العقائد الاسلامية - ج ٢

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الاسلامية - ج ٢

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-119-2 /
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٤٣٧

قال أحمد بن حنبل : إذا رأيت من يغمزه ، فاتهمه فإنه كان شديداً على أهل البدع ، إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه ، فلذلك لم يحتج به البخاري ، وأما مسلم فاجتهد فيه وأخرج من حديثه عن ثابت ، مما سمع منه قبل تغيره ، وما عن غير ثابت فأخرج نحو اثني عشر حديثاً في الشواهد دون الاحتجاج ، فالاحتياط أن لا يحتج به فيما يخالف الثقات ....

قال أبو القاسم البغوي : حدثني محمد بن مطهر قال : سألت أحمد ابن حنبل فقال : حماد بن سلمة عندنا من الثقات ، ما نزداد فيه كل يوم إلا بصيرة.

قال أبوسلمة التبوذكي : مات حماد بن سلمة وقد أتى عليه ست وسبعون سنة.

وقال ابن سعد : أخبرني أ بوعبد الله التميمي قال : أخبرني أبوخالد الرازي ، عن حماد بن سلمة قال : أخذ إياس بن معاوية بيدي وأنا غلام فقال : لا تموت حتى تقص ، أما إني قد قلت هذا لخالك يعني حميد الطويل ، فما مات حماد حتى قص. قال أبو خالد قلت لحماد : أنت قصصت قال : نعم.

قلت : القاص هو الواعظ.

قال علي بن عبدالله : قلت ليحيى : حملت عن حماد بن سلمة إملاء. قال : نعم ، إملاء كلها ، إلا شيئا كنت أسأله عنه في السوق ، فأتحفظ. قلت ليحيى : كان يقول : حدثني وحدثنا قال : نعم ، كان يجيء بها عفواً ، حدثني وحدثنا ... انتهى.

أقول : ينبغي للباحث أن يتوقف عند فراسة إياس بن معاوية بأن حماداً قصاص ، وأن فراسته قد تحققت في حماد! فالقصاص في القرون الاَولى له مواصفات محددة ، ومن أولها أن يعرف الاسرائيليات ويقصها على الناس .. ولابد أن حمادا كان صاحب بضاعة كبيرة من الاسرائيليات ، وأين هي ... إلا في مروياته!

ـ تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٢٠٢

حماد بن سلمة بن دينار الامام الحافظ شيخ الاسلام أبو سلمة الربعي مولاهم البصري .... وقال وهيب : حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا.

٢٤١

وقال أحمد بن حنبل : حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت البناني وأثبتهم في حميد ... قلت : هو أول من صنف التصانيف ... وقيل إن حماد بن سلمة تزوج سبعين امرأة ولم يولد له ولد. وعن حمد بن حنبل قال : إذا رأيت الرجل ينال من حماد بن سلمة فاتهمه على الاِسلام. مناقب حماد يطول شرحها ....

واحترمه البخاري وروى عنه ولم يكتفوا بذلك

مع أن البخاري ترجم لحماد في تاريخه الكبير ج ٣ ص ٢٢ بكل احترام ، وروى عنه في صحيحه ، ولكن المتعصبين لحماد هاجموا البخاري لماذا لم يحتج بحماد فيما خالف فيه الثقات! وقد دافع بعضهم عن البخاري!

قال في الموضوعات ج ١ ص ٣٤ : وإنما اشترط البخاري ومسلم الثقة والاشتهار وقد تركا أشياء كثيرة تركها قريب وأشياء لاوجه لتركها ، فمما ترك البخارى الرواية عن حماد بن سلمة مع علمه بثقته لاَنه قيل له إنه كان له ربيب يدخل في حديثه ما ليس منه.

ـ تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٦٦

يعرض ابن حبان هنا بمحمد بن اسماعيل البخاري صاحب الصحيح ، وقد رد ابن حبان على البخاري رداً قوياً في مقدمة صحيحه ١١٤ ـ ١١٧ بسبب عدم تخريجه له.

ـ الاَنساب للسمعاني ج ٢ ص ٣٥٦

ولم ينصف من جانب حديثه واحتج بأبي بكر بن عياش في كتابه وبابن أخي الزهري وبعبد الرحمن بن عبدالله بن دينار ، فإن كان تركه إياه لما كان يخطيء فغيره من أقرانه مثل الثوري وشعبة ودونهما كانوا يخطئون ، فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجوداً ، وأنى يبلغ أبوبكر حماد بن سلمة ، ولم يكن من أقران حماد بالبصرة مثله في الفضل والدين والعلم والنسك والجمع والكتبة والصلابة في السنة والقمع لاَهل البدعة ، ولم يكن مثله في أيامه

٢٤٢

معتزلي قدري جهمي لما كان يظهر من السنن الصحيحة التي ينكرها المعتزلة ، وأنى يبلغ أبوبكر بن عياش حماد ابن سلمة في إتقانه أم في جمعه أم في ضبطه. هذا كله كلام أبي حاتم بن حبان البستي.

