بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

مر عليها هي بيت المقدس لما خربه بخت نصر ، عن وهب وقتادة والربيع وعكرمة ، وقيل هي الارض المقدسة ، عن الضحاك ، وقيل : هي القرية التي خرج منها الالوف حذر الموت عن أبي زيد « وهي خاوية على عروشها » أي خالية ، وقيل : خراب ، وقيل : ساقطة على أبنيتها وسقوفها ، كأن السقوف سقطت ووقع البنيان عليها « قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها » أي كيف يعمر الله هذه القرية بعد خرابها؟ وقيل : كيف يحيي الله أهلها بعدما ماتوا؟ ولم يقل ذلك إنكارا ولا تعجبا ولا ارتيابا ، ولكنه أحب أن يريه الله إحياءها مشاهدة ليحصل له العلم به ضرورة « فأماته الله مائة عام ثم بعثه » أحياه « قال كم لبثت » في التفسير أنه سمع نداء من السماء : كم لبثت؟ يعني في منامك ، وقيل : إن القائل له نبي ، وقيل : ملك ، وقيل : بعض المعمرين ممن شاهده عند موته وإحيائه « قال لبثت يوما أو بعض يوم » لان الله تعالى أماته في أول النهار وأحياه بعد مائة سنة في آخر النهار ، فقال : « يوما » ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال : « أو بعض يوم » ثم قال : « بل لبثت مائة عام » معناه بل لبثت في مكانك مائة سنة « فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه » أي لم تغيره السنون وإنما قال : « لم يتسنه » على الواحد لانه أراد جنس الطعام والشراب ، وقيل : أراد به الشراب ، لانه أقرب المذكورين إليه ، وقيل : أراد عصيرا وتينا وعنبا ، وهذه الثلاثة أسرع الاشياء تغيرا وفسادا ، فوجد العصير حلوا ، والتين والعنب كما جنيا لم يتغيرا « وانظر إلى حمارك » كيف تفرقت أجزاؤه ، وتبددت عظامه ، ثم انظر كيف يحييه الله ، وإنما قال ذلك ليستدل بذلك على طول مماته « ولنجعلك آية للناس » فعلنا ذلك ، وقيل معناه : فعلنا ذلك إجابة لك إلى ما أردت « ولنجعلك آية للناس » أي حجة للناس في البعث « وانظر إلى العظام كيف ننشرها (١) » كيف نحييها ، وبالزاي كيف نرفعها من الارض فنردها إلى أماكنها من الجسد ، ونركب بعضها على بعض « ثم نكسوها » أي نلبسها « لحما » و اختلف فيه فقيل : أراد عظام حماره ، وقيل : أراد عظامه ، قالوا : أول ما أحيا الله منه عينه ، وهو في مثل غرقئ البيض ، فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه ، وإلى اللحم

__________________

(١) بالراء قراءة أهل الحجاز والبصرة ، وبالزاي قراءة أهل الكوفة والشام.

٣٦١

الذي قد أكلته السباع تأتلف إلى العظام من ههنا ومن ههنا ، وتلتزق بها (١) حتى قام وقام حماره « فلما تبين له » يعني ظهر وعلم ، وقيل : إنه رجع وقد أحرق بخت نصر التوراة فأملاها من ظهر قلبه ، فقال رجل منهم : حدثني أبي عن جدي أنه دفن التوراة في كرم فإن أريتموني كرم جدي أخرجتها لكم ، فأروه فأخرجها فعارضوا ذلك بما أملى فما اختلفا في حرف ، فقالوا : فما جعل الله التوراة في قلبه إلا وهو ابنه ، فقالوا : « عزير ابن الله » فقال : (٢) « أعلم أن الله على كل شئ قدير » أي لم أقل ماقلت عن شك وارتياب ، أو أنه ازداد لما عاين وشاهد يقينا وعلما ، إذ كان قبل ذلك علم استدلال فصار علم ضرورة ومعاينة. (٣)

٢ ـ ل : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ملك الارض كلها أربعة : مؤمنان وكافران ، فأما المؤمنان : فسليمان بن داود وذو القرنين (ع) والكافران : نمرود وبخت نصر. (٤)

٣ ـ ج : هشام بن الحكم في خبر الزنديق قال الصادق عليه‌السلام : أمات الله أرميا النبي الذي نظر إلى خراب بيت المقدس وما حوله حين غزاهم بخت نصر وقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها؟ فأماته الله مائة عام ثم أحياه ، ونظر إلى أعضائه كيف تلتئم ، وكيف تلبس اللحم ، وإلى مفاصله وعروقه كيف توصل ، فلما استوى قاعدا قال : « أعلم أن الله على كل شئ قدير ». (٥)

٤ ـ ما : الفحام ، عن محمد بن عيسى بن هارون ، عن إبراهيم بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال سيدنا الصادق عليه‌السلام : من اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة ، إن دانيال كان في زمن ملك جبار عات أخذه فطرحه في حب ، وطرح معه السباع فلم تدنو

__________________

(١) في المصدر : يلتزم ويلتزق بها.

(٢) في المصدر : قال.

(٣) مجمع البيان ٢ : ٣٧٠ و ٣٧١.

(٤) الخصال ١ : ١٢١ و ١٢٢. وفي ذيله : واسم ذي القرنين عبدالله بن ضحاك بن معد.

(٥) احتجاج الطبرسي : ١٨٨.

٣٦٢

منه ولم يخرجه ، (١) فأوحى الله إلى نبي من أنبيائه أن ائت دانيال بطعام ، قال : يارب وأين دانيال؟ قال : تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فإنه يدلك إليه ، فأتت به الضبع إلى ذلك الجب ، فإذا فيه دانيال ، فأدلى إليه الطعام ، فقال دانيال : الحمد لله الذي لاينسى من ذكره ، والحمد لله الذي لايخيب من دعاه ، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه ، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره ، الحمد لله الذي يجزي بالاحسان إحسانا ، وبالصبر نجاة.

