بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

كلهم على صورة عيسى ، فقالوا لهم : سحرتمونا؟ لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا ، فقال عيسى عليه‌السلام لاصحابه : من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة؟ فقال رجل منهم اسمه سرجس : (١) أنا ، فخرج إليهم ، فقال : أنا عيسى ، فأخذوه وقتلوه وصلبوه ، ورفع الله عيسى من يومه ذلك ، وبه قال قتادة ومجاهد وابن إسحاق ، وإن اختلفوا في عدد الحواريين ولم يذكر أحد غير وهب أن شبهه ألقي على جميعهم ، بل قالوا : ألقي شبههه على واحد ورفع الله عيسى من بينهم. قال الطبري : وقول وهب أقوى ، لانه لو ألقي شبهه على واحد منهم مع قول عيسى : « أيكم يلقى عليه شبهي فله الجنة » ثم رأوا عيسى رفع من بينهم لما اشتبه عليهم ولما اختلفوا ، وإن جاز أن يشتبه على أعدائهم من اليهود الذين ماعرفوه ، لكن ألقي شبهه على جميعهم وكانوا يرون كل واحد منهم بصورة عيسى ، فلما قتل أحدهم اشتبه الحال عليهم.

وقال أبوعلي الجبائي : إن رؤساء اليهود أخذوا إنسانا فقتلوه وصلبوه على موضع عال ، ولم يمكنوا أحدا من الدنو إليه فتغيرت حليته ، وقالوا : قد قتلنا عيسى ، ليوهموا بذلك على عوامهم لانهم كانوا أحاطوا بالبيت الذي فيه عيسى فلما دخلوه كان عيسى قد رفع من بينهم ، فخافوا أن يكون ذلك سببا لايمان اليهود به ففعلوا ذلك ، والذين اختلفوا فيه هم غير الذين صلبوا من صلبوه ، (٢) وإنما هم باقي اليهود ، وقيل : إن الذي دلهم عليه وقال : هذا عيسى أحد الحواريين ، أخذ على ذلك ثلاثين درهما وكان منافقا ، ثم إنه ندم على ذلك واختنق حتى قتل نفسه ، وكان اسمه بورس زكريا نوطا ، (٣) وهو ملعون في النصارى ، وبعض النصارى يقول : إن بورس زكريا نوطا هو الذي شبه لهم فصلبوه وهو يقول : لست بصاحبكم ، أنا الذي دللتكم عليه ، وقيل : إنهم حبسوا المسيح مع عشرة من أصحابه في بيت فدخل عليهم رجل من اليهود فألقى الله عليه شبه عيسى ورفع عيسى فقتلوا الرجل ، عن السدي.

__________________

(١) في الكامل : اسمه يوشع.

(٢) في المصدر : غير الذين صلبوه.

(٣) في المصدر : بودس زكريا بوطا ، وكذا فيما بعده ، ولعله هو الذي يسميه النصارى يهودا اسخر يوطى.

٣٤١

« وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه » قيل : إنه يعني بذلك عامتهم ، لان علماءهم علموا أنه غير مقتول ، عن الجبائي ، وقيل : أراد بذلك جماعتهم اختلفوا (١) فقال بعضهم : قتلناه ، وقال بعضهم : لم نقتله « مالهم به من علم إلا اتباع الظن » أي لم يكن لهم بمن قتلوه علم ، لكنهم اتبعوا ظنهم ، فقتلوه ظنا منهم أنه عيسى ولم يكن به وإنما شكوا في ذلك لانهم عرفوا عدة من في البيت ، فلما دخلوا عليهم وفقدوا واحدا منهم التبس عليهم أمر عيسى وقتلوا من قتلوه على شك منهم في أمر عيسى ، هذا على قول من قال : لم يتفرق أصحابه حتى دخل عليهم اليهود ، وأما من قال : تفرق أصحابه عنه فإنه يقول : كان اختلافهم في أن عيسى عليه‌السلام هل كان فيمن بقي أو فيمن خرج اشتبه الامر عليهم.

وقال الحسن : معناه : اختلفوا في عيسى عليه‌السلام فقالوا مرة : هو عبدالله ، ومرة هو ابن الله ، ومرة هو الله. وقال الزجاج : معنى اختلاف النصارى فيه أن منهم من ادعى أنه إله لم يقتل ، ومنهم من قال : قتل.

« وما قتلوه يقينا » اختلف في الهاء في « قتلوه » فقيل : إنه يعود إلى الظن ، أي ماقتلوا ظنهم يقينا ، كما يقال : قتلته علما ، (٢) عن ابن عباس وجويبر ، ومعناه : ما قتلوا ظنهم الذي اتبعوه في المقتول الذي قتلوه ، وهم يحسبونه عيسى يقينا أنه عيسى ولا أنه غيره ، لكنهم كانوا منه على شبهة ، وقيل : إن الهاء عائد إلى عيسى عليه‌السلام يعني ماقتلوه يقينا ، أي حقا ، فهو من تأكيد الخبر ، عن الحسن ، أراد أن الله سبحانه نفى عن عيسى القتل على وجه التحقيق واليقين « بل رفعه الله إليه » يعني بل رفع الله عيسى إليه ، ولم يصلبوه ولم يقتلوه « وكان الله عزيزا حكيما » معناه : لم يزل الله منتقما من أعدائه ، حكيما في أفعاله وتقديراته ، فاحذروا أيها السائلون محمدا أن ينزل عليكم كتابا من السماء حلول عقوبة بكم ، كما حل بأوائلكم في تكذيبهم رسله ، عن ابن عباس وما مر في تفسير هذه الآية من أن الله ألقى شبه عيسى عليه‌السلام على غيره فإن ذلك من

__________________

(١) في المصدر : جماعة اختلفوا. وهو الصواب.

(٢) في المصدر : ماقتلته علما.

٣٤٢

مقدور الله سبحانه بلاخلاف بين المسلمين فيه ، ويجوز أن يفعله الله سبحانه على وجه التغليظ للمحنة والتشديد في التكليف وإن كان ذلك خارقا للعادة ، فإنه يكون معجزا للمسيح عليه‌السلام ، كما روي أن جبرئيل عليه‌السلام كان يأتي نبينا (ص) في صورة دحية الكلبي.

