العقائد الإسلاميّة - ج ٣

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الإسلاميّة - ج ٣

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-120-6
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٤٩٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وكثير من المؤمنين الصالحين .

وقيل إن نفي الشفاعة في هذه الآية يختص باليهود من بني إسرائيل ، لأنهم ادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه وأولاد أنبيائه ، وأن آباءهم يشفعون إليه ، فآيسهم الله من ذلك فأخرج الكلام مخرج العموم والمراد به الخصوص .

ـ تفسير التبيان ج ٣ ص ٢١

قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا . . . قال الحسن والضحاك وقتادة وابن زيد وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام : إنهم اليهود والنصارى في قولهم : نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ، وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ .

قال الزجاج : اليهود جاؤوا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأولادهم الأطفال فقالوا : يا محمد أعلى هؤلاء ذنوب ؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ، فقالوا : كذلك نحن ما نعمل بالليل يغفر بالنهار وما نعمل بالنهار يغفر بالليل ، فقال الله تعالى : بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ . وقال : مجاهد وأبو مالك : كانوا يقدمونهم في الصلاة ويقولون : هؤلاء لا ذنب لهم . وقال ابن عباس : كانوا يقولون : أطفالنا يشفعون لنا عند الله .

ـ تفسير التبيان ج ٣ ص ٢٢٢

وافتراؤهم الكذب على الله هاهنا المراد به تزكيتهم لأنفسهم بأنا أبناء الله وأحباؤه ، وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى ، ذكره ابن جريج . وقوله : وكفى به إثماً مبيناً ، معناه تعظيم إثمه ، وإنما يقال كفى به في العظم على جهة المدح أو الذم كقولك كفى بحال المؤمن نبلاً ، وكفى بحال الكافر إثماً .

ـ تفسير التبيان ج ٣ ص ٧٦

وقوله : ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا . . . قال البلخي : إنهم قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه وأهل الصوم والصلاة . وليسوا بأولياء الله ولا أحباؤه ولا أهل الصلاة

٤١
 &

والصيام ، ولكنهم أهل شرك ونفاق . وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام . . .

ـ تفسير نور الثقلين ج ١ ص ٤٨٩

في نهج البلاغة من كلام له عليه‌السلام يصف فيه المتقين : لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير ، فهم لأنفسهم متهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إذا زُكِّيَ أحد منهم خاف مما يقال له ، فيقول أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي من نفسي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون . انتهى .

*       *

هذا ، والآيات والأحاديث في تحريفات اليهود للشفاعة ومقولاتهم فيها كثيرة ، وسوف نرى أن بعض الصحابة قد أخذوا أفكار اليهود وتحريفاتهم للشفاعة حرفاً بحرف ، حَذْوَ القُذَّةِ بالقذة ، والنعل بالنعل . . كما أخبر به الصادق الأمين صلى‌الله‌عليه‌وآله !

*       *

٤٢
 &

الفصل الثالث الشفاعة عند عرب الجاهلية

تدل آيات القرآن الكريم على أن عبادة العرب للأصنام كانت على أساس أنها رموز لمخلوقات مقربة عند الله تعالى تشفع لهم عنده . قال الله عز وجل :

ـ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ . الروم ١٢ ـ ١٣

ـ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ . إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ يس ٢٣ ـ ٢٤

ـ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ . قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ . الزمر ٤٣ ـ ٤٥

٤٣
 &

ـ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ . الزمر ٣ ـ ٤

ـ رسائل الشريف المرتضى ج ٣ ص ٢٢٣

حكى أبو عيسى الوراق في كتابه كتاب المقالات أن العرب صنوف شتى : صنف أقر بالخالق وبالإبتداء والإعادة وأنكروا الرسل وعبدوا الأصنام ، زعموا لتقربهم إلى الله زلفى ومعبراً إليها ، ونحروا لها الهدايا ونسكوا لها النسائك ، وأحلوا لها وحرموا .

ومنهم صنف أقروا بالخالق وبابتداء الخلق وأنكروا الإعادة والبعث والنشور .

ومنهم صنف أنكروا الخالق والبعث والإعادة ، ومالوا إلى التعطيل والقول بالدهر ، وهم الذين أخبر القرآن عن قولهم : مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ . ومنهم صنف مالوا إلى اليهودية ، وآخر إلى النصرانية .

