العقائد الإسلاميّة - ج ٣

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الإسلاميّة - ج ٣

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-120-6
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٤٩٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

المعارف المصرية ، أن المنذر بن ماء السماء ملك المناذرة المعاصر لعبد المطلب ، والذي كان أعظم ملك وثني في العرب ، قد أسر ابن الحارث بن شمر ملك الغساسنة النصراني في حربه معه ، فذبحه قرباناً للعزى ! !

فلعل نذر عبد المطلب أن يذبح واحداً من أولاده لرب البيت سبحانه ، كان تعزيزاً لدين ابراهيم ، ورداً على عمل المنذر ، وإبطالاً لتأثير عمله في تعزيز مكانة صنم العزى !

وأخيراً ، فإن نذر عبد المطلب رضوان الله عليه لم يكن ارتجالاً بل امتد وقته طويلاً ، فقد ذكرت الروايات أنه كان في أيام رؤيته الصادقة في حفر زمزم ، وكان له ولدٌ واحدٌ ، فنذر إن رزقه الله عشرة أولاد وكبروا أن يذبح واحداً منهم قرباناً لله تعالى . . وقد يكون نذره تحقق بعد عشرين سنة أو ثلاثين !

رابعاً : إن خصوم عبد المطلب أحرص الناس على أن يجدوا له مذمة أو منقصة ، وقد رأيت في رواية الحاكم المتقدمة أن معاوية ذكر نذر عبد المطلب ، وأنه كان نذراً لله تعالى مرتبطاً بأمر الله له بحفر زمزم ( قال إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها أن ينحر بعض ولده فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله ، فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا : أرضِ ربك وافدِ ابنك ) .

فقد كان الأمر بحفر زمزم أمراً من الله تعالى وقد انكشفت صحته . . وهذا يقرب أن يكون النذر لله تعالى بأمره سبحانه ، ويشير إليه أن عبد المطلب أخذ أولاده العشرة إلى داخل الكعبة وأقرع بينهم فخرجت القرعة على عبد الله ورضي عبد الله بها واستعد للذبح مختاراً ، وقرر عبد المطلب تنفيذ ذلك كما قرر جده إبراهيم . . ولكن أسرته ومحبيه من قريش وأخوال عبد الله طلبوا منه أن يرضي ربه بفدائه ، فتريث عبد المطلب يومه حتى أمره الله بطريقته التي كان يتلقى بها أن يقرع بين عبد الله وبين فدائه من الإبل ، ويزيد في عدد الفداء حتى تخرج القرعة عليه فيفديه به .

إنه لو كان في عمل عبد المطلب منقصة لشنعوا بها عليه ، ولكنها كرامة زادت من

٤٤١
 &

مكانته في حياته ، وذكرت له باحترام وإجلال حتى من أعدائه بعد وفاته .

بل زادت من تفكير الناس الوثنيين بإلۤه إبراهيم وعبد المطلب ، وهيأتهم للدعوة إلى عبادته بدل أصنامهم .

خامساً : لقد وقع الغفاري في اشتباهين كبيرين : أولهما أنه جعل سند رواية الذبيح المجازي لرواية نذر عبد المطلب وضعفها بسببه ! فإن ابن داهر وأبا قتادة ووكيع لم يردوا في سند رواية النذر عن الإمام الرضا عليه‌السلام ، بل وردوا في رواية أن الذبيح المجازي إسحاق ! وقد التبس الأمر عليه لأن الصدوق ذكر مضمونها قبل سندها ، فيكون الأستاذ الغفاري قد ضعف دليله متصوراً أنه ضعف رواية نذر عبد المطلب ! وليس في رواية النذر ممن ضعفهم الغفاري إلا القطان الذي قال فيه ( ويروي عنه المؤلف في كتبه بدون أن يردفه بالترضية ) فإن كان هذا مستنده في التضعيف فقد قال في طرائف المقال ص ١٥٥ عن القطان هذا ( كثيراً ما يروي عنه الصدوق مترضياً ) !

ولو سلمنا ضعفه ، فإن روايته المعتضدة بالشهرة التي سنذكر طرفاً منها والمخالفة لليهود والخط القرشي المعادي لعبد المطلب ، والمؤيدة بتصحيح عدد من العلماء منهم الصدوق . . لهي جديرة بالقبول .

والإشتباه الثاني الذي وقع فيه الأستاذ الغفاري أنه حسب أن رواية الإمام الصادق عليه‌السلام تتعلق بإطلاق الأب على العم وترتبط بموضوع الذبيحين ، مع أنها لا علاقة لها بالعم والأب ، وإنما استشهد الصدوق على ذلك بالآية وبقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : العم أب . ويتضح الأمر من ملاحظة النص بتمامه وهو في الخصال للصدوق كما يلي :

ـ قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا ابن الذبيحين حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال : سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام عن معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا ابن

٤٤٢
 &

الذبيحين قال : يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما‌السلام وعبد الله بن عبد المطلب . أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله به إبراهيم : فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ( ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت ) ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما عزم على ذبحه فداه الله بذبح عظيم بكبش أملح يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد ويمشي في سواد ويبول ويبعر في سواد وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاماً وما خرج من رحم أنثى وإنما قال الله عز وجل له كن فكان ليفدي به إسماعيل فكل ما يذبح بمنى فهو فدية لإسماعيل إلى يوم القيامة فهذا أحد الذبيحين .