.... واعتذر أبوالفضل بن طاهر عن ذلك لما ذكر أن مسلماً أخرج أحاديث أقوام ترك البخاري حديثهم ، قال : وكذلك حماد بن سلمة إمام كبير لمدحه الائمة وأطنبوا لما تكلم بعض منتحلي المعرفة أن بعض الكذبة أدخل في حديثه ما ليس منه. لم يخرج عنه البخاري معتمداً عليه ، بل استشهد به في مواضع ليبين أنه ثقة ، وأخرج أحاديثه التي يرويها من حديث أقرانه كشعبة وحماد بن زيد وأبي عوانة وغيرهم.

ومسلم اعتمد عليه لاَنه رأى جماعة من أصحابه القدماء والمتأخرين لم يختلفوا وشاهد مسلم منهم جماعة وأخذ عنهم. ثم عدالة الرجل في نفسه وإجماع أئمة أهل النقل على ثقته وأمانته!!

نعيم بن حماد

ـ التاريخ الكبير ج ٨ ص ١٠٠

نعيم بن حماد المروزي سكن مصر كنيته أبو عبد الله سمع ابن المبارك وابن عيينة والفضل بن موسى ، هو الفارض ....

ـ الجرح والتعديل ج ٨ ص ٤٦٣

نعيم بن حماد وكنيته أبو عبد الله المروزي الخزاعي الاعور المعروف بالفارض سكن مصر روى عن عبد الموَمن بن خالد ... مات سنة ثمان وعشرين ومئتين ...

بعض مناكيره ورواياته في التجسيم

ـ ميزان الاِعتدال ج ٢ ص ١٠٢

نعيم بن حماد ، حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي ، عن أبيه ، عن سعيد بن

٢٤٣

المسيب ، عن عمر ـ مرفوعاً : سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي ، فأوحى الله إليّ : يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم بعضهم أضوأ من بعض ، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى. فهذا باطل ، وعبد الرحيم تركوه ، ونعيم صاحب مناكير.

ـ ميزان الاِعتدال ج ٤ ص ٢٦٨

قال أبو داود : كان عند نعيم بن حماد نحو عشرين حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ليس لها أصل. وقال النسائي : هو ضعيف.

وقال أبو زرعة الدمشقي : عرضت على دحيم حديثاً حدثناه نعيم بن حماد ، عن الوليد بن مسلم ، عن ابن جابر ، عن ابن أبي زكريا ، عن رجاء بن حياة ، عن النواس بن سمعان : إذا تكلم الله بالوحي .... فقال دحيم : لا أصل له.

نعيم بن حماد ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن مروان بن عثمان ، عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل أنها سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : رأيت ربي في أحسن صورة شابا موقرا رجلاه في خضرة عليه نعلان من ذهب. قال أبو عبد الرحمن النسائي : ومن مروان حتى يصدق على الله تعالى! وقد سرد ابن عدي في الكامل جملة أحاديث انفرد بها نعيم ...

ـ سير أعلام النبلاء ج ١٣ ص ٢٩٩

عن ابن قتيبة : وما أحسن قول نعيم بن حماد ، الذي سمعناه بأصح إسناد عن محمد ابن إسماعيل الترمذي ، أنه سمعه يقول : من شبه الله بخلقه ، فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه ، فقد كفر ، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيهاً.

قلت : أراد أن الصفات تابعة للموصوف ، فإذا كان الموصوف تعالى : صفاته لا مثل لها ، إذ لا فرق بين القول في الذات والقول في الصفات ، وهذا هو مذهب السلف. انتهى.

٢٤٤

وهكذا يدافع الذهبي عن تشبيه ابن حماد وتجسيمه ، وقد صحح خبر أم الطفيل كما سترى!

ـ تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤٠٩

وقال صالح بن محمد الاسدي في حديث شعيب عن الزهري كان محمد بن جبير يحدث عن معاوية في : الاَمراء من قريش ، والزهري إذا قال كان فلان يحدث فليس هو سماع. قال : وقد روى هذا الحديث نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن محمد بن جبير عن معاوية نحوه ، وليس لهذا الحديث أصل من ابن المبارك! ولا أدري من أين جاء به نعيم! وكان نعيم يحدث من حفظه وعنده مناكير كثيرة لايتابع عليها. قال : وسمعت يحيى بن معين سئل عنه فقال ليس في الحديث بشيء ولكنه صاحب سنة.

وقال الآجري عن أبي داود عند نعيم نحو عشرين حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل. وقال النسائي نعيم ضعيف ، وقال في موضع آخر ليس بثقة ... وقال غيره : كان يضع الحديث في تقوية السنة!! وحكايات في ثلب أبي حنيفة كلها كذب ....

وقال أبو الفتح الاَزدي : قالوا كان يضع الحديث في تقوية السنة!! وحكايات مزورة في ثلب أبي حنيفة كلها كذب ... قال النسائي ضعيف ...

ـ سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٩٥

قال عبد الخالق بن منصور : رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في خبر أم الطفيل في الرؤية ويقول : ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا ....

