موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

[٣١٠] مسألة ٣ : يجوز استعمال غسالة الاستنجاء في التطهير على الأقوى وكذا غسالة سائر النجاسات على القول بطهارتها (*) (١) ، وأمّا على المختار من وجوب الاجتناب عنها احتياطاً فلا.

______________________________________________________

وأمّا تفسير عبارة الماتن بذلك وحمل قوله : « ما دام كذلك » على معنى ما دام متغيّراً بحيث لو ذهب عنه التغيّر لكان موجباً للطهارة ، فقد عرفت أن زوال التغيّر لا يقتضي الحكم بذلك ما لم يطرأ عليه مطهّر شرعي. على أن الظاهر عدم إرادة الماتن ذلك وإنما مراده بقوله : « ما دام ... » هو ما دام الماء متغيّراً بغسل المتنجِّس فيه ، فكل مرّة يتغيّر الماء بذلك لا يكفي في الحكم بطهارة المغسول به ولا أنها تعدّ من الغسلات المعتبرة في التطهير ، ويشهد لذلك قوله : « ولا يحسب غسلة من الغسلات فيما يعتبر فيه التعدّد » ومعه لا مسوغ لتفسيره بما عرفت.

(١) لطهارتها مع الشروط المتقدِّمة في محلها وكذلك الحال في بقية الغسالات على القول بطهارتها كما هو الصحيح في الغسلة المتعقبة بالطهارة. والوجه في جواز استعمالها في إزالة الخبث ثانياً وثالثاً وهكذا إنما هو إطلاق الروايات الآمرة بالغسل كقوله عليه‌السلام « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (١) وقوله عليه‌السلام « صب عليه الماء مرّتين » (٢) وقوله « اغسله في المِركَن مرّتين » (٣) وغيرها فإنّه لا فرق في صدق الغسل بالماء بين الغسل بالغسالة وغيرها. نعم ، في ارتفاع الحدث بالماء المستعمل في إزالة الخبث كلام قدّمنا تفصيله في محلِّه (٤) وقلنا إن القول بعدم جواز استعماله في رفع الحدث هو الصحيح إن تمت الإجماعات المنقولة في المسألة ولم نناقش في رواية عبد الله بن سنان « الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة‌

__________________

(*) وهو الصحيح في الغسلة المتعقبة بطهارة المحل.

(١) كما في حسنة عبد الله بن سنان المروية في الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.

(٢) كما في صحيحة البزنطي المروية في الوسائل ٣ : ٣٩٦ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٧.

(٣) كما في صحيحة محمد بن مسلم المروية في الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٢ ح ١.

(٤) في الماء المستعمل قبل المسألة [١٣٤].

٢١

لا يجوز أن يتوضّأ منه وأشباهه » (١) بحسب السند والدلالة ، وإلاّ فهو مبني على الاحتياط.

وأمّا إزالة الخبث به ثانياً وثالثاً وهكذا فقد عرفت أنها هو الصحيح للإطلاق المتقدِّم تقريبه. وقد يقال بعدم الكفاية لموثقة عمار الآمرة بصب الماء في الإناء وتحريكه ثم تفريغه من الماء ، ثم صب ماء آخر فيه مع التحريك والإفراغ وهكذا إلى ثلاث مرّات (٢) بتقريب أن الغسالة لو جاز أن يغسل بها المتنجِّس ثانياً وثالثاً لم يكن وجه للأمر بإفراغ الإناء من الماء المصبوب فيه أولاً ثم صب ماء آخر فيه ، بل كان تحريك ذلك الماء فيه بعينه مرّة ثانية وثالثة كافياً في تطهير الإناء من دون حاجة إلى تفريغه منه أبداً ، فالأمر بتفريغه من الماء المصبوب فيه أوّلاً كاشف قطعي عن عدم كفاية الغسالة في إزالة الخبث بها ثانياً وثالثاً.

هذا ما ربما يتوهم في المقام ولكنه من الفساد بمكان لا ينبغي التعرض له ، وذلك لأن الموثقة أجنبية عما نحن بصدده ، حيث إنها من أدلة نجاسة الغسالة وكلامنا إنما هو في الغسالة الطاهرة ، وقد بيّنا في مورده أن غير الغسالة المتعقبة بطهارة المحل محكوم بالنجاسة ، وعليه فالوجه في أمره عليه‌السلام بإفراغ الإناء من الماء المصبوب فيه أوّلاً وثانياً إنما هو نجاسة الغسالة في المرّتين لعدم كونها فيهما متعقبة بالطهارة ، ومن الظاهر أن الماء المتنجِّس لا يكفي في تطهير مثله من الأشياء المتنجسة. وأما أمره عليه‌السلام بالافراغ في الغسلة الثالثة فهو أيضاً مستند إلى نجاسة الماء ، بناء على أنّ الغسالة مطلقاً نجسة ولو ما دامت في المحل ، وأمّا بناء على ما هو الصحيح من طهارة الغسالة حينئذ فالوجه في أمره عليه‌السلام أن الغسلة الثالثة لا يتحقق من غير إفراغ الإناء ، حيث إن مجرد صبّ الماء فيه لا يكفي في صدق الغسل عليه ما دام لم يفرغ من الماء. فليس الوجه في أمره عليه‌السلام بالصب في الغسلة الثالثة أن الغسالة الطاهرة لا تزال بها الخبث ثانياً وثالثاً.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢١٥ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٩٦ / أبواب النجاسات ب ٥٣ ح ١.

٢٢

[٣١١] مسألة ٤ : يجب في تطهير الثوب أو البدن بالماء القليل من بول غير الرضيع ، الغسل مرّتين (١).

______________________________________________________

(١) أسنده في الحدائق (١) ومحكي المدارك (٢) وغيرهما إلى الشهرة مطلقاً. وقيّدها في الجواهر بـ « بين المتأخرين » (٣) وعن المعتبر أنه مذهب علمائنا (٤). وعن الشهيد في البيان عدم وجوب التعدّد إلاّ في إناء الولوغ (٥) وعنه قدس‌سره في ذكراه اختيار التعدّد (٦) ناسباً إلى الشيخ في مبسوطه عدم وجوب التعدّد في غير الولوغ (٧). وقد استظهر القول بذلك عن العلاّمة في جملة من كتبه (٨) ولكنه في المنتهي ذهب إلى التفصيل بين صورتي جفاف البول وعدمه بالاكتفاء بالمرة في الصورة الأُولى دون الثانية (٩). وعن صاحبي المدارك (١٠) والمعالم (١١) الاكتفاء بالمرة في البدن دون الثوب هذه هي المهم من أقوال المسألة وقد يوجد فيها غير ذلك من الوجوه.

