ هي دعوى مجردة عن البرهان ومصادره على المطلوب والمستند لا يمت

__________________

(١) الحدائق الناضرة ج ٢٢٠.

١٩٣

بصلة لما نحن فيه والتغاير والتخالف بين الخبرين فى موضوعيهما وعنوانيهما ظاهر لا خفاء فيه على كل من له أدنى بصيرة وعين حسيرة.

طريقه حفظ القرآن على ظهر القلب

يرى البعض من العلماء ان أفضل وأجود واحسن طريقة لمن يريد أن يحفظ القرآن كاملا على ظهر قلبه ان يكرر كل جزء من اجزاء القرآن الثلاثين فى كل يوم لمدة اسبوع وهكذا حتى يأتى على آخره فانه سيجد فى نفسه من علائم الحفظ من الآثار ما لا ينكر وليعيد تلاوته وختمه بهذا النحو حتى يأتى على حفظه كاملا ويختلف قدر وعدد مرّات ذلك باختلاف الافراد استعدادا وملكة وقوّة وضعفا.

دعاء لحفظ القرآن

روى الثقة الكلينى فى الكافى (١) بسنده عند ابى عبد الله الصادق عليه‌السلام قال تقول :

( اللهم انى اسألك ولم يسأل العباد مثلك اسألك بحق نبيك ورسولك وإبراهيم خليلك وصفيك وموسى كليمك ونجيّك وعيسى كلمتك وروحك واسألك بصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وانجيل عيسى وقرآن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكل وحى أوحيته وقضاء امضيته وحق قضيته وغنّى اغنيته وضال هديته وسائل اعطيته وأسالك باسمك الذى وضعته على الليل فأظلم وباسمك الذى وضعته على النهار فاستنار وباسمك الذى وضعته على الأرض فاستقرت ودعمت به السماوات فاستقلت ووضعته على الجبال فرست وباسمك الذى ثبتت به الارزاق واسألك باسمك الذى تحيى به الموتى واسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك اسألك ان تصلى على محمد وآل محمد وان ترزقنى حفظ القرآن وأصناف العلم وان تثبتها فى قلبى وسمعى وبصرى وأن تخالط بها لحمى ودمى وعظامى ومخى وتستعمل

__________________

(١) الوافى ج ٩ ص ١٧١٧ ـ ١٧١٨ ـ ط اصفهان مكتبة امير المؤمنين (ع).

١٩٤

بها ليلى ونهارى برحمتك وقدرتك فانه لا حول ولا قوة الا بك يا حى يا قيوم.

واسألك باسمك الذى دعاك به عبادك الذين استجبت لهم وانبياؤك فغفرت لهم ورحمتهم واسألك بكل اسم انزلته فى كتبك وباسمك الذى استقرّ به عرشك وباسمك الواحد الأحد الفرد الوتر المتعال الذى يملأ الاركان كلها الطاهر الطهر المبارك المقدس الحى القيّوم نور السموات والارض الرحمن الرحيم الكبير المتعال وكتابك المنزل بالحق وكلماتك التامات ونورك الأتم وبعظمتك وأركانك ) (١).

صلاة لحفظ القرآن

قال الحافظ الطبرسى فى المكارم :

صل ليلة الجمعة او يومها أربع ركعات تقرأ فى الأولى فاتحة الكتاب و ( يس ) والثانية حم الدخان والثالثة حم السجدة والرابعة تبارك الملك فاذا سلمت فاحمد الله واثن عليه وصلى على النبى وآله ـ صلى الله عليهم ـ واستغفر للمؤمنين مائة مرة ثم قل :

( اللهم ازجرنى بترك معاصيك أبدا ما ابقيتنى وارحمنى من ان اتكلف طلب ما لا يعنينى وارزقنى حسن النظر فيما يرضيك عنى اللهم بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والاكرام والعزة التى لا ترام يا الله يا رحمن يا رحيم اسألك بجلالك وبنور وجهك ان تلزم قلبى حفظ كتابك المنزل على رسولك وترزقنى ان اتلوه على النحو الذى يرضيك عنى اللهم بديع السموات والارض ذا الجلال والاكرام والعز الذى لا يرام يا الله يا رحمن اسألك بجلالك وبنور وجهك ان تنور بكتابك بصرى وتطلق به لسانى وتفرح به قلبى وتشرح به صدرى وتستعمل به بدنى وتقوينى على ذلك وتعيننى عليه فانه لا يعين على الخير غيرك ولا يوفّق له الا انت لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ».