فأما خبر أم الطفيل ، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره ، حدثنا نعيم ، حدثنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل امرأة أُبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا. فهذا خبر منكر جدا ،

٢٤٥

أحسن النسائي حيث يقول : ومن مروان بن عثمان حتى يصدق على الله!

وهذا لم ينفرد به نعيم ، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ ، وأحمد بن عيسى التستري ، وأحمد بن عبدالرحمن بن وهب ، عن ابن وهب. قال أبو زرعة النصري : رجاله معروفون.

قلت : بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال وهم معروفون عدول ، فأما مروان ، وما أدراك ما مروان ، فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الانصاري ، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الانصاري. ولئن جوزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، فهو أدرى بما قال!! ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره عليه‌السلام ، ولا نحن نحسن أن نعبره ، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي ، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض (!) في ذلك بحيث إن بعض الفضلاء قال : تصحف الحديث ، وإنما هو : رأى رئية ، بياء مشددة. وقد قال علي رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يعرفون ، ودعوا ما ينكرون. وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثا كثيرا مما لا يحتاجه المسلم في دينه ، وكان يقول : لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم ، وليس هذا من باب كتمان العلم في شيء ، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الامة حفظه ، والعلم الذي في فضائل الاعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره ، وينبغي للامة نقله ، والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء.!! انتهى.

فقد صحح الذهبي حديث أم الطفيل وفسره بالظاهر الحسي المادي ، ثم حبذ عدم الخوض فيه! وهذا هو مذهبه ومذهب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ، كما بينا في كتاب الوهابية والتوحيد.

ـ وقال ابن كثير في تفسيره ، في قوله تعالى : ثم استوى على العرش ـ الاَعراف٥٤ : بل الاَمر كما قال الاَئمة ، منهم نعيم بن حمادالخزاعي شيخ البخاري : من شبه الله بخلقه فقد كفر. ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه!

٢٤٦

ـ قال السبكي الكبير في السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل ـ ومعه تكملة الرد على نونية ابن القيم للكوثري ـ مكتبة زهران بمصر. وابن زفيل هو ابن القيم وزفيل اسم أبيه الذي كان قيما للمدرسة الجوزية وهي مدرسة للحنابلة بدمشق فعرف باسم ابن قيم الجوزية.

ـ قال في ص ٢٠٥ :

ومما يزيدك بصيرة في هذا الباب اجتراء الذهبي على حذف لفظ ( إن صحت الحكاية عنه ) من كلام البيهقى في الاَسماء والصفات ( ص ٣٠٣ ) عندما نقل كلامه في كتاب العلو ( ص ١٢٦ ) في صدد نسبة القول بأن الله في السماء الى أبي حنيفة ليخيل الى السامع أن سند هذه الرواية لا مغمز فيه!

مع أن نوحاً الجامع ربيب مقاتل بن سليمان المجسم في السند هالك مثل زوج أمه ، وكذلك نعيم بن حماد ربيب نوح وقد ذكره كثير من أئمة أصول الدين في عداد المجسمة! فأين التعويل على رواية مجسم فيما يحتج به لمذهبه؟! وليس بقليل ما ذكره الذهبي في حقهما في ميزان الاعتدال ..

ومع ذلك وثقوا نعيماً لاَنه صلب في السنة!!

ـ سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٩٥

نعيم بن حماد بن معاوية ابن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك ، الامام العلامة الحافظ ، أبو عبد الله الخزاعي المروزي الفرضي الاَعور ... روى عنه : البخاري مقرونا بآخر ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة بواسطة ، ويحيى بن معين ، والحسن بن علي الحلواني ، وأحمد بن يوسف السلمي ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ومحمد بن عوف ، والرمادي ، وأبومحمد الدارمي ، وسمويه ، وأ بوالدرداء عبدالعزيز بن منيب ، وعبيد بن شريك البزار ، وأبو حاتم ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي ، ويعقوب الفسوي ، وأبو الاَحوص العكبري ، وبكر بن سهل الدمياطي ، وخلقٌ ...

٢٤٧

ـ تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤٠٩

روى عنه البخاري مقروناً وروى له الباقون سوى النسائي بواسطة ... وقال الميموني عن أحمد : أول من عرفناه يكتب المسند نعيم. وقال الخطيب يقال إنه أول من جمع المسند.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : كان نعيم كاتباً لابي عصمة وهو شديد الرد على الجهمية وأهل الاهواء ومنه تعلم نعيم بن حماد ....

وقال أيضاً : ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبدالعزيز بن سلام حدثني أحمد بن ثابت أبويحيى سمعت أحمد ويحيى بن معين يقولان : نعيم معروف بالطلب ، ثم ذمه بأنه يروي عن غير الثقات ....

قال ابن عدي وابن حماد متهم فيما يقوله عن نعيم لصلابته في أهل الرأي وأورد له ابن عدي أحاديث مناكير وقال : وليعلم غير ما ذكرت. وقد أثنى عليه قوم وضعفه قوم وكان أحد من يتصلب في السنة.

