العقائد الإسلاميّة - ج ١

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

العقائد الإسلاميّة - ج ١

المؤلف:

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-118-4
ISBN الدورة:
964-319-117-6

الصفحات: ٣٧٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

ـ كشف الغطاء ص ٤

. . . ثم لا تجب على الأمم اللاحقة معرفة الأنبياء السابقين ، نعم ربما وجب معرفة أن لله أنبياء قد سبقت دعوتهم وانقرضت ملتهم على الإجمال . ويجب معرفة عصمته بالدليل ، ويكفي فيه أنه لو جاز عليه الخطأ والخطيئة لم يبق وثوق بإخباره ولا اعتماد على وعده ووعيده ، فتنتفي فائدة البعثة .

يعرف النبي بالمعجزة والإمام بالنص والمعجزة

ـ رسائل الشريف المرتضى ج ٣ ص ١٨

باب ما يجب اعتقاده في النبوة . متى علم الله سبحانه أن لنا في بعض الأفعال مصالح وألطافاً ، أو فيها ما هو مفسدة في الدين ، والعقل لا يدل عليها ، وجب بعثة الرسول لتعريفه ، ولا سبيل إلى تصديقه إلا بالمعجز . وصفة المعجز أن يكون خارقاً للعادة ، ومطابقاً لدعوى الرسول ومتعلقاً بها ، وأن يكون متعذراً في جنسه أو صفته المخصوصة على الخلق ، ويكون من فعله تعالى أو جارياً مجرى فعله تعالى ، وإذا وقع موقع التصديق فلا بد من دلالته على المصدق وإلا كان قبيحاً .

. . . باب ما يجب إعتقاده في الإمامة وما يتصل به أوجب في الإمام عصمته ، لأنه لو لم يكن كذلك لكانت الحاجة إليه فيه ، وهذا يتناهى من الرؤساء والإنتهاء إلى رئيس معصوم . وواجب أن يكون أفضل من رعيته وأعلم ، لقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما كان أفضل منه فيه في العقول . فإذا وجبت عصمته وجب النص من الله تعالى عليه وبطل اختيار الإمامة ، لأن العصمة لا طريق للأنام إلى العلم بمن هو عليها .

ـ الإقتصاد للشيخ الطوسي ص ١٥١

ولا طريق إلى معرفة النبي إلا بالمعجز ، والمعجز في اللغة عبارة عمن جعل غيره عاجزاً ، مثل المقدور الذي يجعل غيره قادراً إلا أنه صار بالعرف عبارة عما

٢٨١
 &

يدل على صدق من ظهر على يده واختص به ، والمعتمد على ما في العرف دون مجرد اللغة .

والمعجز يدل على ما قلناه بشروط : أولها أن يكون خارقاً للعادة ، والثاني يكون من فعل الله أو جارياً مجرى فعله ، والثالث أن يتعذر على الخلق جنسه أو صفته المخصوصة ، والرابع أن يتعلق بالمدعى على وجه التصديق لدعواه .

. . . فعلى هذا لا يلزم أن يظهر الله على يد كل إمام معجزاً ، لأنه يجوز أن يعلم إمامته بنص أو طريق آخر ، ومتى فرضنا أنه لا طريق إلى معرفة إمامته إلا المعجز وجب إظهار ذلك عليه وجرى مجرى النبي سواء ، لأنه لا بد لنا من معرفته كما لا بد لنا من معرفة النبي المتحمل لمصالحنا . ولو فرضنا في نبي علمنا نبوته بالمعجز أنه نص على نبي آخر لأغنى ذلك عن ظهور المعجز على يد النبي الثاني ، بأن نقول : النبي الأول أعلمنا أنه نبي ، كما يعلم بنص إمام على إمامته ولا يحتاج إلى معجز .

وتجب معرفة الأئمة لأن الله تعالى فرض طاعتهم

ـ رسائل الشهيد الثاني ج ٢ ص ١٤٥

الأصل الرابع : التصديق بإمامة الإثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين ، وهذا الأصل اعتبرته في تحقق الإيمان الطائفة المحقة الإمامية ، حتى أنه من ضروريات مذهبهم ، دون غيرهم من المخالفين ، فإنه عندهم من الفروع . . . .

ـ الكافي ج ١ ص ١٨٠

عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه ، عمن ذكره ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا ، أبواباً أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها . . . . إنما يتقبل الله من المتقين ، فمن اتقى الله فيما أمره لقى الله مؤمناً بما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا

٢٨٢
 &

أنهم آمنوا ، وأشركوا من حيث لا يعلمون . إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى ، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله ، وطاعة رسوله بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الإقرار بما أنزل من عند الله عز وجل ، خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، فإنه أخبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار . إن الله قد استخلص الرسل لأمره ، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره فقال : وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ، تاه من جهل ، واهتدى من أبصر وعقل . إن الله عز وجل يقول : فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ، وكيف يهتدي من لا يبصر ؟ وكيف يبصر من لم يتدبر ؟ إتبعوا رسول الله وأهل بيته وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى ، فإنهم علامات الإمامة والتقى ، واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى ابن مريم عليه‌السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن . اقتصوا الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار ، تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم . . . .

ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى : الطاعة للإمام بعد معرفته ، ثم قال : إن الله تبارك وتعالى يقول : مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا .

ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء عن أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح قال : أشهد أني سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أشهد أن علياً إمام فرض الله طاعته ، وأن الحسن إمام فرض الله طاعته ، الحسين إمام فرض الله طاعته ، وأن علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته ، وأن محمد بن علي إمام فرض الله طاعته .

٢٨٣
 &

ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز وجل : وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا . قال : الطاعة المفروضة .

ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : نحن قوم فرض الله عز وجل طاعتنا ، ولنا صفوا المال ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله : أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ .

ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : ذكرت لأبي عبد الله عليه‌السلام قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة قال فقال : نعم ، هم الذين قال الله تعالى : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ . وهم الذين قال الله عز وجل : إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا .

ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن محمد ، عن معمر بن خلاد قال : سأل رجل فارسي الحسن عليه‌السلام فقال : طاعتك مفترضة ؟ فقال نعم ، قال : مثل طاعة علي ابن أبي طالب عليه‌السلام ؟ فقال : نعم .

ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة عن بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن الأئمة هل يجرون في الأمر والطاعة مجرى واحداً ؟ قال : نعم .

ـ علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن الفضيل قال : سألته عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل ، قال : أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : حبنا إيمان وبغضنا كفر .

ـ محمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان ، عن عبد الله بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، قال : قلت لأبي

٢٨٤
 &

جعفر عليه‌السلام : أعرض عليك ديني الذي أدين الله عز وجل به ؟ قال : فقال هات ، قال فقلت : أشهد أن لا إلۤه إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله ، وأن علياً كان إماماً فرض الله طاعته ، ثم كان بعده الحسن إماماً فرض الله طاعته ، ثم كان بعده الحسين إماماً فرض الله طاعته ، ثم كان بعده علي بن الحسين إماماً فرض الله طاعته حتى انتهى الأمر إليه ، ثم قلت : أنت يرحمك الله ؟ قال : فقال : هذا دين الله ودين ملائكته .

ـ دعائم الإسلام ج ١ ص ٥٢

. . . ثم قال أبو عبد الله جعفر بن محمد صلى الله عليه : . . . . وإنما يقبل الله عز وجل العمل من العباد بالفرائض التي افترضها عليهم بعد معرفة من جاء بها من عنده ، ودعاهم إليه ، فأول ذلك معرفة من دعا إليه ، وهو الله الذي لا إلۤه إلا هو وحده والإقرار بربوبيته ، ومعرفة الرسول الذي بلغ عنه ، وقبول ما جاء به ، ثم معرفة الوصي ، ثم معرفة الأئمة بعد الرسل الذين افترض الله طاعتهم في كل عصر وزمان على أهله ، والإيمان والتصديق بأول الرسل والأئمة وآخرهم . ثم العمل بما افترض الله عز وجل على العباد من الطاعات ظاهراً وباطناً ، واجتناب ما حرم الله عز وجل عليهم ظاهره وباطنه . . . .

ـ الهداية للصدوق ص ٦

باب الإمامة . يجب أن يعتقد أن الإمامة حق ، كما اعتقد أن النبوة حق ، ويعتقد أن الله عز وجل الذي جعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نبياً هو الذي جعل الإمام إماماً ، وأن نصب الإمام واختياره إلى الله عز وجل ، وأن فضله منه .

ويجب أن يعتقد أنه يلزمنا من طاعة الإمام ما يلزمنا من طاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكل فضل آتاه الله عز وجل نبيه فقد آتاه الإمام إلا النبوة . . . .

باب معرفة الأئمة الذين هم حجج الله على خلقه بعد نبيه صلوات الله عليه وعليهم بأسمائهم .

٢٨٥
 &

يجب أن يعتقد أن حجج الله عز وجل على خلقه بعد نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الأئمة الإثنا عشر : أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم الرضا علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي ، ثم الحجة القائم صاحب الزمان خليفة الله في أرضه ، صلوات الله عليهم أجمعين .

ويجب أن يعتقد أنهم أولوا الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ، وأنهم الشهداء على الناس ، وأنهم أبواب الله والسبيل إليه والأدلاء عليه ، وأنهم عيبة علمه وتراجمة وحيه وأركان توحيده ، وأنهم معصومون من الخطأ والزلل ، وأنهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وأن لهم المعجزات والدلائل ، وأنهم أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماوات ، ومَثَلُهم في هذه الأمة كمثل سفينة نوح وباب حطة الله ، وأنهم عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون . ويجب أن يعتقد أن حبهم إيمان وبغضهم كفر ، وأن أمرهم أمر الله ونهيهم نهي الله ، وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله ، ووليهم ولي الله وعدوهم عدو الله .

ويجب أن يعتقد أن حجة الله في أرضه وخليفته على عباده في زماننا هذا هو القائم المنتظر ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام وأنه هو الذي أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله به عن الله عز وجل بإسمه ونسبه ، وأنه هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، وأنه هو الذي يظهر الله عز وجل به دينه صلى‌الله‌عليه‌وآله على الدين كله ولو كره المشركون ، وأنه هو الذي يفتح الله عز وجل على يده مشارق الأرض ومغاربها ، حتى لا يبقى مكان إلا ينادى فيه بالأذان ويكون الدين كله لله ، وأنه هو المهدي الذي إذا خرج نزل عيسى بن مريم عليه‌السلام فصلى خلفه ، ويكون إذا صلى خلفه مصلياً خلف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه خليفته .

