بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الآيات ، وأن لايقدموا بين يدي الله ورسوله ، لان الله تعالى قد أراهم البراهين والمعجزات بإحياء الموتى وغيره مما هو أوكد مما سألوه وطلبوه ، عن الزجاج.

« قالوا » أي قال الحواريون : « نريد أن نأكل منها » قيل في معناه قولان : أحدهما أن يكون الارادة التي هي من أفعال القلوب ، ويكون التقدير فيه : نريد السؤال من أجل هذا الذي ذكرنا ، والآخر أن تكون الارادة هنا بمعنى المحبة التي هي ميل الطباع ، أي نحب ذلك « وتطمئن قلوبنا » يجوز أن يكونوا قالوه وهم مستبصرون في دينهم ، ومعناه : نريد أن نزداد يقينا ، وذلك أن الدلائل كلما كثرت مكنت المعرفة في النفس ، عن عطاء « ونعلم أن قد صدقتنا » بأنك رسول الله ، وهذا يقوي قول من قال : إن هذا كان في ابتداء أمرهم ، والصحيح أنهم طلبوا المعاينة والعلم الضروري والتأكيد في الاعجاز « ونكون عليها من الشاهدين » لله بالتوحيد ، ولك بالنبوة ، وقيل : من الشاهدين لك عند بني إسرائيل إذا رجعنا إليهم. ثم أخبر سبحانه عن سؤال عيسى إياه فقال : « قال عيسى بن مريم » عن قومه لما التمسوا عنه ، وقيل : إنه إنما سأل ربه ذلك حين أذن له في السؤال : « اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء » أي خوانا عليه طعام من السماء « تكون لنا عيدا » قيل في معناه قولان : أحدهما : نتخذ اليوم الذي تنزل فيه عيدا نعظمه نحن ومن يأتي بعدنا ، عن السدي وقتادة وابن جريح وهو قول أبي علي الجبائي. الثاني : أن معناه : يكون عائدة فضل من الله (١) ونعمة منه لنا ، والاول هو الوجه « لاولنا وآخرنا » أي لاهل زماننا ومن يجئ بعدنا ، وقيل : معناه : يأكل منها آخر الناس كما يأكل أولهم ، عن ابن عباس « وآية منك » أي دلالة منك عظيمة الشأن في إزعاج قلوب العباد إلى الاقرار بمدلولها ، والاعتراف بالحق الذي يشهد به ظاهرها يدل (٢) على توحيدك وصحة نبوة نبيك « وارزقنا » أي واجعل ذلك رزقا لنا ، وقيل : معناه : و ارزقنا الشكر عليها ، عن الجبائي « وأنت خير الرازقين » وفي هذا دلالة على أن العباد قد يرزق بعضهم بعضا ، لانه لو لم يكن كذلك لم يصح أن يقال له سبحانه : « أنت خير الرازقين »

__________________

(١) في المصدر : تكون عائدة فضل من الله علينا.

(٢) في المصدر : تدل.

٢٦١

كما لايجوز أن يقال : أنت خير الآلهة ، لما لم يكن غيره إلها « قال الله » مجيبا له إلى ما التمسه : « إني منزلها » يعني المائدة « عليكم فمن يكفر بعد منكم » أي بعد إنزالها عليكم « فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين » قيل في معناه أقوال :

أحدها : أراد عالمي زمانهم (١) فجحد القوم وكفروا بعد نزولها فمسخوا قردة و خنازير ، عن قتادة ، وروي عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام أنهم مسخوا خنازير.

وثانيها أنه أراد عذاب الاستيصال.

وثالثها : أنه أراد جنسا من العذاب لا يعذب به أحدا غيرهم ، وإنما استحقوا هذا النوع من العذاب بعد نزول المائدة لانهم كفروا بعد ما رأوا الآية التي هي من أزجر الآيات عن الكفر بعد سؤالهم لها ، فاقتضت الحكمة اختصاصهم بفن من العذاب عظيم الموقع ، كما اختصت آيتهم بفن من الزجر عظيم الموقع.

القصة. اختلف العلماء في المائدة هل نزلت أم لا؟ فقال الحسن ومجاهد : إنها لم تنزل ، وإن القوم لما سمعوا الشرط استعفوا من نزولها ، وقالوا : لانريدها ولاحاجة لنا فيها ، فلم تنزل ، والصحيح أنها نزلت لقوله سبحانه : « إني منزلها عليكم » ولايجوز أن يقع في خبره الخلف ، ولان الاخبار قد استفاضت عن النبي والصحابة والتابعين في أنها نزلت ، قال كعب : إنها نزلت يوم الاحد ، ولذلك اتخذه النصارى عيدا ، واختلفوا في كيفية نزولها وما عليها ، فروي عن عمار بن ياسر ، عن النبي (ص) قال : نزلت المائدة خبزا ولحما ، وذلك أنهم سألوا عيسى عليه‌السلام طعاما لاينفد يأكلون منها ، قال : فقيل لهم : فإنها مقيمة لكم مالم تخونوا أو تخبؤوا (٢) وترفعوا ، فإن فعلتم ذلك عذبتم ، قال : فما مضى يومهم حتى خبؤوا ورفعوا وخانوا.

وقال ابن عباس : إن عيسى بن مريم قال لبني إسرائيل : صوموا ثلاثين يوما ، ثم سلوا الله ماشئتم يعطكموه ، (٣) فصاموا ثلاثين يوما ، فلما فرغوا قالوا : ياعيسى إنا لو عملنا

__________________

(١) في المصدر : إنه أراد عالمي زمانه.

(٢) في المصدر : وتخبؤوا.

(٣) في المصدر : ثم اسألوا الله ماشئتم يعطيكم.