أمّا ما ذهب إليه الشهيد في البيان والعلاّمة في جملة من كتبه من كفاية الغسل مرّة واحدة في غير الولوغ فلم يقم عليه دليل فيما نحن فيه سوى الأخبار الآمرة بغسل ما أصابه البول (١٢) من غير تقييده بمرّتين. وفيه : أن هذه الأخبار غير واردة في مقام‌

__________________

(١) الحدائق ٥ : ٣٥٦.

(٢) المدارك ٢ : ٣٣٦.

(٣) الجواهر ٦ : ١٨٥.

(٤) المعتبر ١ : ٤٣٥.

(٥) البيان : ٩٣.

(٦) الذكرى : ١٥ السطر ٤.

(٧) المبسوط ١ : ٣٧.

(٨) كالقواعد ١ : ١٩٣.

(٩) المنتهي ٣ : ٢٦٤.

(١٠) المدارك ٢ : ٣٣٧.

(١١) المعالم ( فقه ) : ٣٢١.

(١٢) كما في صحيحة وحسنة ابن سنان وموثقة سماعة المروية في الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢ ، ٣ ، ١.

٢٣

البيان من تلك الناحية أعني كفاية الغسل مرّة واحدة وعدمها ، بل إنما وردت لبيان أصل الوجوب. على أنها على تقدير كونها مطلقة لا بدّ من تقييدها بمرتين على ما دلّ عليه غير واحد من الأخبار.

ولعلّ نظرهم من الاكتفاء بالمرة الواحدة إلى صورة زوال العين وجفافها كما حكي ذلك عن العلاّمة قدس‌سره في المنتهي حيث فصّل بين صورتي جفاف البول وعدمه واكتفى بالمرة الواحدة في الأُولى دون الثانية ، ولعله من جهة أن الغسلة الأُولى للإزالة والثانية للتطهير ولو بدعوى استفادة ذلك من المناسبات المركوزة بين الحكم وموضوعه فمع زوال العين بنفسها لا حاجة إلى تعدد الغسلتين.

وهذا الاحتمال وإن كان أمراً معقولاً في نفسه إلاّ أن الظاهر من الأخبار الآمرة بالغسل مرّتين أن للغسلتين دخالة في التطهير لا أن إحداهما من باب الإزالة كما ادعي. بل لو سلمنا أن الغسلة الأُولى للإزالة فلا مناص من اعتبار كون الإزالة بالماء فلا يكون الإزالة على إطلاقها موجبة للطهارة وإن كانت مستندة إلى أمر آخر غير الماء ، كما إذا جف البول أو مسح بخرقة ونحوها فان ظهور الأخبار في مدخلية الماء في الطهارة أمر غير قابل للإنكار ، ومن الجائز أن تكون الغسلة الأُولى موجبة لحصول مرتبة ضعيفة من الطهارة لتشتد بالثانية ولا يكون الأمر بها لمجرد الإزالة حتى يكتفى بمطلقها ، هذا كله على أن حمل الروايات الآمرة بالتعدد على صورة وجود العين حمل لها على مورد نادر ، لأن الغالب في غسل الثوب والجسد إنما هو غسلهما بعد الجفاف ولا أقل من أن ذلك أمر غير غالبي ، هذا.

ويمكن الاستدلال لهذه الدعوى بما رواه الشهيد قدس‌سره في الذكرى عن الصادق عليه‌السلام « في الثوب يصيبه البول ، اغسله مرّتين : الأُولى للإزالة والثانية للإنقاء » (١) فان الغرض من الغسلة الأُولى إذا كان هو الإزالة فالمطهّر هو الغسلة الثانية حقيقة فيصدق أن الغسلة الواحدة كافية في تطهير نجاسة البول ، والإزالة قد تتحقق بالجفاف وقد تتحقّق بغيره كما مرّ ، هذا.

__________________

(١) الذكرى : ١٥ السطر ٤.

٢٤

وقد سبقه إلى ذلك المحقق قدس‌سره في المعتبر (١) حيث نقل رواية الحسين بن أبي العلاء المتقدِّمة (٢) بزيادة « الأُولى للإزالة والثانية للإنقاء » وهي كما ترى صريحة الدلالة على مسلك الشهيد قدس‌سره إلاّ أن الكلام في ثبوت تلك الزيادة ، لأنها على ما اعترف به جملة من الأكابر لم يرد في شي‌ء من كتب الحديث ، فهذا صاحب المعالم قدس‌سره ذكر في محكي كلامه « ولم أرَ لهذه الزيادة أثراً في كتب الحديث الموجودة الآن بعد التصفّح بقدر الوسع » (٣) ونظيره ما ذكره صاحب الحدائق والفاضل السبزواري في ذخيرته (٤) فليراجع. والظاهر اشتباه الأمر على الشهيد حيث حسب الزيادة من الرواية مع أنها من كلام المحقِّق قدس‌سره ذكرها تفسيراً للرواية. على أنّا لو سلمنا أن المحقِّق نقل الزيادة تتمّة للرواية أيضاً لم يمكننا المساعدة عليها ، لما عرفت من أنها ممّا لا عين له ولا أثر في كتب الحديث فالأمر مشتبه على المحقِّق قدس‌سره. ولو تنزّلنا عن ذلك وسلمنا عدم اشتباه الأمر عليه وهي رواية حقيقة فالواسطة التي وصلت منها الرواية إلى المحقق قدس‌سره مجهولة عندنا ولم يظهر أنها من هو فلا يمكن الاعتماد عليها بوجه.

وأمّا ما ذهب إليه صاحبا المعالم والمدارك من التفصيل بين الثوب والبدن والاكتفاء بالمرّة في البدن دون الثوب ، فهو مستند إلى استضعاف الأخبار الواردة في التعدّد في البدن. ويرد عليه ما أورده صاحب الحدائق قدس‌سره وحاصله : أن ما دلّ على التعدّد في الجسد عدة روايات :

منها : صحيحة أو حسنة أبي إسحاق النحوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن البول يصيب الجسد؟ قال : صب عليه الماء مرّتين » (٥) ومنها : حسنة الحسين بن أبي العلاء قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البول يصيب‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٤٣٥.

(٢) في ص ١٢.

(٣) المعالم ( فقه ) : ٣٢٠.

(٤) الحدائق ٥ : ٣٦٠ ، ذخيرة المعاد : ١٦١ السطر ٣٣.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٣ ، ٤ ، ٣٩٦ / ح ٧.

٢٥

الجسد؟ قال : صب عليه الماء مرّتين فإنّما هو ماء ... » (١) ومنها : صحيحة البزنطي المروية في آخر السرائر (٢) وهي بعين الألفاظ المنقولة من الحسنة ومضمونها. وهذه الأخبار كما ترى بين صحيحة وحسنة فلا مجال فيها للمناقشة سنداً. فإلى هنا ظهر أن الصحيح هو ما ذهب إليه الماتن وفاقاً للمشهور من وجوب التعدّد في البول.

