موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

[٢٠١] مسألة ٤ : مَن شكّ في إسلامه وكفره طاهر ، وإن لم يجر عليه سائر أحكام الإسلام (١).

______________________________________________________

السلام ) وقد مرّ أنّ الناصب نجس ، وأمّا إذا لم يكن سبّه لأجل النصب كما إذا كان موالياً للأئمة ومحبّاً لهم إلاّ أنّه سبّهم لداع من الدواعي ففي استلزام ذلك الحكم بنجاسته إشكال ، حيث إن الساب لهم عليهم‌السلام وإن كان يقتل بلا كلام إلاّ أن جواز قتله غير مستتبع لنجاسته ، فإنه كم من مورد حكم فيه بقتل شخص من غير أن يحكم بنجاسته كما في مرتكب الكبيرة ، حيث إنه يقتل في المرة الثالثة أو الرابعة ولا يحكم بنجاسته ، فمقتضى القاعدة طهارة الساب في هذه الصورة وإن كان بحسب الواقع أبغض من الكفّار.

(١) إذا شككنا في إسلام أحد وكفره فتارة نعلم حالته السابقة من الإسلام أو الكفر ولا ينبغي الإشكال حينئذ في جريان استصحاب إسلامه أو كفره ، وبه نرتب عليه آثارهما كالحكم بطهارته وإرثه وجواز مناكحته ووجوب دفنه وغيرها من الآثار المترتبة على إسلامه أو الحكم بنجاسته وغيرها من الآثار المترتبة على كفره ، وهذا كما إذا علمنا بتولده من مسلمين أو من مسلم وغير مسلم فإنه حينئذ ممن نعلم بإسلامه لأجل التبعية لوالديه أو لأشرفهما ، وقد ذكرنا أن الكفر في مثله يتوقف على جحوده وإنكاره فاذا شككنا في جحوده فلا مناص من الحكم بإسلامه بالاستصحاب. وكذا الحال في من علمنا بتولده من كافرين لأن نجاسته متيقنة حينئذ من أجل تبعيّته لوالديه ، وقد عرفت أن الإسلام في مثله يتوقف على أن يعترف بالوحدانية والنبوّة ، فإذا شككنا في أنه اعترف بهما أم لم يعترف فلا بد من استصحاب كفره والحكم بترتب آثاره عليه.

وأُخرى نجهل بحالته السابقة ونشك في إسلامه وكفره بالفعل ، ومقتضى القاعدة في هذه الصورة طهارته من دون أن نرتب عليه إسلامه ولا شيئاً من آثاره كوجوب دفنه وجواز مناكحته ، والوجه في ذلك أن تقابل الكفر والإسلام وإن كان من تقابل العدم والملكة ، والأعدام والملكات من قبيل الأُمور العدمية ، إلاّ أنها ليست عدماً‌

٨١

التاسع : الخمر (*) (١)

______________________________________________________

مطلقاً بل عدم خاص. وبعبارة أوضح أن العدم والملكة ليس مركباً من أمرين أحدهما العدم وثانيهما الملكة كما يعطي ذلك ظاهر التعبير حتى يمكن إحراز المركب منهما بضم الوجدان إلى الأصل بأن يقال في العمى مثلاً إن الملكة وقابليته للإبصار محرزة بالوجدان لأنه إنسان ، وعدم البصر يثبت باستصحابه على نحو العدم الأزلي فإذا ضممنا أحدهما إلى الآخر فيثبت عدم البصر عمن من شأنه الإبصار ، وكذلك الكلام في من يشك في أن له لحية أو أنه أقرع أو غير ذلك مما هو من الأعدام والملكات.

بل الصحيح أنّ الأعدام والملكات إعدام خاصّة ومن قبيل البسائط ، ولا يسعنا التعبير عنها إلاّ بالعدم والملكة لا أن تعبيرنا هذا من جهة أنها مركبة ، وعليه فلا يمكننا إحرازها بضم الوجدان إلى الأصل إذ لا حالة سابقة للإعدام الخاصة ، فلا يصح أن يقال في المقام إن القابلية محرزة بالوجدان لأن من يشك في كفره وإسلامه بالغ عاقل فاذا أثبتنا عدم إسلامه بالاستصحاب لأنه أمر حادث مسبوق بالعدم فبضم الوجدان إلى الأصل نحرز كلا جزئي الموضوع المركب للحكم بالكفر ، وذلك لما مرّ من أنّ الكفر عدم خاص وإذ لا حالة سابقة فلا يجري فيه الاستصحاب ، كما أنّ استصحاب عدم الإسلام غير جار حيث لا أثر عملي له شرعاً ، فاستصحاب عدم الإسلام لإثبات الكفر كاستصحاب عدم الإبصار لإثبات العمى من أظهر أنحاء الأُصول المثبتة ، ومعه لا يمكننا الحكم بكفر من نشك في إسلامه وكفره كما لا يمكننا أن نرتب عليه شيئاً من الآثار المترتبة على الإسلام. نعم ، يحكم بطهارته بمقتضى قاعدة الطهارة للشك في طهارته ونجاسته ، بل ولعلّه أعني الحكم بطهارته مما لا خلاف فيه كما أشرنا إليه سابقا (٢).

