الفوائد المشوّق إلى علوم القرآن وعلم البيان

شمس الدّين محمّد بن أبي بكر بن أيّوب الزّرعي [ ابن القيّم ]

الفوائد المشوّق إلى علوم القرآن وعلم البيان

المؤلف:

شمس الدّين محمّد بن أبي بكر بن أيّوب الزّرعي [ ابن القيّم ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٧

ذلك نظرا من حيث ترتيب التفسير ، لا من حيث المقابلة ، لأن ترتيب التفسير يقتضي أن كان قال ـ بلا حزن ولا مسرّة بكاء يراوح بينه وضحك ـ وهذا لا كبير عيب فيه. وإنما الأولى والأليق ما أشرنا إليه فاعرفه .. وقال آخر :

فلا الجود يفنى المال والجدّ مقبل

ولا البخل يبقي المال والجدّ مدبر

ـ ومثله قوله البحتري :

وأمة كأن قبح الجور يسخطها

دهرا فأصبح حسن العدل يرضيها

فقابل القبح بالحسن ، والجور بالعدل ، والسخط بالرضا وذلك بديع في بابه فاعرفه. وأما القسم الثاني وهو مقابلة الشيء بغيره فهو ضربان. أحدهما ما كان بين المقابل والمقابل له مناسبة وتقارب كقول بعضهم :

يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة

ومن إساءة أهل السوء إحسانا

والظلم ليس ضد المغفرة ، وانما هو ضد العدل ، الاّ أنه لما كانت المغفرة قريبة من العدل مناسبة له حسنت المقابلة بينها وبين الظلم ، وأمثال هذا كثير. وأما القسم الثاني أن يقابل الشيء بالشيء وبينهما بعد ولا يناسبه بحال من الأحوال. أقول وذلك لا يحسن استعماله في التأليف .. ومما جاء منه قول بعضهم :

أم هل ظعائن بالعلياء رافعة

وان تكامل منها الدّل والشنب

فإن ذلك غير مناسب لأنه إنما كان يحسن أن يكون مع الدل الغنج ، أو ما قاربه ، ومع الشنب اللعس ، أو ما يجري مجراه من أوصاف الثغر والفم. وأما الثالث فهو أن يقابل الشيء بمثله وهو ضربان. أحدهما التقابل في اللفظ والمعنى. والآخر التقابل في المعنى دون اللفظ ، وأما التقابل في اللفظ والمعنى فكقوله تعالى : ( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً ). وقوله تعالى : ( نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ ). وأما

٢٢١

التقابل في المعنى دون اللفظ فهي مقابلة الجملة لمثالها مستقبلة كانت أو ماضية ، فإن كانت ماضية قوبلت بالماضية ، وان كانت مستقبلة قوبلت بالمستقبلة ، وربما قوبل الماضي بالمستقبل ، والمستقبل بالماضي ، وذلك إذا كان أحدهما في معنى الآخر. فمن ذلك قوله تعالى : ( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ) فإن هذا تقابل من جهة المعنى ، ولو كان التقابل من جهة اللفظ لقال :وإن اهتديت فإنما اهتديت لها .. وبيان مقابل هذا الكلام من جهة المعنى أن النفس كلما هو عليها فهو بها أعني أن كل ما هو وبال عليها وضار لها ، فهو بسببها ، ومنها لأنها أمّارة بالسوء ، وكل ما هو لها مما ينفعها فبهداية ربها وتوفيقه إياها ، وهذا حكم عام لكل مكلف وانما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسند إلى نفسه لأن الرسول إذا دخل تحته مع علو محله وسداد طريقته كان غيره أولى به.

ومن هذا الضرب قوله تعالى : ( أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) فإنه لم يراع التقابل في قوله ـ ليسكنوا فيه فيه. ومبصرا ـ لأن القياس يقتضي أن يكون والنهار ليبصروا فيه ، وإنما هو مراعى من جهة المعنى لا من جهة اللفظ ، وهكذا النظم المطبوع الغير المتكلف ، لأن معنى قوله مبصرا ليبصروا فيه طرق التقلب في الحاجات.

