بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

سليمان (ع) نظر إليهم نظرا حسنا بوجه طلق ، وقال : ما وراءكم؟ فأخبره رئيس القوم بما جاؤوا به ، وأعطاه كتاب الملكة ، فنظر فيه وقال : أين الحقة؟ فأتي بها فحركها ، وجاءه جبرئيل فأخبره بما في الحقة ، وقال : إن فيها درة يتيمة غير مثقوبة ، وخرزة مثقوبة معوجة الثقب ، فقال الرسول : صدقت ، فاثقب الدرة وأدخل الخيط في الخرزة ، فأرسل سليمان عليه‌السلام إلى الارضة فجاءت فأخذت شعرة في فيها فدخلت فيها حتى خرجت من الجانب الآخر ، ثم قال : من لهذه الخرزة يسلكها الخيط؟ فقالت دودة بيضاء : أنا لها يا رسول الله ، فأخذت الدودة الخيط في فيها ودخلت الثقب حتى خرجت من الجانب الآخر ، ثم ميز بين الجواري والغلمان بأن أمرهم أن يغسلوا وجوههم وأيديهم ، فكانت الجارية تأخذ الماء من الآنية بإحدى يديها ثم تجعله على اليد الاخرى ثم تضرب به الوجه ، والغلام يأخذ من الآنية يضرب به وجهه ، وكانت الجارية تصب على باطن ساعدها والغلام على ظهر الساعد ، وكانت الجارية تصب الماء صبا وكان الغلام يحدر الماء (١) على يده حدرا ، فميز بينهم بذلك ، هذا كله مروي عن وهب (٢) وغيره. وقيل : إنها أيضا أنفذت مع هداياها عصا كانت تتوارثها ملوك حمير ، وقالت : أريد أن تعرفني رأسها من أسفلها ، و بقدح ماء وقالت : تملاه ماء رواء (٣) ليس من الارض ولا من السماء ، فأرسل سليمان العصا إلى الهواء وقال : أي الرأسين سبق إلى الارض فهو أصلها ، (٤) وأمر بالخيل فأجريت حتى عرقت وملا القدح من عرقها ، وقال : هذا ليس من ماء الارض ولا من ماء السماء.

« فلما جاء سليمان » أي فلما جاء الرسول سليمان « قال أتمدونني بمال » أي أتزيدونني مالا؟ وهذا استفهام إنكار ، يعني أنه لايحتاج إلى مالهم « فما آتاني الله خير مما آتاكم » أي ما أعطاني الله من الملك والنبوة والحكمة خير مما أعطاكم من الدنيا و أموالها « بل أنتم بهديتكم تفرحون » إذا أهدى بعضكم إلى بعض ، وأما أنا فلا أفرح بها ،

__________________

(١) حدر الشئ : أنزله من علو إلى أسفل.

(٢) واحاديث وهب غير خالية من اساطير وأوهام.

(٣) الرواء : الماء العذب.

(٤) في المصدر : فهو أسفلها.

١٢١

أشار إلى قلة اكتراثه (١) بأموال الدنيا ، ثم قال سليمان للرسول : « ارجع إليهم » بما جئت به من الهدايا « فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها » أي لاطاقة لهم بها ولا قدرة لهم على دفعها « ولنخرجنهم منها أذلة » أي من تلك القرية ومن تلك المملكة ، وقيل : من أرضها وملكها « وهم صاغرون » أي ذليلون صغيروا القدر إن لم يأتوا مسلمين ، (٢) فلما رد سليمان (ع) لهدية وميز بين الغلمان والجواري إلى غير ذلك علموا أنه نبي مرسل وأنه ليس كالملوك الذين يغترون بالاموال.

فلما رجع إليها الرسول وعرفت أنه نبي وأنها لاتقاومه فتجهزت للمسير إليه وأخبر جبرئيل عليه‌السلام سليمان عليه‌السلام أنها خرجت من اليمن مقبلة إليه قال سليمان لاماثل جنده وأشراف عسكره : « يا أيها الملا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ».

واختلف في السبب الذي خص العرش بالطلب على أقوال :

أحدها : أنه أعجبته صفته ، فأراد أن يراه ، وظهر له آثار إسلامها فأحب أن يملك عرشها قبل أن تسلم فيحرم عليه أخذ مالها ، عن قتادة ، وثانيها : أنه أراد أن يختبر بذلك عقلها وفطنتها ، ويختبر هل تعرفه أو تنكره ، عن ابن زيد ، وقيل : أراد أن يجعل دليلا (٣) ومعجزة على صدقه ونبوته ، لانها خلفته في دارها (٤) وأوثقته ووكلت به ثقاة قومها يحرسونه ويحفظونه ، عن وهب ، وقال ابن عباس : كان سليمان عليه‌السلام رجلا مهيبا لايبتدئ بالكلام حتى يكون هو الذي يسأل عنه ، فخرج يوما وجلس على سريره فرأى رهجا قريبا منه أي غبارا فقال : ما هذا؟ قالوا : بلقيس يا رسول الله ، فقال : (٥) وقد نزلت منا بهذا المكان! وكان ما بين الكوفة والحيرة على قدر فرسخ ، فقال : « أيكم يأتيني بعرشها ».

__________________

(١) أي قلة اعتنائه بها.

(٢) في المصدر : إن لم يأتوني مسلمين.

(٣) في المصدر : أن يجعل ذلك دليلا.

(٤) في المصدر : لانها خلفته في دارها.

(٥) المصدر خلى عن لفظة ( فقال ).