بقي الكلام في جهات : الاولى : هل الحكم بالتعدّد يخص الثوب والبدن فيكتفى بالغسلة الواحدة في غيرهما أو أنه يعم جميع الأشياء المتنجسة بالبول؟

الأخبار الآمرة بالتعدد إنما وردت في الثوب والبدن ولا يمكننا التعدي إلى غيرهما من الأشياء الملاقية له إلاّ بدعوى دلالة الأخبار على العموم بإلغاء خصوصيتي الثوب والجسد ، وهذا مما لا سبيل إليه ، لأنّا وإن قلنا إن الأمر بغسل ما لاقاه بول أو دم أو غيرهما من الأعيان المذكورة في الروايات إرشاد إلى نجاسة الملاقي ، وتعدينا عن مواردها إلى جميع ما يلاقي الأعيان النجسة حسبما يقتضيه الفهم العرفي من مثله ، إذ الانفعال عندهم ليس من الأُمور المختصة بملاقاة الأعيان المذكورة في الأخبار ، بل المستفاد منه أن ملاقاة مطلق العين النجسة سبب في تأثر الملاقي ، إلاّ أنه في خصوص المقام ليس لنا جزم بعدم خصوصيتي الثوب والبدن في وجوب التعدّد في الغسل ، لأنه من المحتمل القوي أن الشارع أراد فيهما المحافظة على المرتبة الشديدة من الطهارة ومع هذا الاحتمال ليس لنا أن نتعدى إلى غيرهما.

وعلى الجملة إنما يمكننا التعدي إلى غير الثوب والجسد فيما إذا علمنا بعدم دخل خصوصيتهما في الحكم المترتب عليهما وجزمنا بوحدة المناط في الأشياء الملاقية مع البول بأسرها ، وأما مع عدم القطع بذلك فلا ، لأنّا نحتمل دخل خصوصيتى الثوب والبدن في حكمهما ، لوضوح أن الأحكام الشرعية تختلف باختلاف موضوعاتها مع أنها مما قد تجمعه طبيعة واحدة. فنرى أن الشارع حكم بوجوب الغسل ثلاث مرات في الإناء ولم نر من الأصحاب من تعدّى عنه إلى غيره مما صنع من مادته من صفر أو خزف أو غيرهما ، مع العلم بأن الجميع صفر أو غيره من المواد إلاّ أنه إذا اصطنع بهيئة‌

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٣ ، ٤ ، ٣٩٦ / ح ٧.

٢٦

الإناء يعتبر في تطهيره الغسل ثلاث مرّات وإذا كان على هيئة أُخرى كفى في تطهيره الغسل مرّة واحدة مثلاً. وكذا نرى أن الشارع حكم بطهارة مخرج الغائط بالتمسح بالأحجار أو بغيرها من الأجسام القالعة للقذارة ، ولا يحكم بطهارة هذا الموضع بعينه إذا تنجس بغير الغائط من النجاسات بمجرد إزالتها ، كما إذا تنجس بدم قد خرج من بطنه أو أصابه من الخارج ، بل يجب غسله بالماء.

ولأجل هذا وذاك لا يحصل القطع لنا بعدم الفرق بين الثوب والجسد وغيرهما من المتنجسات بالبول ، ولا يصغي إلى ما قيل من أن التوقف في ذلك من الخرافات ، بل الحكم بتعدّد الغسل أو الصب يختص بمورد النصوص وهو الثوب والجسد ، وأما في غيرهما فاطلاقات مطهرية الغسل محكمة وهي تقتضي الاكتفاء بالغسل مرّة واحدة.

الجهة الثانية : هل الصبة الواحدة المستمرة بقدر زمان الغسلتين أو الصبتين والفصل بينهما كافية عن الصبتين أو الغسلتين المأمور بهما في تطهير الثوب والبدن أو يعتبر تحققهما بالانفصال؟ فلو فرضنا امتداد كل من الصبتين دقيقة واحدة والفصل بينهما أيضاً كذلك بحيث كان زمانهما مع الفصل بينهما ثلاث دقائق لم تكف الصبة الواحدة المستمرة ثلاث دقائق أو أكثر في الحكم بطهارة البدن أو الثوب ، بل لا بدّ من صب الماء عليهما مرّتين بانفصال كل منهما عن الآخر أو غسلهما كذلك.

حكي عن الشهيد في الذكرى القول بكفاية الصبة الواحدة بقدر الغسلتين أو الصبّتين (١) ، وتبعه جماعة ممن تأخر عنه ، ولعله من جهة أن الاتصال بين الغسلتين بالصب ليس بأقل من القطع بينهما بالفصل. إلاّ أن الصحيح هو اعتبار الفصل بين الغسلتين أو الصبتين لأنه الذي يقتضيه الجمود على ظواهر الأخبار الآمرة بالصب أو الغسل مرّتين ، حيث إن ظواهرها أن للتعدد دخلاً في حصول الطهارة المعتبرة. ودعوى : أن وصل الماء ليس بأقل من فصله ، مندفعة بأنه وجه استحساني لا مثبت له ، فإنّه على خلاف ما عليه أهل المحاورة ، حيث إن السيد إذا أمر عبده بالسجدة مرّتين أو برسم خطّين مستقيمين لم يكتف العبد في امتثاله بالسجدة الواحدة الممتدّة‌

__________________

(١) الذكرى : ١٥ السطر ١٩.

٢٧

بقدر زمان السجدتين والفصل بينهما أو برسم خط واحد كذلك ، فرفع اليد عن ظهور الأخبار في التعدّد بمثل ذلك من الوجوه الاستحسانية مما لا مسوّغ له.

الجهة الثالثة : هل الحكم بوجوب التعدّد يختص ببول الآدمي أو أنه يعم غيره من الأبوال النجسة؟

ظاهر الأسئلة الواردة في الروايات حسب المتفاهم العرفي هو الاختصاص لأنهم كانوا يبولون على وجه الأرض وهي على الأغلب صلبة فكان يترشح منها البول إلى أبدانهم وأثوابهم ومن أجل ذلك تصدّوا للسؤال عن حكمه ، ولا يبعد بهذه المناسبة دعوى انصراف الأخبار إلى بول الآدمي وأنه المنسبق إلى الأذهان من الأسئلة ، ولعل هذا هو الوجه في عدم استفصالهم عن كون البول مما يؤكل لحمه أو من غيره مع طهارة البول مما يؤكل لحمه. ومن ذلك يظهر أن نظرهم إنما هو السؤال عن خصوص بول الآدمي فتعميم الحكم إلى مطلق الأبوال النجسة مما لا وجه له. بل يمكن التمسّك في ذلك بإطلاق قوله عليه‌السلام « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (١) لأنّ مقتضى إطلاقه جواز الاكتفاء بالمرّة الواحدة في بول غير الآدمي فلا يجب التعدّد في مطلق الأبوال النجسة حينئذ.

