العقائد الاسلامية - ج ٢

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الاسلامية - ج ٢

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-119-2 /
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٤٣٧

الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ينزل إليه ، إذ محال في لغة العرب أن يقول ينزل من أسفل إلى أعلا ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلا إلى أسفل ...

ـ وقال الذهبي في سيره ج ١٧ ص ٦٥٦

قال أبونصر السجزي في كتاب الاِبانة : وأئمتنا كسفيان ومالك والحمادين وابن عيينة والفضيل وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق ، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش ، وعلمه بكل مكان ، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء.

ـ وقال الديلمي في فردوس الاَخبار ج ٥ ص ٣٦١

ينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ويضع عرشه حيث يشاء من الاَرض.!

ـ نقل ابن بطوطة في رحلته ص ٩٠ تمثيل ابن تيمية لنزول اللّه تعالى ، فقال :

وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيميه كبير الشام يتكلم في الفنون إلا أن في عقله شيئاً .. وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم ، فكان من جملة كلامه أن قال : إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل ربعة من ربع المنبر ، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء وأنكر ما تكلم به ، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالاَيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته!

وقالوا لو دلى رجل حبلاً لهبط على الله

ـ تفسير الصنعاني ج ٢ ص ١٣٩

ـ عن قتادة قال : بينما النبي ( ص ) جالس مع أصحابه إذ مر سحاب فقال النبي ( ص ) أتدرون ما هذه العنان؟ هذه روايا أهل الاَرض ، يسوقها الله إلى قوم لا يعبدونه. ثم قال : أتدرون ما هذه السماء؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فوق ذلك سماء أخرى ... ثم

١٢١

قال : والذي نفسي بيده لو دلى رجل بحبل حتى يبلغ أسفل الاَرض السابعه لهبط على الله ، ثم قال : هو الاَول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم.

ـ مجمع الزوائد ج ١ ص ٢٥١ :

عن أبي هريرة عن رسول الله ( ص ) بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام وعد سبع سماوات ، ثم العرش ، وبين أرضكم والاَرض الاَخرى سبعمائة عام فعد سبع أرضين ، فإذا أدليتم حبلاً هبط على الله.

وقالوا إنه تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان

ـ روى ابن ماجه في سننه ج ١ ص ٤٤٤

... عن عائشة قالت : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت أطلبه فإذا هو بالبقيع رافع رأسه إلى السماء ، فقال يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت قد قلت : وما بي ذلك ، ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك ، فقال : إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لاَكثر من عدد شعر غنم كلب. انتهى. وروى هذه الاَحاديث أحمد في مسنده ج ١ ص ١٢٠ و ص٤٠٣ و٤٤٦ وفي ج ٦ ص ٢٣٨ والبيهقي في شعب الاِيمان ج ٣ ص ٣٨٠ وفي ج ٥ ص٢٧٢ والبخاري في الاَدب المفرد ص ٢٠٧ وأبو داود في سننه ج ١ جزء ١ ص ٤٤٧ وابن أبي شيبة في مصنفه ج ٧ ص ١٣٩ والديلمي في فردوس الاَخبار ج ١ ص ١٨٨ وص ٣٢١ وج ٥ ص٣٥٩ والبغوي في مصابيحه ج ١ ص ٤٣١ وص ٤٤٩ ومعالم التنزيل ج ٤ ص ١٤٨ والمنذري في الترغيب والترهيب ج ٣ ص ٤٦٠ والعسقلاني في تهذيب التهذيب ج ٣ ص٣١٥ وعارضة الاَحوذي شرح الترمذي ج ٢ جزء ٣ ص ٢٧٥ وجامع الاَحاديث القدسية من الصحاح ج ١ ص ٧٧ وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بإصبهان ج ١ ص ٢١٨ والهندي في كنز العمال ج ٣ ص ٤٦٦ وج ١٢ ص ٣١٣ وابن حجر في تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٢٧٢ وفي لسان الميزان ج ٤ ص ٦٧ وص ٢٥٢ والمزي في تهذيب الكمال ج ٩ ص ٣٠٨.

١٢٢

ـ وقال ابن باز في فتاويه ج ١ ص ١٩٥ :

وقد اغتر بهذا الحديث ( في صلاة ليلة نصف شعبان ) جماعة من الفقهاء كصاحب الاِحياء وغيره ، وكذا من المفسرين وقد رويت صلاة هذه الليلة أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة ، ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة لذهابه صلى الله عليه وسلم إلى البقيع ونزول الرب ليلة النصف إلى سماء الدنيا وأنه يغفر لاَكثر من عدة شعر غنم كلب ، فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة ، على أن حديث عائشة هذا فيه ضعف وانقطاع ، كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها لا ينافي كون هذه الصلاة موضوعة ، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه.