٢٨٦
 &

ويجب أن يعتقد أنه لا يجوز أن يكون القائم غيره ، بقي في غيبته ما بقي ، ولو بقي في غيبته عمر الدنيا لم يكن القائم غيره ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام عرفوا باسمه ونسبه ونصوا به وبشروا .

ويجب أن يتبرأ إلى الله عز وجل من الأوثان الأربعة : يغوث ويعوق ونسر وهبل ، ومن الأنداد الأربع اللات والعزى ومناة والشعرى ، وممن عبدوهم ومن جميع أشياعهم وأتباعهم ، ويعتقد فيهم أنهم أعداء الله وأعداء رسوله وأنهم شر خلق الله ، ولا يتم الإقرار بجميع ما ذكرناه إلا بالتبري منهم .

ـ المقنعة ص ٣٢

ويجب على كل مكلف أن يعرف إمام زمانه ، ويعتقد إمامته وفرض طاعته ، وأنه أفضل أهل عصره وسيد قومه ، وأنهم في العصمة والكمال كالأنبياء عليهم‌السلام ويعتقد أن كل رسول لله تعالى فهو نبي إمام ، وليس كل إمام نبياً ولا رسولاً ، وأن الأئمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجج الله تعالى وأوليائه وخاصة أصفياء الله ، أولهم وسيدهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، عليه أفضل السلام وبعده الحسن والحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي بن الحسين ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي بن موسى ، ثم علي بن محمد بن علي ، ثم الحسن بن علي بن محمد ، ثم الحجة القائم بالحق ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى عليهم‌السلام لا إمامة لأحد بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غيرهم ، ولا يستحقها سواهم ، وأنهم الحجة على كافة الأنام كالأنبياء عليهم‌السلام وأنهم أفضل خلق الله بعد نبيه عليه وآله السلام ، والشهداء على رعاياهم يوم القيامة ، كما أن الأنبياء عليهم‌السلام شهداء الله على أممهم ، وأنه بمعرفتهم وولايتهم تقبل الأعمال ، وبعداوتهم والجهل بهم يستحق النار .

ـ رسائل الكركي ج ٢ ص ٢٩٨

مسألة : معرفة تعداد الأئمة عليهم‌السلام شرط في صحة عقد النكاح ، أم يكفي معرفتهم

٢٨٧
 &

وإعتقاد إمامتهم إجمالاً من الزوجين من غير معرفة التعداد على الترتيب أو من غير تعداد مطلقاً ؟

الجواب : إن كانت الزوجة عارفة فلا بد من معرفة الزوج .

ـ العروة الوثقى ج ٢ ص ٣١٨

مسألة : استشكل بعض العلماء في جواز إعطاء الزكاة لعوام المؤمنين الذين لا يعرفون الله إلا بهذا اللفظ ، أو النبي أو الأئمة كلاً أو بعضاً ، شيئاً من المعارف ، الخمس واستقرب عدم الإجزاء ، بل ذكر بعض آخر أنه لا يكفي معرفة الأئمة بأسمائهم بل لا بد في كل واحد أن يعرف أنه من هو وابن من ، فيشترط تعيينه وتمييزه عن غيره ، وأن يعرف الترتيب في خلافتهم ، ولو لم يعلم أنه هل يعرف ما يلزم معرفته أم لا يعتبر الفحص عن حاله ، ولا يكفي الإقرار الإجمالي بأني مسلم مؤمن واثني عشري . وما ذكروه مشكل جداً ، بل الأقوى كفاية الإقرار الإجمالي وإن لم يعرف أسماؤهم أيضاً فضلاً عن أسماء آبائهم والترتيب في خلافتهم .

وتجب معرفتهم لأن الله تعالى فرض مودتهم

ـ الغدير للأميني ج ٢ ص ٣٢٤

أخرج القاضي عياض في الشفاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : معرفة آل محمد براءة من النار ، وحب آل محمد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمد أمان من العذاب . ويوجد في الصواعق ص ١٣٩ ، والإتحاف ص ١٥ ، ورشفة الصادي ص ٤٥٩ .

ـ الغدير ج ٢ ص ٣٠٧

أخرج الحافظ أبو عبد الله الملا في سيرته أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي ، وإني سائلكم غداً عنهم . ورواه محب الدين الطبري في الذخائر ص ٢٥ وابن حجر في الصواعق ص ١٠٢ و ١٣٦ والسمهودي في جواهر العقدين .

٢٨٨
 &

قال جابر بن عبد الله : جاء أعرابي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : يا محمد أعرض على الإسلام .

فقال : تشهد أن لا إلۤه إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله .

قال : تسألني عليه أجراً قال : لا ، إلا المودة في القربى .

قال : قرابتي أو قرابتك !

قال : قرابتي .

قال : هات أبايعك ، فعلى من لا يحبك ولا يحب قرابتك لعنة الله .

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : آمين .

