العقائد الاسلامية - ج ٢

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الاسلامية - ج ٢

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-119-2 /
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٤٣٧

أما التقديس فأعني به تنزيه الرب تعالى عن الجسمية وتوابعها.

وأما التصديق فهو الاِيمان بما قاله صلى الله عليه وسلم ، وأن ما ذكره حق وهو فيما قاله صادق ، وأنه حق على الوجه الذي قاله وأراده.

وأما الاِعتراف بالعجز ، فهو أن يقر بأن معرفة مراده ليست على قدر طاقته ، وأن ذلك ليس من شأنه وحرفته.

وأما السكوت فأن لا يسأل عن معناه ولا يخوض فيه ويعلم أن سؤاله عنه بدعة ، وأنه في خوضه فيه مخاطر بدينه ، وأنه يوشك أن يكفر لو خاض فيه من حيث لا يشعر.

وأما الاِمساك فأن لا نتصرف في تلك الاَلفاظ بالتصريف والتبديل بلغة أخرى والزيادة فيه والنقصان منها والجمع والتفريق ، بل لا ينطق إلا بذلك اللفظ وعلى ذلك الوجه من الاِيراد والاِعراب والتصريف والصيغة.

وأما الكف فأن يكف باطنه عن البحث عنه والتفكر فيه.

وأما التسليم لاَهله فأن لا يعتقد أن ذلك إن خفي عليه لعجزه فقد خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على الاَنبياء أو على الصديقين والاَولياء.

فهذه سبع وظائف اعتقد كافة السلف وجوبها على كل العوام ، لا ينبغي أن يظن بالسلف الخلاف في شيء منها ، فلنشرحها وظيفة وظيفة إن شاء الله تعالى ... انتهى.

ومع أن الغزالي أنزل بالعوام هذه الفتاوى الشديدة منعاً لهم من تكذيب روايات السلف وأشاد بالسلف مدعياً أن ما يقوله هو مذهبهم ، لكنه قدم تأويلاً لها مخالفاً للحنابلة والسلف وهاجم اتجاههم في تحريم التأويل والميل إلى التشبيه حتى جعل منهم عبدة أصنام!

قال في ص ٢٠٩ :

الوظيفة الاَولى التقديس ومعناه : أنه إذا سمع اليد والاَصبع وقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله خمر طينة آدم بيده وإن قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن فينبغي أن يعلم أن اليد تطلق لمعنيين : أحدهما هو الوضع الاَصلي وهو عضو مركب

٦١

من لحم وعظم وعصب ، واللحم والعظم والعصب جسم مخصوص وصفات مخصوصة ، أعني بالجسم عبارة عن مقدار له طول وعرض وعمق يمنع غيره من أن يوجد بحيث هو إلا بأن يتنحى عن ذلك المكان. وقد يستعار هذا اللفظ أعني اليد لمعنى آخر ليس ذلك المعنى بجسم أصلاً كما يقال البلدة في يد الاَمير فإن ذلك مفهوم وإن كان الاَمير مقطوع اليد مثلاً.

فعلى العامي وغير العامي أن يتحقق قطعاً ويقيناً أن الرسول عليه‌السلاملم يرد بذلك جسماً هو عضو مركب من لحم ودم وعظم وأن ذلك في حق الله تعالى محال وهو عنه مقدس ، فإن خطر بباله أن الله جسم مركب من أعضاء فهو عابد صنم! فإن كل جسم فهو مخلوق وعبادة المخلوق كفر وعبادة الصنم كان كفراً لاَنه مخلوق وكان مخلوقاً لاَنه جسم ، فمن عبد جسماً فهو كافر بإجماع الاَئمة ، السلف منهم والخلف ، سواء كان ذلك الجسم كثيفاً كالجبال الصم الصلاب أو لطيفاً كالهواء والماء ، وسواء كان مظلماً كالاَرض أو مشرقاً كالشمس والقمر والكواكب ، أو مشفاً لا لون له كالهواء ، أو عظيماً كالعرش والكرسي والسماء ، أو صغيراً كالذرة والهباء ، أو جماداً كالحجارة ، أو حيواناً كالاِنسان.

فالجسم صنم ، فبأن يقدر حسنه وجماله أو عظمه أو صغره أو صلابته وبقاؤه لا يخرج عن كونه صنماً.

ومن نفى الجسمية عنه وعن يده وإصبعه ، فقد نفى العضوية واللحم والعصب وقدس الرب جل جلاله عما يوجب الحدوث ليعتقد بعده أنه عبارة عن معنى من المعاني ليس بجسم ولا عرض في جسم يليق ذلك المعنى بالله تعالى ، فإن كان لا يدري ذلك المعنى ولا يفهم كنه حقيقته فليس عليه في ذلك تكليف أصلاً ، فمعرفة تأويله ومعناه ليس بواجب عليه ، بل واجب عليه أن لا يخوض فيه. انتهى. وبذلك وافق الغزالي ورشيد رضا مذهبنا ومذهب المتأولين ، وخالف المفوضة وأهل الظاهر!