ومن مقابلة الشيء بمثله أنه إذا ذكر المؤلف ألفاظا تقتضي جوابا فالمرضي عندنا أن يأتي بتلك الألفاظ في الجواب من غير عدول عنها إلى غيرها ، مما هو في معناها. فمن ذلك قوله تعالى : ( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) ومما عيب في هذا الباب قول بعضهم من اقترف ذنبا عامدا أو اكتسب جرما قاصدا لزمه ما جناه وحاق به ما توخاه. والأليق إن كان قال لزمه ما اقترف وحاق به ما اكتسب ليكون أحسن طباقا ، وإن كان ذلك جائزا في الكلام من حيث أن معناه صوابا لكنه عدول عن الأليق ،

٢٢٢

والاولى في هذا الباب وأمثاله كثيرة فاعرفها .. واعلم ان في تقابل المعاني بابا عجيب الأمر يحتاج إلى فضل تأمل وزيادة نظر وتدبر ، وهو يختص بالفواصل من الكلام المنثور ، وبالإعجاز من أبيات الشعر ..فمما جاء من ذلك قوله تعالى في حق المنافقين : ( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا ) إلى قوله : ( وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ ). وقوله تعالى : ( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا ) إلى قوله : ( وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ ) ألا ترى كيف فصل الآية الأخيرة بيعلمون ، والآية التي قبلها بيشعرون ، وإنما فعل ذلك لأن أمر الديانة والوقوف على أن المؤمنين على الحق وهم على الباطل يحتاج إلى نظر واستدلال حتى يكتسب الناظر المعرفة والعلم ، ولذلك قال ـ ولكن لا يشعرون ـ وأما النفاق وما فيه من المعنى المؤدي إلى الفتنة والفساد في الأرض فأمر دنيويّ مبنيّ على العادات معلوم عند الناس ، خصوصا عند العرب ، وما كان فيهم من التجارب والتعاون فهو كالمحسوس عندهم ، فلذلك قال ـ يعلمون ـ وأيضا فإنه لما ذكر السفه في الآية الأخيرة ، وهو جهل كان ذكر العلم معه أحسن طباقا فقال ـ لا يعلمون ـ وآيات القرآن العظيم جميعها فصلت هكذا كقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ). وقوله : ( لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ). وكقوله : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) فإنه إنما فصلت الآية بلطيف خبير ، لأن ذلك في موضع الرحمة لخلقه بإنزال الغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، ولأنه خبير بمنفعتهم ومضرتهم في انزال الغيث وغيره. وأما الآية الثانية فإنما فصلت بغني حميد لأنه له ما في السموات ، وما في الأرض ، فعرف الناس أن جميع ما في السموات وما في الأرض له لا لحاجة ، بل غني عنها جواد بها لأنّ ليس غنيّ نافعا

٢٢٣

بغناه إلاّ إذا كان جوادا منعما ، وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليه ، واستحق عليه الحمد فذكر ـ الحميد ـ ليدل على أنه الغني النافع بغناه خلقه.

وأما الآية الثالثة فإنها فصلت ـ برءوف رحيم ـ لأنه لما عدد للناس ما أنعم به عليهم من تسخير ما في الأرض لهم واجراء الفلك في البحر لهم وتسييرهم في ذلك الهول العظيم ، وجعله السماء فوقهم وامساكه اياها عن الوقوع حسن أن يفصل ذلك بقوله ـ رءوف رحيم.

٢٢٤

القسم التاسع والعشرون

الاحتراس

وهو أن يذكر لفظا ظاهره الدعاء بالخير والنفع ، وذلك بما في ضمنه مما يوهم الشر ، فيذكر فيه كلمة تزيل ذلك الوهم ، وتدفع ذلك الوهن مثل قوله تعالى : ( يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ) وكان في العادة أن من تكلم في المهد لا يعيش ولا يتمادى به العمر ، فحصل الاحتراس بقوله تعالى ـ وكهلا ـ يريد أنه ليس يموت عاجلا كأمثاله ممن تكلم في المهد بل يعيش الى أن يبلغ الكهولة. ومنه قوله تعالى : ( وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) أزال بقوله ـ من غير سوء ـ توهم أن بياض اليد من برص وغيره .. وقد ورد في أشعار العرب من هذا كثير. من ذلك قول بعضهم :

فسقا ديارك غير مفسدها

صوب الرّبيع وديمة تهمي

فاحترس بقوله ـ غير مفسدها ـ لأن تكرار الماء على الديار مما يوجب الدمار .. وقال آخر :

ألا فاسلمي يا دار مي على البلا

ولا زال مهلا بجرعائك القطر

فاحترس بقوله ـ ألا فاسلمي ـ ومثله في القرآن والشعر كثير.