(١) نجاسة الخمر هي المعروفة بين أصحابنا المتقدِّمين والمتأخِّرين ، ولم ينقل‌

__________________

(١) ويلحق به النبيذ المسكر ، وأمّا الحكم بالنجاسة في غيره فهو مبني على الاحتياط ، وأما المسكر الذي لم يتعارف شربه كالاسپرتو فالظاهر طهارته مطلقا.

(٢) مرّت الإشارة إليه في شرح العروة ٢ : ٤٧٠ ذيل المسألة [١٨١].

٨٢

الخلاف في ذلك إلاّ من جماعة من المتقدِّمين كالصدوق (١) ووالده في الرسالة (٢) والجعفي (٣) والعماني (٤) وجملة من المتأخِّرين كالأردبيلي (٥) وغيره حيث ذهبوا إلى طهارتها ، واختلافهم في ذلك إنما نشأ من اختلاف الروايات التي هي العمدة في المقام وذلك للقطع بعدم تحقّق الإجماع على نجاسة الخمر بعد ذهاب مثل الصدوق والأردبيلي وغيرهما من الأكابر إلى طهارتها ، كما أن الكتاب العزيز لا دلالة له على نجاستها حيث إن الرجس في قوله عزّ من قائل ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (٦) ليس بمعنى النجس بوجه ، لوضوح أنه لا معنى لنجاسة بقية الأُمور المذكورة في الآية المباركة ، فإنّ منها الميسر وهو من الأفعال ولا يتّصف الفعل بالنجاسة أبداً ، بل الرجس معناه القبيح المعبّر عنه في الفارسية بـ « پليد وزشت ».

وعليه فالمهم هو الأخبار ، ولقد ورد نجاسة الخمر في عدّة كثيرة من الروايات ، ففي جملة منها ورد الأمر بغسل الثوب إذا أصابته خمر أو نبيذ (٧) وفي بعضها أمر بإراقة ما قطرت فيه قطرة من خمر (٨) وفي ثالث : لا والله ولا تقطر قطرة منه ( أي من المسكر ) في حب إلاّ أُهريق ذلك الحب (٩) وفي رابع غير ذلك مما ورد في الأخبار الكثيرة البالغة حدّ الاستفاضة ، بل يمكن دعوى القطع بصدور بعضها عن الأئمة عليهم‌السلام فلا مجال للمناقشة فيها بحسب السند ، كما أن دلالتها وظهورها في نجاسة الخمر مما‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٤٣.

(٢) نقله في المستمسك ١ : ٣٩٩.

(٣) نقله عنه في الذكرى : ١٣ السطر ٢٧.

(٤) نقله عنه في المعتبر ١ : ٤٢٢.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣١٠.

(٦) المائدة ٥ : ٩٠.

(٧) الوسائل ٣ : ٤٦٨ / أبواب النجاسات ب ٣٨ وفيها عدة روايات تدل على المطلب.

(٨) كما في رواية زكريا بن آدم المروية في الوسائل ٣ : ٤٧٠ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٨.

(٩) كما في رواية عمر بن حنظلة المروية في الوسائل ٢٥ : ٣٤١ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٨ ح ١.

٨٣

لا كلام فيه.

وفي قبالها روايات كثيرة فيها صحاح وموثقات وقد دلّت على طهارة الخمر بصراحتها وهي من حيث العدد أكثر من الأخبار الواردة في نجاستها ، ودعوى العلم بصدور جملة منها عن الأئمة عليهم‌السلام أيضاً غير بعيدة ، كما أنها من حيث الدلالة صريحة أو كالصريح ، حيث نفوا عليهم‌السلام البأس عن الصلاة في ثوب أصابه خمر معللاً في بعضها بأنّ الثوب لا يسكر (١) فكأنّ مبغوضية الخمر إنما هي في إسكارها المتحقق بشربها ، وأما عينها كما إذا أصاب منها الثوب مثلاً فمما لا بأس به.