٦٢

وكل علماء السنة حتى المجسمة يصيرون متأولة عند الحاجة

كل المجسمة من الاَشاعرة والحنابلة والوهابيين الذين حرموا التأويل ، وأنكروا وجود المجاز في القرآن ، وأوجبوا حمل ألفاظه وألفاظ أحاديث الصفات على معانيها الظاهرة الحقيقية ، بل حتى أولئك الذين حكموا بأن المتأولة أهل ضلالة وبدعة وكفر وحذروا منهم .. كلهم يصيرون متأولة من الدرجة الاَولى عندما يقعون في مأزق الآيات والاَحاديث التي تخالف مذهبهم وتنفي إمكان الرؤية بالعين والتشبيه والتجسيم كقوله تعالى : لا تدركه الاَبصار ... ليس كمثله شيء ... لا يحيطون به علماً ... لن تراني .. إلخ.

وهكذا نجد أن إخواننا الذين نبزونا بألفاظ ( متاولة ، متوالي ، بني متوال ) يقومون هم بتأويل جميع الآيات والاَحاديث المخالفة لمذهبهم جهاراً نهاراً ، وجوباً قربة إلى الله تعالى ، من أجل الدفاع عن أحاديث الرؤية بالعين وظاهر الآيات المتشابهة فيها!

وهكذا يسقط منهجهم العلمي بتحريمهم التأويل في بعض الآيات والاَحاديث وتحليله في بعضها! وكان الاَولى بهم أن لا يلقوا أنفسهم في هذا المأزق ويتأولوا الآيات التي يوهم ظاهرها الرؤية من أول الاَمر من أجل الجمع المنطقي بينها وبين الآيات النافية للرؤية.

وإذا سألتهم : لماذا أوجبتم الاَخذ بظاهر هذه المجموعة من الآيات والاَحاديث وحرمتم تأويلها ، وأوجبتم تأويل تلك المجموعة وحرمتم الاَخذ بظاهرها! فليس عندهم جواب ، إلا أنهم أرادوا المحافظة على ظواهر آيات الرؤية بالعين وأحاديث الآحاد ، مهما كلفهم ذلك من تناقض في المنهج العلمي ، فالمهم عندهم أن لا تنخدش روايات الرؤية بالعين عن كعب الاَحبار ومن قلده من الخلفاء!

٦٣

ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ١٤٨

ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر في الفتح ١٣ ـ ٤٣٢ : فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الاَمر إلى التجسيم ، ومن لم يتضح له وعلم أن الله منزه عن الذي يقتضيه ظاهرها إما أن يكذب نقلتها وإما أن يؤولها. انتهى.

وقد تبنى ابن تيمية والوهابيون هذا الحل ( الشرعي ) فحكموا بوجوب تصديق هذه الروايات وتحريم تأويلها حتى لو أدت إلى التجسيم ، ثم هجموا على روايات التنزيه ونفي التجسيم بمعول التأويل!

ـ وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ١٥٦ ـ ١٥٩

وقد نقل الحافظ ابن جرير في تفسيره ٢٧ ـ ٧ تأويل لفظة ( أيد ) الواردة في قوله تعالى : والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ، بالقوة أيضاً عن جماعة من أئمة السلف منهم : مجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان ... ومما يجدر التنبيه عليه هنا ولا يجوز إغفاله أن هؤلاء القوم الذين يحاربون التأويل ويزعمون أنه ضلال وبدعة وتحريف للقرآن والسنة هم أنفسهم يؤولون ما لا يوافق آراءهم من نصوص الكتاب والسنة في مسائل الصفات! فنراهم يؤولون مثل قوله تعالى : وهو معكم وقوله تعالى : ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ، وقوله تعالى : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ، وقوله تعالى : إنني معكما أسمع وأرى ، وقوله تعالى : وهو معكم ، إلى غير ذلك من نصوص واضحة!

فإذا كان هذا قرآن وذاك قرآن فما الذي أوجب اعتقاد ظاهر هذا دون ظاهر ذاك وكله قرآن! ولماذا جوزوا تأويل ظاهر هذا دون ذلك!

... روى الخلال بسنده عن حنبل عن عمه الاِمام أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول : احتجوا عليّ يوم المناظرة فقالوا : تجيء يوم القيامة سورة البقرة ... الحديث قال فقلت لهم : إنما هو الثواب. اهـ. فتأمل في هذا التأويل الصريح ... نقل الحافظ

٦٤

البيهقي في الاَسماء والصفات ص ٤٧٠ عن البخاري أنه قال : معنى الضحك : الرحمة اهـ. وقال الحافظ البيهقي ص ٢٩٨ : روى الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال : معنى الضحك فيه ـ أي الحديث ـ الرحمة اهـ فتأمل. وقد نقل هذا التأويل أيضاً الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٦ ـ ٤٠.

ـ وقال التلمساني في نفح الطيب ج ٨ ص ٣٤

حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزله. وذلك أنه اجتمع معه في مجلس الخليفه فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم : ما الدليل أيها القاضي على جواز رؤية الله تعالى قال قوله تعالى : لا تدركه الاَبصار فنظر بعض المعتزله إلى بعض وقالوا : جن القاضي! وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على مذهبهم وهو ساكت ثم قال لهم : أتقولون إن من لسان العرب قولك الحائط لا يبصر قالوا : لا ... قال فلا يصح إذا نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له؟ قالوا : نعم ، قال فكذلك قوله تعالى : لا تدركه الاَبصار ، لو لا جواز إدراك الاَبصار له لم يصح نفيه عنه! انتهى.