وقالوا إنه تعالى ينزل يوم عرفة

ـ مصابيح السنة للبغوي ج ٢ ص ٢٥٤

ـ عن جابر ( رض ) أنه قال : قال رسول الله ( ص ) : إذا كان يوم عرفة فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكه ..

ـ ورواه المنذري في الترغيب والترهيب ج ٢ ص ١٨٧ وص ٢٠٠ وص ٢٠٤

ـ والديلمي في فردوس الاَخبار ج ٥ ص ١٦

الاِمام الرضا عليه‌السلاميلعن الذين حرفوا حديث النزول

ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص ١٧٦

حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى أبو تراب الروياني ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت للرضا عليه‌السلام :

يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا؟ فقال عليه‌السلام : لعن الله

١٢٣

المحرفين الكلم عن مواضعه ، والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ، إنما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى يُنْزِلُ مَلَكاً إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الاَخير وليلة الجمعة في أول الليل ، فيأمره فينادي : هل من سائل فأعطيه ، هل من تائب فأتوب عليه ، هل من مستغفر فأغفر له ، يا طالب الخير أقبل ، يا طالب الشر أقصر ، فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء. حدثني بذلك أبي عن جدي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأحاديث إخواننا تؤيد ما قاله الاِمام الرضا

ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٤٣ ـ ٣٤٤

وإنما المعنى الصحيح للحديث والتوجيه السديد أن النازل هو ملك من الملائكة يأمره الله تعالى بأن ينادي في السماء الدنيا في وقت السحر فيما يوازي كل جزء من الكرة الاَرضية طوال الاَربع والعشرين ساعة ، ويصح في اللغة العربية أن ينسب الفعل إلى الاَمر به فتقول العرب مثلاً : غزا الملك البلدة الفلانية أي أمر وأرسل قائد جيشه بذلك ، مع أنه لم يفارق قصره ، ولله المثل الاَعلى.

والذي يثبت هذا المعنى وينفي ما تتوهمه المجسمة وتدعو إليه أنه ورد الحديث أيضاً بروايتين صحيحتين في الدلالة على ذلك. أما الرواية الاَولى : فقد روى الاِمام النسائي في السنن الكبرى ٦ ـ ١٢٤ بإسناد صحيح وهو في عمل اليوم والليلة له المطبوع ص ٣٤٠ برقم ٤٨٢ عن سيدنا أبي سعيد الخدري وسيدنا أبي هريرة رضي الله عنهما أنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الاَول ثم يأمر منادياً ينادي يقول : هل من داع فيستجاب له ، هل من مستغفر يغفر له ، هل من سائل يعطى.

وأما الرواية الثانية : فعن سيدنا عثمان بن أبي العاص الثقفي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد : هل من داع فيستجاب

١٢٤

له ، هل من سائل فيعطى ، هل من مكروب فيفرج عنه ، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استحباب الله عز وجل له إلا زانية تسعى بفرجها ، أو عشاراً. رواه أحمد ٤ ـ ٢٢ و ٢١٧ والبزار ٤ ـ ٤٤ كشف الاستار والطبراني ٩ ـ ٥١ وغيرهم بأسانيد صحيحة والعشار : صاحب المكس.

فهذه الاَحاديث الواضحة تقرر بلا شك ولا ريب بأن النازل إلى السماء الدنيا هو ملك من الملائكة يأمره الله تعالى أن ينادي بذلك ، على أن الحافظ ابن حجر حكى في الفتح ٣ ـ ٣٠ في شرح الحديث الاَول الذي في الصحيحين أن بعض المشايخ ضبط الحديث بضم الياء في ( ينزل ) فيكون اللفظ هكذا : ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، أي : ينزل ملكاً كما تقدم.

وتؤيده أحاديث فيها اطلع الله بدل ينزل

ـ سنن ابن ماجة ج ١ ص ٤٤٤

... عن أبي موسى الاَشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.

ـ مسند أحمد ج ٢ ص ١٧٦

عن عبدالله بن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لعباده إلا لاثنين : مشاحن وقاتل نفس.