ثم قال الصادق (ع) : إن الله أبى إلا أن يجعل أرزاق المتقين من حيث لايحتسبون وأن لايقبل لاوليائه شهادة في دولة الظالمين. (٢)

ص : الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن القاساني ، عن الاصبهاني عن المنقري ، عن حفص ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله. (٣)

٥ ـ ك : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن الصادق (ع) قال : إن سليمان عليه‌السلام لما حضرته الوفاة أوصى إلى آصف بن برخيا بإذن الله تعالى ذكره ، (٤) فلم يزل بينهم تختلف إلى الشيعة ويأخذون عنه معالم دينهم ، ثم غيب الله عزوجل آصف غيبة طال أمدها ، ثم ظهر لهم فبقي بين قومه ماشاء الله ، ثم إنه ودعهم فقالوا له : أين الملتقى؟ قال : على الصراط ، وغاب عنهم ماشاء الله ، واشتدت البلوى على بني إسرائيل بغيبته ، وتسلط عليهم بخت نصر فجعل يقتل من يظفر به منهم ، ويطلب من يهرب ويسبي زراريهم ، فاصطفى من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال ، واصطفى من ولد هارون عزيرا ، وهم حينئذ (٥) صبية صغار ، فمكثوا في يده و بنو إسرائيل في العذاب المهين ، والحجة دانيال أسير في يد بخت نصر تسعين سنة ، فلما عرف فضله وسمع أن بني إسرائيل ينتظرون خروجه ويرجون الفرج في ظهوره وعلى

__________________

(١) هكذا في النسخ ، والصواب كما في المصدر : فلم تدن منه ولم تجرحه.

(٢) أمالي ابن الطوسي : ١٨٨ و ١٨٩.

(٣) قصص الانبياء مخطوط.

(٤) في المصدر : بأمر الله.

(٥) في المصدر : وهم يومئذ.

٣٦٣

يده أمر أن يجعل في جب عظيم واسع ، ويجعل معه الاسد ليأكله ، فلم يقربه ، وأمر أن لا يطعم ، فكان الله تعالى يأتيه بطعامه وشرابه على يد نبي من أنبياء بني إسرائيل ، فكان يصوم دانيال النهار ، ويفطر الليل على مايدلى إليه من الطعام ، واشتدت البلوى على شيعته وقومه المنتظرين لظهوره ، وشك أكثرهم في الدين لطول الامد ، فلما تناهى البلاء بدانيال وبقومه رأى بخت نصر في المنام كأن ملائكة من السماء قد هبطت إلى الارض أفواجا إلى الجب الذي فيه دانيال مسلمين عليه يبشرونه بالفرج ، فلما أصبح ندم على ما أتى إلى دانيال ، فأمر أن يخرج من الجب ، فلما أخرج اعتذر إليه مما ارتكب منه من التعذيب ، ثم فوض إليه النظر في أمور ممالكه والقضاء بين الناس. فظهر من كان مستترا من بني إسرائيل ورفعوا رؤوسهم ، واجتمعوا إلى دانيال عليه‌السلام موقنين بالفرج ، فلم يلبث إلا القليل عن تلك الحال حتى مضى لسبيله ، (١) وأفضى الامر بعده إلى عزير وكانوا يجتمعون إليه ويأنسون به ويأخذون عنه معالم دينهم ، فغيب الله عنهم شخصه مائة عام ثم بعثه ، وغابت الحجج بعده ، واشتدت البلوى على بني إسرائيل حتى ظهر يحيى عليه‌السلام. (٢)

أقول : تمام الخبر في باب قصة طالوت.

٦ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب بن منبه قال : كان بخت نصر منذ ملك يتوقع فساد بني إسرائيل ويعلم أنه لايطيقهم إلا بمعصيتهم ، فلم يزل يأتيه العيون باخبارهم حتى تغيرت حالهم ، وفشت فيهم المعاصي ، وقتلوا أنبياءهم ، وذلك قوله تعالى جل ذكره : « وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين » إلى قوله : « فإذا جاء وعد أولاهما » يعني بخت نصر وجنوده أقبلوا فنزلوا بساحتهم ، فلما رأوا ذلك فزعوا إلى ربهم وتابوا وثابروا على الخير ، وأخذوا على أيدي سفهائهم ، وأنكروا المنكر وأظهروا المعروف ، فرد الله لهم الكرة على بخت نصر ، وانصرفوا بعد مافتحوا المدينة ، وكان سبب انصرافهم أن سهما وقع في جبين فرس بخت نصر فجمح (٣) به حتى أخرجه

__________________

(١) في المصدر : فلم يلبث الا القليل على تلك الحال حتى مات.

(٢) كمال الدين : ٩١ و ٩٤ و ٩٥. وفيه : حتى ولد يحيى عليه‌السلام.

(٣) جمح الفرس : تغلب على راكبه وذهب به لاينثنى. استعصى.

٣٦٤

من باب المدينة ، ثم إن بني إسرائيل تغيروا فما برحوا حتى كر عليهم ، وذلك قوله تعالى : « فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم » فأخبرهم أرميا عليه‌السلام أن بخت نصر يتهيأ للمسير إليكم ، وقد غضب الله عليكم ، وأن الله تعالى جلت عظمته يستتيبكم لصلاح آبائكم ويقول : هل وجدتم أحدا عصاني فسعد بمعصيتي؟ أم هل علمتم أحدا أطاعني فشقي بطاعتي؟ وأما أحباركم ورهبانكم فاتخذوا عبادي خولا يحكمون فيهم بغير كتابي حتى أنسوهم ذكري ، وأما ملوككم وأمراؤكم فبطروا نعمتي ، وغرتهم الحياة الدنيا وأما قراؤكم وفقهاؤكم فهم منقادون للملوك يبايعونهم على البدع ويطيعونهم في معصيتي وأما الاولاد فيخوضون مع الخائضين ، وفي كل ذلك ألبسهم العافية (١) فلابدلنهم بالعز ذلا ، وبالامن خوفا ، إن دعوني لم أجبهم ، وإن بكوا لم أرحمهم.

فلما بلغهم ذلك نبيهم كذبوه وقالوا : لقد أعظمت الفرية على الله ، تزعم أن الله معطل مساجده من عبادته! فقيدوه وسجنوه ، فأقبل بخت نصر وحاصرهم سبعة أشهر حتى أكلوا خلاهم ، وشربوا أبوالهم ، ثم بطش بهم بطش الجبارين بالقتل والصلب والاحراق وجذع الانوف ونزع الالسن والانياب ووقف النساء ، فقيل له : إن لهم صاحبا كان يحذرهم بما أصابهم فاتهموه وسجنوه ، فأمر بخت نصر فأخرج من السجن ، فقال له : أكنت تحذر هؤلاء؟ قال : نعم ، قال : وأنى علمت ذلك؟ قال : أرسلني الله به إليهم ، قال فكذبوك وضربوك؟ قال : نعم ، قال : لبئس القوم قوم ضربوا نبيهم وكذبوا رسالة ربهم ، فهل لك أن تلحق بي فأكرمك ، وإن أحببت أن تقيم في بلادك آمنتك؟ قال أرميا عليه‌السلام : إني لم أزل في أمان الله منذ كنت لم أخرج منه ، ولو أن بني إسرائيل لم يخرجوا من أمانه لم يخافوك ، فأقام أرميا (ع) مكانه بأرض إيليا (٢) وهي حينئذ خراب قد هدم بعضها ، فلما سمع به من بقي من بني إسرائيل اجتمعوا إليه فقالوا : عرفنا أنك نبينا فانصح لنا ، فأمرهم أن يقيموا معه ، فقالوا : ننطلق إلى ملك مصر نستجير ، فقال أرميا عليه‌السلام : إن ذمة الله أوفى الذمم ، فانطلقوا إلى مصر وتركوا أرميا ، فقال لهم الملك : أنتم في ذمتي ،

__________________

(١) لعله مصحف « البستهم العافية ».