وهكذا نرى أن الذين حرموا التأويل وكفروا المسلمين بسببه ، أفرطوا في ارتكابه ووصلوا به إلى حد السفسطة ، فأولوا النفي الصريح بالاِثبات ، ولم يبق عليهم إلا أن يؤلوا ( لا إلَه إلا الله ) بوجود عدة آلهة مع الله سبحانه وتعالى عما يصفون. وسوف ترى مزيداً من فنونهم في تأويل آيات نفي الرؤية والتنزيه ، عند استعراض تفسيرها ، إن شاء الله تعالى.

ـ ونختم بما قاله الشيخ محمد رضا جعفري في بحث الكلام عند الاِمامية ص ١٥١ من مجلة تراثنا عدد ٣٠

قال أبو الفرج ابن الجوزي : « واعلم أن عموم المحدثين حملوا ظاهر ما تعلق من صفات الباري سبحانه على مقتضى الحس فشبهوا ، لاَنهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه على مقتضى الحكم .. » (١)

وقال أيضاً : « واعلم أن الناس في أخبار الصفات على ثلاث مراتب : إحداها ،

٦٥

إمرارها على ما جاءت من غير تفسير ولا تأويل ، إلا أن تقع ضرورة كقوله تعالى ( وجاء ربك ) (٢) أي : جاء أمره ، وهذا مذهب السلف.

والمرتبة الثانية ، التأويل ، وهو مقام خطر.

والمرتبة الثالثة ، القول فيها بمقتضى الحس ، وقد عمَّ جهلة الناقلين (٣) ، إذ ليس لهم حظ من علوم المعقولات التي يعرف بها ما يجوز على الله تعالى وما يستحيل ، فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه ، فإذا عدموا تصرفوا في النقل بمقتضى الحس » (٤)

وقال تقي الدين ابن تيمية ، راداً على من قال : إن أكثر الحنابلة مجسمة ومشبهة :

« المشبهة والمجسمة في غير أصحاب الاِمام أحمد أكثر منهم فيهم ، فهؤلاء أصناف الاَكراد ، كلهم شافعية ، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف آخر ، وأهل جيلان فيهم شافعية وحنبلية ، وأما الحنبلية المحضة فليس فيهم من ذلك ما في غيرهم ، والكرامية كلهم حنفية ». (٥) ولست أقر ابن تيمية على دفاعه عن أهل مذهبه ولكني أسكت عنه ....

٤ ـ نماذج مختارة : وكنموذج لما أشار إليه ابن الجوزي في كلامه عن المحدثين أختار ثلاثة لم يكونوا من الحنابلة الصرحاء ، وأقدم لكل منهم بعض الترجمة كي لا يتهمني متهم بأني عثرت على مغمورين خاملين لم يكونوا ذوي شأن عند المحدثين :

١ ـ إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم ، أبو يعقوب الحنظلي المروزي ، ابن راهويه النيسابوري ( ١٦١/٧٧٨ ت ٢٣٨/٨٥٣.

قال الخطيب : كان أحد أئمة المسلمين ، وعلماً من أعلام الدين ، اجتمع له الحديث والفقه ، والحفظ والصدق ، والورع والزهد ، ورحل إلى العراق ، والحجاز ، واليمن ، والشام ... وورد بغداد وجالس حفاظ أهلها ، وذاكرهم ، وعاد إلى خراسان فاستوطن نيسابور إلى أن توفي بها ، وانتشر علمه عند الخراسانيين. وهكذا قال المزي والسبكي. وهو شيخ البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبوداود ، والنسائي ، وبقية بن الوليد ، ويحيى بن آدم ـ وهما من شيوخه ـ وأحمد بن حنبل ، وإسحاق

٦٦

الكوسج ، ومحمد بن رافع ، ويحيى بن معين ـ هؤلاء من أقرانه ـ وجماعة.

قال نعيم بن حماد : إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد بن حنبل فاتهمه في دينه ، وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتهمه في دينه.

وقال النسائي : أحد الاَئمة ، ثقة مأمون. وقال أحمد بن حنبل : إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به. وقال أبو حاتم : إمام من أئمة المسلمين. وقال ابن حبان : وكان إسحاق من سادات زمانه فقهاً ، وعلماً ، وحفظاً ، ونظراً ، ممن صنف الكتب ، وفرع السنن ، وذب عنها ، وقمع من خالفها ، وقبره مشهور يزار. وقال أبو عبدالله الحاكم : إمام عصره في الحفظ والفتوى. وقال أبو نعيم الاَصبهاني : كان إسحاق قرين أحمد [ بن حنبل ] وكان للآثار مثيراً ، ولاَهل الزيغ مبيراً.

وقال الذهبي : الاِمام الكبير ، شيخ المشرق ، سيد الحفاظ ، قد كان مع حفظه إماماً في التفسير ، رأساً في الفقه ، من أئمة الاِجتهاد. (٦)

أبو عيسى الترمذي ـ بعد أن أخرج الروايات التي تقول : إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه ... الحديث ـ قال : وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ، ولا يقال : كيف؟

هكذا روي عن مالك ، وسفيان بن عيينة ، وعبدالله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الاَحاديث : أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة. وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات ، وقالوا : هذا تشبيه. وقد ذكر الله عزوجل في غير موضع من كتابه : اليد ، والسمع ، والبصر ، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم ، وقالوا : إن الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا : إن معنى اليد ها هنا القوة.