وهاتان الطائفتان متعارضتان متقابلتان فلا بد من علاجهما بالمرجحات وهي تنحصر في موافقة الكتاب ومخالفة العامة على ما قدمناه في محله (٢) وكلا المرجحين مفقود في المقام ، أمّا موافقة الكتاب فلما مرّ من أنه ليس في الكتاب العزيز ما يدل على نجاسة الخمر أو طهارتها ، وأمّا مخالفة العامّة فلأنّ كلاًّ من الطائفتين موافقة للعامّة من جهة ومخالفة لهم من جهة ، فإن العامة على ما نسب إليهم وهو الصحيح ملتزمون بنجاستها (٣) وعليه فروايات الطهارة متقدمة لمخالفتها مع العامة ، إلاّ أن ربيعة الرأي‌

__________________

(١) كما في مصححة الحسن بن أبي سارة المروية في الوسائل ٣ : ٤٧١ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ١٠.

(٢) مصباح الأُصول ٣ : ٤١٤.

(٣) في المغني لابن قدامة الحنبلي ج ١٠ ص ٣٣٧ الخمر نجسة في قول عامة أهل العلم وفي أحكام القرآن للقاضي ابن العربي المالكي ج ٢ ص ٦٥٦ نفى الخلاف في نجاستها بين الناس إلاّ ما يؤثر عن ربيعة أنها محرمة وهي طاهرة كالحرير عند مالك محرم مع انه طاهر. وفي الميزان للشعراني ج ١ ص ١٠٥ ادعى الإجماع على نجاستها عن غير داود حيث حكى عنه القول بطهارتها مع تحريمها. وفي فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج ٤ ص ٤٢٥ انّ جمهور العلماء على ان العلة في منع بيع الميتة والخمر والخنزير النجاسة. وممن صرح بنجاستها ابن حزم في المحلى ج ١ ص ١٩١ والنووي في المنهاج ص ١٥ ووافقه ابن حجر في تحفة المحتاج ج ١ ص ١٢٢ ومنهم الغزالي في الوجيز ١ ص ٦ وإحياء العلوم ج ١ ص ١٥٣. والفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ١٥ والشيرازي في المذهب ج ١ ص ٥٣ والعيني الحنفي في عمدة

٨٤

الذي هو من أحد حكّامهم وقضاتهم المعاصرين لأبي عبد الله عليه‌السلام ممن يرى طهارتها.

على أنّا مهما شككنا في شي‌ء فلا نشك في أن امراءهم وسلاطينهم كانوا يشربون الخمر ولا يجتنبونه ، وعليه فأخبار الطهارة موافقة للعامة عملاً فتتقدم أخبار النجاسة عليها. وعلى الجملة أن أخبار النجاسة مخالفة للعامة من حيث عملهم كما أن أخبار الطهارة مخالفة لهم من حيث حكمهم.

فاذن لا يمكننا علاج المعارضة بشي‌ء من المرجحين ، فلو كنّا نحن ومقتضى الصناعة العلمية لحكمنا بطهارة الخمر لا محالة ، وذلك لأنّا إن نفينا المعارضة بين الطائفتين نظراً إلى أن إحداهما صريحة في مدلولها والأُخرى ظاهرة ، فمقتضى الجمع العرفي بينهما تقديم روايات الطهارة على أخبار النجاسة لصراحتها في طهارة الخمر ونفي البأس عن الصلاة في ثوب أصابته خمر بحمل أخبار النجاسة على الاستحباب لكونها ظاهرة في نجاستها كما في أمره عليه‌السلام بغسل الثوب الذي أصابته خمر أو إهراق المائع الذي قطرت فيه قطرة منها ، فنرفع اليد عن ظهورها في الإرشاد إلى نجاسة الخمر بصراحة أخبار الطهارة في طهارتها فتحمل على الاستحباب لا محالة فلا مناص من الحكم بطهارة الخمر.

وإن أثبتنا التعارض بينهما وقلنا إن المقام ليس من موارد الجمع العرفي بين المتعارضين لما حررناه في محله من أن مورد الجمع العرفي بحمل الظاهر من المتقابلين على نصهما ، إنما هو ما إذا كان المتعارضان على نحو إذا ألقيناهما على أهل العرف لم يتحيروا بينهما بل رأوا أحدهما قرينة على التصرف في الآخر ، وليس الأمر كذلك في المقام ، لأنّ أمره عليه‌السلام بالإراقة والإهراق إذا انضمّ إليه نفيه ( عليه‌السلام )

__________________

القارئ ج ٥ ص ٦٠٦ والكاساني الحنفي في بدائع الصنائع ج ٥ ص ١١٣. نعم ، قال النووي في المجموع ج ٢ ص ٥٦٣ انه لا يظهر من الآية دلالة ظاهرة على نجاسة الخمر إلى أن قال : وأقرب ما يقال فيها ما ذكره الغزالي من أنه يحكم بنجاستها تغليظاً وزجراً قياساً على الكلب وما ولغ فيه.