وأما الآخر فإن عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا الله عز وجل أن يرزقه عشرة بنين ونذر لله عز وجل أن يذبح واحداً منهم متى أجاب الله دعوته فلما بلغوا عشرة أولاد قال : قد وفى الله لي فلافين لله عز وجل فأدخل ولده الكعبة وأسهم بينهم فخرج سهم عبد الله أبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان أحب ولده إليه ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبد الله ثم أجالها ثالثة فخرج سهم عبد الله فأخذه وحبسه وعزم على ذبحه فاجتمعت قريش ومنعته من ذلك واجتمع نساء عبد المطلب يبكين ويصحن فقالت له ابنته عاتكة : يا أبتاه أعذر فيما بينك وبين الله عز وجل في قتل ابنك : قال : فكيف أعذر يا بنية فإنك مباركة قالت : إعمد إلى تلك السوائم التي لك في الحرم فاضرب بالقداح على ابنك وعلى الإبل وأعط ربك حتى يرضى . فبعث عبد المطلب إلى إبله فأحضرها وعزل منها عشراً وضرب السهام فخرج سهم عبد الله فما زال يزيد عشراً عشراً حتى بلغت مائة فضرب فخرج السهم على الإبل فكبرت قريش تكبيرة ارتجت لها جبال تهامة فقال عبد المطلب لا حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات فضرب ثلاثاً كل ذلك يخرج السهم على الإبل فلما كان في الثالث اجتذبه الزبير وأبو طالب وإخوانه من تحت رجليه فحملوه وقد انسلخت جلدة خده الذي كان على الأرض وأقبلوا يرفعونه ويقبلونه ويمسحون عنه التراب وأمر

٤٤٣
 &

عبد المطلب أن تنحر الإبل بالحسرة ولا يمنع أحد منها وكانت مائة .

وكانت لعبد المطلب خمس سنن أجراها الله عز وجل في الإسلام : حرم نساء الآباء على الأبناء وسن الدية في القتل مائة من الإبل وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط ووجد كنزاً فأخرج منه الخمس وسمى زمزم لما حفرها سقاية الحاج ولولا أن عبد المطلب كان حجة وأن عزمه على ذبح ابنه عبد الله شبيه بعزم إبراهيم على ذبح ابنه إسماعيل لما افتخر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإنتساب إليهما لأجل أنهما الذبيحان في قوله عليه‌السلام : أنا ابن الذبيحين .

والعلة التي من أجلها رفع الله عز وجل الذبح عن إسماعيل هي العلة التي من أجلها رفع الذبح عن عبد الله وهي كون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام في صلبهما فببركة النبي والأئمة صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع الله الذبح عنهما فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم ولولا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله تعالى ذكره بقتل أولادهم وكل ما يتقرب الناس به إلى الله عز وجل من أضحية فهو فداء لإسماعيل إلى يوم القيامة .

قال مصنف هذا الكتاب أدام الله عزه : قد اختلف الروايات في الذبيح فمنها ما ورد بأنه إسماعيل ومنها ما ورد بأنه إسحاق ولا سبيل إلى رد الأخبار متى صح طرقها وكان الذبيح إسماعيل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي أمر أبوه بذبحه فكان يصبر لأمر الله ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب فعلم الله عز وجل ذلك من قلبه فسماه الله عز وجل بين ملائكته ذبيحاً لتمنيه لذلك . وحدثنا بذلك محمد بن علي البشاري القزويني رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا المظفر بن أحمد القزويني قال : حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن عبد الله بن داهر عن أبي قتادة الحراني عن وكيع بن الجراح عن سليمان بن مهران عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام .

وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا ابن الذبيحين يريد بذلك العم لأن العم قد سماه الله عز وجل أبا في قوله أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي

٤٤٤
 &

قَالُوا نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ . وكان إسماعيل عم يعقوب فسماه الله في هذا الموضع أبا وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : العم والد .

فعلى هذا الأصل أيضاً يطرد قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا ابن الذبيحين أحدهما ذبيح بالحقيقة والآخر ذبيح بالمجاز واستحقاق الثواب على النية والتمني فالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هو ابن الذبيحين من وجهين على ما ذكرناه . انتهى .

وأورده في البحار ج ١٢ ص ٢٢ عن العيون والخصال .