(٢) ايلياء بالمد والقصر وقيل فيه لغة ثالثة حذف الياء الاولى : اسم مدينة بيت المقدس.

٣٦٥

فسمع ذلك بخت نصر فأرسل إلى ملك مصر : ابعث بهم إلي مصفدين وإلا آذنتك بالحرب.

فلما سمع أرميا عليه‌السلام بذلك أدركته الرحمة لهم ، فبادر إليهم لينقذهم ، فورد عليهم وقال : إن الله تعالى جل ذكره أوحى إلي أني مظهر بخت نصر على هذا الملك ، وآية ذلك أنه تعالى أراني موضع سرير بخت نصر الذي يجلس عليه بعد ما يظفر بمصر ، ثم عمد فدفن أربعة أحجار في ناحية من الارض ، فصار إليهم بخت نصر فظفر بهم وأسرهم ، فلما أراد أن يقسم الفئ ويقتل الاسارى ويعتق منهم كان منهم أرميا ، فقال له بخت نصر : أراك مع أعدائي بعد ماعرضتك له من الكرامة؟ فقال له أرميا عليه‌السلام : إني جئتهم مخوفا أخبرهم خبرك ، وقد وضعت لهم علامة تحت سريرك هذا وأنت بأرض بابل ، ارفع سريرك فإن تحت كل قائمة من قوائمه حجرا دفنته بيدي وهم ينظرون ، فلما رفع بخت نصر سريره وجد مصداق ماقال ، فقال لارميا عليه‌السلام : إني لاقتلنهم إذ كذبوك ولم يصدقوك فقتلهم ولحق بأرض بابل ، فأقام أرميا بمصر مدة ، فأوحى الله تعالى إليه : الحق بإيليا ، فانطلق حتى إذا رفع له شخص بيت المقدس ورأى خرابا عظيما ، قال : « أنى يحيي هذه الله » فنزل في ناحية واتخذ مضجعا ثم نزع الله روحه وأخفى مكانه على جميع ( الخلائق )؟ مائة عام ، وكان قد وعده الله أنه سيعيد فيها الملك والعمران ، فلما مضى سبعون عاما أذن الله في عمارة إيليا فأرسل الله ملكا إلى ملك من ملوك فارس يقال له كوشك ، (١) فقال : إن الله يأمرك أن تنفر بقوتك ورجالك حتى تنزل إيليا فتعمرها ، فندب الفارسي لذلك ثلاثين ألف قهرمان ، (٢) ودفع إلى كل قهرمان ألف عامل بما يصلح لذلك من الآلة والنفقة ، فسار بهم فلما تمت عمارتها بعد ثلاثين سنة أمر عظام أرميا أن يحيى ، فقام حيا كما ذكره الله في كتابه. (٣)

بيان : ثابر : واظب.

__________________

(١) هكذا في النسخ. والذي في الكامل : أن بشتاسب بن لهراسب امر أن يعمر بيت المقدس ويرجع بني اسرائيل إلى الشام.

(٢) القهرمان : الوكيل أو أمين الدخل والخرج.

(٣) قصص الانبياء مخطوط.

٣٦٦

٧ ـ ص : بالاسناد المذكور عن وهب بن منبه أنه لما انطلق بخت نصر بالسبي والاسارى من بني إسرائيل وفيهم دانيال وعزير عليهما‌السلام وورد أرض بابل اتخذ بني إسرائيل خولا ، ولبث سبع سنين ، ثم إنه رأى رؤيا عظيما امتلا منها رعبا ونسيها ، فجمع قومه وقال : تخبرون بتأويل رؤياي المنسية إلى ثلاثة أيام وإلا صلبتكم ، وبلغ دانيال ذلك من شأن الرؤيا وكان في السجن ، فقال لصاحب السجن : إنك أحسنت صحبتي ، فهل لك أن تخبر الملك أن عندي علم رؤياه وتأويله؟ فخرج صاحب السجن وذكر لبخت نصر فدعا به ، وكان لا يقف بين يديه أحد إلا سجد له ، فلما طال قيام دانيال وهو لايسجد له قال للحرس : اخرجوا واتركوه ، فخرجوا فقال : يا دانيال مامنعك أن تسجد لي؟ فقال : إن لي ربا آتاني هذا العلم على أني لا أسجد لغيره ، فلو سجدت لك انسلخ عني العلم ، فلم تنتفع بي ، فتركت السجود نظرا إلى ذلك ، قال بخت نصر : وفيت لالهك فصرت آمنا مني ، فهل لك علم بهذه الرؤيا؟ قال : نعم ، رأيت صنما عظيما رجلاه في الارض ، ورأسه في السماء ، أعلاه من ذهب ، ووسطه من فضة ، وأسفله من نحاس ، وساقاه من حديد ، و رجلاه من فخار ، فبينا أنت تنظر إليه وقد أعجبك حسنه وعظمه وإحكام صنعته والاصناف التي ركبت فيه إذ قذفه ملك بحجر من السماء ، فوقع على رأسه فدقه حتى طحنه ، فاختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديده وفخاره حتى خيل لك أنه لو اجتمع الجن و الانس على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا ، وحتى خيل لك أنه لو هبت أدنى ريح لذرته لشدة ما انطحن ، ثم نظرت إلى الحجر الذي قذف به يعظم فينتثر حتى ملا الارض كلها ، فصرت لاترى إلا السماء والحجر ، قال بخت نصر : صدقت ، هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها؟ قال دانيال (ع) : أما الصنم الذي رأيت فإنها أمم تكون في أول الزمان وأوسطه وآخره ، وأما الذهب فهو هذا الزمان وهذه الامة التي أنت فيها وأنت ملكها ، وأما الفضة فإنه يكون ابنك يليها من بعدك ، وأما النحاس فأمة الروم ، وأما الحديد فأمة فارس ، وأما الفخار فأمتان تملكهما امرأتان : إحداهما في شرقي اليمن ، وأخرى في غربي الشام ، أما الحجر الذي قذف به الصنم فدين يفقده الله به هذه