٢٢٥

القسم الموفي ثلاثين

الاختصاص

وهو عند الأصوليين التخصيص ، واختلفت فيه عبارات أهل العلم .. فقال بعضهم : هو اخراج صورة من حكم كان يقتضيها الخطاب به ، لو لا التخصيص ، وهو شبيه بالنسخ من حيث اشتراكهما في اللبس ، ومن حيث أن كل واحد منهما يقتضي اختصاص الحكم ببعض ما تناوله اللفظ إلا أنهما يفترقان من وجوه خمسة :

الأول أن الناسخ أبدا لا يكون إلا متأخرا عن المنسوخ ، كذا وقع في جميع ما نسخ من الكتاب والسنة إلا في آيتين. احداهما قوله تعالى : ( مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ) فإنها منسوخة بما قبلها وهو قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) وهذا على خلاف الأصل ، وقد يعتذر عن هذا بأن آية الحول إنما نسخت بالسنة ، لكن لا يتأتى هذا إلاّ على قول من يقول إن السنة تنسخ الكتاب.

وأما على قول انها لا تنسخه فلا يتأتى هذا. وقد يقال إن آية الحول نزلت قبل آية الأشهر ولكن آية الأشهر أثبتت في الصحف قبلها ، فكان آية الحول متقدمة في النزول متأخرة في التلاوة.

الثاني : إن النسخ لا يكون الاّ بخطاب رفع به حكم الخطاب

٢٢٦

الأول والتخصيص قد يقع بقول وفعل وقياس وغير ذلك.

الثالث : أن نسخ الشيء لا يكون الاّ بما هو مثله في القوة ، أو بما هو أقوى منه في الرتبة والتخصيص جائز بما هو دون المخصوص في الرتبة.

الرابع : أن التخصيص لا يقع في حكم واحد والنسخ جائز في مثله لا سيما على أصل من يبني نسخ الشيء قبل وقته.

الخامس : ان التخصيص ما أخرج من الخطاب ما لم يرد به ، والنسخ رافع ما أريد اثبات حكمه. والذي اعتمد عليه المحققون أن التخصيص اخراج بعض ما تناوله اللفظ العام ، أو ما يقوم مقامه بدليل منفصل في الزمان إن كان المخصص لفظيا ، أو بالحس إن كان عقليا قبل تقرير حكمه. فقولنا ـ أو ما يقوم مقامه ـ احتراز من المفهوم فإنه يدخله التخصيص. وقولنا ـ بالزمان ـ احتراز من المستثنى من الاستثناء. وقولنا ـ بالحس ـ لأن العقلي المخصص مقارن. وقولنا ـ قبل تقرير حكمه ـ احتراز من أن يعمل بالعام فإن الإخراج بعد هذا يكون نسخا .. والتخصيص يسميه أرباب علم البيان الاختصاص عندهم ، ولا يحسن إلاّ أن يكون اختصاص الشيء بمعنى ظاهر مثل قوله تعالى : ( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى ) اختصها دون سائر النجوم لأنها عبدت. وقيل ان النجوم تقطع السماء طولا وهي تقطعها عرضا. وقيل لأن المنجمين بطلوعها يتكلمون على المغيبات وما يحدثه الله في ملكه من الكائنات وينسبون ذلك الى طلوعها وإن هذه الحادثات في كل عام من تأثيرها ، فرد الله ذلك عليهم بإعلامنا بأنها مدبرة بتدبيره ، مقدرة بتقديره متصرفة بمشيئته إذ هو ربها وربّ كل شيء ، وهو على كل شيء قدير .. ومن هذا النمط قوله تعالى : ( فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) وهذا لا يتأتى إلا على قول من

٢٢٧

يقول : أن الرمان والرطب فاكهة. وأما على قول من يقول أنهما ليسا من الفاكهة ، فلا يكون من هذا النوع .. ومن ذلك قوله : ( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ ) أعاد الله ذكر جبريل وميكال مع أنهما من الملائكة بلا خلاف لخصوصية فيهما إما لأمر اختص بعلمه بهما اقتضى تخصيصهما ، أو لأن جبريل روح الله وأمينه على وحيه ، وميكال أمينه على خزائن فتحه ورحمته. وفي أشعار العرب كثير من ذلك نحو قول الخنساء أخت صخر :