وفي هذا النص أمور متعددة تكفي للرد على رأي الأستاذ الغفاري حفظه الله في إنكار قصة نذر عبد المطلب . . ومن هذه الأمور أن الصدوق حكم بصحة الرواية من عنوانها الذي وضعه لها .

ومنها قوة حجج الإمام الرضا عليه‌السلام فيها وسنذكر بعضها .

ومنها أن الصدوق قبل تفسير الذبيحين بعبد الله واسماعيل من وجه ، وبإسماعيل وإسحاق من وجه آخر ، كما صرح في آخر كلامه .

والواقع أن نقطة الضعف الوحيدة فيها هي اعتماد الصدوق رحمه‌الله على رواية الذبيح بالمجاز العامية . . والتي ضعفها الغفاري ، والحمد لله !

سادساً : ولو أن المحقق الغفاري تأمل في قول الإمام الرضا عليه‌السلام في رواية الصدوق ( ولولا أن عبد المطلب كان حجة وأن عزمه على ذبح ابنه عبد الله شبيهٌ بعزم إبراهيم على ذبح ابنه إسماعيل ، لما افتخر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإنتساب إليهما لأجل أنهما الذبيحان في قوله عليه‌السلام : أنا ابن الذبيحين .

والعلة التي من أجلها رفع الله عز وجل الذبح عن إسماعيل هي العلة التي من أجلها رفع الذبح عن عبد الله ، وهي كون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام في صلبهما . . فببركة النبي والأئمة صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع الله الذبح عنهما ، فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم ) لعرف أن إشكاله على نذر عبد المطلب يرد بعينه على إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنهما عملان من نوع واحد ، غاية الأمر أن إبراهيم أمر بالذبح في المنام وأمر بالفداء بالوحي . وما دام

٤٤٥
 &

عبد المطلب لا نعرف كيف أمر بنذر الذبح والفداء ، ولكن نعرف أنه حجة وعمله صحيح ، ولا بد أنه كان عنده حجة شرعية على نذره وفدائه .

وحينئذ فما يجاب به عن عمل إبراهيم ، يجاب به عن عمل عبد المطلب بلا فرق ، فلا معنى لاستظهار أن ذبح الولد كان من عادات المشركين ، ولا معنى للقول بأنه لو كان عبد المطلب نذر ذلك فلماذا لم يقدم عليه . . . الخ .

سابعاً : إن ما ذكره حفظه الله من ملاحظات روائية ليس شاملاً ولا مقنعاً ، والظاهر أنه لم يطلع على مصادر رواية ( أنا ابن الذبيحين ) وطرقها ، واشتهارها عند الشيعة من العصر الأول ، بل عند السنة أيضاً حتى أن فقهاءهم أخذوا بها ، وإن لم يأخذ بها أهل صحاحهم ، وممن صححها من الأحناف أبو بكر الكاشاني في بدائع الصنائع ج ٥ ص ٨٥ قال ( ودليل ما قلنا الحديث وضرب من المعقول . أما الحديث فقول النبي عليه الصلاة والسلام : أنا ابن الذبيحين أراد أول آبائه من العرب وهو سيدنا اسماعيل عليه الصلاة والسلام وآخر آبائه حقيقة وهو عبد الله بن عبد المطلب سماهما عليه الصلاة والسلام ذبيحين ومعلوم أنهما ما كانا ذبيحين حقيقة فكانا ذبيحين تقديراً بطريق الخلافة لقيام الخلاف مقام الأصل . انتهى .

ـ وقال ابن كثير في السيرة النبوية ج ١ ص ١٨٤

( وهو ابن عبد الله وكان أصغر ولد أبيه عبد المطلب وهو الذبيح الثاني المفدي بمائة من الإبل كما تقدم ) . انتهى .

وفي اطمئناني أن المتتبع يجد لهذا الحديث طرقاً أخرى سواء في مصادرنا أو في مصادر السنيين ، ويجد المزيد ممن صححه من علماء الفريقين .

المسألة الثانية : أول من يكسى كسوة الجنة

ذكرت بعض الروايات أن الناس يخرجون من قبورهم عرياً يوم القيامة ثم يكسون على حسب عملهم . ولكن الظاهر أن المقصود بحديث أول من يكسى هنا ليس

٤٤٦
 &

الكسوة من العري ، بل كسوة الجنة كما ورد في النص .

وقد ادعى اليهود أن إبراهيم أول من يكسى كسوة الجنة يوم القيامة . . ولا أظن أن هذه المسألة كانت مطروحة في ثقافتهم ، ولكن لما رأوا المسلمين يروون عن نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه رئيس المحشر ، والشفيع الأول ، وخطيب الأنبياء ، وأول من يكسى يوم القيامة . . ادعى اليهود أن أول من يكسى إبراهيم ، وروى ذلك أحبارهم الذين أسلموا ( ؟ ) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ! ! وأخذها عنهم من أخذها من الرواة فدخلت في مصادر المسلمين وثقافتهم ، وساعد عليها أن إبراهيم هو جد النبي صلى الله عليهما وآلهما ، وأن من المعقول أن يكون إكرام الله تعالى للجد قبل إكرام الإبن .