__________________

(١) مكارم الاخلاق ص ٣٤١ ط بيروت.

١٩٥

وعن زين العابدين الامام على بن الحسين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ اربع آيات من اول البقرة وآية الكرسى وآيتين بعدها وثلاث آيات من آخرها لم ير في نفسه وماله شيئا يكرهه ولا يقربه الشيطان ولا ينسى القرآن (١).

وفى الكافى روى الثقة الكلينى بسنده عن امير المؤمنين عليه‌السلام مرفوعا قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اعلمك دعاء لا تنسى القرآن قل :

( اللهم ارحمنى بترك معاصيك ابدا ما ابقيتنى وارحمنى من تكلف ما لا يعنينى وارزقنى حسن النظر فيما يرضيك عنى والزم قلبى حفظ كتابك كما علمتنى وارزقنى ان اتلوه على النحو الذى يرضيك عنى اللهم نوّر بكتابك بصرى واشرح به صدرى وفرج به قلبى واطلق به لسانى واستعمل به بدنى وقوتى على ذلك واعنى عليه انه لا معين عليه الا أنت لا اله الا أنت ».

قواعد رسم المصحف العثمانى

الذى نرجحه على جهة التحقيق انه لا يوجد هناك اسم واقعى للرسم العثمانى فى يومنا هذا إذ هو من قبيل ( رب مشهور لا أصل له ) وللبرهنة على ذلك بنحو بديهى نعتمد على السير التاريخى لمراحل الكتابة العربية والادوار التى مرّت بها على نحو ما بسطنا القول فيه فى كتابنا ( مغنى اللبيب والاديب عن كتب اللغة والاعاريب ) فاننا سنجد انفسنا امام حقيقة ناصعة لا تمت بصلة الى عثمان ولا تشير الى دور له يذكر فى رسم الخط العربى سوى المخالفة والمغايرة والازراء بشأنه.

قال السيد نعمة الله الجزائرى فى انواره : ترى قواعده ( اى قواعد خط المصحف العثمانى ) تخالف قواعد العربية مثل كتابة الالف بعد واو المفرد وعدمها بعد واو الجمع وغير ذلك وسموه رسم الخط القرآنى ولم يعلموا انه من عدم

__________________

(١) جامع الاخبار ص ٥٢ ـ ٥٣.

١٩٦

اطلاع عثمان على قواعد العربية والخط (١).

وقد عبر عنها السيد البروجردى فى تفسيره : بالاغلاط العثمانية (٢) وزاد الفقيه الهمدانى فى مصباحه بقوله : كانت المصاحف العثمانية عارية عن الاعراب والنقط مع ما فيها من التباس بعض الكلمات ببعض بحسب رسم خطه كملك ومالك ولذا اشتهر عنهم ان كلا منهم كان يخطئ الآخر ولا يجوز الرجوع الى الآخر انتهى (٣).

أقول : والخط الذى كتب ولا زال يكتب القرآن به انما كان ثمرة مراحل متعاقبة الى نهاية القرن الثالث الهجرى حيث بلغ ذروته فى الاتقان والجودة والحسن فالرسم القرآنى المتداول لا يمت الى الرسم العثمانى بصلة الا فى السقطات والهفوات والاغلاط ودعوى توقيفية خط المصحف العثمانى وتعبديتها وحرمة احداث ادنى كشطة تستلزم تعرية القرآن من النقط والحركات وتدوينه بالخط الكوفى الأول وهو باطل قطعا لم يلتزم به أشد متزمتى تلك الفرية وذلك البهتان العظيم واذ اتم تغيير الخط القرآنى فالواجب ايضا ازالة ما وصم به من الاغلاط لأنه حط لقداسته وتعمد لتحريفه وطعن فى اعجازه وكماله وشموخه وعظمته.