ـ رسائل الشريف المرتضى ج ٣ ص ٢٢٨

وقد عبد الأصنام قوم من الأمم الماضية من أهل الهند والسند وغيرها ، وقد أخبر الله تعالى عن قوم نوح أنهم عبدوها أيضاً فقال : لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا . . . وكان ( سواع ) لهذيل وكان برهاط وكان بدومة الجندل ، وكان ( يغوث ) لمذحج ولقبائل اليمن ، وكان ( نسر ) لذي الكلاع بأرض حمير ، وكان ( يعوق ) لهمدان ، وكانت ( اللات ) لثقيف وكانت بالطائف ، وكانت ( العزى ) لقريش وجميع بني كنانة وسدنتها من بني سليم ، وكانت ( مناة ) للأوس والخزرج وغسان وكانت بالمسلك ، وكان ( الهبل ) أعظم أصنامهم عند أنفسهم وكان على الكعبة . وكان ( أساف ونائلة ) على الصفا والمروة ، ووضعهما عمرو بن يحيى فكان يذبح عليهما تجاه الكعبة .

٤٤
 &

ـ مجمع الزوائد ج ٧ ص ١١٥

عن ابن عباس أن العزى كانت ببطن نخلة ، وأن اللات كانت بالطائف ، وأن مناة كانت بقديد ، قال علي بن الجعد : بطن نخلة هو بستان بني عامر .

ـ تفسير القمي ج ٢ ص ٢٥٠

قوله : أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ، يعني الأصنام ليشفعوا لهم يوم القيامة ، وقالوا إن فلاناً وفلاناً يشفعون لنا عند الله يوم القيامة . وقوله : قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ، قال : لا يشفع أحد إلا بإذن الله تعالى .

ـ تفسير القمي ج ٢ ص ٢٨٩

وقال علي بن ابراهيم : وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ ، قال : هم الذين قد عبدوا في الدنيا ، لا يملكون الشفاعة لمن عبدهم .

ـ تفسير التبيان ج ٤ ص ٢٠٧

وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ . . . يقول تعالى لهؤلاء الكفار : مَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ، الذين كنتم تزعمون في الدنيا أنهم يشفعون لكم عند ربكم يوم القيامة . وقال عكرمة : إن الآية نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة حيث قال : سوف يشفع فيَّ اللات والعزى ، فنزلت الآية .

وقوله : لقد تقطع بينكم ، أي وصلكم . وضل عنكم ما كنتم تزعمون ، أي جار عن طريقكم ما كنتم تزعمون من آلهتكم أنه شريك لله تعالى ، وأنه يشفع لكم عند ربكم ، فلا شفيع لكم اليوم .

ـ تفسير التبيان ج ٩ ص ٣٣

ثم أخبر عن هؤلاء الكفار فقال ( أَمِ اتَّخَذُوا ) معناه بل اتخذ هؤلاء الكفار ( مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ) بزعمهم من الأصنام والأوثان فقال ( قُلْ ) لهم يا محمد : أو لو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون ، تنبيهاً لهم على أنهم يتخذونهم شفعاء وإن كانوا لا يقدرون على شيء من الشفاعة ، ولا غيرهما ولا يعقلون شيئاً . والألف في ( أَوَلَوْ )

٤٥
 &

ألف الإستفهام يراد به التنبيه .

ثم قال ( قُل ) لهم يا محمد ( لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أي الشفاعة لمن له التدبير والتصرف في السموات والأرض ، ليس لأحد الإعتراض عليه في ذلك .

ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، معاشر الخلق أي إلى حيث لا يملك أحد التصرف والأمر والنهي سواه ، وهو يوم القيامة فيجازي كل إنسان على عمله على الطاعات بالثواب وعلى المعاصي بالعقاب .

ـ الدر المنثور ج ٣ ص ٣٠٢

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا . . . أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال قال النضر : إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى ، فأنزل الله تعالى : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ . ومثله في ج ٣ ص ٨

ـ الدر المنثور ج ٥ ص ٣٢٩

قوله تعالى : أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ . . أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي‌الله‌عنه في قوله : أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قال : الآلهة .

ـ الدر المنثور ج ٣ ص ١٤٩

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ قال : اشتقوا العزى من العزيز ، واشتقوا اللات من الله .

مكانة اللات والعزى عند مشركي العرب

كان لصنمي اللات والعزى مكانة عظيمة عند قريش خاصة ، وعند بعض قبائل العرب ، ويليهما صنم مناة ، أما هبل فهو وإن كان الإلۤه الأكبر عندهم ولكن ارتباطهم المباشر وقَسَمَهُم الرسمي ومراسم عبادتهم الأساسية إنما كانت لللات والعزى ، وليس لهبل . .