وقد اختار البخاري أن أول من يكسى إبراهيم وليس محمداً صلى الله عليهما وآلهما ! قال في صحيحه ج ٤ ص ١١٠ :

ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنكم تحشرون حفاة عراة غرلاً ثم قرأ : كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ . وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصحابي أصحابي فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ! فأقول كما قال العبد الصالح : وكنت عليهم شهيداً ما دمت قال العبد الصالح وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ إلى قوله الحكيم . انتهى .

ورواه أيضاً في ج ٤ ص ١٤٢ وروته بقية الصحاح وغيرها بألفاظ متقاربة مثل الترمذي في ج ٤ ص ٣٨ والنسائي ج ٤ ص ١١٧ والدارمي ج ٢ ص ٣٢٥ وفيه ( فيكون أول من يكسى إبراهيم يقول الله تعالى : إكسوا خليلي فيؤتى بريطتين بيضاوين من رياط الجنة ثم أكسى على أثره )

وروى نحوه في أحمد ج ١ ص ٣٩٨ ورواه أيضاً موجزاً في ج ١ ص ٢٢٣ وص ٢٢٩

ورواه السيوطي في الدر المنثور ج ١ ص ١١٦ عن أبي نعيم في الحلية وابن أبي شيبة

٤٤٧
 &

وأحمد . ورواه في ج ٢ ص ٢٣١ عن البيهقي في الأسماء والصفات ، وفي ج ٤ ص ١٩٧ عن أحمد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن مسعود

ـ ورواه في ج ٣ ص ٢٨٤

وفيه من تجسيمات اليهود لله تعالى ( قال ذاك يوم ينزل الله فيه على كرسيه يئط فيه كما يئط الرحل الجديد من تضايقه وهو كسعة ما بين السماء والأرض ويجاء بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من يكسى إبراهيم يقول الله اكسوا خليلي ) .

وقد حاول القسطلاني في إرشاد الساري ج ٥ ص ٣٤٣ أن يخفف من وقع الحديث على المسلمين فقال ( ولا يلزم من تخصيص إبراهيم بأولية الكسوة هنا أفضليته على نبينا ( ص ) لأن حلة نبينا ( ص ) أعلى وأكمل وكم لنبينا ( ص ) من فضائل مختصه به لم يسبق إليها ولم يشارك فيها ولو لم يكن له سوى خصوصية الشفاعة العظمى لكفى ) . انتهى .

ولعل القسطلاني رأى أن اليهود أخذوا الشفاعة في الموحدين من نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وأعطوها لإسحاق عليه‌السلام ! وصارت حديثاً صحيحاً على شرط الشيخين كما تقدم في مستدرك الحاكم !

ومن المؤكد أنه رأى الأحاديث التي تنفي أن تكون الشفاعة خصوصيةً لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورأى الروايات التي تفضل أنبياء بني اسرائيل حتى يونس ويحيى على نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأن البخاري رواها وشرحها القسطلاني وفسرها !

والذي يدخل في بحثنا هنا أن نعرف لماذا وافقت الحكومة القرشية اليهود من في تقديمهم إبراهيم على نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله في الكسوة وفي الشفاعة ، وتبناها رواتهم ؟ !

يتوقف الجواب على التأمل في النص الذي روته صحاحهم ، فقد تضمن موضوعين : أولهما أن أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم . والثاني أن بعض الصحابة يؤمر بهم إلى النار ، لأنهم انحرفوا وكفروا بمجرد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله . ولم يبين الحديث العلاقة بين الموضوعين ! وبما أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أفصح من نطق بالضاد وقد أوتي جوامع

٤٤٨
 &

الكلم ، وكلامه دائماً مترابط . . فلا بد أن تكون في الحديث حلقة مفقودة . . عن عدم كسوة بعض الصحابة مثلاً فما هي !

هذه الحلقة تجدها في مصادر السنيين مجزأة ، ولكنك تجدها في أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام مجتمعة ، لأنها تذكر نص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على أن علياً يوم القيامة هو أول ينشق عنه قبره بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أول من يصافحه ، وهو أول من يكسى بعده ، وهو حامل لوائه لواء الحمد ، وهو وزيره في المحشر ، وهو الساقي على حوض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ـ قال القاضي النعماني في شرح الأخبار ج ٢ ص ٤٧٥

في حديث وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي أنا أكرم ولد آدم ولا فخر ، وليس بيني وبين ربي حجاب إلا النور ، وأول من يكسى كسوة الجنة ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الكلام ولا فخر ، وأول من يؤذن له في السجود ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الشفاعة ولا فخر ، وأول من يسعى نوره أمامه ولا فخر .

