موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

واحتمل بعضهم جواز قضائه إلى آخر الأسبوع ، لكنه مشكل ، نعم لا بأس به لا بقصد الورود بل برجاء المطلوبية لعدم الدليل عليه إلاّ الرضوي الغير المعلوم كونه منه عليه‌السلام.

[١٠٣٢] مسألة ٢ : يجوز تقديم (*) غسل الجمعة يوم الخميس (١)

______________________________________________________

وهذه المسألة وإن لم تكن محتاجة إلى التدقيق والتأمل بهذا المقدار إلاّ أن التدقيق لأجل ما أشرنا إليه من إغناء كل غسل عن الوضوء ، وحيث ثبت استحباب قضائه يوم السبت وجوازه في حق من تركه يوم الجمعة متعمداً فيغني عن الوضوء بناء على ما قدمناه.

الجهة الرابعة : إذا لم يقضه المكلف يوم السبت هل يشرع له القضاء في سائر أيام الأُسبوع أو لا دليل على مشروعيته في سائر الأيام؟

مقتضى موثقة ذريح عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل هل يقضي غسل الجمعة؟ قال : لا » (١) ، عدم المشروعية في القضاء مطلقاً وقد خرجنا عنها في قضائه يوم السبت ويبقى غيره تحت عموم عدم المشروعية.

ولا دليل على مشروعية قضائه بعد السبت سوى ما ورد في الفقه الرضوي وأن له أن يأتي به في سائر أيام الأُسبوع (٢) ، إلاّ أنه لم يثبت كونه رواية فضلاً عن كونها معتبرة.

مشروعية تقديم غسل الجمعة عنها‌

(١) الكلام في هذه المسألة يقع من جهات :

الجهة الاولى : في أصل مشروعية التقديم عند خوف إعواز الماء أو إحرازه يوم‌

__________________

(*) فيه إشكال ، ولا بأس بالإتيان به رجاء.

(١) الوسائل ٣ : ٣٢١ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ ح ٥.

(٢) لاحظ المستدرك ٢ : ٥٠٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١ ، فقه الرضا : ١٢٩.

٢١

الجمعة. المشهور عندهم مشروعيته ، وعن بعضهم أنه مما لا خلاف فيه ، وعن الحدائق أنه لم ينقل فيه خلاف من أحد (١).

فإن كانت المسألة اتفاقية كما ادعي وحصل لنا القطع بقوله عليه‌السلام من اتفاقهم فهو ، وإلاّ فللمناقشة في أصل مشروعية التقديم مجال ، وذلك لأن ما استدل به على ذلك أُمور ثلاثة :

الأوّل : الفقه الرضوي : « وإن كنت مسافراً وتخاف عدم الماء يوم الجمعة فاغتسل يوم الخميس » (٢). وهذا لم يثبت كونه رواية فضلاً عن اعتبارها.

الثاني : مرسلة محمد بن الحسين عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « قال لأصحابه : إنكم تأتون غداً منزلاً ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغدٍ ، فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة » (٣). وهي مرسلة ولا يمكن الاعتماد عليها.

الثالث : ما رواه المشايخ الثلاثة عن الحسن بن موسى بن جعفر أو الحسين بن موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن امه وأُم أحمد بن موسى قالتا : « كنّا مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام في البادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس : اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فإن الماء غداً بها قليل ، قالتا : فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة » (٤).

وهي ضعيفة أيضاً ، لأنها إن كانت مروية عن الحسن بن موسى كما عن الفقيه (٥) فهو مجهول ، وإن كانت مروية عن الحسين بن موسى كما عن التهذيب (٦) والكافي (٧) فهو مهمل ، على أن حال أُمهما غير معلوم ولم تثبت وثاقتها ولا وثاقة أُم أحمد‌

__________________

(١) الحدائق ٤ : ٢٣١.

(٢) المستدرك ٢ : ٥٠٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٥ ح ١ ، فقه الرضا : ١٢٩.

(٣) الوسائل ٣ : ٣١٩ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٩ ح ١.

(٤) الوسائل ٣ : ٣٢٠ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٩ ح ٢.

(٥) الفقيه ١ : ٦١ / ٢٢٧.

(٦) التهذيب ١ : ٣٦٥ / ١١١٠.

(٧) الكافي ٣ : ٤٢ / ٦.

٢٢

بل ليلة الجمعة إذا خاف إعواز الماء يومها.

______________________________________________________

فالاستدلال بتلك الأخبار غير ممكن.

اللهمّ إلاّ على أحد أمرين أحدهما : انجبار ضعف الرواية بعمل المشهور على طبقها. وثانيهما : أن يقال بأن أخبار من بلغ تدل على استحباب العمل الذي بلغ فيه الثواب. ولم يثبت شي‌ء من الأمرين.

أمّا الأوّل : فقد ذكرنا في محله أن عمل المشهور على طبق رواية لا يوجب انجبار ضعفها ، إذ نحتمل وقوفهم على قرينة تدل على صحتها من دون أن تصل إلينا (١).

وأما الثاني : فلما حققناه في محله من أن أخبار من بلغ واردة للإرشاد إلى ما استقل به العقل من أن الانقياد وإتيان العمل برجاء المحبوبية حسن ويترتب عليه الثواب ولا دلالة لها على استحباب العمل شرعاً (٢) ، وعليه لا تثبت مشروعية تقديم الغسل يوم الخميس ، نعم لا بأس بالإتيان به يوم الخميس رجاء عند خوف الإعواز أو إحرازه يوم الجمعة.