الجهة الرابعة : أن الظاهر من أسئلتهم عن أن البول يصيب الثوب أو البدن ، هو اختصاص السؤال والجواب بما قد يصيبه البول وقد لا يصيبه فيعتبر في مثله الغسل مرّتين ، وأما ما كان في معرض الإصابة دائماً فلا تشمله الروايات بوجه ، وعليه فلا يجب التعدّد في مخرج البول حينئذ ، إذ لا يصح أن يقال إنه مما يصيبه البول ، بل إن كان هناك دليل يدل على اعتبار التعدّد فيه فهو ، وإلاّ فيقتصر فيه بالصبة الواحدة أو الغسل مرّة.

الجهة الخامسة : هل يعتبر إزالة العين النجسة قبل الغسلتين أو الصبتين أو أن إزالتها بالغسلة الأُولى كافية في حصول الطهارة بالثانية؟

__________________

(١) وهي حسنة عبد الله بن سنان المروية في الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.

٢٨

قد يتوهّم أنّ الغسلتين أو الصبتين لا بدّ من أن تقعا بعد إزالة العين بشي‌ء فلا تكفي إزالتها بالغسلة الاولى من الغسلتين. ويتوجه عليه أن الحكم بذلك يتوقف على دلالة الدليل ولا دليل على اعتبار وقوع الغسلتين بعد إزالة العين ، بل الأمر بغسل ما أصابه البول مرّتين أو صبّ الماء عليه كذلك يقتضي بإطلاقه كفاية الإزالة بأُولى الغسلتين وعدم اعتبار وقوعهما بعد إزالة العين بمزيل. بل المناسبة المرتكزة بين الحكم وموضوعه أن الغسلة الأُولى للإزالة والثانية للإنقاء كما نقلناه عن المحقق قدس‌سره (١) هذا.

وقد يقال : إن مقتضى الإطلاق في الروايات كفاية إزالة العين ولو بالغسلة الثانية فلا يعتبر إزالتها بأُولى الغسلتين. ويندفع بأن الأخبار الواردة في المقام منصرفة إلى البول المتعارف الذي يكفي في إزالته الغسل أو الصب مرّة واحدة ، كما يرشدنا إليه قوله في بعض الأخبار المتقدِّمة « فإنّما هو ماء » (٢) تعليلاً لما أمر به من صبّ الماء عليه مرّتين ، فان ظاهره بيان أن الماء كما أنه لا لزوجة له ويكفي في إزالته صبّ الماء عليه مرّة واحدة ، فكذلك الحال في البول فتكون الغسلة الثانية مطهّرة لا مزيلة ، ومعه فالأخبار مختصة بالبول الذي يكفي في إزالته الغسل مرّة واحدة ، فإذا فرض بول لا يكفي ذلك في إزالته فهو خارج عن مورد الروايات ، هذا.

ويمكن أن يوجّه المدعى بتقريب آخر : وهو أن الأخبار الواردة في المقام وإن أُخذت فيها الإصابة كما في قوله : « يصيب الثوب أو البدن » وظاهر الإصابة الحدوث فإنّها لا تطلق على بقاء البول ، إلاّ أن من المقطوع به عدم الفرق في نجاسة البول بين الحدوث والبقاء ، وعليه فإذا أصاب الثوب أو البدن وجب غسله أو صبّ الماء عليه مرّتين كما دلّت عليه الأخبار المتقدِّمة ، فإذا غسلناه مرّة واحدة ولم يزل بذلك فهو أيضاً بول متحقق في الثوب أو البدن فيجب غسله مرّتين بمقتضى إطلاق الروايات وعليه فمقتضى الإطلاقات هو العكس أعني اعتبار كون الغسلة الأُولى مزيلة للعين‌

__________________

(١) في ص ٢٥.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٩٥ ، ٣٩٦ / أبواب النجاسات ب ١.

٢٩

وأما من بول الرضيع غير المتغذي بالطعام فيكفي صبّ الماء مرّة وإن كان المرّتان أحوط (١).

______________________________________________________

وإلاّ وجب غسله مرّتين ، لأنه بول متحقق في الثوب أو البدن ولا فرق في تحققه بين الحدوث والبقاء.

(١) الكلام في هذه المسألة يقع من جهات :

الاولى : أن الصبّة الواحدة هل تكفي في إزالة بول الرضيع غير المتغذي بالطعام أو لا بدّ في تطهيره من صبّ الماء عليه مرّتين؟

المشهور بل المتسالم عليه بينهم كفاية الصب مرّة خلافاً لما حكي عن كشف الغطاء من اعتبار الصب مرّتين (١) ، ولعل الوجه فيه أن حسنة الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن بول الصبي؟ قال : تصب عليه الماء » (٢) الدالّة على كفاية الصبة الواحدة مطلقة ، ومقتضى قانون الإطلاق والتقييد تقييدها بما دلّ على اعتبار التعدّد في مطلق البول كما في حسنة أو صحيحة أبي إسحاق النحوي (٣) وحسنة الحسين بن أبي العلاء (٤) وغيرهما من الأخبار المشتملة على قوله عليه‌السلام : « صب عليه الماء مرّتين » بعد السؤال عن إصابة البول للجسد ، هذا.

ولكن الصحيح هو ما ذهب إليه المشهور في المسألة ، وذلك لأنّ حسنة الحلبي وإن كانت مطلقة إلاّ أن حسنة الحسين المتقدِّمة ظاهرة الدلالة على كفاية الصبة الواحدة في بول الصبي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البول يصيب الجسد؟ قال : صب عليه الماء مرّتين فإنّما هو ماء » ، « وسألته عن الثوب يصيبه البول؟ قال : اغسله مرّتين » ، « وسألته عن الصبي يبول على الثوب؟ قال : تصب عليه الماء قليلاً ثم تعصره » (٥). والوجه في الظهور : أن التفصيل قاطع للشركة فإنّه عليه‌السلام فصّل‌

__________________

(١) كشف الغطاء : ١٧٩ السطر ٨.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٣ ح ٢.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٣.

(٤) الوسائل ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٤.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٣ ح ١.

٣٠

بين بول الصبي حيث اكتفى فيه بالصب مرّة وبين غيره فأوجب فيه الصب مرّتين ، وهذا يدلنا على أن التعدّد إنما هو في بول غير الصبي ، وأمّا بول الصبي فيكفي فيه الصب مرّة واحدة كما التزم به المشهور.