١٢٢

وقوله : « مسلمين » فيه وجهان : أحدهما أنه أراد مؤمنين موحدين ، والآخر مستسلمين منقادين على مامر بيانه « قال عفريت (١) من الجن » أي مارد قوي ، عن ابن عباس « أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك » أي من مجلسك الذي تقضي فيه ، عن قتادة « وإني عليه لقوي أمين » أي وإني على حمله لقوي ، وعلى الاتيان به في هذه المدة قادر ، وعلى مافيه من الذهب والجواهر أمين ، وفي هذا دلالة على أن القدرة قبل الفعل ، لانه أخبر بأنه قوي عليه قبل أن يجئ به ، وكان سليمان عليه‌السلام يجلس في مجلسه للقضاء غدوة إلى نصف النهار ، فقال سليمان عليه‌السلام : أريد أسرع من ذلك ، فعند ذلك « قال الذي عنده علم من الكتاب » وهو آصف بن برخيا (٢) وكان وزير سليمان وابن أخته ، وكان صديقا يعرف اسم الله الاعظم الذي إذا دعي به أجاب ، عن ابن عباس ، وقيل : إن ذلك الاسم « الله » والذي يليه « الرحمن » وقيل : هو « ياحي ياقيوم » وبالعبرانية « اهيا شراهيا » (٣) وقيل : هو « ياذا الجلال والاكرام » عن مجاهد ، وقيل إنه قال : يا إلهنا وإله كل شئ إلها واحدا لا إله إلا أنت ، عن الزهري ، وقيل : إن الذي عنده علم من الكتاب كان رجلا من الانس يعلم اسم الله الاعظم اسمه بلخيا ، عن مجاهد ، وقيل : اسمه اسطوم ، عن قتادة ، وقيل : هو الخضر عليه‌السلام ، عن أبي لهيعة ، وقيل : إن الذي عنده علم من الكتاب هو جبرئيل عليه‌السلام ، أذن الله له في طاعة سليمان ، وأن يأتيه بالعرش الذي طلبه ، وقال الجبائي : هو سليمان (ع) قال ذلك للعفريت ليريه نعمة الله عليه ، وهذا قول بعيد لم يؤثر عند أهل التفسير ، (٤) وأما الكتاب المعرف في الآية بالالف واللام فقيل : إنه اللوح المحفوظ ، وقيل : إن المراد به جنس كتب الله المنزلة على أنبيائه وليس المراد به كتاب بعينه ، والجنس قد يعرف بالالف و اللام ، وقيل : المراد به كتاب سليمان عليه‌السلام إلى بلقيس « أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك » اختلف في معناه ، فقيل : يريد : قبل أن يصل إليك من كان منك على قدر مد البصر ،

__________________

(١) قال البغدادي في المحبر : اسمه كودن.

(٢) قال البغدادي في المحبر : هو آصف بن برخيا بن شمعياء واسمه ناطورا.

(٣) قد تقدم أن صحيحه : إهيه أشر إهيه ، وفي المصدر : إهى أشر إهى ، وإهيه بمعنى واجب الوجود. وقيل : معنى الجملة : الذي كان ويكون وهو الكائن.

(٤) في المصدر : لم يؤثر عن أهل التفسير ، أي لم ينقل عنهم.

١٢٣

عن قتادة ، وقيل : معناه : قبل أن يبلغ طرفك مداه وغايته ويرجع إليك ، قال سعيد بن جبير : قال لسليمان : انظر إلى السماء فما طرف حتى جاء به فوضعه بين يديه ، والمعنى : حتى يرتد إليك طرفك بعد مده إلى السماء ، وقيل : ارتداد الطرف إدامة النظر حتى يرتد طرفه خاسئا ، عن مجاهد ، فعلى هذا معناه أن سليمان عليه‌السلام مد بصره إلى أقصاه وهو يديم النظر فقبل أن ينقلب إليه بصره حسيرا يكون قد أتي بالعرش. (١) وقال الكلبي : خر آصف ساجدا ودعا باسم الله الاعظم فغار عرشها تحت الارض حتى نبع عند كرسي سليمان ، وذكر العلماء في ذلك وجوها :

أحدها : أن الملائكة حملته بأمر الله تعالى. والثاني : أن الريح حملته. والثالث : أن الله تعالى خلق فيه حركات متوالية. والرابع : أنه انخرق مكانه حيث هو هناك ، ثم نبع بين يدي سليمان. والخامس : أن الارض طويت له ، وهو المروي عن أبي عبدالله (ع). والسادس : أنه أعدمه الله في موضعه وأعاده في مجلس سليمان ، وهذا لايصح على مذهب أبي هاشم ، ويصح على مذهب أبي علي الجبائي فإنه يجوز فناء بعض الاجسام دون بعض.

وفي الكلام حذف كثير لان التقدير : قال سليمان له : افعل ، فسأل الله تعالى في ذلك فحضر العرش فرآه سليمان مستقرا عنده (٢) أي فلما رأى سليمان العرش محمولا إليه موضوعا بين يديه في مقدار رجع البصر « قال هذا من فضل ربي » أي من نعمته علي و إحسانه لدي لان تيسير ذلك وتسخيره مع صعوبته وتعذره معجزة له ودلالة على علو قدره وجلالته وشرف منزلته عند الله تعالى « ليبلونئ أشكر أم أكفر » أي ليختبرني هل أقوم بشكر هذه النعمة أم أكفر بها « ومن شكر فإنما يشكر لنفسه » لان عائدة شكره ومنفعته ترجعان إليه وتخصانه دون غيره ، وهذا مثل قوله : « إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم ».

« ومن كفر فإن ربي غني » يعني غني عن شكر العباد ، غير محتاج إليه ، بل هم

__________________

(١) في نسخة : قد أتاه بالعرش.

(٢) في المصدر : فرآه سليمان مستقرا عنده « فلما رآه مستقرا عنده » أي فلما رأى.