ـ كنز العمال ج ٣ ص ٤٦٤

إن الله تعالى يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ، ويؤخر أهل الحقد كما هم عليه. هب عن عائشة. إذا كان ليلة النصف من شعبان إطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه. هب عن أبي ثعلبة الخشني ) .... تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين يوم الاِثنين ويوم الخميس ، فيغفر الله لكل عبد مؤمن ، إلا عبد بينه وبين أخيه شحناء فيقال أتركوا هذين حتى يفيئا. حم عن أبي هريرة.

١٢٥

ـ كنز العمال ج ٣ ص ٤٦٦

يطلع الله تعالى إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه الا‌لمشرك أو مشاحن. حب ، طب ، وابن شاهين في الترغيب ، هب ، وابن عساكر عن معاذ ... يطلع الله تعالى على خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين : مشاحناً أو قاتل نفس. حم ت عن ابن عمرو.

ـ كنز العمال ج ١٢ ص ٣١٣

إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه ، إلا لمشرك أو مشاحن. هـ عن أبي موسى.

وأحاديث خالية من ينزل ويصعد

ـ كنز العمال ج ١٢ ص ٣١٣

إذا كان ليلة النصف من شعبان نادى مناد : هل من مستغفر فأغفر له ، هل من سائل فأعطيه ، فلا يسأل أحد شيئاً إلا أعطاه ، إلا زانية بفرجها أو مشرك. هب عن عثمان بن أبي العاص ... إذا كان ليلة النصف من شعبان يغفر الله من الذنوب أكثر من عدد شعر غنم كلب. هب عن عائشة ... إن الله تعالى يغفر ليلة النصف من شعبان للمسلمين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم. ابن قانع عن أبي ثعلبة الخشني.

وادعوا أن رؤية الله تعالى في المنام تدل على الاِيمان

ـ شرح مسلم للنووي ج ٨ جزء ١٥ ص ٢٥

قال القاضي : واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها وإن رآه الاِنسان على صفة لا تليق بحاله من صفات الاَجسام ، لاَن ذلك المرئي غير ذات الله تعالى ، إذ لا يجوز عليه سبحانه وتعالى التجسم ، ولا اختلاف الاَحوال ، بخلاف رؤية النبي ( ص ). قال ابن الباقلاني : رؤية الله تعالى في المنام خواطر في القلب ، وهي دلالات للرائي على أمور مما كان أو يكون كسائر المرئيات.

١٢٦

ـ تهذيب التهذيب لابن حجر ج ١١ ص ٤٣٢

يوسف الحماني عن أبيه عن يوسف بن ميمون عن ابن سيرين قال : من رأى ربه في المنام دخل الجنة!!

ـ تهذيب التهذيب لابن حجر ج ٣ ص ٤٥٨

عن عبد الله بن أحمد : سمعت سريح بن يونس يقول : رأيت رب العزة في المنام فقال لي : يا سريح سل حاجتك ، فقلت : رحمان سر بسر. انتهى. يعني رأساً برأس! قال البخاري : مات في ربيع الآخر منه ٢٢٥.

ـ صفة الصفوة لابن الجوزي جزء ١ و ٢ ص ٦١٨

عن إسحاق بن إبراهيم الجيلي قال : سمعت سريج بن يونس يقول : رأيت فيما يرى النائم كأن الناس وقوف بين يدي الله وأنا في أول صفه في آخره ونحن ننظر إلى رب العزة تعالى .. إذ قال : أي شيء تريدون؟ فسكت الناس .. وجزت الصف الاَول ... فقال : أي شيء تريد؟ فقلت رحمان سر بسر ... قال تعالى قد خلقتكم ولا أعذبكم! ثم غاب في السماء فذهب.

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ١٧ ص ١٦٩

سريج بن يونس بن إبراهيم ... وقال عبدالله بن أحمد : سمعت سريج بن يونس يقول رأيت رب العزة من المنام فقال سل حاجتك ... له حكايات شبه الكرامات رحمه‌الله. وكان إماماً في السنة.