ونحن سنستطرد ذكر قواعد ذلك الرسم حسبما زعم للعلم بها وللوقوف على هجانة دعواها ومخالفتها لصريح ما ثبت القطع به من قواعد اللغة ومسائلها.

اعلم ان الناقلين لها قد حصروها فى ست قواعد وهى :

الحذف والزيادة والهمز والبدل والفصل والوصل وما فيه قراءتان فقد قرء على أحدهما :

__________________

(١) الانوار النعمانية ج ٢ ص ٣٦١.

(٢) تفسير الصراط المستقيم ج ٣ ص ١١٣ ط بيروت.

(٣) مصباح الفقيه ج ٢ ص ٢٧٤ ط. ايران.

١٩٧

١ ـ ( قاعدة الحذف )

أ ـ ( حذف الألف ) وتعنى ان الألف تحذف من ياء النداء نحو ( يأيها ) واصلها ( يا أيها ) ومن هاء التنبيه نحو ( هأنتم ) واصلها ( ها أنتم ) ومن كلمة ( نا ) اذا وليها ضمير نحو ( انجينكم ) واصلها ( أنجيناكم ) ومن لفظ الجلالة بعد اللام ( الله ) وأصله ( أللاه ) ومن كلمة ( اله ) فأصلها ( الاه ) ومن ( لكن ) وأصلها ( لاكن ) ومن لفظى ( الرحمن ) و ( سبحن ) واصلهما ( الرحمن ) و ( سبحان ) وبعد اللام نحو كلمة ( خلئف ) واصلها ( خلائف ) ونحو ( ملئكة ) وأصلها ( ملائكة ) وبين اللامين فى نحو ( الكللة ) واصلها ( الكلالة ) ومن كل مثنى نحو ( رجلن ) واصلها ( رجلان ) ومن كل جمع تصحيح لمذكر او لمؤنث نحو ( سمّعون ) واصله ( سمّاعون ) ونحو ( المؤمنت ) وأصله ( المؤمنات ) ومن كل جمع على وزن مفاعل وشبههه نحو ( المسجد ) وأصله ( المساجد ) ونحو ( النصارى ) ومن كل عدد نحو ( ثلث ) واصله ( ثلاث ) ومن البسملة نحو ( بسم .. ) واصلها ( باسم ) وكذلك تحذف من أول الأمر من ( سأل ) نحو ( سئل سائل بعذاب واقع ) وغير ذلك الا ما استثنى من هذا كلّه.

ب ـ ( حذف الياء ) ١ ـ ( حذفها فى الاسماء ) تحذف الياء من كل منقوص منوّن رفعا وجرّا نحو ( غير باغ ولا عاد ) وكذلك تحذف من كل اسم منادى اضافه المتكلم الى نفسه فالياء منه ساقطة نحو ( يا قوم اعبدوا الله ) و ( يا قوم اذكروا الله ) و ( ربّ ارجعون ) و ( يا عباد فاتقون ) وشبه ذلك ما خلا ثلاثة أحرف اختلف القرّاء فى اثباتها وحذفها وهى :

١ ـ ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ) « الزمر ـ ٥٣ ».

٢ ـ ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ ) « العنكبوت ـ ٥٦ ».

٣ ـ ( يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ) « الزخرف ـ ٦٨ ».

وهذه الثلاثة مرسومة فى المصاحف باثبات الياء ما خلا الذى فى سورة

١٩٨

الزخرف فان الياء ثابتة فى مصحف المدينة والشام خاصة.

وثبتت على خلاف فى ( واد النمل ) فالكسائى يقف بالياء والباقون يحذفونها و ( الواد الايمن ) فى سورة القصص و ( بهادى العمى ) فى سورة الروم فحمزة والكسائى يقفان بالياء والباقون بحذفها.

