العقائد الإسلاميّة - ج ١

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الإسلاميّة - ج ١

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-118-4
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٣٧٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

ابن الزبير ، عن جابر قال : لما قدم جعفر من أرض الحبشة تلقاه رسول الله ، فلما نظر جعفر إلى رسول الله حجل إعظاماً منه لرسول الله صلی الله عليه وسلم ، فقبل رسول الله بين عينيه وقال : يا حبيبي ! أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي وخلقت من الطينة التي خلقت منها يا حبيبي . عق ، وأبو نعيم ، قال عق غير محفوظ ، وقال في الميزان : مكي له مناكير ، وقال في المغنى : تفرد عن ابن عيينة بحديث عب . انتهى . ورواه في كنز العمال ج ١١ ص ٦٦٢ ، بعدة روايات في بعضها من طينتي وفي بعضها من شجرتي .

ـ الكافي ج ٢ ص ٢

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله عن رجل عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين : قلوبهم وأبدانهم ، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة و ( جعل ) خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين ، قلوبهم وأبدانهم ، فخلط بين الطينتين ، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ، ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة ، ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة . فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه . انتهى . ورواه في علل الشرائع ج ١ ص ٨٢ وروى في ص ١١٦ : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن النضر بن شعيب ، عن عبد الغفار الجازي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار . وقال : إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً طيب روحه وجسده فلا يسمع شيئاً من الخير إلا عرفه ولا يسمع شيئاً من المنكر إلا أنكره .

قال وسمعته يقول : الطينات ثلاث : طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة إلا أن الأنبياء هم من صفوتها ، هم الأصل ولهم فضلهم ، والمؤمنون الفرع من طين لازب ، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم . وقال : طينة الناصب من حمأ مسنون ، وأما المستضعفون فمن تراب ، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ، ولله المشيئة فيهم .

٨١
 &

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن صالح بن سهل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك من أي شئ خلق الله عز وجل طينة المؤمن ؟ فقال : من طينة الأنبياء ، فلم تنجس أبداً .

محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمد وغيره ، عن محمد بن خلف ، عن أبي نهشل قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن الله عز وجل خلقنا من أعلى عليين ، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه ، وخلق أبدانهم من دون ذلك ، وقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه ، ثم تلا هذه الآية : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ . كتاب مرقوم يشهده المقربون . وخلق عدونا من سجين ، وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك ، فقلوبهم تهوي إليهم ، لأنها خلقت مما خلقوا منه ، ثم تلا هذه الآية : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ . انتهى . ورواه في علل الشرائع ج ١ ص ١١٦

ـ الكافي ج ١ ص ٣٨٩

أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن شعيب ، عن عمران بن إسحاق الزعفراني ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن الله خلقنا من نور عظمته ، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش ، فأسكن ذلك النور فيه ، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً ، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من تلك الطينة . . . . الحديث .

ـ الكافي ج ١ ص ٤٠٢

أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن منصور بن العباس ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمد بن عبد الخالق وأبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبا محمد . . . . وإن عندنا سراً من سر الله وعلماً من علم الله أمرنا الله

٨٢
 &

بتبليغه ، فبلغنا عن الله عز وجل ما أمرنا بتبليغه ، فلم نجد له موضعاً ولا أهلاً ولا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواماً ، خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله وذريته عليهم‌السلام ومن نور خلق الله منه محمداً وذريته ، وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمداً وذريته ، فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فقبلوه واحتملوا ذلك ، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا ، فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك لا والله ما احتملوه . . . . الحديث .

من آيات وروايات عالم الملكوت

قال تعالى : أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ . أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ . الأعراف ١٨٤ ـ ١٨٥

ـ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ . فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ . الأنعام ٧٥ ـ ٧٧

ـ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ . المؤمنون ـ ٨٨

ـ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . يس ـ ٨٣

ـ نهج البلاغة ج ١ ص ١٦٢

. . . . هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، وحاول الفكر المبرأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفية صفاته ، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه . . . .

ـ نهج البلاغة ج ١ ص ١٦٣

٨٣
 &

. . . . وأرانا من ملكوت قدرته ، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته ، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قدرته ، ما دلنا باضطرار قيام الحجة . . . .