ـ وقال الصدوق في من لا يحضره الفقيه ج ٤ ص ٣٧٤

يا علي : إن الله تبارك وتعالى أعطاني فيك سبع خصال : أنت أول من ينشق عنه القبر معي ، وأنت أول من يقف على الصراط معي ، وأنت أول من يكسى إذا كسيت ، ويحيى إذا حييت ، وأنت أول من يسكن معي في عليين ، وأنت أول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك . انتهى . ورواه في الخصال ص ٣٤٢

ـ وروى محمد بن عباس في تأويل الآيات ج ٢ ص ٦٥٧

يا علي أول من تنشق عنه الأرض محمد ثم أنت ، وأول من يحيى محمد ثم أنت ، وأول من يكسى محمد ثم أنت . فانكب علي عليه‌السلام ساجداً وعيناه تذرفان بالدموع . انتهى .

ـ وقال ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٢٦ : قال الحميري :

يدعو النبي فيكسوه ويكرمه

رب العباد إذا ما أ؛ضر الأمما

ثم الوصي فيكسى مثل حلته

خضراء يرغم منها أنف من رغما

٤٤٩
 &

وله أيضاً :

عليٌّ غداً يدعى ويكسوه ربه

ويدنوه منه في رفيع مكرم

فإن كنت منه حيث يكسوه راغماً

وتبدي الرضى كرهاً من الآن فارغم

وقال أعرابي :

إن رسول الله يعطي لواء

ء الحمد علياً حين يلقاه

يدعى فيعطى كسوة المصطفى

وعن يمين العرش مثواه . انتهى .

فحديث الكسوة يوم القيامة فيه إذن سهم لعلي عليه‌السلام ، فلا عجب إذا قفزت عنه قبائل قريش .

لكن السهم الأكبر لعلي والأخطر على قريش أنه هو الساقي على حوض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو الذي يذود الذين قال عنهم البخاري ( وإن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال ) وقال عنهم في ج ٨ ص ٨٦ ( قال أنا على حوضي انتظر من يرد علي فيؤخذ بناس من دوني فأقول أمتي فيقول لا تدري مشوا على القهقرى ) . انتهى .

وقال عنهم مسلم في ج ٧ ص ٦٨ ـ ٧٠ ( قال رسول الله ( ص ) أنا فرطكم على الحوض ولأنازعن أقواما ثم لأغلبن عليهم ، فأقول يا رب أصحابي أصحابي ! فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ! ! . . . قال لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الإبل ) ونحوه في ج ١ ص ١٥٠

وقد صرحت أحاديث أخرى بأن الذائد عن حوض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هو علي عليه‌السلام ، من ذلك ما رواه الحاكم وصححه قال في ج ٣ ص ١٣٨ :

عن علي بن أبي طلحة قال : حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن حديج فقيل للحسن إن هذا معاوية بن حديج الساب لعلي فقال علي به فاتي به فقال أنت الساب لعلي فقال : ما فعلت فقال والله إن لقيته وما أحسبك تلقاه يوم القيامة لتجده قائماً على حوض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يذود عنه رايات المنافقين بيده عصا من عوسج ! حدثنيه الصادق المصدوق صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد خاب من افترى . هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . انتهى .

٤٥٠
 &

ـ وروى الديلمي في فردوس الاخبار ج ٥ ص ٤٠٨ ح ٨٣١٤ عن أبي سعيد :

يا علي أنت يوم القيامة بيدك عصاً من الجنة تذود بها المنافقين ! !

ـ وروى في مناقب آل أبي طالب ج ٢ ص ١٢ ـ ١٤ عن الفائق للزمخشري

أن النبي قال لعلي : أنت الذايد عن حوضي يوم القيامة ، تذود عنه الرجال كما يذاد الأصيد . البعير الصادي أي الذي به الصيد والصيد داء يلوي عنقه .

ونقل في المناقب قول حسان بن ثابت :

له الحوض لا شك يحبى به

فمن شاء أسقي برغم العدى

ومن ناصبَ القوم لم يسقه

ويدعو إلى الورد للأوليا

وقول الحميري :

أؤمل في حبه شربةً

من الحوض تجمع أمناً ورَيَّا

إذا ما وردنا غداً حوضه

فأدنى السعيد وذاد الشقيا

متى يدن مولاه منه يقل

رِدِ الحوض واشرب هنيئاً مريا

وإن يدن منه عدوٌّ له

يذده علي مكاناً قصيا . انتهى .

وعلى هذا فذكر كسوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أولاً وعلي ثانياً عليه‌السلام ، وأنه يذود الصحابة المنحرفين عن الحوض ، حديث ليس في مصلحة القرشيين ، لأن معناه أن موقف علي هو الصحيح وموقف من يعارضه خطأ . . فالأسلم لهم الأخذ بحديث يكسى إبراهيم أولاً والنبي ثانياً ، لاَنه ليس فيه ذكر لعلي !