ـ تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤١١

قال عبد الغني بن سعيد المصري : كل من حدث به عن عيسى بن يونس غير نعيم بن حماد فإنما أخذه من نعيم. وبهذا الحديث سقط نعيم عند كثير من أهل العلم بالحديث إلا أن يحيى ابن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب بل كان ينسبه إلى الوهم .... وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ ووهم .... أما نعيم فقد ثبتت عدالته وصدقه ولكن في حديثه أوهام معروفة ... قال فيه الدارقطني إمام في السنة كثير الوهم. وقال أبو أحمد الحاكم ربما يخالف في بعض حديثه وقد مضى أن ابن عدي يتتبع ما وهم فيه ، فهذا فصل القول فيه.

ـ هامش سير أعلام النبلاء ج ١٩ ص ٥٠٥

هو نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي نزيل مصر ، مشهور من الحفاظ ، لقيه البخاري ولكنه لم يخرج عنه في الصحيح سوى موضع أو

٢٤٨

موضعين ، وعلق له أشياء أخر ، وروى له مسلم في المقدمة موضعاً واحداً ، وأصحاب السنن إلا النسائي ، وكان أحمد يوثقه ، وكذا في رواية عن ابن معين ، وسئل عنه ابن معين فقال : ليس في الحديث بشيء ولكنه صاحب سنة ، وقال الآجري عن أبي داود : عند نعيم نحو عشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل ، وقال النسائي : نعيم ضعيف ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة ، وقال الحافظ أبوعلي النيسابوري : سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة بالسنن ، فقيل له في قبول حديثه ، فقال : قد كثر تفرده عن الائمة فصار في حد من لا يحتج به. وقال ابن قاسم : كان صدوقاً وهو كثير الخطأ ، وله أحاديث منكرة ( في الملاحم ) انفرد بها. وقال الدارقطني : إمام في السنة كثير الوهم.

* *

٢٤٩

الفصل السادس

مكانة المشبهين والمجسمين في مصادر إخواننا

لا نحتاج إلى إثبات احترام مصادر إخواننا السنة لاَهل التشبيه والتجسيم ، بعد أن كشفنا أن التشبيه والتجسيم دخل إلى المسلمين من كعب الاَحبار وجماعته ، عن طريق أكبر شخصيات الدولة الاِسلامية ، وبذلك شقت أحاديثه طريقها إلى مصادرهم ، فصارت جزء من عقائد الاَمة وتاريخها ، وتأثر بها علماء وجماهير! وتحقق قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تقليد المسلمين لليهود والنصارى : حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل!

إنه بحث مفيد أن يتتبع الباحث مجرى هذه الاَحاديث وتأثيرها على حياة الاَمة الفكرية والاِجتماعية والسياسية ، ويؤرخ لقصة التجسيم والمجسمين ابتداء من كعب الاَحبار .. إلى .. عصرنا ، وما سببته من انقسامات في الاَمة وصراعات ، وحروب وخسارات ..

ونكتفي هنا بلقطات من عصور مختلفة يظهر منها احترام أكثر المصادر وأكثر الحكام للتجسيم والمجسمين.

٢٥٠

وهب بن منبه : فارسي ، يهودي ، مجسم محترم وشيخ للمحدثين

ـ روى عنه الصنعاني في تفسيره كثيراً من أفكار التوراة والتلمود في التجسيم ، منها في ج ١ ص ٢١٦ : عن وهب بن منبه .... لما أكل آدم وحواء من الشجرة بدت لهما سوآتهما دخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه أين أنت يا آدم؟

قال : ها هنا يا رب.

قال : ألا تخرج؟

قال : أستحي منك يا رب!

فقال : ملعونة الاَرض التي خلقت منها!

ـ ورواه الطبري مفصلاً في تاريخه ج ١ ص ٧٢ ، وروى عنه أنواعاً من الاِسرائيليات تكفي للتدليل على أن ثقافة وهب يهودية تلمودية ، فمما رواه في تاريخه ج ١ ص٣٣٧ : عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال : لما سلمت بنو إسرائيل الملك لطالوت أوحى الله إلى نبي بني إسرائيل أن قل لطالوت فليغز أهل مدين فلا يترك فيها حياً إلا قتله ، فإني سأظهره عليهم ، فخرج بالناس حتى أتى مدين فقتل من كان فيها إلا ملكهم فإنه أسره وساق مواشيهم.

فأوحى الله إلى أشمويل : ألا تعجب من طالوت إذ أمرته بأمري فأختل فيه فجاء بملكهم أسيراً وساق مواشيهم ، فالقه فقل له لأنزعن الملك من بيته ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة ، فإني إنما أكرم من أطاعني وأهين من هان عليه أمري.

فلقيه فقال له : ما صنعت لم جئت بملكهم أسيراً ، ولم سقت مواشيهم!

قال : إنما سقت المواشي لاَقربها.

قال له أشمويل : إن الله قد نزع من بيتك الملك ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة!

فأوحى الله إلى أشمويل إنطلق إلى إيشي فيعرض عليك بنيه فادهن الذي آمرك بدهن القدس يكن ملكاً على بني إسرائيل! فانطلق حتى أتى إيشي فقال : إعرض عليَّ بنيك.