الجهة الثانية : هل العصر بعد الصب معتبر في بول الصبي أو يكفي في إزالته مجرّد الصب؟

قد يقال باعتبار العصر في تطهيره نظراً إلى ما ورد في ذيل حسنة الحسين المتقدِّمة « تصب عليه الماء قليلاً ثم تعصره » ولا سيما بناء على أن الغسالة نجسة ، فإن الماء ينفعل بملاقاة البول لا محالة ، ولا مناص في تطهير المتنجِّس حينئذ من إخراج الغسالة بالعصر.

ولكن الظاهر عدم الاعتبار ، وذلك لأن الأمر بالعصر في الحسنة يحتمل أن يكون جارياً مجرى العادة والغلبة ، فان الغالب عصر المتنجِّس بعد الصب عليه ، كما يحتمل أن يكون مستحبّاً للقطع بكفاية العصر على تقدير القول به مقارناً مع الصب ، فالتقييد بكونه بعد الصب قرينة على ما ذكرناه ، فلا دلالة للحسنة على اعتبار العصر بعد الصب.

وأما غسالة بول الصبي فإن قلنا بطهارة الغسالة المتعقبة بطهارة المحل كما هو الصحيح فلا كلام ، وأما إذا قلنا بنجاستها فالأمر أيضاً كذلك ، لأنه لا يجب إخراج الغسالة في التطهير عن بول الصبي للحكم بطهارتها ما دامت باقية في محلها تبعاً له فلا يحكم بنجاستها بالانفصال.

الجهة الثالثة : هل الرش كالصب في التطهير عن بول الصبي؟

الصحيح عدم كفاية الرش عن الصب ، لأن الوارد في ألسنة الأخبار المتقدِّمة إنما هو الصب فلا دليل على كفاية الرش والنضح وإن استوعبا الموضع النجس ، فان ظاهر الأخبار اعتبار القاهرية في الماء وغلبة المحل دفعة.

نعم ، ورد في روايتين الأمر بالنضح في بول الصبي ففي إحداهما : « يغتسل من بول‌

٣١

الجارية وينضح على بول الصبي ما لم يأكل » (١) وثانيتهما : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ الحسن بن علي عليه‌السلام فأجلسه في حجره فبال عليه قال : فقلت له : لو أخذت ثوباً فأعطني إزارك فاغسله ، فقال : إنما يغسل من بول الأُنثى وينضح من بول الذّكر » (٢) إلاّ أنهما عاميان ولا يمكن أن نرفع اليد لأجلهما عن الأخبار المعتبرة الآمرة بالصب كما تقدّم.

الجهة الرابعة : هل الحكم بكفاية الصب خاص بالصبي أو يعم الصبية أيضاً؟ قد يطلق الصبي ويراد به الجنس فيشمل الأُنثى والذكر ، إلاّ أن إرادته من لفظة الصبي في روايات الباب غير ظاهرة ، فبما أن الوارد فيها هو الصبي فلا مناص من أن يقتصر في الحكم بكفاية الصب عليه ويرجع في بول الصبية إلى عموم ما دلّ على أن البول يغسل منه الثوب أو البدن مرّتين ، لأن المقدار المتيقن من تخصيص ذلك إنما هو التخصيص ببول الصبي ، وأما بول الصبية فيبقى مشمولاً لعموم الدليل أو إطلاقه.

وأما ما ورد في ذيل حسنة الحلبي من قوله عليه‌السلام « والغلام والجارية في ذلك شرع سواء » (٣) فلا يمكن الاستدلال به لإجمال المشار إليه في قوله : « في ذلك » لأنّ المتقدِّم عليه أمران : أحدهما : قوله عليه‌السلام « يصب عليه الماء » وثانيهما : قوله « فان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلاً » ولم يعلم أن الجارية كالغلام في كفاية صبّ الماء في تطهيره ، أو أن المماثلة إنما هي في لزوم الغسل بالماء فيما إذا كان يأكل الطعام ومعه نشك في التحاق بول الصبية ببول الصبي ، فلا مناص حينئذ من الاكتفاء في الخروج عن مقتضى الأدلّة الدالّة على لزوم غسل البول مرّتين بخصوص بول الصبي.

الجهة الخامسة : أن عنوان الرضيع لم يرد في شي‌ء من الروايات المعتبرة وإنما ورد فيها عنوان الصبي مقيداً في بعضها بما إذا لم يأكل الطعام ، وحيث إن الصبي غير المتغذي بالطعام لا ينفك عن كونه رضيعاً فعبّر عنه الأصحاب بالرضيع ، وعليه فالمدار إنما هو‌

__________________

(١) أخرجه أبو داود في سننه ج ١ ص ١٠٣ / ٣٧٧ بتغيير يسير وكذا غيره.

(٢) نفس المصدر وعنه في تيسير الوصول ج ٣ ص ٥٧.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٣ ح ٢.

٣٢

وأمّا المتنجِّس بسائر النجاسات عدا الولوغ (*) (١) فالأقوى كفاية الغسل مرّة (٢)

______________________________________________________

على صدق عنوان الصبي سواء بلغ عمره سنتين أم زاد عليهما ، فما في بعض الكلمات من تخصيص الحكم بالصبي الذي لم يبلغ سنتين ضعيف.

(١) قد كتبنا في تعليقتنا أن استثناء الولوغ في المقام من اشتباه القلم بلا ريب والصحيح « عدا الإناء » لوضوح أن الولوغ لا خصوصية له في وجوب التعدّد فيه ، حيث إن الأواني بأجمعها كذلك ، والإناء قد يتنجّس بالولوغ وقد يتنجّس بغيره ولكل منهما وإن كان حكم على حدة إلاّ أن الجميع يشترك في وجوب التعدّد فيه كما يأتي في محلِّه.

(٢) وذلك لإطلاقات الروايات الآمرة بالغسل في مثل البول من غير الآدمي ـ (٢) والمني (٣) والكافر (٤) والكلب (٥) وغير ذلك من النجاسات الواردة في الأخبار ، فإن الأمر بالغسل إرشاد إلى أمرين : أحدهما : نجاسة ذلك الشي‌ء. وثانيهما : أن الغسل بالماء مطهّر له ، ومقتضى إطلاق الأمر به كفاية الغسل مرّة واحدة ، ولعلّ هذا مما لا إشكال فيه.

وإنما الكلام في المتنجسات التي لم يرد فيها أمر مطلق بالغسل ، وذلك كما إذا استفدنا‌

__________________

(*) ذكر كلمة الولوغ من سهو القلم والصحيح « عدا الإناء ».

(١) كما في حسنة عبد الله بن سنان قال : « قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.

(٢) كما في صحيحة محمّد بن مسلم « في المني يصيب الثوب ، قال : إن عرفت مكانه فاغسله وإن خفي عليك فاغسله كله » الوسائل ٣ : ٤٢٣ / أبواب النجاسات ب ١٦ ح ١.

