موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

ووقته بعد الفجر (١)

______________________________________________________

الاستحباب ، لأن السنّة فيها قبال الفريضة بمعنى ما أوجبه الله في كتابه ، فيكون مدلولها أن هذه الأغسال واجبة أوجبها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعم بقرينة الموثقة المتقدمة الدالّة على أنه سنّة لا يحب تركها لا بدّ من التصرف في صحيحة ابن يقطين بحمل السنّة على المستحب.

وأمّا رواية القاسم بن الوليد قال : « سألته عن غسل الأضحى ، فقال : واجب إلاّ بمنى » (١) فهي ضعيفة السند بالقاسم بن الوليد. ولا دلالة فيها على الوجوب ، بل بقرينة الموثقة لا بدّ من حمل الوجوب فيها على معنى الثبوت الذي يجامع الاستحباب.

مبدأ هذا الغسل‌

(١) كما ورد في الفقه الرضوي (٢) ورواية قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : « سألته هل يجزئه أن يغتسل بعد طلوع الفجر؟ هل يجزئه ذلك من غسل العيدين؟ قال : إن اغتسل يوم الفطر والأضحى قبل الفجر لم يجزئه ، وإن اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه » (٣).

إلاّ أنهما غير قابلتين للاعتماد عليهما. أما الأُولى فظاهر ، وأما الثانية فلوجود عبد الله ابن الحسن في سندها وهو غير موثق على ما ذكرناه مراراً. نعم لا إشكال في عدم صحّة الغسل قبل طلوع الفجر ، إذ لم يدل دليل على مشروعيته ليلة العيدين ، كما أن المعروف بينهم جوازه بعد طلوع الفجر.

والأولى الاستدلال عليه بأن الأخبار الواردة في غسل العيدين مشتملة على لفظة اليوم وهو في قبال الليل ، فتدل على مشروعيته في يومهما دون ليلتهما ، نعم يرد على‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٣٠ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٦ ح ٤.

(٢) المستدرك ٢ : ٥١٢ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١١ ح ١ ، فقه الرضا : ١٣١. وفي ذيله ما يدل على إجزاء الغسل بعد زوال الليل أيضاً.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٣٠ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٧ ح ١ ، قرب الاسناد : ١٨١ / ٦٦٩.

٤١

إلى الزوال ويحتمل إلى الغروب ، والأولى عدم نية الورود إذا أتى به بعد الزوال ، كما أن الأولى إتيانه قبل صلاة العيد لتكون مع الغسل (١). ويستحب في غسل عيد الفطر أن يكون في نهر ، ومع عدمه أن يباشر بنفسه الاستقاء بتخشع وأن يغتسل تحت الظلال أو تحت حائط ويبالغ في التستر ، وأن يقول عند إرادته : « اللهمّ إيماناً بك وتصديقاً بكتابك واتباع سنّة نبيك » ، ثم يقول : « بسم الله » ‌

______________________________________________________

الاستدلال المذكور أن اليوم يصدق بعد طلوع الشمس ولا يصدق على ما بين الطلوعين لأنه إمّا ملحق بالليل وإما أنه خارج عن اليوم والليل ، فلا يكون ذلك مدركاً لما ذهب إليه المعروف من جوازه بعد طلوع الفجر.

والصحيح أن يستدل على مشروعيته فيما بين الطلوعين بصحيحة زرارة المشتملة على أن المكلف لو اغتسل بعد طلوع الفجر للجمعة وعرفة والزيارة والنحر أجزأه ذلك وأنه إذا اجتمعت عليه حقوق كثيرة واغتسل غسلاً واحداً أجزأه عن الجميع (١) فإنها مصرحة بكفاية الغسل بعد طلوع الفجر ، فان غسل النحر هو غسل يوم الأضحى وحيث إنه لا تفصيل بين عيدي الأضحى والفطر فيحكم بذلك على أن مبدأ الغسل في العيدين هو طلوع الفجر.

منتهى زمان الغسل‌

(١) وقع الكلام في منتهى زمان الغسل وأنه هل يمتد إلى الغروب أو إلى الزوال أو ينتهي وقته بانتهاء الصلاة؟

ذهب إلى كل واحد قائل. وقد استدل للأخير بموثقة عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل ينسى أن يغتسل يوم العيد حتى يصلِّي ، قال : إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته » (٢).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٣٩ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٣١ ح ١ ، وتقدّم أيضاً عن ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٣٠ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٦ ح ٣.

٤٢

ويغتسل ، ويقول بعد الغسل : « اللهمّ اجعله كفارة لذنوبي وطهوراً لديني ، اللهمّ أذهب عنّي الدنس » ، والأولى إعمال الآداب في غسل يوم الأضحى أيضاً لكن لا بقصد الورود لاختصاص النص بالفطر ، وكذا يستحب الغسل في ليلة الفطر (١)

______________________________________________________

وفيه : أنها إنما دلت على أنه لو لم يغتسل فصلى والوقت قد مضى صحت صلاته وجازت ، ولا دلالة فيها على أنه لا يغتسل. على أن الرواية لا بدّ من حملها على استحباب كون الغسل قبل الصلاة لا أن وقته ينقضي بانقضاء الصلاة ، لأن إخباره مطلقة تعم من يصلِّي العيدين ومن لا يصليهما فكيف يكون وقت غسلهما منقضياً بانتهاء الصلاة.

