العقائد الاسلامية - ج ٢

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الاسلامية - ج ٢

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-119-2 /
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٤٣٧

ـ التوحيد للصدوق ص ٣٢٤

باب أن العرش خلق أرباعاً.

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر ، عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال : إن الله عز وجل خلق العرش أرباعاً ، لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء : الهواء والقلم والنور ، ثم خلقه من أنوار مختلفة : فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ، ونور أصفر اصفرت منه الصفرة ، ونور أحمر احمرت منه الحمرة ، ونور أبيض وهو نور الاَنوار ومنه ضوء النهار ، ثم جعله سبعين ألف طبق ، غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين ، ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة ، ولو أذن للسانٍ منها فأسمع شيئاً مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون ، ولخسف البحار ولاَهلك ما دونه.

له ثمانية أركان على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم إلا الله عز وجل ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، ولو أحس شيء مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين. بينه وبين الاِحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة ثم العلم ، وليس وراء هذا مقال.

حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلامفي قول الله عز وجل : وسع كرسيه السموات والاَرض فقال : السماوات والاَرض وما بينهما في الكرسي ، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره.

ـ أخبار مكة للازرقي ج ١ ص ٥٠

عن أبي الطفيل قال : شهدت علياً رضي الله عنه وهو يخطب وهو يقول : سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به. وسلوني عن كتاب الله فوالله

٤٠١

ما منه آية إلا وأنا أعلم أنها بليل نزلت أم بنهار ، أم بسهل نزلت أم بجبل. فقام ابن الكواء وأنا بينه وبين علي رضي الله عنه وهو خلفي قال : أفرأيت البيت المعمور ما هو قال : ذاك الضراح فوق سبع سموات ، تحت العرش ، يدخله كل يوم سبعون الف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة.

تفسير إخواننا الموافق لمذهبنا

ـ تفسير البيضاوي ج ٣ ص ١٢

ثم استوى على العرش : استوى أمره أو استولى ، وعن أصحابنا أن الاِستواء على العرش صفة لله بلا كيف ، والمعنى : أن له تعالى استواء على العرض على الوجه الذي عناه ، منزهاً عن الاِستقرار والتمكن.

والعرش الجسم المحيط بسائر الاَجسام ، سمي به لاِرتفاعه أو للتشبيه بسرير الملك ، فإن الاَمور والتدابير تنزل منه ، وقيل الملك.

ـ سير أعلام النبلاء ج ٢٠ ص ٨٧

قال أبو موسى المديني : سألت إسماعيل يوماً ( إسماعيل بن محمد الحافظ ) : أليس قد روي عن ابن عباس في قوله استوى ، قعد قال : نعم. قلت له : إسحاق بن راهويه يقول : إنما يوصف بالقعود من يمل القيام. قال : لا أدري أيش يقول إسحاق.

وسمعته يقول : أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة ، ولا يطعن عليه بذلك ، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب.

قال أبوموسى : أشار بهذا إلى أنه قل إمام إلا وله زلة ، فإذا ترك لاَجل زلته ، ترك كثير من الاَئمة ، وهذا لا ينبغي أن يفعل.

ـ إرشاد الساري ج ٣ ص ٢٤

إضافة الظل إليه سبحانه وتعالى إضافة تشريف .... والله تعالى منزه عن الظل لاَنه من خواص الاَجسام ، فالمراد ظل عرشه ، كما في حديث سلمان.

٤٠٢

ـ إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤٢٠

قوله تعالى : ثم استوى على العرش ، وتفسير العرش بالسرير والاِستواء بالاِستقرار كما يقول المشبه باطل ، لاَنه تعالى كان قبل العرش ولا مكان ، وهو الآن كما كان ، والتغير من صفات الاَكوان.

ـ الجواهر الحسان للثعالبي ج ٢ ص ١٧٩

قوله سبحانه : ثم استوى على العرش ، إنه سبحانه مستوى على العرش على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي أراده ، استواء منزهاً عن المماسة والاِستقرار والتمكن والحلول والاِنتقال.

ـ نهاية الاِرب للنويري ج ١ ص ٣٢

روي أن أبا ذر قال يا رسول الله ( ص ) أي آية أنزلت عليك أعظم؟ قال : آية الكرسي ، ثم قال : يا أبا ذر أتدري ما الكرسي قلت لا ، فقال ما السماوات والاَرض في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في فلاة.ونحوه في الجواهر الحسان للثعالبي ج ١ ص١٩٦ ونحوه في فتح القدير للشوكاني ج ١ ص ٣٤٧

ـ لسان الميزان ج ١ ص ٧٨

إبراهيم بن عبدالصمد ، عن عبدالوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : الرحمن على العرش استوى على جميع بريته فلا يخلو منه مكان ، وعنه عبدالله بن داود الواسطي بهذا. أورده ابن عبد البر في التمهيد وقال لا يصح ، وعبد الله وعبدالوهاب ضعيفان ، وإبراهيم مجهول لا يعرف.