ـ حياة الحيوان للدميري ج ١ ص ٥١

وروى الاِمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه : أنه رأى رب العزة في المنام تسعاً وتسعين مرة فقال : إن رأيته تمام المائة لاَسألنه ، فرآه تمام المائة فسأله وقال : يا رب بماذا ينجو العباد يوم القيامة؟

ـ وقال في سيره ج ١٩ ص ١١٤

ـ أبوالمظفر السمعاني الاِمام العلامة مفتي خراسان شيخ الشافعية أبو المظفر منصور

١٢٧

ابن محمد بن عبدالجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي الحنفي ثم الشافعي ... ولد سنة ست وعشرين وأربع مئة ... وسمعت شهردار بن شيرويه سمعت منصور بن أحمد وسأله أبي فقال : سمعت أبا المظفر السمعاني يقول : كنت حنفياً فبدا لي وحججت ، فلما بلغت سميراء رأيت رب العزة في المنام فقال لي : عد إلينا يا أبا المظفر فانتبهت وعلمت أنه يريد مذهب الشافعي فرجعت إليه!. انتهى. ورواه في تاريخ الاِسلام ج ٣٣ ص ٣٢١ لكن فيه ( عد يا أبا المظفر إلى الشافعية ).

ـ شعب الاِيمان للبيهقي ج ٣ ص ١٦٤

عن رقبة قال : رأيت رب العزة في المنام فقال : وعزتي لاَكرمن مثوى سليمان التيمي.

ـ تاريخ الاسلام للذهبي ج ٩ ص ١٥٨

عن ابن مصقلة : رأيت رب العزة في المنام فقال : وعزتي وجلالي لاَكرمن مثوى سليمان التيمي.

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٢٠ ص ٤١٢

الفتح بن شخرف أبو نصر الكشي الزاهد نزيل بغداد ومن كبار مشايخ الصوفية قال ابن البربهاري : سمعت الفتح يقول : رأيت رب العزة في المنام فقال لي : يا فتح احذر لا آخذك على غرة ، توفي سنة ٢٧٣ هـ ، وكذا في صفوة الصفوة لابن الجوزي ج ص ٦٤٣

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٢١ ص ١٩٢

صالح بن يونس ... ورد عنه أنه رأى الحق في المنام ، وحج على قدميه سبعين حجة ... والدعاء عند قبره مستجاب.

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٢٥ ص ٣٥٠

عبد الله بن إبراهيم بن واضح .. يقال أنه رأى الحق في النوم مرتين.

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٢٦ ص ٣١٦

يعلي بن موسى البربري الصوفي .. رأى رب العزة في المنام ...

١٢٨

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٢٦ ص ٦٥٠

محمد بن عبدالله بن أحمد بن ربيعة ... أبو سليمان بن القاضي بن محمد الربعي ... روى عنه أبو نصر بن الجبان أنه رأى رب العزة في المنام ...

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٢٧ ص ١٣٤

عن جعفر الابهري قال سمعت أبا علي القومساني يقول : رأيت رب العزة في المنام فناولني كوزين شبه القوارير ، فشربت منهما وأنا أتلو هذه الآية : وسقاهم ربهم شراباً طهوراً ، ورأيت رب العزة في أيام القحط فقال : يا أبا علي لا تشغل خاطرك فإنك من عيالي وعيالك عيالي وأضيافك عيالي.

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٢٩ ص ١٨٥

أحمد بن محمد بن إبراهيم .. الثعلبي صاحب التفسير ... وقد جاء عن أبي القاسم القشيري قال : رأيت رب العزة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه فكان في أثناء ذلك أن قال الرب جل اسمه : أقبل الرجل الصالح ، فالتفت فإذا أحمد الثعلبي مقبل. انتهى. ورواه في هامش معجم الاَدباء للحموي ج ٣ جزء ٥ ص ٣٦ ، وفيه ( الثعالبي ).

ـ تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٢٩ ص ٣٨١

عبد الله بن عبدان بن محمد بن عبدان ... شيخ همدان ... قال شيرويه رأيت بخط بن عبدان : رأيت رب العزة في المنام فقلت له : أنت خلقت الاَرض وخلقت الخلق ثم أهلكتهم ، ثم خلقت خلقاً بعدهم؟ وكأني أرى أنه ارتضى كلامي ومدحي له ، فقال لي كلاماً يدل على أنه يخاف عليَّ الاِفتخار .. وقبره يزار ويتبرك به ..

ـ المستطرف للاِبشيهي ج ١ ص ١٤٧

وحكي أن بعضهم كان ملاحاً ببحر النيل ... فبينما أنا ذات يوم في الزورق إذا بشيخ مشرق الوجه عليه مهابة فقال .. إني أريد أن أحملك أمانة قلت ما هي قال : إذا كان غداً وقت الظهر تجدني عند تلك الشجرة ميتاً وستنسى ، فإذا ألهمت فأتني

١٢٩

وغسلني وكفني في الكفن الذي تجده تحت رأسي ... ثم نمت فرأيت رب العزة جل جلاله في النوم فقال : يا عبدي أثقل عليك أن مننت على عبد عاص بالرجوع.