يذكّرني طلوع الشمس صخرا

وأندبه لكلّ غروب شمس

وإنما خصت هذين الوقتين لأن طلوع الشمس يذكرها بغارته على أعدائه وغروبها يذكرها باقرائه ضيفانه ، فاختصت لهذين الوقتين من بين سائر الاوقات لهذين المعنيين. وعبارات التخصيص ثلاثة : الأولى : إنما جاءني زيد. الثانية : جاءني زيد لا عمرو. والثالثة : ما جاءني إلاّ زيد.فيفهم من الأولى تخصيص مطلق المجيء أو تخصيص مجيء معين ظنه المخاطب مخصوصا بغيره ، أو مشاركا غيره فيه فأفاد اثباته لزيد ونفيه عن غيره دفعة واحدة ، ومن الثانية في دفعتين والثالثة بأصل الوضع تفيد نفي التشريك ، ولهذا لا يصح ما زيد إلاّ قائم لا قاعد لأنك بقولك ـ إلا قائم ـ نفيت عنه كل صفة تنافي القيام فيندرج فيه نفي القعود فيقع ـ لا قاعد ـ تكرارا ويصح إنما زيد قائم لا قاعد فإن صيغة ـ إنما ـ موضوعة للتخصيص ويلزمه نفي الشركة ، فليس له من القوة ما يدل عليه بالوضع ، ولهذا يصح زيد هو الجائي لا عمرو فدلالة الأوليين على التخصيص أقوى ، ودلالة الثالثة على نفي التشريك ، وقد تذكر الثالثة في مثل ما إذا ادعى واحد أنك قلت قولا ، ثم قلت بخلافه فتقول ما قلت إلاّ ما قلته قبل. وعليه قوله تعالى : حكاية عن عيسى عليه الصلاة والسلام : ( ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ ) ليس المعنى أني لم أزد

٢٢٨

على ما أمرتني به أن أقوله شيئا ، ولكن المعنى أني لم أدع مما أمرتني به أن أقوله شيئا ، ولم يذكر ما يخالفه .. وحكم ـ غير ـ إذا وقع موقع ـ إلاّ ـ حكم الاّ .. وأما ـ انما ـ فالاختصاص فيها يقع مع المتأخر ، فإذا قلت إنما ضرب عمرا زيد ، فالاختصاص في الضارب كما قال سبحانه وتعالى : ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) وإذا قلت إنما ضرب زيد عمرا فالاختصاص في المضروب ، وإذا قلت إنما هذا لك فالاختصاص في ـ لك ـ بدليل أنك تقول بعده لا لغيرك وإذا قلت إنما لك هذا فالاختصاص في ـ هذا ـ بدليل أنك تقول بعده لا ذاك.

قال الله تعالى : ( فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ ) فإذا وقع بعدها الفعل فالمعنى أن ذلك الفعل لا يصح إلا من المذكور كقوله تعالى : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) .. وقد يجمع معها حرف النفي إما متأخرا. كقولك إنما جاءني زيد لا عمرو ، وإما متقدما كقولك ما جاءني زيد ، وإنما جاءني عمرو. فهناك لو لم تدخل ـ إنما ـ كان الكلام مع من ظن أيهما جاءك ، وإن أدخلها كان الكلام مع من غلط في الجائي ، ولو قلت إن عمرا جاءني فإن كانت المستغنى عنها فظهرت فائدة دخول ـ ما ـ على ـ إنّ ـ في ـ انما ـ .. واعلم أن موضوع ـ انما ـ أن يجيء في أمر لا يدفع المخاطب صحته كقوله تعالى : ( إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ) أو ينزل بعده منزلته كقول الشاعر :

إنما مصعب شهاب من الله

تجلّت عن وجهه الظّلماء

فادعى كونه بهذه الصفة مما لا ينكره أحد. ومثله قوله تعالى حكاية عن اليهود : ( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) الذي يدعون انهم مصلحون أمر ظاهر معلوم ، فلذلك أكد الأمر في الرد عليهم فجمع فيه بين ـ ألا ـ التي هي للتنبيه و ـ إن ـ التي هي للتحقيق ـ وهم ـ التي هي للتأكيد فقال : ( أَلا