٢٦٢

لاحد من الناس فقضينا عمله لاطعمنا طعاما ، وإنا صمنا وجعنا فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء ، فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها ، عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتى وضعتها بين أيديهم ، (١) فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام وروى عطاء بن السائب عن زاذان وميسرة قالا : كانت إذا وضعت المائدة لبني إسرائيل اختلفت عليهم الايدي من السماء بكل طعام إلا اللحم ، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أنزل على المائدة كل شئ إلا الخبز واللحم ، وقال عطاء : نزل عليها كل شئ إلا السمك واللحم ، وقال عطية العوفي : نزل من السماء سمكة فيها طعم كل شئ وقال عمار وقتادة : كان عليها ثمر من ثمار الجنة ، وقال قتادة : كانت تنزل عليهم بكرة وعشيا حيث كانوا ، كالمن والسلوى لبني إسرائيل ، وقال يمان بن رئاب : كانوا يأكلون منها ماشاؤوا ، وروى عطاء بن أبي رياح عن سلمان الفارسي أنه قال : والله ماتبع عيسى (ع) شيئا من المساوي قط ولا انتهر شيئا ، (٢) ولا قهقه ضحكا ولا ذب ذبابا عن وجهه ، ولا أخذ على أنفه من شئ نتن قط ، ولا عبث قط ، ولما سأله الحواريون أن ينزل عليهم مائدة لبس صوفا وبكى وقال : « اللهم ربنا أنزل علينا مائدة » الآية ، فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين وهم ينظرون إليها وهي تهوي منقضة حتى سقطت بين أيديهم ، فبكى عيسى عليه‌السلام وقال : « اللهم اجعلني من الشاكرين ، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة و عقوبة » واليهود ينظرون إليها ينظرون إلى شئ لم يروا مثله قط ، ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه ، فقام عيسى عليه‌السلام فتوضأ وصلى صلاة طويلة ثم كشف المنديل عنها وقال : « بسم الله خير الرازقين » فإذا هو سمكة مشوية ليس عليها فلوسها ، تسيل سيلا من الدسم ، وعند رأسها ملح ، وعند ذنبها خل ، وحولها من أنواع البقول ماعدالكراث ، وإذا خمسة أرغفة ، على واحد منها زيتون ، وعلى الثاني عسل ، وعلى الثالث سمن ، وعلى الرابع جبن ، وعلى الخامس قديد ، فقال شمعون : ياروح الله أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الآخرة؟ فقال عيسى : ليس شئ مما ترون من طعام الدنيا ولا من طعام الآخرة ، ولكنه شئ افتعله الله

__________________

(١) في المصدر : حتى وضعوها بين ايديهم.

(٢) الصواب كما في المصدر : ولا انتهر يتيما.

٢٦٣

تعالى بالقدرة الغالبة ، كلوا مما سألتم يمددكم ويزدكم من فضله ، وقال الحواريون : ياروح الله لو أريتنا من هذه الآية اليوم آية أخرى ، فقال عيسى عليه‌السلام : ياسمكة احيي بإذن الله ، فاضطربت السمكة وعاد عليها فلوسها وشوكها ففزعوا منها ، فقال عيسى عليه‌السلام : مالكم تسألون أشياء إذا أعطيتموها كرهتموها؟! ما أخوفني عليكم أن تعذبوا ، ياسمكة عودي كما كنت بإذن الله ، فعادت السمكة مشوية كما كانت ، قالوا : ياروح الله كن أول من يأكل منها ثم نأكل نحن ، فقال عيسى : معاذ الله أن آكل منها ، ولكن يأكل منها من سألها ، فخافوا أن يأكلوا منها ، فدعا لها عيسى عليه‌السلام أهل الفاقة والزمنى والمرضى و المبتلين فقال : كلوا منها ولكم الهناء ولغيركم البلاء ، فأكل منها ألف وثلاث مائة رجل وامرأة من فقير ومريض ومبتلى وكلهم شبعان يتجشى ، ثم نظر عيسى عليه‌السلام إلى السمكة فإذا هي كهيئتها كما نزلت من السماء ، ثم طارت المائدة صعدا وهم ينظرون إليها حتى توارت عنهم فلم يأكل منها يومئذ زمن إلا صح ، ولا مريض إلا برئ ، ولا فقير إلا استغنى ولم يزل غنيا حتى مات ، وندم الحواريون ومن لم يأكل منها ، وكانت إذا نزلت اجتمع الاغنياء والفقراء والصغار والكبار يتزاحمون عليها ، فلما رأى ذلك عيسى عليه‌السلام جعلها نوبة بينهم ، فلبثت أربعين صباحا تنزل ضحى فلا تزال منصوبة يؤكل منها حتى إذا فاء الفئ (١) طارت صعدا وهم ينظرون في ظلها حتى توارت عنهم ، وكانت تنزل غبا : يوما ويوما لا ، فأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه‌السلام اجعل مائدتي للفقراء دون الاغنياء فعظم ذلك على الاغنياء حتى شكوا وشككوا الناس فيها ، فأوحى الله تعالى إلى عيسى : إني شرطت على المكذبين شرطا : إن من كفر بعد نزولها أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، فقال عيسى : « إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم » فمسخ منهم ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين رجلا باتوا من ليلهم على فرشهم مع نسائهم في ديارهم فأصبحوا خنازير ، يسعون في الطرقات والكناسات ، ويأكلون العذرة في الحشوش ، (٢) فلما رأى الناس ذلك فزعوا إلى عيسى عليه‌السلام وبكوا وبكى على الممسوخين

__________________

(١) اي رجع.

(٢) الحشوش : جمع الحش : الكنيف ومواضع قضاء الحاجة ، واصله من الحش بمعنى البستان ، لانهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البستان.

٢٦٤

أهلوهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا.

وفي تفسير أهل البيت عليهم الصلاة والسلام : كانت المائدة تنزل عليهم فيجتمعون عليها ويأكلون منها ثم يرفع ، (١) فقال كبراؤهم ومترفوهم : لا ندع سفلتنا يأكلون منها معنا ، فرفع الله المائدة ببغيهم ومسخوا قردة وخنازير انتهى كلامه رحمه الله. (٢) وقال الثعلبي في تفسيره : قالت العلماء بأخبار الانبياء : بعث عيسى عليه‌السلام رسولين من الحواريين إلى أنطاكية ، فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب صاحب ياسين ، فسلما عليه ، فقال الشيخ لهما : من أنتما؟ قالا : رسولا عيسى ندعوكم من عبادة الاوثان إلى عبادة الرحمن ، فقال : أمعكما آية؟ قالا : نعم ، نحن نشفي المريض ونبرئ الاكمه والابرص بإذن الله ، فقال الشيخ : إن لي ابنا مريضا صاحب فراش منذ سنين ، قالا : فانطلق بنا إلى منزلك نتطلع حاله ، فأتى بهما إلى منزله فمسحا ابنه فقام في الوقت بإذن الله صحيحا ، ففشا الخبر في المدينة وشفى الله على يديهما كثيرا من المرضى وكان لهم ملك يقال له شلاحن ، (٣) وكان من ملوك الروم يعبد الاصنام ، قالوا : فأنهى الخبر إليه فدعاهما فقال لهما : من أنتما؟ قالا : رسولا عيسى ، قال : وما آيتكما؟ قالا : نبرئ الاكمه والابرص ، ونشفي المرضى بإذن الله ، قال : وفيم جئتما؟ قالا : جئناك ندعوك من عبادة مالا يسمع ولا يبصر إلى عبادة من يسمع ويبصر ، فقال الملك : ولنا إله سوى آلهتنا؟ قالا : نعم ، من أوجدك وآلهتك ، قال : قوما حتى أنظر في أمركما ، فتتبعهما ناس فأخذوهما وضربوهما في السوق.