الجهة الثانية : على تقدير ثبوت مشروعية التقديم يوم الخميس هل يشرع تقديمه ليلة الجمعة عند خوف الإعواز أو إحرازه يوم الجمعة أو تختص المشروعية بيوم الخميس؟

مقتضى الجمود على ظاهر النصوص هو الاختصاص فكأن اليوم بيوم لا اليوم بليل ، لكن المعروف جواز تقديمه ليلة الجمعة ، بل ادعي عليه الإجماع في كلمات بعضهم. واستدل عليه بوجوه :

الأوّل : الأولوية ، فإن اللّيل أقرب إلى الجمعة من نهار الخميس ، فاذا ثبتت المشروعية يوم الخميس ثبتت ليلة الجمعة بالأولوية.

وفيه : أن العبادات أُمور توقيفية تحتاج مشروعيتها إلى دليل ، والأولوية الظنية مما‌

__________________

(١) مصباح الأُصول ٢ : ٢٠١.

(٢) مصباح الأُصول ٢ : ٣١٩.

٢٣

لا اعتبار بها فلا يثبت بها الحكم الشرعي.

الثاني : استصحاب المشروعية المتيقنة يوم الخميس ، وهذا يبتني على أمرين :

أحدهما : القول بجريانه في الأحكام الكلية. وثانيهما : أن يكون اليوم الوارد في الروايتين لمجرّد الظرفية ولم يكن قيداً دخيلاً في ثبوت الحكم الشرعي. وكلا الأمرين مورد المناقشة ، لعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية ، ولأن ظاهر اليوم في الروايتين أنه قيد في ترتب الحكم الشرعي لا أنه اتي به لمجرد الظرفية ، ومعه لا مجرى للاستصحاب في المقام.

الثالث : التعليل الوارد في الروايتين المتقدمتين ، حيث علل الحكم بالتقديم يوم الخميس بقلّة الماء يوم الجمعة ، فإذا كان هذا هو العلّة فيه فيتعدّى إلى الليل أيضاً إذا خيف أو أُحرز قلة الماء يوم الجمعة.

وهذا الاستدلال غريب ، لأن العلّة وإن كانت قلة الماء وإعوازه إلاّ أنه ليس مطلقاً بل في خصوص يوم الخميس ، وإلاّ جاز التعدِّي إلى التقديم في سائر أيام الأُسبوع أيضاً كالأربعاء والثلاثاء وغيرهما إذا خيف أو أُحرزت القلّة يوم الجمعة وهو مما لا قائل به. فالصحيح هو اختصاص المشروعية بيوم الخميس ، فاليوم باليوم.

الجهة الثالثة : في موضوع الحكم بجواز التقديم يوم الخميس هل هو خوف الإعواز يوم الجمعة أو إحرازه؟

المعروف أن الموضوع المسوغ للتقديم هو خوف الإعواز ، وهو إما بمعنى الظن بالقلّة أو احتمالها العقلائي كما في غير المقام. وهذا مما لا دليل عليه سوى الفقه الرضوي المشتمل على قوله : « وإن كنت مسافراً وتخاف عدم الماء يوم الجمعة » (١) ، وقد تقدّم عدم ثبوت كونه رواية فضلاً عن اعتبارها.

ومدرك المشهور هو إحدى الروايتين المتقدمتين (٢) وقد ورد فيهما إعواز الماء. ففي‌

__________________

(١) وقد تقدم في صدر المسألة.

(٢) في صدر المسألة بعد رواية فقه الرضا.

٢٤

أمّا تقديمه ليلة الخميس فمشكل ، نعم لا بأس به مع عدم قصد الورود ، واحتمل بعضهم جواز تقديمه حتى من أول الأُسبوع أيضاً ، ولا دليل عليه.

______________________________________________________

المرسلة « إنكم تأتون غداً منزلاً ليس فيه ماء » وفي رواية ابن موسى عليه‌السلام : « فان الماء غداً بها قليل » فالحكم مترتب على واقع القلّة أو الانعدام فلا بدّ من إحرازه بالعلم الوجداني أو التعبّدي ، كما هو الحال في الروايتين لإخبار الإمام عليه‌السلام فيهما بالقلّة أو الإعواز وهو موجب للجزم واليقين.

الجهة الرابعة : هل يختص جواز التقدم بما إذا خيف أو أُحرزت القلّة في السفر أو يعمه والحضر أيضاً؟

الصحيح هو التعميم ، لأن الروايتين وإن كانتا واردتين في السفر إلاّ أن المورد لا يخصص ، والموضوع فيهما هو الإعواز بلا فرق في ذلك بين السفر والحضر.

الجهة الخامسة : موضوع الحكم بجواز التقديم يوم الخميس هو إعواز الماء يوم الجمعة ، وهل يجوز تقديم الغسل في يوم الأربعاء أو غيره من أيام الأُسبوع إذا تحقق الموضوع بأن خاف الإعواز أو أحرزه؟

الصحيح عدم المشروعية في غير يوم الخميس ، وهو المطابق للقاعدة ، لأن العبادات توقيفية ، ولم يرد الترخيص في تقديمه إلاّ يوم الخميس فنخرج عنها بهذا المقدار فقط ، وأما في سائر الأيام فلا تقديم لعدم الدليل على الجواز.

وأمّا ما يتوهّم من أن العلة في جواز التقديم يوم الخميس هو الإعواز أو خوفه يوم الجمعة فإذا تحققت العلة في غير يوم الخميس جاز التقديم فيه أيضاً ، ففيه أن العلّة هي خوف الإعواز أو إحرازه يوم الخميس لا مطلق الخوف أو الإحراز ، فلا دليل على مشروعية التقديم في غير الخميس ، نعم لا بأس بالإتيان به رجاء لعدم القطع بعدم المشروعية واقعا.