٨٥

البأس عن الصلاة في ثوب أصابته خمر وأُلقيا على أهل العرف لتحيروا بينهما لا محالة ولا يرون أحدهما قرينة على التصرف في الآخر بوجه ، فأيضاً لا بد من الحكم بطهارة الخمر لأن الطائفتين متعارضتان ولا مرجّح لإحداهما على الأُخرى ، ومقتضى القاعدة هو التساقط والرجوع إلى قاعدة الطهارة وهي تقتضي الحكم بطهارة الخمر كما مرّ.

ولكن هذا كلّه بمقتضى الصناعة العلمية مع قطع النظر عن صحيحة علي بن مهزيار قال : « قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه‌السلام جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل أنهما قالا : لا بأس بأن تصلِّي فيه إنّما حرم شربها. وروى عن ( غير ) زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعني المسكر فاغسله إن عرفت موضعه ، وإن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه ، وإن صليت فيه فأعد صلاتك. فأعلمني ما آخذ به ، فوقّع عليه‌السلام بخطّه وقرأته : خذ بقول أبي عبد الله عليه‌السلام » (١) وأمّا مع هذه الصحيحة فالأمر بالعكس ولا مناص من الحكم بنجاسة الخمر ، وذلك لأنّ الصحيحة ناظرة إلى الطائفتين ومبينة لما يجب الأخذ به منهما فهي في الحقيقة من أدلّة الترجيح وراجعة إلى باب التعادل والترجيح ، وغاية الأمر أنها مرجحة في خصوص هاتين المتعارضتين فلا مناص عن الأخذ بمضمونها وهي دالّة على لزوم الأخذ بقول أبي عبد الله عليه‌السلام وهو الرواية الدالة على نجاسة الخمر وعدم جواز الصلاة فيما أصابه دون رواية الطهارة ، لأنها قول الباقر والصادق عليهما‌السلام معاً وغير متمحضة في أن تكون قول الصادق عليه‌السلام وحده.

هذا على أن الرواية الدالة على طهارة الخمر أيضاً لو كانت مرادة من قول أبي عبد الله عليه‌السلام لكان هذا موجباً لتحير السائل في الجواب ، ولوجب عليه إعادة السؤال ثانياً لتوضيح مراده وأنّ قول الصادق عليه‌السلام أيّة رواية ، فإنّ له عليه‌السلام حينئذ قولين متعارضين ، وحيث إن السائل لم يقع في الحيرة ولا أنه أعاد سؤاله فيستكشف منه أنه عليه‌السلام أراد خصوص الرواية الدالة على نجاسة‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٦٨ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٢.

٨٦

الخمر لأنها المتمحضة في أن تكون قوله عليه‌السلام كما مرّ.

وبهذا المضمون رواية أُخرى عن خيران الخادم ، قال : « كتبتُ إلى الرجل عليه‌السلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلّى فيه أم لا؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه فقال بعضهم : صلّ فيه ، فانّ الله إنما حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تصلّ فيه ، فكتب عليه‌السلام لا تصلّ فيه فإنّه رجس » الحديث (١) إلاّ أنها إنما تصلح أن تكون مؤيدة للمدعى وغير صالحة للمرجحية بوجه ، لعدم كونها ناظرة إلى الطائفتين وعدم ذكر شي‌ء منهما في الرواية ، نعم يمكن إرجاعها إلى الصحيحة نظراً إلى أنّ اختلاف أصحابنا إنما نشأ من اختلاف الطائفتين فكأنه عليه‌السلام حكم بترجيح أخبار النجاسة على معارضاتها ، إلاّ أنّ الرواية مع ذلك غير قابلة للاستدلال بها ، فان في سندها سهل بن زياد والأمر في سهل ليس بسهل لعدم ثبوت وثاقته في الرجال.

والذي تحصّل عما ذكرناه في المقام أنّ الاحتمالات في المسألة أربعة :

أحدها : تقديم أخبار النجاسة على أخبار الطهارة من جهة الصحيحة المتقدِّمة. وقد عرفت أن هذا الاحتمال هو المتعين المختار.

وثانيها : تقديم أخبار الطهارة على روايات النجاسة من جهة الجمع العرفي المقتضي لحمل الظاهر منهما على النص أو الأظهر ، وحمل الأوامر الواردة في غسل ما يصيبه الخمر على التنزه والاستحباب.