٣٦٧

في الامة آخر الزمان (١) ليظهره عليها ، يبعث الله نبيا أميا من العرب فيذل الله له الامم والاديان كما رأيت الحجر ظهر على الارض فانتثر فيها. (٢)

فقال بخت نصر : مالاحد عندي يد أعظم من يدك ، وأنا أريد أن أجزيك ، إن أحببت أن أردك إلى بلادك وأعمرها لك ، وإن أحببت أن تقيم معي فأكرمك؟ فقال دانيال عليه‌السلام : أما بلادي أرض كتب الله عليها الخراب إلى وقت ، والاقامة معك أوثق لي ، فجمع بخت نصر ولده وأهل بيته وخدمه وقال لهم : هذا رجل حكيم قد فرج الله به عني كربة قد عجزتم عنها ، وقد وليته أمركم وأمري ، يابني خذوا من علمه ، وإن جاءكم رسولان أحدهما لي والآخر له فأجيبوا دانيال قبلي ، فكان لايقطع أمرا دونه ، و لما رأوا قوم بخت نصر ذلك حسدوا دانيال ، ثم اجتمعوا إليه وقالوا : كانت لك الارض ويزعم عدونا أنك أنكرت عقلك ، قال : إني أستعين برأي هذا الاسرائيلي لاصلاح أمركم فإن ربه يطلعه عليه ، قالوا : نتخذ إلها يكفيك ما أهمك وتستغني عن دانيال فقال : أنتم وذاك ، فعملوا صنما عظيما وصنعوا عيدا وذبحوا له ، وأوقدوا نارا عظيمة كنار نمرود ودعوا الناس بالسجود لذلك الصنم فمن لم يسجد له ألقي فيها.

وكان مع دانيال عليه‌السلام أربعة فتية من بني إسرائيل : يوشال ويوحين وعيصوا ومريوس ، وكانوا مخلصين موحدين ، فأتي بهم ليسجدوا للصنم ، فقالت الفتية : هذا ليس بإله ، وكن خشبة صماء عملها الرجال ، فإن شئتم أن نسجد للذي خلقها فعلنا ، فكتفوهم ثم رموا بهم في النار ، فلما أصبحوا طلع عليهم بخت نصر فوق قصر فإذا معهم خامس وإذا بالنار قد عادت جليدا (١) فامتلا رعبا ، فدعا دانيال (ع) فسأله عنهم فقال : أما الفتية فعلى ديني يعبدون إلهي ولذلك أجارهم والخامس بحر البرد ، (٤) أرسله الله تعالى جلت عظمته إلى هؤلاء نصرة لهم ، فأمر بخت نصر فأخرجوا فقال لهم : كيف بتم؟ قالوا :

__________________

(١) هكذا في نسخ. وفي نسخة : هذه الامة ، ولعل الصحيح : فدين يفقد الله به هذه الامة في آخر الزمان.

(٢) ذكر الثعلبي في العرائس النوم وتعبيره على كيفية اخرى فراجعه.

(٣) الجليد : مايجمد على الارض من الماء.

(٤) هكذا في النسخ ، وفي هامش المطبوع حكى عن نسخة : ملك البرد.

٣٦٨

بتنا بأفضل ليلة منذ خلقنا ، فألحقهم بدانيال وأكرمهم بكرامته حتى مرت بهم ثلاثون سنة. (١)

٨ ـ ص : بالاسناد المتقدم عن وهب قال : ثم إن بخت نصر رأى رؤيا أهول من الرؤيا الاولى ونسيها أيضا ، فدعا علماء قومه قال : رأيت رؤيا أخشى أن يكون فيها هلاككم وهلاكي فما تأويلها؟ فعجزوا وجعلوا علة عجزهم دانيال ، فأخرجهم ودعا دانيال عليه‌السلام فسأله فقال : رأيت شجرة عظيمة شديدة الخضرة ، فرعها في السماء ، عليها طير السماء ، وفي ظلها وحوش الارض وسباعها ، فبينما أنت تنظر إليها قد أعجبتك بهجتها إذ أقبل ملك يحمل حديدة كالفأس على عنقه وصرخ بملك آخر في باب من أبواب السماء يقول له : كيف أمرك الله أن تفعل بالشجرة؟ أمرك أن تجتثها من أصلها أم أمرك أن تأخذ بعضها؟ فناداه الملك الاعلى : إن الله تعالى يقول : خذ منها وأبق ، فنظرت إلى الملك حتى ضرب رأسها بفأسه فانقطع وتفرق ما كان عليها من الطير ، وما كان تحتها من السباع والوحوش ، وبقي الجذع لا هيئة له ولا حسن ، فقال بخت نصر : فهذه الرؤيا رأيتها فما تأويلها؟ قال : أنت الشجرة وما رأيت في رأسها من الطيور فولدك وأهلك ، وأما مارأيت في ظلها من السباع والوحوش فخولك ورعيتك ، وكنت قد أغضبت الله فيما تابعت قومك من عمل الصنم ، فقال بخت نصر : كيف يفعل ربك بي؟ قال : يبتليك ببدنك فيمسخك سبع سنين فإذا مضت رجعت إنسانا كما كنت أول مرة ، فقعد بخت نصر يبكي سبعة أيام ، فلما فرغ من البكاء ظهر فوق بيته فمسخه الله عقابا فطار ، وكان دانيال (ع) يأمر ولده وأهل مملكته أن لا يغيروا من أمره شيئا حتى يرجع إليهم ، ثم مسخه الله في آخر عمره بعوضة فأقبل يطير حتى دخل بيته فحوله الله إنسانا فاغتسل بالماء ولبس المسوح ثم أمر بالناس فجمعوا فقال : إني وإياكم كنا نعبد من دون الله ما لاينفعنا ولايضرنا ، وإنه قد تبين لي من قدرة الله تعالى جل وعلا في نفسي أنه لا إله إلا الله إله بني إسرائيل ، فمن تبعني فإنه مني وأنا وهو في الحق سواء ، ومن خالفني ضربته بسيفي حتى يحكم الله بيني و بينكم ، وإني قد أجلتكم إلى الليلة فإذا أصبحتم فأجيبوني ، ثم انصرف ودخل بيته و

__________________

(١) قصص الانبياء مخطوط.

٣٦٩

قعد على فراشه فقبض الله تعالى روحه وقص وهب قصته هذه عن ابن عباس ، ثم قال ما أشبه إيمانه بإيمان السحرة!