وقال إسحاق بن إبراهيم (٧) : إنما يكون التشبيه إذا قال : يد كيد ، أو مثل يد ، أو سمع كسمع ، أو مثل سمع ، فإذا قال : سمع كسمع أو مثل سمع ، فهذا التشبيه. وأما

٦٧

إذا قال ـ كما قال الله تعالى ـ : يد ، وسمع ، وبصر ، ولا يقول : كيف ، ولا يقول مثل سمع ، ولا كسمع ، فهذا لا يكون تشبيهاً ، وهو كما قال الله تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ). (٨)

٢ ـ أبوبكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري ( ٢٢٣/٨٣٨ ـ ٣١١/٩٢٤ ) قالوا عنه : إنه كان إمام نيسابور في عصره ، فقيهاً ، مجتهداً ، بحراً من بحور العلم ، اتفق أهل عصره على تقدمه في العلم ، ولقبه الصفدي ، واليافعي ، والذهبي ، والسبكي ، وابن الجزري ، والسيوطي ، وابن عبدالحي بإمام الاَئمة. وقال الدار قطني : كان إماماً معدوم النظير. وقال ابن كثير : هو من المجتهدين في دين الاِسلام. وذكروا له الكرامات. وقال السمعاني : وجماعة [ من المحدثين ج ينسبون إليه ، يقال لكل واحد منهم خزيمي [ فهو إمام مدرسة حدثية ]. وهذا بعض ما قيل فيه (٩) :

أثبت ابن خزيمة الوجه لله سبحانه ، وقال : ( ليس معناه أن يشبه وجهه وجه الآدميين ، وإلا لكان كل قائل إن لبني آدم وجهاً ، وللخنازير ، والقردة ، والكلاب ... ـ إلى آخر ما عدد من الحيوانات ـ وجوهاً ، قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير والقردة والكلاب ... ) (١٠)

وذكر مثل هذا في العين ، واليد ، والكف ، واليمين ، وقال : إن عيني الله لا تشبهان أي عين لغيره ، وأضاف : نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الاَرض السابعة السفلى وما في السماوات العلى وما بينهما ونزيد شرحاً وبياناً ونقول : عين الله عزوجل قديمة لم تزل باقية ، ولا يزال محكوم لها بالبقاء منفي عنها الهلاك والفناء ، وعيون بني آدم محدثة ، كانت عدماً غير مكونة فكونها الله وخلقها بكلامه الذي هو صفة من صفات ذاته ... »(١١)

وقال : إن لله يدين ويداه قديمتان لم تزالا باقيتين ، وأيدي المخلوقين محدثة فأي تشبيه! ... (١٢) ونفى التأويل عن كل هذا ، خاصة تأويل اليد بالنعمة أو القوة. (١٣)

وذكر « أن كلام ربنا عزوجل لا يشبه كلام المخلوقين ، لاَن كلام الله كلام متواصل

٦٨

لا سكت بينه ولا سمت ، لا ككلام الآدميين الذي يكون بين كلامه سكت وسمت لانقطاع النفس ، أو التذاكر ، أو العي ... » (١٤)

٣ ـ عثمان بن سعيد ، أبو سعيد الدارمي ، التميمي ، السجستاني ( ح ١٩٩/٨١٥ ـ ٢٨٠/٨٩٤ ) الاِمام العلامة الحافظ ، الناقد الحجة ، وكان جذعاً وقذئ في أعين المبتدعة ، قائماً بالسنة ، ثقة ، حجة ، ثبتاً. وقيل فيه : كان إماماً يقتدى به في حياته وبعد مماته. ذكره الشافعية في طبقاتهم ، وعده الحنابلة من أصحاب ابن حنبل (١٥).

قال الدارمي بأن لله مكاناً حده ، وهو العرش (١٦) و ( هو بائن من خلقه فوق عرشه بفرجة بينه في هواء الآخرة ، حيث لا خلق معه هناك غيره ، ولا فوقه سماء ) (١٧) وقال ( قد أينا له مكاناً واحداً ، أعلى مكان ، وأطهر مكان ، وأشرف مكان : عرشه العظيم فوق السماء السابعة العليا ، حيث ليس معه هناك إنس ولا جان ، ولا بجنبه حش ، ولا مرحاض ، ولا شيطان. وزعمت أنت (١٨) والمضلون من زعمائك أنه في كل مكان ، وكل حش ومرحاض ، وبجنب كل إنسان وجان! أفأنتم تشبهونه إذ قلتم بالحلول في الاَماكن أم نحن؟! ) (١٩

وقال ( ولو لم يكن لله يدان بهما خلق آدم ومسه مسيساً كما ادعيت ، لم يجز أن يقال ( لله ) : بيدك الخير ... ) (٢٠) وأحال في ذلك كل معنى أو تأويل من نعمة أو قوة إلا اليدين (٢١) ( بما لهما من المعنى ، وهو العضو الخاص المحسوس ) ، ( وأن لله إصبعين ، من غير تأويل بمعنى آخر ) (٢٢) ( والقدمان قدمان من غير تأويل ) (٢٣) ( غير أنا نقول ، كما قال الله ( ويبقى وجه ربك ) (٢٤) إنه عنى به الوجه الذي هو الوجه عند المؤمنين ، لا الاَعمال الصالحة ، ولا القبلة ... ) (٢٥) وإن نفي التشبيه إنما هو بأن يكون لله كل هذا ، ولكن لا يشبه شيء منه شيئاً مما في المخلوقين ) (٢٦)

وقال الجعفري في هوامشه :

ــــــــــــــــــ

(١) تلبيس ابليس : ط ادارة الطباعة المنيرية ، القاهرة : ١٣٦٨/١١٦.