وقال وهب بن منبه : بعث عيسى عليه‌السلام هذين الرسولين إلى أنطاكية فأتياها ولم يصلا إلى ملكها ، فطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكر الله ، فغضب الملك وأمر بهما فأخذا وحبسا وجلد كل واحد منهما مائة جلدة ، قالوا : فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى رأس الحواريين شمعون الصفا (٤) على أثرهما لينصرهما ، فدخل

__________________

(١) في المصدر : ثم ترتفع.

(٢) مجمع البيان ٣ : ٢٦٤ ٢٦٧.

(٣) لم يذكر اسمه في مجمع البيان.

(٤) الصفا : الحجر والنصارى يسمونه بطرس باليونانية ، وبالسريانية : كيفاس ، وهما بمعنى الحجر. وكان تلامذة المسيح يسمون بالحجر لابتناء المسيحية والكنيسة عليهم.

٢٦٥

شمعون البلدة متنكرا وجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به ، فرفع خبره إلى الملك (١) فدعاه فرضي عشرته وأنس به وأكرمه ، ثم قال له ذات يوم : أيها الملك بلغني أنك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك ، فهل كلمتهما وسمعت قولهما؟ فقال الملك : حال الغضب بيني وبين ذلك ، قال : فإن رأى الملك دعاهما حتى يتطلع ما عندهما ، (٢) فدعاهما الملك فقال لهما شمعون : من أرسلكما إلى ههنا؟ قالا : الله الذي خلق كل شئ وليس له شريك ، قال لهما شمعون : فصفاه وأوجزا ، فقالا : إنه يفعل مايشاء ، ويحكم مايريد ، قال شمعون : وما آيتكما؟ قالا له : ما تتمناه ، فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين ، موضع عينيه كالجبهة ، فما زالا يدعوان ربهما حتى انشق موضع البصر ، فأخذا بندقتين من الطين فوضعاهما في حدقتيه فصارتا مقلتين يبصر بهما ، فتعجب الملك فقال شمعون للملك : إن أنت سألت (٣) إلهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك ولالهك شرفا ، فقال له الملك : ليس لي عنك سر ، إن إلهنا الذي نعبده لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع! وكان شمعون إذا دخل الملك بيت الصنم يدخل بدخوله ويصلي كثيرا ويتضرع حتى ظنوا أنه على ملتهم ، فقال الملك للرسولين : إن قدر إلهكما الذي تعبدانه على إحياء ميت آمنا به وبكما ، قالا : إلهنا قادر على كل شئ ، فقال الملك : إن ههنا ميتا مات منذ سبعة أيام ابن لدهقان وأنا أخذته ولم أدفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا ، فجاؤوا بالميت وقد تغير وأروح ، وجعلا يدعوان ربهمام علانية ، وجعل شمعون يدعو ربه سرا ، فقام الميت وقال : إني قد مت منذ سبعة أيام وأدخلت في سبعة أودية من النار ، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله ، ثم قال : فتحت أبواب السماء فنظرت فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة؟ قال الملك : ومن الثلاثة؟ قال : شمعون وهذان ، وأشار إلى صاحبيه ، فتعجب الملك ، فلما علم شمعون أن قوله قد أثر في الملك أخبره بالحال ودعاه فآمن قوم ، (٤) وكان الملك فيمن آمن ،

__________________

(١) في المجمع : ورفعوا خبره إلى الملك.

(٢) في المجمع : حتى نتطلع ماعندهما.

(٣) في المجمع : أرأيت لو أنت سألت.

(٤) في المجمع : دعاه إلى الله فآمن وآمن من أهل مملكته قوم.

٢٦٦

وكفر آخرون. انتهى. (١)

وذكر الطبرسي رحمه الله هذه القصة إلى هذا الموضع ، ثم قال : وقد روى مثل ذلك العياشي بإسناده عن الثمالي وغيره عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام إلا أن في بعض الروايات : بعث الله الرسولين إلى أهل أنطاكية ثم بعث الثالث ، وفي بعضها أن عيسى أوحى الله إليه أن يبعثهما ، ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما ، وأن الميت الذي أحياه الله بدعائهما كان ابن الملك ، وساق الخبر إلى آخر ما أورده علي بن إبراهيم ، (٢) ثم قال : وقال ابن إسحاق : بل كفر الملك وأجمع هو وقومه على قتل الرسل ، فبلغ ذلك حبيبا وهو على باب المدينة الاقصى فجاء يسعى إليهم يذكرهم ويدعوهم إلى طاعة الرسل. انتهى. (٣)

وقال صاحب الكامل والثعلبي في العرائس : لما كانت مريم بمصر نزلت على دهقان وكانت داره يأوي إليها الفقراء والمساكين ، فسرق له مال فلم يتهم إلا المساكين ، فحزنت مريم ، فلما رأى عيسى (ع) حزن أمه قال : أتريدين أن أدله على ماله؟ قالت : نعم ، قال : إنه أخذه الاعمى والمقعد اشتركا فيه حمل الاعمى المقعد فأخذه ، فقيل للاعمى : ليحمل المقعد ، فأظهر المقعد العجز ، فقال له المسيح : كيف قويت على حمله البارحة لما أخذتما المال! ( ٤ ) فاعترفا فأعاداه ونزل بالدهقان أضياف ولم يكن عنده شراب فاهتم لذلك ، فلما رآه عيسى (ع) دخل

__________________

(١) الكشف والبيان مخطوط.

(٢) باختلاف كثير في ألفاظه.

(٣) مجمع البيان ٨ : ٤١٩ و ٤٢٠.