١٢٤

المحتاجون إليه لمالهم فيه من الثواب والاجر « كريم » أي متفضل على عباده شاكرهم و كافرهم وعاصيهم ومطيعهم ، لايمنعه كفرهم وعصيانهم من الافضال عليهم والاحسان إليهم « قال » سليمان « نكروا لها عرشها » أي غيروا سريرها إلى حال تنكرها إذا رأته ، وأراد بذلك اختبار عقلها على ماقيل « ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لايهتدون » أي أتهتدي إلى معرفة عرشها بفطنتها بعد التغيير أم لاتهتدي إلى ذلك ، عن سعيد بن جبير وقتادة ، وقيل : أتهتدي أي أتستدل بعرشها على قدرة الله وصحة نبوتي ، وتهتدي بذلك إلى طريق الايمان والتوحيد أم لا؟ عن الجبائي ، قال ابن عباس : فنزع ماكان على العرش من الفصوص و الجواهر ، وقال مجاهد : غير ما كان أحمر وجعل أخضر ، (١) وما كان أخضر فجعل أحمر ، (٢) وقال عكرمة : زيد فيه شئ ونقص منه شئ « فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو » فلم تثبته ولم تنكره فدل ذلك على كمال عقلها حيث لم تقل : لا ، إذ كان يشبه سريرها لانها وجدت فيه ماتعرفه ، ولم تقل : نعم إذ وجدت فيه ماغير وبدل ولانها خلفته في بيتها وحمله في تلك المدة إلى ذلك الموضع غير داخل في مقدور البشر ، قال مقاتل : عرفته ولكن شبهوا عليها حين قالوا لها : « أهكذا عرشك » فشبهت حين قالت : « كأنه هو » ولو قيل لها : أهذا عرشك؟ لقالت : نعم ، قال عكرمة : كانت حكيمة ، قالت : إن قلت : هوهو خشيت أن أكذب ، وإن قلت : لا خشيت أن أكذب ، فقالت : كأنه هو ، شبهته به ، فقيل لها : فإنه عرشك ، فما أغنى عنك إغلاق الابواب ، وكانت قد خلفته وراء سبعة أبواب لما خرجت ، فقالت : « وأوتينا العلم » بصحة نبوة سليمان « من قبلها » أي من قبل الآية في العرش « وكنا مسلمين » طائعين لامر سليمان ، وقيل : إنه من كلام سليمان ، عن مجاهد ، (٣) ومعناه : أوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة قبل مجيئها (٤) « وصدها ما كانت تعبد من دون الله » أي منعها عبادة الشمس عن الايمان بالله تعالى بعد رؤية تلك المعجزات ، (٥) عن مجاهد ، فعلى هذا تكون « ما » موصولة مرفوعة

__________________

(١) في المصدر : فجعله أخضر.

(٢) في المصدر : فجعله أحمر.

(٣) في نسخة بعد ذلك : ومعناه : واوتينا العلم بالله وقدرته على مايشاء من قبل هذه المرة ، وكنا مسلمين مخلصين لله بالتوحيد ، وقيل : معناه اه.

(٤) في المصدر : وقيل : انه من كلام قوم سليمان ، عن الجبائي.

(٥) في المصدر : بعد رؤية تلك المعجز.

١٢٥

الموضع بأنها فاعلة صد ، وقيل : معناه : وصدها سليمان عما كانت تعبده من دون الله ، و حال بينها وبينه ، ومنعها عنه ، فعلى هذا تكون « ما » في موضع النصب ، وقيل : معناه منعها الايمان والتوحيد عن الذي كانت تعبده من دون الله وهو الشمس ، ثم استأنف فقال : « إنها كانت من قوم كافرين » أي من قوم يعبدون الشمس قد نشأت فيما بينهم فلم تعرف إلا عبادة الشمس « قيل لها ادخلي الصرح » والصرح هو الموضع المنبسط المنكشف من غير سقف.

وذكر أن سليمان عليه‌السلام لما أقبلت صاحبة سبأ أمر الشياطين ببناء الصرح ، وهو كهيئة السطح المنبسط من قوارير أجري تحته الماء ، وجمع في الماء الحيتان والضفادع و دواب البحر ثم وضع له فيه سرير فجلس عليه ، وقيل : إنه قصر من زجاج كأنه الماء بياضا ، وقال أبوعبيدة : كل بناء من زجاج أو صخر أو غير ذلك مونق (١) فهو صرح ، وإنما أمر سليمان عليه‌السلام بالصرح لانه أراد أن يختبر عقلها وينظر هل تستدل على معرفة الله تعالى بما ترى من هذه الآية العظيمة؟ وقيل : إن الجن والشياطين خافت أن يتزوجها سليمان (ع) فلا ينفكون من تسخير سليمان وذريته بعده لو تزوجها وذلك أن أمها كانت جنية فأساؤوا الثناء عليها ليزهدوه فيها وقالوا : إن في عقلها شيئا ، وإن رجلها كحافر الحمار ، فلما امتحن ذلك وجدها على خلاف ماقيل ، وقيل : إنه ذكر له أن على رجليها شعرا ، فلما كشفته بان الشعر فساءه ذلك ، فاستشار الجن في ذلك فعملوا الحمامات ، وطبخوا له النورة والزرنيخ ، وكان أول ماصنعت النورة « فلما رأته » أي رأت بلقيس الصرح « حسبته لجة » وهي معظم الماء « وكشفت عن ساقيها » لدخول الماء ، وقيل : إنها لما رأت الصرح قالت : ما وجد ابن داود عذابا يقتلني به إلا الغرق؟! وأنفت أن تجئ فلا تدخل (٢) ولم يكن من عادتهم لبس الخفاف فلما كشفت عن ساقيها قال لها سليمان : « إنه صرح ممرد » أي مملس « من قوارير » وليس بماء ، ولما رأت سرير سليمان والصرح « قالت رب

__________________

(١) في المصدر : موثق.

(٢) في المصدر : فأنفت أن تجبن فلا تدخل.

١٢٦

إني ظلمت نفسي » بالكفر الذي كنت عليه « وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين » فحسن إسلامها ، وقيل : إنها لما جلست دعاها سليمان إلى الاسلام ، وكانت قد رأت الآيات والمعجزات فأجابته وأسلمت ، وقيل : إنها لما ظنت أن سليمان عليه‌السلام يغرقها ثم عرفت حقيقة الامر قالت : « ظلمت نفسي » إذ توهمت على سليمان ماتوهمت.

واختلف في أمرها بعد ذلك فقيل : إنها تزوجها سليمان وأقرها على ملكها ، و قيل : إنه زوجها من ملك يقال له تبع وردها إلى أرضها ، وأمر زوبعة أمير الجن باليمن أن يعمل له ويطيع ، فصنع له المصانع باليمن. (١)

* ١٣ ـ وروى العياشي في تفسيره بالاسناد قال : التقى موسى بن محمد بن علي بن موسى ويحيى بن أكثم فسأله عن مسائل قال : فدخلت على أخي علي بن محمد (ع) بعد أن دار بيني وبينه من المواعظ حتى انتهيت إلى طاعته ، فقلت له : جعلت فداك إن يحيى بن أكثم سألني عن مسائل أفتيه فيها ، فضحك ، فقال : فهل أفتيته فيها؟ قلت : لا ، قال : ولم؟ قلت : لم أعرفها ، قال : وماهي؟ قلت : قال : أخبرني عن سليمان أكان محتاجا إلى علم آصف بن برخيا؟ ثم ذكر المسائل الاخر ، قال : اكتب يا أخي : بسم الله الرحمن الرحيم سألت عن قول الله تعالى في كتابه : « قال الذي عنده علم من الكتاب » فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ماعرفه آصف ، لكنه أحب أن يعرف أمته من الانس و الجن أنه الحجة من بعده ، وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ، ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته ودلالته ، كما فهم سليمان عليه‌السلام في حياة داود (ع) ليتعرف إمامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق. (٢)

__________________

(١) مجمع البيان ٧ : ٢١٧ ٢٢٥.