٩ ـ ص : لما توفي بخت نصر تابع الناس ابنه ، وكانت الاواني التي عملت الشياطين لسليمان بن داود (ع) من اللؤلؤ والياقوت غاص عليها الشياطين حتى استخرجوها من قعور الابحر الصم (١) التي لاتعبر فيها السفن ، وكان بخت نصر غنم كل ذلك من بيت المقدس وأوردها أرض بابل ، واستعمر فيه دانيال عليه‌السلام فقال : إن هذه الآنية طاهرة مقدسة صنعها النبي ابن النبي ليسجد ربه عز وعلا فلا تدنسها بلحم الخنازير وغيرها فإن لها ربا سيعيدها حيث كانت ، فلم يطعه (٢) واعتزل دانيال وأقصاه وجفاه ، وكانت له امرأة حكيمة نشأت في تأديب دانيال تعظه وتقول : إن أباك كان يستغيث بدانيال ، فأبى ذلك ، فعمل في كل عمل سوء حتى عجت الارض منه إلى الله تعالى جلت عظمته ، فبينا هو في عيد إذا بكف ملك يكتب على الجدار ثلاثة أحرف ، ثم غابت الكف والقلم وبهتوا فسألوا دانيال بحق تأويل ذلك المكتوب وكان كتب : « وزن فخف ، ووعد فأنجز ، و جمع فتفرق » فقال : أما الاول فإنه عقلك وزن فخف فكان خفيفا في الميزان ، والثاني وعد أن يملك فأنجزه اليوم ، والثالث فإن الله كان قد جمع لك ولوالدك من قبلك ملكا عظيما ثم تفرق اليوم ، فلا يجتمع إلى يوم القيامة ، فقال له : ثم ماذا؟ قال : يعذبك الله ، فأقبلت بعوضة تطير حتى دخلت في إحدى منخريه فوصلت إلى دماغه وتؤذيه ، فأحب الناس عنده من حمل مرزبة (٣) يضرب بها رأسه ، ويزداد كل يوم ألما إلى أربعين ليلة حتى مات وصار إلى النار. (٤)

بيان : هذه القصص المنقولة عن وهب ليست مما يعتمد عيله ، (٥) وإيمان بخت نصر

__________________

(١) في نسخة : الصيم. وهو بالكسر وتشديد الياء : الصلب الشديد.

(٢) في نسخة : فأطاعه وهو مصحف.

(٣) المرزبة : عصية من حديد.

(٤) قصص الانبياء مخطوط.

(٥) لانها لم يرد من طرق أئمتنا أهل العصمة عليهم‌السلام مايوافقها ويثبتها.

٣٧٠

مخالف لظواهر الاخبار المعتبرة ، وأما مسخه فقد ورد في توحيد المفضل بن عمر المروي عن الصادق (ع) مايومئ إليه حيث قال عليه‌السلام : وترى كثيرا من الفساق يعاجلون بالعقوبة إذا تفاقم طغيانهم ، وعظم ضررهم على الناس وعلى أنفسهم ، كما عوجل فرعون بالغرق ، وبخت نصر بالتيه ، وبلبيس بالقتل. (١)

١٠ ـ ص : الصدوق ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن جابر الجعفي ، عن الباقر صلوات الله عليه قال : سألته عن تعبير الرؤياء عن دانيال عليه‌السلام أهو صحيح؟ قال : نعم ، كان يوحى إليه وكان نبيا ، وكان ممن علمه الله تأويل الاحاديث ، و كان صديقا حكيما ، وكان والله يدين بمحبتنا أهل البيت؟ قال جابر : بمحبتكم أهل البيت؟ قال : إي والله ، وما من نبي ولا ملك إلا وكان يدين بمحبتنا. (٢)

١١ ـ ص : الصدوق ، عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن السياري ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن الرضا عليه‌السلام قال : إن الملك قال لدانيال : أشتهي أن يكون لي ابن مثلك ، فقال : ما محلي من قلبك؟ قال : أجل محل وأعظمه ، قال دانيال : فإذا جامعت فاجعل همتك في ، قال : ففعل الملك ذلك فولد له ابن أشبه خلق الله بدانيال. (٣)

١٢ ـ ص : الصدوق ، عن جعفر بن محمد بن شاذان ، عن أبيه ، عن الفضل ، عن محمد بن زياد ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال عزير يارب إني نظرت في جميع أمورك وإحكامها فعرفت عدلك بعقلي ، وبقي باب لم أعرفه ، إنك تسخط على أهل البلية فتعمهم بعذابك وفيهم الاطفال ، فأمره الله تعالى أن يخرج إلى البرية وكان الحر شديدا ، فرأى شجرة فاستظل بها ونام ، فجاءت نملة فقرصتها فدلك الارض برجله فقتل من النمل كثيرا ، فعرف أنه مثل ضرب ، فقيل له : يا عزير إن القوم إذا استحقوا عذابي قدرت نزوله عند انقضاء آجال الاطفال فماتوا أولئك بآجالهم وهلك هؤلاء بعذابي. (٤)

__________________

(١) وهذا كما ترى لم يدل على مسخه. بل يدل على أن الله تعالى عاجله بالعقوبة وهي التيه والتيه يأتي على معان وهي الصلف والتكبر. الضلال. القفر يضل فيه. ولعل المراد هنا المعنى الاخير. وليس من معانيه المسخ ، والمعنى الاخير لايلازم المسخ.

(٢ ـ ٤) قصص الانبياء مخطوط.

٣٧١

بيان : قال الفيروزآبادي : القرص. أخذك لحم إنسان بإصبعك حتى تؤلمه. و لسع البراغيث. والقبض. والقطع.

١ ـ ك : أبي وابن الوليد معا عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن محمد بن إسماعيل القرشي ، عمن حدثه ، عن إسماعيل بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن النبي (ص) قال : ملك بخت نصر مائة سنة وسبعا وثمانين سنة ، وقتل من اليهود سبعين ألف مقاتل على دم يحيى بن زكريا عليه‌السلام وخرب بيت المقدس ، وتفرقت اليهود في البلدان ، وفي سبع وأربعين سنة من ملكه بعث الله العزير نبيا إلى أهل القرى التي أمات الله أهلها ثم بعثهم له ، وكان من قرى شتى فهربوا فرقا من الموت ، فنزلوا في جوار عزير وكانوا مؤمنين ، وكان عزير يختلف إليهم ويسمع كلامهم وإيمانهم وأحبهم على ذلك وآخاهم عليه فغاب عنهم يوما واحدا ، ثم أتاهم فوجدهم موتى صرعى فحزن عليهم وقال : « أنى يحيي هذه الله بعد موتها » تعجبا منه حيث أصابهم وقد ماتوا أجمعين في يوم واحد ، فأماته الله عند ذلك مائة عام وهي مائة سنة ، ثم بعثه الله وإياهم وكانوا مائة ألف مقاتل ، ثم قتلهم الله أجمعين لم يفلت (١) منهم واحد على يدي بخت نصر ، ثم ملك مهرويه بن بخت نصر ست عشرة سنة وعشرين يوما ، (٢) فأخذ عند ذلك دانيال عليه‌السلام وخد له (٣) خدا في الارض وطرح فيه دانيال وأصحابه وشيعته من المؤمنين ، وألقى عليهم النيران ، فلما رأى أن النار لاتقربهم (٤) ولا تحرقهم استودعهم الجب و فيه الاسد والسباع وعذبهم بكل نوع من العذاب (٥) حتى خلصهم الله منه ، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه فقال : « قتل أصحاب الاخدود * النار ذات الوقود » فلما أراد الله أن يقبض دانيال عليه‌السلام أمره أن يستودع (٦) نور الله وحكمته مكيخا بن دانيال ففعل. (٧)