(٤) في العرائس زيادة : فلما سمعوه يقول ذلك ضربوا الاعمى حتى قام ، فلما استقل قائما هوى المقعد إلى كوة الخزانة ، فقال عيسى للدهقان : هكذا احتالا على مالك البارحة ، لان الاعمى استعان بقوته والمقعد بعينيه ، فقال الاعمى والمقعد : صدق والله ، فردا على الدهقان ماله كله ، فاخذه الدهقان ووضعه في خزانته وقال : يامريم خذي نصفه ، فقالت : إني لم اخلق لذلك ، قال الدهقان فاعطيه لابنك؟ قالت : هو أعظم مني شأنا ، ثم لم يلبث الدهقان أن أعرس لابن له ، فصنع عيدا فجمع عليه أهل مصر كلهم فكان يطعمهم شهرين ، فلما انقضى ذلك زاره قوم من اهل الشام ولم يعلم الدهقان بهم حتى نزلوا به وليس عنده يومئذ شراب.

٢٦٧

بيتا للدهقان فيه صفان من جرار ، فأمر عيسى (ع) يده على أفواهها وهو يمشي فامتلات شرابا ، وعمره حينئذ اثنتا عشرة سنة ، وكان في الكتاب يحدث الصبيان بما يصنع أهلوهم وبما يأكلون ، قال وهب : بينما عيسى عليه‌السلام يلعب مع الصبيان إذ وثب غلام على صبي فضربه على رجله فقتله ، فألقاه بين رجلي المسيح متلطخا بالدم ، (١) فانطلقوا به إلى الحاكم في ذلك البلد وقالوا : قتل صبينا ، فسأله الحاكم فقال : ماقتلته ، فأرادوا أن يبطشوا به فقال : ايتوني بالصبي حتى أسأله من قتله ، فعجبوا من قوله وأحضروه عند القتيل ، (٢) فدعا الله تعالى وأحياه ، فقال : من قتلك؟ فقال : قتلني فلان ، (٣) فقال بنو إسرائيل للقتيل : من هذا؟ قال : عيسى بن مريم ، ثم مات من ساعته.

وقال عطاء : سلمت مريم عيسى (ع) إلى صباغ يتعلم عنده ، فاجتمع عند الصباغ ثياب وعرض له حاجة ، فقال للمسيح عليه‌السلام : هذه ثياب مختلفة الالوان ، وقد جعلت في كل ثوب خيطا على اللون الذي تصبغ به فاصبغها حتى أعود من حاجتي هذه ، فأخذها المسيح وألقاها في حب واحد ، فلما عاد الصباغ سأله عن الثياب فقال : صبغتها ، فقال : أين هي؟ قال : في هذا الحب ، قال : كلها؟ قال : نعم ، قال : قد أفسدتها على أصحابها وتغيظ عليه ، فقال له المسيح : لاتعجل وانظر إليها ، فقام وأخرج كل ثوب منها على اللون الذي أراد صاحبه ، فتعجب الصباغ منه ، وعلم أن ذلك من الله تعالى.

ولما عاد عيسى وأمه إلى الشام (٤) نزلا بقرية يقال لها ناصرة وبها سميت

__________________

(١) في العرائس زيادة وهي : فاطلع الناس عليه فاتهموه به فأخذوه.

(٢) في المجمع : فتعجبوا من قوله وأحضروا عنده القتيل فدعا الله تعالى فاحياه.

(٣) في المصدر زيادة : يعني الذي قتله.

(٤) في العرائس : قال وهب : لما مات هردوس الملك بعد اثنتى عشر سنة من مولد عيسى عليه السلام أوحى الله تعالى إلى مريم يخبرها بموت هردوس ويأمرها مع ابن عمها يوسف النجار إلى الشام ، فرجع عيسى وامه وسكنا في جبل الخليل في قرية يقال لها ناصرة وبها سميت النصارى وكان عيسى عليه‌السلام يتعلم في الساعة علم يوم ، وفي اليوم علم شهر ، وفي الشهر علم سنة ، فلما تمت ثلاثون سنة أوحى الله تعالى اليه اه.

٢٦٨

النصارى فأقام إلى أن بلغ ثلاثين سنة ، فأوحى الله إليه أن يبرز للناس ويدعوهم إلى الله تعالى ، ويداوي الزمنى والمرضى والاكمه والابرص وغيرهم من المرضى ، ففعل ما أمر به ، فأحبه الناس وكثر أتباعه ، (١) وحضر يوما طعام بعض الملوك كان دعا الناس إليه ، فقعد على قصعة يأكل منها ولا ينقص ، قال الملك : من أنت؟ قال : أنا عيسى ابن مريم ، فنزل الملك (٢) وأتبعه في نفر من أصحابه فكانوا الحواريين ، وقيل : إن الحواريين هم الصباغ الذي تقدم ذكره وأصحاب له ، وقيل : كانوا صيادين ، وقيل : كانوا قصارين ، وقيل : ملاحين والله أعلم. (٣)

أقول : وقال السيد ابن طاوس في سعد السعود : رأيت في الانجيل أن عيسى عليه‌السلام صعد السفينة ومعه تلاميذه وإذا اضطراب عظيم في البحر حتى كادت السفينة تتغطى بالامواج ، وكان هو كالنائم ، فتقدم إليه تلاميذه وأيقظوه وقالوا : ياسيدنا نجنا لكيلا نهلك ، فقال لهم : ياقليلي الايمان ما أخوفكم! فعند ذلك قام وانتهر الرياح فصار هدءً؟ عظيما ، (٤) فتعجب الناس (٥) وقالوا : كيف هذا؟ إن الرياح والبحر لتسمعان منه. (٦)

__________________

(١) في المصدر : وعلا ذكره. وفي العرائس بعد ذلك زيادة راجع.

(٢) في الكامل : فنزل الملك عن ملكه.

(٣) الكامل ١ : ١٠٨ ، العرائس : ٢١٧ ٢١٩.

(٤) الهدء والهدوء : السكون.

(٥) في المصدر : فتعجب الناس من ذلك.

(٦) سعد السعود : ٥٦.