* روى الثعلبي أن أبا بلقيس بنت اليشرح كان يلقب بهذهاذ وكان ملكا عظيم الشأن ولده أربعون ملكا ، وكان ملك أرض اليمن كلها ، وكان يقول لملوك الاطراف : ليس أحد منكم كفوا لي وابى أن يتزوج فيهم ، فزوجوه امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن ، وكان الانس اذذاك يرون الجن ويخالطونهم فولدت له تلقمة وهي بلقيس. ولم يكن له ولد غيرها. منه رحمه الله قلت : رواه في العرائس : ١٧٤ وفيه : البشرخ مكان اليشرح ، والشكر مكان السكن ، وبلعمة مكان تلقمة.

(٢) تفسير العياشي مخطوط.

١٢٧

ف : سأل يحيى بن أكثم. وذكر نحوه. (١)

١٤ ـ م : إن الله خص بسورة الفاتحة محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وشرفه بها ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان عليه‌السلام فإنه أعطاه منها « بسم الله الرحمن الرحيم » ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت : « إني ألقي إلي كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ». (٢)

أقول : وقال الثعلبي في تفسيره : قالت العلماء بسير الانبياء : إن نبي الله سليمان عليه‌السلام لما فرغ من بناء بيت المقدس عزم على الخروج إلى أرض الحرم فتجهز للمسير واستصحب من الجن والانس والشياطين والطير والوحوش مابلغ معسكره مائة فرسخ ، فأمر الريح الرخاء فحملتهم ، فلما وافى الحرم أقام به ماشاء الله أن يقيم ، فكان ينحر كل يوم طول مقامه بمكة خمسة آلاف بدنة ، وخمسة آلاف ثور ، وعشرين ألف شاة ، وقال لمن حضر من أشراف قومه : إن هذا مكان يخرج منه نبي عربي صفته كذا وكذا يعطى النصر على جميع من ناواه ، (٣) ويبلغ هيبته مسيرة شهر ، القريب والبعيد عنده في الحق سواء ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، قالوا : فبأي دين يدين يانبي الله؟ قال : بدين الحنيفية فطوبى لمن أدركه وآمن به وصدقه ، قالوا : فكم بيننا وبين خروجه يا نبي الله؟ قال : ذهاب ألف عام ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب ، فإنه سيد الانبياء وخاتم الرسل ، وإن اسمه لمثبت في زبر الانبياء ، قالوا : فأقام بمكة حتى قضى نسكه ، ثم أحب أن يسير إلى أرض اليمن فخرج من مكة صباحا وسار نحو اليمن يوم نجم سهيل ، فوافى صنعاء وقت الزوال وذلك مسيرة شهر ، فرأى أرض حسنة تزهر خضرتها فأحب النزول بها ليصلي ويتغدى فطلبوا الماء فلم يجدوا ، وكان دليله على الماء الهدهد ، كان يرى الماء من تحت الارض فينقر الارض فيعرف موضع الماء وبعده ، ثم تجئ الشياطين فيسلخونه كما يسلخ الاهاب ، (٤) ثم يستخرجون الماء ، قالوا : فلما نزل قال الهدهد : إن سليمان عليه‌السلام قد اشتغل

__________________

(١) تحف العقول : ٤٧٦ و ٤٧٨ ، وفيه : لتأكد الحجة على الخلق.

(٢) تفسير الامام : ١٠.

(٣) اي من عاداه.

(٤) الاهاب : الجلد أو ما لم يدبغ منه.

١٢٨

بالنزول فارتفع نحو السماء فانظر إلى عرض الدنيا وطولها ، ففعل ذلك ونظر يمينا وشمالا ، فرأى بستانا لبلقيس فمال إلى الخضرة فوقع فيه فإذا هو بهدهد فهبط عليه ، وكان اسم هدهد سليمان يعفور ، واسم هدهد اليمن عنقير ، (١) فقال عنقير ليعفور : من أين أقبلت وأين تريد؟ قال : أقبلت من الشام مع صاحبي سليمان ابن داود ، قال : ومن سليمان بن داود؟ قال : ملك الجن والانس والطير والوحوش والشياطين والرياح ، فمن أين أنت؟ قال : أنا من هذه البلاد ، قال : ومن ملكها؟ قال : امرأة يقال لها بلقيس ، وإن لصاحبكم سليمان ملكا عظيما ، وليس ملك بلقيس دونه ، فإنها ملكة اليمن كلها ، وتحت يدها اثني عشر ألف قائد ، تحت كل قائد مائة ألف مقاتل فهل أنت منطلق معي حتى تنظر إلى ملكها؟ قال : أخاف أن يتفقدني سليمان في وقت الصلاة إذا احتاج إلى الماء ، قال الهدهد اليماني : إن صاحبك ليسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة ، فانطلق معه ونظر إلى بلقيس وملكها وما رجع إلى سليمان عليه‌السلام إلا وقت العصر فلما طلبه سليمان عليه‌السلام فلم يجده دعا عريف (٢) الطيور وهو النسر فسأله عنه ، فقال : ما أدري أين هو؟ وما أرسلته مكانا ، ثم دعا بالعقاب فقال : علي بالهدهد ، فارتفع فإذا هو بالهدهد مقبلا فانقض (٣) نحوه ، فناشده الهدهد بحق الله الذي قواك وأغلبك علي إلا رحمتني ولم تتعرض لي بسوء ، قال : فولى عنه العقاب وقال له : ويلك ثكلتك أمك إن نبي الله حلف أن يعذبك أو يذبحك ، ثم طارا متوجهين نحو سليمان فلما انتهى إلى المعسكر تلقته النسر والطير فقالوا : توعدك نبي الله ، فقال الهدهد : أو ما استثنى نبي الله؟ فقالوا : بلى « أوليأتيني بسلطان مبين » (٤) فلما أتيا سليمان وهو قاعد على كرسيه قال العقاب : قد أتيتك به يانبي الله ، فلما قرب الهدهد منه رفع رأسه وأرخى ذنبه وجناحيه يجرهما على الارض تواضعا لسليمان ، فأخذ برأسه فمده إليه ، فقال : أين كنت؟ فقال : يانبي الله

__________________

(١) في نسخة : « عنفير » وكذا فيما بعده.