ومما يسأل على هذه الآية أن يقال : قد تواترت اليهود والنصارى مع كثرتهم و اجتمعت على أن المسيح قتل وصلب ، فكيف يجوز عليهم أن يخبروا عن الشئ بخلاف ماهو به؟ ولو جاز ذلك فكيف يوثق بشئ من الاخبار؟

والجواب : أن هؤلاء دخلت عليهم الشبهة ، كما أخبر الله سبحانه عنهم بذلك ، فلم يكن اليهود يعرفون عيسى عليه‌السلام بعينه ، وإنما أخبروا أنهم قتلوا رجلا قيل لهم إنه عيسى ، فهم في خبرهم صادقون وإن لم يكن المقتول عيسى ، وإنما اشتبه الامر على النصارى لانه شبه عيسى ألقي على غيره فرأوا من هو على صورته مقتولا مصلوبا ، فلم يخبر أحد من الفريقين إلا عما رآه وظن أن الامر على ما أخبر به فلا يؤدي ذلك إلي بطلان الاخبار بحال. (١)

وقال رحمه الله في قوله تعالى : « إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي » قيل في معناه أقوال :

أحدها أن المراد به أني قابضك برفعك من الارض إلى السماء من غير وفاة بموت عن الحسن وكعب وابن جريح وابن زيد والكلبي وغيرهم ، وعلى هذا القول يكون للمتوفي تأويلان :

أحدهما : إني رافعك إلي وافيا لم ينالوا منك شيئا ، من قولهم : توفيت كذا واستوفيته ، أي أخذته تاما. والآخر : إني متسلمك ، من قولهم : توفيت منك (٢) كذا أي تسلمته.

وثانيها : إني متوفيك وفاة نوم ، ورافعك إلي في النوم ، عن الربيع ، قال : رفعه نائما ، ويدل عليه قوله : « وهو الذي يتوفاكم بالليل (٣) » أي ينيمكم ، إن النوم أخو

__________________

(١) مجمع البيان ٣ : ١٣٥ ١٣٧.

(٢) في المصدر : توفيت منه.

(٣) الانعام : ٦٠.

٣٤٣

الموت ، (١) وقوله : « الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها (٢) ».

وثالثها : إني متوفيك وفاة موت ، عن ابن عباس ووهب ، قالا : أماته الله ثلاث ساعات.

وأما النحويون فيقولون : هو على التقديم والتأخير ، أي إني رافعك ومتوفيك ، لان الواو لا توجب الترتيب بدلالة قوله : « فكيف كان عذابي ونذر (٣) » والنذر قبل العذاب (٤) وهذا مروي عن الضحاك.

ويدل عليه ماروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : عيسى (ع) (٥) لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة. وقد صح عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟ رواه البخاري ومسلم في الصحيحين ، (٦) فعلى هذا يكون تقديره : إني قابضك بالموت بعد نزولك من السماء.

وقوله : « ورافعك إلي » فيه قولان : أحدهما : أني رافعك إلى سمائي (٧) والآخر أن معناه : رافعك إلى كرامتي (٨) « ومطهرك من الذين كفروا » بإخراجك من بينهم فإنهم أرجاس ، وقيل : تطهيره منعه من كفر يفعلونه بالقتل الذي كانوا هموا به لان ذلك رجس طهره الله منه « وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة » بالظفر والنصرة ، أو بالحجة والبرهان قال ابن زيد : ولهذا لا ترى اليهود حيث

__________________

(١) في المصدر : لان النوم أخو الموت.

(٢) الزمر : ٤٢.

(٣) القمر : ١٦.

(٤) في المصدر هنا زيادة وهي : بدلالة قوله تعالى : « وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ».

(٥) في المصدر : إن عيسى.

(٦) أورده البخاري في صحيحه بطريقه عن أبي هريرة في باب نزول عيسى بن مريم عليهما‌السلام ج ١ ص ٩٤ ، ومسلم في صحيحه بطرقه عنه في ج ١ ص ٩٤.

(٧) في المصدر : وسمى رفعه إلى السماء رفعا إليه تفخيما لامر السماء يعني رافعك لموضع لا يكون عليك إلا أمري.

(٨) في المصدر : كما قال حكاية عن إبراهيم عليه‌السلام : « اني ذاهب إلى ربي سيهدين » أي إلى حيث أمرني ربي ، سمى ذهابه إلى الشام ذهابا إلى ربه.

٣٤٤

كانوا إلا أذل من النصارى ، ولهذا أزال الله الملك عنهم وإن كان ثابتا في النصارى ، وقيل : المعني به أمة محمد (ص) ، وإنما سماهم تبعا وإن كانت لهم شريعة على حدة لانه وجد فيهم التبعية صورة ومعنى ، أما الصورة فلانه يقال : فلان يتبع فلانا إذا جاء بعده ، و أما المعنى فلان نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مصدقا لعيسى وكتابه ، وعلى أن شريعة نبينا و سائر الانبياء متحدة في أبواب التوحيد. (١)

( باب ٢٤ )

* ( ماحدث بعد رفعه وزمان الفترة بعده ونزوله من السماء ) *

* ( وقصص وصيه شمعون بن حمون الصفا ) *

الايات ، الزخرف « ٤٣ » وإنه لعلم للساعة فلاتمترن بها ٦١.

تفسير : المشهور بين المفسرين أن الضمير راجع إلى عيسى عليه‌السلام ، أي نزول عيسى من أشراط (٢) الساعة يعلم به قربها « فلا تمترن بها » أي بالساعة ، وقيل : الضمير راجع إلى القرآن.

١ ـ ك : بإسناده عن أبي رافع ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى عليه‌السلام أوحى إليه : أن استودع نور الله وحكمته وعلم كتابه شمعون بن حمون الصفا خليفته على المؤمنين ، ففعل ذلك فلم يزل شمعون في قومه يقوم بأمر الله عزوجل ويهتدي بجميع مقال عيسى عليه‌السلام في قومه من بني إسرائيل ويجاهد الكفار ، (٣) فمن أطاعه و آمن بما جاء به كان مؤمنا ، ومن جحده وعصاه كان كافرا حتى استخلص (٤) ربنا تبارك وتعالى وبعث في عباده نبيا من الصالحين وهو يحيى بن زكريا عليه‌السلام فمضى شمعون وملك

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ : ٤٤٩ ٤٥٠.

(٢) الاشراط جمع الشرط : العلامة.

(٣) في المصدر : وجاهد الكفار.

(٤) اي حتى اختار.

٣٤٥

عند ذلك أردشير بن أشكاس (١) أربعة عشر سنة وعشرة أشهر ، وفي ثمان سنين من ملكه قتلت اليهود يحيى بن زكريا عليه‌السلام ، فلما أراد الله أن يقبضه أوحى إليه أن يجعل الوصية في ولد شمعون ويأمر الحواريين وأصحاب عيسى بالقيام معه ، ففعل ذلك. (٢) إلى آخر ما سيأتي في باب أحوال ملوك الارض.