٢٦٩

( باب ١٩ )

* ( ماجرى بينه عليه السلام وبين ابليس لعنه الله ) *

١ ـ لى : ابن شاذويه ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما مضى لعيسى عليه‌السلام ثلاثون سنة بعثه الله عزوجل إلى بني إسرائيل ، فلقيه إبليس على عقبة بيت المقدس وهي عقبة أفيق ، (١) فقال له : ياعيسى أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أن تكونت من غير أب؟ قال عيسى : بل العظمة للذي كونني ، وكذلك كون آدم وحواء قال إبليس : ياعيسى فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا؟ قال عيسى : يا إبليس بل العظمة للذي أنطقني في صغري ولو شاء لابكمني ، قال إبليس : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيصير طيرا؟ قال عيسى : بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخر لي ، قال إبليس : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تشفي المرضى؟ قال عيسى : بل العظمة للذي بإذنه أشفيهم وإذا شاء أمرضني ، قال إبليس فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى؟ قال عيسى : بل العظمة للذي بإذنه أحييهم ، ولا بد من أن يميت ما أحييت ويميتني ، قال إبليس : يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تعبر البحر فلا تبتل قدماك ولا ترسخ فيه؟ قال عيسى : بل العظمة للذي ذلله لي ولو شاء أغرقني ، قال إبليس : يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنه سيأتي عليك يوم تكون السماوات والارض ومن فيهن دونك ، وأنت فوق ذلك كله تدبر الامر ، وتقسم الارزاق؟ فأعظم عيسى (ع) ذلك من قول إبليس الكافر اللعين ، فقال عيسى : سبحان الله ملء سماواته وأرضه ، ومداد كلماته ، وزنة عرشه ، ورضى نفسه.

قال : فلما سمع إبليس لعنه الله ذلك ذهب على وجهه لايملك من نفسه شيئا حتى وقع في اللجة الخضراء.

__________________

(١) بفتح الهمزة ثم الكسر فالسكون.

٢٧٠

قال ابن عباس : فخرجت امرأة من الجن تمشي على شاطئ البحر فإذا هي بإبليس ساجدا على صخرة صماء تسيل دموعه على خديه ، فقامت تنظر إليه تعجبا ، ثم قالت له : ويحك يا إبليس ماترجو بطول السجود؟ فقال لها : أيتها المرأة الصالحة ابنة الرجل الصالح أرجو إذ أبر ربي عزوجل قسمه (١) وأدخلني نار جهنم أن يخرجني من النار برحمته. (٢)

٢ ـ ص : الصدوق بإسناده عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن بريد القصراني قال : قال لي أبو عبدالله (ع) : صعد عيسى (ع) على جبل بالشام يقال له أريحا ، فأتاه إبليس في صورة ملك فلسطين فقال له : ياروح الله أحييت الموتى وأبرأت الاكمه والابرص ، فاطرح نفسك عن الجبل ، فقال عيسى عليه‌السلام : إن ذلك أذن لي فيه وهذا لم يؤذن لي فيه. (٣)

٣ ـ ص : الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن خالد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق (ع) قال : جاء إبليس إلى عيسى (ع) فقال : أليس تزعم أنك تحيي الموتى؟ قال عيسى : بلى ، قال إبليس : فاطرح نفسك من فوق الحائط ، فقال عيسى : ويلك إن العبد لايجرب ربه.

وقال إبليس : يا عيسى هل يقدر ربك على أن يدخل الارض في بيضة والبيضة كهيئتها؟ فقال : إن الله تعالى لايوصف بعجز ، والذي قلت لايكون يعني هو مستحيل في نفسه كجمع الضدين. (٤)

٤ ـ شى : عن سعد الاسكاف ، عن أبي جعفر (ع) قال : لقي إبليس عيسى بن مريم عليه‌السلام فقال : هل نالني من حبائلك شئ؟ قال : جدتك التي قالت : « رب إني وضعتها أنثى » إلى قوله : « من الشيطان الرجيم ». (٥)

بيان : يعني كيف ينالك من حبائلي وجدتك دعت حين ولدت والدتك أن يعيذها الله وذريتها من شر الشيطان الرجيم وأنت من ذريتها؟.

__________________

(١) في المصدر : اذا ابر ربي عزوجل قسمه.

(٢) امالي الصدوق : ١٢٢ ١٢٣.

(٣) قصص الانبياء مخطوط.

(٤) قصص الانبياء مخطوط. والظاهر أن التفسير من الراوندي رحمه الله.

(٥) تفسير العياشي مخطوط ، وأخرجه البحراني ايضا في البرهان ١ : ٢٨٢.

٢٧١

( باب ٢٠ )

* ( حواريه وأصحابه وأنهم لم سموا حواريين ) *

* ( وأنه لم سمى النصارى نصارى ) *

الايات ، آل عمران « ٣ » فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون * ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين * ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ٥٢ ٥٤.

الحديد « ٥٧ » وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الانجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون ٢٧.

الصف « ٦١ » يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ١٤.

١ ـ فس : روى ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : « فلما أحس عيسى منهم الكفر » أي لما سمع ورأى أنهم يكفرون ، والحواس الخمس التي قدرها الله في الناس السمع للصوت ، والبصر للالوان وتميزها ، والشم لمعرفة الروائح الطيبة والمنتنة ، (١) والذوق للطعوم وتميزها ، واللمس لمعرفة الحار والبارد واللين والخشن. (٢)

٢ ـ ع ، ن : الطالقاني ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه قال : قلت للرضا عليه‌السلام : لم سمي الحواريون الحواريين؟ قال : أما عند الناس فإنهم سموا حواريين لانهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل ، وهو

__________________

(١) في نسخة : والخبيثة.

(٢) تفسير القمي : ٩٣.

٢٧٢

اسم مشتق من الخبز الحوارى ، (١) وأما عندنا فسمي الحواريون حواريين لانهم كانوا مخلصين في أنفسهم ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير ، قال : فقلت له : فلم سمي النصارى نصارى؟ قال : لانهم من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام نزلتها مريم وعيسى عليهما‌السلام بعد رجوعهما من مصر. (٢)

مع : مرسلا مثله. (٣)

٣ ـ ل : عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ، عن أحمد بن الفضل بن المغيرة ، عن منصور ابن عبدالله بن إبراهيم الاصبهاني ، عن علي بن عبدالله ، عن محمد بن هارون بن حميد ، عن محمد ابن المغيرة الشهرزوري ، عن يحيى بن الحسين المدائني ، عن ابن لهيعة ، (٤) عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله (ص) : ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين : مؤمن آل يس ، وعلي بن أبي طالب ، وآسية امرأة فرعون. (٥)

أقول : روى الثعلبي في تفسيره عن أبي بكر عبدالرحمن بن عبدالله بن علي ، عن عبدالله بن فارس بن محمد العمري ، عن إبراهيم بن الفضل بن مالك ، عن الحسين بن عبدالرحمن ابن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى ، عن عمرو بن جميع ، عن محمد بن أبي ليلى ، عن أخيه عيسى عن عبدالرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : سباق (٦) الامم ثلاث لم يكفروا بالله طرفة عين : علي بن أبي طالب ، وصاحب يس ، ومؤمن آل فرعون ، فهم

__________________

(١) الخبز الحوارى : الذي نخل مرة بعد مرة.