ـ معجم الاَدباء للحموي ج ٣ جزء ٥ ص ٧٠

أبا الحسن بن سالم البصري يقول ... قال : سمعت أبا بكر محمد بن مجاهد المقرىَ يقول : رأيت رب العزة في المنام فختمت عليه ختمتين فلحنت في موضعين فاغتممت ، فقال : يابن مجاهد الكمال لي الكمال لي!

ـ مختصر تاريخ دمشق ج ٣ جزء ٥ ص ٢٠٤

قال أبو عبدالرحمن ... رفيق بشر بن الحارث : رأى صاحب لنا رب العزة في النوم قبل موت بشر بقليل فقال : قل لبشر بن الحارث : لو سجدت لي على الجمر ما كنت تكافئني بما نوهت اسمك في الناس ...

ـ مختصر تاريخ دمشق ج ٣ جزء ٦ ص ٣٤٨

قال إسحاق الحربي : بلغني أن أبا حسان الزيادي رأى رب العزة تبارك وتعالى في النوم ...

ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء ٣ و ٤ ص ٢١٤

عن رقبة قال سليمان بن طرخان : رأيت رب العزة تبارك وتعالى في النوم.

ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء ٣ و ٤ ص ٣٥٥

قال علي بن المثنى سمعت عمي يقول : سمعت أبي يقول سمعت أبا يزيد البسطامي يقول : رأيت رب العزة تبارك وتعالى في المنام ..

ـ الاِعتصام للشاطبي ج ١ ص ٢٦٠

عن أبي يزيد السبطايي قال : رأيت ربي في المنام فقلت : كيف الطريق إليك؟ قال أترك نفسك وتعال. وشأن هذا الكلام من الشرع موجود ...

١٣٠

ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء ٣ و ٤ ص ٣٥٦

عن جعفر بن علي الترمذي : أن أحمد بن خضرويه قال : رأيت رب العزة في منامي فقال لي : يا أحمد كل الناس يطلبون مني إلا أبا يزيد البسطامي فإنه يطلبني.

ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء ٣ و ٤ ص ٣٨٨

قال إبراهيم بن عبدالله : فرأيت الله تعالى في النوم فوقفني بين يديه.

ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء ٣ و ٤ ص ٤٦٨

يوسف بن موسى القطان يحدث أن أبا عمرو الاَوزاعي قال : رأيت رب العزة في المنام.

ـ المواعظ للمقريزي ج ٢ ص ٢٥٥

عن رجل من صلحاء المصريين يقال له أبو هادون الخرقي قال : رأيت الله عز وجل في منامي فقلت : يا ربي أنت تراني وتسمع كلامي قال : نعم ... انتهى.

ومما يلاحظ أن أكثر الذين رأوا ربهم فى المنام ، من الفرس المشبهة والمجسمة!

أما درجة ابن عربي وأمثاله فهي أكبر من الرؤية في المنام

ـ مذاهب التفسير الاِسلامي لجولد تسيهر ص ٢٣٩

وقد عرض ابن عربي تعاليمه .. بأنه استمد علمه لا من فم الرسول الذي ظهر له ، ولا من الملائكة فحسب ، بل من كلام الله المباشر الذي حظى به تكراراً. فهو يتحدث كثيراً عن لقائه مع الله سبحانه .. إني رأيت الحق في النوم مرتين وهو يقول لي : إنصح عبادي!! انتهى.

وقد ادعى ابن عربي لنفسه مقامات الاَنبياء وأوصيائهم ، ودون ذلك فى كتبه!!

ـ كرامات الاَولياء للنبهاني ج ١ ص ٥٨٨

اسماعيل الاَنبابي : كان يطلع على اللوح المحفوظ فيقول : يقع كذا ، فلا يخطيَ!

١٣١

ـ مقالات الاِسلاميين للاَشعري ج ١ ص ٢٨٩

وفيهم ( يعني النساك ) من يزعم أن العبادة تبلغ بهم أن يروا الله سبحانه ، ويأكلوا من ثمار الجنة ، ويعانقوا الحور العين في الدنيا ، مُنَاوَلَةً.

ـ ونختم بما جاء في هامش تاريخ الاِسلام للذهبي ج ٣٨ ص ١٣٥

قال أبو محمد العكبري رأيت رسول الله ( ص ) في المنام فقلت يا رسول الله إمسح بيدك عيني فإنها تؤلمني فقال : إذهب إلى نصر بن العطار يمسح عينك ... هذا نصر قد صافحته يد الحق. انتهى.