ـ حياة الحيوان للدميري ج ١ ص ٣٨٢

سئل إمام الحرمين : هل الباري تعالى في جهة؟ فقال : هو متعال عن ذلك.

ـ الفرق بين الفرق للنوبختي ص ٢٩٢

وقد قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : إن الله خلق العرش إظهاراً لقدرته لا مكاناً لذاته. وقال أيضاً : قد كان ولا مكان ، وهو الآن على ما كان.

٤٠٣

ـ معالم السنن للخطابي ج ٤ ص ٣٠٢

قال الشيخ : هذا الكلام ( أتدري ما الله إن عرشه على سماواته وقال بأصابعه مثل القبه .. ) إذا جرى على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية ، والكيفية عن الله وصفاته منفية.

ـ تفسير المنار لرشيد رضا ج ١٢ ص ١٦

أما عرش الرحمن عز وجل فهو من عالم الغيب الذي لا ندركه بحواسنا ، ولا نستطيع تصويره بأفكارنا ، فأجدر بنا أن لا نعلم كنه استوائه عليه .... إن بعض المتكلمين تكلفوا تفسير السموات السبع والكرسي والعرش العظيم ، أو تأويلهن بالاَفلاك التسعة عند فلاسفة اليونان المخالف للقرآن ....

ـ خزانة الاَدب للحموي ج ١ ص ٢٤٠

قال الزمخشري : .... قوله تعالى : الرحمن على العرش استوى .. الاِستواء على معنيين ، أحدهما الاِستقرار في المكان وهو المعنى القريب المورى به الذي هو غير مقصود ، لاَن الحق تعالى وتقدس منزه عن ذلك.

ـ وقد طعن المستشرق اليهودي جولد تسيهر في تفسير الاِستواء على العرش بغير القعود المادي ، تأييداً لمذهبه في التجسيم ، فقال في مذاهب التفسير الاِسلامي ص١٦٩ : وجاء ذكر كرسي الله سبحانه في آية الكرسي .... ويقول الزمخشري في ذلك : وما هو إلا تصوير لعظمته وتخييل فقط. ولا كرسي ثمة ولا قعود ولا قاعد. انتهى. وقد كذب هذا اليهودي على الزمخشري ليشنع عليه ، لاَنه خالف مذهبه في التجسيم.

تفسيرهم الذي فيه تجسيم

قالوا إن الله جالس على كرسيه كما قال اليهود

ـ تاريخ بغداد ج ١ ص ٢٩٥

محمد بن أحمد بن خالد بن شيرزاذ .. أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال قرىَ عليَّ أبي الحسين بن مظفر وأنا أسمع ، حدثكم أبوبكر محمد بن أحمد بن خالد

٤٠٤

القاضي ، قال نا سعيد بن محمد ، قال نا سلم بن قتيبة ، قال نا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : على العرش استوى ، قال : حتى يسمع أطيط كأطيط الرحل. انتهى. ونحوه في فردوس الاَخبار ج ١ ص٢٢٠ وفتح القدير ج ١ ص ٣٤٧

ـ مسند احمد ج ١ ص ٢٩٥

عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس على هذا المنبر منبر البصرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يكن نبي إلا له دعوة تنجزها في الدنيا ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لاَمتي ، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الاَرض ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، آدم فمن دونه تحت لوائي. قال : ويطول يوم القيامة على الناس .... قال ثم آتي باب الجنة فآخذ بحلقة باب الجنة فأقرع الباب فيقال من أنت فأقول محمد فيفتح لي فأرى ربي عز وجل وهو على كرسيه أو سريره ، فأخر له ساجداً وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي ولا يحمده بها أحد بعدي ، فيقال : إرفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع.

قال فأرفع رأسي فأقول : أي رب أمتي أمتي ، فيقال لي : أخرج من النار من كان في قلبه مثقال كذا وكذا فأخرجهم ، ثم أعود فأخر ساجداً وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي ولا يحمده بها أحد بعدي ، فيقال لي : إرفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأقول : أي رب أمتي أمتي ، فيقال : أخرج من النار من كان في قلبه مثقال كذا وكذا فأخرجهم ، قال وقال في الثالثة مثل هذا أيضاً! انتهى.