(٢) علل الشرائع : ٣٨ ، عيون الاخبار : ٢٣٣ و ٢٣٤.

(٣) معاني الاخبار : ١٩.

(٤) في المطبوع : « أبي لهيعة » وهو مصحف ، والصحيح ابن لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء وهو عبدالله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان الحضرمي الاعدولي ويقال : النافقي أبو عبد الرحمن المصري الفقيه القاضي المتوفى سنة ١٧٤. وأبوالزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس الاسدي مولاهم أبوالزبير المكي المتوفى سنة ١٢٦ ، ترجمهما العامة في كتبهم.

(٥) الخصال ١ : ٨٢.

(٦) بالضم جمع السابق.

٢٧٣

الصديقون : حبيب النجار مؤمن آل يس ، وحزبيل مؤمن آل فرعون ، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم. (١)

٤ ـ شى : عن مروان ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ذكر النصارى وعداوتهم فقال : قول الله : « ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لايستكبرون » قال : أولئك كانوا قوما بين عيسى ومحمد ينتظرون مجئ محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٢)

٥ ـ شى : عن محمد بن يوسف الصنعاني ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام « إذ أوحيت إلى الحواريين » قال : ألهموا. (٣)

٦ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن معاوية بن عمار ، عن ناجية قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : (٤) إن المغيرة يقول : إن المؤمن لا يبتلى بالجذام ولا بالبرص ولا بكذا ولا بكذا ، فقال : إن كان لغافلا عن صاحب يس ، إنه كان مكنعا ، ثم رد أصابعه فقال : كأني أنظر إلى تكنيعه أتاهم فأنذرهم ثم عاد إليهم من الغد فقتلوه. (٥)

بيان : كنعت أصابعه أي ( تشنجت )؟ ويبست ، وكنع يده تكنيعا : جعلها شلا.

٧ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعدة من أصحابنا ، عن ( سها )؟ بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي يحيى كوكب الدم ، (٦) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن حواري عيسى عليه‌السلام كانوا شيعته ، وإن شيعتنا حواريونا ، وما كان حواري عيسى (ع) بأطوع له من حوارينا لنا ، وإنما قال عيسى عليه‌السلام للحواريين : « من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله » فلا والله مانصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه ، وشيعتنا والله

__________________

(١) الكشف والبيان مخطوط ، وذكره أيضا في العرائس : ٢٢٨.

(٢) تفسير العياشي مخطوط ، وأخرجه البحراني أيضا في البرهان ١ : ٤٩٣.

(٣) تفسير العياشي مخطوط ، وأخرجه البحراني أيضا في البرهان ١ : ٥١١.

(٤) في المصدر : عن ابي عبدالله عليه‌السلام.

(٥) اصول الكافي ٢ : ٢٥٤.

(٦) اسمه زكريا.

٢٧٤

لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ينصرونا ويقاتلون دوننا ، ويحرقون و يعذبون ويشردون في البلدان ، جزاهم الله عنا خيرا. (١)

بيان : قال الطبرسي رحمه الله : « فلما أحس » أي وجد ، وقيل : أبصر ورأى ، و قيل : علم « عيسى منهم الكفر » وأنهم لايزدادون إلا إصرارا على الكفر بعد ظهور الآيات والمعجزات امتحن المؤمنين من قومه بالسؤال والتعرف عما في اعتقادهم من نصرته « قال من أنصاري إلى الله » وقيل : إنه لما عرف منهم العزم على قتله قال : من أنصاري إلى الله ، وفيه أقوال :

أحدها : أن معناه : من أعواني على هؤلاء الكفار مع معونة الله تعالى؟ عن السدي وابن جريح.

والثاني : أن معناه : من أنصاري في السبيل إلى الله؟ عن الحسن لانه دعاهم إلى سبيل الله.

والثالث : أن معناه : من أعواني على إقامة الدين المؤدي إلى الله؟ أي إلى نيل ثوابه كقوله : « إني ذاهب إلى ربي سيهدين » (٢) ومما يسأل على هذا أن عيسى إنما بعث للوعظ دون الحرب فلما استنصر عليهم؟ فيقال لهم : للحماية من الكافرين الذين أرادوا قتله عند إظهار الدعوة ، عن الحسن ومجاهد ، وقيل أيضا : يجوز أن يكون طلب النصرة للتمكين من إقامة الحجة ولتميز الموافق والمخالف. (٣)

« قال الحواريون » واختلف في سبب تسميتهم بذلك على أقوال :

أحدها : أنهم سموا بذلك لنقاء ثيابهم ، عن سعيد بن جبير.

وثانيها : أنهم كانوا قصارين (٤) يبيضون الثياب ، عن أبي نجيح ، (٥) عن أبي أرطاة.

__________________

(١) روضة الكافي : ٢٦٨.

(٢) الصافات : ٩٩.

(٣) في المصدر : ولتميز الموافق من المخالف.

(٤) من حار الثوب وحوره : غسله وبيضه.

(٥) في المصدر : ابن ابي نجيح. وهو عبدالله بن ابي نجيح يسار المكي المتوفى سنة ١٣١ ، وابوه يسار المكي ابونجيح مولى ثقيف توفى سنة ١٠٩.

٢٧٥

وثالثها : أنهم كانوا صيادين يصيدون السمك ، عن ابن عباس والسدي.

ورابعها : أنهم كانوا خاصة الانبياء ، عن قتادة والضحاك ، وهذا أوجه لانهم مدحوا بهذا الاسم كأنه ذهب إلى نقاء قلوبهم كنقاء الثوب الابيض بالتحوير ، وقال الحسن : الحواري : الناصر ، والحواريون : الانصار ، وقال الكلبي : الحواريون : أصفياء عيسى عليه‌السلام وكانوا اثني عشر رجلا ، وقال عبدالله بن المبارك : سموا حواريين لانهم كانوا نورانيين ، عليهم أثر العبادة ونورها وحسنها ، كما قال تعالى : « سيماهم في وجوههم من أثر السجود (١) ».