أخرجه الحافظ الكنجي في الكفاية ص ٣١ من طريق الحافظ أبي نعيم ، عن محمد بن أحمد بن مخلد ، عن الحافظ ابن أبي شيبة بإسناده .

وأخرج الحافظ الطبري ، وابن عساكر ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، بعدة طرق عن أبي أمامة الباهلي ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله خلق الأنبياء من أشجار شتى ، وخلقني من شجرة واحدة ، فأنا أصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمرها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى ، ولو أن عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام ، ثم لم يدرك محبتنا ، أكبه الله على منخريه في النار . ثم تلا : قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ .

ـ الغدير ج ١ ص ٢٤٢

شمس الدين أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى ٦٥٤ ، رواه في تذكرته ص ١٩ قال : ذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده أن النبي صلی الله عليه وسلم لما قال ذلك ( يعني حديث الولاية ) طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتاه على ناقة له فأناخها على باب المسجد ، ثم عقلها وجاء فدخل في المسجد فجثا بين يدي رسول الله صلی الله عليه وسلم فقال :

٢٨٩
 &

يا محمد إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إلۤه إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ذلك ، وإنك أمرتنا أن نصلي خمس صلوات في اليوم والليلة ونصوم رمضان ونحج البيت ونزكي أموالنا فقبلنا منك ذلك ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه . فهذا شئ منك أو من الله ؟ !

فقال رسول الله صلی الله عليه وسلم وقد احمرت عيناه : والله الذي لا إلۤه إلا هو ما هو إلا من الله .

فولى الحرث وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فأرسل من السماء علينا حجارة أو ائتنا بعذاب أليم ! قال : فوالله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر فوقع على هامته فخرج من دبره ومات ، وأنزل الله تعالى : سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ . الآيات . . . .

شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي المتوفى ٩٧٧ ( المترجم ص ١٣٥ ) قال : في تفسيره السراج المنير ٤ ص ٣٦٤ : اختلف في هذا الداعي فقال ابن عباس : هو النضر بن الحرث ، وقيل : هو الحرث بن النعمان . . . . انتهى .

ملاحظة : لا ينافي هذا الحديث نزول الآية في مكة ، لأن ما وقع في المدينة يكون تأويلها ، فيكون المعنى أن الحرث الفهري هو السائل بالعذاب الذي أخبر عنه الله تعالى قبل ذلك ، أو يكون مصداقاً للسائلين بالعذاب .

على أنه لا مانع من القول بنزول جبرئيل مرة أخرى بالآية مؤكداً حادثة تأويلها ، بل لا مانع من نزول الآية مرتين .

ـ الشفا للقاضي عياض جزء ٢ ص ٤٧

فصل . ومن توقيره صلی الله عليه وسلم وبره بر آله وذريته وأمهات المؤمنين أزواجه كما حض عليه صلی الله عليه وسلم وسلكه السلف الصالح رضي الله عنهم ، قال الله تعالى : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ، الآية . وقال تعالى : وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ .

٢٩٠
 &

أخبرنا الشيخ أبو محمد بن أحمد العدل من كتابه وكتبت من أصله ، حدثنا أبو الحسن المقري الفرغاني ، حدثتني أم القاسم بنت الشيخ أبي بكر الخفاف ، قالت حدثني أبي حدثنا خاتم هو ابن عقيل ، حدثنا يحيى هو ابن اسماعيل ، حدثنا يحيى هو الحمائي ، حدثنا وكيع ، عن أبيه ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : أنشدكم الله أهل بيتي ، ثلاثاً . قلنا لزيد : من أهل بيته ؟ قال آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس .

وقال صلی الله عليه وسلم : إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما .

وقال صلی الله عليه وسلم : معرفة آل محمد صلی الله عليه وسلم براءة من النار ، وحب آل محمد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمد أمان من العذاب .

قال بعض العلماء : معرفتهم هي معرفة مكانهم من النبي صلی الله عليه وسلم وإذا عرفهم بذلك ، عرف وجوب حقهم وحرمتهم بسببه . انتهى .

ونلاحظ أن القاضي عياضاً قد بتر حديث الغدير الذي يرويه مسلم وغيره ، فلم يرو إلا جزءً من آخره ، ثم فسر معرفة آل محمد بأنها معرفة نسبهم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو معرفة معزته لهم ، مدعياً أن الإنسان يستحق براءة من النار ! ! وهذا من عجائب الفتاوى التي تجعل الجنة مشروطة بمعرفة نسب آل النبي صلى الله عليه وعليهم ! أما اتِّباعهم وإطاعتهم ، وموالاة من وليهم ومعاداة عدوهم فلا يجب منه شئ . . !

وقد تعرض السيد شرف الدين لهذا الحديث في المراجعات ص ٨٢ وقال في هامشه :

أورده القاضي عياض في الفصل الذي عقده لبيان أن من توقيره وبره صلى‌الله‌عليه‌وآله بر آله وذريته ، من كتاب الشفا في أول ص ٤٠ من قسمه الثاني طبع الآستانة سنة ١٣٢٨ ، وأنت تعلم أن ليس المراد من معرفتهم هنا مجرد معرفة أسمائهم وأشخاصهم وكونهم أرحام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن أبا جهل وأبا لهب ليعرفان ذلك كله ، وإنما المراد

٢٩١
 &

معرفة أنهم أولوا الأمر بعد رسول الله على حد قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية . انتهى .