لكن الاِمام الصادق تشاءم من صاحب هذه الرؤية

ـ بحار الاَنوار ج ٤ ص ٣٢

عن إبراهيم الكرخي قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : إن رجلاً رأى ربه عز وجل في منامه فما يكون ذلك؟ فقال : ذلك رجل لا دين له ، إن الله تبارك وتعالى لا يرى في اليقظة ولا في المنام ، ولا في الدنيا ولا في الآخرة.

بيان : لعل المراد أنه كذب في تلك الرؤيا ، أو أنه لما كان مجسماً تخيل له ذلك ،

أو أن هذه الرؤيا من الشيطان ، وذكرها يدل على كونه معتقداً للتجسيم.

ـ وقال النيشابوري في روضة الواعظين ص ٣٣

وقيل له عليه‌السلام : إن رجلاً رأى ربه في منامه فما يكون ذلك فقال : ذلك رجل لا دين له ، إن الله تعالى لا يرى في اليقظة ولا في المنام ، ولا في الدنيا ولا في الآخرة.

١٣٢
١٣٣

الفصل الرابع

خلاصة اعتقادنا في التنزيه ونفي التشبيه

العقل والآيات والاَحاديث تنفي إمكان رؤية الله تعالى بالعين

نعتقد نحن الشيعة بأن الله تعالى لا يمكن أن يرى بالعين لا في الدنيا ولا في الآخرة ، لاَنه ليس كمثله شيء ، ولا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار ، ولا يحيطون به علماً .. إلى آخر الآيات الصريحة بأنه تعالى لا يمكن أن يرى بالعين ، بل يرى بالعقل والقلب وهي أعمق وأصح من رؤية العين.

وقد استدل أئمتنا عليهم‌السلام وعلماؤنا رضي الله عنهم ، على نفي التجسيم والرؤية بالكتاب والسنة والعقل .. واعتبروا أن ذلك من أصول مذهبنا ، بل هو كالبديهيات حتى عند عوامنا.

وستعرف أن القول برؤية الله تعالى جاءت من تأثر المسلمين باليهود والنصارى والمجوس ، وأن أهل البيت عليهم‌السلام وجمهور الصحابة وقفوا في وجه ذلك ، وكذبوا نسبة الرؤية بالعين إلى الاِسلام ، وكل ما تستلزمه من التشبيه والتجسيم ، ولكن موجة التشبيه والتجسيم غلبت .. لاَن دولة الخلافة تبنتها!

١٣٤

والدليل البسيط على نفي إمكان رؤية الله تعالى بالعين أن ما تراه العين لابد أن يكون موجوداً داخل المكان والزمان ، والله تعالى وجود متعال على الزمان والمكان ، لاَنه خلقهما وبدأ شريطهما من الصفر والعدم ، فكيف نفترضه محدوداً بهما خاضعاً لقوانينهما!

لقد تعودت أذهاننا أن تعمل داخل الزمان والمكان ، حتى ليصعب عليها أن تتصور موجوداً خارج قوانين الزمان والمكان ، وحتى أننا نتصور خارج الفضاء والكون بأنه فضاء! وهذه هي طبيعة الاِنسان قبل أن يكبر ويطلع ، وقد ورد أن النملة تتصور أن لربها قرنين كقرنيها!

لكن مع ذلك فإن عقل الاِنسان يدرك أن الوجود لا يجب أن يكون محصوراً بالمكان والزمان ، وأن بإمكان الاِنسان أن يرتقي في إدراكه الذهني فيدرك ما هو أعلى من الزمان والمكان ويؤمن به ، وإن عرف أنه غير قابل للرؤية بالعين.

وهذا الاِرتقاء الذهني هو المطلوب منا نحن المسلمين بالنسبة إلى وجود الله تعالى ، لا أن نجره إلى محيط وجودنا ومألوف أذهاننا ، كما فعل اليهود عندما شبهوه بخلقه وادعوا تجسده في عزير عليه‌السلاموغيره ، وكما فعل النصارى فشبهوه بخلقه وادعوا تجسده بالمسيح عليه‌السلاموغيره!!

الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم الاَمة التوحيد

ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص ١٠٧

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عن آبائه عليهم‌السلام قال : مر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو ، فقال له رسول : غض بصرك ، فإنك لن تراه.