(٢) الفجر ٨٩ : ٢٢.

(٣) ويقصد بهم المحدثين.

٦٩

(٤) دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ، المكتبة التوفيقية ، القاهرة : ١٩٧٦/٧٣ ـ ٧٤.

(٥) المناظرة في العقيدة الواسطية ، مجموعة الرسائل الكبرى ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ، ط ٢ : ١٣٩٢/١٩٧٢ ، ١/٤١٨.

(٦) التاريخ الكبير ١ ـ ٣٧٩ ـ ٣٨٠ = ١٢٠٩ ، التاريخ الصغير ٢/٣٦٨ ، الجرح والتعديل ١ ـ ١ (٢) ٢٠٩ ـ ٢١٠= ٧١٤ ، ابن حبان ، الثقات ٨/١١٥ ـ ١١٦ ، طبقات الحنابلة ١/١٠٩ = ١٢٢ ، المنهج الاَحمد ١/١٠٨ ـ ١٠٩ = ٤٣ ، تاريخ بغداد ٦/٣٤٥ ـ ٣٣٥ = ٣٣٨١ ، حلية الاَولياء ٩/٢٣٤ ـ ٢٣٨ ابن خلكان ١/١٩٩ ـ ٢٠١ ، الاَنساب ٦/٥٦ ـ٥٧ ، السبكي ، طبقات الشافعية ٢/٨٣ ـ ٩٣ ، ميزان الاِعتدال ١/١٨٢ ـ ١٨٣ = ٧٣٣ ، سير أعلام النبلاء ١١/٣٥٨ ـ٣٨٢ ، تذكرة الحفاظ ٢/٤٣٣ ـ ٤٣٥ ، العبر ١/٤٢٦ ، الوافي بالوفيات ٨/٣٨٦ ـ ٣٨٨ = ٣٨٢٥ ، طبقات الحفاظ /١٨٨ ـ ١٨٩ = ٤١٩ ، ابن كثير ١٠/٣١٧ ، تهذيب التهذيب ١/٢١٦ ـ ٢١٩ = ٤٠٨ ، تهذيب الكمال ٢/٣٧٣ ـ ٣٨٨ ـ٣٣٢ ، طبقات المفسرين ١/١٠٢ ـ ١٠٣ ، شذرات الذهب ٢/٨٩.

(٧) هو إسحاق بن راهويه ـ عارضة الاَحوذي : ٣/٣٣٢.

(٨) الجامع الصحيح ، الزكاة ( ما جاء في فضل الصدقة ) ٣/٥٠ ـ ٥١ أي ٦٦٢.

(٩) الذهبي سير أعلام النبلاء : ١٤/٣٦٥ ـ ٣٨٢ ، تذكرة الحفاظ : ٢/٧٢٠ ـ ٧٣١ ، العبر : ٢/١٤٩ ، السمعاني ، الاَنساب : ٥/١٢٤ ، ابن الاَثير ، اللباب : ١/٤٤٢ ، ابن الجوزي ، المنتظم : ٦/١٨٤ ـ ١٨٦ ، ابن كثير ، البداية والنهاية ، ١١/١٤٩ ، السبكي ، طبقات الشافعية : ٣/١٠٩ ـ ١١٩ ، الصفدي ، الوافي بالوفيات : ٢/١٩٦ ، اليافعي ، مرآة الجنان : ٢/٢٦٤ ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب : ٢/٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، السيوطي ، طبقات الحفاظ : ٣١٠ ـ ٣١١ ، ابن الجزري ، طبقات القراء : ٢/٩٧ ـ ٩٨.

(١٠) التوحيد واثبات صفات الرب ، راجعه وعلق عليه محمد خليل هراس ، المدرس بكلية أصول الدين (بالاَزهر ) ، مكتبة الكليات الاَزهرية ، القاهرة : ١٣٨٧/١٩٦٨ ، /٢٣.

(١١) المصدر / ٥٠ ـ٥٢.

(١٢) المصدر / ٨٢ ـ ٨٥.

(١٣) المصدر / ٨٥ ـ ٨٧.

(١٤) المصدر / ١٤٥.

(١٥) سير أعلام النبلاء : ١٣/٣١٩ ـ ٣٢٦ ، تذكرة الحفاظ : ٢/٦٢١ ـ ٦٢٢ ، العبر : ٢/٦٤ ، مرآة الجنان :

٧٠

٢/١٩٣ ، ابن كثير ١١/٦٩ ، طبقات الشافعية : ٢/٣٠٢ ـ ٣٠٦ ، طبقات الحفاظ : ٢٧٤ ، طبقات الحنابلة : ١/٢٢١ ، شذرات الذهب : ٢/١٧٦.

(١٦) الرد على بشر المريسي ، عقائد السلف ، نشر : دكتور علي سامي النشار ، عمار جمعي الطالبي ، منشأة المعارف الاِسكندرية ، مصر : ١٩٧١/٣٨٢.