الجهة السادسة : فيما لو تمكن من الماء يوم الجمعة بعد أن خاف الإعواز أو أحرزه‌

٢٥

وإذا قدّمه يوم الخميس ثم تمكّن منه يوم الجمعة يستحب إعادته ، وإن تركه يستحب قضاؤه يوم السبت ، وأمّا إذا لم يتمكّن من أدائه يوم الجمعة فلا يستحب قضاؤه (*) وإذا دار الأمر بين التقديم والقضاء فالأولى اختيار الأوّل.

[١٠٣٣] مسألة ٣ : يستحب أن يقول حين الاغتسال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد واجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهِّرين.

______________________________________________________

يوم الخميس فقدم الغسل هل تستحب الإعادة أم لا؟ المعروف هو استحباب الإعادة. والصحيح ابتناء المسألة على أن الخوف أو الإحراز هل هما طريقان إلى الإعواز يوم الجمعة أو أنهما موضوعان للحكم بجواز التقديم.

فعلى الثاني لا مجال لاستحباب الإعادة ، فإنه قد أتى بغسل الجمعة مقدماً لتحقق موضوعه وهو الخوف أو الإحراز ومعه لا تشمله الإطلاقات الدالّة على استحباب غسل الجمعة ، بل تكون الأدلة الدالّة على جواز التقديم مع الخوف أو الإحراز حاكمة على تلك الإطلاقات ، لدلالتها على توسعة زمان الامتثال وتحقق المأمور به بالغسل يوم الخميس ، ولا استحباب للغسل بعد الغسل.

وأمّا على الأوّل فحيث انكشف خطأ الطريقين وتمكن المكلف من الماء يوم الجمعة فلا محالة تشمله الإطلاقات ، لعدم امتثاله على الفرض ، وما أتى به إنما كان مأموراً به خيالاً أو ظاهراً ولا يجزئ شي‌ء منهما عن المأمور به الواقعي ، فالإطلاقات تدل على استحباب الإعادة ، فاذا أتى به يوم الجمعة فهو وإلاّ استحب له القضاء يوم السبت لأنه لم يأت به يوم الجمعة وفاته ذلك ، وما أتى به يوم الخميس لم يكن مأموراً به إلاّ خيالاً أو ظاهراً.

وهذا بخلاف ما إذا كان الخوف أو الإحراز موضوعين لجواز التقديم ، فإنه إذا قدم الغسل يوم الخميس فقد أتى بغسل الجمعة لتوسعة وقته حينئذ ومعه لا يشرع القضاء‌

__________________

(*) فيه إشكال ، وكذا فيما بعده.

٢٦

[١٠٣٤] مسألة ٤ : لا فرق في استحباب غسل الجمعة بين الرجل والمرأة والحاضر والمسافر والحر والعبد ومن يصلِّي الجمعة ومن يصلِّي الظهر ، بل الأقوى استحبابه للصبي المميز (١) ، نعم يشترط في العبد إذن المولى إذا كان منافياً لحقه ، بل الأحوط مطلقاً (٢) وبالنسبة إلى الرجال آكد ، بل في بعض الأخبار رخصة تركه للنساء.

______________________________________________________

في حقه ، لأنه إنما ثبت على من فاته الغسل يوم الجمعة والمفروض أن المكلف لم يفته غسل يوم الجمعة بل أتى به مقدما.

الجهة السابعة : إذا دار أمره بين التقديم يوم الخميس لخوف الإعواز أو لإحرازه وبين ترك التقديم والقضاء يوم السبت فالأولى اختيار التقديم ، وذلك لأنه أداء موسع ولا إشكال في أن الأداء أولى من القضاء.

التسوية في الاستحباب بين أقسام المكلفين‌

(١) الأمر كما أفاده ، ولا فرق في استحبابه بين أقسام المكلفين لإطلاق الأدلّة ، نعم علمنا أن تأكده في حق الرجال أقوى منه في حق النساء ، لما ورد من أنّهنّ قد رخصن في تركه (١) وفي بعضها أنه رخص لهنّ في تركه في السفر دون الحضر (٢).

اشتراط إذن المولى‌

(٢) ذكر الماتن قدس‌سره أن العبد يشترط فيه إذن المولى إذا كان اغتساله منافياً لحق المولى وأمره ، ثم ترقي واحتاط في اعتبار الاستئذان من المولى مطلقاً حتى إذا لم يكن منافياً لحقه.

__________________

(١) ما وجدناه في الروايات المعتبرة ، نعم ورد في الخصال [ ٥٨٦ / ١٢ ] في رواية ضعيفة أنه « ويجوز لها النساء تركه في الحضر » المستدرك ٢ : ٥٠٠ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٣ ح ٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٣١٢ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١ ، ٢ ، ١٧.

٢٧

[١٠٣٥] مسألة ٥ : يستفاد من بعض الأخبار كراهة تركه بل في بعضها الأمر باستغفار التارك ، وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال في مقام التوبيخ لشخص : « والله لأنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة ، فإنه لا يزال في طهر إلى الجمعة الأُخرى ».

[١٠٣٦] مسألة ٦ : إذا كان خوف فوت الغسل يوم الجمعة لا لإعواز الماء بل لأمر آخر كعدم التمكن من استعماله أو لفقد عوض الماء مع وجوده فلا يبعد جواز تقديمه أيضاً (*) يوم الخميس وإن كان الأولى عدم قصد الخصوصية والورود بل الإتيان به برجاء المطلوبية (١).

______________________________________________________

والاحتياط استحباباً حسن في نفسه إلاّ أن الاحتياط الوجوبي مما لا وجه له لوجود المطلقات النافية لاعتبار الاستئذان من المولى في استحباب الغسل في حق العبد ، وهذا إذا لم يكن منافياً لحقه بمكان من الوضوح ، وكذلك الحال فيما إذا كان منافياً لحقه ، لأنه من تزاحم الحقين وقد ذكرنا في محله أن الترتب في المتزاحمين على طبق القاعدة (١) ، فاذا عصى مولاه وخالف أمره فلا مانع من صحّة اغتساله.