وهذه الرواية مضافاً إلى ما فيها من تجسيم فهي واحدة من روايات توسيع الشفاعة لتشمل جميع الاَمة برها وفاجرها وظالمها ومظلومها ، وقاتلها ومقتولها ، بل لتشمل كل الكفار تقريباً كما سترى في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى. ولم يستثن إخواننا من هذه الشفاعة الموسعة المجانية إلا أهل بيت النبي وشيعتهم!!

٤٠٥

ـ مجمع الزوائد ج ١ ص ١٢٦

وعن ثعلبة بن الحكم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لفصل عباده : إني لم أجعل علمي وحلمي فيكم ، إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي. رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون.

ـ سير أعلام النبلاء ج ١٧ ص ٦٥٦

قال أبونصر السجزي في كتاب الاَبانة : وأئمتنا كسفيان ، ومالك ، والحمادين ، وابن عيينة ، والفضيل ، وابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش ، وعلمه بكل مكان ، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا ، وأنه يغضب ويرضى ، ويتكلم بما شاء!

ـ دلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٤٨١

يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إلى الله وهو جالس على كرسيه. انتهى.

وقد أوردنا في الفصلين الثالث والخامس عدداً آخر من رواياتهم في جلوس الله تعالى على عرشه وأطيط العرش من ثقله بزعمهم ، وأثبتنا أن أول من فتح القول بالتجسيم في الاِسلام هو كعب الاَحبار والخليفة عمر.

وتناقضت رواياتهم في العرش والكرسي

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج ١ ص ٢١٩

ابن عمر : إن الله عز وجل ملأ عرشه ، يفضل منه كما يدور العرش أربعة أصابع بأصابع الرحمن عز وجل.

ـ تفسير الطبري ج ٣ ص ٨

ـ عن عبدالله بن خليفة أتت امرأة النبي فقال أدع الله أن يدخلني الجنه .. ثم قال (ص) إن كرسيه وسع السموات والاَرض وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع.

٤٠٦

ـ تفسير الطبري ج ٣ ص ٧

عن الربيع : وسع كرسيه السموات والاَرض ، قال لما نزلت .. قال أصحاب النبي : يا رسول الله هذا الكرسي وسع السموات والاَرض فكيف العرش؟ فأنزل الله تعالى وما قدروا الله حق قدره .... عن أبي موسى : قال الكرسي موضع القدمين. وعن السدي : والكرسي بين يدي العرش وهو موضع قدميه.

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج ٥ ص ١٢٨

ابن عباس : وسع كرسيه السموات والاَرض ، كرسيه موضع قدمه ، والعرش لا يقدر قدره. ونحوه في تاريخ بغداد ج ٩ ص ٢٥١ وفي تفسير الصنعاني ج ٢ ص ٢٠٣ وفي فردوس الاَخبار ج ٥ ص ١٢٨

ـ مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٤٣

وعن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يجمع الاَمم يوم القيامة ثم ينزل من عرشه إلى كرسيه ، وكرسيه وسع السموات والاَرض.

ـ سنن أبي داود ج ٢ ص ٤١٩

قال ابن بشار في حديثه : إن الله فوق عرشه ، وعرشه فوق سمواته. وساق الحديث.

ـ إرشاد الساري للقسطلاني ج ٥ ص ٢٤٩

عن بعض السلف أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهه.

ـ إرشاد الساري للقسطلاني ج ٧ ص ٤٢

قال قوم هو ( أي الكرسي ) جسم بين يدي العرش .... وزعم بعض أهل الهيئة من الاِسلاميين أن الكرسي هو الفلك الثامن .... وهو الاَطلس.

ـ إرشاد الساري للقسطلاني ج ٧ ص ٣١٢

قال ابن كثير : والعرش فوق العالم مما يلي رؤس الناس.

٤٠٧

وقالوا عرش الله كرسي متحرك

ـ مجمع الزوائد ج ١٠ ص ١٥٤

وعن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول .... فيكون كذلك حتى يصبح الصبح ثم يعلو عز وجل على كرسيه. رواه الطبراني في الكبير والاَوسط بنحوه .... ويحيى بن إسحاق لم يسمع من عبادة ولم يرو عنه غير موسى بن عقبة ، وبقية رجال الكبير رجال الصحيح.

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج ٥ ص ٣٦٠

عبادة بن الصامت : ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا فلا يزال كذلك حتى يصلي الصبح ، ثم يعلو ربنا عز وجل على كرسيه.

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج ٥ ص ٣٦١

ينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ، ويضع عرشه حيث يشاء من الاَرض.

وقالوا العرش غير الكرسي ، وقالوا العرش هو الكرسي!

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج ٥ ص ٣٦٥

ينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي.