ـ نهج البلاغة ج ١ ص ١٦٨

ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته ، وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته ، خلقاً بديعاً من ملائكته ملأ بهم فروج فجاجها ، وحشى بهم فتوق أجوائها . وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبحين منهم في حظائر القدس وسترات الحجب وسرادقات المجد . ووراء ذلك الرجيج الذي تستك منه الأسماع . . . .

ـ نهج البلاغة ج ٢ ص ٤٥

الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته ، وردعت عظمته العقول فلم تجد مساغاً إلى بلوغ غاية ملكوته . . . .

ـ مستدرك الوسائل ج ١١ ص ١٨٥

الآمدي في الغرر ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : التفكر في ملكوت السماوات والأرض عبادة المخلصين .

ـ الكافي ج ١ ص ٣٥

عن حفص بن غياث قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : من تعلم العلم وعمل به وعلم لله ، دعي في ملكوت السماوات عظيماً ، فقيل : تعلم لله وعمل لله وعلم لله . انتهى .

وروى نحوه في كنز العمال ج ١٠ ص ١٦٤ وفي سنن الترمذي ج ٤ ص ١٥٥ ، وروى في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٢٤٨

البراء بن عازب قال قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : من قضى نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة ، ومن مد عينيه إلى زينة المترفين ، كان مهيناً في ملكوت السموات . ومن صبر على القوت الشديد صبراً جميلاً أسكنه الله من الفردوس حيث شاء .

٨٤
 &

ـ وسائل الشيعة ج ١١ ص ٢٧٨

. . . . ثم قال : وذلك إذا انتهكت المحارم ، واكتسب المآثم ، وتسلط الأشرار على الأخيار ، ويفشو الكذب ، وتظهر الحاجة ، وتفشو الفاقة ، ويتباهون في الناس ، ويستحسنون الكوبة والمعازف ، وينكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . إلى أن قال : فأولئك يدعون في ملكوت السماء : الأرجاس الأنجاس . . . . الحديث .

ـ الكافي ج ١ ص ٩٣

محمد بن أبي عبد الله رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرق أبرة لغطاه ، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض ، إن كنت صادقاً فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول .

ـ الكافي ج ١ ص ٢٧٣

علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ، قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مع الأئمة ، وهو من الملكوت .

ـ الكافي ج ٢ ص ٢٦٣

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى للمساكين بالصبر ، وهم الذين يرون ملكوت السماوات والأرض .

ـ تفسير الإمام العسكري ص ٥١٣

وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين ، قوى الله

٨٥
 &

بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين ، فرأى رجلاً وامرأة على فاحشة فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما ، فأوحى الله تعالى إليه : يا إبراهيم أكفف دعوتك من عبادي وإمائي . . . . الحديث . انتهى . وروى نحوه في الكافي ج ٨ ص ٣٠٥ وفي كنز العمال ج ٤ ص ٢٦٩

ـ علل الشرائع ج ١ ص ١٣١

قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم عن أبيه ، عن ثابت بن دينار قال سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن الله جل جلاله : هل يوصف بمكان ؟ فقال : تعالى عن ذلك . قلت : فلم أسرى بنبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء ؟ قال : ليريه ملكوت السموات ، وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه . . . .

ـ علل الشرائع ج ١ ص ١٥

حدثنا علي بن أحمد ، عن محمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدثنا جعفر بن سليمان بن أيوب الخزاز قال : حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي علة جعل الله عز وجل الأرواح في الأبدان بعد كونها في ملكوته الأعلى في أرفع محل ؟ فقال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى علم أن الأرواح في شرفها وعلوها متى ما تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبية دونه عز وجل ، فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدر لها في ابتداء التقدير نظراً لها ورحمة بها ، وأحوج بعضها إلى بعض وعلق بعضها على بعض ورفع بعضها على بعض في الدنيا ، ورفع بعضها فوق بعض درجات في الآخرة ، وكفى بعضها ببعض .

قلت : فقول الله عز وجل : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ؟ قال : ذاك

٨٦
 &

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دنا من حجب النور فرأى ملكوت السموات ، ثم تدلى صلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض ، كقاب قوسين أو أدنى .

*       *

وقد روت مصادر إخواننا السنة عدداً من الروايات عن عالم الملكوت ، كالتي رواها أحمد في مسنده ج ٢ ص ٣٦٣ ، من حديث المعراج . . . . فلما نزلت وانتهيت إلى سماء الدنيا فإذا أنا برهج ودخان وأصوات فقلت من هؤلاء ؟ قال : الشياطين يحرفون على أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت السموات والأرض ، ولولا ذلك لرأت العجائب .

ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٧٨

وعن رقبة بن مصقلة قال لما حصر الحسين بن علي رضي الله عنهما قال : أخرجوني إلى الصحراء لعلي أتفكر أنظر في ملكوت السماوات يعني الآيات ، فلما أخرج به قال : اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس عليَّ ، وكان مما صنع الله له أنه احتسب نفسه . رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن رقبة لم يسمع من الحسن فيما أعلم ، وقد سمع من أنس فيما قيل .

من آيات وروايات عالم الخزائن

قال الله تعالى : وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ . وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ . وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ . الحجر ١٩ ـ ٢١

ـ الصحيفة السجادية ج ١ ص ٧١

اللهم يا منتهى مطلب الحاجات ، ويا من عنده نيل الطلبات ، ويا من لا يبيع نعمه بالأثمان ، ويا من لا يكدر عطاياه بالإمتنان ، ويا من يستغنى به ولا يستغنى عنه ،

٨٧
 &

ويا من يرغب إليه ولا يرغب عنه ، ويا من لا تفني خزائنه المسائل ، ويا من لا تبدل حكمته الوسائل ، ويا من لا تنقطع عنه حوائج المحتاجين ، ويا من لا يعنيه دعاء الداعين . . . .

ـ مصباح المتهجد ص ٤٦٧

سبحان الحي القيوم ، سبحان الدائم الباقي الذي لا يزول ، سبحان الذي لا تنقص خزائنه ، سبحان من لا ينفد ما عنده ، سبحان من لا تبيد معالمه ، سبحان من لا يشاور في أمره أحداً ، سبحان من لا إلۤه غيره .

ـ مصباح المتهجد ص ٥٧٨

الحمد لله الفاشي في الخلق أمره وحمده ، الظاهر بالكرم مجده ، الباسط بالجود يده ، الذي لا تنقص خزائنه ، ولا تزيده كثرة العطاء إلا كرماً وجوداً ، إنه هو العزيز الوهاب .

ـ مستدرك الحاكم ج ١ ص ٥٢٥

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يدعو : اللهم احفظني بالإسلام قائماً ، واحفظني بالإسلام قاعداً ، واحفظني بالإسلام راقداً ، ولا تشمت بي عدواً حاسداً . اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك ، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك . هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه .

هذا ما تيسر لنا تتبعه من الأحاديث الدالة على وجود الإنسان في عوالم قبل الدنيا . وفيها بحوث شريفة في عدد هذه العوالم وترتيبها وصفاتها ، قلما تعرض المتكلمون والمفسرون لبحثها .

وفيها بحوث أخرى في امتحان الإنسان فيها واختياره الكفر أو الإيمان قبل وصوله إلى عالم الأرض . وقد بحثها المفسرون والمتكلمون في باب الجبر والإختيار ، والقضاء والقدر .

٨٨
 &

ـ قال المجلسي رحمه‌الله في بحار الأنوار ج ٥ ص ٢٦٠

بيان : إعلم أن أخبار هذا الباب من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار ، ولأصحابنا رضي الله عنهم فيها مسالك :

منها ، ما ذهب إليه الأخباريون ، وهو أنا نؤمن بها مجملاً ، ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها ، وعن أنها من أي جهة صدرت ، ونرد علمها إلى الأئمة عليهم‌السلام .

ومنها ، أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة ، ولما ذهبت إليه الأشاعرة وهم جلهم ، ولمخالفتها ظاهراً لما مر من أخبار الإختيار والإستطاعة .

ومنها ، أنها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون ، فإنه تعالى لما خلقهم مع علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة .

ومنها ، أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابلياتهم ، وهذا أمر بين لا يمكن إنكاره ، فإنه لا شبهة في أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبا جهل ليسا في درجة واحدة من الإستعداد والقابلية ، وهذا لا يستلزم سقوط التكليف ، فإن الله تعالى كلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حسب ما أعطاه من الإستعداد لتحصيل الكمالات ، وكلف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك ، ولم يكلفه ما ليس في وسعه ، ولم يجبره على شئ من الشر والفساد .

ومنها ، أنه لما كلف الله تعالى الأرواح أولاً في الذر وأخذ ميثاقهم فاختاروا الخير والشر باختيارهم في ذلك الوقت ، وتفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دل عليه بعض الأخبار السابقة ، فلا فساد في ذلك .