__________________

(١) أي لم يتخلص.

(٢) في المصدر : وست وعشرين يوما.

(٣) أي شق له حفيرة وألقاه فيها. وفي المصدر : وحفر له جبا.

(٤) في المصدر : فلما رأى أن النار ليست تقربهم.

(٥) في المصدر : بكل لون من العذاب.

(٦) في المصدر : أمره أن استودع.

(٧) كمال الدين : ١٣٠ و ١٣١.

٣٧٢

١٤ ـ شى : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) في قول الله : « أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها » فقال : إن الله بعث على بني إسرائيل (١) نبيا يقال له أرميا فقال : قل لهم : مابلد تنقيته من كرائم البلدان وغرست فيه من كرائم الغرس ونقيته من كل غريبة فأخلف فأنبت خرنوبا؟ قال : فضحكوا و استهزؤوا به ، فشكاهم إلى الله ، قال : فأوحى الله إليه أن قل لهم : إن البلد بيت المقدس والغرس بنو إسرائيل تنقيته من كل غريبة ، ونحيت عنهم كل جبار ، فأخلفوا فعملوا بمعاصي الله فلاسلطن عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم ، ويأخذ أموالهم ، فإن بكوا إلي فلم أرحم بكاءهم ، وإن دعوا لم أستجب دعاءهم ، ثم لاخربنها مائة عام ، ثم لاعمرنها ، فلما حدثهم جزعت العلماء فقالوا : يارسول الله ماذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم؟ فعاود لنا ربك ، فصام سبعا فلم يوح إليه شئ ، فأكل أكلة ثم صام سبعا فلم يوح إليه شئ ، فأكل أكلة ثم صام سبعا فلما أن كان يوم الواحد والعشرين أوحى الله إليه لترجعن عما تصنع ، أتراجعني في أمر قضيته أو لاردن وجهك على دبرك؟ ثم أوحى إليه قل لهم : لانكم رأيتم المنكر فلم تنكروه ، فسلط الله عليهم بخت نصر فصنع بهم ماقد بلغك ، ثم بعث بخت نصر إلى النبي فقال : إنك قد نبئت عن ربك وحدثتهم بما أصنع بهم ، فإن شئت فأقم عندي فيمن شئت وإن شئت فاخرج ، فقال : لا بل أخرج ، فتزود عصيرا وتينا وخرج ، فلما أن كان مد البصر التفت إليها فقال : « أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام » أماته غدوة ، وبعثه عشية قبل أن تغيب الشمس ، وكان أول شئ خلق منه عيناه في مثل غرقئ البيض ، ثم قيل له : « كم لبثت قال لبثت يوما » فلما نظر إلى الشمس لم تغب قال : « أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما » قال : فجعل ينظر إلى عظامه كيف يصل بعضها إلى بعض ويرى العروق كيف يجري ، فلما استوى قائما قال : « أعلم أن الله على كل شئ قدير » وفي رواية هارون : (٢) فتزود عصيرا ولبنا. (٣)

__________________

(١) في البرهان : بعث إلى بني اسرائيل.

(٢) أي هارون بن خارجة الاتية بعد ذلك.

(٣) تفسير العياشي مخطوط ، وأخرجه البحراني أيضا في البرهان ١ : ٢٤٨.

٣٧٣

١٥ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن النضر عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله ، و فيه : فسلط الله عليهم بخت نصر ، وسمي به لانه رضع بلبن كلبة ، وكان اسم الكلب بخت واسم صاحبه نصر ، وكان مجوسيا أغلف ، أغار على بيت المقدس ودخله في ستمائة ألف علم ، ثم بعث بخت نصر إلى النبي فقال : إنك نبئت عن ربك وخبرتهم بما أصنع بهم ، فإن شئت فأقم عندي ، وإن شئت فاخرج ، قال : بل أخرج ، فتزود عصيرا ولبنا وخرج. (١)

ين : النضر مثله إلى قوله : فصنع بهم ماقد بلغك. (٢)

١٦ ـ شى : أبوطاهر العلوي ، عن علي بن محمد العلوي ، عن علي بن مرزوق ، عن إبراهيم بن محمد قال : ذكر جماعة من أهل العلم أن ابن الكواء قال لعلي عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا؟ قال : نعم أولئك ولد عزير حيث مر على قرية خربة وقد جاء من ضيعة له ، تحته حمار ، ومعه شنة فيها قتر (٣) وكوز فيه عصير فمر على قرية خربة فقال : « أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام » فتوالد ولده وتناسلوا ثم بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه فأولئك ولده أكبر من أبيهم. (٤)

١٧ ـ خص : ابن عيسى ، عن الحسن ، عن الحسين بن علوان ، عن محمد بن داود العبدي ، عن الاصبغ بن نباتة أن عبدالله بن الكواء اليشكري قام إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين إن أبا المعتمر تكلم آنفا بكلام لايحتمله قلبي ، فقال : وما ذاك؟ قال : يزعم أنك حدثته أنك سمعت رسول الله (ص) يقول : إنا قد رأينا أو سمعنا برجل

__________________

(١) قصص الانبياء مخطوط.

(٢) مخطوط.

(٣) هكذا في النسخ وفي البرهان ، واستظهر في هامش المطبوع أنه مصحف « لبن » والشنة : القربة الخلق.

(٤) تفسير العياشي مخطوط ، أخرجه البحراني أيضا في البرهان ١ : ٢٤٨.