٤٦
 &

ـ قال المحدث البحراني في حلية الأبرار ج ١ ص ١٢٧

الشيخ في أماليه بإسناده عن ابن عباس قال : وقف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على قتلى بدر فقال : جزاكم الله من عصابة شراً ! لقد كذَّبتموني صادقاً ، وخوَّنتموني أميناً . ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام فقال : إن هذا أعتى على الله من فرعون ! إن فرعون لما أيقن بالهلاك وَحَّدَ الله ، وهذا لما أيقن بالهلاك دعا باللات والعزى ! ! راجع أمالي الطوسي ج ١ ـ ٣١٦ ـ والبحار ج ١٩ ـ ٢٧٢ ح ١١ ومثله في مجمع الزوائد ج ٦ ص ٩١ )

ـ وقال في مجمع الزوائد ج ٦ ص ٢١

وعن رجل من بني مالك بن كنانة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز يتخللها يقول : يا أيها الناس قولوا لا إلۤه إلا الله تفلحوا ، قال وأبو جهل يحثي عليه التراب ويقول : لا يغوينكم هذا عن دينكم فإنما يريد لتتركوا آلهتكم وتتركوا اللات والعزى ، وما يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قلت : إنعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : بين بردين أحمرين ، مربوع ، كثير اللحم ، حسن الوجه ، شديد سواد الشعر ، أبيض شديد البياض ، سابغ الشعر . رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح .

ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٨

وأخرج أبونعيم في الدلائل عن ابن عباس قال : ما كان أبو لهب إلا من كفار قريش ، ما هو حتى خرج من الشعب حين تمالأت قريش حتى حصرونا في الشعب وظاهرهم ، فلما خرج أبو لهب من الشعب لقي هنداً بنت عتبة بن ربيعة حين فارق قومه فقال : يا ابنة عتبة هل نصرتُ اللات والعزى ؟ قالت : نعم فجزاك الله خيراً يا أبا عتبة ! قال : إن محمداً يعدنا أشياء لا نراها كائنة ، يزعم أنها كائنة بعد الموت فما ذاك ! وصنع في يدي ثم نفخ في يديه ، ثم قال : تباً لكما ما أرى فيكما شيئاً مما يقول محمد ! فنزلت : تبت يدا أبي لهب . قال ابن عباس : فحصرونا في الشعب ثلاث سنين وقطعوا عنا الميرة ، حتى أن الرجل ليخرج منا بالنفقة فما يبايع حتى يرجع ، حتى هلك فينا من هلك ! !

٤٧
 &

اليمين الرسمي المقدس عند قريش باللات والعزى

ـ روى الحاكم في المستدرك ج ١ ص ١٦٣

عن ابن عباس قال دخلت فاطمة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي تبكي فقال : يا بنية ما يبكيك قالت : يا أبت ما لي لا أبكي وهؤلاء الملأ من قريش في الحجر يتعاقدون باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى لو قد رأوك لقاموا إليك فيقتلونك ، وليس منهم رجل إلا وقد عرف نصيبه من دمك ! فقال يا بنية إئتني بوضوء فتوضأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم خرج إلى المسجد فلما رأوه قالوا : ها هوذا ، فطأطأوا رؤوسهم وسقطت أذقانهم بين يديهم ، فلم يرفعوا أبصارهم ! فتناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبضة من تراب فحصبهم بها وقال : شاهت الوجوه ، فما أصاب رجلاً منهم حصاة من حصاته إلا قتل يوم بدر كافراً . هذا حديث صحيح ، قد احتجا جميعاً بيحيى بن سليم . واحتج مسلم بعبد الله بن عثمان بن خثيم ولم يخرجاه . انتهى . ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٨ ص ٢٢٨ وقال : رواه أحمد بإسنادين ، ورجال أحدهما رجال الصحيح .

ـ وروى العياشي في تفسيره ج ٢ ص ٢٥٩

عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ ، قال : ما يقولون فيها ؟ قلت : يزعمون أن المشركين كانوا يحلفون لرسول الله أن الله لا يبعث الموتى . قال : تباً لمن قال هذا ، ويلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى ؟ قلت : جعلت فداك فأوجدنيه أعرفه . قال : لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوماً من شيعتنا قَبَايِعُ سيوفهم على عواتقهم ، فيبلغ ذلك قوماً من شيعتنا لم يموتوا فيقولون : بعث فلان وفلان من قبورهم مع القائم ، فيبلغ ذلك قوماً من أعدائنا فيقولون : يا معشر الشيعة ما أكذبكم ! هذه دولتكم وأنتم تكذبون فيها ، لا والله ما عاشوا ولا تعيشوا إلى يوم القيامة ، فحكى الله قولهم فقال : وأقسموا بالله جهد أيمانهم . انتهى .