٢٢٩

إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ) .. وقال ابن الاثير وهم يرون بالتخصيص في أعمال العام في النفي والخاص في الاثبات مثال ذلك : الحيوانية والانسانية ، فإن اثبات الانسانية يوجب اثبات الحيوانية ولا يوجب نفيها نفي الحيوانية ، وكذلك نفي الحيوانية يوجب نفي الانسانية ، ولا يجب من اثباتها اثبات الانسانية .. ومما يدخل في هذا الباب الأسماء المفردة الواقعة على الجنس الذي يكون الفرق بينها وبين واحدها تاء التأنيث ، فإنه متى أريد النفي كان استعمال واحدها أبلغ ، ومتى أريد الإثبات كان استعمالها في الجنس أبلغ. فالأول هو الخاص والعام نحو قوله تعالى : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ) ولم يقل بضوئهم ، لأن ذكر النور في حالة النفي أبلغ من حيث أن الضوء فيه الدلالة على النور وزيادة ، فلو قال ذهب الله بضوئهم كان المعنى يعطي نفي تلك الزيادة ، وبقاء ما يسمى نورا ، لأن الإضاءة هي فرط الإنارة دليله قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) فكل ضوء نور ، وليس كل نور ضوأ. والغرض من قوله ـ ذهب الله بنورهم ـ إنما هو ازالة النور عنهم رأسا فهو إذا أزاله فقد أزال الضوء. وكذلك قوله تعالى : ( ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ) ولم يقل أذهب الله نورهم لأن كل من ذهب بشيء فقد أذهبه ، وليس كل من أذهب شيئا ذهب به ، لأن الذهاب بالشيء هو استصحاب له ومضى به ، وفي ذلك نوع احتياز للمذهوب به ، وإمساك له عن الرجوع الى حالته ، والعود إلى مكانه ، وليس كذلك الإذهاب للشيء لزوال معنى الاحتياز ، وهذا كلام دقيق يحتاج إلى زيادة تأمل وإنعام نظر ، فافهمه وقس عليه ما أشبهه ، وبالله التوفيق.

٢٣٠

القسم الحادي والثلاثون

الاختراع

قال علماء علم البيان .. الاختراع هو أن يذكر المؤلف معنى لم يسبق إليه ، واشتقاقه من التليين والتسهيل يقال : بنت خرع إذا كان لينا فكأن المتكلم سهل طريقه حتى أخرجه من العدم الى الوجود. ومنه في القرآن كثير .. من ذلك قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) ولم يسمع بمثل هذا التمثيل البديع لأحد قبل نزول القرآن ، ولو سمع لكان القرآن سابقا ، ولا يكون مثله ، ولا قريبا منه ، وكذلك جميع أمثال القرآن ، ليس لها أمثال .. ومثال ذلك من السنة النبوية قوله صلى الله عليه وسلم : « حمي الوطيس » ـ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من تكلم بهذا حين قدّم المسلمون خالد بن الوليد في غزوة مؤتة ، حين حمل خالد في العدوّ ـ والوطيس ـ هو التنور فعبر بشدة حميه ووقوده عن شدة الحرب واتقادها ، واتقاد نارها حين حمل خالد بن الوليد رضي الله عنه. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « السّعيد من وعظ بغيره ». ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم أما بعد ـ ومثل هذه الكلمات في السنة كثير ، وليس هذا موضع إحصائها ولا محل استقصائها.

٢٣١

القسم الثاني والثلاثون

الهدم

وهو أن يأتي غيرك بكلام تضمن معنى ، فتأتي أنت بضده ، فكأنه قد هدم ما بناه المتكلم الأول كقول أبي تمام :

وبروحي القمر الذي بمحجّر

أضحى مصونا للنوى مبذولا

هدمه بعض الشعراء فقال :

وبروحي القمر الذي لم يبتذل

بل حلّ وسط القلب لا بمحجّر

ـ وقال البلاذريّ :

وقد يرفع المرء اللئيم حجابه

ضعة ودون العرف منه حجاب

هدمه الآخر فقال :

ملك أغرّ محجّب

معروفه لا يحجب

ومنه في كتاب الله العزيز كثير .. من ذلك قوله تعالى : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) هدمه الله تعالى بقوله : ( وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ). وقوله : ( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ

٢٣٢

إِلهٍ ). وقوله تعالى : ( فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ) تقديره إن كنتم فيما ادعيتم صادقين ، فلم يعذبكم بذنوبكم. ومنه قوله تعالى : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ) هدمه الله عليهم بقوله : ( ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ ). وقوله : ( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ ). ومنه قوله تعالى : ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ) هدمه الله بقوله : ( وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) .. ومثله في القرآن الكريم كثير ، وفي الشعر هو كثير أيضا :

٢٣٣

القسم الثالث والثلاثون

الاستفهام

وهو على قسمين : استفهام العالم بالشيء مع علمه به. ومراده بذلك معان ستة.

الأول : التقرير ومرادك باستفهامك عن ذلك الشيء أن يقربه الفاعل كقوله تعالى حكاية عن قوم نمروذ : ( أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ ) ولا شبهة أنه ليس غرضهم أن يقر لهم بوجود كسر الاصنام ، ولكن غرضهم أن يقرّ بأن ذلك منه لا من غيره.

الثاني : يراد به الإنكار وهو كقوله تعالى : ( أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ ). وقوله تعالى : ( أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ ) والانكار هاهنا في نفس الفعل أنكر الله عليهم كونهم جعلوا الملائكة إناثا ، وقالوا هم بنات الله تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

وكذلك قوله تعالى : ( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) المقصود إنكار أصل الإذن لا انكار إنه كان من غير الله ، وأضافوه إلى الله. وكذلك قوله تعالى : ( آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ) تقديره لو وجدتم التحريم لكان محرما ، إما ذا أو ذاك ، ثم يستدل ببطلان الأصلين على بطلان القسمين على بطلان أصل التحريم. ومثله قولك للرجل

٢٣٤

الذي يدعى أمرا وأنت تنكره ـ متى كان هذا أفي ليل أم نهار ـ وتقديره لو كان لكان إما في ليل ، وإما في نهار ، ولما لم يوجد فيهما ثبت أنه ليس بموجود أصلا. فكذلك تقول في الآية فانها نفي لأصل الإذن لنفي أقسامه ، وذلك أبلغ في النفي. وكذلك قوله تعالى : ( أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ ) حصل الانكار هاهنا بنفس الالزام .. وكذلك قول الشاعر :

أتقتلني والمشرفيّ مضاجعي

واعلم أن الاستفهام بمعنى الانكار حاصله راجع إلى تثبيت السامع على فساد ذلك الشيء حتى يرجع إلى نفسه ، فيخجل ويرتد عنه ، فعلى هذا لا يتصور الاّ بالمحال على سبيل أن يقال له ـ أنت في دعواك كمن يدعي المحال ـ وعلى هذا جعل قوله تعالى : ( أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ ) وليس اسماع الاسم مما يدعيه أحد فيكون لذلك الانكار ، وإنما المعنى فيه تنزيل من يحاول اسماعهم منزلة من يحاول اسماع الصم ، وإنما قدم الاسم في هذه الآية ولم يقل ـ أفتسمع الصم ـ لمعنى وهو اختصاصه صلى الله عليه وسلم كأنه تعالى قال له صلى الله عليه وسلم : أنت خصوصا تظن أنك تقدر على اسماعهم ، فتكون بمنزلة من ظن أن لنفسه قدرة على اسماع الصم .. واعلم أن حال المفعول في ذلك كحال الفاعل فاذا قدّمت المفعول توجه الانكار إلى كونه بمثابة أن يوقع به مثل ذلك الفعل فإذا قلت ـ أزيدا تضرب كان على هذا الحكم ولهذا قدّم ـ غير ـ في قوله تعالى : ( قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ). ومن ذلك قوله تعالى : ( أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ ) وقد تقدم بيانه فانهم بنوا كفرهم على أن البشر ليس بمثابة أن يتبع ويطاع .. واعلم أن صيغة المستقبل إما أن يكون الاسم مقدما أو الفعل فإن كان الإسم مقدما اقتضى شبيها بما اقتضاه في الماضي بمطالبته من الاقرار بكونه فاعلا فالانكار لذلك.

٢٣٥

فمثال ذلك قوله تعالى : ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ).