(٣) كما في موثقة أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام « في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني ، قال : من وراء الثوب ، فان صافحك بيده فاغسل يدك » الوسائل ٣ : ٤٢٠ / أبواب النجاسات ب ١٤ ح ٥.

(٤) كما في حسنة محمّد بن مسلم قال : « سألتُ أبا عبد الله عليه‌السلام عن الكلب السلوقي ، فقال : إذا مسسته فاغسل يدك » الوسائل ٣ : ٤١٦ / أبواب النجاسات ب ١٢ ح ٩ ، ١ : ٢٧٤ / أبواب النواقض ب ١١ ح ١.

٣٣

نجاسته من الأمر بإعادة الصلاة الواقعة فيه ، وكما في ملاقي المتنجِّس بالبول أو غيره مما يجب فيه الغسل متعدداً ، ولا سيما في المتنجِّس بالمتنجس من دون واسطة فإنّه يتنجّس بملاقاته من دون أن يكون هناك مطلق ليتمسك بإطلاقه في الحكم بكفاية المرّة الواحدة فيه. نعم المتنجِّس بالمتنجس بالنجاسة التي يكفي فيها الغسل مرّة كالدم وغيره لا إشكال في كفاية المرّة الواحدة فيه. فهل يكتفى في أمثال ذلك بالمرة الواحدة أو لا بدّ فيها من التعدّد؟ فقد يقال بكفاية المرّة الواحدة حينئذ ، وما يمكن أن يستدل به على ذلك وجوه :

الأوّل : الإجماع المركب وعدم القول بالفصل بين النجاسات التي ورد فيها أمر مطلق بغسلها وما لم يرد في غسلها أمر مطلق بوجه ، وحاصله دعوى الإجماع على أن كل مورد لم يقم فيه الدليل على اعتبار التعدّد يكفي فيه المرّة الواحدة. ويدفعه عدم إحراز اتفاقهم في المسألة كيف وقد ذهب جملة من متأخري المتأخرين إلى اعتبار التعدّد فيما لم يقم دليل على كفاية المرّة فيه. على أنّا لو سلمنا ثبوت الاتفاق عندهم في المسألة أيضاً لم يمكن الاعتماد عليه ، لوضوح أنه ليس إجماعاً تعبّديّاً كاشفاً عن رأي المعصوم عليه‌السلام لاحتمال استنادهم في ذلك إلى أحد الوجوه الآتية في الاستدلال.

الثاني : النبوي الذي رواه المؤالف والمخالف كما عن السرائر ـ (١) أعني قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « خلق الله الماء طهوراً لا ينجّسه شي‌ء إلاّ ما غير لونه أو طعمه أو ريحه » (٢) لدلالته على حصول الطهارة بالماء مطلقاً. وفيه : أنه إنما يدل على ثبوت المطهرية للماء فحسب وأما كيفية التطهير به فلا يستفاد من الرواية بوجه. على أنها كما قدّمنا في الجزء الأوّل من كتابنا (٣) نبوية ضعيفة السند ، حيث رويت بطرق العامة ولم تثبت روايتها من طرقنا فضلاً عن أن يكون نقلها متسالماً عليه بين المؤالف والمخالف.

__________________

(١) السرائر ١ : ٦٤.

(٢) الوسائل ١ : ١٣٥ / أبواب الماء المطلق ب ١ ح ٩ ، المستدرك ١ : ١٩٠ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١١.

(٣) شرح العروة ٢ : ١١.

٣٤

الثالث : أصالة الطهارة ، بتقريب أن المتيقن من نجاسة الملاقي لشي‌ء من النجاسات إنما هو نجاسته قبل غسله ، فاذا غسلناه مرّة واحدة لم ندر أنه طاهر أو نجس ومقتضى أصالة الطهارة طهارته. وهذا الوجه وإن كان وجيهاً في نفسه بناء على ما سلكناه من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية الإلهيّة ، لأنّ استصحاب نجاسة المتنجِّس فيما نحن فيه بعد الغسلة الواحدة معارض باستصحاب عدم جعل النجاسة عليه زائداً على المقدار المتيقن وهو نجاسته قبل غسله ، إلاّ أنه لا مجال للرجوع إليها في المسألة لإطلاق ما دلّ على نجاسة المتنجسات ، فإن إطلاق ما دلّ على أن الصلاة الواقعة في ملاقي النجس باطلة أو تجب إعادتها أو ما دلّ على نجاسته بغير ذلك من أنحاء البيان يقتضي بقاءها على نجاستها إلى الأبد إلاّ أن يطرأ عليها مطهّر شرعي وهو غير محرز في المقام.

الرابع : إطلاقات الأخبار وقد عثرنا على ذلك في جملة من الروايات :

الأُولى : صحيحة زرارة التي هي من أدلة الاستصحاب قال : « قلت له : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شي‌ء من مني ... إلى

أن قال : تعيد الصلاة وتغسله ... » الحديث (١) فان الظاهر أن السؤال فيها إنما هو عن مطلق النجاسة لا عن الدم فحسب ، فان قوله : « أو غيره » وإن كان يحتمل في نفسه أن يراد به غير الدم من النجاسات ليكون ذكر المني بعد ذلك من قبيل ذكر الخاص بعد العام ، كما يحتمل أن يراد به دم غير الرعاف إلاّ أن المستفاد من جملات السؤال والجواب الواردة في الصحيحة أن السؤال إنما هو عن طبيعي النجاسة ولا سيما قوله : « ولا تعيد الصلاة قلت لِمَ ذلك؟ قال : لأنك كنت على يقين من طهارتك ... ».

الثانية : موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه سئل عن رجل ليس عليه إلاّ ثوب ولا تحل الصلاة فيه وليس يجد ماء يغسله كيف يصنع؟ قال : يتيمّم ويصلِّي فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة » (٢) فان قوله « ولا تحل الصلاة فيه » وإن كان‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧٧ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ١ ، ٤٧٩ / ب ٤٢ ح ٢.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٨٥ / أبواب النجاسات ب ٤٥ ح ٨ ، الوسائل ٣ : ٣٩٢ / أبواب التيمم ب ٣٠ ح ١.

٣٥

يحتمل استناده إلى كون الثوب مما لا يؤكل لحمه إلاّ أن قوله عليه‌السلام « فإذا أصاب ماء غسله » كاشف عن أن عدم حلية الصلاة فيه كان مستنداً إلى نجاسته.

الثالثة : مرسلة محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن عليه‌السلام « في طين المطر أنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام ، إلاّ أن يعلم أنه قد نجّسه شي‌ء بعد المطر فإن أصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله ... » (١) وهذه الأخبار كما ترى مطلقة ومقتضاها كفاية الغسلة الواحدة في التطهير عن مطلق النجس.