٤٨
 &

وتدل مصادر الفقه على أن عادة القسم باللات والعزى بقيت في أذهان القرشيين وعلى ألسنتهم حتى بعد إسلامهم ! فقد روى البخاري في صحيحه ج ٦ ص ٥١ : عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إلۤه إلا الله . ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق . انتهى .

ورواه في أربعة مواضع أخرى في ج ٧ ص ٩٧ وص ١٤٤ وص ٢٢٢ و ٢٢٣ ، ورواه مسلم في ج ٥ ص٨١ وص ٨٢ ، ورواه ابن ماجة في ج ١ ص ٦٧٨ ، وروى بعده عن مصعب بن سعد عن سعد بن أبي وقاص ! قال : حلفت باللات والعزى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل : لا إلۤه إلا الله وحده لا شريك له ، ثم انفث عن يسارك ثلاثاً ، وتعوَّذ ولا تعد . ورواه أبو داود في ج ٢ ص ٩٠ ، والترمذي في ج ٣ ص ٤٦ وص ٥١ ، والنسائي في ج ٧ ص ٧ ، وأحمد في ج ١ ص ١٨٣ و ١٨٦ وج ٢ ص ٣٠٩ ، والبيهقي في سننه ج ١ ص ١٤٩ وج ١٠ ص ٣٠ ، ومالك في المدونة ج ٢ ص ١٠٨

ـ وأفتى به ابن حزم في المحلى ج ٨ ص ٥١ ، وابن قدامة في المغني ج ١ ص ١٦٩ وج ١١ ص ١٦٢ ، وعلله في ج ١١ ص ١٦٣ بقوله :

لأن الحلف بغير الله سيئة والحسنة تمحو السيئة ، وقد قال الله تعالى : إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها . ولأن من حلف بغير الله فقد عظم غير الله تعظيماً يشبه تعظيم الرب تبارك وتعالى ، ولهذا سمي شركاً لكونه أشرك غير الله مع الله تعالى في تعظيمه بالقسم به ، فيقول لا إلۤه إلا الله توحيداً لله تعالى وبراءة من الشرك .

اعتقاد قريش بنفع اللات والعزى وضرهما

ـ مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٠٢ عن امرأة يقال لها زهرة قال :

أسلمت فأصيب بصرها ، فقالوا لها أصابك اللات والعزى ، فرد صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها بصرها فقالت قريش : لو كان ما جاء محمد خيراً ما سبقتنا إليه زهرة ! فنزل : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ .

٤٩
 &

ـ مسند أحمد ج ١ ص ٢٦٤

عن عبد الله بن عباس قال : بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله ، ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه ، وكان ضمام رجلاً جلداً أشعر ذا غريرتين ، فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه فقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا ابن عبد المطلب . قال محمد ؟ قال نعم فقال : يا ابن عبد المطلب إني سائلك ومغلظ في المسألة فلا تجدن في نفسك . قال : لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك . قال : أنشدك الله إلۤهك وإلۤه من كان قبلك وإلۤه من هو كائن بعدك ، آلله بعثك إلينا رسولاً ؟ فقال : اللهم نعم . قال : فأنشدك الله إلۤهك وإلۤه من كان قبلك وإلۤه من هو كائن بعدك آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده لا نشرك به شيئاً وأن نخلع هذه الأنداد التي كانت آباؤنا يعبدونها معه ؟ قال : اللهم نعم . قال : فأنشدك الله إلۤهك وإلۤه من كان قبلك وإلۤه من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس ؟ قال : اللهم نعم . قال ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي قبلها ، حتى إذا فرغ قال : فإني أشهد أن لا إلۤه إلا الله وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله ، وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص .

قال ثم انصرف راجعاً إلى بعيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولى : إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة . قال فأتى إلى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه ، فكان أول ما تكلم به أن قال : بئست اللات والعزى ! قالوا مه يا ضمام ، إتق البرص والجذام ، إتق الجنون . قال : ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله عز وجل قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إلۤه إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، إني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه . قال فوالله ما أمسى من

٥٠
 &

ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلماً !

قال يقول ابن عباس : فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة .

مصادرنا تروي بغض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصنام قريش

ـ كمال الدين وتمام النعمة ص ١٨٤

قال بحيرى : يا غلام أسألك عن ثلاث خصال بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتنيها . فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذكر اللات والعزى وقال : لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئاً كبغضهما ، وإنما هما صنمان من حجارة لقومي ! فقال بحيرى : هذه واحدة ، ثم قال : فبالله إلا ما أخبرتني ، فقال : سل عما بدا لك فإنك قد سألتني بإلۤهي وإلۤهك الذي ليس كمثله شيء ، فقال : أسألك عن نومك ويقظتك ، فأخبره عن نومه ويقظته وأموره وجميع شأنه ، فوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته التي عنده ، فانكب عليه بحيرى فقبل رجليه وقال : يا بني ما أطيبك وأطيب ريحك ، يا أكثر النبيين أتباعاً . . .