(١) هل يجوز التقديم إذا خيف أو أُحرز عدم التمكن من الغسل يوم الجمعة لأجل مانع غير إعواز الماء وقلّته مثل خوف البرد في الهواء أو كان متمكناً من الماء الحار يوم الخميس وعاجزاً عن الماء الحار في الجمعة مع وجدان الماء البارد؟

قد يقال : إن إعواز الماء ذكر في الروايتين (٢) من باب المثال ، والغرض عدم التمكن من الغسل يوم الجمعة ولو لمانع آخر ، لكن مقتضى ظاهر النصوص هو الاختصاص بما إذا خيف أو أُحرز قلة الماء فلا دليل على المشروعية في غير ذلك ، نعم لا بأس بتقديم الغسل حينئذ رجاء.

__________________

(*) فيه إشكال.

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ٩٥ ، ١٠٢.

(٢) تقدّمتا في مسألة ٢ ص ٢٢.

٢٨

[١٠٣٧] مسألة ٧ : إذا شرع في الغسل يوم الخميس من جهة خوف إعواز الماء يوم الجمعة فتبيّن في الأثناء وجوده وتمكّنه منه يومها بطل غسله ، ولا يجوز إتمامه بهذا العنوان والعدول منه إلى غسل آخر مستحب إلاّ إذا كان من الأوّل قاصداً للأمرين (١).

[١٠٣٨] مسألة ٨ : الأولى إتيانه قريباً من الزوال وإن كان يجزئ من طلوع الفجر إليه كما مر.

[١٠٣٩] مسألة ٩ : ذكر بعض العلماء أن في القضاء كلّما كان أقرب إلى وقت الأداء كان أفضل فإتيانه في صبيحة السبت أولى من إتيانه عند الزوال منه أو بعده ، وكذا في التقديم ، فعصر يوم الخميس أولى من صبحه وهكذا ، ولا يخلو عن وجه وإن لم يكن واضحاً. وأما أفضلية ما بعد الزوال من يوم الجمعة من يوم السبت فلا إشكال فيه وإن قلنا بكونه قضاء كما هو الأقوى (*).

______________________________________________________

إذا شرع في التقديم فتبين وجود الماء يوم الجمعة‌

(١) إذا شرع في الغسل يوم الخميس لإعواز الماء في الجمعة وانكشف في أثناء غسله وجود الماء وتمكّنه منه يوم الجمعة بطل غسله ، لانكشاف عدم كونه مأموراً به واقعاً وإنما كان مأموراً به بالأمر الخيالي أو الظاهري فلا يجوز أن يتمه ، كما لا يجوز له أن يعدل إلى غسل مستحب آخر لعدم دلالة الدليل على جواز العدول حينئذ.

نعم حيث ثبت في محله (١) جواز التداخل في الأغسال فلا مانع من أن يأتي بغسل واحد للجمعة وللزيارة وللعيد مثلاً ، ومعه لو انكشف التمكن من الماء يوم الجمعة فيبطل غسله بالإضافة إلى غسل الجمعة وله إتمامه بنية الزيارة والعيد ونحوهما فهو غسل مشروع مستحب.

__________________

(*) في القوة إشكال ، والاحتياط لا يترك.

(١) شرح العروة ٧ : ٤٣.

٢٩

[١٠٤٠] مسألة ١٠ : إذا نذر غسل الجمعة وجب عليه (١) ومع تركه عمداً تجب الكفارة (٢) والأحوط قضاؤه [١] يوم السبت ، وكذا إذا تركه سهواً أو لعدم التمكّن منه (٣) ، فإن الأحوط قضاؤه (٤) وأما الكفارة فلا تجب إلاّ مع التعمد.

______________________________________________________

إذا نذر غسل الجمعة‌

(١) كما في غيره من الأُمور الراجحة شرعاً.

(٢) وهي كفارة شهر رمضان لحنث نذره.

(٣) ولا يبعد أن يقال بعدم انعقاد النذر فيما إذا انكشف عدم تمكن الناذر من المنذور في وقته ، إذ يشترط القدرة على المنذور في النذر ، لوضوح أنه لا معنى للالتزام بعمل خارج عن القدرة ، فإذا لم يقدر عليه في ظرفه كشف ذلك عن عدم صحّة النذر به.

عدم وجوب القضاء عند المخالفة‌

(٤) والظاهر عدم وجوب القضاء عند تعمد تركه فضلاً عما لو تركه سهواً أو لعدم التمكّن منه ، وذلك لأن القضاء إما أن يكون بالأمر الجديد كما هو الصحيح وإما أنه تابع للأداء.

فإن قلنا بأنه بالأمر الجديد فهو يحتاج في وجوبه إلى أمر جديد ، وهو إنما ورد في الصلاة والصيام وفي بعض الموارد الأُخر المنصوصة كما إذا نذر الصوم فطرأ عليه ما لا يتمكّن معه من إتمامه كما لو سافر أو حاضت أو نفست ونحو ذلك ، وليس لنا في المقام أمر جديد بقضاء غسل الجمعة إذا نذره ثم تركه عمداً أو نسياناً أو لغيرهما.

وأما إذا قلنا بأن القضاء تابع للأداء فمعنى ذلك أن هناك أمرين ومطلوبين قد تعلّق أحدهما بطبيعي الفعل وتعلق ثانيهما بالمقيد أي بالإتيان به في وقت خاص أعني التقييد بدليل منفصل ، وحينئذ إذا لم يأت به في الوقت الخاص وفاته امتثال أحد‌

__________________

(*) لا بأس بتركه ولا سيما في فرض السهو أو عدم التمكن منه.