٢ ـ ج : سأل نافع مولى ابن عمر أبا جعفر (ع) : كم بين عيسى عليه‌السلام ومحمد (ص) من سنة؟ قال عليه‌السلام : أجيبك بقولك أم بقولي؟ قال : أجبني بالقولين ، قال : أما بقولي فخمسمائة سنة ، وأما قولك فستمائة سنة. (٣)

فس : أبي عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، عن أبي الربيع مثله. (٤)

٣ ـ ل : أحمد بن محمد بن الهيثم ، عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال النبي (ص) : إن أمة عيسى افترقت بعده على اثنتين وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية ، وإحدى وسبعون في النار الخبر. (٥)

٤ ـ ل : بإسناده عن أنس ، عن النبي (ص) قال : إن بني إسرائيل تفرقت على عيسى إحدى وسبعين فرقة ، فهلك سبعون فرقة ، ويتخلص فرقة. الخبر. (٦)

٥ ـ ك : كانت للمسيح عليه‌السلام غيبات يسيح فيها في الارض ، ولا يعرف قومه وشيعته خبره ، ثم ظهر فأوصى إلى شمعون بن حمون عليه‌السلام فلما مضى شمعون غابت الحجج

__________________

(١) في المصدر : أردشير بن زاركا ( اسكان خ ل ) ولعله مصحف أردشير بابكان. نص على ذلك المسعودي في اثبات الوصية.

(٢) كمال الدين : ١٣٠.

(٣) احتجاج الطبرسي : ١٧٧. وفيه وأما بقولك.

(٤) تفسير القمي : ٢١٧ و ٢١٨. والحديث طويل تقدم بالفاظه في كتاب الاحتجاجات راجع ج ١٠ ص ١٦١.

(٥ و ٦) الخصال ٢ : ١٤١.

٣٤٦

بعده (١) فاشتد الطلب ، وعظمت البلوى ، ودرس الدين ، وأضيعت الحقوق ، وأميتت الفروض والسنن ، وذهب الناس يمينا وشمالا لا يعرفون أيا من أي ، فكانت الغيبة مائتين وخمسين سنة. (٢)

٦ ـ ك : ابن الوليد عن الصفار وسعد معا ، عن أيوب بن نوح ، عن ابن المغيرة ، عن سعد بن أبي خلف ، عن معاوية بن عمار قال : قال أبوعبدالله (ع) : بقي الناس بعد عيسى ابن مريم عليه‌السلام خمسين سنة ومائتي سنة بلا حجة ظاهرة. (٣)

٧ ـ ك : أبي ، عن محمد العطار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن سعد بن أبي خلف ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله (ع) قال : كان بين عيسى (ع) وبين محمد (ص) خمسمائة عام ، منها مائتان وخمسون عاما ليس فيها نبي ولا عالم ظاهر ، قلت : فما كانوا؟ قال : كانوا مستمسكين (٤) بدين عيسى ، قلت : فما كانوا؟ قال : مؤمنين. ثم

__________________

(١) ذكر المسعودي أسماء الحجج والاوصياء ونبذة من أحوالهم في كتابه اثبات الوصية ، فذكر أن الله أوحى إلى زكريا أن يسلم مواريث الانبياء ومافي يديه إلى عيسى عليه‌السلام ، وقال : وروى في خبر آخر أن الله أوحى اليه أن يستودع النبوة ومواريث الانبياء وما في يديه إلى نبي من بني اسرائيل يقال له اليسابغ ، ثم شرع في بيان أحواله إلى أن قال : فلما أراد الله أن يقبض اليسابغ أوحى اليه أن يستودع النور والحكمة والاسم الاعظم ابنه روبيل وقام روبيل بن اليسابغ عليه‌السلام بأمر الله عزوجل وتدبير ما استودعه ، وملك في أيامه دارا بن شهزادان أربع عشرة سنة ، وبعد سنة من ملكه بنى مدينة وسماها داراجرد ( مصحف دارابجرد ) وملك بعده الاسكندر اربع عشرة سنة ، وكان بنى بعد سنتين من ملكه مدينة باصبهان سماها جى ، وملك بعد الاسكندر أشج بن أشجان مائتى سنة ، وفي احدى وخمسين سنة من ملكه بعث الله عزوجل المسيح عيسى بن مريم عليه‌السلام. ثم ذكر جملة من احوال المسيح عليه‌السلام إلى أن قال : و أوصى إلى شمعون وأمرهم بطاعته وسلم اليه الاسم الاعظم والتابوت ، وذكر بعد شمعون يحيى بن زكريا عليه‌السلام ، ثم منذر بن شمعون ، ثم دانيال. ثم قال : وروى في خبر آخر أن العزير و دانيال كانا قبل المسيح ويحيى بن زكريا عليهم‌السلام.

(٢ و ٣) كمال الدين : ٩٦.

(٤) في المصدر : متمسكين.

٣٤٧

قال عليه‌السلام : ولا تكون الارض إلا وفيها عالم. (١)

٨ ـ ك : عن إسماعيل بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن النبي (ص) قال : كانت الفترة بين عيسى عليه‌السلام وبين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعمائة سنة وثمانين سنة. (٢)

أقول : تمامه بإسناده في باب أحوال الملوك ، والمعول على الاخبار الاولة ، و يمكن تأويل هذا الخبر بأن يقال : لم يحسب بعض زمان الفترة من أولها لقرب العهد بالدين.

٩ ـ شى : عن أبي الصهباء البكري (٣) قال : سمعت علي بن أبي طالب (ع) و دعا رأس الجالوت (٤) وأسقف النصارى فقال : إني سائلكما عن أمر وأنا أعلم به منكما فلاتكتما ، ثم دعا أسقف النصارى فقال : أنشدك بالله الذي أنزل الانجيل على عيسى عليه‌السلام ، وجعل على رجله البركة ، وكان يبرئ الاكمه والابرص ، وأزال ألم العين ، وأحيا الميت ، وصنع لكم من الطين طيورا ، وأنبأكم بما تأكلون وما تدخرون ، فقال : دون هذا أصدق؟ فقال علي (ع) : بكم افترقت بنو إسرائيل بعد عيسى؟ فقال : لا والله ولا فرقة واحدة ، فقال علي عليه‌السلام : كذبت والذي لا إله إلا هو ، لقد افترقت على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة ، إن الله يقول : « منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ماكانوا يعملون » فهذه التي تنجو. (٥)

١٠ ـ فر : جعفر بن محمد الفزاري رفعه (٦) إلى أبي جعفر (ع) قال : ياخيثمة (٧)

__________________

(١) كمال الدين : ٩٦. قوله : ولاتكون الارض اه أي لاتكون خاليا من عالم ظاهر أو مستور.