ـ معالم التنزيل للبغوي ج ١ ص ٢٣٩

أبو هريرة : الكرسي هو العرش.

ـ وروى السيوطي في ج ١ ص ٣٢٤

وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال كان الحسن يقول الكرسي هو العرش .... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... وسع كرسيه السموات والاَرض ، فهي تئط من عظمته وجلاله كما يئط الرحل الجديد.ورواه في كنز العمال ج ١٤ ص ٦٣٦

٤٠٨

تفسير قوله تعالى : عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً

قال اللّه تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا. ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً. الاِسراء ٧٨ ـ ٧٩

وقالوا يجلس الله على عرشه ويُجْلس النبي إلى جانبه

ـ روى الدارمي في سننه ج ٢ ص ٣٢٥

عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قيل له ما المقام المحمود؟ قال : ذاك يوم ينزل الله تعالى على كرسيه يئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه به ، وهو كسعة ما بين السماء والاَرض ، ويجاء بكم حفاة عراة غزلاً ، فيكون أول من يكسى إبراهيم ، يقول الله تعالى أكسوا خليلي ، فيؤتي بريطتين بيضاوين من رياط الجنة ، ثم أكسى على أثره ثم أقوم عن يمين الله مقاماً يغبطني الاَولون والآخرون. ورواه الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٣٦٤ والبغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٥٥٢ والهندي في كنز العمال ج ١٤ ص ٤١٢ والسيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٨٤

ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج ١ ص ٣٤ وص ٣٢٨ وص ٣٢٤

وأخرج ابن المنذر وأبوالشيخ عن ابن مسعود قال قال رجل يا رسول الله ما المقام المحمود؟ قال : ذلك يوم ينزل الله على كرسيه يئط منه كما يئط الرحل الجديد من تضايقه ، وهو كسعة ما بين السماء والاَرض. ورواه في كنز العمال ج ١٤ ص ٦٣٦

ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٨

وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا ، قال : يجلسه بينه وبين جبريل عليه‌السلامويشفع لاَمته ، فذلك المقام المحمود.

٤٠٩

ـ وروى البيهقي في دلائل النبوة ج ٥ ص ٤٨١

يأتي رسول الله ( ص ) يوم القيامة إلى الله وهو جالس على كرسيه.

ـ دلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٤٨٦

عن عبد الله بن سلام : .. وينجو النبي ( ص ) والصالحون معه وتتلقاهم الملائكة يرونهم منازلهم .. حتى ينتهي إلى الله عز وجل فيلقى له كرسي.

ـ وروى الديلمي في فردوس الاَخبار ج ٣ ص ٨٥

ابن عمر : عسى الله أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ، يجلسني معه على السرير.

ـ وفي فردوس الاَخبار ج ٤ ص ٢٩٨

أنس بن مالك : من كرامتي على ربي عز وجل قعودي على العرش.

ـ وقال الشوكاني في فتح القدير ج ٣ ص ٣١٦

إن المقام المحمود هو أن الله سبحانه يجلس محمداً ( ص ) معه على كرسيه ، حكاه ابن جرير .... وقد ورد في ذلك حديث.

ـ تاريخ بغداد ج ٣ ص ٢٢

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي ، أخبرنا يحيى بن وصيف الخواص ، حدثنا أحمد بن علي الخراز ، حدثنا المعيطي وغير واحد قالوا : حدثنا محمد بن فضيل عن ليث بن مجاهد في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا ، قال : يقعده معه على العرش..

ـ تاريخ بغداد ج ٨ ص ٥٢

عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل وما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع ، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد!

٤١٠

قال أبوبكر المروذي قال لي أبو علي الحسين بن شبيب قال لي أبو بكر بن سلم العابد حين قدمنا إلى بغداد : أخرج ذلك الحديث الذي كتبناه عن أبي حمزة فكتبه أبو بكر بن سلم بخطه وسمعناه جميعاً ، وقال أبو بكر بن سلم : إن الموضع الذي يفضل لمحمد صلى الله عليه وسلم ليجلسه عليه. قال أبو بكر الصيدلاني : من رد هذا فإنما أراد الطعن على أبي بكر المروذي ، وعلى أبي بكر بن سلم العابد ....

ونفى الفكرة بعض علماء السنة

ـ صحيح شرح العقيدة الطحاوية ج ١ ص ٥٧٠

قال الاِمام الطحاوي رحمه‌الله : والشفاعة التي ادخرها لهم حق كما روي في الاَخبار ، ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ، ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة ، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ، ولا نقنطهم.