وقد ذهب صاحب الجواهر قدس‌سره (١) إلى امتداد وقت الغسل إلى الزوال ولا ينتهي بانقضاء الصلاة ، واستدل عليه بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الغسل من الجنابة ويوم الجمعة ويوم الفطر ويوم الأضحى ويوم عرفة عند زوال الشمس ... » (٢) لدلالتها على أن وقت الغسل في الموارد المذكورة في الصحيحة إنما هو عند الزوال ، وحيث إن الصلاة قبل الزوال فتدل على أن وقت غسل العيدين لا ينقضي بانقضاء الصلاة بل يمتد إلى الزوال.

ويرد عليه : أن قوله عليه‌السلام : « عند زوال الشمس » قيد لخصوص غسل يوم عرفة ولا يرجع إلى جميع الأغسال المتقدمة ، إذ منها غسل الجنابة وليس وقته محدوداً إلى الزوال. فالصحيح أن وقت غسل العيدين ممتد إلى الغروب لإطلاق الروايات الواردة في استحباب الغسل يومهما ، واليوم يطلق على ما بين طلوع الشمس وغروبها.

(١) ورد الأمر به في رواية القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن الناس يقولون : إن المغفرة تنزل على من صام شهر‌

__________________

(١) الجواهر ٥ : ٨.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٠٦ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٠.

٤٣

ووقته من أوّلها إلى الفجر ، والأولى إتيانه أوّل اللّيل ، وفي بعض الأخبار : « إذا غربت الشمس فاغتسل » والأولى إتيانه ليلة الأضحى أيضاً لا بقصد الورود لاختصاص النص بليلة الفطر.

الرابع : غسل يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة ، ووقته تمام اليوم (١).

الخامس : غسل يوم عرفة (٢) وهو أيضاً ممتد إلى الغروب ، والأولى عند الزوال منه ، ولا فرق فيه بين من كان في عرفات أو سائر البلدان.

______________________________________________________

رمضان ليلة القدر ، فقال : يا حسن إن القاريجار يعطى أُجرته عند فراغه وذلك ليلة العيد ، قلت : جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال : إذا غربت الشمس فاغتسل » (١).

والرواية ضعيفة أيضاً لوجود القاسم بن يحيى وجده الحسن لعدم توثيقهما. إذن يبتني الحكم باستحباب الغسل في ليلة الفطر على التسامح في أدلّة السنن وهو مما لا نقول به.

(١) على ما دلّت عليه الأخبار المعتبرة. منها : صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « الغسل في سبعة عشر موطناً ... ويوم التروية ... » (٢).

ومنها : صحيحته الأُخرى عن أبي جعفر عليه‌السلام المروية في الخصال (٣).

ومنها غير ذلك من الأخبار (٤). ومقتضى إطلاق تلك الصحاح هو ثبوت الاستحباب في كل جزء جزء من أجزاء يوم التروية من دون اختصاصه بوقت دون وقت.

(٢) وقد استفاضت الأخبار به ومنها الصحيحتان المتقدمتان (٥) وغيرهما (٦) من الأخبار ، ومقتضى إطلاقها عدم اختصاصه بجزء معين من يوم عرفة وثبوته في كل‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٢٨ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٥ ح ١. والحسن بن راشد موجود في أسناد تفسير القمي رحمه‌الله.

(٢) ، (٣) ، (٤) الوسائل ٣ : ٣٠٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١ ، ٥ ، ٤.

(٥) ، (٦) وهما الصحيحتان لمحمد بن مسلم وغيرهما من أخبار الباب.

٤٤

السادس : غسل أيام من رجب (*) (١) وهي أوّله ووسطه وآخره‌

______________________________________________________

جزء من أجزائه.

لكن المنسوب إلى والد الصدوق علي بن بابويه قدس‌سره اختصاصه بما قبل زوال الشمس (١) ، ولعله لصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة التي ورد فيها : « الغسل من الجنابة ... ويوم عرفة عند زوال الشمس ... » (٢).

إلاّ أن المستحبات لما لم يلتزم فيها بالتقييد بل يبقى المطلق فيها على إطلاقه ويحمل المقيد على أفضل أفراده فلا موجب لتخصيص الاستحباب بما قبل الزوال في محل الكلام.

(١) بل عد الغسل في النصف من رجب من المندوب بلا خلاف. وعن بعضهم أن الشهرة فيه كادت تكون إجماعاً بين الأصحاب ، وعن العلاّمة (٣) والصيمري (٤) أن به رواية أيضاً ، وعن ابن طاوس في الإقبال : وجدنا في كتب العبادات عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوّله ووسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه » (٥).

إلاّ أن شيئاً من ذلك لا يصلح للاستدلال به على الاستحباب. أمّا دعوى الشهرة‌

__________________

(*) الأظهر عدم ثبوت استحباب الغسل في هذه الأيام ، نعم لا بأس بالإتيان بها رجاء ، وكذا لم يثبت استحباب الغسل في يوم الغدير والنصف من شعبان واليوم السابع عشر من ربيع الأوّل إلى آخر ما ذكر في هذا الفصل.

(١) فقه الرضا : ٢٢٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٠٦ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٠.

(٣) نهاية الإحكام ١ : ١٧٧.