٣٧٤

أكبر سنا من أبيه ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : فهذا الذي كبر عليك؟ قال : نعم ، فهل تؤمن أنت بهذا وتعرفه؟ فقال : نعم ويلك يابن الكواء افقه (١) عني أخبرك عن ذلك ، إن عزيرا خرج من أهله وامرأته في شهرها وله يومئذ خمسون سنة ، فلما ابتلاه الله عز وجل بذنبه وأماته مائة عام ثم بعثه فرجع إلى أهله وهو ابن خمسين سنة ، فاستقبله ابنه وهو ابن مائة سنة ، ورد الله عزيرا في السن الذي كان به ، فقال ما يريد. (٢)

١٨ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : إن دانيال عليه‌السلام كان يتيما لا أم له ولا أب ، وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا كبيرة ضمته فربته ، وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان ، وكان لهما صديق ، وكان رجلا صالحا ، وكان له امرأة بهية جميلة ، وكان يأتي الملك فيحدثه ، واحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض أموره فقال للقاضيين : اختارا رجلا أرسله في بعض أموري ، فقالا : فلان ، فوجهه الملك ، فقال الرجل للقاضيين : أوصيكما بامرأتي خيرا ، فقالا : نعم ، فخرج الرجل ، فكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت ، فقالا لها : والله لئن لم تفعل (٣) لنشهدن عليك عند الملك بالزنا ثم لنرجمنك ، فقالت : افعلا ما أحببتما ، فأتيا الملك فأخبراه وشهدا عنده أنها بغت ، فدخل الملك من ذلك أمر عظيم واشتد بها غمه وكان بها معجبا فقال لهما : إن قولكما مقبول ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيام ، ونادى في البلد الذي هو فيه : احضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت ، فإن القاضيين قد شهدا عليها بذلك ، فأكثر الناس في ذلك ، وقال الملك لوزيره : ماعندك في هذا من حيلة؟ فقال : ما عندي في ذلك من شئ.

فخرج الوزير يوم الثالث وهو آخر أيامها فإذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال لايعرفه ، (٤) فقال دانيال : يامعشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك وتكون

__________________

(١) فقه عنه الكلام : فهمه.

(٢) مختصر بصائر الدرجات : ٢٢ ، فيه : فقال له مايريد. وللحديث ذيل طويل تركه المصنف.

(٣) هكذا في النسخ ، والصحيح كما في المصدر : لئن لم تفعلي.

(٤) في المصدر : وهو لايعرفه.

٣٧٥

أنت يافلان العابدة ، ويكون فلان وفلان القاضيين شاهدين عليها ، ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب ، وقال للصبيان : خذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا ، وخذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا ، ثم دعا بأحدهما وقال له : قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك ، والوزير قائم ينظر ويسمع ، فقال : إنها بغت ، (١) فقال : متى؟ فقال : يوم كذا وكذا قال : مع من؟ قال : مع فلان ابن فلان ، قال : وأين؟ قال : موضع كذا وكذا ، (٢) قال : ردوه إلى مكانه وهاتوا الآخر ، فردوه إلى مكانه وجاؤوا بالآخر ، فقال له : بما تشهد؟ فقال : أشهد أنها بغت ، قال : متى؟ قال : يوم كذا وكذا ، قال : مع من؟ قال : مع فلان ابن فلان ، قال : وأين؟ قال : موضع كذا وكذا ، (٣) فخالف أحدهما صاحبه ، فقال دانيال : الله أكبر شهدا بزور ، يا فلان ناد في الناس أنهما شهدا على فلانة بزور فاحضروا قتلهما.

فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر ، فبعث الملك إلى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان ، فنادى الملك في الناس وأمر بقتلهما. (٤)

١٩ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (ع) قال : إن الله عزوجل أوحى إلى داود (ع) أن ائت عبدي دانيال فقل له : إنك عصيتني فغفرت لك ، وعصيتني فغفرت لك ، وعصيتني فغفرت لك ، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك ، فأتاه داود عليه‌السلام فقال : يادانيال إني رسول الله إليك وهو يقول لك : إنك عصيتني فغفرت لك ، وعصيتني فغفرت لك ، وعصيتني فغفرت لك ، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك ، فقال له دانيال : قد أبلغت يا نبي الله ، فلما كان في السحر قام دانيال فناجى ربه فقال : يارب إن داود نبيك أخبرني عنك أنني قد عصيتك فغفرت لي ، وعصيتك فغفرت لي ، وعصيتك فغفرت لي ، وأخبرني عنك أني إن

__________________

(١) في المصدر : فقال : أشهد أنها بغت.

(٢ و ٣) في المصدر : بموضع كذا وكذا.

(٤) فروع الكافي ٢ : ٣٦٣ و ٣٦٤. وللحديث صدر طويل في قضايا غريبة لامير المؤمنين عليه‌السلام.

٣٧٦

عصيتك الرابعة لم تغفر لي ، فوعزتك وجلالك لئن لم تعصمني لاعصينك ثم لاعصينك ثم لاعصينك. (١)

ين : ابن محبوب مثله. (٢)

٢٠ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (ع) قال : قال النبي (ص) : أكرموا الخبز فإنه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الارض ومافيها من كثير من خلقه. ثم قال لمن حوله : ألا أحدثكم؟ (٣) قالوا : بلى يارسول الله فداك الآباء والامهات ، فقال : إنه كان نبي فيما كان قبلكم يقال له دانيال ، وإنه أعطى صاحب معبر (٤) رغيفا لكي يعبر به ، فرمى صاحب المعبر بالرغيف وقال : ما أصنع بالخبز؟ هذا الخبز عندنا قد يداس بالارجل ، فلما رأى دانيال ذلك منه رفع يده إلى السماء وقال : (٥) اللهم أكرم الخبز فقد رأيت يارب ماصنع هذا العبد وما قال ، فأوحى الله (٦) عزوجل إلى السماء أن تحبس الغيث (٧) وأوحى إلى الارض أن كوني طبقا كالفخار قال : فلم يمطر شئ حتى أنه بلغ من أمرهم أن بعضهم أكل بعضا ، فلما بلغ منهم ما أراد الله عزوجل من ذلك قالت امرأة لاخرى ولهما ولدان : فلانة! (٨) تعالي حتى نأكل أنا وأنت اليوم ولدي فإذا جعنا غدا (٩) أكلنا ولدك ، قالت لها : نعم ، فأكلتاه ، فلما أن جاعتا من بعد راودت الاخرى على أكل ولدها فامتنعت عليها ، فقالت لها : بيني وبينك نبي الله ، فاختصما إلى دانيال ، فقال لهما : وقد بلغ الامر إلى ما أرى؟ قالتا له :

__________________

(١) اصول الكافي ٢ : ٤٣٥ و ٤٣٦.

(٢) مخطوط.

(٣) في المصدر : ألا اخبركم؟

(٤) المعبر : السفينة.