(٢) كمال الدين : ١٣٠ و ١٣١.

(٣) هو صهيب البكري البصري ، يقال : المدني مولى ابن عباس ، روى عن مولاه ابن عباس و علي بن ابي طالب عليه‌السلام وابن مسعود.

(٤) في البرهان : دعا رأس الجالوت.

(٥) تفسير العياشي مخطوط ، أخرجه البحراني ايضا في البرهان ١ : ٤٨٧.

(٦) في المصدر : جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٧) بضم الخاء وسكون الياء وفتح الثاء.

٣٤٨

سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله ما هو والتوحيد حتى يكون خروج الدجال ، وحتى ينزل عيسى بن مريم عليه‌السلام من السماء ، ويقتل الله الدجال على يديه ، ويصلي بهم رجل منا أهل البيت ، ألا ترى أن عيسى عليه‌السلام يصلي خلفنا وهو نبي إلا ونحن أفضل منه. (١)

١١ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن أحمد بن هلال ، عن الفضل بن دكين ، عن معمر ابن راشد ، (٢) عن النبي (ص) قال : من ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته فقدمه وصلى خلفه. (٣)

١٢ ـ عم : حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي سعيد عقيصا ، عن الحسن ابن علي صلوات الله عليه أنه قال : مامنا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي روح الله عيسى بن مريم خلفه. (٤)

أقول : الاخبار الدالة على أن عيسى عليه‌السلام ينزل ويصلي خلف القائم عجل الله فرجه كثيرة ، وقد أوردتها الخاصة والعامة بطرق مختلفة ، وسيأتي بعضها في كتاب الغيبة.

١٣ ـ فس : أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن أبي حمزة ، عن شهر بن حوشب (٥) قال : قال لي الحجاج : يا شهر آية في كتاب الله قد أعيتني فقلت : أيها الامير أية آية هي؟ فقال : قوله : « وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته » والله إني لآمر باليهودي والنصراني فتضرب عنقه (٦) ثم أرمقه بعيني فما أراه

__________________

(١) تفسير فرات : ٤٤ ، وللحديث صدر تركه المصنف.

(٢) في الاسناد وهم ظاهر لان معمر بن راشد وهو الازدي مولاهم أبوعروة البصري نزيل اليمن مات سنة ١٥٤ ، وهو ابن ٥٨ سنة ، فهو لم يدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والوهم حصل من تقطيع الحديث ، لان الموجود في الامالي : معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبدالله الصادق عليه‌السلام يقول : أتى يهودي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم ذكر حديثا طويلا إلى أن قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن ذريتي المهدي.

(٣) لم نجد الحديث في الخصال ولكنه موجود في الامالي : ١٣١ فالظاهران ( ل ) مصحف ( لى ).

(٤) اعلام الورى : ٢٤٤. (٥) بفتح المهملة والشين.

(٦) في نسخة : والله إني لامر باليهودي والنصراني فأضرب عنقه اه.

٣٤٩

يحرك شفتيه حتى يخمد ، (١) فقلت : أصلح الله الامير ليس على ما تأولت ، قال : كيف هو؟ قلت : إن عيسى عليه‌السلام ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني (٢) إلا آمن به قبل موته ، ويصلي خلف المهدي ، قال : ويحك أنى لك هذا ومن أين جئت به؟ فقلت : حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، فقال : جئت والله بها من عين صافية. (٣)

بيان : قال الطبرسي رحمه الله : اختلف فيه على أقوال : أحدها أن كلا الضميرين يعودان إلى المسيح ، أي ليس يبقى أحد من أهل الكتاب من اليهود والنصارى إلا ويؤمنن بالمسيح قبل موت المسيح إذا أنزله الله إلى الارض وقت خروج المهدي في آخر الزمان لقتل الدجال ، فتصير الملل كلها ملة واحدة ، وهي ملة الاسلام الحنيفية دين إبراهيم عليه‌السلام عن ابن عباس وأبي مالك والحسن وقتادة وابن زيد ، وذلك حين لاينفعهم الايمان ، واختاره الطبري ، قال : والآية خاصة لمن يكون منهم في ذلك الزمان ، ثم ذكر رواية علي بن إبراهيم وقال : وذكر أبوالقاسم البلخي مثل ذلك ، وضعف الزجاج هذا الوجه ، قال : إن الذين يبقون إلى زمن عيسى عليه‌السلام من أهل الكتاب قليل ، والآية تقتضي عموم إيمان أهل الكتاب إلا أن تحمل على أن جميعهم يقولون : إن عيسى الذي ينزل في آخر الزمان نحن نؤمن به.

وثانيها : أن الضمير في « به » يعود إلى المسيح ، والضمير في « موته » إلى الكتابي ، ومعناه : لايكون أحد من أهل الكتاب يخرج من الدنيا إلا ويؤمن بعيسى عليه‌السلام قبل موته إذا زا تكليفه وتحقق الموت ولكن لاينفعه الايمان.

وثالثها : أن يكون المعنى : ليؤمنن بمحمد (ص) قبل موت الكتابي ، عن عكرمة ورواه أيضا أصحابنا. انتهى. (٤)

أقول : يمكن أن يكون الوجه الاول مبنيا على الرجعة فلا يكون مختصا بأهل الكتاب الموجودين في ذلك الزمان.

__________________

(١) في المصدر : حتى يحمل.

(٢) في نسخة : يهودي ولا غيره.

(٣) تفسير القمي : ١٤٦.

(٤) مجمع البيان ٣ : ١٣٧ و ١٣٨.

٣٥٠

(باب ٢٥)

* ( قصص أرميا ودانيال وعزير وبخت نصر (١) ) *

الايات ، البقرة « ٢ » أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شئ قدير ٢٥٩.