الشرح : لقد ثبتت الشفاعة منطوقاً ومفهوماً في القرآن الكريم وخاصة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن تلك الآيات قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى ، الضحى ٣ ، وقال تعالى : عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا. الاِسراء ٧٩ ، وتفسير المقام المحمود بالشفاعة ثابت في الصحيحين وغيرهما (٣٣٨). وقال الله تعالى : يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً. طه ٩ ـ ١٠. وقال تعالى : ما من شفيع إلا من بعد إذنه يونس ـ ٣. وفي شفاعة الملائكة قوله تعالى : بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول. وهم بأمره يعملون. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون.الاَنبياء : ٧٨.

وقال في هامشه : (٣٣٨) أنظر البخاري ٣ ـ ٣٣٨ و ٨ ـ ٣٩٩ و ١٣ ـ ٤٢٢ ومسلم ١ ـ ١٧٩. ومن الغريب العجيب أن يعرض المجسمة والمشبهة عن هذا الوارد الثابت في الصحيحين ، ويفسروا المقام المحمود بجلوس سيدنا محمد على العرش بجنب

٤١١

الله!! تعالى الله عن إفكهم وكذبهم علواً كبيراً ، وهم يعتمدون على ذلك على ما يروى عن مجاهد بسند ضعيف من أنه قال ما ذكرناه من التفسير المنكر المستشنع ، وتكفل الخلال في كتابه السنة ١ ـ ٢٠٩ بنصرة التفسير المخطئ المستبشع ، وقد نطق بما هو مستنشع عند جميع العقلاء!

وقال المستشرقون إنها فكرة مسيحية

ـ مذاهب التفسير الاِسلامي لجولد شهر ص ١٢٢ ـ ١٢٣

... سجلت فتنة ببغداد ، أثارها نزاع على مسألة من التفسير ذلك هو تفسير الآية ٧٩ من سورة الاِسراء : ومن الليل فتهجد به نافلة عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا. ما المراد من المقام المحمود؟ ذهب الحنابلة .... إلى أن الذي يفهم من ذلك هو أن الله سبحانه يقعد النبي معه على العرش .... ربما كان هذا متأثراً بما جاء في إنجيل مرقص ١٦ ، ١٩ ، وآخرون ذهبوا إلى أن المقام المحمود .. هو مرتبة الشفاعة التي يرفع اليها النبي.

واعترفوا بأن بعض هذه الاَحاديث موضوع

ـ ميزان الاِعتدال ج ٤ ص ١٧٤

أنبأني جماعة عن عين الشمس الثقفية ، أخبرنا محمد ابن أبي ذر سنة ست وعشرين وخمسمائة ، أخبرنا أبوطاهر عبدالرحيم ، أخبرنا عبدالله بن محمد القباب ، أخبرنا أحمد بن الحسن بن هارون الاَشعري ، حدثنا على بن محمد القادسي بعكبرا سنة ست وخمسين ومائتين ، حدثنا محمد بن حماد ، عن مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد : أين حبيب الله فيتخطى صفوف الملائكة حتى يصير إلى العرش ، حتى يجلسه معه على العرش ، حتى يمس ركبته. فهذا لعله وضعه أحد هؤلاء أصحاب مقاتل أو القادسي.

٤١٢

وقالوا يجلس صاحب أحمد بن حنبل على سجاد العرش

ـ تاريخ بغداد ج ١٢ ص ١١٢

حدثنا أحمد بن عبد الله الحفار ، قال رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقلت : يا أبا عبد الله ما صنع الله بك؟ قال : حباني وأعطاني وقربني وأدناني. قال قلت : الشيخ الزمن علي بن الموفق ما صنع الله به؟ قال : الساعة تركته على زلالي ، يريد العرش. انتهى. وقال في هامشه : الزلية : بكسر الزاي واللام البساط ، والجمع زلالي. عن القاموس.

وقالوا يُجْلس أبا بكر على كرسي عند العرش

ـ تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٨٦

عن ابن أبي ذئب ، عن معن بن الوليد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ بن جبل قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة نصب لاِبراهيم منبر أمام العرش ونصب لي منبر أمام العرش ، ونصب لاَبي بكر كرسي ، فنجلس عليها وينادي مناد يالك من صديق بين خليل وحبيب.!!

تفسير قوله تعالى : فلما آسفونا انتقمنا منهم

قال تعالى عن فرعون : فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين. فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. الزخرف ٥٤ ـ ٥٥

قال أهل البيت عليهم‌السلام : إن الله لا يأسف كأسفنا

ـ الكافي ج ١ ص ١٤٤

محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عمه حمزة بن بزيع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلامفي قول الله عز وجل : فلما آسفونا انتقمنا منهم ، فقال : إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون

٤١٣

ويرضون وهم مخلوقون مربوبون ، فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه ، لاَنه جعلهم الدعاة إليه والاَدلاء عليه ، فلذلك صاروا كذلك ، وليس أن ذلك يصل إلى خلقه ، لكن هذا معنى ما قال من ذلك ، وقد قال : من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها ، وقال : ومن يطع الرسول فقد أطاع الله. وقال : إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم. فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك ، وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الاَشياء مما يشاكل ذلك.