١٣٥

وقال : ومر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل رافع يديه إلى السماء وهو يدعو ، فقال رسول الله : أقصر من يديك ، فإنك لن تناله.

ـ الكافي ج ١ ص ٩٣

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ، عن اليعقوبي ، عن بعض أصحابنا ، عن عبدالاَعلى مولى آل سام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : قال إن يهودياً يقال له سبحت ، جاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله جئت أسألك عن ربك ، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه ، وإلا رجعت؟

قال : سل عما شئت.

قال : أين ربك؟

قال : هو في كل مكان ، وليس في شيء من المكان المحدود.

قال : وكيف هو؟

قال : وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق ، والله لا يوصف بخلقه.

قال : فمن أين يعلم أنك نبي الله؟

قال : فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين : يا سبحت إنه رسول الله!

فقال سبحت : ما رأيت كاليوم أمراً أبين من هذا!

ثم قال : أشهد أن لا إلَه إلا الله وأنك رسول الله.

ويعلمنا أن أقصى ما يمكن أن يراه الاِنسان نور عظمة الله

ـ بحار الاَنوار ج ٤ ص ٣٨

يد : أبي ، عن محمد العطار ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن الرضا عليه‌السلامقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل عليه‌السلاممكاناً لم يطأه جبرئيل قط ، فكُشِفَ لي فأراني الله عز وجل من نور عظمته ما أحب.

١٣٦

علي عليه‌السلاميثبت مشاهدة القلوب وينفي مشاهدة العيان

ـ نهج البلاغة ج ٢ ص ٩٩

١٧٩ ومن كلام له عليه‌السلاموقد سأله ذعلب اليماني فقال : هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟

فقال عليه‌السلام : أفأعبد ما لا أرى!

فقال : وكيف تراه!

فقال : لا تراه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الاِيمان ، قريب من الاَشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين ، متكلم لا بروية ، مريد لا بهمة ، صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ، بصير لا يوصف بالحاسة ، رحيم لا يوصف بالرقة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتجب القلوب من مخافته.

ـ ورواه في بحار الاَنوار ج ٤ ص ٢٧ عن :

يد ، لي : القطان والدقاق والسناني ، عن ابن زكريا القطان ، عن محمد بن العباس ، عن محمد بن أبي السري ، عن أحمد بن عبدالله بن يونس ، عن ابن طريف ، عن الاَصبغ في حديث قال : قام إليه رجل يقال له ذعلب فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟ فقال : ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد رباً لم أره. قال : فكيف رأيته صفه لنا. قال : ويلك لم تره العيون بمشاهدة الاَبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الاِيمان. ويلك يا ذعلب إن ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ، ولا بالقيام قيام انتصاب ولا بجيئة ولا بذهاب ، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف ، عظيم العظمة لا يوصف بالعِظَم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة ، مؤمن لا بعبادة ، مدرك لا بمجسة ، قائل لا بلفظ ، هو في الاَشياء على غير ممازجة ، خارج منها على غير مباينة ، فوق كل شيء ولا يقال شيء فوقه ، أمام كل شيء ولا يقال له أمام ، داخل في الاَشياء لا كشيء في شيء داخل ، وخارج منها لا كشيء من شيء خارج .. فخر ذعلب مغشياً عليه .... الخبر.

١٣٧

لم يحلل في الاَشياء .... ولم ينأ عنها

ـ نهج البلاغة ج ١ ص ١١٢

٦٥ ومن خطبة له عليه‌السلام : الحمد لله الذي لم يسبق له حال حالاً. فيكون أولاً قبل أن يكون آخراً. ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً. كل مسمى بالوحدة غيره قليل ، وكل عزيز غيره ذليل ، وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ، وكل عالم غيره متعلم ، وكل قادر غيره يقدر ويعجز ، وكل سميع غيره يصمُّ عن لطيف الاَصوات ويصمه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها ، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الاَلوان ولطيف الاَجسام ، وكل ظاهر غيره باطن ، وكل باطن غيره غير ظاهر.

لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ، ولا تخوف من عواقب زمان ، ولا استعانة على ند مثاور ، ولا شريك مكاثر ، ولا ضد منافر ، ولكن خلائق مربوبون ، وعباد داخرون.

لم يحلل في الاَشياء فيقال هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن.

لم يؤده خلق ما ابتدأ ، ولا تدبير ما ذرأ ، ولا وقف به عجز عما خلق ، ولا ولجت عليه شبهة فيما قدر ، بل قضاء متقن وعلم محكم ، وأمر مبرم. المأمول مع النقم ، والمرهوب مع النعم ....