ومن الطريف أن القاضي عياضاً روى بعد هذا الحديث أحاديث أخرى تفسر معرفة أهل البيت عليهم‌السلام بخلاف ما فسرها ، قال :

وعن عمر بن أبي سلمة لما نزلت : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ، الآية ـ وذلك في بيت أم سلمة ـ دعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .

وعن سعد بن أبي وقاص لما نزلت آية المباهلة دعا النبي صلی الله عليه وسلم علياً وحسناً وحسيناً وفاطمة وقال : اللهم هؤلاء أهلي .

وقال النبي صلی الله عليه وسلم في علي : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . وقال فيه : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق . . . . وقال أبو بكر رضي‌الله‌عنه : إرقبوا محمداً في أهل بيته . انتهى !

وتجب معرفتهم لأن الله تعالى فرض الصلاة عليهم

ـ رسائل الشريف المرتضى ج ٢ ص ٢٤٩

الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة . بسم الله الرحمن الرحيم . قال رضي‌الله‌عنه : مما يدل أيضاً على تقديمهم عليهم‌السلام وتعظيمهم على البشر أن الله تعالى دلنا على أن المعرفة بهم كالمعرفة به تعالى في أنها إيمان وإسلام ، وإن الجهل والشك فيهم كالجهل به والشك فيه في أنه كفر وخروج من الإيمان ، وهذه منزلة ليس لأحد من البشر إلا لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده لأمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمة من ولده على جماعتهم السلام . لأن المعرفة بنبوة الأنبياء المتقدمين من آدم إلى عيسى عليهم‌السلام أجمعين غير واجبة علينا ولا تعلق لها بشئ من تكاليفنا ، ولولا أن القرآن ورد بنبوة من سمي فيه من الأنبياء المتقدمين

٢٩٢
 &

فعرفناهم تصديقاً للقرآن وإلا فلا وجه لوجوب معرفتهم علينا ، ولا تعلق لها بشئ من أحوال تكليفنا .

وبقي علينا أن ندل على أن الأمر على ما ادعيناه .

والذي يدل على أن المعرفة بإمامة من ذكرناه عليهم‌السلام من جملة الإيمان وأن الإخلال بها كفر ورجوع عن الإيمان ، إجماع الشيعة الإمامية على ذلك فإنهم لا يختلفون فيه ، وإجماعهم حجة بدلالة أن قول الحجة المعصوم الذي قد دلت العقول على وجوده في كل زمان في جملتهم وفي زمرتهم ، وقد دللنا على هذه الطريقة في مواضع كثيرة من كتبنا واستوفيناها في جواب التبانيات خاصة ، وفي كتاب نصرة ما انفردت به الشيعة الإمامية من المسائل الفقهية ، فإن هذا الكتاب مبني على صحة هذا الأصل .

ويمكن أن يستدل على وجوب المعرفة بهم عليهم‌السلام بإجماع الأمة ، مضافاً إلى ما بيناه من إجماع الإمامية وذلك أن جميع أصحاب الشافعي يذهبون إلى أن الصلاة على نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله في التشهد الأخير فرض واجب وركن من أركان الصلاة من أخل به فلا صلاة له ، وأكثرهم يقول : إن الصلاة في هذا التشهد على آل النبي عليهم الصلوات في الوجوب واللزوم ووقوف أجزاء الصلاة عليها كالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والباقون منهم يذهبون إلى أن الصلاة على الآل مستحبة وليست بواجبة .

فعلى القول الأول لا بد لكل من وجبت عليه الصلاة من معرفتهم من حيث كان واجباً عليه الصلاة عليهم ، فإن الصلاة عليهم فرع على المعرفة بهم ، ومن ذهب إلى أن ذلك مستحب فهو من جملة العبادة وإن كان مسنوناً مستحباً والتعبد به يقتضي التعبد بما لا يتم إلا به من المعرفة . ومن عدا أصحاب الشافعي لا ينكرون أن الصلاة على النبي وآله في التشهد مستحبة ، وأي شبهة تبقى مع هذا في أنهم عليهم‌السلام أفضل الناس وإجلالهم وذكرهم واجب في الصلاة .

وعند أكثر الأمة من الشيعة الإمامية وجمهور أصحاب الشافعي أن الصلاة تبطل بتركه وهل مثل هذه الفضيلة لمخلوق سواهم أو تتعداهم ؟

٢٩٣
 &

ومما يمكن الإستدلال به على ذلك أن الله تعالى قد ألهم جميع القلوب وغرس في كل النفوس تعظيم شأنهم وإجلال قدرهم على تباين مذاهبهم واختلاف دياناتهم ونحلهم ، وما اجتمع هؤلاء المختلفون المتباينون مع تشتت الأهواء وتشعب الآراء على شئ كإجماعهم على تعظيم من ذكرناه وإكبارهم ، إنهم يزورون قبورهم ويقصدون من شاحط البلاد وشاطئها مشاهدهم ومدافنهم والمواضع التي وسمت بصلاتهم فيها وحلولهم بها ، وينفقون في ذلك الأموال ويستنفدون الأحوال ، فقد أخبرني من لا أحصيه كثرة أن أهل نيسابور ومن والاها من تلك البلدان يخرجون في كل سنة إلى طوس لزيارة الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليهما بالجمال الكثيرة والأهبة التي لا توجد مثلها إلا للحج إلى بيت الله . وهذا مع المعروف من انحراف أهل خراسان عن هذه الجهة وازورارهم عن هذا الشعب .