٢٥١

فدعا إيشي بأكبر ولده فأقبل رجل جسيم حسن المنظر ، فلما نظر إليه أشمويل أعجبه ، فقال الحمد لله إن الله بصير بالعباد ، فأوحى الله إليه : إن عينيك تبصران ما ظهر ، وإني أطلع على ما في القلوب ليس بهذا.

فقال ليس بهذا ، إعرض عليّ غيره فعرض عليه ستة ، في كل ذلك يقول ليس بهذا إعرض عليَّ غيره ، فقال هل لك من ولد غيرهم؟

فقال بلى لي غلام أمغر وهو راع في الغنم.

قال أرسل إليه ، فلما أن جاء داود جاء غلام أمغر فدهنه بدهن القدس ، وقال لاَبيه : أكتم هذا فإن طالوت لو يطلع عليه قتله!

فسار جالوت في قومه إلى بني إسرائيل فعسكر ، وسار طالوت ببني إسرائيل وعسكر وتهيؤوا للقتال فأرسل جالوت إلى طالوت : لم يقتل قومي وقومك؟ أبرز لي أو أبرز لي من شئت ، فإن قتلتك كان الملك لي وإن قتلتني كان لك ، فأرسل طالوت في عسكره صائحاً من يبرز لجالوت .. ثم ذكر قصة طالوت وجالوت وقتل داود إياه وما كان من طالوت إلى داود. انتهى.

وقد قبل الطبري هذه الرواية فقال : قال أبو جعفر : وفي هذا الخبر بيان أن داود قد كان الله حول الملك له قبل قتله جالوت وقبل أن يكون من طالوت إليه ما كان من محاولته قتله ، وأما سائر من روينا عنه قولاً في ذلك فإنهم قالوا إنما ملك داود بعد ما قتل طالوت وولده.

ـ وروى الطبري في تاريخه عن وهب أيضاً ج ١ ص ٣٤٣

ابن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول : إن داود أراد أن يعلم عدد بني إسرائيل كم هم ، فبعث لذلك عرفاء ونقباء وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ عددهم ، فعتب الله عليه ذلك وقال :

قد علمت أني وعدت إبراهيم أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلهم كعدد نجوم السماء وأجعلهم لا يحصى عددهم ، فأردت أن تعلم عدد ما قلت إنه لا يحصى

٢٥٢

عددهم ، فاختاروا بين أن أبتليكم بالجوع ثلاث سنين أو أسلط عليكم العدو ثلاثة أشهر أو الموت ثلاثة أيام!

فاستشار داود في ذلك بني إسرائيل فقالوا ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر ، ولا بالعدو ثلاثة أشهر ، فليس لهم بقية ، فإن كان لابد فالموت بيده لا بيد غيره.

فذكر وهب بن منبه أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف كبيرة لا يدرى ما عددهم!

فلما رأى ذلك داود شق عليه ما بلغه من كثرة الموت فتبتل إلى الله ودعاه فقال :

يا رب أنا آكل الحماض وبنو إسرائيل يضرسون! أنا طلبت ذلك فأمرت به بني إسرائيل فما كان من شيء فبي واعف عن بني إسرائيل.

فاستجاب الله له ورفع عنهم الموت ، فرأى داود الملائكة سالين سيوفهم يغمدونها يرتقون في سلم من ذهب من الصخرة إلى السماء ، فقال داود : هذا مكان ينبغي أن يبنى فيه مسجد.

فأراد داود أن يأخذ في بنائه فأوحى الله إليه أن هذا بيت مقدس وأنك قد صبغت يدك في الدماء فلست ببانيه ، ولكن ابن لك أملكه بعدك أسميه سليمان أسلمه من الدماء ، فلما ملك سليمان بناه وشرفه!

ـ وروى عنه المزي في تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٣٣

وقال حنظلة بن أبي سفيان ، عن عروة بن محمد : لما استعملت على اليمن قال لي أبي : أوليت اليمن قلت : نعم. قال : إذا غضبت فانظر إلى السماء فوقك وإلى الاَرض أسفل منك ثم أعظم خالقهما. وقال سماك بن الفضل : كنت عند عروة بن محمد جالساً وعنده وهب بن منبه فأتي بعامل لعروة فشكي ، فأكثروا عليه فقالوا : فعل وفعل وثبتت عليه البينة. قال : فلم يملك وهب نفسه فضربه على قرنه بعصا فإذا دماؤه تشخب وقال : أفي زمن عمر بن عبد العزيز تصنع مثل هذا! قال : فاشتهاها عروة وكان حليماً واستلقى على قفاه وضحك ، وقال : يعيب علينا أبو عبد الله

٢٥٣

الغضب في حكمته وهو يغضب! فقال وهب : وما لي لا أغضب وقد غضب خالق الاَحلام! إن الله تعالى يقول : فلما آسفونا انتقمنا منهم ، يقول : أغضبونا. انتهى.