(٤) كشف الالتباس ١ : ٣٤١.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٣٤ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٢ ح ١. الإقبال : ٦٢. وقد رواها الراوندي في كتابه النوادر ، وروى في لبّ اللباب مضمونها ، ولكن الإشكال في سندهما أيضاً. المستدرك ٢ : ٥١٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٦ ح ١ ، ٢.

٤٥

ويوم السابع والعشرين منه وهو يوم المبعث (١). ووقتها من الفجر إلى الغروب وعن الكفعمي والمجلسي استحبابه في ليلة المبعث أيضاً ، ولا بأس به لا بقصد الورود.

السابع : غسل يوم الغدير (٢) والأولى إتيانه قبل الزوال منه.

______________________________________________________

وعدم الخلاف فلعدم كونهما حجة قابلة للاستدلال بهما حتى لو كان المدعى هو الإجماع ، وذلك لعدم كونه إجماعاً تعبدياً كاشفاً عن قول المعصوم عليه‌السلام فضلاً عما لو كانت الدعوى عدم الخلاف ، لأنه غير دعوى الإجماع.

وأمّا الرواية المدعاة فلم تصل إلينا حتى نشاهدها ونرى سندها معتبراً أو غير معتبر فلا يمكن الاعتماد على مثله بوجه.

وأمّا ما رواه ابن طاوس فهي كالرواية المدعاة في المقام غير معلومة الحال من حيث السند ، ولعلّها رواية نبوية ضعيفة.

(١) والأمر فيه كغسل نصفه وأوّله وآخره ، حيث لم ترد رواية معتبرة تدل على استحبابه ، نعم ادعي عدم الخلاف فيه ، بل عن الغنية الإجماع عليه (١) ، ويظهر من العلاّمة (٢) والصيمري (٣) نسبته إلى الرواية ، وقد اتضح الجواب عنها فلا نعيد. ويأتي في التعليقة الآتية استدلال آخر على استحباب الغسل يوم المبعث والجواب عنه إن شاء الله.

(٢) على المعروف بين الأصحاب ، بل ادعى عليه الإجماع جمّ منهم ( قدس الله أسرارهم ) واستدلّوا عليه بما في الفقه الرضوي (٤).

وبرواية علي بن الحسين ( الحسن ) العبدي قال : « سمعت أبا عبد الله ( عليه‌السلام )

__________________

(١) الغنية : ٦٢.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ١٧٧.

(٣) كشف الالتباس ١ : ٣٤١.

(٤) المستدرك ٢ : ٤٩٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١ ، فقه الرضا : ٨٢.

٤٦

يقول : صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا .... ومن صلّى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة .... عدلت عند الله مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة » (١).

وبما نقله ابن طاوس في الإقبال قال : عن كتاب محمد بن علي الطرازي قال : روينا بإسنادنا إلى عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن أبي الحسن المثنى عن الصادق عليه‌السلام في حديث طويل ذكر فيه فضل يوم الغدير ، إلى أن قال : « فاذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره » (٢).

إلاّ أنها ضعيفة ، لعدم معلومية حال طريق الطرازي إلى الحميري ولغيره من الجهات ، وأما دعوى الإجماع والشهرة فقد عرفت عدم كونها حجة قابلة للاستدلال بهما ، وأما الفقه الرضوي فحاله معلوم مما أسلفناه مراراً ولا نعيد.

وأما الرواية فهي ضعيفة بعلي بن الحسين أو الحسن العبدي ، حيث ذكروا أنهما شخص واحد يعبّر عنه بابن الحسين تارة وابن الحسن اخرى ، وعلى أي حال سواء كانا متحدين أو متعددين لم تثبت وثاقتهما. على أنها ضعيفة لوجود محمد بن موسى الهمداني في سندها ، وهو كما نقله في الجواهر (٣) ممن لا يعتمد عليه محمد بن الحسن ابن الوليد شيخ الصدوق وكذا الصدوق الذي تبع في ذلك شيخه وقال : كل ما لم يصححه هذا الشيخ ولم يحكم بصحته فهو عندنا متروك غير صحيح (٤). إذن فاستحباب الغسل يوم الغدير غير ثابت.

نعم قد يستدل على استحبابه في الغدير والمبعث بأنهما من الأعياد ، والغسل مستحب في كل عيد لما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال في جمعة من‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٣٨ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٨ ح ١.

(٢) المستدرك ٢ : ٥٢٠ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٠ ح ١ ، وفيه : عن أبي الحسن الليثي. الإقبال : ٤٧٤.

(٣) الجواهر ٥ : ٣٨.

(٤) الفقيه ٢ : ٥٥.

٤٧

الثامن : يوم المباهلة (١) وهو الرابع والعشرين من ذي الحجّة على الأقوى وإن قيل : إنه يوم الحادي والعشرون ، وقيل : هو يوم الخامس والعشرين ، وقيل : إنه السابع والعشرين منه ، ولا بأس بالغسل في هذه الأيام لا بقصد الورود.

______________________________________________________

الجمع : « هذا اليوم جعله الله عيداً للمسلمين فاغتسلوا فيه » (١) ويندفع بكون الرواية نبوية عامية لا يمكن الاستدلال بها على شي‌ء.