وما تسخير هذه القلوب القاسية وعطف هذه الأمم البائنة إلا كالخارق للعادات والخارج عن الأمور المألوفات ، وإلا فما الحامل للمخالفين لهذه النحلة المنحازين عن هذه الجملة على أن يراوحوا هذه المشاهد ويغادوها ويستنزلوا عندها من الله تعالى الأرزاق ويستفتحوا الأغلال ويطلبوا ببركاتها الحاجات ويستدفعوا البليات ، والأحوال الظاهرة كلها لا توجب ذلك ولا تقتضيه ولا تستدعيه وإلا فعلوا ذلك فيمن يعتقدونهم ، وأكثرهم يعتقدون إمامته وفرض طاعته ، وأنه في الديانة موافق لهم غير مخالف ومساعد غير معاند .

ومن المحال أن يكونوا فعلوا ذلك لداع من دواعي الدنيا ، فإن الدنيا عند غير هذه الطائفة موجودة وعندها هي مفقودة ، ولا لتقية واستصلاح ، فإن التقية هي فيهم لا منهم ولا خوف من جهتهم ولا سلطان لهم ، وكل خوف إنما هو عليهم فلم يبق إلا داعي الدين ، وذلك هو الأمر الغريب العجيب الذي لا ينفذ في مثله إلا مشية الله وقدرة القهار التي تذلل الصعاب ، وتقود بأزمتها الرقاب .

وليس لمن جهل هذه المزية أو تجاهلها وتعامى عنها وهو يبصرها أن يقول : إن

٢٩٤
 &

العلة في تعظيم غير فرق الشيعة لهؤلاء القوم ليست ما عظمتموه وفخمتموه وادعيتم خرقه للعادة وخروجه من الطبيعة ، بل هي لأن هؤلاء القوم من عترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكل من عظم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا بد من أن يكون لعترته وأهل بيته معظماً مكرماً ، وإذا انضاف إلى القرابة الزهد وهجر الدنيا والعفة والعلم زاد الإجلال والإكرام لزيادة أسبابهما .

والجواب عن هذه الشبهة الضعيفة : أنه شارك أئمتنا عليهم‌السلام في حسبهم ونسبهم وقراباتهم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غيرهم ، وكانت لكثير منهم عبادات ظاهرة وزهادة في الدنيا بادية ، وسمات جميلة وصفات حسنة ، من ولد أبيهم عليه وآله السلام ، ومن ولد العباس رضوان الله عليه ، فما رأينا من الإجماع على تعظيمهم وزيارة مدافنهم والإستشفاع بهم في الأغراض ، والإستدفاع بمكانهم للأعراض والأمراض ، وما وجدنا مشاهداً معايناً في هذا الشراك ، وإلا فمن ذا الذي أجمع على فرط إعظامه وإجلاله من سائر صنوف العترة في هذه الحالة يجري مجرى الباقر والصادق والكاظم والرضا صلوات الله عليهم أجمعين ، لأن من عدا من ذكرناه من صلحاء العترة وزهادها ممن يعظمه فريق من الأمة ويعرض عنه فريق ، ومن عظمه منهم وقدمه لا ينتهي في الإجلال والإعظام إلى الغاية التي ينتهي إليها من ذكرناه .

ولولا أن تفصيل هذه الجملة ملحوظ معلوم لفصلناها على طول ذلك ولأسمينا من كنينا عنه ونظرنا بين كل معظم مقدم من العترة ليعلم أن الذي ذكرناه هو الحق الواضح ، وما عداه هو الباطل الماضح .

وبعد فمعلوم ضرورة أن الباقر والصادق ومن وليهما من الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين كانوا في الديانة والإعتقاد وما يفتون من حلال وحرام على خلاف ما يذهب إليه مخالفوا الإمامية ، وإن ظهر شك في ذلك كله فلا شك ولا شبهة على منصف في أنهم لم يكونوا على مذهب الفرقة المختلفة المجتمعة على تعظيمهم والتقرب إلى الله تعالى بهم .

وكيف يعترض ريب فيما ذكرناه ، ومعلوم ضرورة أن شيوخ الإمامية وسلفهم في

٢٩٥
 &

تلك الأزمان كانوا بطانة للصادق والكاظم والباقر عليهم‌السلام وملازمين لهم ومتمسكين بهم ، ومظهرين أن كل شيء يعتقدونه وينتحلونه ويصححونه أو يبطنونه فعنهم تلقوه ومنهم أخذوه ، فلو لم يكونوا عنهم بذلك راضين وعليه مقرين لأبوا عليهم نسبة تلك المذاهب إليهم وهم منها بريئون خليون ، ولنفوا ما بينهم من مواصلة ومجالسة وملازمة وموالاة ومصافاة ومدح وإطراء وثناء ، ولأبدلوه بالذم واللوم والبراءة والعداوة ، فلو لم يكونوا عليهم‌السلام لهذه المذاهب معتقدين وبها راضين لبان لنا واتضح ، ولو لم يكن إلا هذه الدلالة لكفت وأغنت . وكيف يطيب قلب عاقل أو يسوغ في الدين لأحد أن يعظم في الدين من هو على خلاف ما يعتقد أنه الحق وما سواه باطل ، ثم ينتهي في التعظيمات والكرامات إلى أبعد الغايات وأقصى النهايات ، وهل جرت بمثل هذا عادة أو مضت عليه سنة ؟