٣٠

[١٠٤١] مسألة ١١ : إذا اغتسل بتخيل يوم الخميس بعنوان التقديم أو بتخيل يوم السبت بعنوان القضاء فتبين كونه يوم الجمعة فلا يبعد الصحّة خصوصاً إذا قصد الأمر الواقعي وكان الاشتباه في التطبيق (١).

______________________________________________________

الأمرين فالأمر الآخر المتعلق بالطبيعي باق بحاله لا بدّ من امتثاله والإتيان بالعمل في غير وقته.

وهذا وإن كان ممكناً في الأفعال الواجبة بالعنوان الأولي إلاّ أنه لا يأتي في الواجب بالنذر والعنوان الثانوي ، لأنه تابع لنذر الناذر ، ولا إشكال في أن الناذر إنما ينذر إتيان الغسل يوم الجمعة وهو فعل واحد ولا يخطر بباله انحلال نذره إلى أمرين.

بل لو فرضنا أنه نذر مع الانحلال أي نذر طبيعي الغسل ونذر إتيانه في يوم الجمعة ثم تركه يوم الجمعة ولم يأت به يوم السبت ولا في غيره وجبت كفارتان إحداهما لتركه الواجب يوم الجمعة وهو أحد المنذورين وثانيتهما لتركه طبيعي الغسل ، مع أن في ترك مثل نذر غسل الجمعة ليست إلاّ كفارة واحدة.

فالمتحصل : أن القضاء غير واجب في المقام لعدم الدليل ، وإنما يجب في الصلاة والصيام وبعض الموارد الأُخر كما قدمناه ، نعم الأحوط القضاء لأن احتمال الوجوب واقعاً موجود بالوجدان.

إذا اغتسل بتخيل يوم الخميس‌

(١) تعرّض قدس‌سره في هذه المسألة لعدة فروع :

الأوّل : ما إذا تخيل أن اليوم جمعة فاغتسل لها ثم ظهر أن اليوم يوم الثلاثاء ولكن كان عليه أحد الأغسال من الجنابة أو مس الميِّت فهل يصح غسله حينئذ ويقع عن الجنابة أو مس الميِّت أو يقع باطلاً؟ الصحيح في ذلك هو الحكم بالبطلان ، لأنه من صغريات الكبرى المعروفة : ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد.

وتوضيحه : أن المستفاد من الروايات أن الأغسال طبائع وحقائق مختلفة كما أن‌

٣١

وكذا إذا اغتسل بقصد يوم الجمعة فتبيّن كونه يوم الخميس مع خوف الإعواز أو يوم السبت‌

______________________________________________________

أسبابها مختلفة ، وليست كالوضوء الذي هو أمر واحد والاختلاف إنما هو في أسبابه من بول أو نوم أو نحوهما حتى يكون الإتيان به بقصد أنه مسبب عن البول مثلاً كافياً وإن كان في الواقع مستنداً إلى سبب آخر لأنه حقيقة واحدة ولا اختلاف في حقيقته بل الأغسال متعددة بحسب الأسباب والمسببات ، غاية الأمر اختلافها بالعنوان لا بالذات ، نظير اختلاف صلاتي الظهر والعصر ، لأنهما وإن كانتا حقيقة واحدة بالذات لتركب كل منهما من ركعات أربع وقراءة وغير ذلك إلاّ أنهما يختلفان بالعنوان أي عنوان صلاة الظهر والعصر لقوله عليه‌السلام : « إلاّ أن هذه قبل هذه » (١) وفي مثله إذا أتى بالعمل بعنوان الظهر مثلاً ثم ظهر أنه قد أتى بها سابقاً لم يقع ذلك عصراً ، لأن ما قصده لم يقع وما وقع لم يقصده.

والأمر في المقام كذلك ، لأن ما قصده من غسل الجمعة لم يقع لأنه يوم الثلاثاء على الفرض ، وما وقع من غسل الجنابة أو مس الميِّت لم يقصده على الفرض فيقع باطلاً فإن الأغسال حقيقة واحدة بالذات وهي إيصال الماء إلى البدن لكنها مختلفة بالعنوان ومعه لا بدّ من قصدها تفصيلاً أو إجمالاً ، أما لو قصد واحداً منها فقط دون أن يقصد الباقي ولو إجمالاً وانكشف خلافه وقع باطلاً لا محالة.

نعم لو أتى بالغسل بقصد الأمر الفعلي واعتقد أنه متعلق بغسل الجمعة مثلاً وقع غسله هذا عما هو في ذمته من الجنابة أو مس الميِّت ونحوهما ، ولا يضره الخطأ في التطبيق بعد قصده الأمر الفعلي على ما هو عليه في الواقع ، لأنه قد قصد بقية الأغسال إجمالاً وهو كاف في الامتثال.

الثاني : ما لو اغتسل باعتقاد أن اليوم جمعة فتبين أنه يوم الخميس مع قلة الماء غداً وإعوازه. والصحيح هو الحكم بصحّة الغسل حينئذ ، لأنه قصد بغسله ذلك غسل‌

__________________

(١) الوسائل ٤ : ١٢٦ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ٥.

٣٢

وأما لو قصد غسلاً آخر غير غسل الجمعة أو قصد الجمعة فتبيّن كونه مأموراً بغسل آخر ففي الصحّة إشكال إلاّ إذا قصد الأمر الفعلي الواقعي وكان الاشتباه في التطبيق.