(٢) : العريف : من يعرف أصحابه. النقيب.

(٣) انقض الطائر : هوى ليقع.

(٤) أي والاستثناء قوله : أو ليأتيني.

١٢٩

اذكر وقوفك بين يدي الله تعالى ، فلما سمع ذلك سليمان (ع) ارتعد وعفا عنه وساق القصة إلى أن قال : وقال مقاتل : حمل الهدهد الكتاب بمنقاره حتى وقف على رأس المرأة و حولها القادة والجنود فرفرف ساعة والناس ينظرون حتى رفعت رأسها فألقى الكتاب في حجرها. إلى آخر القصة. (١)

( باب ١٠ )

* ( ما اوحى اليه وصدر عنه من الحكم ، وفيه قصة نفش الغنم ) *

الايات ، الانبياء « ٢١ » وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين * ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ٧٨ و ٧٩.

تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : اختلف في الحكم فقيل : إنه زرع وقعت فيه الغنم ليلا فأكلته ، وقيل : كان كرما قد بدت عناقيده (٢) عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام ، وقال الجبائي ، أوحى الله إلى سليمان (ع) بما نسخ به حكم داود عليه‌السلام ولم يكن ذلك عن اجتهاد وهو المعول عليه عندنا. (٣)

١ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن القاشاني ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن سفيان بن نجيح ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال سليمان بن داود عليه‌السلام : أوتينا ما أوتي الناس ومالم يؤتوا ، وعلمنا ما علم الناس ومالم يعلموا ، فلم نجد شيئا أفضل من خشية الله في المغيب والمشهد ، والقصد في الغنى والفقر ، وكلمة الحق في الرضى والغضب ، والتضرع إلى الله عزوجل على كل حال. (٤)

__________________

(١) الكشف والبيان مخطوط.

(٢) في المصدر هنا زيادة وهي هذه : فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم ، فقال سليمان : غير هذا يانبي الله ، قال : وماذاك؟ قال : يدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ، و يدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى اذا عاد الكرم كما كان ، ثم دفع كل واحد منهما إلى صاحبه ماله ، عن ابن مسعود. وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام.

(٣) مجمع البيان ٧ : ٥٧.

(٤) الخصال ١ : ١١٤ و ١١٥. وفيه : في كل حال.

١٣٠

٢ ـ فس : « وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين » فإنه حدثني أبي ، عن عبدالله بن يحيى ، (١) عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل رجل كان له كرم ونفشت فيه غنم لرجل آخر بالليل وقضمته (٢) وأفسدته ، فجاء صاحب الكرم إلى داود (ع) فاستعدى على صاحب الغنم فقال داود عليه‌السلام : اذهبا إلى سليمان ليحكم بينكما ، فذهبا إليه ، فقال سليمان : إن كانت الغنم أكلت الاصل والفرع فعلى صاحب الغنم أن يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها ، وإن كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالاصل فإنه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم ، وكان هذا حكم داود ، وإنما أراد أن يعرف بني إسرائيل أن سليمان عليه‌السلام وصيه بعده ، ولم يختلفا في الحكم ، ولو اختلف حكمهما لقال : « وكنا لحكمهما شاهدين ». (٣)

بيان : نفشت الغنم أي رعت ليلا بلا راع.

٣ ـ سن : بعض أصحابنا ، عن البزنطي ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى. « وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث » قال : لم يحكما ، إنما كانا يتناظران « ففهمناها سليمان ».

يه : بسنده الصحيح عن جميل ، عن زرارة مثله. (٤)

٤ ـ يه : بسنده الصحيح عن الوشاء ، عن أحمد بن عمر الحلبي قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول الله تعالى : « وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث » قال : كان حكم داود عليه‌السلام رقاب الغنم ، والذي فهم الله عزوجل سليمان أن يحكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله. (٥)

٥ ـ يب : الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن المعلى أبي عثمان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (ع) عن قول الله عزوجل : « وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت

__________________

(١) في نسخة : عبدالله بن بحر.

(٢) القضم : الاكل باطراف الاسنان.

(٣) تفسير القمي : ٤٣١.

(٤ و ٥) من لايحضره الفقيه : ٣٣٩.

١٣١

فيه غنم القوم » فقال : لايكون النفش إلا بالليل ، إن على صاحب الحرث أن يحفظ الحرث بالنهار وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار ، إنما رعيها وإرزاقها بالنهار ، فما أفسدت فليس عليها ، (١) وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس ، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا ، وهو النفش ، وإن داود عليه‌السلام حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم ، وحكم سليمان عليه‌السلام الرسل والثلة وهو اللبن والصوف في ذلك العام. (٢)

٦ ـ يب : الحسين ، عن عبدالله بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت قول الله عزوجل : « وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث » قلت : حين حكما في الحرث كانت قضية واحدة؟ فقال : إنه كان أوحى الله عزوجل إلى النبيين قبل داود إلى أن بعث الله داود (ع) : أي غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم ، ولا يكون النفش إلا بالليل ، وإن على صاحب الزرع أن يحفظ بالنهار ، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل ، فحكم داود عليه‌السلام بما حكمت به الانبياء عليهم‌السلام من قبله ، و أوحى الله تعالى إلى سليمان : أي غنم نفشت في الزرع فليس لصاحب الزرع إلا ماخرج من بطونها ، وكذلك جرت السنة بعد سليمان عليه‌السلام ، وهو قول الله عزوجل : « وكلا آتينا حكما وعلما » فحكم كل واحد منهما بحكم الله عزوجل. (٣)

٧ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن سليمان ، عن عيثم بن أسلم ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن الامامة عهد من الله عزوجل معهود لرجال مسمين ، ليس للامام أن يزويها (٤) عن الذي يكون من بعده ، إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه‌السلام : أن اتخذ وصيا من أهلك ، فإنه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيا إلا وله وصي من أهله ، وكان لداود عليه‌السلام أولاد عدة ، وفيهم غلام كانت أمه عند داود عليه‌السلام ، وكان لها محبا ، فدخل داود عليه‌السلام عليها حين أتاه الوحي ، فقال لها : إن الله عزوجل أوحى إلي يأمرني أن

__________________

(١) في المصدر : فليس عليها وعلى صاحبها شئ.