ولا يخفى ما فيه وفي كثير من الوجوه السابقة ، وترك الخوض في أمثال تلك المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الإحاطة بكنهها أولى ، لا سيما في تلك المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها . ( مسألة القضا والقدر ) .

ولنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم ومخالفوهم .

فمنها : ما ذكره الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السروية حيث

٨٩
 &

سئل : ما قوله ـ أدام الله تأييده ـ في معنى الأخبار المروية عن الأئمة الهادية عليهم‌السلام في الأشباح وخلق الله تعالى الأرواح قبل خلق آدم عليه‌السلام بألفي عام ، وإخراج الذرية من صلبه على صور الذر ، ومعنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف .

الجواب : وبالله التوفيق ، إن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها ، وتتباين معانيها ، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة ، وصنفوا فيها كتباً لغوا فيها ، وهزئوا فيما أثبتوه منه في معانيها ، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق وتخرصوا الباطل بإضافتها إليهم ، من جملتها كتاب سموه كتاب ( الأشباح والأظلة ) نسبوه في تأليفه إلى محمد بن سنان ، ولسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه . وإن كان صحيحاً فإن ابن سنان قد طعن عليه وهو متهم بالغلو ، فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضلال لضال عن الحق ، وإن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك .

والصحيح من حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقاة بأن آدم عليه‌السلام رأى على العرش أشباحاً يلمع نورها فسأل الله تعالى عنها ، فأوحى إليه أنها أشباح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم ، وأعلمه أنه لولا الأشباح التي رآها ما خلقه ولا خلق سماءً ولا أرضاً . والوجه فيما أظهره الله تعالى من الأشباح والصور لآدم أن دله على تعظيمهم وتبجيلهم ، وجعل ذلك إجلالاً لهم ومقدمة لما يفترضه من طاعتهم ، ودليلاً على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم ، ولم يكونوا في تلك الحال صوراً مجيبة ، ولا أرواحاً ناطقة ، لكنها كانت على مثل صورهم في البشرية ، يدل على ما يكونوا عليه في المستقبل في الهيئة ، والنور الذي جعله عليهم يدل على نور الدين بهم وضياء الحق بحججهم . وقد روي أن أسماءهم كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش ، وأن آدم عليه‌السلام لما تاب إلى الله عز وجل وناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فأجابه ، وهذا غير منكر في العقول ولا مضاد للشرع المنقول ، وقد رواه الصالحون الثقاة المأمونون ، وسلم لروايته طائفة

٩٠
 &

الحق ، ولا طريق إلى إنكاره ، والله ولي التوفيق . انتهى .

ويدل كلام المفيد قدس‌سره أن الغلاة في عصره كانوا استغلوا أحاديث الأشباح والظلال وبنوا عليها أباطيل تخالف مذهب أهل البيت عليهم‌السلام فشنع بسببها الخصوم على المذهب ، فنفى المفيد دعوى الخصوم وفي نفس الوقت أثبت أحاديث الأشباح والظلال ، ثم فسرها بتفسير يفهمه العوام ولا يثير ثائرة الخصوم .

وقال في هامش الكافي ج ٢ ص ٣ :

الأخبار مستفيضة في أن الله تعالى خلق السعداء من طينة عليين ( من الجنة ) وخلق الأشقياء من طينة سجين ( من النار ) وكل يرجع إلى حكم طينته من السعادة والشقاء ، وقد أورد عليها : أولاً ، بمخالفة الكتاب . وثانياً ، باستلزام الجبر الباطل .

أما البحث الأول ، فقد قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ، وقال : وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ، فأفاد أن الإنسان مخلوق من طين ، ثم قال تعالى : وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا . . الآية . وقال : مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا . . الآية . فأفاد أن للإنسان غاية ونهاية من السعادة والشقاء ، وهو متوجه إليها سائر نحوها . وقال تعالى : كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ، فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ . . الآية . فأفاد أن ما ينتهي إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاء هو ما كان عليه في بدء خلقه وقد كان في بدء خلقه طيناً ، فهذه الطينة طينة سعادة وطينة شقاء ، وآخر السعيد إلى الجنة وآخر الشقي إلى النار ، فهما أولهما لكون الآخر هو الأول ، وحينئذ صح أن السعداء خلقوا من طينة الجنة والأشقياء خلقوا من طينة النار . وقال تعالى : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ، كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ . . الآيات . وهي تشعر بأن عليين وسجين هما ما ينتهي اليه أمر الأبرار والفجار من النعمة والعذاب ، فافهم .