الاسراء « ١٧ » وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين و

__________________

(١) في العرائس : ان أرمياهوابن خلفياء ، وكان من سبط هارون بن عمران وسمى خضرا لانه جلس على فروة بيضاء فقام عنها وهي تزهر خضراء وفي قاموس الانجيل أنه ابن حلقيا ، وكان في سنة ٦٠٠ قبل المسيح عليه‌السلام تقريبا. وفي الكامل انه ابن حزقيا. وأما دانيال فكان من ذرية داود عليه‌السلام ، واسر في سنة ٦٠٦ قبل ميلاد المسيح وجئ به إلى بابل على مافي قاموس الانجيل ، وكان بخت نصر رأى رؤيا هائلة فقصها على دانيال فعبرها فصار بذلك معززا مكرما عند بخت نصر ، وكان مقيما عنده إلى أن فتح الفرس بابل ، فصار عند كورش ملك الفرس فولاه القضاء وجعل اليه جميع أمره ، ومات بالسوس من اعمال خوزستان. ذكر البغدادي في كتابه المحبر نسب دانيال فقال : هو دانيال بن يخننا بن حزقيا ، وهو يوناخين بن صدقيا الملك ابن اهياقيم بن أوشيا بن أمين بن حزقيا بن ( أحاذين )؟ بن ياثم بن عزريا بن أمصيا بن مهياس بن أخزيا ابن ربهيا بن رام بن ياهوشا بن أسا بن أبيا بن راحبعم بن سليمان بن داود عليهما‌السلام ، وذكرهم الطبري واليعقوبي مع اختلافات. وأما عزير فكان معاصرا لدانيال ، وسيأتي قصصه. واما بخت نصر قال الفيروزآبادي : بخت أصله بوخت ومعناه ابن : ونصر كبقم : صنم انتهى ، وهو الذي يقال له : بنوكد نصر ، وفي قاموس الانجيل : انه مات في ٥٦١ قبل المسيح عليه‌السلام ، ونسبه على مافي الطبري : بخت نصر بن نبوزرادان بن سنحاريب صاحب الموصل وناحيتها ابن داريوش بن عييرى بن تيرى بن رويا بن رابيا بن سلامون بن داود بن طامى بن هامل بن هرمان بن فودى بن همول بن درمى بن قمائل بن صامان بن رغما بن نمروز بن كوش بن حام بن نوح عليه‌السلام.

٣٥١

لتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم ( وأمددناكم )؟ بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا * إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ٤ ٧.

تفسير : قال البيضاوي : « وقضينا » أي أوحينا إليهم قضاء مقضيا (١) في التوراة « مرتين » إفسادتين : أولاهما مخالفة أحكام التوراة وقتل شعياء وقتل ارميا ، وثانيتهما قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى (ع) « وعد أولهما » أي وعد (٢) عقاب أولاهما « عبادا لنا » بخت نصر (٣) عامل لهراسف إلى بابل (٤) وجنوده ، وقيل : جالوت ، وقيل : سخاريب (٥) من أهل نينوى « فجاسوا » ترددوا لطلبكم « خلال الديار » وسطها للقتل والغارة « الكرة » أي الدولة والغلبة « عليهم » على الذين بعثوا عليكم وذلك بأن ألقى الله في قلب بهمن بن إسفنديار لما ورث الملك من جده كشتاسف بن لهراسف شفقة عليهم فرد أسراءهم إلى الشام ، وملك دانيال عليهم ، فاستولوا على من كان فيها من أتباع بخت نصر ، أو بأن سلط داود على جالوت فقتله. والنفير من ينفر مع الرجل من قومه « فإذا جاء وعد الآخرة » وعد عقوبة المرة الآخرة « ليسوءوا وجوهكم » أي بعثناهم ليسوءوا وجوهكم ليجعلوها بادية آثار المساءة فيها « وليتبروا » ليهلكوا « ماعلوا » ماغلبوه واستولوا عليه أو مدة علوهم ، وذلك بأن سلط الله عليهم الفرس مرة أخرى ، فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه

__________________

(١) في المصدر : وحيا مقضيا مبتوتا.

(٢) في المصدر : وعيد.

(٣) قال الطبرسي في مجمع البيان : سلط الله عليهم سابورذا الاكتاف ملكا من ملوك فارس في قتل زكريا ، وسلط عليهم في قتل يحيى بخت نصر. قلت : يقال : ان الذي سلطه الله عليهم هو كورش.

(٤) في المصدر : على بابل.

(٥) في المصدر وفي العرائس : سنجاريب ، وفي مجمع البيان والكامل والطبري : سنحاريب. وفي قاموس الانجيل : سنخاريب.

٣٥٢

جوذر ، (١) وقيل : خردوس ، قيل : دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلي فسألهم عنه فقالوا : دم قربان لم يقبل منا ، فقال : ماصدقوني ، فقتل عليه ألوفا منهم فلم يهدأ الدم ، ثم قال : إن لم تصدقوني ماتركت منكم أحدا ، فقالوا : إنه دم يحيى ، فقال : لمثل هذا ينتقم منكم ربكم ، ثم قال : يايحيى قد علم ربي وربك ما أصاب قومك من أجلك فاهدأ بإذن الله قبل أن لا أبقي منكم أحدا ، فسكن. (٢)

وقال الطبرسي رحمه الله : اختلف المفسرون في الكرتين ، قالوا : لما عتا بنو إسرائيل في المرة الاولى سلط الله عليهم ملك فارس ، وقيل : بخت نصر ، وقيل : ملكا من ملوك بابل ، فخرج إليهم وحاصرهم وفتح بيت المقدس ، وقيل : إن بخت نصر ملك بابل بعد سخاريب (٣) وكان من جيش نمرود ، وكان لزنية لا أب له ، فظهر على بيت المقدس وخرب المسجد ، وأحرقت التوراة ، وألقى الجيف في المسجد ، وقتل على دم يحيى عليه‌السلام سبعين ألفا وسبى ذراريهم ، وأغار عليهم ، وأخرج أموالهم ، وسبى سبعين ألفا وذهب بهم إلى بابل ، وبقوا في مدة مائة سنة تستعبدهم المجوس وأولادهم ، ثم تفضل الله عليهم بالرحمة وأمر ملكا من ملوك فارس عارفا بالله سبحانه فردهم إلى بيت المقدس ، فأقامهم به (٤) مائة سنة على الطريقة المستقيمة والطاعة ، ثم عادوا إلى الفساد والمعاصي ، فجاءهم ملك من ملوك الروم اسمه انطياخيوس (٥) فخرب بيت المقدس وسبى أهله ، وقيل : غزاهم ملك الرومية وسباهم ، عن حذيفة ، وقال محمد بن إسحاق : كانت بنو إسرائيل يعصون الله تعالى وفيهم الاحداث ، والله يتجاوز عنهم ، وكان أول مانزل بهم بسبب ذنوبهم أن الله بعث إليهم شعيا قبل مبعث زكريا ، (٦) وكان لبني إسرائيل ملك كان شعيا يرشده ويسدده ، فمرض الملك وجاء

__________________

(١) في المصدر : جؤذرذ.