(٢ و ٣) تهذيب الاحكام ٢ : ١٧٩.

(٤) أي يصرفها عنه ويمنعه اياها.

١٣٢

أتخذ وصيا من أهلي ، فقالت له امرأته : فليكن ابني ، قال : ذاك أريد ، وكان السابق في علم الله المحتوم عنده أنه سليمان ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود أن لاتعجل دون أن يأتيك أمري ، فلم يلبث داود عليه‌السلام أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم ، فأوحى الله عزوجل إلى داود عليه‌السلام : أن اجمع ولدك ، فمن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك ، فجمع داود عليه‌السلام ولده فلما أن اقتص الخصمان قال سليمان عليه‌السلام : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال : دخلتة ليلا قال : قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ، ثم قال له داود عليه‌السلام : فكيف لم تفض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان عليه‌السلام : إن الكرم لم يجتث (١) من أصله ، وإنما أكل حمله وهو عائد في قابل ، فأوحى الله عزوجل إلى داود عليه‌السلام أن القضاء في هذه القضية ماقضى سليمان به ، يا داود أردت أمرا وأردنا أمرا غيره ، فدخل داود عليه‌السلام على امرأته فقال : أردنا أمرا وأراد الله غيره ، (٢) ولم يكن إلا ما أراد الله عزوجل فقد رضينا بأمر الله عزوجل وسلمنا ، وكذلك الاوصياء عليهم‌السلام ليس لهم أن يتعدوا بهذا الامر فيجاوزون صاحبه إلى غيره. (٣)

بيان : اعلم أنه لما ثبت بالدلائل العقلية (٤) عدم جواز الاجتهاد والرأي على الانبياء عليهم‌السلام وأنهم لايحكمون إلا بالوحي فلذا ذهب بعض أصحابنا وبعض المعتزلة إلى أنه تعالى أوحى إلى سليمان (ع) ما نسخ حكم داود عليه‌السلام ، وكان حكم داود (ع) أيضا بالوحي ، ويرد عليه أن شريعة سليمان لم تكن ناسخة فكيف نسخت ما ثبت في شريعة موسى عليه‌السلام؟

ويمكن الجواب عنه بأنه لم يثبت امتناع نسخ بعض جزئيات الاحكام في زمن

__________________

(١) اجتثه : قلعه من أصله.

(٢) في المصدر : وأراد الله أمرا غيره.

(٣) اصول الكافي ١ : ٢٧٨ و ٢٧٩.

(٤) في نسخة : بالدلائل القطعية.

١٣٣

غير أولي العزم من الرسل ، وأما النسخ الكلي والاتيان بشريعة مبتدأة فهو مختص بأولي العزم منهم ، مع أنه يمكن أن يكون موسى عليه‌السلام أخبر بأن هذا الحكم ثابت إلى زمن سليمان عليه‌السلام ثم يتغير الحكم. والاصوب في الجواب أن يقال : إن الآية لاتدل على أن سليمان عليه‌السلام حكم بخلاف ما حكم به داود عليه‌السلام بل يحتمل أن يكون المراد : إذ يريدان أن يحكما في الحرث كما دلت عليه رواية أبي بصير في التفسير ورواية زرارة ، فهما كانا يتناظران في ذلك منتظرين للوحي أو كان داود عليه‌السلام عالما بالحكم وكان يسأل سليمان عليه‌السلام ليبين فضله على الناس ، فأوحى الله ذلك إلى سليمان عليه‌السلام ، ويؤيده أن في خبر معاوية نسب الحكم برقاب الغنم إلى علماء بني إسرائيل والسؤال الذي اشتمل عليه الخبر محمول على ماذكرنا من إرادة ظهور فضله على بني إسرائيل.

وأما خبر الحلبي فيمكن أن يكون محمولا على التقية ، ويحتمل أيضا أن يكون المراد بحكم داود الحكم الذي كان شائعا في زمانه ، أو الحكم الذي كان يلقيه على سليمان ليختبره ويظهر عقله وعلمه ، وكذا القول في سائر الاخبار والله يعلم.

٨ ـ يه : عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قالت أم سليمان بن داود لسليمان عليه‌السلام : يا بني إياك وكثرة النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة.

٩ ـ نبه : قال سليمان بن داود عليه‌السلام لابنه : يا بني إياك والمراء فإنه ليست فيه منفعة ، وهو يهيج بين الاخوان العداوة. (١)

__________________

(١) تنبيه الخواطر ٢ : ١٢.

١٣٤

( باب ١١ )

* ( وفاته عليه السلام وما كان بعده ) *

الايات ، البقرة « ٢ » واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ١٠٢.

سبأ « ٣٤ » فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين ١٤.