______________________________________________________

الجمعة غاية الأمر أنه تخيل أن اليوم جمعة وكان في الواقع يوم الخميس ، والغسل المأتي به بعنوان غسل الجمعة في يوم الخميس هو بعينه غسل الجمعة وإنما يختلف وقته وهو غير مضر ، نظير ما إذا أتى بالعمل باعتقاد أن الزمان هو بعد ساعة من الزوال وتبين أنه بعد الزوال بساعتين.

الثالث : ما لو اغتسل غسل الجمعة مقدماً باعتقاد أن اليوم الخميس مع قلة الماء غداً فتبين أن اليوم الجمعة. والغسل في هذه الصورة صحيح لعين ما قدمناه في سابقتها ، لأن الغسل المأتي به بعنوان الجمعة هو غسل الجمعة حقيقة غاية الأمر أنه كان معتقداً أن ظرفه مقدم ولم يكن اعتقاداً مطابقاً للواقع ، ومثله غير مضر بصحّة الغسل بعد الإتيان به بعنوان غسل الجمعة.

الرابع : ما لو اغتسل غسل الجمعة قضاء باعتقاد أن اليوم يوم السبت فظهر أن اليوم جمعة. والصحيح هو الحكم بصحّة الغسل حينئذ ، لأن الأداء والقضاء وإن كانا ماهيتين متغايرتين ولا يتحقق الامتثال إلاّ بقصد أحدهما ، ومن ثمة لو دخل في الفريضة الفعلية وكان عليه قضاء يجوز له العدول إلى القضاء أو يجب عليه إذا قلنا بوجوب تقديم القضاء وهذا يدل على التغاير أيضاً ، إلاّ أن ذلك كله فيما إذا كان عليه أمران أحدهما الأمر بالأداء والآخر الأمر بالقضاء فعليه واجبان ولا بدّ من قصد أحدهما في مقام الامتثال.

وأما إذا لم يكن عليه إلاّ أمر واحد فتخيل المكلف أن الوقت باقٍ فقصد به الأداء أو تخيل انقضاء الوقت فقصد به القضاء ثم انكشف له أن الوقت قد خرج أو أنه باقٍ فلا يضر ذلك بصحّة الامتثال ، لقصده الأمر الفعلي وإن تخيل أن ظرفه ظرف أداء أو قضاء ولعلّه ظاهر.

٣٣

[١٠٤٢] مسألة ١٢ : غسل الجمعة لا ينقض بشي‌ء من الحدث الأصغر والأكبر إذ المقصود إيجاده يوم الجمعة وقد حصل (١).

[١٠٤٣] مسألة ١٣ : الأقوى صحّة غسل الجمعة من الجنب والحائض (٢) بل لا يبعد إجزاؤه عن غسل الجنابة ، بل عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدم.

______________________________________________________

المراد بالانتقاض في كلام الماتن‌

(١) ليس المراد ما يعطيه ظاهر العبارة من أنه لو أحدث بعد الغسل بالحدث الأصغر أو الأكبر لم ينتقض غسله بل طهارته باقية بحالها فيترتب عليه جميع آثار الطهارة فيجوز له مس كتابة القرآن مثلاً وغيره من الآثار ، وذلك لأن الغسل ينتقض بالحدث لا محالة فلا يجوز له مس الكتابة بعد الحدث بوجه ، نظير الأغسال الفعلية كغسل الزيارة فإنه لو أحدث بعده بطل غسله لا محالة ، لاعتبار المقارنة بين الغسل والزيارة وكونها صادرة عن طهارة وغسل.

بل المراد من العبارة هو ما صرح به بعد ذلك بقوله : إذ المقصود إيجاده يوم الجمعة وقد حصل. ومعناه أن هذا الغسل من الأغسال الزمانية فاذا أتى به فقد حصل الامتثال فلا تستحب الإعادة بعد البول أو غيره من الأحداث ، لا أنه يبقى بعد الحدث أيضاً ، ففي العبارة تشويش كما لا يخفى.

صحّة غسل الجمعة من الحائض ونحوها‌

(٢) لما تقدم من أنه مستحب على جميع أقسام المكلفين على وجه الإطلاق ، أي سواء كانوا في سفر أو حضر ، وسواء كان المكلف جنباً أو متطهراً ، حائضاً أم غيرها وذلك للإطلاق.

بل غسل الجمعة يغني عن غسل الجنابة على ما في الأخبار ، حيث ورد أنه إذا صام وبعد ذلك علم أنه كان جنباً قال عليه‌السلام ما مضمونه : إنه إن كان قد‌

٣٤

[١٠٤٤] مسألة ١٤ : إذا لم يقدر على الغسل لفقد الماء أو غيره يصح التيمّم ويجزئ (١) نعم لو تمكن من الغسل قبل خروج الوقت فالأحوط الاغتسال لإدراك المستحب (٢).

______________________________________________________

اغتسل للجمعة أجزأه ذلك عن الجنابة (١) ، كما ورد أن من اجتمع عليه حقوق أجزأه حق واحد (٢) ، وبهذا يظهر أنه يجزئ عن غسل الحيض أيضاً كما يجزئ عن غسل الجنابة.

مشروعية التيمّم في المقام‌

(١) لأنه على طبق القاعدة ، لما قلنا من أن التراب بدل عن الطهارة المائية عند التعذّر ، من دون حاجة في ذلك إلى الرواية حتى نحتاج إلى الاستدلال عليه بالفقه الرضوي (٣) الذي لم يثبت كونه رواية فضلاً عن أن تكون معتبرة.

(٢) وذلك لما ذكرناه مراراً من أن المعتبر في العجز والفقدان إنما هو الفقدان في مجموع الوقت والعجز عن الطبيعة لا عن بعض أفرادها ، فإذا تمكن من الماء قبل خروج الوقت كشف ذلك عن عدم كونه مأموراً بالتيمّم ، لكونه مأموراً بالغسل وإن قامت البينة الشرعية على عدم وجدان الماء إلى آخر الوقت أو كان قاطعاً بذلك أو مستصحباً فقدانه إلى آخر الوقت ، لما تقدم من أن الحكم الظاهري أو التخيلي لا يجزئ عن الحكم الواقعي.