(١) كما هو المشهور بين الأصحاب ، وقد استدل عليه بما عن إقبال السيد ابن طاوس بسنده إلى ابن أبي قرة بإسناده إلى علي بن محمد القمي رفعه قال : « إذا أردت ذلك فابدأ بصوم ذلك اليوم شكراً واغتسل والبس أنظف ثيابك » (٢) ويدفعه : أن الرواية ضعيفة السند ، لعدم معلومية حال إسناد ابن أبي قرة إلى علي بن محمد القمي ولكونها مرفوعة.

وبرواية الشيخ في المصباح عن محمد بن صدقة العنبري عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : « يوم المباهلة يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة تصلي في ذلك اليوم ما أردت ، ثم قال : وتقول وأنت على غسل ... » (٣) وهي ضعيفة السند فلا يمكن الاستدلال بهما على استحباب الغسل حينئذ ، اللهمّ إلاّ بناء على التسامح في أدلة السنن وهو مما لا نقول به.

__________________

(١) تعرّض لها المحقق الهمداني [ في مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٤٣٧ السطر ٨ ] تبعاً لشيخنا الأنصاري [ في كتاب الطهارة : ٣٢٦ السطر ٢٨ ] وهو نقلها عن المنتهي [ ٢ : ٤٧٠ ] فلاحظ.

ويمكن الاستدلال أيضاً بما رواه في تحف العقول : ١٠١ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ... غسل الأعياد طهور لمن طلب الحوائج واتباع للسنة. ورواه في البحار [ ٧٨ : ٢٢ ] أيضاً عن السيد ابن الباقي ، ولكن الإشكال من جهة السند موجود ، راجع المستدرك ٢ : ٥١١ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ ح ٢ ، ٣.

(٢) المستدرك ٦ : ٣٥١ / أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ٣٩ ح ١.

(٣) الوسائل ٨ : ١٧٢ / أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ٤٧ ح ٢ ، مصباح المتهجد : ٧٠٨.

٤٨

التاسع : يوم النصف من شعبان (١).

العاشر : يوم المولود ، وهو السابع عشر من ربيع الأوّل (٢).

الحادي عشر : يوم النيروز (٣).

______________________________________________________

واستدل عليه بموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « ... وغسل المباهلة واجب » (١) وهي وإن كانت موثقة بحسب السند إلاّ أنها أجنبية عن المدعى ، لأنها إنما تدل على أن لنفس المباهلة غسلاً ، ولا تدل على أن الغسل ليوم المباهلة ، وقد ورد في بعض الأخبار الأمر بالمباهلة والاغتسال لأجلها. إذن لا دليل على استحباب الغسل ليوم المباهلة.

ثم إن في كون المباهلة أي يوم خلاف بينهم قدس‌سرهم ، وإنما ورد كونها اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة في رواية المصباح المتقدمة التي عرفت ضعفها.

(١) وقد ورد في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه ، ذلك تخفيف من ربكم » (٢).

ولكنها ضعيفة السند لوجود أحمد بن هلال والحسين بن أحمد ، وهو مهمل والظاهر أنه الحسن بن أحمد ، لأنه الذي تعرضوا له في الرجال دون الحسين ، إلاّ أنه مجهول الحال أيضاً.

ولا يخفى أن الرواية راجعة إلى ليلة النصف ، والماتن متعرض لغسل يوم النصف.

(٢) لم ترد في ذلك رواية بالخصوص ، نعم بناء على استحباب الغسل في كل عيد لا مانع عن الالتزام به في السابع عشر من ربيع الأوّل ، لأنه أيضاً عيد المسلمين ، إلاّ أنك عرفت أن ما يستفاد منه ذلك خبر ضعيف لا يمكن الاعتماد عليه.

(٣) في الوسائل عن محمد بن الحسن في المصباح عن المعلى بن خنيس عن الصادق عليه‌السلام في اليوم النيروز قال : « إذا كان يوم النيروز فاغتسل والبس أنظف‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٣٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٣ ح ١.

٤٩

الثاني عشر : يوم التاسع من ربيع الأوّل (١).

الثالث عشر : يوم دحو الأرض وهو الخامس والعشرين من ذي القعدة (٢).

الرابع عشر : كل ليلة من ليالي الجمعة على ما قيل (٣) بل في كل زمان شريف (٤) على ما قاله بعضهم ، ولا بأس بهما لا بقصد الورود.

______________________________________________________

ثيابك » (١) وهي مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها إلاّ بناء على التسامح في أدلّة السنن ولا نقول به.

(١) لم يرد في ذلك رواية (٢) ، ولعلّ الوجه فيه أنه عيد للمؤمنين ، وقد تقدم استحباب الغسل لكل عيد. وفيه ما تقدم من أن مستنده خبر عامي ، على أن كون سبب هذا العيد اتفق في هذا اليوم وإن كان معروفاً عند العوام إلاّ أن التأريخ أثبت وقوعه في السادس والعشرين من ذي الحجّة فليلاحظ.

(٢) وهذا كسابقه مما لا مستند له.

(٣) أي زائداً على غسل الجمعة الذي تقدم فيه الكلام في جواز تقديمه ليلة الجمعة وعدم جوازه (٣).

(٤) استدل على ذلك بقوله تعالى ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٤) ولا إشكال في أن الغسل تطهر.