(١٧) المصدر / ٤٣٩.

(١٨) يخاطب به بشر المريسي ، الذي يرد عليه الدارمي ، وهو بشر بن غياب المريسي ، البغدادي ، الحنفي ( ح ١٣٨/٧٥٥ ـ ٢١٨ / ٨٣٣) م أعلام الحنيفة ، وممن نادى بخلق القرآن ودافع عنه ، وعن كثير من آراء المعتزلة

( ١٩) المصدر/ ١٩ (٢٠) المصدر/ ٣٨٧ (٢١) بما لهما من المعنى ، وهو العضو الخاص المحسوس ) المصدر / ٣٩٨.

(٢٢) المصدر / ٤٢٠.

(٢٣) المصدر / ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ، ٤٢٧ ـ ٤٢٨.

(٢٤) الرحمن ٥٥/٢٧.

(٢٥) المصدر / ٥١٦.

(٢٦) المصدر / ٤٣٢ ـ ٤٣٣ ، ٥٠٨ .. انتهى.

٧١

الفصل الثالث

بازار الاَحاديث في الرؤية والتشبيه والتجسيم

قالوا إن الله تعالى على صورة بشر!

ـ صحيح مسلم ج ٨ ص ٣٢

ـ عن أبي هريره قال : قال رسول الله ( ص ) إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته ..

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج ٢ ص ٢٩٩

أبو هريرة : خلق الله عز وجل آدم على صورته وطوله ستون ذراعاً ... فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ستون ذراعاً فلم تزل تنقص بعده حتى الآن. انتهى. ونحوه في ج ٥ ص ١٦٥ ونحوه في مصابيحه ج ٣ ص ٢٦٦

ـ مختصر تاريخ دمشق ج ٣ جزء ٥ ص ١٢٥

عن أبي هريرة ، عن النبي ( ص ) قال : خلق الله آدم على صورته طوله سبعون ذراعاً ... الى آخره. وقد تقدم تكذيب الاِمام مالك لهذا الحديث وغيره من أحاديث رؤية الله تعالى بالعين ، من سير أعلام النبلاء ج ٨ ص ١٠٣

٧٢

ـ وروى ابن حجر في لسان الميزان ج ٣ ص ٢٩٩ صيغة معقولة لهذا الحديث قال : ... العلاء بن مسلمة ، حدثنا عبدالله بن سيف ، ثنا إسماعيل بن رافع ، عن المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : لا يضربن أحدكم وجه خادمه ولا يقول لعن الله من أشبه وجهك ، فإن الله خلق آدم على صورة وجهه. انتهى. فهل يقبلها اخواننا ويخلصون أنفسهم من ورطة التجسيم.

ـ لجنة الاِفتاء الوهابية ج ٤ ص ٣٦٨ فتوى رقم ٢٣٣١

س ١ : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خلق الله آدم على صورته ستون ذراعاً ، فهل هذا الحديث صحيح؟

ج : نص الحديث : خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً ثم قال : إذهب فسلم على أولئك النفر ، وهم نفر من الملائكة جلوس ، فاستمع فما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك ، فذهب فقال : السلام عليكم ، فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله ، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعاً ، فلم يزل الخلق تنقص بعده إلى الآن. رواه الاِمام أحمد والبخاري ومسلم. وهو حديث صحيح ولا غرابة في متنه فإن له معنيان :

الاَول : أن الله لم يخلف آدم صغيراً قصيراً كالاَطفال من ذريته ثم نما وطال حتى بلغ ستين ذراعاً ، بل جعله يوم خلقه طويلاً على صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعاً.

والثاني : أن الضمير في قوله ( على صورته ) يعود على الله بدليل ما جاء في رواية أخرى صحيحة : على صورة الرحمن وهو ظاهر السياق ولا يلزم على ذلك التشبيه ، فإن الله سمى نفسه بأسماء سمى بها خلقه ، ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه ، ولم يلزم من ذلك التشبيه وكذا الصورة ، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه لاَن الاشتراك في الاِسم وفي المعنى الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما ، لقوله تعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

٧٣

وقالوا له سمع وبصر كسمع الاِنسان وبصره

ـ سنن أبي داود ج ٢ ص ٤١٩

... مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية : إن الله يأمركم أن تؤدوا الاَمانات إلى أهلها .. إلى قوله تعالى سميعاً بصيراً ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ، قال أبو هريرة : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه ، قال ابن يونس قال المقرىء : يعني أن الله سميع بصير ، يعني أن لله سمعاً وبصراً ، قال أبو داود : وهذا رد على الجهمية. انتهى. ورواه في ج ٢ ص ٢٣٣ ، وكأن قصد أبي داود أن الجهمية أفرطوا في التنزيه ، فيجب أن نرد عليهم بالتجسيم!

وقالوا له عينان مثل الاِنسان وهما سالمتان

ـ صحيح البخاري ج ٢ جزء ٤ ص ١٤١

قال عبدالله ( يعني ابن عمر ) ذكر النبي ( ص ) يوماً بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال : إن الله ليس بأعور ، إلا أن المسيح الدجال أعور العين. انتهى. وقد فسرها الوهابيون وأسلافهم ، بأن الله تعالى له عينان سالمتان! ورواه البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٤٩٧ ، ٥٠٧ عن ابن عمر أنه قال : قام رسول الله ( ص ) ثم ذكر الدجال : تعلمون أنه أعور ، وأن الله ليس بأعور. عن عباده ابن الصامت عن رسول الله ( ص ) : إن المسيح الدجال رجلٌ قصير أفجح جعد أعور ، وإن ربكم ليس بأعور.