ـ الخرائج والجرائح ج ١ ص ٧١

في خبر الراهب بحيرى مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال : يا غلام أتخبرني عن أشياء أسألك عنها قال : سل . قال : أنشدك باللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه ، وإنما أراد أن يعرف لأنه سمعهم يحلفون بهما فذكروا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال له : لا تسألني باللات والعزى فإني والله لم أبغض بغضهما شيئاً قط . قال : فبالله إلا أخبرتني عما أسألك عنه قال : فجعل يسأله عن حاله في نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره فكان يجدها موافقة لما عنده . . . فأخذه الإفكل وهو الرعدة واهتز الديراني فقال : من أبو هذا الغلام ؟ قال أبو طالب : هو ابني . قال : لا والله لا يكون أبوه حياً . قال أبو طالب : إنه ابن أخي . قال : فما فعل أبوه قال : مات وهو ابن شهرين . قال صدقت ! ـ ـ ـ وروى في ج ٣ ص ١٠٨٩ تتمة قول الراهب : كأني بك قد قدت الأجناب والخيل وقد تبعك العرب والعجم طوعاً وكرها ، وكأني باللات والعزى قد كسرتهما وقد صار

٥١
 &

البيت العتيق تضع مفاتيحه حيث تريد . . . معك الذبح الأكبر وهلاك الأصنام . أنت الذي لا تقوم الساعة حتى تدخل المملوك كلها في دينك صاغِرَةً قَمِئَة .

وتمسك سدنة اللات والعزى بهما إلى آخر نفس

ـ شرح الأخبار ج ٢ ص ١٦٣

ولما فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الطائف سأله أهلها أن يدع لهم اللات ـ وكانوا يعبدونها ـ لمدة ذكروها وقالوا : إنا نخشى في هدمها سفهاءنا ، فأبى عليهم .

ـ مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٥٢

ابن عباس في قوله : وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا ، قال وفد ثقيف : نبايعك على ثلاث : لا ننحني ، ولا نكسر إلۤهاً بأيدينا ، وتمتعنا باللات سنة . فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود ، فأما كسر أصنامكم بأيديكم فذاك لكم ، وأما الطاغية اللات فإني غير ممتعكم بها .

وحطم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كل الأصنام

ـ مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٣٩٩

وحدثني أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، عن اسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أبي بكر البيهقي بإسناده عن أبي مريم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إحملني لنطرح الأصنام عن الكعبة ، فلم أطق حمله ! فحملني فلو شئت أتناول السماء فعلت ! وفي خبر والله لو شئت أن أنال السماء بيدي لنلتها .

وروى القاضي أبو عمرو عثمان بن أحمد ، عن شيوخ بإسناده عن ابن عباس قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : قم بنا إلى الصنم في أعلى الكعبة لنكسره ، فقاما جميعاً فلما أتياه قال له النبي : قم على عاتقي حتى أرفعك عليه ، فأعطاه علي ثوبه فوضعه رسول الله على عاتقه ثم رفعه حتى وضعه على البيت ، فأخذ علي الصنم وهو من نحاس فرمى به من فوق الكعبة . . .

٥٢
 &

ـ حلية الأبرار ج ٢ ص ١٢٥

عن علي عليه‌السلام : أنا الذي قال فيَّ الأمين جبرئيل عليه‌السلام : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، أنا صاحب فتح مكة ، أنا كاسر اللات والعزى ، أنا هادم الهبل الأعلى ، ومناة الثالثة الأخرى ، أنا علوت على كتف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكسرت الأصنام ، أنا الذي كسرت يغوث ويعوق ونسراً .

واخترعت قريش قصة الغرانيق انتصاراً لللات والعزى

قال الله عز وجل : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ . فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ . فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ . مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ . أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ . وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ . عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ . عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ . مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ . لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ . أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ . وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ . أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ . تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ، إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ . أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ . إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَىٰ . وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا . فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَىٰ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى . النجم ٨ ـ ٣١

نزلت هذه الآيات في مكة بعد مرحلة ( أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) وبعد مرحلة ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ) وإعلان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دعوته لجميع الناس ودخول عدد من المستضعفين في الإسلام وتضييق قريش عليهم وتعذيبهم ، وهجرة بعضهم إلى

٥٣
 &

الحبشة . . ومن الواضح أن الصراع في تلك المرحلة كان يتفاقم بين الإسلام والمشركين ، وكان أهم ما يتسلح به المشركون ويطرحونه سبباً لمقاومتهم الإسلام هو ( أن محمداً قد سبَّ آلهتنا وسفَّه أحلامنا ) .