(٢) انوار التنزيل ١ : ٦٨٩ و ٦٩٠. وفيه « فهدأ » مكان » فسكن ».

(٣) في المصدر : سنحاريب وكذا فيما بعده.

(٤) في المصدر : فأقاموا به.

(٥) في المصدر : انطياخوس.

(٦) في المصدر هنا زيادة ، هي : وشعيا هو الذي بشر بعيسى عليه‌السلام وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم.

٣٥٣

سخاريب إلى باب بيت المقدس بستمائة ألف راية ، فدعا الله شعيا فبرئ الملك ومات جمع سخاريب ولم ينج منهم إلا خمسة نفر ، منهم سخاريب ، فهرب وأرسلوا خلفه من أخذه ثم أمر الله بإطلاقه ليخبر قومه بما نزل بهم فأطلقوه وملك سخاريب بعد ذلك سبع سنين ، (١) واستخلف بخت نصر ابن ابنه فلبث سبع عشرة سنة ، وهلك ملك بني إسرائيل ومرج أمرهم وتنافسوا في الملك ، وقتل بعضهم بعضا ، فقام شعيا فيهم خطيبا فوعظهم فهموا بقتله فهرب ودخل شجرة فقطعوا الشجرة بالمنشار ، فبعث الله إليهم أرميا من سبط هارون ثم خرج من بينهم لما رأى من أمرهم ، ودخل بخت نصر وجنوده بيت المقدس وفعل مافعل ثم رجع إلى بابل بسبا يابني إسرائيل ، فكانت هذه الدفعة الاولى ، وقيل أيضا : إن سبب ذلك كان قتل يحيى بن زكريا عليه‌السلام وإنه دم يحيى لم يزل يغلي حتى قتل بخت نصر منهم سبعين ألفا أو اثنين وسبعين ألفا ، ثم سكن الدم ، وذكر الجميع أن يحيى بن زكريا عليه‌السلام هو المقتول في الفساد الثاني ، قال مقاتل : وكان بين الفساد الثاني والاول مائتا سنة وعشر سنين ، وقيل : إنما غزا بني إسرائيل في المرة الاولى بخت نصر ، والمرة الثانية ملوك فارس والروم ، وذلك حين قتلوا يحيى عليه‌السلام فقتلوا منهم مائة ألف وثمانين ألفا ، وخرب بيت المقدس ، فلم يزل بعد ذلك خرابا حتى بناه عمر بن الخطاب ، فلم يدخله بعد ذلك رومي إلا خائفا ، وقيل : إنما غزاهم في المرة الاولى جالوت ، وفي الثانية بخت نصر. انتهى. (٢)

وقال صاحب الكامل : ما روي من أن بخت نصر هو الذي خرب بيت المقدس و قتل بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا عليه‌السلام باطل عند أهل السير والتواريخ وأهل العلم بأمور الماضين ، وذلك بأنهم مجمعون على أن بخت نصر غزا بني إسرائيل عند قتل نبيهم شعيا في عهد أرميا ، وبين عهد أرميا وقتل يحيى (٣) أربعمائة سنة وإحدى و

__________________

(١) في المصدر : وهلك سنحاريب بعد ذلك بسبع سنين.

(٢) مجمع البيان ٦ : ٣٣٩ و ٤٠٠.

(٣) وهو عليه‌السلام قتل بعد ميلاد المسيح عليه‌السلام بثلاثين سنة تقريبا.

٣٥٤

ستون سنة عند اليهود والنصارى ، ويذكرون أن ذلك في كتبهم وأسفارهم ، ويوافقهم المجوس في مدة غز وبخت نصر بني إسرائيل إلى موت الاسكندر ، ويخالفهم في مدة مابين موت الاسكندر ومولد يحيى فيزعمون أن مدة ذلك إحدى وخمسون سنة. انتهى. (١)

أقول : ستعرف أن أخبارنا أيضا مختلفة في ذلك ، لانه يظهر من خبر ابن عمارة وخبر ملاقاة داود دانيال وغيرهما كون بخت نصر متصلا بزمان سليمان عليه‌السلام ، ويظهر من خبر هارون بن خارجة وأبي بصير وغيرهما كون خروج بخت نصر بعد قتل يحيى عليه‌السلام ولايبعد كون بخت نصر معمرا (٢) وكذا دانيال فيكونا قد أدركا الوقتين معا ، ويمكن أن يكون إحداهما محمولة على التقية ، والاخبار الدالة على كون خروجه بعد قتل يحيى عليه‌السلام أقوى سندا وقد سبق بعضها في قصة يحيى والله يعلم.

__________________

(١) الكامل ١ : ١٠٤. قلت : ذكر ذلك أيضا الثعلبي في العرائس ثم قال : وإنما الصحيح في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار قال : عمرت بنو اسرائيل بيت المقدس بعد ما عمرت الشام : وعاد اليها ملكها بعد خراب بخت نصر اياها وسبيهم منها ، فجعلوا يحدثون الاحداث بعد مهلك عزير عليه‌السلام ، فبعث الله فيهم الانبياء ، ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون ، حتى كان آخر من بعث إليهم من انبيائهم زكريا ويحيى وعيسى عليهم‌السلام وكانوا من آل داود عليه‌السلام ، فمات زكريا وقتل يحيى فلما رفع عيسى من بين ظهورهم وقتلوا يحيى عليه‌السلام بعث الله عليهم ملكا من ملوك بابل يقال له كردوس ، فسار إليهم بأهل بابل حتى دخل عليهم الشام ، فلما دخل عليهم أمر رئيسا من رؤوس جنوده يقال له بنوا رازادان صاحب القتل ، فقال له : إني حلفت بالههم لئن ظهرت وظفرت على أهل بيت المقدس لاقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري ، فامره أن يقتلهم ، ثم ان بنوارازادان دخل بيت المقدس فاقام في البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلي ، فسألهم عنه فقالوا : هذا دم قربان قربناه فلم يقبل منا ، فقال : ماصدقتموني. الخبر اه ثم ذكر نحو ما تقدم في قصة بخت نصر. ويظهر من المسعودي في اثبات الوصية أن الذي قتل الناس لقتلهم يحيى عليه‌السلام هو بخت نصر بن ملت نصر بن بخت نصر الاكبر ، وبذلك يرتفع الاشكال بحذافيره.

(٢) وربما يؤيد ذلك ما ذكره الثعلبي في العرائس من أن عمر بخت نصر كان أيام مسخه نيفا وخمسمائة عام وخمسين يوما ، فتامل.