تفسير : قال الطبرسي رحم الله : « واتبعوا » أي اليهود الذين كانوا على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو على عهد سليمان عليه‌السلام ، أو الاعم ، أي اقتدوا بما كانت « تتلوا الشياطين » أي تتبع وتعمل به ، وقيل : تقرأ ، وقيل : تكذب ، يقال : تلا عليه : إذا كذب ، والشياطين : شياطين الجن ، وقيل : شياطين الانس « على ملك سليمان » قيل : أي في ملك سليمان على وجهين : أحدهما في عهده ، والثاني في نفس ملك سليمان ، كما يقال : فلان يطعن في ملك فلان ، وقيل : معناه : على عهد ملك سليمان « وما كفر سليمان » بين بهذا أن ما كانت تتلوه الشياطين وترويه كان كفرا إذ برئ سليمان منه ، ثم بين أن ذلك الكفر كان من نوع السحر ، فإن اليهود أضافوا إلى سليمان السحر ، وزعموا أن ملكه كان به فبرأه الله منه ، وقيل : في السبب الذي لاجله أضافت السحر (١) إلى سليمان (ع) أن سليمان عليه‌السلام كان قد جمع كتب السحرة ووضعها في خزائنه ، وقيل : كتمها تحت كرسيه لئلا يطلع الناس عليها ولا يعملوا بها ، فلما مات سليمان عليه‌السلام استخرجت السحرة تلك الكتب وقالوا : إنما تم ملك سليمان عليه‌السلام بالسحر ، وبه سخر الجن والانس والطير ، وزينوا السحر في أعين الناس بالنسبة إلى سليمان عليه‌السلام وشاع ذلك في اليهود وقبلوه لعداوتهم لسليمان عليه‌السلام « ولكن الشياطين كفروا » بما استخرجوه من السحر ، أو بما نسبوه إلى سليمان عليه‌السلام ، أو بأنهم سحروا فعبر عن السحر بالكفر

__________________

(١) في المصدر : أضافت اليهود السحر إلى سليمان.

١٣٥

« يعلمون الناس السحر » أي ألقوا السحر إليهم فتعلموه ، أو دلوهم على استخراجه من تحت الكرسي فتعلموه (١) « ما دلهم على موته » أي مادل الجن على موته إلا الارضة حيث أكلت عصاه فسقط فعلموا أنه ميت (٢) « فلما خر » أي سقط ميتا. (٣)

١ ـ ع ، ن : الهمداني عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد (ع) (٤) قال : إن سليمان بن داود (ع) قال ذات يوم لاصحابه : إن الله تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي ، سخر لي الريح والانس و الجن والطير والوحوش ، وعلمني منطق الطير ، وآتاني من كل شئ ، ومع جميع ما أوتيت من الملك ماتم لي سرور يوم إلى الليل ، وقد أحببت أن أدخل قصري في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي فلا تأذنوا لاحد علي لئلا يرد علي ما ينغص على يومي قالوا : نعم ، فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره ، ووقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه مسرورا بما أوتي فرحا بما أعطي إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره ، فلما بصر به سليمان عليه‌السلام قال له : من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم؟ فبإذن من دخلت؟ فقال الشاب : أدخلني هذا القصر ربه وبإذنه دخلت ، فقال : ربه أحق به مني ، فمن أنت؟ قال : أنا ملك الموت ، قال : وفيما جئت؟ قال : جئت لاقبض روحك ، قال : امض لما أمرت به (٥) فهذا يوم سروري ، وأبى الله عزوجل أن يكون لي سرور دون لقائه ، فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه ، فبقي سليمان عليه‌السلام متكئا على عصاه وهو ميت ماشاء الله والناس ينظرون إليه وهم يقدرون أنه حي فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال : إن سليمان عليه‌السلام قد بقي متكئا على عصاه هذه الايام الكثيرة ولم يتعب ولم

__________________

(١) مجمع البيان ١ : ١٧٣ و ١٧٤ ، واختصر المصنف بعضه ، ونقل معنى بعض آخر.

(٢) في المصدر : الا الارضة ولم يعلموا موته حتى أكلت عصاه فسقط.

(٣) مجمع البيان ٨ : ٣٨٣ و ٣٨٤.

(٤) في عيون الاخبار بعد ذلك : عن أبيه محمد بن علي عليه‌السلام.

(٥) في المصدر : امض بما امرت به.

١٣٦

ينم ولم يأكل ولم يشرب ، إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده ، وقال قوم : إن سليمان عليه‌السلام ساحر وإنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه ، يسحر أعيننا وليس كذلك ، فقال المؤمنون : إن سليمان هو عبدالله ونبيه يدبر الله أمره بما شاء ، فلما اختلفوا بعث الله عزوجل الارضة فدبت في عصاه ، فلما أكلت جوفها انكسرت العصا وخر سليمان عليه‌السلام من قصره على وجهه ، فشكرت الجن للارضة صنيعها ، فلاجل ذلك لاتوجد الارضة في مكان إلا وعندها ماء وطين ، وذلك قول الله عزوجل : « فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته » يعني عصاه « فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين » ثم قال الصادق عليه‌السلام : والله ما نزلت هذه الآية هكذا ، وإنما نزلت : « فلما خر تبينت الانس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين. (١)

بيان : نسب صاحب الكشاف هذه القراءة إلى ابن مسعود ، (٢) وعلى القراءة المشهورة قيل : معناه : علمت الجن بعد ما التبس عليهم أنهم لا يعلمون الغيب ، وقيل : معناه : علمت عامة الجن وضعفاؤهم أن رؤساءهم لا يعلمون الغيب ، وقيل : المعنى ، ظهرت الجن ، وأن بما في حيزه بدل منه (٣) أي ظهر أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب.

٢ ـ ع : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أمر سليمان بن داود عليه‌السلام الجن فصنعوا له قبة من قوارير ، (٤) فبينما هو متكئ على عصاه في القبة ينظر إلى الجن كيف يعملون وهم ينظرون إليه إذ حانت (٥) منه التفاتة فإذا رجل معه في القبة ، قال : من أنت؟ (٦) قال : أنا الذي لا أقبل الرشاء ، ولا أهاب الملوك ، أنا ملك الموت ، فقبضه وهو قائم متكئ على عصاه في القبة والجن

__________________

(١) علل الشرائع : ٣٦ عيون الاخبار : ١٤٦ ١٤٧.

(٢) راجع الكشاف ٣ : ٤٥٣.

(٣) في الكشاف : و ( أن ) مع صلتها بدل من الجن بدل الاشتمال.

(٤) في التفسير : فبنوا له بيتا من قوارير.

(٥) في كلا المصدرين : « خانت » بالخاء.

(٦) في التفسير : اذا هو برجل ففزع منه وقال : من انت؟

١٣٧

ينظرون إليه ، قال : فمكثوا سنة وهم يدأبون (١) له حتى بعث الله عزوجل الارضة فأكلت منسأته وهي العصا ، فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين.