لا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك

ـ نهج البلاغة ج ١ ص ١٦٠

٩١ ومن خطبة له عليه‌السلامتعرف بخطبة الاَشباح وهي من جلائل خطبه عليه‌السلاموكان سأله سائل أن يصف الله حتى كأنه يراه عياناً ، فغضب عليه‌السلاملذلك :

الحمد لله الذي لا يَفِرْهُ المنع والجمود ، ولا يكديه الاِعطاء والجود ، إذ كل معط منتقص سواه ، وكل مانع مذموم ما خلاه ، وهو المنان بفوائد النعم ، وعوائد المزيد والقسم. عياله الخلق ، ضمن أرزاقهم وقدر أقواتهم ، ونهج سبيل الراغبين إليه ، والطالبين ما لديه ، وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل.

١٣٨

الاَول الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله ، والآخر الذي ليس له بعد فيكون شيء بعده ، والرادع أناسيَّ الاَبصار عن أن تناله أو تدركه.

ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال ، ولا كان في مكان فيجوز عليه الاِنتقال ، ولو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال وضحكت عنه أصداف البحار ، من فلز اللجين والعقيان ، ونثارة الدر وحصيد المرجان ، ما أثر ذلك في جوده ، ولا أنفد سعة ما عنده ، ولكان عنده من ذخائر الاَنعام ما لا تنفده مطالب الاَنام ، لاَنه الجواد الذي لا يغيضه سؤال السائلين ، ولا يبخله إلحاح الملحين.

فانظر أيها السائل فما دلك القرآن عليه من صفته فائتم به ، واستضيء بنور هدايته ، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه ، ولا في سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأئمة الهدى أثره ، فكل علمه إلى الله سبحانه ، فإن ذلك منتهى حق الله عليك.

واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب ، الاِقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً ، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخاً. فاقتصر على ذلك ، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين.

هو القادر الذي إذا ارتمت الاَوهام لتدرك منقطع قدرته ، وحاول الفكر المبرأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفية صفاته ، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصفات لتناول علم ذاته ، دعاها وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه ، فرجعت إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بجور الاِعتساف كنه معرفته ، ولا تخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته.

الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ، ولا مقدار احتذى عليه ، من خالق معهود كان قبله. وأرانا من ملكوت قدرته ، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته ،

١٣٩

واعتراف لحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قدرته ، ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته ، وظهرت في البدائع التي أحدثها آثار صنعته ، وأعلام حكمته ، فصار كل ما خلق حجة له ودليلاً عليه ، وإن كان خلقاً صامتاً فحجته بالتدبير ناطقة ، ودلالته على المبدع قائمة.

فأشهد أن من شبهك بتباين أعضاء خلقك ، وتلاحم حقاق مفاصلهم المحتجبة لتدبير حكمتك ، لم يعقد غيب ضميره على معرفتك ، ولم يباشر قلبه اليقين بأنه لا ند لك ، وكأنه لم يسمع تبرأ التابعين من المتبوعين إذ يقولون : تالله إن كنا لفي ضلال مبين ، إذ نسويكم برب العالمين.

كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم ، ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم ، وجزأوك تجزئة المجسمات بخواطرهم ، وقدروك على الخلقة المختلفة القوى بقرائح عقولهم. وأشهد أن من ساواك بشيء من خلقك فقد عدل بك ، والعادل بك كافر بما تنزلت به محكمات آياتك ، ونطقت عنه شواهد حجج بيناتك. وأنك أنت الله الذي لم تتناه في العقول فتكون في مهب فكرها مكيفاً ، ولا في رويات خواطرها فتكون محدوداً مصرفاً.

ـ وروى هذه الخطبة الصدوق في التوحيد ص ٤٨ فقال :

١٣٩ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثني علي بن العباس ، قال : حدثني إسماعيل بن مهران الكوفي ، عن إسماعيل بن إسحاق الجهني ، عن فرج بن فروة ، عن مسعدة بن صدقة ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلاميقول : بينما أمير المؤمنين عليه‌السلاميخطب على المنبر بالكوفة إذ قام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين صف لنا ربك تبارك وتعالى لنزداد له حباً وبه معرفة ، فغضب أمير المؤمنين عليه‌السلامونادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس حتى غص المسجد بأهله ، ثم قام متغير اللون فقال .... كما في نهج البلاغة بتفاوت في بعض الكلمات.

١٤٠