وفيه : أن الغسل عبادة والعبادات توقيفية يحتاج فيها إلى دلالة الدليل ، ولم يدلنا دليل على أن الغسل في كل زمان شريف أو في كل زمان أراده المكلف فهو عبادة وتطهر وإن قلنا إن الطهارة هي نفس الأفعال بالاعتبار الشرعي لا أنها مسببة عنها ، نعم ثبت هذا الاعتبار في الوضوء ولم يثبت في الغسل في كل زمان.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٣٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٤ ح ١ ، مصباح المتهجد : ٧٩٠ هامش الصفحة.

(٢) راجع المستدرك ٢ : ٥٢٢ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٣ ح ٤.

(٣) في ص ٢٣.

(٤) البقرة ٢ : ٢٢٢.

٥٠

واستدل بما ورد عن محمد بن الحسن عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن حنان ابن سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام من أنه دخل عليه عليه‌السلام رجل من أهل الكوفة فقال له : هل تغتسل من فراتكم في كل يوم؟ قال : لا ، قال : في كلّ أُسبوع؟ قال : لا ، قال : في كل شهر؟ قال : لا ، قال : في كل سنة؟ قال : لا ، قال عليه‌السلام : أنت محروم من كل خير (١).

وهذه الرواية رواها في جامع الأحاديث (٢) عن مستدرك المحدث النوري قدس‌سره ، وهي مطابقة لما في المستدرك بمعنى أن ابن قولويه رواها عن محمد بن الحسن عن أبيه عن جده علي بن مهزيار.

وقد ناقشنا في هذا السند (٣) بأن الظاهر واتحاد الطبقة يقتضيان أن يكون محمد بن الحسن هذا هو ابن الوليد ، وأبوه الحسن لم تثبت وثاقته ، واحتملنا أن يكون علي بن مهزيار جده من طرف امّه ، ولكنها في كامل الزيارات لابن قولويه ليس سندها كذلك بل سندها هكذا : محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن جده (٤) وعليه فهو أي محمد بن الحسن غير ابن الوليد ، وهو وأبوه لم تثبت وثاقتهما.

ثم لا إشكال في دلالتها على محبوبية الغسل في كل يوم لا في كل زمان شريف أو كل زمان أراده المكلف ، إلاّ أن ضعف سندها كما ذكرنا مانع عن الاعتماد عليها.

__________________

(١) المستدرك ٢ : ٥٢٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٣ ح ٥. وهذه الرواية من جهة محمد ابن الحسن لا إشكال فيه ، فإنه من مشايخ ابن قولويه قدس‌سره ويبقى الإشكال من جهة أبيه الحسن بن علي.

(٢) جامع أحاديث الشيعة ٣ : ٦٥ / ٣٣٣٠.

(٣) وحاصل المناقشة أن الظاهر أن محمد بن الحسن الواقع في سندها هو ابن الوليد ، وأبوه الحسن لم تثبت وثاقته وإن أمكن أن يكون علي بن مهزيار جدّاً له من طرف امه ، ثم إن الراوي لها هو حنان بن سدير وهو على ما صرح به الكشي [ في رجاله : ٥٥٥ / ١٠٤٩ ] لم يدرك أبا جعفر عليه‌السلام وإنما أدرك الصادق والكاظم والرضا عليهم‌السلام فكيف يروي عنه عليه‌السلام ، وعليه ففي السند واسطة لم تذكر ، وبه تصير الرواية مرسلة ولا يمكن الاعتماد عليها بوجه.

(٤) كامل الزيارات : ٣٠ / ١٢.

٥١

[١٠٤٩] مسألة ١٩ : لا قضاء للأغسال الزمانية إذا جاز وقتها (١) كما لا تتقدّم على زمانها مع خوف عدم التمكّن منها في وقتها (٢) إلاّ غسل الجمعة كما مرّ ، لكن عن المفيد استحباب قضاء غسل يوم عرفة في الأضحى ، وعن الشهيد استحباب قضائها أجمع ، وكذا تقديمها مع خوف عدم التمكّن منها في وقتها. ووجه الأمرين غير واضح ، لكن لا بأس بهما لا بقصد الورود.

[١٠٥٠] مسألة ٢٠ : ربما قيل بكون الغسل مستحبّاً نفسياً فيشرع الإتيان به في كل زمان من غير نظر إلى سبب أو غاية (٣) ووجهه غير واضح ، ولا بأس به لا بقصد الورود.

______________________________________________________

الأغسال الزمانية لا قضاء لها‌

(١) لأن القضاء بأمر جديد ولم يرد أمر بالقضاء للأغسال إلاّ في غسل الجمعة كما مرّ ، نعم بناء على أنه تابع للأداء يشرع القضاء في كل شي‌ء مؤقت مضى وقته وفات إلاّ أنه بناء على ذلك لا فرق بين المستحبات والواجبات فلا بدّ من الالتزام بوجوب القضاء في كل واجب فات وقته ، وهو مما لا يلتزمون به.

على أنه أمر غير ثابت ، لأن الظاهر من الأمر بالشي‌ء المؤقت هو وجوب ذلك الشي‌ء الخاص وأن المطلوب فيه شي‌ء واحد ، لا أنه أمران أحدهما نفس العمل والطبيعة والآخر إيقاعه في وقت خاص ، ومعه يكون القضاء بأمر جديد ولم يرد أمر بالقضاء في شي‌ء من الأغسال سوى غسل الجمعة كما تقدّم (١).