٢ ـ ( حذفها فى الأفعال ) حذفت بالاتفاق فى نحو ( فارهبون ) و ( فاتقون ) و ( لا تكفرون ) و ( أطيعون ) وثبتت بالاتفاق فى نحو ( اخشونى ) و ( لأتمّ نعمتى ) ويأتى بالشمس ) و ( فاتبعونى يحببكم الله ).

ج ـ ( حذف الواو ) تحذف الواو عند كتابة هذه الافعال الأربعة :

١ ـ ( ويدعو الانسان ) ٢ ـ ( يمحو الله الباطل ) ٣ ـ ( يوم يدعو الداعى ) ( ويدع الانسان ) ، ( ويمح الله الباطل ) ، ( يوم يدع الداع ) ( سندع الزبانية ) ولكن من غير نقط ولا شكل كما اشرنا اليه فى صدر الكلام.

وقالوا : والسر فى حذفها من ( يدع الانسان ) هو الدلالة على ان هذا الدعاء سهل على الانسان يسارع به الى الخير بل اثبات الشر اليه من جهة ذاته اقرب اليه من الخير. والسر فى حذفها من ( ويمح الله الباطل ) الاشارة الى سرعة ذهابه واضمحلاله والسر فى حذفها من ( يوم يدع الداع ) الاشارة الى سرعة اجابة الداعين والسر فى حذفها من ( سندع الزبانية ) الاشارة الى سرعة الفعل واجابة الزبانية وقوة البطش ويجمع هذه الاسرار قول المراكشى : والسر فى حذفها من هذه الأربعة سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل وشدة قبول المنفعل المتأثر به فى الوجود انتهى.

أقول : ولا يخفى عليك ما فى هذا الكلام من التمحلات الباردة والتوجيهات الكاسدة والذرائع المتكلفة التى يأنف كل من له أدنى بصيرة عن قبولها والاقرار بها بل هو ضرب من التحريف المتعمّد وعبث بقداسة كلام الله عز وجل فى محكم الذكر الحكيم يضاف الى ذلك ان التمسك به مكابرة محضة وعزوف عن جادة

١٩٩

الحق وتنكب صراط العلم.

وتحذف الواو ايضا اذا وقعت مع واو اخرى فى نحو :

( لا يستوون ) و ( فأووا الى الكهف ) فتصير بهذا النحو : ( لا يستون ) ( فأوا الى الكهف ).

د ـ ( حذف اللام ) وتحذف اللام اذا كانت مدغمة فى مثلها نحو : ( الليل ) و ( الذى ) الا ما استثنى.

وهناك حذف لا يدخل تحت قاعدة كحذف الألف من كلمة ( مالك ) وكحذف الياء من ( إبراهيم ).

٢ ـ ( قاعدة الزيادة )

وتعنى زيادة بعض الحروف على العكس من قاعدة الحذف.

١ ـ ( زيادة الالف ) أ ـ تزاد الألف بعد الواو فى آخر كل اسم مجموع أو فى حكم المجموع نحو ( ملاقوا ربهم ) و ( بنوا اسرائيل ) و ( اولوا الألباب ).

ب ـ تزاد الألف بعد الهمزة المرسومة واوا نحو ( تالله تفتؤا ) واصلها ( تفتأ )

ج ـ وتزاد فى ( مائة ) و ( مائتين ).

د ـ وتزاد فى نحو ( الظنونا ) فى قوله تعالى : ( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) ( واطعنا الرسولا ) و ( اضلونا السبيل ) على لغة اكلونى البراغيث.

٢ ـ ( زيادة الياء ) وتزاد فى هذه الكلمات ( بنأ ) فتكتب ( بنأى ) وفى ( آناء ) فتكتب ( آناء ) فى موضع الخفض بسبق حرف جر. وفى ( من تلقاء ) فتكتب ( من تلقاءى ) كذلك.

وكذا فى قوله ( بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ) فتكتب ( بأيّيكم ).

وكذا فى قوله تعالى ( وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) « الذاريات : ٤٧ » قال مناع القطعان فى كتاب مباحث فى علوم القرآن : والتمسوا لذلك الرسم

٢٠٠