أقول : حاول وهب أن يستدل على نسبة الغضب إلى الله تعالى بالآية ففسر ( آسفونا ) بأن الله تعالى يغضب كغضب البشر ، ولكن أصل الغضب الاِلَهي في رأس وهب هو الغضب التلمودي الذي قال عنه الدكتور أحمد شلبي في مقارنة الاَديان ج ١ ص ٢٦٧ :

يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل ، ومما يرويه التلمود على لسان الله قوله : تب لي لاَني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود ، لاَنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش ، فحلف بحرمانهم من الحياة الاَبدية ، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه ، ولم ينفذ قسمه لاَنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة.

ـ وترجم السمعاني لوهب في الاَنساب بكل احترام فقال في ج ٣ ص ١١

وأبو عبد الله وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن سبسجان الذماري من أبناء فارس ، كان ينزل ذمار ، يروي عن جابر بن عبدالله وابن عباس رضي الله عنهم وأخيه همام بن منبه ، وكان عابداً فاضلاً ، قرأ الكتب ومكث أربعين سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء الآخرة ، وهم أخوة خمسة : وهب وهمام وغيلان وعقيل ومعقل والد عقيل بن معقل ، روى عنه عمرو بن دينار والمغيرة بن حكيم وعوف الاَعرابي وسماك بن الفضل والمنذر بن النعمان وبكار وعبدالصمد بن معقل ، وسئل أبو زرعة عن وهب بن منبه فقال : يماني ثقة .... الخ.

ـ وترجم له الذهبي في ميزان الاِعتدال كما يترجم لثقاة الرواة فقال في ج ٤ ص ٣٥٢ :

وهب بن منبه أبو عبد الله اليماني ، صاحب القصص ، من أحبار علماء التابعين ، ولد في آخر خلافة عثمان ، حديثه عن أخيه همام في الصحيحين. وروى عن ابن عباس ، وعبدالله بن عمرو ، وروى عنه عمرو بن دينار وعوف الاَعرابي وأقاربه.

٢٥٤

وكان ثقة صادقاً ، كثير النقل من كتب الاِسرائيليات. قال العجلي : ثقة تابعي ، كان على قضاء صنعاء. انتهى. وماذا يقول الباحث أمام حقيقة : حديثه في الصحيحين ... كثير النقل من كتب الاسرائيليات!

ـ وترجم له كذلك في سيره ج ٤ ص ١ فقال :

وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار ، وهو الاَسوار ، الاِمام العلامة الاَخباري القصصي ، أبوعبد الله الاَبناوي اليماني الذماري الصنعاني ، أخو همام بن منبه ، ومعقل بن منبه ، وغيلان بن منبه. مولده في زمن عثمان سنة أربع وثلاثين ، ورحل وحج ، وأخذ عن ابن عباس ، وأبي هريرة إن صح وأبي سعيد ، والنعمان بن بشير ، وجابر ، وابن عمر ، وعبدالله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه وطاووس. حتى إنه ينزل ويروي عن عمرو بن دينار ، وأخيه همام ، وعمرو بن شعيب وفنج اليماني ولا يدري من فنج.

حدث عنه ولداه : عبدالله وعبد الرحمن ، وعمرو بن دينار ، وسماك بن الفضل ، وعوف الاَعرابي ، وعاصم بن رجاء بن حيوة ، ويزيد بن يزيد بن جابر ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، وإسرائيل أبو موسى ، وهمام بن نافع أبو عبد الرزاق ، والمغيرة بن حكيم ، والمنذر بن النعمان ، وابن أخيه عقيل بن معقل ، وابن أخيه عبدالصمد بن معقل ، وسبطه إدريس بن سنان ، وصالح بن عبيد ، وعبد الكريم بن حوران ، وعبدالملك بن خلج ، وداود بن قيس ، وعمران بن هربذ أبو الهذيل ، وعمران بن خالد الصنعانيون ، وخلق سواهم.

وروايته للمسند قليلة ، وإنما غزارة علمه في الاِسرائيليات ، ومن صحائف أهل الكتاب.

قال أحمد : كان من أبناء فارس له شرف ، قال : وكل من كان من أهل اليمن له ذي هو شريف ، يقال : فلان له ذي ، وفلان لا ذي له. قال العجلي : تابعي ثقة ، كان على قضاء صنعاء .. وقال أبو زرعة والنسائي : ثقة.

٢٥٥

قال أحمد بن محمد بن الاَزهر : سمعت سلمة بن همام بن مسلمة بن همام يذكر عن آبائه : أن هماماً ووهبا وعبد الله ومعقلاً ومسلمة بنو منبه أصلهم من خراسان ، من هراة ، فمنبه من أهل هراة ، خرج أيام كسرى ، وكسرى أخرجه من هراة ، ثم إنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامه. ومسكنهم باليمن ، وكان وهب بن منبه يختلف إلى هراة ، ويتفقد أمر هراة.