ولو كان يصل إلى الله الاَسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما ، لجاز لقائل هذا أن يقول : إن الخالق يبيد يوماً ما ، لاَنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير ، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الاِبادة ، ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه ، ولا الخالق من المخلوق ، تعالى الله عن هذا القول علواً كبيرا ، بل هو الخالق للاَشياء لا لحاجة ، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه ، فافهم إن شاء الله تعالى. انتهى.

أقول : ومما يؤيد تفسير آسفونا في الآية بأنهم آسفوا الاَنبياء والاَوصياء عليهم‌السلام ، أنه تعالى قال ( آسفونا ) بجمع المتكلم ولم يقل آسفوني بالمفرد ، وقد فسرها الاِمام عليه‌السلامبأن الله تعالى نسب الفعل إلى نفسه لاَنهم آسفوا عباده الخاصين ، لاَن إغضابهم إغضاب له تعالى.

وهذا يفتح لنا باباً لفهم نسبة الفعل الاِلَهي وقانونها في القرآن ، ومتى يسند الفعل إلى الله تعالى بصيغة المفرد المتكلم ، ومتى يسند بصيغة الجمع ، أو بصيغة الغائب. فإن دراسة الاَفعال المسندة إلى الله تعالى في القرآن ، عن طريق إحصائها وتقسيمها وتحليلها ، سيعطينا فوائد متعددة في معرفة أنواع الفعل الاِلَهي ووسائله. ففي كل نوع من صيغ نسبته إلى الله تعالى هدف ، ووراءه قاعدة ..

فبعض الاَفعال أسندها عز وجل إلى نفسه بصيغة المفرد المتكلم وجمع المتكلم والمفرد الغائب ، مثل : أوحيت ، أوحينا ، نوحي ، أوحي .... وبعضها أسندها

٤١٤

بصيغة جمع المتكلم والغائب فقط ولم يسندها بصيغة المفرد مثل : بشرنا ، أرسلنا ، صورنا ، رزقنا ، بينا .. الخ. ولم يقل بشرت أو رزقت .... الخ.

إن كلمات القرآن وحروفه موضوعة في مواضعها بموجب علوم إلَهية عميقة وحسابات ربانية دقيقة ، كما وضعت النجوم في مواضعها ومداراتها في الكون ( فلا أقسم بمواقع النجوم ، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ، إنه لقرآن كريم ). وإن كشف أصل وجود القاعدة في نسبة الفعل الاِلَهي في القرآن بحد ذاته أمر مهم. ولكن معادلتها وتطبيقاتها ستبقى على الاَرجح ظناً وتخميناً ، لاَننا محرومون من الذي عنده علم الكتاب روحي فداه!

روى في الاِحتجاج أن شخصاً جاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلاموقال له : لولا ما في القرآن من الاِختلاف والتناقص لدخلت في دينكم! فقال له عليه‌السلام : وما هو فقال : .... أجد الله يقول : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ، وفي موضع آخر يقول : الله يتوفى الاَنفس حين موتها ، والذين تتوفاهم الملائكة طيبين ، وما أشبه ذلك ، فمرة يجعل الفعل لنفسه ومرة لملك الموت ، ومرة للملائكة .... فقال أمير المؤمنين : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، تبارك وتعالى ، هو الحي الدائم ، القائم على كل نفس بما كسبت ، هات أيضاً ما شككت فيه :

قال : حسبي ما ذكرت ..... قال عليه‌السلام : فأما قوله : الله يتوفى الاَنفس حين موتها ، وقوله : يتوفاكم ملك الموت ، وتوفته رسلنا ، والذين تتوفاهم الملائكة طيبين ، والذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم .... فهو تبارك وتعالى أعظم وأجل من أن يتولى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله ، لاَنهم بأمره يعملون ، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلاً وسفرة بينه وبين خلقه وهم الذين قال فيهم : الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس .. فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة ، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره ، وفعلهم فعله ، وكل ما

٤١٥

يأتون به منسوب إليه ، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت وفعل ملك الموت فعل الله لاَنه يتوفى الاَنفس على يد من يشاء ، ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء ، وإن فعل أمنائه فعله. انتهى.