وهكذا التقت مصلحة قريش مع مصلحة اليهود . . وصار حديث كعب الأحبار أسلم طريق للتخلص من علي بن أبي طالب حتى لو صححه الحاكم ، ولم يروه الشيخان !

وهكذا يدون الخلفاء السنة ، كما يكتب الحكام التاريخ ! !

*       *

٤٥١
 &

العقائد الإسلاميّة الجزء الثالث ـ مركز المصطفى للدراسات الإسلاميّة

٤٥٢
 &

الفصل الثاني عشر شفاعة الملائكة والأنبياء والعلماء والشهداء

من مصادرنا

ـ قال الحميري في قرب الإسناد ص ٦٤

عن مسعدة بن صدقة قال : حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ثلاثة يشفعون إلى اليوم القيامة فيشفعهم : الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء . انتهى .

ورواه في مستدرك الوسائل ج ١١ ص ٢٠ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٢٦٤

ـ من لا يحضره الفقيه ج ٤ ص ٣٩٩

إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد ، ووضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء ، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء .

ـ علل الشرائع للصدوق ج ٢ ص ٣٩٤

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة بعث الله عز وجل العالم والعابد ،

٤٥٣
 &

فإذا وقفا بين يدي الله عز وجل قيل للعابد : انطلق إلى الجنة ، وقيل للعالم قف تشفَّع للناس بحسن تأديبك لهم .

ـ تفسير الإمام العسكري ٧ ص ٣٤٤

وقال علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام : يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل كنت ، همتك ذات نفسك وكفيت الناس مؤنتك ، فادخل الجنة . إلا إن الفقيه من أفاض على الناس خيره ، وأنقذهم من أعدائهم ، ووفر عليهم نعم جنان الله ، وحصل لهم رضوان الله تعالى . ويقال للفقيه : يا أيها الكافل لأيتام آل محمد الهادي لضعفاء محبيه ومواليه ، قف حتى تشفع لكل من أخذ عنك أو تعلم منك ، فيقف فيدخل الجنة ومعه فئاماً وفئاماً حتى قال عشراً ، وهم الذين أخذوا عنه علومه ، وأخذوا عمن أخذ عنه ، إلى يوم القيامة ، فانظروا كم فرقُ ما بين المنزلتين !

ـ وروى المجلسي في البحار حديثاً يدل على أن العالم الذي يشفع يوم القيامة ليس من العلماء السبعة المذمومين . . قال في بحار الأنوار ٨ ص ٣٠٧ : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن من العلماء من يحب أن يخزن علمه ولا يؤخذ عنه ، فذاك في الدرك الأسفل من النار .

ومن العلماء من إذا وعظ أنف ، وإذا وعظ عنف ، فذاك في الدرك الثاني من النار .

ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة ، ولا يرى له في المساكين ، فذاك في الدرك الثالث من النار .

ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين ، فإن رد عليه شيء من قوله أو قصر في شيء من أمره غضب ، فذاك في الدرك الرابع من النار .

ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر به علمه ويكثر به حديثه ، فذاك في الدرك الخامس من النار .

ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول : سلوني ولعله لا يصيب حرفاً واحداً

٤٥٤
 &

والله لا يحب المتكلفين ، فذاك في الدرك السادس من النار .

ومن العلماء من يتخذ علمه مروةً وعقلاً ، فذلك في الدرك السابع من النار ( نقلاً عن الخصال ج ٢ ص ٧ ) .

ـ وفي تفسير التبيان ج ٩ ص ٦٥

وقوله : مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ، نفيٌ من الله أن يكون للظالمين شفيع يطاع ، ويحتمل أن يكون المراد بالظالمين الكفار فهؤلاء لا يلحقهم شفاعة شافع أصلاً ، وإن حملنا على عموم كل ظالم من كافر وغيره جاز أن يكون إنما أراد نفي شفيع يطاع ، وليس في ذلك نفي شفيع يجاب ، ويكون المعنى : إن الذين يشفعون يوم القيامة من الأنبياء والملائكة والمؤمنين إنما يشفعون على وجه المسألة إليه والإستكانة إليه ، لا أنه يجب على الله أن يطيعهم فيه .

ـ تفسير التبيان ج ٩ ص ٤٢٩

قوله تعالى : وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ . . . يقول الله تعالى مخبراً بأن كثيراً من ملائكة السموات لا تغني شفاعتهم ، أي لا تنفع شفاعتهم في غيرهم بإسقاط العقاب عنهم شيئاً ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء أن يشفعوا فيه ويطلق لهم ذلك ويرضى ذلك .