« نحن أنصار الله » معناه : نحن أعوان الله على الكافرين من قومك ، أي أعوان رسول الله أو أعوان دين الله « آمنا بالله » أي صدقنا أنه واحد لاشريك له « واشهد » يا عيسى « بأنا مسلمون » أي كن شهيدا لنا عند الله ، اشهدوه على إسلامهم لان الانبياء شهداء الله على خلقه يوم القيامة ، كما قال سبحانه : « ويوم نبعث من كل أمة شهيدا (٢) ».

« ربنا » أي يا ربنا « آمنا بما أنزلت » على عيسى « واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين » أي في جملة الشاهدين بجميع ما أنزلت لنفوز بما فازوا به ، وننال ما نالوا من كرامتك ، وقيل : معناه : واجعلنا مع محمد (ص) وأمته ، عن ابن عباس ، وقد سماهم الله شهداء بقوله : « لتكونوا شهداء على الناس (٣) » أي من الشاهدين بالحق من عندك ، هذا كله حكاية قول الحواريين.

وروي أنهم اتبعوا عيسى وكانوا إذا جاعوا قالوا : ياروح الله جعنا ، فيضرب بيده على الارض سهلا كان أو جبلا فيخرج لكل إنسان منهم رغيفين يأكلهما ، فإذا عطشوا قالوا : ياروح الله عطشنا ، فيضرب بيده على الارض سهلا كان أو جبلا فيخرج ماء فيشربون قالوا : يا روح الله من أفضل منا؟ إذا شئنا أطعمتنا وإذا شئنا سقيتنا ، وقد آمنا بك و اتبعناك ، قال : أفضل منكم من يعمل بيده ، ويأكل من كسبه ، فصاروا يغسلون الثياب بالكراء. (٤)

__________________

(١) الفتح : ٢٩.

(٢) النحل : ٨٤.

(٣) البقرة : ١٤٣.

(٤) مجمع البيان ٢ : ٤٤٧ و ٤٤٨.

٢٧٦

« في قلوب الذين اتبعوه » (١) في دينه ، يعني الحواريين وأتباعهم اتبعوا عيسى عليه‌السلام « رأفة » وهي أشد الرقة « ورهبانية ابتدعوها » هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إما في لبسة ، (٢) أو انفراد عن الجماعة ، أو غير ذلك من الامور التي يظهر فيها نسك صاحبه ، والمعنى : ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم ، وقيل : هي رفض النساء ، واتخاذ الصوامع ، وقيل : هي لحاقهم بالبراري والجبال في خبر مرفوع عن النبي (ص) فما رعاها الذين من بعدهم حق رعايتها ، وذلك لتكذيبهم بمحمد (ص) وقيل : إن الرهبانية هي الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة « ما كتبناها » أي مافرضناها عليهم.

وروي عن ابن مسعود قال : كنت رديف رسول الله (ص) على حمار فقال : يا ابن أم عبد هل تدري من أين أحدثت بنو إسرائيل الرهبانية؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، فقال : ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى عليه‌السلام يعملون بمعاصي الله فغضب أهل الايمان فقاتلوهم ، فهزم أهل الايمان ثلاث مرات فلم يبق منهم إلا القليل ، فقالوا : إن ظهرنا هؤلاء أفنونا ولم يبق للدين أحد يدعو إليه فتعالوا نتفرق في الارض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا به عيسى عليه‌السلام يعنون محمدا (ص) فتفرقوا في غيران الجبال وأحدثوا رهبانية ، فمنهم من تمسك بدينه ، ومنهم من كفر ، ثم تلا هذه الآية : « ورهبانية ابتدعوها » الآية ، ثم قال : يا ابن أم عبد أتدري ما رهبانية أمتي؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة. (٣)

« من أنصاري إلى الله » أي مع الله ، أو فيما يقرب إلى الله « نحن أنصار الله » أي أنصار دينه « فآمنت طائفة » أي صدقت بعيسى عليه‌السلام « وكفرت طائفة » أخرى به ، قال ابن عباس : يعني في زمن عيسى عليه‌السلام ، وذلك أنه لما رفع تفرق قومه ثلاث فرق : فرقة قالت : كان الله فارتفع ، وفرقة قالت : كان ابن الله فرفعه إليه ، وفرقة قالوا : كان عبدالله و رسوله فرفعه إليه وهم المؤمنون ، واتبع كل فرقة طائفة من الناس فاقتتلوا وظهرت

__________________

(١) في المصدر : وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه.

(٢) في المصدر : إما في كنيسة.

(٣) مجمع البيان ٩ : ٢٤٣.

٢٧٧

الفرقتان الكافرتان على المؤمنين حتى بعث محمد (ص) ، فظهرت الفرقة المؤمنة على الكافرين وذلك قوله : « فأيدنا » إلى قوله : « ظاهرين » أي عالين غالبين ، وقيل : معناه : أصبحت حجة من آمن بعيسى (ع) ظاهرة بتصديق محمد (ص) بأن عيسى كلمة الله وروحه ، و قيل : بل أيدوا في زمانهم على من كفر بعيسى (ع) ، وقيل : فآمنت طائفة بمحمد (ص) وكفرت طائفة به ، فأصبحوا قاهرين لعدوهم بالحجة والقهر والغلبة. (١)

٨ ـ كا : أحمد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن بعض أصحابه رفعه (٢) قال قال عيسى بن مريم عليه‌السلام : يا معشر الحواريين لي إليكم حاجة اقضوها لي ، قالوا : قضيت حاجتك ياروح الله ، فقام فغسل أقدامهم ، فقالوا : كنا نحن أحق بهذا ياروح الله ، فقال : إن أحق الناس بالخدمة العالم ، إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم ، ثم قال عيسى عليه‌السلام : بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر ، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل. (٣)

٩ ـ كا : علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن علي بن المعلى ، عن القاسم بن محمد رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قيل له : ما بال أصحاب عيسى (ع) كانوا يمشون على الماء وليس ذلك في أصحاب محمد (ص)؟ قال : إن أصحاب عيسى عليه‌السلام كفوا المعاش ، وإن هؤلاء ابتلوا بالمعاش. (٤)

١٠ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن ابن أسباط ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : قلت : إنا لنرى الرجل له عبادة واجتهاد وخشوع ولا يقول بالحق فهل ينفعه ذلك شيئا؟ فقال : يامحمد إنما مثل أهل البيت (٥) مثل أهل بيت كانوا في بني

__________________

(١) مجمع البيان ٩ : ٢٨٢.