حسان بن إبراهيم : حدثنا يحيى بن زبان ، أنبأنا عبدالله بن راشد ، عن مولى لسعيد بن عبدالملك : سمعت خالد بن معدان يحدث عن عبادة بن الصامت ، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون في أمتي رجلان : أحدهما يقال له وهب ، يؤتيه الله الحكم ، والآخر يقال له غيلان ، هو أشد على أمتي من إبليس. سئل ابن معين عن ابن زبان وشيخه فقال : لا أعرفهما .....

وعن عبدالرزاق ، عن أبيه ، عن وهب قال : يقولون عبدالله بن سلام كان أعلم أهل زمانه ، وإن كعباً أعلم أهل زمانه ، أفرأيت من جمع علمهما ، أهو أعلم أم هما ، إسنادها مظلم.

وعن كثير ، أنه سار مع وهب ، فباتوا بصعدة عند رجل ، فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحاً ، فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه ....

ـ وقال ابن كثير كلاماً ناعماً حول اسرائيليات كعب ووهب كما في سير أعلام النبلاء في ترجمة وهب :

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ، فيه ( كعب الاَحبار ) وفي وهب بن منبه : سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الاَمة من أخبار بني إسرائيل من الاَوابد والغرائب والعجائب ، مما كان ومما لم يكن ، ومما حرف وبدل ونسخ. انتهى. والدعاء لهما بالمسامحة والمغفرة شيء ، ومعالجة آثار عدوانهما من مصادر المسلمين شيء آخر.

٢٥٦

مقاتل بن سليمان البلخي ، مجسم وشيخ ابن حماد وأستاذ للمفسرين

ـ قال ابن حبان في المجروحين ج ٣ ص ١٤

مقاتل بن سليمان الخراساني مولى الاَزد ، أصله من بلخ وانتقل إلى البصرة وبها مات بعد خروج الهاشمية ، كنيته أبو الحسن ، كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم ، وكان شَبَهياً يشبه الرب بالمخلوقين ، وكان يكذب مع ذلك في الحديث.

أخبرنا عمرو بن محمد قال : حدثنا محمد بن حبال قال : حدثنا عمر بن عبدالغفار : سمعت سفيان بن عيينة وذكر عنده مقاتل بن سليمان فقال : كنت أتيته سراً فقلت له : إن الناس يزعمون أنك لم تسمع من الضحاك ، فقال : لقد كان يغلق عليّ وعليه باب واحد.

سمعت إبراهيم بن محمد بن يوسف قال : سمعت الخضر بن حيان سمعت يحيى بن نصر بن حاجب : سمعت أبا حنيفة يقول : يا أبا يوسف إحذر صنفين من خراسان : الجهمية والمقاتلية.

سمعت ابن خزيمة يقول سمعت علي بن خشرم يقول سمعت وكيعاً يقول : لقينا مقاتل بن سليمان كان كذاباً ....

أخبرنا عمرو بن محمد قال : حدثنا محمد بن عبد بن حميد قال : حدثنا ابن أبي شيبة وهو عثمان قال : حدثنا جرير عن مغيرة بن عبدالرحمن قال : العجب لقوم يكون ذلك فيهم رأساً يعني مقاتل بن سليمان. أخبرناه الحسين بن صالح بن حمويه بهمدان قال : حدثنا عبدالعزيز بن منيب قال : حدثنا أبومعاوية النحوي قال : حدثنا خارجة قال : سمعت الكلبي يقول : ما قتلت مسلماً ولا معاهداً ولو رأيت مقاتل بن سليمان حيث لا يكون بيني وبينه أحد لتقربت بدمه إلى الله عز وجل.

ـ وقال الرازي في الجرح والتعديل ج ٨ ص ٣٥٤

ثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان قال سئل وكيع عن مقاتل بن سليمان فقال : سمعنا منه والله المستعان.

٢٥٧

نا عبد الرحمن انا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي سمعت بعض مشيختنا يقول : جلس مقاتل بن سليمان في مسجد بيروت فقال : لا تسألوني عن شيء ما دون العرش إلا أنبأتكم عنه ، فقال الاَوزاعي لرجل : قم إليه فسله ما ميراثه من جدتيه ، فحار ولم يكن عنده جواب ، فما بات فيها إلا ليلة ثم خرج بالغداة.

نا عبدالرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي : مقاتل بن سليمان صاحب التفسير ما يعجبني أن أروي عنه شيئاً.

نا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال : سئل عبد الرحمن يعني بن الحكم بن بشير عن مقاتل بن سليمان فقال : كان قاصاً ، ترك الناس حديثه.

ـ وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٤٩

وروي عن الشافعي أن وجوه الناس عيال على مقاتل في التفسير!

وقال نعيم بن حماد : رأيت عند ابن عيينة كتاباً لمقاتل فقلت : يا أبا محمد تروي لمقاتل في التفسير! قال لا ، ولكن أستدل به وأستعين ....

وقال مكي بن إبراهيم عن يحيى بن شبل قال لي عباد بن كثير : ما يمنعك من مقاتل؟ قلت : إن أهل بلادنا كرهوه ، فقال : لا تكرهه فما بقي أحد أعلم بكتاب الله تعالى منه.

وقال القاسم بن أحمد الصفار : قلت لاِبراهيم الحربي ما بال الناس يطعنون على مقاتل؟ قال : حسداً منهم له ....