ـ التوحيد للصدوق ص ١٦٨

باب معنى رضاه عز وجل وسخطه.

حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثني أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد عيسى اليقطيني ، عن المشرقي ، عن حمزة بن الربيع ، عمن ذكره قال : كنت في مجلس أبي جعفر عليه‌السلامإذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له : جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى : ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ، ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : هو العقاب يا عمرو ، إنه من زعم أن الله عز وجل زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق ، إن الله عز وجل لا يستفزه شيء ولا يغيره.

وبهذا الاِسناد ، عن أحمد بن أبي عبد الله : ـ .... كما في رواية الكافي المتقدمة.

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن العباس بن عمرو الفقيمي ، عن هشام بن الحكم أن رجلاً سأل أبا عبدالله عليه‌السلامعن الله تبارك وتعالى له رضا وسخط؟ فقال : نعم ، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين ، وذلك أن الرضا والغضب دَخَال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال ( لاَن المخلوق أجوف ) معتمل مركب ، للاَشياء فيه مدخل ، وخالقنا لا مدخل للاَشياء فيه ، واحد أحدي الذات واحدي المعنى ، فرضاه ثوابه ، وسخطه عقابه ، من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال ، فإن ذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين ، وهو تبارك وتعالى القوي العزيز الذي لا حاجة به إلى شيء مما خلق ، وخلقه جميعاً محتاجون إليه ، إنما خلق الاَشياء من غير حاجة ولا سبب ، اختراعاً وابتداعاً.

٤١٦

حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدثنا الحسن بن علي السكري قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري ، عن جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه قال : سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلامفقلت له : يابن رسول الله أخبرني عن الله عز وجل هل له رضا وسخط؟ فقال : نعم وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين ولكن غضب الله عقابه ، ورضاه ثوابه.

ـ بحار الاَنوار ج ٤ ص ٦٣

روى حديث توحيد الصدوق الثالث ، وقال :

بيان : في الكافي هكذا : فينقله من حال إلى حال لاَن المخلوق أجوف معتمل. وهو الظاهر. والحاصل أن عروض تلك الاَحوال والتغيرات إنما يكون لمخلوق أجوف له قابلية ما يحصل فيه ويدخله ، معتمل يعمل بأعمال صفاته وآلاته ، مركب من أمور مختلفة وجهات مختلفة للاَشياء من الصفات والجهات والآلات فيه مدخل ، وخالقنا تبارك اسمه لا مدخل للاَشياء فيه لاستحالة التركيب في ذاته ، فإنه أحدي الذات واحدي المعنى ، فإذن لا كثرة فيه لا في ذاته ولا في صفاته الحقيقية ، وإنما الاِختلاف في الفعل فيثيب عند الرضا ويعاقب عند السخط. قال السيد الداماد رحمه‌الله : المخلوق أجوف لما قد برهن واستبان في حكمة ما فوق الطبيعة أن كل ممكن زوج تركيبي ، وكل مركب مروج الحقيقة فإنه أجوف الذات لا محالة ، فما لا جوف لذاته على الحقيقة هو الاَحد الحق سبحانه لا غير ، فإذن الصمد الحق ليس هو إلا الذات الاَحدية الحقة من كل جهة ، فقد تصحح من هذا الحديث الشريف تأويل الصمد بما لا جوف له وما لا مدخل لمفهوم من المفهومات وشيء من الاَشياء في ذاته أصلاً.

الاحتجاج : عن هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق عن الصادق عليه‌السلام. فقال : فلم يزل صانع العالم عالماً بالاَحداث التي أحدثها قبل أن يحدثها؟ قال : لم يزل يعلم فخلق. قال : أمختلف هو أم مؤتلف؟ قال : لا يليق به الاِختلاف ولا الايتلاف ، إنما يختلف المتجزي ويأتلف المتبعض ، فلا يقال له : مؤتلف ولا مختلف.

٤١٧

قال : فكيف هو الله الواحد؟

قال : واحد في ذاته فلا واحد كواحد ، لاَن ما سواه من الواحد متجزئ ، وهو تبارك وتعالى واحد لا متجزئ ، ولا يقع عليه العد.

تفسير إخواننا الموافق لمذهبنا

ـ إرشاد الساري ج ٤ ص ٢٣٥

الغضب من المخلوقين شيء يداخل قلوبهم ، ولا يليق أن يوصف الباري تعالى بذلك ، فيؤول ذلك على ما يليق به تعالى ، فيحمل على آثاره ولوازمه.وفي ج ٥ ص ٢٢٩ والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة إيصال الشر إلى المغضوب عليه.وفي ج ٦ ص ١٥٦ نسبة الضحك والتعجب إلى الباري جل وعلا مجازية ، والمراد بهما الرضا بصنيعهما.