نعم ، لا يمكن الاستدلال على ذلك بالرواية الأخيرة لضعف سندها بالإرسال ، وإمكان المناقشة في دلالتها من جهة أن الطريق سواء علمنا بطهارته أم بنجاسته لا يختلف حكمه قبل الثلاثة وبعدها ، فإنّه إن كان طاهراً فهو كذلك قبل الثلاثة وبعدها ، وإذا كان نجساً فكذلك أيضاً ، فلم يظهر لنا وجه صحيح لمدخلية ثلاثة أيام في الحكم الوارد في الرواية.

ومن جملة الأخبار التي يمكن أن يستدل بها على المدعى موثقة ثانية لعمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل إذا قصّ أظفاره بالحديد أو جزّ شعره أو حلق قفاه فانّ عليه أن يمسحه بالماء قبل أن يصلي ، سئل فإن صلّى ولم يمسح من ذلك بالماء؟ قال : يعيد الصلاة لأنّ الحديد نجس ... » (٢) فان حكمه بكفاية المسح بالماء معللاً بأن الحديد نجس يعطي أنّ طبيعة النجس تنجس ملاقياتها بالرطوبة ، وتزول نجاستها بمجرد أن أصابها الماء وهو معنى كفاية الغسل مرّة واحدة. نعم تطبيق ذلك على الحديد لا يخلو من عناية ، لوضوح عدم كون الحديد نجساً ولا أنه منجّس لما يلاقيه إلاّ أنه أمر آخر. والضابط الكلي في المسألة أن ما دلّ على نجاسة الملاقي لشي‌ء من الأعيان النجسة كالأمر بغسله أو بإعادة الصلاة الواقعة فيه ونحوهما ، إما أن يكون مطلقاً وإما أن لا يكون وإنما دلّ على نجاسته في الجملة.

فعلى الثاني لا بدّ من الاكتفاء في نجاسته بالمقدار المتيقن وهو ما إذا لم يغسل الملاقي‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٥٢٢ / أبواب النجاسات ب ٧٥ ح ١.

(٢) الوسائل ١ : ٢٨٨ / أبواب النواقض ب ١٤ ح ٥ ، ٣ : ٥٣٠ / أبواب النجاسات ب ٨٣ ح ٦.

٣٦

أصلاً ولو مرّة واحدة فإنّه حينئذ محكوم بالنجاسة قطعاً ، وأما إذا غسلناه مرّة واحدة فلا محالة يشك في نجاسته وطهارته وبما أنه لا إطلاق لما دلّ على نجاسته ، فلا بدّ من المراجعة إلى الأُصول الجارية في المسألة ، ولا بأس باستصحاب بقاء النجاسة بعد الغسل مرّة بناء على جريانه في الأحكام الكلية الإلهيّة ، وحيث لا نلتزم بذلك يتعيّن الرجوع إلى أصالة الطهارة لا محالة.

وأما على الأوّل فلا مناص من التمسك بإطلاق الدليل عند الشك في نجاسة المتنجِّس وطهارته بعد الغسلة الواحدة ، إلاّ أنك عرفت أن الإطلاق يقتضي كفاية الغسل مرّة في مطلق النجاسات سوى ما قام الدليل فيه على التعدّد.

ثم لو ناقشنا في تلك المطلقات سنداً أو دلالة ولو بدعوى عدم كونها في مقام البيان من تلك الناحية ، فلا بدّ من النظر إلى ما ورد من الدليل في كل واحد من النجاسات فان كان له إطلاق من حيث كفاية الغسل مرّة واحدة مضافاً إلى إطلاقه من حيث بقائه على نجاسته إلى أن يطرأ عليه مزيل فهو ، وإلاّ فلا بدّ من غسله ثانياً حتى يقطع بطهارته ، هذا بحسب كبرى المسألة.

وأمّا تطبيقها على صغرياتها ، فاعلم أن الأدلّة الواردة في نجاسة الأعيان النجسة بأجمعها مطلقة ، وذلك لأنها إنما تستفاد من الأمر بغسلها وإزالتها عن الثوب والبدن أو بإعادة الصلاة الواقعة في ملاقياتها ، والأخبار الآمرة بالغسل مطلقة. فقد ورد في البول « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (١) ومقتضى إطلاقه كفاية الغسل مرّة واحدة ، وقد خرجنا عن ذلك بما دلّ على لزوم التعدّد في بول ما لا يؤكل لحمه أو خصوص بول الإنسان على الخلاف وكذلك الحال في الغائط لأنه بإطلاقه وإن لم ترد نجاسته في رواية إلاّ أنها يستفاد مما دلّ على نجاسة البول لعدم القول بالفصل بينهما. وأما الغائط من الإنسان فهو لا يحتاج إلى الغسل إذ يكفي في إزالته التمسح بالأحجار ونحوها. وورد في الكلب « إن أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله ... » (٢).

__________________

(١) كما في حسنة ابن سنان المروية في الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.

(٢) كما في صحيحة أبي العباس المروية في الوسائل ٣ : ٤١٤ / أبواب النجاسات ب ١٢ ح ١.

٣٧

وفي الخنزير « عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في صلاته كيف يصنع به؟ قال : إن كان دخل في صلاته فليمض ، فان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلاّ أن يكون فيه أثر فيغسله ... » (١) وفي أهل الكتاب « في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني ، قال : من وراء الثوب فان صافحك بيده فاغسل يدك » (٢) وقد أسلفنا تحقيق الكلام في نجاستهم وعدمها في محلِّه (٣) فليراجع. وفي عرق الإبل الجلالة « وإن أصابك شي‌ء من عرقها فاغسله » (٤) نعم بيّنا في محلِّه (٥) عدم نجاسته ، وقلنا إن الوجه في الأمر بغسله أنه من أجزاء ما لا يؤكل لحمه واستصحابها في الصلاة يمنع عن صحتها. وفي المني « إن عرفت مكانه فاغسله وإن خفي عليك فاغسله كلّه » (٦) وفي الميت « يغسل ما أصاب الثوب » (٧) وفي الخمر « إذا أصاب ثوبك فاغسله إن عرفت موضعه وإن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه ، وإن صلّيت فيه فأعد صلاتك » (٨). وفي الدم « إن اجتمع قدر حمصة فاغسله وإلاّ فلا » (٩) أي وإلاّ فلا يعاد منه الصلاة فلا يلزم غسله لذلك ، لا أنه طاهر إذا كان أقل من حمصة كما ذهب إليه الصدوق (١٠).

وهذه الأخبار كما ترى مطلقة دلت على نجاسة الأعيان الواردة فيها كما أنها اقتضت كفاية الغسل مرّة واحدة ، وإن كان لا يعتمد على بعضها لضعف سندها أو‌

__________________

(١) وهي صحيحة علي بن جعفر المروية في الوسائل ٣ : ٤١٧ / أبواب النجاسات ب ١٣ ح ١.