أو لا يرون أن الإمامية لا تلتفت إلى من خالفها من العترة وحاد عن جادتها في الديانة ومحجتها في الولاية ، ولا تسمح له بشئ من المدح والتعظيم فضلاً عن غايته وأقصى نهايته ، بل تتبرأ منه وتعاديه وتجريه في جميع الأحكام مجري من لا نسب له ولا حسب له ولا قرابة ولا علقة . وهذا يوقظ على أن الله خرق في هذه العصابة العادات وقلب الجبلات ، ليبين من عظيم منزلتهم وشريف مرتبتهم . وهذه فضيلة تزيد على الفضائل وتربى على جميع الخصائص والمناقب ، وكفى بها برهاناً لائحاً وميزاناً راجحاً ، والحمد لله رب العالمين . انتهى .

ملاحظة : نعرف قوة استدلال الشريف الرضي قدس الله نفسه عندما نلاحظ أن نيشابور كانت مركزاً للعلماء والمذاهب المخالفة لأهل البيت عليهم‌السلام فمنها أئمة الحديث وأساتيذ أصحاب الصحاح والشخصيات العلمية السنية . بل كانت الى القرن السادس العاصمة العلمية للسنة ، ومع ذلك كانت تخرج كلها لزيارة قبر الإمام الرضا عليهم‌السلام في طوس ، كل سنة بقوافل كقوافل الحج ! ! ولا يتسع المقام للتفصيل .

٢٩٦
 &

ـ الغدير للأميني ج ٢ ص ٣٠٣

في المقام أخبار كثيرة وكلمات ضافية توجد في طيات كتب الفقه والتفسير والحديث . ذكر ابن حجر في الصواعق ص ٨٧ قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . وروى جملة من الأخبار الصحيحة الواردة فيها وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قرن الصلاة على آله بالصلاة عليه لما سئل عن كيفية الصلاة والسلام عليه ، ثم قال : وهذا دليل ظاهر على أن الأمر بالصلاة على أهل بيته وبقية آله مراد من هذه الآية ، وإلا لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها ، ولم يجابوا بما ذكر ، فلما أجيبوا به دل على أن الصلاة عليهم من جملة المأمور به ، وأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أقامهم في ذلك مقام نفسه ، لأن القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم ، ومن ثم لما دخل من مر في الكساء قال : اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليَّ وعليهم . وقضية استجابة هذا الدعاء : أن الله صلى عليهم معه ، فحينئذ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه .

ويروى : لا تصلوا علي الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون ، بل قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد . ثم نقل للإمام الشافعي قوله :

يا أهـل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفـاكـم مـن عظيم القـدر أنكم

من لم يصل عليكم لا صلاة له

فقال : فيحتمل لا صلاة له صحيحة ، فيكون موافقاً لقوله بوجوب الصلاة على الآل ، ويحتمل لا صلاة كاملة فيوافق أظهر قوليه .

وقال في هامش الغدير : نسبهما إلى الامام الشافعي الزرقاني في شرح المواهب ج ٧ ص ٧ وجمع آخرون .

وقال ابن حجر في ص ١٣٩ من الصواعق : أخرج الدارقطني والبيهقي حديث : من صلى صلاة ولم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه . وكأن هذا الحديث

٢٩٧
 &

هو مستند قول الشافعي رضي‌الله‌عنه : إن الصلاة على الآل من واجبات الصلاة كالصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله لكنه ضعيف ، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، والأمر للوجوب حقيقة على الأصح .

وقال الرازي في تفسيره ج ٧ ص ٣٩١ : إن الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة ، وقوله : اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد ، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب .

وقال : أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله ساووه في خمسة أشياء : في الصلاة عليه وعليهم في التشهد . وفي السلام . والطهارة . وفي تحريم الصدقة . وفي المحبة .

وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى : قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ، كفى شرفاً لآل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفخراً ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة .

وروى محب الدين الطبري في الذخاير ص ١٩ عن جابر رضي‌الله‌عنه أنه كان يقول : لو صليت صلاة لم أصل فيها على محمد وعلى آل محمد ، ما رأيت أنها تقبل .

وأخرج القاضي عياض في الشفا عن ابن مسعود مرفوعاً : من صلى صلاة لم يصل عليَّ فيها وعلى أهل بيتي ، لم تقبل منه .

وللقاضي الخفاجي الحنفي في شرح الشفا ٣ ص ٥٠٠ ـ ٥٠٥ فوائد جمة حول المسألة وذكر مختصر ما صنفه الإمام الخيصري في المسألة سماه : زهر الرياض في رد ما شنعه القاضي عياض .