وقالوا له أيدي وأعين ورجلان

ـ قال ابن حزم في المحلى ج ١ ص ٣٣

مسألة : وإن لله عز وجل عزاً وعزة وجلالاً وإكراماً ، ويداً ويدين وأيدياً ( كذا ) ووجهاً وعيناً وأعيناً ، وكبرياء ، وكل ذلك حق لا يرجع منه ولا من علمه تعالى وقدره وقوته إلا إلى الله تعالى لا إلى شيء غير الله عز وجل أصلاً ، نقر من ذلك مما في القرآن

٧٤

وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحل أن يزاد في ذلك ما لم يأت به نص من قرآن أو سنة صحيحة.

قال عز وجل : ذو الجلال والاِكرام وقال تعالى : يد الله فوق أيديهم ، لما خلقت بيدي ، ومما عملت أيدينا أنعاماً ، إنما نطعمكم لوجه الله ، ولتصنع على عيني ، إنك بأعيننا. ولا يحل أن يقال عينين لاَنه لم يأت بذلك نص ، ولا أن يقال سمع وبصر ولا حياة ، لاَنه لم يأت بذلك نص لكنه تعالى سميع بصير حي قيوم. انتهى.

ولعل ابن حزم لم يطلع على نص العينين وحديث السمع والبصر وغيرها ، وإلا لقال بها!

وقالوا قد يكون له أذن وقد يكون بلا أذن

ـ فتاوي الاَلباني ص ٣٤٤

ـ سؤال السائل : صفة الاَذن لله ، موقف أهل السنة والجماعة منها؟

جواب : لا يثبتون ولا ينفون بالرأي ، أما ما أثبته النص فهم يثبتونه بدون تكييف ... السلفيون مستريحون من هذه الكيفية يعني استراحوا من التشبيه عملاً بالتنزيه ... وأن العين : صفة من صفاته تليق بعظمته وجلاله.

وقالوا له جنب وحقو

ـ تفسير الطبري ج ٢٦ ص ٣٦

ـ عن أبي هريرة عن رسول الله ( ص ) أنه قال خلق الله الخلق فلما فرغ منهم تعلقت الرحم بحقو الرحمن فقال مه! فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ... ورواه البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٣٥٠

ـ وقال الشاطبي في الاِعتصام ج ٢ ص ٣٠٣

قول من زعم : أن لله سبحانه وتعالى جنباً مستدلاً بقوله : أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت من جنب الله.

٧٥

وقالوا إنه يمشي وقد يركض ويهرول

ـ فتاوي الاَلباني ص ٥٠٦

سؤال : حول الهرولة ، وهل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالى؟

جواب : الهرولة كالمجيء والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها.

ـ فتاوي ابن باز ج ٥ ص ٣٧٤

... ومن ذلك الحديث القدسي وهو قول الله سبحانه : من تقرب إلىّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ، ومن تقرب إلىّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ... أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ... انتهى.

وقالوا إنه تعالى يرى بالعين في الدنيا

ـ الفرق بين الفرق للنوبختي ص ٢٩٤

وأجمع أهل السنة على أن الله تعالى يكون مرئياً للمؤمنين في الآخرة ، وقالوا بجواز رؤيته في كل حال ولكل حي من طريق العقل ووجوب رؤيته للمؤمنين خاصة في الآخرة ، من طريق الخبر..

ـ مسند أحمد ج ٤ ص ٦٦

... عن خالد بن اللجلاج عن عبدالرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات غداة وهو طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا : يا رسول الله إنا نراك طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه ، فقال : وما يمنعي وأتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة ، قال يا محمد ، قلت لبيك ربي وسعديك ، قال : فيم يختصم الملأ الاَعلى؟ قلت لا أدري أي رب! قال ذلك مرتين أو ثلاثاً ، قال فوضع كفيه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السموات وما في الاَرض ، ثم تلا هذه

٧٦

الآية : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والاَرض وليكون من الموقنين. انتهى. ورواه في ج ٥ ص ٣٧٨ ، وستأتي بقية رواياته في تفسير قوله تعالى ( ما كذب الفؤاد ما رأى ).

وقالوا إنه يلبس قباء وجبة ويركب على جمل

ـ لسان الميزان ج ٢ ص ٢٣٨

ومما في الصفات له ( حدثنا ) أبو حفص بن سلمون ثنا عمرو بن عثمان ثنا أحمد بن محمد بن يوسف الاِصبهاني ثنا شعيب بن بيان الصفار ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً : إذا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الاَذان والاِقامة عليه رداء مكتوب عليه إنني أنا الله لا إلَه إلا أنا ، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلاً عليه ، فإذا سلم الاِمام صعد إلى السماء. وروى عن ابن سلمون بإسناد له : رأيت ربي بعرفات على جمل أحمر عليه إزار! انتهى. ورواه في ميزان الاِعتدال ج ١ ص ٥١٢

وقالوا إنه فتى أمرد جعد الشعر

ـ ميزان الاِعتدال ج ١ ص ٥٩٣

... عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : فلما تجلى ربه للجبل ، قال : أخرج طرف خنصره وضرب على إبهامه فساخ الجبل ، فقال حميد الطويل لثابت : تحدث بمثل هذا! قال فضرب في صدر حميد وقال : يقوله أنس ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا! رواه جماعة عن حماد وصححه الترمذي. إبراهيم بن أبي سويد وأسود بن عامر ، حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : رأيت ربي جعداً أمرد ، عليه حلة خضراء.