وكان يقص في الجامع فوقعت العصبية بينه وبين جهم فوضع كل واحد منهما كتاباً على الآخر ينقض عليه ....

وقال محمد بن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة : أفرط جهم في النفي حتى قال إنه ليس بشيء ، وأفرط مقاتل في الاِثبات حتى جعل الله تعالى مثل خلقه ... وقال عبد الله ابن أبي القاضي الخوارزمي سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لهم في الدنيا نظير يعني في البدعة والكذب ، جهم ومقاتل وعمر بن صبح.

٢٥٨

ـ وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٥١

وقال أبو إسماعيل الترمذي عن عبد العزيز بن عبد الله الاَوسي قال : حدثنا مالك بن أنس أنه بلغه أن مقاتل بن سليمان جاءه إنسان فقال له : إن إنساناً جاءني فسألني عن لون كلب أصحاب الكهف فلم أدر ما أقول له ، فقال له : ألا قلت أبقع ، فلو قلته لم تجد أحداً يرد عليك!! ....

وقال أحمد بن سيار المروزي : كان من أهل بلخ وتحول إلى مرو وخرج إلى العراق فمات بها ، وهو متهم متروك الحديث مهجور القول ، وكان يتكلم في الصفات بما لا يحل ذكره ....

وقال العباس بن الوليد بن مزيد عن أبيه : سألت مقاتل بن سليمان عن أشياء فكان يحدثني بأحاديث كل واحد ينقض الآخر! فقلت : بأيها؟ قال : بأيها شئت!

ـ الذهبي في ميزان الاِعتدال ج ٤ ص ١٧٣

مقاتل بن سليمان البلخي المفسر أبو الحسن. روى عن مجاهد ، والضحاك ، وابن بريدة. وعنه حرمى بن عمارة ، وعلي بن الجعد ، وخلق.

قال ابن المبارك : ما أحسن تفسيره لو كان ثقة ....

ـ وترجم له الذهبي في سيره باحترام أكثر فقال في ج ٧ ص ٢٠١

مقاتل كبير المفسرين أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي. يروي عن مجاهد والضحاك وابن بريدة وعطاء وابن سيرين وعمرو بن شعيب وشرحبيل بن سعد والمقبري والزهري ، وعدة. وعنه : سعد بن الصلت ، وبقية ، وعبدالرزاق ، وحرمي بن عمارة ، وشبابة ، والوليد بن مزيد ، وخلق آخرهم علي بن الجعد.

قال ابن المبارك وأحسن : ما أحسن تفسيره لو كان ثقة ....! انتهى.

ويبدو للباحث من مراجعة كتب إخواننا في الجرح والتعديل أن كفة تكذيب مقاتل هي الراجحة عندهم ، ولكن جرح الجارحين ليس هو المقياس العملي ، بل المقياس هو مصادرهم التفسيرية وغيرها المليئة بآراء مقاتل ، والمؤلم أنهم ينقلونها كأنها مسلمات السلف الصالح ، بل كأنها أحاديث نبوية شريفة!

٢٥٩

يزيد بن هارون من شيوخ الامام أحمد

ـ سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٣٥٨ ، ٣٦٢

يزيد بن هارون بن زاذي ، الاِمام القدوة شيخ الاِسلام أبو خالد السلمي مولاهم الواسطي الحافظ. مولده في سنة ثمان عشرة ومئة ....

وكان رأساً في العلم والعمل ، ثقة حجة ، كبير الشأن.

حدث عنه : بقية بن الوليد مع تقدمه ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن حنبل ....

يقال : إن أصله من بخارى.

قال علي بن المديني : ما رأيت أحفظ من يزيد بن هارون.

وقال زياد بن أيوب : ما رأيت ليزيد كتاباً قط ، ولا حدثنا إلا حفظاً.

قال أبو حاتم الرازي : يزيد ثقة إمام ، لا يسأل عن مثله.

وقال مؤمل بن يهاب : سمعت يزيد بن هارون يقول : ما دلست حديثاً قط إلا حديثاً واحداً عن عوف الاَعرابي ، فما بورك لي فيه.

عن عاصم بن علي قال : كنت أنا ويزيد بن هارون عند قيس بن الربيع ، فأما يزيد ، فكان إذا صلى العتمة ، لا يزال قائماً حتى يصلي الغداة بذلك الوضوء نيفاً وأربعين سنة....

قلت : احتفل محدثو بغداد وأهلها لقدوم يزيد ، وازدحموا عليه لجلالته وعلو إسناده .... العباس بن عبد العظيم ، وأحمد بن سنان ، عن شاذ بن يحيى ، سمع يزيد بن هارون يقول : من قال القرآن مخلوق ، فهو زنديق .... وقد كان يزيد رأساً في السنة معادياً للجهمية ، منكراً تأويلهم في مسألة الاِستواء. انتهى.

ومعناه أنه كان يرفض تفسير الآية بالاستواء المعنوي ، ويفسرها بالقعود الحسي لله تعالى على العرش!!

٢٦٠