وأما البحث الثاني ، وهو أن أخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين

٩١
 &

حتميين للإنسان ، ومعه لا يكون أحدهما اختيارياً كسبياً للإنسان وهو الجبر الباطل .

والجواب عنه ، أن اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها بل من قبل حكمه تعالى وقضائه ما قضى من سعادة وشقاء ، فيرجع الإشكال إلى سبق قضاء السعادة والشقاء في حق الإنسان قبل أن يخلق ، وإن ذلك يستلزم الجبر . وقد ذكرنا هذا الإشكال مع جوابه في باب المشيئة والإرادة في المجلد الأول من الكتاب ص ١٥٠ ، وحاصل الجواب : أن القضاء متعلق بصدور الفعل عن اختيار العبد فهو فعل اختياري في عين أنه حتمي الوقوع ، ولم يتعلق بالفعل سواء اختاره العبد أو لم يختره ، حتى يلزم منه بطلان الإختيار . وأما شرح ما تشمل عليه هذه الأخبار تفصيلاً فأمر خارج عن مجال هذا البيان المختصر ، فليرجع فيه إلى مطولات الشروح والتعاليق والله الهادي . ( الطباطبائي ) انتهى .

ونختم بالقول : إن مسألة وجود الإنسان في عوالم قبل عالم الأرض ، أوسع مما بحثه المتكلون والفلاسفة ، وهي تحتاج إلى تتبع كامل وبحث دقيق في أحاديثها الشريفة ، للتوصل إلى عدد تلك العوالم وصفاتها ، ولا يبعد أنها تحل كثيراً من المشكلات ، ومنها مشكلة الجبر والإختيار ، وقد تبين من مجموعها أن أخذ الميثاق تم من الذر المأخوذ من طين آدم كما في بعضها ، وفي عالم الظلال كما في بعضها ، ومن المحتمل أنه حصل في أكثر من عالم .

كما لا يصح استبعاد أن تكون الذرة إنساناً كاملاً عاقلاً بعد ما سمعنا عن عالم الذرة والجينات .

ولا يصح القول بأن عالم الذر هو عالم الملكوت وإن كان جزء من عالم الملكوت إلا من باب تسمية الجزء باسم الكل . والملكوت كما رأيت في آياته وأحاديثه شامل لعوالم الشهادة والغيب ، والبعد عن الله تعالى والحضور ، وعالم الذر أو الظلال واحد من عوالم الحضور .

٩٢
 &

الفطرة بمعنى الولادة في الإسلام

ـ الكافي ج ٨ ص ٣٤٠

قال علي بن الحسين : ولم يولد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من خديجة على فطرة الإسلام إلا فاطمة عليها‌السلام وقد كانت خديجة عليها‌السلام ماتت قبل الهجرة بسنة ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة ، فلما فقدهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد وأشفق على نفسه من كفار قريش ، فشكا إلى جبرئيل عليه‌السلام ذلك ، فأوحى الله عز وجل إليه : أخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة فليس لك اليوم بمكة ناصر ، وانصب للمشركين حرباً . فعند ذلك توجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة . انتهى . ورواه في بحار الأنوار ج ١٩ ص ١١٧

ـ مستدرك الوسائل ج ١١ ص ٥٨

وعن إسماعيل بن موسى ، بإسناده عن أبي البختري قال : لما انتهى علي عليه‌السلام إلى البصرة خرج أهلها . . . . إلى أن قال : فقاتلوهم وظهروا عليهم وولوا منهزمين ، فأمر علي منادياً ينادي : لا تطعنوا في غير مقبل ، ولا تطلبوا مدبراً ، ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وما كان بالعسكر فهو لكم مغنم ، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عز وجل ، فقام إليه قوم من أصحابه فقالوا : يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم ؟ فقال : لأن القوم على الفطرة ، وكان لهم ولاء قبل الفرقة ، وكان نكاحهم لرشدة . فلم يرضهم ذلك من كلامه . فقال لهم : هذه السيرة في أهل القبلة فأنكرتموها ، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه ؟ ! فرضوا بما قال ، فاعترفوا صوابه وسلموا لأمره . انتهى . ورواه المغربي في شرح الأخبار ج ١ ص ٣٩٥ ، وروته أيضاً مصادر التاريخ .