وقد كان موقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من آلهتهم موقفاً صريحاً قوياً لا مساومة فيه ولا مهادنة . . وقد اتضح ذلك من السور الأولى للقرآن ، وآياتها القاطعة في مسألة الأصنام . . ولم تكن سورة النجم إلا استمراراً لذلك الخط الرباني الصريح القوي ، بل هي الحسم الإلۤهي النهائي في المسألة ، ووضع النقاط على الحروف بتسمية أصنام قريش المفضلة ( اللات والعزى ومناة ) بأسمائها ، وإسقاطها إلى الأبد !

ومن الطبيعي أن تكون هذه الآيات شديدة جداً على قريش ، وأن تثير كبرياءها وعواطفها لأصنامها ، وأن تقوم بردة فعل بأشكال متعددة . وقصة الغرانيق ما هي إلا واحدة من ردات الفعل القرشية . . !

لكن متى اختُرِعَتْ ومن اخترعها ؟ !

يغلب على الظن ما ذكره الشريف المرتضى من أن المشركين عبدة هذه الأصنام الثلاثة لما سمعوا ذمها في آيات السورة حرَّفَ بعضهم الآيات ، ووضع بعد أسماء الأصنام الثلاثة عبارة ( تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى ) فأعجب ذلك القرشيين ، وتمنوا لو يضاف هذا المديح لآلهتهم في السورة !

ولكن كيف يمكن ذلك ؟ وكيف ينسجم مع السياق ، والسياق كله حملة شديدة على فكر الأصنام وأهلها ؟ ! !

هكذا ولدت قصة الغرانيق على ألسنة القرشيين ، ولكنها كانت هذياناً ولغواً في القرآن من قريش المشركة لا أكثر !

ولكن الجريمة الكبرى عندما حولت قريش المنافقة هذا اللغو في القرآن الى آيات الغرانيق واتهمت بها النبي بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله لإثبات أنه لم يكن معصوماً عصمة مطلقة لتكون كل تصرفاته وأقواله حجة ، بل كان يخطىء حتى في تبليغ الوحي ! وفي

٥٤
 &

ذلك فوائد عديدة لقريش للإلتفاف على أوامر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتبرير أخطاء حكامها ومخالفاتهم لسنته ! !

وهكذا سجلت مصادر السنيين قصة الغرانيق التي تزعم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد ارتكب خيانة والعياذ بالله في نص القرآن ، وشهد بالشفاعة لأصنام اللات والعزى ومناة ، وسجد لها لكي ترضى عنه قريش !

وقد طار منافقو قريش بهذه القصة فرحاً ، ثم طار بها فرحاً ورثتهم الغربيون ! !

وقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٦ ص ٣٢ بعض روايات الغرانيق ، وروى السيوطي عدداً وافراً منها في الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٤ وص ٣٦٦ وبعضها صحيح السند ، خلافاً لمن برّأ منها الرواة المعتمدين عند حكام قريش ! قال السيوطي في ص ٣٦٦ :

وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الاخرى تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ! ففرح المشركون بذلك وقالوا قد ذكر آلهتنا ! فجاء جبريل فقال : إقرأ عليَّ ما جئتك به ، فقرأ : أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ! فقال ما أتيتك بهذا ، هذا من الشيطان ! ! فأنزل الله : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى . . إلى آخر الآية . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح عن سعيد بن جبير . . . الخ . ! ! انتهى .

وقد ورد في بعض رواياتهم الإفتراء على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنه سجد للأصنام ! ( فقال : وإنهن لهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى ، فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته ، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة ، وذلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها ، وقالوا إن محمداً قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه . فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر النجم سجد وسجد كل من حضر من مسلم

٥٥
 &

ومشرك ، ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة فأنزل الله : وما أرسلنا من قبلك . . . ) .

وفي بعضها ( ألقى الشيطان على لسانه : وهي الغرانيق العلى شفاعتهن ترتجى فلما فرغ من السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون إلا أبا أحيحة سعيد بن العاص فإنه أخذ كفاً من تراب فسجد عليه وقال : قد آن لابن أبي كبشة أن يذكر آلهتنا بخير ، فبلغ ذلك المسلمين الذين كانوا بالحبشة أن قريشاً قد أسلمت ، فأرادوا أن يُقْبِلوا واشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه ما ألقى الشيطان على لسانه فأنزل الله : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ . . الآية ) انتهى .