٣٥٥

١ ـ فس : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي (١) وعتوا عن أمر ربهم أراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم ويقتلهم ، فأوحى الله إلى أرميا يا أرميا مابلد انتخبته من بين البلدان وغرست فيه من كرائم الشجر فأخلف فأنبت خرنوبا؟ فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا له : راجع ربك ليخبرنا مامعنى هذا المثل ، فصام أرميا سبعا فأوحى الله إليه : يا أرميا أما البلد فبيت المقدس ، وأما ما أنبت فيه فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها ، فعملوا بالمعاصي ، وغيروا ديني ، وبدلوا نعمتي كفرا ، فبي حلفت لامتحننهم بفتنة يظل الحكيم فيها حيران ، (٢) ولاسلطن عليهم شر عبادي ولادة وشرهم طعاما ، فليتسلطن عليهم بالجبرية فيقتل مقاتليهم ، ويسبي حريمهم ، ويخرب بيتهم الذي يعتزون به ، ويلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة ، فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا له : راجع ربك فقل له : ماذنب الفقراء والمساكين والضعفاء؟ فصام أرميا سبعا ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شئ ، ثم صام سبعا وأكل أكلة ولم يوح إليه شئ ، ثم صام سبعا فأوحى الله إليه : يا أرميا لتكفن عن هذا أو لاردن وجهك إلى قفاك ، قال : ثم أوحى الله إليه : قل لهم : لانكم رأيتم المنكر فلم تنكروه ، فقال أرميا : رب أعلمني من هو حتى آتيه وآخذ لنفسي وأهل بيتي منه أمانا ، قال : ايت موضع كذا وكذا ، فانظر إلى غلام أشدهم زمانة ، وأخبثهم ولادة ، وأضعفهم جسما ، وأشرهم غذاء فهو ذاك ، فأتى أرميا ذلك البلد فإذا هو بغلام في خان زمن ملقى على مزبلة وسط الخان ، وإذا له أم تزبي (٣) بالكسر ، وتفت الكسر في القصعة ، وتحلب عليه خنزيرة لها ، ثم تدنيه من ذلك الغلام فيأكله ، فقال أرميا : إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا ، فدنا منه فقال له : ما اسمك؟ فقال : بخت نصر ، فعرف أنه هو ، فعالجه حتى برئ ، ثم قال له : أتعرفني

__________________

(١) في المصدر : المعاصي.

(٢) في المصدر : يظل فيها الحكيم حيرانا.

(٣) في المصدر وفي نسخة « تربي » وهو مصحف وصحيحه بالزاي المعجمة يقال : زبى اللحم اي نثره في الزبية ، والزبية : حفيرة يشتوى فيها ويخبز.

٣٥٦

قال : لا ، أنت رجل صالح ، قال : أنا أرميا نبي بني إسرائيل ، أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل فتقتل رجالهم ، وتفعل بهم كذا وكذا (١) قال : فتاه في نفسه (٢) في ذلك الوقت.

ثم قال أرميا : اكتب لي كتابا بأمان منك ، فكتب له كتابا ، وكان يخرج في الجبل ويحتطب ويدخله المدينة ويبيعه ، فدعا إلى حرب بني إسرائيل (٣) وكان مسكنهم في بيت المقدس ، وأقبل بخت نصر فيمن أجابه نحو بيت المقدس ، وقد اجتمع إليه بشر كثير ، فلما بلغ أرميا إقباله نحو بيت المقدس استقبله على حمار له ومعه الامان الذي كتبه له بخت نصر ، فلم يصل إليه أرميا من كثرة جنوده وأصحابه ، فصير الامان على قصبة أو خشبة ورفعها ، فقال : من أنت؟ فقال : أنا أرميا النبي الذي بشرتك بأنك سيسلطك الله على بني إسرائيل (٤) وهذا أمانك لي ، قال : أما أنت فقد آمنتك ، وأما أهل بيتك فإني أرمي من ههنا إلى بيت المقدس فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي ، وإن لم تصل فهم آمنون ، وانتزع قوسه ورمى نحو بيت المقدس فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس ، فقال : لا أمان لهم عندي ، فلما وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة وإذا دم يغلي وسطه ، كلما ألقي عليه التراب خرج وهو يغلي ، فقال : ماهذا؟ فقالوا : هذا نبي كان لله فقتله ملوك بني إسرائيل ودمه يغلي ، وكلما ألقينا عليه التراب خرج يغلي ، فقال بخت نصر : لاقتلن بني إسرائيل أبدا حتى يسكن هذا الدم ، وكان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا عليه‌السلام ، وكان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل ، وكان يمر بيحيى بن زكريا عليه‌السلام فقال له يحيى : اتق الله أيها الملك لا يحل لك هذا ، فقالت له مرأة (٥) من اللواتي كان يزني بهن حين سكر : أيها الملك اقتل يحيى ، فأمر أن يؤتى برأسه فأتوا برأس يحيى عليه‌السلام في الطست ، وكان الرأس يكلمه

__________________

(١) في نسخة : وتفعل بهم وتفعل كذا وكذا. وفي المصدر : وتفعل بهم ما تفعل قال اه.

(٢) في نسخة : وتاه الغلام في نفسه.

(٣) في المصدر : فدعا إلى حرب بني إسرائيل فأجابوه.

(٤) في نسخة : بشرتك بانك متسلط على بني اسرائيل.

(٥) في نسخة : فقالت له المرأة اه.

٣٥٧

ويقول له : ياهذا اتق الله لايحل لك هذا ، ثم غلى الدم في الطست حتى فاض إلى الارض فخرج يغلي ولا يسكن ، وكان بين قتل يحيى وخروج بخت نصر مائة سنة ، ولم يزل بخت نصر يقتلهم ، وكان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال والنساء والصبيان وكل حيوان والدم يغلي حتى أفنى من ثم ، (١) فقال : بقي أحد في هذه البلاد؟ قالوا : عجوز في موضع كذا وكذا ، فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن ، وكانت آخر من بقي.