٩٣
 &

القول بأن من ولد في الإسلام فهو من أهل الجنة

ـ الدر المنثور ج ٢ ص ١١٥

وأخرج البيهقي عن ابن عابد قال : خرج رسول الله صلی الله عليه وسلم في جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطاب : لا تصل عليه يا رسول الله فإنه رجل فاجر ، فالتفت رسول الله صلی الله عليه وسلم إلى الناس قال : هل رآه أحد منكم على الإسلام ؟ فقال رجل : نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله ، فصلى عليه رسول الله صلی الله عليه وسلم وحثى عليه التراب وقال : أصحابك يظنون أنك من أهل النار ، وأنا أشهد أنك من أهل الجنة . وقال : يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال الناس ولكن تسأل عن الفطرة .

ـ صحيح مسلم ج ٢ ص ٤

. . . . فسمع رجلاً يقول الله اكبر ، الله اكبر ، فقال رسول الله صلی الله عليه وسلم : على الفطرة ثم قال : أشهد أن لا إلۤه إلا الله أشهد أن لا إلۤه إلا الله ، فقال رسول الله صلی الله عليه وسلم : خرجت من النار ، فنظروا فإذا هو راعي معزى .

ـ كنز العمال ج ٨ ص ٣٦٦

كنا مع رسول الله صلی الله عليه وسلم في سرية فسمعنا منادياً ينادي : الله اكبر ، الله اكبر ، فقال النبي صلی الله عليه وسلم : على الفطرة فقال : أشهد أن لا إلۤه إلا الله ، قال : خرج من النار ، فابتدرناه فإذا هو شاب حبشي يرعى غنماً له في واد ، فأدرك صلاة المغرب فأذن لنفسه ـ أبو الشيخ .

ـ سنن الترمذى ج ٣ ص ٨٧

. . . . واستمع ذات يوم فسمع رجلاً يقول : الله اكبر ، الله اكبر ، فقال : على الفطرة ، فقال : أشهد أن لا إلۤه إلا الله ، قال خرجت من النار .

٩٤
 &

ـ مسند أحمد ج ٣ ص ٢٤١

. . . نحن مع رسول الله صلی الله عليه وسلم في سفر إذ سمع رجلاً يقول الله اكبر ، الله اكبر ، فقال النبي صلی الله عليه وسلم : على الفطرة ، قال أشهد ان لا إلۤه إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، فقال النبي صلی الله عليه وسلم : خرج هذا من النار . انتهى .

وقد صحت الروايات عند اخواننا أن الخليفة عمر قد وسع دائرة شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى تشمل المنافقين بل والكفار ، بل صحت رواياتهم بأن مذهب الخليفة عمر أن جهنم تنتهي بعد مدة وينقل أهلها إلى الجنة . . إلخ . وسيأتي ذلك في بحث الشفاعة إن شاء الله تعالى .

الفطرة والنبوة والشرائع الإلۤهية

ـ الكافي ج ٨ ص ٤٢٤

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كانت شريعة نوح عليه‌السلام أن يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها ، وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين أن يعبدوا الله تبارك وتعالى ولا يشركوا به شيئاً ، وأمر بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام ، ولم يفرض عليه أحكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعته ، فلبث فيهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم سراً وعلانية ، فلما أبوا وعتوا قال : رب إني مغلوب فانتصر . فأوحى الله عز وجل إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يعملون . فلذلك قال نوح عليه‌السلام : ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً . فأوحى الله عز وجل إليه : أن اصنع الفلك . انتهى . ورواه العياشي في تفسيره ج ٢ ص ١٤٤ ، ورواه في بحار الأنوار ج ١١ ص ٣٣١

٩٥
 &

ـ الكافي ج ٢ ص ١٧

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن محمد بن مروان ، جميعاً عن أبان بن عثمان ، عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أعطى محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم‌السلام : التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد والفطرة الحنفية السمحة لا رهبانية ولا سياحة ، أحل فيها الطيبات وحرم فيها الخبائث ، ووضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، ثم افترض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام والمواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل الله ، وزاده الوضوء ، وفضله بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة والمفصل ، وأحل له المغنم والفئ ، ونصره بالرعب ، وجعل له الأرض مسجداً وطهوراً ، وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود والجن والإنس ، وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم ، ثم كلفه ما لم يكلف أحداً من الأنبياء ، أنزل عليه سيف من السماء في غير غمد وقيل له : قاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك .

ـ ورواه في بحار الأنوار ج ٧٢ ص ٣١٧ وقال :

تبيين : قوله عليه‌السلام ( شرايع نوح ) يحتمل أن يكون المراد بالشرايع أصول الدين ويكون التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد بياناً لها ، والفطرة الحنيفية معطوفة على الشرايع ، وإنما خص عليه‌السلام ما به الإشتراك بهذه الثلاثة ، مع اشتراكه عليه‌السلام معهم في كثير من العبادات لاختلاف الكيفيات فيها دون هذه الثلاثة ، ولعله عليه‌السلام لم يرد حصر المشتركات فيما ذكر لعدم ذكر السائل أصول الدين كالعدل والمعاد ، مع أنه يمكن إدخالها بعض ما ذكر ، لا سيما الإخلاص بتكلف .

ويمكن أن يكون المراد منها الأصول وأصول الفروع المشتركة وإن اختلفت في

٩٦
 &

الخصوصيات والكيفيات ، وحينئذ يكون جميع تلك الفقرات إلى قوله عليه‌السلام ( وزاده ) بياناً للشرايع ، ويشكل حينئذ ذكر الرهبانية والسياحة ، إذ المشهور أن عدمهما من خصائص نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلا أن يقال المراد عدم الوجوب وهو مشترك ، أو يقال إنهما لم يكونا في شريعة عيسى عليه‌السلام أيضاً .

وإن استشكل بالجهاد وأنه لم يجاهد عيسى عليه‌السلام فالجواب أنه يمكن أن يكون واجباً عليه لكن لم يتحقق شرائطه ، ولذا لم يجاهد .

ولعل قوله عليه‌السلام ( زاده وفضله ) بهذا الوجه أوفق .

وكأن المراد بالتوحيد نفي الشريك في الخلق ، وبالإخلاص نفي الشريك في العبادة ، وخلع الأنداد تأكيد لهما ، أو المراد به ترك أتباع خلفاء الجور وأئمة الضلالة أو نفي الشرك الخفي ، أو المراد بالإخلاص نفي الشرك الخفي ، وبخلع الأنداد نفي الشريك في استحقاق العبادة .

والأنداد : جمع ند ، وهو مثل الشئ الذي يضاده في أموره ، ويناده أي يخالفه .

والفطرة : ملة الإسلام التي فطر الله الناس عليها ، كما مر .

والحنيفية : المائلة من الباطل إلى الحق ، أو الموافقة لملة إبراهيم عليه‌السلام قال في النهاية : الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم ، وأصل الحنف الميل ، ومنه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة السهلة ، وفي القاموس : السمحة الملة التي ما فيها ضيق .

ـ بحار الأنوار ج ٧٦ ص ٦٨

مكا : عن الصادق عليه‌السلام قال : كان بين نوح وإبراهيم عليهما‌السلام ألف سنة ، وكانت شريعة إبراهيم بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وهي الحنيفية . وأخذ عليه ميثاقه وأن لا يعبد إلا الله ، ولا يشرك به شيئاً ، قال : وأمره بالصلاة والأمر والنهي ولم يحكم له أحكام فرض المواريث ، وزاده في الحنيفية :

٩٧
 &

الختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار وحلق العانة ، وأمره ببناء البيت والحج والمناسك ، فهذه كلها شريعته عليه‌السلام .

معنى الفطرة والصبغة

ـ تفسير التبيان ج ١ ص ٤٨٥

قوله تعالى : صِبْغَةَ اللَّهِ ، معناه فطرة الله في قول الحسن وقتادة وأبي العالية ومجاهد وعطية وابن زيد والسدي .

وقال الفراء والبلخي : إنه شريعة الله في الختان الذي هو التطهير .

وقوله صِبْغَةَ اللَّهِ ، مأخوذ من الصبغ ، لأن بعض النصارى كانوا إذا ولد لهم مولود جعلوه في ماء طهور يجعلون ذلك تطهيراً له ويسمونه العمودية ، فقيل صبغة الله أي تطهير الله ، تطهيركم بتلك الصبغة وهو قول الفراء .

وقال قتادة : اليهود تصبغ أبناءها يهوداً والنصارى تصبغ أبناءها نصارى ، فهذا غير المعنى الأول ، وإنما معناه أنهم يلقنون أولادهم اليهودية والنصرانية ، فيصبغونهم بذلك لما يشربون قلوبهم منه ، فقيل صبغة الله التي أمر بها ورضيها يعني الشريعة ، لا صبغتكم .