وقد تجرأ بعض العلماء السنيين وردُّوا روايات الغرانيق ولكنهم ضعفوا سندها رغم صحته عندهم ، من أجل أن لا يطعنوا في مؤلفي صحاحهم والموثقين من رواتهم !

ـ قال المجلسي في بحار الأنوار ج ١٧ ص ٥٦ :

قوله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ . . . قال الرازي : ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية أن الرسول لما رأى إعراض قومه عنه شق عليه ما رأى من مباعدتهم عما جاءهم به تمنى في نفسه أن يأتيهم من الله ما يقارب بينه وبين قومه ، وذلك لحرصه على إيمانهم فجلس ذات يوم في ناد من أندية قريش كثير أهله وأحب يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء ينفروا عنه وتمنى ذلك ! فأنزل تعالى سورة وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ! فلما سمعت قريش فرحوا ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته وقرأ السورة كلها ، فسجد المسلمون لسجوده وسجد جميع من في المسجد من المشركين ، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد ، سوى الوليد بن المغيرة وسعيد بن العاص ، فإنهما أخذا حفنةً من البطحاء ورفعاها إلى جبهتيهما وسجدا عليها ، لأنهما كانا

٥٦
 &

شيخين كبيرين لم يستطيعا السجود ، وتفرقت قريش وقد سرهم ما سمعوا وقالوا : قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر ، فلما أمسى رسول الله أتاه جبرئيل فقال : ماذا صنعت ! تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله ، وقلت ما لم أقل لك ! فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً وخاف من الله خوفاً عظيماً حتى نزل قوله : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ . . الآية .

هذا رواية عامة المفسرين الظاهريين ، وأما أهل التحقيق فقد قالوا : هذه الرواية باطلةٌ موضوعةٌ واحتجوا بالقرآن ، والسنة ، والمعقول ، أما القرآن فوجوه :

أحدها : قوله تعالى : وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ .

وثانيها : قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ .

وثالثها : قوله : وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ .

فلو أنه قرأ عقيب هذه الآية تلك الغرانيق العلى لكان قد أظهر كذب الله تعالى في الحال ، وذلك لا يقول به مسلم .

ورابعها : قوله تعالى : وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ، وكاد معناه قرب أن يكون لأمر كذلك مع أنه لم يحصل .

وخامسها : قوله : وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ ، وكلمة ( لَوْلَا ) تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره ، فدل على أن الركون القليل لم يحصل .

وسادسها : قوله : كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ .

وسابعها : قوله : سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ .

وأما السنة فهي أنه روي عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة فقال : هذا من وضع الزنادقة ، وصنف فيه كتاباً .

وقال الإمام أبو بكر البيهقي : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ، ثم أخذ يتكلم في أن رواة هذه القصة مطعونون ، وأيضاً فقد روى البخاري في صحيحه أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ

٥٧
 &

سورة ( وَالنَّجْمِ ) وسجد فيها المسلمون والمشركون والإنس والجن وليس فيه حديث الغرانيق ، وروي هذا الحديث من طرق كثيرة وليس فيها البتة حديث الغرانيق .

وأما المعقول فمن وجوه : أحدها : أن من جوز على الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيم الأوثان فقد كفر ، لأن من المعلوم بالضرورة أن أعظم سعيه صلى الله عليه وسلم كان في نفي الأوثان .

وثانيها : أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يمكنه في أول الأمر أن يصلي ويقرأ القرآن عند الكعبة آمناً لأذى المشركين له ، حتى كانوا ربما مدوا أيديهم إليه ، وإنما كان يصلي إذا لم يحضروها ليلاً أو في أوقات خلوة ، وذلك يبطل قولهم .

وثالثها : أن معاداتهم للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت أعظم من أن يقروا بهذا القدر من القراءة دون أن يقفوا على حقيقة الأمر ، فكيف أجمعوا على أنه عظم آلهتهم حتى خروا سجداً ، مع أنه لم يظهر عندهم موافقته لهم .

ورابعها : قوله : فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ، وذلك أن أحكام الآيات بإزالة تلقية الشيطان عن الرسول أقوى من نسخه بهذه الآيات التي تنتفي الشبهة معها ، فإذا أراد الله تعالى إحكام الآيات لئلا يلتبس ما ليس بقرآن قرآناً ، فبأن يمنع الشيطان من ذلك أصلاً ، أولى .

وخامسها : وهو أقوى الوجوه : أنا لو جوزنا ذلك ارتفع الأمان عن شرعه ، وجوزنا في كل واحد من الأحكام والشرائع أن يكون كذلك ، ويبطل قوله تعالى : بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، فإنه لا فرق بين النقصان من الوحي وبين الزيادة فيه !