وقال ابن عدي : حدثنا عبدالله بن عبدالحميد الواسطي ، حدثنا النضر بن سلمة شاذان ، حدثنا الاَسود بن عامر ، عن حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة.

٧٧

... قال المرودي : قلت لاَحمد : يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب وأخرج كتابه بسماع قتادة عن عكرمة في ستة أحاديث. ورواه الحكم بن أبان عن زيرك عن عكرمة. وهو غريب جداً.

وقالوا إنه يضحك في الدنيا والآخرة

ـ صحيح البخاري ج ٢ جزء ٣ ص ٢١٠

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد.

ـ صحيح البخاري ج ٤ ص ٢٢٦

... فباتا طاويين ، فلما أصبح غد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما ، فأنزل الله : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.

ـ سنن النسائي ج ٦ ص ٣٨

... عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقتل أحدهما صاحبه ، وقال مرة أخرى : ليضحك من رجلين يقتل أحدهما صاحبه ثم يدخلان الجنة. تفسير ذلك أخبرنا محمد بن سلمة ... عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد. انتهى. ورواه ابن ماجة في ج ١ ص ٦٨

ـ وروى أحمد في مسنده ج ١ ص ٣٩٢

عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط فينكب مرة ويمشي مرة وتسفعه النار مرة ، فإذا جاوز

٧٨

الصراط التفت إليها فقال : تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً من الاَولين والآخرين ، قال فترفع له شجرة فينظر إليها فيقول : يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها ، فيقول : أي عبدي فلعلي إن أدنيتك منها سألتني غيرها ، فيقول : لا يا رب ، ويعاهد الله أن لا يسأله غيرها والرب عز وجل يعلم أنه سيسأله لاَنه يرى ما لا صبر له يعني عليه ، فيدنيه منها ثم ترفع له شجرة وهي أحسن منها فيقول : يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول : أي عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب هذه لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها فيدنيه منها ، فترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن منها فيقول : رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول : أي عبدي ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب هذه الشجرة لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها لاَنه يرى ما لا صبر له عليها فيدنيه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول : يا رب الجنة الجنة ، فيقول : عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب أدخلني الجنة.

قال فيقول عز وجل : ما يصريني منك أي عبدي أيرضيك أن أعطيك من الجنة الدنيا ومثلها معها؟

قال فيقول : أتهزؤ بي وأنت رب العزة!

قال فضحك عبدالله حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني لم ضحكت؟

قالوا له لم ضحكت؟

قال : لضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسألوني لم ضحكت؟

قالوا : لم ضحكت يا رسول الله؟

قال : لضحك الرب حين قال أتهزأ بي وأنت رب العزة!! انتهى. ورواه في ج ١ ص٤١١ وج ٢ ص ٣١٨ وص ٤٦٤ وص ٥١١ وروى نحوه في ج ٢ ص ٢٧٦ وص ٢٩٤

٧٩

وص٥٣٤ وج ٣ ص ٨٠ وابن ماجة في سننه ج ١ ص ٦٤ والديلمي في فردوس الاَخبار ج ٣ ص ٩ ح ٣٧٠٣ والبغوي في مصابيحه ج ١ ص ٤٣٣ وص ٥٤٤ وج ٣ ص ٥٤٦ والبيهقي في شعب الاِيمان ج ١ ص ٢٤٩ وفي دلائل النبوة ج ٦ ص ١٤٣ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٦١٥ والشوكاني في نيل الاَوطار ج ٣ ص ٥٧ وغيرهم .. وغيرهم..

وسيأتي عدد آخر من روايات ضحك الله المزعوم على هذا الرجل في روايات رؤيته بالعين في الآخرة.

ـ وقال ابن تيمية في الاِيمان ص ٤٢٤

وفي الصحيحين في حديث الشفاعة يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ... وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول : أتسخر بي وأنت رب العالمين! وكل هذا في الصحيح.

وقالوا إنه يضحك لمن يستلقي على دابته

ـ وروى أحمد في ج ١ ص ٣٣٠ رواية غريبة نسب فيها تصرفاً غير معقول للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونسب فيها إلى الله تعالى أنه يضحك لمن يذكره على دابته ثم يستلقي! قال الاِمام أحمد :

عن عبدالله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، وحمد الله ثلاثاً ، وسبح الله ثلاثاً ، وهلل الله واحدة ثم استلقى عليه فضحك ، ثم أقبل عليَّ فقال : ما من إمريء يركب دابته فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله تبارك وتعالى فضحك إليه كما ضحكت إليك!

وقالوا مادام الله يضحك فأملنا فيه كبير

ـ روى أحمد في مسنده ج ٤ ص ١١ وص ١٢ وص ١٣ رواية تعطي الناس الاَمل بالله

٨٠