وصور الصلوات المأثورة على النبي وآله مذكورة في ( شفاء السقام ) لتقي الدين السبكي ص ١٨١ ـ ١٨٧ ، وأورد جملة منها الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص١٦٣ وأول لفظ ذكره عن بريدة قال : قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ؟ قال قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على

٢٩٨
 &

محمد وآل محمد ، كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد . انتهى .

وقد روت مصادر إخواننا السنة هذا الحديث وصححته ، ولكنهم لا يعملون به إلا في صلاتهم ، فتراهم غالباً يصلون على النبي وحده في غير صلاتهم ، حتى في أدعيتهم ، مع أنهم رووا أن الدعاء لا يقبل ولا يصعد إلى الله تعالى إذا لم يصل معه على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورووا أن النبي علمهم كيفية الصلاة عليه ، فكأن استجابة أدعيتهم ليست مهمة عندهم !

ولا يسع المجال لإيراد الأحاديث الكثيرة في فضل الصلاة على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحكامها وكيفيتها التي يسمونها الصلاة الإبراهيمية ، وهي جديرة ببحث مفصل ، وقد ألف فيها عدد من القدماء رسائل مستقلة .

وقد روى أحاديث الصلاة الإبراهيمية الإمام مالك في كتاب الموطأ ج ١ ص ١٦٥ وكتاب المسند ص ٣٤٩ وكتاب الأم ج ١ ص ١٤٠ والبخاري في صحيحه ج ٤ ص ١١٨ ـ ١١٩ وج ٦ ص ٢٧ وج ٧ ص ١٥٦ ـ ١٥٧ ومسلم ج ٢ ص ١٦ ـ ١٧ وابن ماجة ج ١ ص ٢٩٣ وأبو داود ج ١ ص ٢٢١ ـ ٢٢٢ والترمذي ج ٥ ص ٣٨ والنسائي ج ٣ ص ٤٥ ـ ٥٠ وأحمد ج ٤ ص ١١٨ ـ ١١٩ وص ٢٤٤ وج ٥ ص ٣٥٣ وص ٤٢٤ والدارمي ج ١ ص ١٦٥ وص ٣٠٩ والحاكم ج ١ ص ٢٦٨ ـ ٢٧٠ والبيهقي في سننه ج ٢ ص ١٤٦ ـ ١٥٣ وص ٣٧٨ ـ ٣٧٩ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ٢ ص ١٤٤ ـ ١٤٥ والهندي في كنز العمال ج ٢ ص ٢٦٦ ـ ٢٨٣ وج ٥ وأورد السيوطي عدداً كبيراً من أحاديثها في الدر المنثور ج ٥ ص ٢١٥ ـ ٢٢٠ ، وغيره من المفسرين ، والفقهاء كالنووي في المجموع ج ٣ ص ٤٦٦ وابن قدامة في المغني ج١ ص ٥٨٠ وابن حزم في المحلى ج ٣ ص ٢٧٢ . . . . ولا نطيل بذكر كلماتهم .

ـ الشفا للقاضي عياض جزء ٢ ص ٦٤

. . . في الحديث : لا صلاة لمن لم يصل علي ، قال ابن القصار معناه كاملة أو لمن لم يصل علي مرة في عمره . وضعف أهل الحديث كلهم رواية هذا الحديث .

وفي حديث أبي جعفر عن ابن مسعود عن النبي صلی الله عليه وسلم : من صلى

٢٩٩
 &

صلاة لم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه . قال الدارقطني : الصواب أنه من قول أبي جعفر محمد بن الحسين : لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي صلی الله عليه وسلم ولا على أهل بيته لرأيت أنها لا تتم . . . .

فقال النبي صلی الله عليه وسلم : عجل هذا ، ثم دعاه فقال له ولغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلی الله عليه وسلم ثم ليدع بعد بما شاء ، ويروى من غير هذا السيد بتمجيد الله وهو أصح .

وعن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه قال : الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض فلا يصعد إلى الله منه شئ حتى يصلي على النبي صلی الله عليه وسلم .

ـ وقال الأردبيلي في زبدة البيان ص ٨٤

التاسعة : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . . . .

قال في الكشاف : الصلاة عليه واجبة ، وقد اختلفوا في حال وجوبها ، فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره ، وفي الحديث من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله . . . . ومنهم من قال : تجب في كل مجلس مرة ، وإن تكرر ذكره ، كما قيل في آية السجدة ، وتسميت العاطس وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره ، ومنهم من أوجبها في العمر مرة وكذا قال في إظهار الشهادتين مرة ، والذي يقتضيه الإحتياط الصلاة عليه عند كل ذكر ، لما ورد من الأخبار . انتهى .

والأخبار من طرقنا أيضاً مثل الأول موجودة مع صحة بعضها ، ولا شك أن احتياط الكشاف أحوط ، واختار في كنز العرفان الوجوب كلما ذكر وقال إنه اختيار الكشاف . . . . ثم قال في الكشاف : فإن قلت : فما تقول في الصلاة على غيره صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قلت : القياس يقتضي جواز الصلاة على كل مؤمن ، لقوله تعالى : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ ، وقوله : وصل عليهم إن صلوتك سكن لهم ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم صل على آل أبي أوفى ، ولكن للعلماء تفصيلاً في ذلك ، وهو أنها إن كان على سبيل

٣٠٠