قال أبوجعفر عليه‌السلام : إن الجن يشكرون الارضة ماصنعت بعصا سليمان. فما تكاد تراها في مكان إلا وعندها ماء وطين. (٢)

٣ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير مثله إلى قوله : وهي العصا » فلما خر تبينت الانس أو لو كان الجن يعلمون الغيب مالبثوا « سنة » في العذاب المهين « فالجن تشكر الارضة بما عملت بعصا سليمان ، قال : فلا تكاد تراها في مكان إلا وعندها (٣) ماء وطين ، فلما هلك سليمان عليه‌السلام وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ، ثم طواه وكتب على ظهره : هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم ، من أراد كذا وكذا فليفعل كذا وكذا ، ثم دفنه تحت السرير ، ثم استشاره (٤) لهم فقرؤوه فقال الكافرون : ما كان سليمان يغلبنا إلا بهذا ، وقال المؤمنون : بل هو عبدالله ونبيه ، فقال جل ذكره : « واتبعوا ماتتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ». (٥)

شى : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما هلك سليمان. إلى آخر الخبر. (٦)

__________________

(١) دأب في العمل : جد وتعب واستمر عليه. وفي التفسير : فمكثوا سنة يبنون وينظرون اليه ويدانون ويعملون.

(٢) علل الشرائع : ٣٦.

(٣) في المصدر : الا وجد عندها.

(٤) هكذا في النسخ وفي المصدر المطبوع ، والصحيح كما في البرهان : ثم استثاره لهم أي ثم أظهره لهم ، وفي المصدر : فقرأه.

(٥) تفسير القمي : ٤٦ و ٤٧.

(٦) تفسير العياشي مخطوط.

١٣٨

٤ ـ فس : « فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته » قال : لما أوحى الله تعالى إلى سليمان عليه‌السلام : إنك ميت أمر الشياطين أن يتخذوا له بيتا من قوارير ووضعوه في لجة البحر ، ودخله سليمان عليه‌السلام فاتكأ على عصاه وكان يقرأ الزبور والشياطين حوله ينظرون إليه ولا يجسرون أن يبرحوا ، فبينا هو كذلك إذ حانت (١) منه التفاتة فإذا هو برجل معه في القبة ، ففزع منه سليمان عليه‌السلام فقال له : من أنت؟ قال : أنا الذي لا أقبل الرشاء ، ولا أهاب الملوك ، فقبضه وهو متكئ على عصاه سنة ، والجن يعملون له ولا يعلمون بموته حتى بعث الله الارضة فأكلت منسأته ، فلما خر على وجهه تبينت الانس أن لو كان الجن يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين. (٢) كذا نزلت هذه الآية ، وذلك أن الانس كانوا يقولون : إن الجن يعلمون الغيب ، فلما سقط سليمان عليه‌السلام على وجهه علم الانس أن لو علم الجن الغيب لم يعملوا سنة لسليمان عليه‌السلام وهو ميت ويتوهمونه حيا ، قال : فالجن تشكر الارضة بما عملت بعصا سليمان عليه‌السلام. (٣) وذكر نحو ما مر إلى قوله : عبدالله ونبيه ، وفي بعض النسخ : ماهو من عند الله ونبيه ، وفي بعضها : إنما هو.

٥ ـ ع : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن محمد بن نصير ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن البزنطي وفضالة ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الجن شكروا الارضة ماصنعت بعصا سليمان عليه‌السلام ، فما تكاد تراها في مكان إلا وعندها ماء وطين. (٤)

٦ ـ ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن أورمة ، عن الحسن بن علي ، عن علي بن عقبة ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لقد شكرت الشياطين الارضة حين أكلت عصا سليمان حتى سقط ، وقالوا : عليك الخراب وعلينا الماء والطين ،

__________________

(١) في المصدر : خانت بالخاء.

(٢) قد عرفت من الزمخشري أن هذه القراءة منسوبة إلى ابن مسعود.

(٣) تفسير القمي : ٥٣٧.

(٤) علل الشرائع : ٣٦.

١٣٩

فلا تكاد تراها في موضع إلا رأيت ماء وطينا. (١)

٧ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله تعالى أوحى إلى سليمان عليه‌السلام : إن آية موتك أن شجرة تخرج في بيت المقدس (٢) يقال لها الخرنوبة ، قال : فنظر سليمان عليه‌السلام يوما إلى شجرة قد طلعت في بيت المقدس ، (٣) فقال لها سليمان عليه‌السلام : ما اسمك؟ قالت : الخرنوبة ، فولى مدبرا إلى محرابه حتى قام فيه متكئا على عصاه فقبضه الله من ساعته ، (٤) فجعلت الانس والجن يخدمونه ويسعون في أمره كما كانوا من قبل وهم يظنون أنه حي حتى دبت الارضة في عصاه (٥) فأكلت منسأته فانكسرت ووقع سليمان عليه‌السلام إلى الارض. (٦)

كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب مثله ، وزاد في آخره : أفلاتسمع لقوله عزوجل : « فلما خر تبينت الجن » الآية. (٧)

٨ ـ ك : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، ومحمد بن يحيى ، عن الاشعري ، عن محمد بن يوسف التميمي ، عن الصادق ، عن آبائه (ع) قال : قال رسول الله (ص) : عاش سليمان بن داود سبعمائة سنة واثني عشر سنة. (٨)

__________________

(١) علل الشرائع : ٣٦.

(٢) في الكافي : من بيت المقدس. قلت : الخرنوب والخروب بضم الخاء وفتحها : شجرة بريه شوك ذو حمل كالتفاح لكنه بشع ، وشاميه ذو حمل كالخيار شنبر الا انه عريض وله رب وسويق قاله الفيروزآبادي.

(٣) في الكافي : فنظر سليمان عليه‌السلام يوما فاذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بيت المقدس.

(٤) في الكافي : قال : فولى سليمان مدبرا إلى محرابه فقام فيه متكئا على عصاه فقبض روحه من ساعته ، قال : فجعلت.

(٥) في الكافي : وهم يظنون أنه حي لم يمت يغدون ويروحون وهو قائم ثابت حتى دبت الارضة من عصاه.

(٦) قصص الانبياء مخطوط.

(٧) روضة الكافي : ١٤٤ ، وفيه : وخر سليمان على الارض.

(٨) اكمال الدين : ٢٨٩

١٤٠