الثالث : الاستفهام للمبالغة في الاستحقار مثل قولك للرجل تستحقره ـ أنت تمنعني أنت تضربني ـ ومنه قوله تعالى : ( أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ ). وقوله تعالى : ( قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ).

الرابع : يأتي للمبالغة في التعظيم كقولك ـ أهو يسأل الله أهو يمنعهم حقوقهم ـ ومنه قوله تعالى : ( أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً ) إلى قوله : ( أَإِلهٌ مَعَ اللهِ ).

الخامس : يأتي للمبالغة في بيان الخساسة كقولك ـ أهو يسمع لهذا أو يرتاح إلى الجميل ـ ومنه قوله تعالى : ( أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ).

السادس : يؤتى بالاستفهام ليقع في النفس عذوبة المستفهم عنه ، واستحلاؤه كقول الشاعر :

أيا ظبية الوعثاء بين جلاجل

وبين النقا أأنت أم أمّ سالم

تقديره أأنت الظبية أم أمّ سالم. أتى بالاستفهام هاهنا ليوقع في النفس موقعا عظيما من الحسن ، وبديع المحاسن حتى يشكل حالها كمثل محاسنها ، فيبقى عند ناظرها من ذلك تخييل لا يفرق بسببه بينها وبين الظبية. وهذا النوع يسمى عند أرباب الصناعة التجاهل :

ـ ومن بديع التجاهل قول مهيار الديلمي :

أأنت أمرت البدر أن يصدع الدّجى

وعلّمت غصن البان أن يتميّلا

٢٣٦

ـ ومن بديعه أيضا قول الآخر :

وعقار عيش من

عاقرها عيش أنيق

هي للزّهو نظام

وإلى اللهو طريق

قلت لمّا لاح لي

منها شعاع وبريق

أشقيق أم عقيق

أم رحيق أم حريق

ـ وأما القسم الثاني من الاستفهام ، فهو أن يستفهم عن شيء لم يتقدم له به علم حتى يحصل له به علم. ومنه في القرآن العظيم وفي الشعر كثير ، وهذا هو أصل الباب.

٢٣٧

القسم الرابع والثلاثون

المزلزل

وهو أن يكون في الكلام لفظة لو غيّر وضعها أو إعرابها تغير المعنى. ومنه في القرآن العظيم كثير .. من ذلك قوله تعالى : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) لو كسرت الكاف لتغير المعنى. ومن ذلك قوله تعالى : ( أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) لو ضمّت لاختل المعنى. ومن ذلك قوله تعالى : ( فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ). ومن ذلك قوله تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ ). وقوله تعالى : ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) لو غير اعراب إبراهيم واعراب العلماء لاختل المعنى .. ومنه في الشعر قول الوطواط :

رسول الله كذّبه الأعادي

فويل ثم ويل للمكذّب

إن كسرت ذال المكذب ، كان حسنا ، وإن فتحت كان قبيحا وكفرا .. ومن هذا المعنى قوله تعالى : ( فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ ) نفتح الذال ولو كسرت الذال كان قبيحا وكفرا.

٢٣٨

القسم الخامس والثلاثون

التعجب

ومنه في القرآن العظيم كثير. من ذلك قوله تعالى : ( فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ) ـ ما ـ هاهنا تعجب والتقدير تعجبوا من صبرهم على النار ، وقيل هي الاستفهامية والتقدير فأيّ شيء صبّرهم على النار .. ومن التعجب قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) والخلاف فيها كالخلاف في الأولى .. ومن ذلك قوله تعالى : ( قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ ) أي ما أشد كفره. ومثله في القرآن كثير .. ومنه في الشعر قول بعضهم :

أيا شمعا يضيء بلا انطفاء

ويا بدرا يلوح بلا محاق

فأنت البدر ما سبب انتقاصي

وأنت الشمع ما سبب احتراقي

٢٣٩

القسم السادس والثلاثون

السلب والايجاب

قال علماء علم البيان : هو أن يوقع الكلام على اثبات شيء ، وينفيه في كلام واحد وخطبة واحدة أو بيت واحد. وهو في القرآن العظيم كثير .. ومن ذلك قوله تعالى : ( هُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ ). وقوله تعالى : ( هُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ ) .. ومنه في الشعر قول السموأل ابن عادياء اليهودي :

وتنكر إن شئنا على الناس قولهم

ولا ينكرون القول حين نقول

٢٤٠