(٢) الموجود في المصدر وفي مرآت العقول : وبهذا الاسناد عن محمد بن خالد ، عن محمد بن سنان رفعه. والاسناد الذي قبله هكذا : أحمد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد البرقي.

(٣) اصول الكافي ١ : ٣٧.

(٤) فروع الكافي ١ : ٣٤٧.

(٥) في نسخة : ان مثل اهل البيت.

٢٧٨

إسرائيل ، كان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة ( إلا )؟ دعا فأجيب ، وإن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثم دعا فلم يستجب له ، فأتى عيسى بن مريم عليه‌السلام يشكو إليه ماهو فيه ويسأله الدعاء له ، قال : فتطهر عيسى عليه‌السلام وصلى ركعتين (١) ثم دعا الله عزوجل ، فأوحى الله عزوجل إليه : ياعيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتى منه ، إنه دعاني وفي قلبه شك منك ، فلو دعاني حتى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله ما استجبت له ، قال : فالتفت إليه عيسى عليه‌السلام فقال : تدعو ربك وأنت في شك من نبيه؟! فقال : يا روح الله و كلمته قد كان والله ماقلت ، فادع الله أن يذهب به عني ، قال : فدعا له عيسى عليه‌السلام فتاب الله عليه وقبل منه ، وصار في حد أهل بيته. (٢)

١١ ـ ين : أبوالحسن بن عبدالله ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن موسى عليه‌السلام حدث قومه بحديث لم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بمصر فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم ، وإن عيسى (ع) حدث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بتكريت (٣) فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم ، وهو قول الله عزوجل : « فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ». (٤)

١٢ ـ يد ، ن ، ج : عن الحسن بن محمد النوفلي في خبر طويل يذكر فيه احتجاج الرضا (ع) على أرباب الملل قال : قال الجاثليق للرضا عليه‌السلام : أخبرني عن حواري عيسى بن مريم كم كان عدتهم؟ وعن علماء الانجيل كم كانوا؟ قال الرضا عليه‌السلام : على الخبير سقطت ، أما الحواريون فكانوا اثني عشر رجلا ، وكان أفضلهم وأعلمهم الوقا (٥) وأما علماء النصارى فكانوا ثلاثة رجال : يوحنا الاكبر بأج ، (٦) ويوحنا بقرقيسياء (٧)

__________________

(١) المصدر خلى عن قوله : ركعتين.

(٢) اصول الكافي ٢ : ٤٠٠.

(٣) بفتح التاء : بلدة مشهورة بين بغداد والموصل ، منها إلى بغداد ثلاثون فرسخا.

(٤) مخطوط.

(٥) وهو المسمى عند النصارى لوقا وينسب اليه أحد الاناجيل. وفي الاحتجاج : لوقا.

(٦) هكذا في العيون ، وفي التوحيد : بأح ، وفي الاحتجاج : باحى ، ولم نجد أمكنة بهذه الاسامي ولعلها مصحف « اخى » بضم الالف وتشديد الخاء والقصر : ناحية من نواحي البصرة في شرقي دجلة ذات أنهار وقرى.

(٧) قرقيسياء : بكسر القاف ويقصر : بلدة على الفرات سميت بقرقيساء بن طهمورث.

٢٧٩

ويوحنا الديلمي بزجار (١) وعنده كان ذكر النبي (ص) وذكر أهل بيته وأمته ، وهو الذي بشر أمة عيسى وبني إسرائيل به. (٢)

أقول : وجدت في بعض الكتب أن عيسى عليه‌السلام كان مع بعض الحواريين في بعض سياحته ، فمروا على بلد ، فلما قربوا منه وجدوا كنزا على الطريق ، فقال من معه : ائذن لنا يا روح الله أن نقيم ههنا ونحوز هذا الكنز لئلا يضيع ، فقال عليه‌السلام لهم : أقيموا ههنا وأنا أدخل البلد ولي فيه كنز أطلبه ، فلما دخل البلد وجال فيه رأى دارا خربة فدخلها فوجد فيها عجوزة ، فقال لها : أنا ضيفك في هذه الليلة ، وهل في هذه الدار أحد غيرك؟ قالت : نعم لي ابن مات أبوه وبقي يتيما في حجري ، وهو يذهب إلى الصحارى ويجمع الشوك ويأتي البلد فيبيعها ويأتيني بثمنها نتعيش به ، فهيأت لعيسى عليه‌السلام بيتا ، فلما جاء ولدها قالت له : بعث الله لنا في هذه الليلة ضيفا صالحا ، يسطع من جبينه أنوار الزهد والصلاح ، فاغتنم خدمته وصحبته ، فدخل الابن على عيسى عليه‌السلام وخدمه وأكرمه فلما كان في بعض الليل سأل عيسى (ع) الغلام عن حاله ومعيشته وغيرها ، فتفرس (ع) فيه آثار العقل والفطانة والاستعداد للترقي على مدارج الكمال ، لكن وجد فيه أن قلبه مشغول بهم عظيم ، فقال له : ياغلام أرى قلبك مشغولا بهم لا يبرح فأخبرني به لعله يكون عندي دواء دائك ، فلما بالغ عيسى عليه‌السلام قال : نعم في قلبي هم وداء لايقدر على دوائه أحد إلا الله تعالى ، فقال : أخبرني به لعل الله يلهمني مايزيله عنك ، فقال الغلام : إني كنت يوما أحمل الشوك إلى البلد فمررت بقصر ابنة الملك فنظرت إلى القصر فوقع نظري عليها فدخل حبها شغاف (٣) قلبي وهو يزداد كل يوم ولا أرى لذلك دواء إلا الموت ، فقال عيسى عليه‌السلام : إن كنت تريدها أنا أحتال لك حتى تتزوجها ، فجاء الغلام إلى أمه وأخبرها بقوله ، فقالت أمه : ياولدي إني لا أظن هذا الرجل يعد بشئ

__________________

(١) هكذا في العيون ، وفي التوحيد : بزجان ، وفي الاحتجاج : بزخار ، وكلها غير معروف ، نعم الرجان كشداد : واد بنجد وموضع بفارس يقال فيه أرجان أيضا.

(٢) التوحيد : ٤٣٣ العيون : ٨٩ الاحتجاج : ٢٢٨ ، وتقدم الحديث مفصلا راجع ج ١٠ : ٣٠٣.

(٣) الشغاف : غلاف القلب. حبته. وحبة القلب : مهجته.

٢٨٠