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٢٣٧ / أبواب من يصح منه الصوم ب ٣٠.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٣٩ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٣١ ح ١ ، وذكره في ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١ بسند صحيح ، وفيه غسل الحيض منصوص.

(٣) المستدرك ٢ : ٤٩٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١ ، فقه الرضا : ٨٢. ولعلّ نظر السيد الأُستاذ ( دام ظله ) إلى هذه الرواية ، وفيه كلام.

٣٥

الثاني من الأغسال الزمانية : أغسال ليالي شهر رمضان (*) يستحب الغسل في ليالي الأفراد من شهر رمضان (١) وتمام ليالي العشر الأخيرة (٢) ، ويستحب في ليلة الثالث والعشرين غسل آخر في آخر الليل (٣).

______________________________________________________

(١) لم نقف في ذلك على نص ، وإنما ذكره ابن طاوس وقال : يستحب الغسل على مقتضى الرواية التي تضمنت أن كل ليلة مفردة من جميع الشهر يستحب فيها الغسل (١).

وعليه فمدرك الحكم باستحباب الغسل في ليالي الأفراد رواية مرسلة ادعاها ابن طاوس ، ولم تصل إلينا تلك الرواية ، وهو قدس‌سره وقف على تلك الرواية ، ولا ندري في أي مورد ومصدر وقف عليها والله سبحانه أعلم ، فهذا الغسل لم يثبت استحبابه.

(٢) كما ورد في مرسلة علي بن عبد الواحد النهدي ، حيث روى ابن طاوس بإسناده إلى محمد بن أبي عمير من كتاب علي بن عبد الواحد النهدي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغتسل في شهر رمضان في العشر الأواخر في كل ليلة. ورواه أيضاً من كتاب الأغسال لأحمد بن محمد بن عياش الجوهري (٢).

وهما ضعيفتان بالإرسال وبعدم وضوح حال السند فيما رواه من كتاب الأغسال فهذا غير ثابت الاستحباب أيضاً.

(٣) كما ورد في رواية بريد قال : رأيته اغتسل في ليلة ثلاث وعشرين مرتين مرة‌

__________________

(*) في استحبابها إشكال ، ولكن لا بأس بالإتيان بها رجاء ، نعم قد ثبت استحباب غسل الليلة الاولى من شهر رمضان وليلة السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين.

(١) الإقبال : ١٢١.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٢٦ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٤ ح ١٠ ، ٦ ، وفي الأخير : إذا دخل العشر من شهر رمضان ، الحديث. الإقبال : ١٩٥ ، ٢١.

٣٦

وأيضاً يستحب الغسل في اليوم الأوّل منه (١) فعلى هذا الأغسال المستحبة فيه اثنان وعشرون.

______________________________________________________

أوّل اللّيل ومرّة من آخر اللّيل (١) لكنها ضعيفة السند من جهات ، لعدم صحّة طريق الشيخ إلى إبراهيم بن مهزيار وعدم وثاقة بريد وغير ذلك مما يقف عليه المتتبع ، فهذا الغسل كسابقيه غير ثابت الاستحباب.

كما أن غسل ليلة النصف منه غير ثابت الاستحباب لعدم دلالة الدليل عليه ، وإنما ورد في كلام ابن طاوس قدس‌سره قال : ذكره جماعة من أصحابنا الماضين (٢). وعلله بعضهم بأنها ليلة مباركة والغسل لعله لشرف تلك الليلة. إلاّ أنه وجه اعتباري لا يثبت به الاستحباب ، نعم ورد في مرسلة المفيد في المقنعة على ما نقله السيد ابن طاوس (٣) إلاّ أنها مرسلة ولا يمكن الاعتماد عليها.

وكذلك غسل ليلة الخمس والعشرين والسبع والعشرين والتسع والعشرين لم يثبت استحبابها ، لأنها على ما ذكر ابن طاوس وردت فيما رواه علي بن عبد الواحد في كتابه بإسناده إلى عيسى بن راشد وإلى حنان بن سدير (٤).

إلاّ أنهما ضعيفتان ، لعدم العلم بحال طريقه إلى علي بن عبد الواحد وأسناد صاحب الكتاب إلى من يروي عنه كابن راشد وابن سدير.

(١) دلّت عليه موثقة سماعة حيث ورد فيها : « وغسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب » (٥) إلاّ أنها كما ترى تشتمل على استحبابه في أول ليلة منه لا في اليوم الأوّل منه.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣١١ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٥ ح ١.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٢٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٤ ح ١ ، الإقبال : ١٤ ، وهو صريح في استحباب الغسل في ليلة النصف ، لكنه مرسل.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٢٦ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٤ ح ٩ ، المقنعة : ٥١ ، الإقبال : ١٥٠.

(٤) الوسائل ٣ : ٣٢٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٤ ح ١٢ ، ١٣ ، الإقبال : ٢٢٠ : ٢٢٦.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

٣٧

وقيل باستحباب الغسل في جميع لياليه حتى ليالي الأزواج ، وعليه يصير اثنان وثلاثون ، ولكن لا دليل عليه ، لكن الإتيان لاحتمال المطلوبية في ليالي الأزواج من العَشَرين الأُوليين لا بأس به. والآكد منها ليالي القدر وليلة النصف وليلة سبعة عشر والخمس وعشرين والسبع وعشرين والتسع وعشرين منه.