فبهذه الوجوه عرفنا على سبيل الإجمال أن هذه القصة موضوعة ، أكثر ما في الباب أن جمعاً من المفسرين ذكروها لكنهم ما بلغوا حد التواتر . وخبر الواحد لا يعارض الدلائل العقلية والنقلية المتواترة . . . انتهى .

٥٨
 &

ولم يلتفت هذا المفسر الكبير الى أن الآية التي ادعوا أنها نزلت على أثر القصة مدنية ، نزلت بعد النجم بنحو عشر سنوات ! كما لم يلتفت الى أن رواية البخاري وغيره التي ذكرها هي قصة الغرانيق بعينها !

البخاري ومسلم رويا فرية الغرانيق

وينبغي أن نحسن الظن بالرازي وأمثاله الذين دافعوا عن البخاري والصحاح فقالوا إنهم لم يرووا قصة الغرانيق ، حيث لم يقرؤوا الصحاح جيداً ، وإلا لوجدوا فيها قصة الغرانيق بأكثر من رواية ! غاية الأمر أن أصحابها حذفوا منها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله زاد في السورة مدح أصنام المشركين ، ولكنهم ذكروا دليلاً عليه وهو سجود المسلمين والمشركين وحتى سجود أبي أحيحة أو أمية بن خلف أو غيرهما على كف من تراب أو حصى ! ! فإن سجود المشركين بعد سماع القرآن لم ينقله أي مصدر على الإطلاق في أي رواية على الإطلاق ، إلا في رواية الغرانيق ! ومضافاً الى رواية البخاري الفظيعة التي ذكرها الرازي فقد روى البخاري أيضاً في ج ٥ ص ٧ : عن عبد الله رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ والنجم فسجد بها وسجد من معه ، غير أن شيخاً أخذ كفاً من تراب فرفعه إلى جبهته فقال يكفيني هذا ! قال عبد الله : فلقد رأيته بعد قتل كافراً . انتهى . ورواه مسلم في ج ٢ ص ٨٨

ـ وروى البخاري أيضاً في ج ٦ ص ٥٢

عن الأسود بن يزيد عن عبد الله رضي‌الله‌عنه قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة والنجم ، قال فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه إلا رجلاً رأيته أخذ كفاً من تراب فسجد عليه ، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً ، وهو أمية بن خلف .

ـ وقال الحاكم في المستدرك ج ١ ص ٢٢١

عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله قال : أول سورة قرأها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الناس الحج ، حتى إذا قرأها سجد فسجد الناس إلا رجل أخذ التراب فسجد عليه

٥٩
 &

فرأيته قتل كافراً . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين بالإسنادين جميعاً ولم يخرجاه ، إنما اتفقا على حديث شعبة عن أبي اسحاق عن الأسود عن عبد الله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ والنجم فذكره بنحوه ، وليس يعلل أحد الحديثين الآخرين فإني لا أعلم أحداً تابع شعبة على ذكره النجم غير قيس بن الربيع . والذي يؤدي اليه الإجتهاد صحة الحديثين ، والله اعلم .

ومعنى كلام الحاكم : أنه كان الأولى بالبخاري ومسلم أن يرويا رواية السجود في سورة الحج لأنها أصح ، ولكنهما تركاها ورويا رواية سورة النجم ! !

ـ وقال البيهقي في سننه ج ٢ ص ٣١٤

عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها ، يعني والنجم وسجد فيها المسلمون والمشركون والجن والإنس . رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر وغيره ، عن عبد الوارث .

ـ ورواها في مجمع الزوائد ج ٧ ص ١١٥ أيضاً وصححها ، قال :

قوله تعالى ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ ) عن ابن عباس فيما يحسب سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة فقرأ سورة والنجم حتى انتهى إلى ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ ) فجرى على لسانه : تلك الغرانيق العلى الشفاعة منهم ترتجى ، قال فسمع بذلك مشركو أهل مكة فسروا بذلك ، فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ) رواه البزار والطبراني وزاد إلى قوله ( عذاب يوم عقيم ) يوم بدر . ورجالهما رجال الصحيح إلا أن الطبراني قال لا أعلمه إلا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تقدم حديث مرسل في سورة الحج أطول من هذا ، ولكنه ضعيف الإسناد . انتهى .

ويقصد بالرواية الطويلة الضعيفة ما رواه في مجمع الزوائد ج ٧ ص ٧٠ وقد ورد فيها :

حين أنزل الله السورة التي يذكر فيها ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ) فقال المشركون لو كان

٦٠