ـ شرح مسلم للنووي ج ٢ جزء ٣ ص ٦٨

المراد بغضب الله تعالى ما يظهر من انتقامه فيمن عصاه .. لاَن الله تعالى يستحيل في حقه التغير في الغضب.

تفسيرهم الذي فيه تجسيم

ـ تفسير الصنعاني ج ٢ ص ١٦٦

حدثنا عبد الرزاق قال : سمعت ابن جريج يقول : وغضب في شيء فقيل له : أتغضب يا أبا خالد! فقال : قد غضب خالق الاَحلام ، إن الله تعالى يقول لما آسفونا ، أغضبونا.

عن سماك بن الفضل قال : كنت عند عروة بن محمد جالساً وعنده وهب بن منبه فأتى بعامل لعروة .. فقالوا فعل وفعل ، وثبت عليه البينة ، قال فلم يملك وهب بن منبه نفسه فضربه على قرنه بعصا وقال : أفي زمن عمر بن عبدالعزيز يصنع مثل هذا

٤١٨

قال : فاشتهاها عروة .... وقال : يعيب علينا أبو عبد الله الغضب وهو يغضب! قال وهب : قد غضب خالق الاَحلام ، إن الله يقول : فلما أسفونا انتقمنا منهم ، يقول أغضبونا. انتهى. وقد ذكرنا في فصل مكانة المشبهين والمجسمين في مصادر إخواننا : أن وهباً استند في الظاهر إلى الآية ليثبت أن الغضب الاِلَهي كغضب البشر ، ولكن أصل الغضب الاِلَهي في ثقافته هو الغضب التلمودي الذي قال عنه الدكتور أحمد شلبي في مقارنة الاَديان ج ١ ص ٢٦٧ : يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل ، ومما يرويه التلمود على لسان الله قوله : تب لي لاَني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود ، لاَنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش فحلف بحرمانهم من الحياة الاَبدية ، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه ، ولم ينفذ قسمه لاَنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة. انتهى. والمصيبة أن اخواننا أخذوا نسبة الغضب البشري إلى الله تعالى من وهب وأمثاله من اليهود وجعلوها من عقائد الاِسلام ، ثم قعدوا يبكون من خطر الاسرائيليات على الاِسلام والمسلمين!

ـ الدر المنثور ج ٦ ص ١٩

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة : فلما آسفونا ، قال أغضبونا.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فلما آسفونا ، قال أغضبونا. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : فلما آسفونا ، قال أغضبونا.

ـ دلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٤٧٧

عن أبي هريرة قال : .... فيأتون موسى فيقولون : يا موسى أنت رسول الله .. إشفع لنا عند ربك .. فيقول لهم موسى : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله ، وإني قتلت نفساً لم أومر بقتلها .. نفسي نفسي ، إذهبوا إلى عيسى .... قال : فيأتون عيسى

٤١٩

فيقولون : يا عيسى أنت رسول الله إشفع لنا عند ربك .... فيقول لهم عيسى : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله ، ولم يذكر ذنباً ، نفسي نفسي ، إذهبوا إلى غيري ، إذهبوا إلى محمد ( ص ).

ـ مقالات الاِسلاميين للاشعري ج ١ ص ٢١١

واختلف الناس في حملة العرش ما الذي يحمله؟ فقال قائلون الحملة تحمل الباري وأنه إذا غضب ثقل على كواهلهم ، وإذا رضي خف! .. وقال بعضهم الحملة ثمانية أملاك. وقال بعضهم ثمانية أصناف. وقال قائلون : إنه على العرش.

ـ الاِيمان لابن تيمية ص ٤٢٤

وفي الصحيحين في حديث الشفاعة : يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله .... عن النبي : لله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة .. وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ، وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول أتسخر بي وأنت رب العالمين .... وكل هذا في الصحيح..

ـ فتاوى ابن باز ج ٢ ص ٩٦

وهكذا القول في باقي الصفات ، من السمع ، والبصر ، والرضى ، والغضب ، واليد ، والقدم ، والاَصابع ، والكلام ، والاِرادة ، وغير ذلك ، كلها يقال إنها معلومة من حيث اللغة العربية! فالاِيمان بها واجب والكيف مجهول لنا لا يعلمه إلا الله ... انتهى.

وإذا كان الكيف مجهولاً كما يقول المفتي ابن باز فلماذا يصر على تفسيره بالظاهر الحسي ولماذا لا يكون مفوضاً مثل مفوضة السلف ، اللذين أوكلوا هذه الصفات إلى الله تعالى؟!

٤٢٠