ثم أتى بابل فبنى بها مدينة وأقام وحفر بئرا فألقى فيها دانيال وألقى معه اللبوة ، فجعلت اللبوة تأكل طين البئر ويشرب دانيال لبنها ، فلبث بذلك زمانا ، فأوحى الله إلى النبي الذي كان ببيت المقدس أن اذهب بهذا الطعام والشراب إلى دانيال واقرأه مني السلام ، قال : وأين دانيال يارب؟ (٢) فقال : في بئر بابل (٣) في موضع كذا وكذا. قال : فأتاه فأطلع في البئر فقال : يادانيال ، قال : لبيك صوت غريب ، قال : إن ربك يقرؤك السلام وقد بعث إليك بالطعام والشراب ، فدلاه إليه ، (٤) قال : فقال دانيال : الحمد لله الذي لاينسى من ذكره ، الحمد لله الذي لايخيب من دعاه ، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه ، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره ، الحمد لله الذي يجزي بالاحسان إحسانا ، الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة ، الحمد لله الذي يكشف ضرنا عند كربتنا والحمد لله الذي هو ثقتنا حين ينقطع الحيل منا ، (٥) والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا.

قال : فأري بخت نصر في نومه كأن رأسه من حديد ، ورجليه من نحاس ، وصدره من ذهب ، قال : فدعا المنجمين فقال لهم : مارأيت؟ فقالوا : ماندري ولكن قص علينا ما

__________________

(١) في نسخة وفي المصدر : حتى أفناهم من ثم.

(٢) في نسخة : وأين هو يارب.

(٣) في المصدر : في بئر ببابل.

(٤) دلا الدلو : أرسلها في البئر. دلاه بالحبل من السطح : أرسله فتدلى.

(٥) في المصدر : حين تنقطع الحيل منا.

٣٥٨

رأيت في المنام ، فقال : وأنا أجري عليكم الارزاق منذ كذا وكذا ولا تدرون مارأيت في المنام؟ فأمر بهم فقتلوا ، قال : فقال له بعض من كان عنده : إن كان عند أحد شئ فعند صاحب الجب ، فإن اللبوة لم تتعرض له ، وهي تأكل الطين وترضعه ، فبعث إلى دانيال فقال : مارأيت في المنام؟ فقال : رأيت كأن رأسك من حديد ، ورجليك من نحاس ، و صدرك من ذهب (١) قال : هكذا رأيت فماذاك؟ قال : قد ذهب ملكك وأنت مقتول إلى ثلاثة أيام يقتلك رجل من ولد فارس ، قال : فقال له : إن علي لسبع مدائن ، على باب كل مدينة حرس ، وما رضيت بذلك حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة لايدخل غريب إلا صاحت عليه حتى يؤخذ ، قال : فقال له : إن الامر كما قلت لك ، قال : فبث الخيل وقال : لاتلقون أحدا من الخلق إلا قتلتموه كائنا من كان ، وكان دانيال جالسا عنده ، وقال : لاتفارقني هذه الثلاثة الايام ، فإن مضت قتلتك ، (٢) فلما كان في اليوم الثالث ممسيا أخذه الغم فخرج فتلقاه غلام كان اتخذه ابنا له من أهل فارس (٣) وهو لايعلم أنه من أهل فارس فدفع إليه سيفه وقال له : ياغلام لا تلقى أحدا من الخلق إلا وقتلته وإن لقيتني أنا فاقتلني ، فأخذ الغلام سيفه فضرب به بخت نصر ضربة فقتله.

فخرج أرميا على حماره ومعه تين (٤) قد تزوده وشئ من عصير ، فنظر إلى سباع البر و سباع البحر وسباع الجو تأكل تلك الجيف (٥) ففكر في نفسه ساعة ثم قال : « أنى يحيي هذه الله بعد موتها وقد أكلتهم السباع؟ (٦) فأماته الله مكانه وهو قول الله تبارك وتعالى : « أو

__________________

(١) في نسخة : رأيت كان رأسك من كذا ، ورجليك من كذا ، وصدرك من كذا.

(٢) في المصدر : فان مضت هذه الثلاثة الايام وأنا سالم قتلتك.

(٣) في نسخة : كان اتخذه ابنا يخدمه من أهل فارس ، وفي اخرى كان اتخذه ولدا وكان من أهل فارس. وفي المصدر : كان يخدم ابنا له من أهل فارس.

(٤) في المصدر : ومعه قين. القين : العبد. والمعنى : كان معه عبد حمله ليستعين به. والظاهر أنه مصحف والصحيح مافي المتن.

(٥) في المصدر : تأكل الجيف.

(٦) في نسخة : أنى يحيي الله هؤلاء وقد أكلتهم السباع.

٣٥٩

كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه » أي أحياه ، فما رحم الله بني إسرائيل وأهلك بخت نصر رد بني إسرائيل إلى الدنيا وكان عزير لما سلط الله بخت نصر على بني إسرائيل هرب ودخل في عين وغاب فيها وبقي أرميا ميتا مائة سنة ، ثم أحياه الله فأول ما أحيا منه عينيه (١) في مثل غرقئ البيض ، فنظر فأوحى الله تعالى إليه : « كم لبثت قال لبثت يوما » ثم نظر إلى الشمس وقد ارتفعت فقال : « أو بعض يوم » فقال الله تبارك وتعالى : « بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه » أي لم يتغير « وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما » فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة تجتمع إليه ، وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من ههنا وههنا ويلتزق بها حتى قام وقام حماره فقال : « أعلم أن الله على كل شئ قدير » (٢)

بيان : قوله : ( فأخلف ) أي فسد ، من قولهم : أخلف الطعام : إذا تغير طعمه و رائحته ، وأخلف فلان أي فسد ، أو لم يأت بما هو عادته ، من قولهم : أخلف الوعد ، أو من قولهم : أخلفت النجوم : أمحلت فلم يكن فيها مطر ، ويحتمل أن يكون المراد تغير أهل القرية وفسادهم. والكسر : كعنب جمع الكسرة أي الخبز المتكسر اليابس. قوله : ( فتاه ) أي تكبر أو تحير. والنشاب : النبل. واللبوة : الانثى من الاسد.

قوله : ( وكان عزير ) هذا إنكار لما ذكره الاكثر من أن القائل كان عزيرا. و الغرقئ كزبرج : القشرة الملتزقة ببياض البيض ، أو البياض الذي يؤكل.

وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : « أو كالذي مر على قرية » : وهو عزير ، عن قتادة وعكرمة والسدي وهو المروي عن أبي عبدالله (ع) ، وقيل : هو أرميا ، عن وهب ، وهو المروي عن أبي جعفر (ع) ، (٣) وقيل : هو الخضر (٤) عن ابن إسحاق ، والقرية التي

__________________

(١) في المصدر : عيناه ، وهو الصحيح.

(٢) تفسير القمي : ٧٧ ٨٠.

(٣) وعن أبي عبدالله عليه‌السلام كما سيأتي في الاخبار.

(٤) ذكر الثعلبي أن أرميا هو الخضر.

٣٦٠