وقال الجبائي : سمي الدين صبغة لأنه هيئة تظهر بالمشاهدة من أثر الطهارة والصلاة وغير ذلك من الآثار الجميلة التي هي كالصبغة ، وقال أمية :

في صبغة الله كان إذ نسي الـ

ـعهد وخلى الصواب إذ عزما

ـ تفسير التبيان ج ٣ ص ٣٣٤

وقوله : وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ : اختلفوا في معناه فقال ابن عباس ، والربيع بن أنس ، عن أنس : إنه الإخصاء ، وكرهوا الإخصاء في البهائم ، وبه قال سفيان ، وشهر بن حوشب ، وعكرمة ، وأبو صالح . وفي رواية أخرى عن ابن عباس : فليغيرن دين الله ، وبه قال إبراهيم ومجاهد ، وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام . قال

٩٨
 &

مجاهد : كذب العبد يعني عكرمة في قوله إنه الإخصاء ، وإنما هو تغيير دين الله الذي فطر الناس عليه في قوله : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ . وهو قول قتادة والحسن والسدي والضحاك وابن زيد .

ـ وقال الكفعمي في المصباح ص ٣٤٠

الفاطر أي المبتدع لأنه فطر الخلق أي ابتدعهم ، وخلقهم من الفطر وهو الشق ، ومنه : إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ ، أي انشقت ، وقوله : تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ ، أي يتشققن كأنه سبحانه شق العدم بإخراجنا منه ، وقوله تعالى : فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ أي مبدئ خلقها .

ـ بحار الأنوار ج ٣ ص ٢٧٦ ـ ٢٨١

سن : المحسن بن أحمد ، عن أبان الأحمر ، عن أبي جعفر الأحول ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : عروة الله الوثقى التوحيد ، والصبغة الإسلام .

بيان : قال البيضاوي في قوله تعالى : صِبْغَةَ اللَّهِ : أي صبغنا الله صبغته وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ، فإنها حلية الإنسان ، كما أن الصبغة حلية المصبوغ ، أو هدانا هدايته وأرشدنا حجته ، أو طهر قلوبنا بالإيمان تطهيره . وسماه صبغة لأنه ظهر أثره عليهم ظهور الصبغ على المصبوغ ، وتداخل قلوبهم تداخل الصبغ الثوب ، أو للمشاكلة فإن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه العمودية ويقولون هو تطهير لهم وبه تحقق نصرانيتهم .

ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن أبان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ، قال : هي الإسلام .

ـ شف : من كتاب القاضي القزويني ، عن هارون بن موسى التلعكبري ، عن محمد بن سهل ، عن الحميري ، عن ابن يزيد ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، قال

٩٩
 &

: هي التوحيد ، وأن محمداً رسول الله ، وأن علياً أمير المؤمنين .

شي : عن زرارة ، عن أبي جعفر وحمران ، عن أبي عبد الله عليهما‌السلام قال : الصبغة الإسلام .

شي : عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ، قال : الصبغة معرفة أمير المؤمنين عليه‌السلام بالولاية في الميثاق .

ـ بحار الأنوار ج ١ ص ٢٠٩

ل : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن الأشعري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن حكم بن بهلول ، عن ابن همام ، عن ابن أذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت علياً عليه‌السلام يقول لأبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني : يا أبا الطفيل العلم علمان : علم لا يسع الناس إلا النظر فيه وهو صبغة الإسلام ، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه وهو قدرة الله عز وجل .

بيان : قال الفيروزآبادي : الصبغة بالكسر : الدين والملة ، وصبغة الله : فطرة الله ، أو التي أمر الله بها محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي الختانة . انتهى .

أقول : المراد بالصبغة هنا الملة أوكل ما يصبغ الإنسان بلون الإسلام من العقائد الحقة ، والأعمال الحسنة ، والأحكام الشرعية .

وقدرة الله تعالى لعل المراد بها هنا تقدير الأعمال ، وتعلق قدرة الله بخلقها ، أي علم القضاء والقدر والجبر والإختيار ، فإنه قد نهي عن التفكر فيها .

وفي نهج البلاغة : أنه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد سئل عن القدر فقال : طريق مظلم فلا تسلكوه . انتهى .

ـ بحار الأنوار ج ٦٧ ص ١٣٠

البقرة ـ ١٣٨ : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ .

الروم ـ ٣٠ : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .

١٠٠