(٢) لعدم الدليل على مشروعية التقديم ، وإنما ورد ذلك في غسل الجمعة وتقدم حاله (٢).

(٣) ظهر الحال فيه ممّا قدّمناه قبل صفحتين ، وعرفت الجواب عمّا استدلّ به من الوجهين.

__________________

(١) في ص ١٦ وما قبلها.

(٢) في ص ٢١.

٥٢

فصل في الأغسال المكانيّة

أي الذي يستحب عند إرادة الدخول في مكان (١) وهي الغسل لدخول حرم مكّة (٢)

______________________________________________________

فصل في الأغسال المكانية‌

(١) قد قسموا الأغسال إلى زمانية ومكانية وفعلية ، إلاّ أن الصحيح أنه ليس من الأغسال ما يكون مستحباً في مكان حتى يصح توصيفه بالغسل المكاني ، بل ما يسمّى بذلك من الأغسال هي أغسال فعلية أي تكون مستحبة لأجل الفعل الذي يقع في مكان.

وهذا كغسل دخول حرم مكة أو الدخول فيها أو في مسجدها وغيرها من الأغسال ، فإنها مستحبة لأجل الفعل الذي يريد أن يفعله وهو الدخول في مكة أو في حرمها أو مسجدها أو كعبتها لا أن استحبابه لأجل المكان.

(٢) وتدل عليه موثقة سماعة : « وغسل دخول الحرم ، يستحب أن لا تدخله إلاّ بغسل » (١).

وصحيحة محمد بن مسلم المروية عن الخصال : « وإذا دخلت الحرمين » (٢).

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن الغسل في أربعة عشر موطناً.... ودخول الحرم » (٣).

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : « وإذا دخلت الحرمين .... » (٤) وغيرها من الروايات.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٠٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٥ ، الخصال ٢ : ٥٠٨.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٠٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٧.

(٤) الوسائل ٣ : ٣٠٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١ وغيره من روايات الباب.

٥٣

وللدخول فيها (١) ولدخول مسجدها (*) (٢) وكعبتها (٣) ولدخول حرم المدينة (٤)

______________________________________________________

(١) كما ورد في صحيحة عبد الله بن سنان : « وعند دخول مكة والمدينة » (١) وصحيحة معاوية بن عمار : « وحين تدخل مكة والمدينة » (٢).

(٢) لم ترد رواية في ذلك وإن حكي عن الشيخ (٣) وصاحب الغنية (٤) الإجماع على استحباب الغُسل لدخول المسجد الحرام ، ولعل مرادهما ما إذا دخله لأجل أن يدخل الكعبة ، وأما لو أراد الدخول في المسجد وحسب لملاقاة أحد أو للخروج من الباب الأُخرى أو نحو ذلك فلا دليل على استحباب الغسل له (٥).

(٣) لصحيحة معاوية بن عمار : « وحين تدخل الكعبة » (٦) وموثقة سماعة : « وغسل دخول البيت واجب » (٧) وصحيحة ابن سنان : « ودخول الكعبة » (٨) وغيرها من الأخبار.

(٤) لصحيحة محمد بن مسلم المروية عن الخصال : « وإذا دخلت الحرمين » (٩).

__________________

(*) لم يثبت استحباب الغسل للدخول فيه ، وكذا الحال في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسائر المشاهد المشرفة ، ولا بأس بالإتيان به رجاء.

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٦ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٠.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٨٧ مسألة ٦٣.

(٤) الغنية : ٦٢.

(٥) يمكن الاستدلال برواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : « وإذا أردت دخول البيت الحرام ... » ، ولكن في السند القاسم بن عروة ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٢. كما أنه يظهر من فقه الرضا : ٨٢ ، المستدرك ٢ : ٤٩٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

(٦) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

(٧) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

(٨) الوسائل ٣ : ٣٠٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٧.

(٩) الوسائل ٣ : ٣٠٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٥ ، الخصال ٢ : ٥٠٨.

٥٤

وللدخول فيها (١) ولدخول مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) وكذا للدخول في سائر المشاهد المشرفة (٣) للأئمة عليهم‌السلام. ووقتها قبل الدخول عند إرادته (٤) ، ولا يبعد استحبابها بعد الدخول للكون فيها إذا لم يغتسل قبله (٥) كما لا يبعد كفاية غسل (*) واحد في أوّل اليوم‌

______________________________________________________

(١) كما في جملة من الأخبار المتقدمة في غسل دخول مكة (١).

(٢) لرواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام « ... وإذا أردت دخول مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ... » (٢) ولكنها ضعيفة بالقاسم بن عروة وإن كان عبد الحميد الواقع في سندها موثقاً بقرينة رواية القاسم بن عروة عنه وروايته عن محمد بن مسلم ، فالاستدلال بها يبتني على التسامح في أدلة السنن ولا نقول به.

(٣) ولعله لأنها من بيوت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في بعض الأدعية : « اللهمّ إني وقفت ببابٍ من أبواب بيوت نبيك » (٣). وفيه : أنها لو ثبت كونها بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يدلنا دليل على استحباب الغسل للدخول في بيوت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنما وردت الرواية بالغسل للدخول في مسجده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد عرفت ضعفها.