وقيل : إن الغرض بذلك الإنكار على عبدة الأوثان وقولهم إنها تشفع لا الملك ، إذا لم تغن شفاعته شيئاً فشفاعة من دونه أبعد من ذلك . وفي ذلك التحذير من الإتكال على الشفاعة لأنه إذا لم تغن شفاعة الملائكة كانت شفاعة غيرهم أبعد من ذلك .

ولا ينافي ما نذهب إليه من أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة والمؤمنين يشفعون في كثير من أصحاب المعاصي فيسقط عقابهم لمكان شفاعتهم ، لأن هؤلاء عندنا لا يشفعون إلا بإذن من الله ورضاه ، ومع ذلك يجوز أن لا يشفعوا فيه ، فالزجر واقع موقعه .

٤٥٥
 &

ـ تفسير التبيان ج ٧ ص ٢٠٩

قوله يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ، يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً . . . أخبر الله تعالى أن ذلك اليوم لا تنفع شفاعة أحد في غيره ، إلا شفاعة من أذن الله له أن يشفع ورضي قوله فيها ، من الأنبياء والأولياء والصديقين والمؤمنين .

ـ مجمع البحرين ج ٤ ص ٤٦٧

وفي الحديث : الساعي بين الصفا والمروة تشفع له الملائكة بالإيجاب ، أي القبول ، يعني أن الله تعالى يثبت لهم الشفاعة .

ـ دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٤٣

روينا عن رسول الله ( ص ) أنه قال : كل مؤمن من أمتي صديق شهيد ، ويكرم الله بهذا السيف من شاء من خلقه ، ثم تلا قول الله عز وجل : وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ .

ـ دعائم الإسلام ج ١ ص ٢١٧

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : المريض في سجن الله ما لم يشك إلى عواده ، تمحى سيئآته . وأي مؤمن مات مريضاً مات شهيداً ، وكل مؤمن شهيد ، وكل مؤمنة حوراء ، وأي ميتة مات بها المؤمن فهو شهيد ، وتلا قول الله جل ذكره : وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ .

من مصادر السنيين

ـ تاريخ البخاري ج ٩ ص ٣٧

عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فيتقاذع بهم جنبتا الصراط تقاذع الفراش في النار : ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء والصالحين فيشفعون ، ويخرجون فيشفعون ويرجون فيشفعون فيجابون .

٤٥٦
 &

ـ سنن النسائي ج ٢ ص ٢٢٩

عن عطاء بن يزيد قال كنت جالساً إلى أبي هريرة وأبي سعيد فحدث أحدهما حديث الشفاعة والآخر منصت ، قال : فتأتي الملائكة فتشفع وتشفع الرسل ، وذكر الصراط قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأكون أول من يجيز ، فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين خلقه ، وأخرج من النار من يريد أن يخرج ، أمر الله الملائكة والرسل أن تشفع فيعرفون بعلاماتهم أن النار تأكل كل شيء من ابن آدم إلا موضع السجود ، فيصب عليهم من ماء الجنة ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل .

ـ سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٧٢٤

عن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء .

ـ ورواه البيهقي في شعب الإيمان ج ٢ ص ٢٦٥ والديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٤٢٨ وكنز العمال ج ١٠ ص ١٥١ وتهذيب الكمال ج ٢٢ ص ٥٥١ وتهذيب التهذيب ج ٨ ص ١٩٥ ومجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٨١ راجع أيضاً سنن البيهقي ج ٩ ص ١٦٤

ـ سنن الترمذي ج ٤ ص ٤٦

عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من أمتي من يشفع للفئام من الناس ، ومنهم من يشفع للقبيلة ، ومنهم من يشفع للعصبة ، ومنهم من يشفع للرجل حتى يدخلوا الجنة . هذا حديث حسن .

ـ مسند أحمد ج ٣ ص ٢٠

عن أبي سعيد الخدري عن النبى صلى الله عليه وسلم قال قد أعطى كل نبي عطية فكل قد تعجلها وإني أخرت عطيتي شفاعة لأمتي ، وإن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة ، إن الرجل ليشفع للقبيله وإن الرجل ليشفع للعصبة ، وإن الرجل ليشفع للثلاثة ، وللرجلين ، وللرجل .

٤٥٧
 &

ـ مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٨٠

باب شفاعة الصالحين . وعن أبي برزة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أمتي لمن يشفع لأكثر من ربيعة ومضر وإن من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون ركناً من أركانها . رواه أحمد ورجاله ثقات . . .

وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة . رواه البزار ورجاله رجال الصحيح .