(٥) في المصدر : ثم قال.

(٦) في المصدر : قال فاوحى الله.

(٧) الاصح : أن تحبسي الغيث.

(٨) في المصدر : يافلانة.

(٩) في المصدر : فاذا كان غدا.

٣٧٧

نعم يانبي الله وأشر ، (١) فرفع يده إلى السماء فقال : اللهم عد علينا بفضلك وفضل رحمتك ولا تعاقب الاطفال ومن فيه خير بذنب صاحب المعبر وأضرابه لنعمتك ، قال : فأمر الله تبارك وتعالى السماء أن امطري على الارض ، وأمر الارض أن انبتي لخلقي ماقد فاتهم من خيرك ، فإني قد رحمتهم بالطفل الصغير. (٢)

٢١ ـ كا : علي بن محمد ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (ع) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إذا لقيت السبع فقل : أعوذ برب دانيال والجب من شر كل أسد مستأسد. (٣)

٢٢ ـ فس : أبي ، عن إسماعيل بن أبان ، عن عمر بن عبدالله الثقفي قال : لما أخرج هشام بن عبدالملك أبا جعفر (ع) إلى الشام سأله عالم النصارى عن مسائل ، فكان فيما سأله : أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا حملتهما في ساعة واحدة ، وولدتهما في ساعة واحدة ، وماتا في ساعة واحدة ، ودفنا في ساعة واحدة في قبر واحد ، فعاش أحدهما خمسين ومائة سنة ، وعاش الآخر خمسين سنة ، من هما؟ فقال أبوجعفر عليه‌السلام : هما عزير وعزرة ، كان حمل أمهما على ماوصفت ، ووضعتهما على ما وصفت ، وعاش عزرة مع عزير ثلاثين سنة ، ثم أمات الله عزيرا مائة سنة وبقي عزرة يحيى ، ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزرة عشرين سنة ، الخبر. (٤)

بيان : قد عرفت اختلاف القوم في أن الذي أماته الله مائة عام هل هو أرميا أو عزير ، وقد دلت الروايات على كل منهما أيضا ، ولعل الاخبار الدالة على كونه عزيرا محمولة على التقية أو على ما يوافق روايات أهل الكتاب بأن يكونوا أجابوهم على معتقدهم ويمكن القول بوقوعه على كل منهما وإن كانت الآية وردت في أحدهما.

٢٣ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن علي بن محمد بن سعد رفعه ، عن أبي حمزة ، عن علي

__________________

(١) في المصدر : وأشد ، قال اه.

(٢) فروع الكافي ٢ : ١٦٥ و ١٦٦.

(٣) اصول الكافي ٢ : ٥٧١.

(٤) تفسير القمي : ٨٨ ٩٠ وفيه : وبقى عزرة حيا.

٣٧٨

ابن الحسين عليهما‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى دانيال (ع) إن أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف بحق أهل العلم ، التارك للاقتداء بهم ، وإن أحب عبيدي إلي التقي الطالب للثواب الجزيل ، اللازم للعلماء ، التابع للحلماء ، القابل عن الحكماء. (١)

٢٤ ـ ل ، ع ، ن : سأل الشامي أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الاربعاء وما يتطير منه ، فقال (ع) : آخر أربعاء من الشهر إلى أن قال : ويوم الاربعاء خرب بيت المقدس ، ويوم الاربعاء أحرق مسجد سليمان بن داود بإصطخر من كورة فارس. (٢)

٢٥ ـ : قال : أوحى الله إلى عزير عليه‌السلام ياعزير إذا وقعت في معصية فلا تنظر إلى صغرها ولكن انظر من عصيت ، (٣) وإذا أوتيت رزقا مني فلاتنظر إلى قلته ولكن انظر من أهداه ، وإذا نزلت بك بلية فلا تشك إلى خلقي كما لا أشكوك إلى ملائكتني عند صعود مساويك وفضائحك. (٤)

( باب ٢٦ )

* ( قصص يونس وأبيه متى ) *

الايات ، يونس « ١٠ » فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحيوة الدنيا ومتعناهم إلى حين ٩٨.

الانبياء « ٢١ » وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ٨٨.

__________________

(١) اصول الكافي ١ : ٣٥. وللحديث صدر تركه المصنف.

(٢) الخصال ٢ : ٢٨ ، علل الشرائع : ١٩٩ ، عيون الاخبار : ١٣٧ ، والحديث طويل أخرجه المصنف مسندا في احتجاجات امير المؤمنين عليه‌السلام راجع ١٠ : ٨١.

(٣) في نسخة : انظر إلى من عصيت.

(٤) دعوات الراوندي مخطوط.

٣٧٩

الصافات « ٣٧ » وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم * فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون * فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا عليه شجرة من يقطين * و أرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلى حين ١٣٩ ١٤٨.

ن « ٦٨ » ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين ٤٨ ٥٠.

تفسير : « ولاتكن كصاحب الحوت » قال الطبرسي : يعني يونس عليه‌السلام أي لاتكن مثله في استعجال عقاب قومه (١) ولا تخرج من بين قومك قبل أن يأذن الله لك كما خرج (٢) « إذ نادى وهو مكظوم » أي دعا ربه في جوف الحوت وهو محبوس عن التصرف في الامور ، وقيل : مكظوم أي مختنق بالغم إذ لم يجد لغيظه شفاء « لولا أن تداركه نعمة من ربه » أي لولا أن أدركته رحمة من ربه بإجابة دعائه وتخليصه من بطن الحوت « لنبذ » أي طرح « بالعراء » أي بالفضاء « وهو مذموم » قد أتى بما يلام عليه ، (٣) لكن الله تعالى تداركه بنعمة من عنده فنبذ بالعراء وهو غير مذموم. (٤)

١ ـ فس : « كصاحب الحوت » يعني يونس عليه‌السلام لما دعا على قومه ثم ذهب مغاضبا لله ، وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : « إذ نادى ربه وهو مكظوم » أي مغموم ، وقال علي بن إبراهيم في قوله : « لولا أن تداركه نعمة من ربه » قال : النعمة : الرحمة « لنبذ بالعراء » قال : العراء : الموضع الذي لاسقف له. (٥)

٢ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس ، وكان يونس يدعوهم إلى الاسلام فيأبون ذلك ، فهم

__________________

(١) في المصدر : في استعجال عقاب قومه واهلاكهم.

(٢) في المصدر : كما خرج هو.

(٣) في المصدر : ملوم قد اتى بما يلام عليه.

(٤) مجمع البيان ١٠ : ٣٤١.

(٥) تفسير القمي ٦٩٣.

٣٨٠