(٤) إذ لو كان وقتها بعد الدخول فيها لم يصدق أنه اغتسل لدخول الحرم أو الكعبة أو غيرهما.

(٥) الأخبار الواردة إنما دلت على استحباب الغسل عند الدخول فيها ، ولا دليل على استحبابه لمن دخلها للكون فيها.

__________________

(*) فيه إشكال بل منع إذا تخلل الحدث بينهما ، وكذا الحال فيما بعده.

(١) كما في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة وغيرها من أحاديث الباب.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٠٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٢.

(٣) مصباح الكفعمي : ٤٧٢.

٥٥

أو أوّل اللّيل للدخول إلى آخره (١) ، بل لا يبعد عدم الحاجة إلى التكرار مع التكرّر ، كما أنه لا يبعد جواز التداخل أيضاً فيما لو أراد دخول الحرم ومكة والمسجد والكعبة في ذلك اليوم فيغتسل غسلاً واحداً للجميع ، وكذا بالنسبة إلى المدينة وحرمها ومسجدها (٢).

[١٠٥١] مسألة ١ : حكي عن بعض العلماء استحباب الغسل عند إرادة الدخول في كل مكان شريف ووجهه غير واضح ، ولا بأس به لا بقصد الورود.

______________________________________________________

(١) مقتضى ما ورد في جملة من الأخبار من قوله : « وحين تدخل » (١) وقوله : « وإذا دخلت » (٢) و « عند دخول مكّة والمدينة » (٣) استحباب الغسل مقارناً لدخول تلك المواضع ، إلاّ أنه ورد في بعض آخر : « ويوم تدخل البيت » (٤) وغسل « دخول الكعبة ودخول المدينة » (٥) وهي تقتضي جواز الغسل أول اليوم للدخول في آخره ، لأن المستحبات لا يجري فيها قانون الإطلاق والتقييد فتحمل المقيدات على صورة ترك الغسل إلى زمان الدخول.

بل يجوز أن يغتسل في اليوم للدخول في الليل ، لأن الأخبار وإن اشتملت على اليوم إلاّ أنه محمول على الغلبة ، إذ قد يكون الدخول في الليل وهو ظاهر.

نعم يشترط أن لا يفصل بين الغسل والدخول شي‌ء من الأحداث والنواقض لأنها ليست من الأغسال الزمانية ، وإنما هي أغسال فعلية كما تقدم بيانه فلا بدّ أن يقع الفعل في غسل ، وهذا لا يتحقق فيما إذا تخلل بينهما شي‌ء من النواقض.

(٢) لصحيحة زرارة الدالّة على أنه إذا اجتمعت عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد ، وأنه إذا اغتسل بعد الفجر للجنابة والجمعة وغيرهما أجزأه (٦).

__________________

(١) كما في صحيحة معاوية بن عمار ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

(٢) ، (٣) الوسائل ٣ : ٣٠٤ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٤ ، ١٠.

(٤) الوسائل ٣ : ٣٠٤ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٤.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٠٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ ، ٦ ، ٧ وغيرها.

(٦) الوسائل ٣ : ٣٣٩ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٣١ ح ١.

٥٦

فصل في الأغسال الفعليّة

وقد مرّ أنها قسمان :

القسم الأوّل : ما يكون مستحباً لأجل الفعل الذي يريد أن يفعله وهي أغسال :

أحدها : للإحرام (*) وعن بعض العلماء وجوبه (١).

______________________________________________________

فصل في الأغسال الفعلية‌

(١) لا شبهة في مشروعية الغسل للإحرام ، وذلك لورود الأمر به في جملة من الأخبار ففي موثقة سماعة : « وغسل المحرم واجب » (١) وصحيحة محمد بن مسلم المروية عن الخصال : « ويوم تحرم » (٢) وصحيحة ابن سنان : « وغسل الإحرام » (٣) إلى غيرها من الروايات ، وإنما الكلام في أنه واجب أو مستحب.

ذهب بعضهم إلى وجوبه ، ويؤيده اشتمال الأخبار على الأمر به من دون اقترانها بالمرخص ، بل صرحت بعضها بالوجوب. إلاّ أن الصحيح عدم وجوبه وذلك لأمرين :

أحدهما : أنه لو كان واجباً لذاع واشتهر وجوبه لكثرة الابتلاء به في المكلفين لكثرة الحاج ، كيف وقد نقل الإجماع على استحبابه وعدم وجوبه.

__________________

(*) لم يثبت استحباب أكثر ما ذكر في هذا الفصل ، وإنما الثابت استحباب الغسل للإحرام والطواف والذبح والنحر والحلق وزيارة الكعبة وزيارة الحسين عليه‌السلام ولو من بعيد والاستخارة والاستسقاء والمباهلة والمولود وترك صلاة الكسوف عمداً مع احتراق قرص الشمس كلياً ومس الميِّت بعد تغسيله.

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٤ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٠٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٥ ، الخصال ٢ : ٥٠٨ / ١.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٠٦ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٧ و ٨ و ١٠ و ١١ و ١٢.

٥٧

الثاني : للطواف (١) سواء كان طواف الحج أو العمرة أو طواف النساء بل للطواف المندوب أيضا.

الثالث : للوقوف بعرفات.

الرابع : للوقوف بالمشعر.

الخامس : للذبح والنحر (٢).