وعن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سلك رجلان مفازة أحدهما عابد والآخر به رهق ، فعطش العابد حتى سقط فجعل صاحبه ينظر إليه وهو صريع فقال والله لئن مات هذا العبد الصالح عطشاً ومعي ماء لا أصيب من الله خيراً وإن سقيته مائي لأموتن فاتكل على الله وعزم ورش عليه من مائه وسقاه من فضله قال فقام حتى قطع المفازة قال فيوقف الذي به رهق يوم القيامة للحساب فيؤمر به إلى النار فتسوقه الملائكة فيرى العابد فيقول يا فلان أما تعرفني قال فيقوب من أنت قال أنا فلان الذي آثرتك على نفسي يوم المفازة قال فيقول بلى أعرفك قال فيقول للملائكة قفوا ويجيء حتى يقف ويدعو ربه فيقول يا رب قد تعرف يده عندي وكيف آثرني على نفسه يا رب هبه لي قال فيقول : هو لك ويأخذ بيده فيدخله الجنة . رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح غير أبي ظلال القسملي قد وثقه ابن حبان وغيره وضعفه غير واحد .

ـ فردوس الأخبار للديلمي ج ١ ص ٣٩٦

ابن عباس : إذا اجتمع العالم والعابد على الصراط قيل للعابد : أدخل الجنة وتنعم بعبادتك ، وقيل للعالم هاهنا فاشفع لمن أحببت فإنك لا تشفع لأحد إلا شفعت ، فقام مقام الأنبياء . ورواه في كنز العمال ج ١٠ ص ١٣٦ وص ١٧٣ وص ٢٥٦

ـ مجمع الزوائد ج ٥ ص ٢٩٣

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للشهيد عند الله عز وجل ست خصال :

٤٥٨
 &

أن يغفر له في أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويحلى حلة الإيمان ، ويزوج من الحور العين ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج ثنتين وسبعين زوجه من الحور العين ، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه . رواه أحمد هكذا قال مثل ذلك ، والبزار والطبراني إلا أنه قال سبع خصال وهي كذلك ، ورجال أحمد والطبراني ثقات .

وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشهيد يغفر له في أول كل دفقة من دمه ، ويزوج حوراوين ويشفع في سبعين من أهل بيته ، والمرابط إذا مات في رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة ، وأتى عليه ريح برزقه ، ويزوج سبعين حوراء ، وقيل له قف فاشفع إلى أن يفرغ من الحساب ـ قلت روى ابن ماجة بعضه ـ رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه بكر بن سهل الدمياطي ، قال الذهبي مقارب الحديث وضعفه النسائي . انتهى . وروى عدداً من هذه الروايات في مجمع الزوائد ٢ ص ٩٨ وص ١١٥ وج ٤ ص ٣٩٨ وص ٤٠١ وص ٤٠٥ وص ٤١٠

ـ الدر المنثور ج ٦ ص ٢٤

ـ وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ، قال : عيسى وعزير والملائكة . إلا من شهد بالحق قال كلمة الإخلاص . وهم يعلمون أن الله حق . . .

ـ وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ، قال : الملائكة وعيسى وعزير فإن لهم عند الله شفاعة .

ـ الدر المنثور ج ٤ ص ٩٤

وأخرج الحاكم في الكني عن حماد رضي‌الله‌عنه قال : سألت إبراهيم عن هذه الآية : رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، قال : حدثت أن أهل الشرك قالوا لمن دخل النار من

٤٥٩
 &

أهل الإسلام ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين : اشفعوا لهم فيشفعون لهم فيخرجون حتى أن إبليس ليتطاول رجاء أن يدخل معهم ، فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين .

ـ تفسير الطبري ج ٢٥ ص ٦٢

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم : معنى ذلك ولا يملك عيسى وعزيز والملائكة الذين يعبدهم هؤلاء المشركين لشفاعة عند الله لأحد إلا من شهد بالحق فوحد الله وأطاعه . . . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبره أنه لا يملك الذين يعبدهم المشركون من الله الشفاعة عنده لأحد ، إلا من شهد بالحق . . ويعني بذلك أنهم يملكون الشفاعة عنده بإذنه لهم بها ، كما قال جل ثناؤه : وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ، فأثبت جل ثناؤه للملائكة وعيسى وعزيز ملكهم من الشفاعة ما نفاه عن الآلهة والأوثان ، باستثنائه الذي استثناه .

ـ تفسير الطبري ج ٢٧ ص ٣٧

وقوله : وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا يقول تعالى ذكره : وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ ، عند الله لمن شفعوا له شيئاً إلا أن يشفعوا له من بعد أن يأذن الله لهم ، بالشفاعه لمن يشاء منهم أن يشفعوا له ويرضى ، يقول ومن بعد أن يرضى لملائكته الذين يشفعون له أن يشفعوا له ، فتنفعه حينئذ شفاعتهم . .

ـ تفسير الرازي ج ٤ جزء ٧ ص ١١

هؤلاء المذكورون في هذه الآية ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) يحتمل أن يكونوا هم الملائكة وسائر من يشفع يوم القيامه من النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين .

ـ الجواهر الحسان للثعالبي ج ١ ص ٣٥١

فيقول الله عز وجل : شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ، ولم يبق إلا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعلموا خيراً قط .

٤٦٠