______________________________________________________

والذي ثبت استحبابه من أغسال شهر رمضان خمسة أغسال : غسل ليلة تسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وقد دلّ عليها صحيح محمد بن مسلم (١) وصحيح سليمان بن خالد (٢) وصحيح محمد بن مسلم الآخر عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « الغسل في سبعة عشر موطناً : ليلة سبع عشرة من شهر رمضان وهي ليلة التقى الجمعان ، وليلة تسع عشرة وفيها يكتب الوفد وفد السنة ( وفد الله ) وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي أُصيب فيها أوصياء الأنبياء وفيها رفع عيسى بن مريم وقبض موسى عليهم‌السلام وليلة ثلاث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر ... » (٣). وغسل ليلة سبع عشرة من شهر رمضان لصحيح محمد بن مسلم المتقدم ، وغسل الليلة الأُولى منه لموثقة سماعة المتقدمة (٤). وأما غير هذه الليالي فلم يثبت استحبابه لما تقدّم.

تبقى ليلة أربع وعشرين ، ففي الوسائل بعد ما روى عن الصدوق عن أبي جعفر عليه‌السلام « الغسل في سبعة عشر موطناً : ليلة سبعة عشر من شهر رمضان وليلة تسعة عشر ، وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ... إلخ ». قال : وفي الخصال عن أبيه ... عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله ، وزاد : « وغسل الميِّت » ، ثم قال وقال عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال لي أبو عبد الله‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٥.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٢. ولا بدّ من مراجعة طريق ابن طاوس إلى كتاب عبد الواحد.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٠٧ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١.

(٤) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

٣٨

[١٠٤٥] مسألة ١٥ : يستحب أن يكون الغسل في اللّيلة الأُولى واليوم الأوّل من شهر رمضان في الماء الجاري كما أنه يستحب أن يصبّ على رأسه قبل الغسل أو بعده ثلاثين كفاً من الماء ليأمن من حكة البدن ، ولكن لا دخل لهذا العمل بالغسل بل هو مستحب مستقل.

[١٠٤٦] مسألة ١٦ : وقت غسل الليالي تمام اللّيل وإن كان الأولى إتيانها أوّل اللّيل بل الأولى إتيانها قبل الغروب أو مقارناً له ليكون على غسل من أول اللّيل إلى آخره ، نعم لا يبعد في ليالي العشر الأخير رجحان إتيانها بين المغرب والعشاء لما نقل من فعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد مرّ أن الغسل الثاني في ليلة الثالثة والعشرين في آخره.

______________________________________________________

( عليه‌السلام ) : « اغتسل في ليلة أربعة وعشرين ، وما عليك أن تعمل في الليلتين جميعاً » (١).

فان كان ضمير « ثم قال » راجعاً إلى محمد بن مسلم وكان تتمة للرواية السابقة التي رواها عن الخصال فهي رواية صحيحة ، ومعه لا بدّ من الالتزام باستحباب الغسل ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان ، وإذا كان مرجع الضمير هو الصدوق في الخصال فهي رواية مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها ، وحيث إن الأمر مجمل مردد بين الأمرين فلا يمكن الاستدلال بها.

وفي جامع الأحاديث (٢) للسيد البروجردي قدس‌سره نقل الرواية عن حريز بالسند المذكور في الوسائل ، ومعه لا بدّ من الالتزام بالاستحباب لصحّة الرواية بحسب السند ، وعلى كل حال لا بدّ من مراجعة الخصال ليظهر حال السند.

وقد راجعنا الخصال وظهر أن الصحيح كما ذكره السيد البروجردي قدس‌سره لأنه بعد ما نقل عن حريز أنه قال : قال محمد بن مسلم ، إلى آخر الرواية قال : ثم قال‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٥ ، الخصال ٢ : ٥٠٨.

(٢) جامع أحاديث الشيعة ٣ : ٥٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٦.

٣٩

[١٠٤٧] مسألة ١٧ : إذا ترك الغسل الأوّل في اللّيلة الثالثة والعشرين في أوّل اللّيل لا يبعد كفاية الغسل الثاني عنه والأولى أن يأتي بهما آخر اللّيل برجاء المطلوبية خصوصاً مع الفصل بينهما. ويجوز إتيان غسل واحد بعنوان التداخل وقصد الأمرين.

[١٠٤٨] مسألة ١٨ : لا تنقض هذه الأغسال أيضاً بالحدث الأكبر والأصغر كما في غسل الجمعة.

الثالث : غسل يومي العيدين : الفطر والأضحى وهو من السنن المؤكدة حتى أنه ورد في بعض الأخبار : أنه لو نسي غسل يوم العيد حتى صلّى إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته. وفي خبر آخر : عن غسل الأضحى فقال عليه‌السلام : « واجب إلاّ بمنى » وهو منزل على تأكد الاستحباب لصراحة جملة من الأخبار في عدم وجوبه (١).

______________________________________________________

قال عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « اغتسل في ليلة أربعة وعشرين ... إلخ » وهو ظاهر في رجوع الضمير إلى حريز ، ثم بعد ذلك قال الصدوق ... رجع الحديث إلى محمد بن مسلم.

وعلى الجملة : لا بدّ من الالتزام باستحباب الغسل في ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان أيضاً ، وهو يغني عن الوضوء على المختار.

(١) لا إشكال في استحباب غسل العيدين. وتدل عليه موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « وغسل يوم الفطر وغسل يوم الأضحى سنّة لا أُحب تركها » وغيرها من الأخبار (١).

وأمّا ما ورد فيما رواه علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر ، قال : سنّة وليس بفريضة » (٢) فلا دلالة فيه على‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ وأكثر أخبار الباب ، ٣٢٨ ب ١٥.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٢٩ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٦ ح ١.

٤٠