______________________________________________________

وثانيهما : أنه لو وجب الغسل للإحرام لكان وجوبه شرطياً لا محالة ، لعدم احتمال كونه واجباً نفسياً ، كيف ولم يثبت ذلك في غسل الجنابة والحيض ونحوهما فما ظنك بغسل الإحرام؟ وقد دلت الصحيحة على أن من اغتسل للإحرام فنام ثم أراد الإحرام لا تجب عليه إعادة غسله (١).

وهي وإن كانت معارضة بما دل على لزوم إعادة الغسل حينئذ (٢) إلاّ أن مقتضى الجمع بينهما حمل الأمر بالإعادة على الاستحباب. إذن فالصحيحة تدلنا على أن غسل الإحرام ليس بواجب نفسي ولا شرطي.

(١) وهو الزيارة لأن زيارة البيت طوافه ، وقد ورد في موثقة سماعة الأمر بغسل الزيارة حيث قال فيها : « وغسل الزيارة واجب » (٣) ، وكذلك صحيحة معاوية بن عمار حيث اشتملت على الأمر بالغسل يوم تزور البيت ، وغيرها من الروايات (٤) ، ومقتضى الإطلاق فيها عدم الفرق في استحباب الغسل بين كون الطواف واجباً أو مندوباً وسواء كان الطواف طواف الحج أو العمرة أو طواف النساء.

(٢) لصحيحة زرارة : « إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة » (٥).

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٣١ / أبواب الإحرام ب ١٠ ح ٣.

(٢) راجع نفس الباب المتقدم ح ١.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

(٤) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١ وكثير من أخبار الباب.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٣٩ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٣١ ح ١.

٥٨

السادس : للحلق (١) ، وعن بعضهم استحبابه لرمي الجمار أيضا.

السابع : لزيارة أحد المعصومين من قريب أو بعيد (٢).

الثامن : لرؤية أحد الأئمة عليهم‌السلام في المنام ، كما نقل عن موسى بن جعفر عليه‌السلام أنه إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليالٍ ويناجيهم فيراهم في المنام.

التاسع : لصلاة الحاجة بل لطلب الحاجة مطلقا.

العاشر : لصلاة الاستخارة (٣) بل للاستخارة مطلقاً ولو من غير صلاة.

الحادي عشر : لعمل الاستفتاح المعروف بعمل أُم داود.

الثاني عشر : لأخذ تربة قبر الحسين عليه‌السلام.

الثالث عشر : لإرادة السفر خصوصاً لزيارة الحسين عليه‌السلام.

______________________________________________________

(١) لما مرّ في صحيحة زرارة.

(٢) استدل عليه بعضهم بإطلاق الأمر بغسل الزيارة في الأخبار فإنها تشمل زيارة الأئمة عليهم‌السلام أيضاً.

وفيه : أن ملاحظة الجملات المتقدمة على هذه الجملة وملاحظة الجملات المتأخرة عنها تدلنا بوضوح على أن المراد زيارة البيت وطوافه وأن الرواية بصدد بيان وظيفة الحاج فلا تشمل زيارة غير البيت الحرام من قبور الأئمة عليهم‌السلام.

(٣) لموثقة سماعة : « وغسل الاستخارة مستحب » وغيرها (١).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ ، ٣٣٤ / ب ٢١ ح ١ ، المستدرك ٢ : ٤٩٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١ ، ٢.

٥٩

الرابع عشر : لصلاة الاستسقاء (١) بل له مطلقا.

الخامس عشر : للتوبة من الكفر الأصلي أو الارتدادي ، بل من الفسق ، بل من الصغيرة أيضاً على وجهٍ.

السادس عشر : للتظلّم والاشتكاء إلى الله من ظلم ظالم ، ففي الحديث عن الصادق عليه‌السلام ما مضمونه : إذا ظلمك أحد فلا تدع عليه ، فان المظلوم قد يصير ظالماً بالدعاء على من ظلمه ، لكن اغتسل وصل ركعتين تحت السماء ثم قل : « اللهمّ إن فلان بن فلان ظلمني ، وليس لي أحد أصول به عليه غيرك فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة بالاسم الذي إذا سألك به المضطر أجبته فكشفت ما به من ضر ومكنت له في الأرض وجعلته خليفتك على خلقك ، فأسألك أن تصلِّي على محمد وآل محمد وأن تستوفي ظلامتي الساعة الساعة » فسترى ما تحب.

السابع عشر : للأمن من الخوف من ظالم فيغتسل ويصلِّي ركعتين ويحسر عن ركبتيه ويجعلهما قريباً من مصلاه ويقول مائة مرة : « يا حيّ يا قيّوم يا حيّ لا إله إلاّ أنت برحمتك أستغيث فصل على محمد وآل محمد وأغثني الساعة الساعة » ثم يقول : « أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تلطف بي وأن تغلب لي وأن تمكر لي وأن تخدع لي وأن تكفيني مئونة فلان بن فلان بلا مئونة » وهذا دعاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم أُحُد.

الثامن عشر : لدفع النازلة ، يصوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وعند الزوال من الأخير يغتسل.

______________________________________________________

(١) لموثقة سماعة (١) : « وغسل الاستسقاء واجب ».

__________________

(١) المتقدِّمة في الصفحة السابقة.

٦٠