(٢) وهي موثقة أبي بصير المروية في الوسائل ٣ : ٤٢٠ / أبواب النجاسات ب ١٤ ح ٥.

(٣) في مبحث النجاسات قبل المسألة [١٩٨].

(٤) وهي حسنة حفص بن البختري المروية في الوسائل ٣ : ٤٢٣ / أبواب النجاسات ب ١٥ ح ٢.

(٥) في مبحث النجاسات قبل المسألة [٢١٠].

(٦) وهي صحيحة محمّد بن مسلم المروية في الوسائل ٣ : ٤٢٣ / أبواب النجاسات ب ١٦ ح ١.

(٧) وهي حسنة الحلبي المروية في الوسائل ٣ : ٤٦٢ / أبواب النجاسات ب ٣٤ ح ٢.

(٨) وهي صحيحة علي بن مهزيار الآمرة بالأخذ بقول أبي عبد الله عليه‌السلام المروية في الوسائل ٣ : ٤٦٨ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٢.

(٩) وهي رواية مثنى بن عبد السلام المروية في الوسائل ٣ : ٤٣٠ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٥.

(١٠) الفقيه ١ : ٤٢.

٣٨

لغيره من الجهات المتقدِّمة في مواردها ، هذا كله في المتنجِّس بالأعيان النجسة. فتلخص أن المرّة الواحدة كافية في إزالتها.

وأما المتنجِّس بالمتنجس بتلك النجاسات فلا مناص من الحكم بكفاية المرّة الواحدة في تطهيره ، لأن المرّة إذا كانت كافية في إزالة نجاسة الأعيان النجسة كانت موجبة لطهارة المتنجِّس بالمتنجس بها بالأولوية القطعية. نعم ، فيما إذا كانت العين مما يعتبر فيه التعدّد كالبول لم يمكن الحكم بكفاية المرّة في المتنجِّس بها مع الواسطة ، لعدم زوال العين إلاّ بالتعدد ، فهل يلتزم فيه بالتعدد أو تكفي فيه المرّة أيضاً؟

الثاني هو الصحيح ، وذلك لمعتبرة العيص بن القاسم قال : « سألته عن رجل أصابته قطرة من طشت فيه وضوء فقال : إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه » (١) لأن إطلاقها يقتضي الحكم بكفاية الغسلة الواحدة في المتنجِّس بالماء المتنجِّس بالبول أو بغيره من النجاسات ، هذا.

وقد يناقش في الاستدلال بالرواية من جهتين إحداهما : الإضمار ، ويدفعه : أن جلالة شأن العيص مانعة عن احتمال رجوعه في الأحكام الشرعية إلى غير الإمام عليه‌السلام فالإضمار في حقه غير مضر. وثانيتهما : الإرسال ، ويرد عليه : أنّ ظاهر قول الشهيد (٢) أو المحقِّق (٣) قدس‌سرهما قال العيص أو روى أو ما هو بمضمونهما أنه إخبار حسي لأنه ينقلها عن نفس الرجل ، وكلما دار أمر الخبر بين أن يكون إخباراً حسياً أو إخباراً حدسياً حمل على الحس على ما بيّناه في محله ، وبما أن الشهيد لم يكن معاصراً للرجل فلا مناص من حمل قوله هذا على أنه وجدها في كتاب قطعي الانتساب إلى العيص ، وحيث إنه ثقة عدل فيعتمد على نقله وروايته فلا إشكال في الرواية بوجه.

فتحصل أن المتنجِّس بالأعيان النجسة والمتنجِّس به يطهر بغسله مرّة واحدة. نعم الإناء المتنجِّس بالبول أو الولوغ أو بغيرهما من الأعيان النجسة لا بدّ فيه من التعدّد‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢١٥ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٤.

(٢) الذكرى : ٩ السطر ١٧.

(٣) المعتبر ١ : ٩٠.

٣٩

بعد زوال العين (*) فلا تكفي الغسلة المزيلة لها إلاّ أن يصبّ الماء مستمراً بعد زوالها ، والأحوط التعدّد في سائر النجاسات أيضاً ، بل كونهما غير الغسلة المزيلة (١).

[٣١٢] مسألة ٥ : يجب في الأواني إذا تنجست بغير الولوغ الغسل ثلاث مرّات في الماء القليل (٢) وإذا تنجست بالولوغ التعفير بالتراب مرّة وبالماء بعده‌

______________________________________________________

فان له حكماً آخر كما يأتي عن قريب.

وأما إذا تنجس بالمتنجس كما إذا تنجس بالمتنجس بالبول أو الولوغ ، فهل يكفي فيه المرّة الواحدة أو لا بدّ من غسله متعدداً ، كما إذا كان متنجساً بالأعيان النجسة؟ مقتضى إطلاق موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سئل عن الكوز والإناء يكون قذراً كيف يغسل؟ وكم مرّة يغسل؟ قال : يغسل ثلاث مرات يصب فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه ، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ ذلك الماء ، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ منه وقد طهر ... » (٢) أن الإناء إنما يطهر بغسله ثلاث مرات ، سواء في ذلك أن يتنجّس بشي‌ء من الأعيان النجسة أو أن يكون متنجساً بالمتنجس ، إلاّ فيما دلّ الدليل على وجوب غسله زائداً على ذلك.

(١) تكلّمنا على ذلك في البحث عن التطهير من البول (٣) وذكرنا ما توضيحه : أنّ الغسل بمعنى إزالة العين بالماء ، ولا شبهة في أنّ ذلك صادق على الغسلة المزيلة أيضاً ، فمقتضى الإطلاقات كفاية الغسلة المزيلة كغيرها ، ولم يقم دليل على عدم كفاية الغسلة المزيلة في التطهير ، ولم يثبت أنّ الغسلة الأُولى للإزالة والثانية للإنقاء. نعم ، لا بأس بالاحتياط بالغسل مرّتين بعد الغسلة المزيلة.

(٢) لموثقة عمار المتقدِّمة فإن مقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك بين النجاسات والمتنجسات ، وبها يقيد إطلاق صحيحة محمّد بن مسلم قال : « سألته عن الكلب يشرب من الإناء؟ قال : اغسل الإناء » (٤) إلاّ أن الموثقة مختصة بالغسل بالماء القليل‌

__________________

(*) الظاهر كفاية الغسلة المزيلة للعين أيضاً.

(١) الوسائل ٣ : ٤٩٦ / أبواب النجاسات ب ٥٣ ح ١.

(٢) في ص ٢٨.

(٣) الوسائل ١ : ٢٢٥ / أبواب الأسآر ب ١ ح ٣ ، ٢٢٧ / ب ٢ ح ٣.

٤٠