وثالثها : تقديم أخبار الطهارة على أخبار النجاسة بمخالفتها للعامة بعد عدم إمكان الجمع العرفي بينهما.

ورابعها : التوقف لتعارض الطائفتين وتكافئهما فان كل واحدة منهما مخالفة للعامّة من جهة وموافقة لهم من جهة ، فأخبار الطهارة موافقة لهم عملاً ومخالفة لهم بحسب الحكم والفتوى ، كما أن روايات النجاسة موافقة معهم بحسب الحكم ومخالفة لهم عملاً فلا ترجيح في البين فيتساقطان ولا بد من التوقف حينئذ. هذه هي الوجوه المحتملة في المقام ولكنها غير الوجه الأول منها تندفع بصحيحة علي بن مهزيار ، حيث إن‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٦٩ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٤.

٨٧

بل كل مسكر مائع بالأصالة (١)

______________________________________________________

القاعدة وإن اقتضت الأخذ بأحد هذه المحتملات إلاّ أن الصحيحة منعتنا عن الجري على طبق القاعدة ودلتنا على وجوب الأخذ بروايات النجاسة وتقديمها على أخبار الطهارة لما عرفت من حكومتها على كلتا الطائفتين.

ودعوى أنّ الصحيحة لموافقتها مع العامة بحسب الحكم أيضاً محمولة على التقيّة فهي غير صالحة للمرجحية بوجه ، مندفعة بأنّ مقتضى الأصل الأولي صدور الرواية بداعي بيان الحكم الواقعي ، ولا مسوّغ لرفع اليد عن ذلك إلاّ بقرينة كما إذا كانت الرواية معارضة برواية أُخرى تخالف العامّة ، وحيث إن الصحيحة غير معارضة بشي‌ء فلا موجب لحملها على التقية لأنه بلا مقتض.

هذا ، ثم إن الصحيحة قرينة على حمل أخبار الطهارة على التقية وذلك لأنها لم تنف صدور الحكم بطهارة الخمر عن الصادقين عليهما‌السلام وإنما دلت على لزوم الأخذ بما دلّ على نجاستها فبذلك لا بد من حمل أخبار الطهارة على التقية ، فلعلها صدرت موافقة لعمل أُمراء العامة وحكّامهم وسلاطينهم لبعد اجتنابهم عن الخمر كما مرّ ، فاذا سقطت أخبار الطهارة عن الاعتبار فلا محالة تبقى أخبار النجاسة من غير معارض بشي‌ء.

(١) لا ريب ولا إشكال في أن المسكرات المائعة بالأصالة ملحقة بالخمر من حيث حرمة شربها ، لما ورد في جملة من الأخبار من أن الله لم يحرّم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها (١) مضافاً إلى غيرها من الأخبار الواردة في حرمة مطلق المسكر (٢) وإنما الكلام كلّه في أنها ملحقة بها من حيث نجاستها أيضاً أو أنها محكومة بالطهارة فقد يقال بنجاستها كالخمر ويستدل عليها بوجوه :

الأوّل : الإجماع المنعقد على الملازمة بين حرمة شربها ونجاستها. ولا يخفى ما فيه‌

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٣٤٢ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٩ ح ١ ٣.

(٢) الوسائل ٢٥ : ٣٢٥ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٥ ح ١ ٣٠.

٨٨

لأنّ الإجماع على نجاسة نفس الخمر غير ثابت لما مرّ من ذهاب جماعة إلى طهارتها فما ظنك بنجاسة المسكر على إطلاقه. ودعوى أنّ الإجماع المدعى إجماع تقديري ومعناه أن القائل بطهارة الخمر كالأردبيلي ومن تقدمه أو لحقه لو كان يقول بنجاستها لقال بنجاسة المسكرات المائعة على إطلاقها ، مندفعة بأنها رجم بالغيب ، فمن أين علمنا بأنهم لو كانوا قائلين بنجاسة الخمر لالتزموا بنجاسة جميع المسكرات المائعة. هذا على أنّا لو سلمنا قيام إجماع فعلي على نجاسة المسكرات لم نكن نعتمد عليه لأنه ليس إجماعاً تعبدياً كاشفاً عن قول المعصوم عليه‌السلام حيث إنّا نحتمل استنادهم في ذلك إلى الأخبار الآتية فكيف بالإجماع التقديري فهذه الدعوى ساقطة.

الثاني : الأخبار الآمرة بإهراق ماء الحب الذي قطرت فيه قطرة من المسكر كما في رواية عمر بن حنظلة « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ، ما ترى في قدح من مسكر يصب عليه الماء حتى تذهب عاديته ويذهب سكره؟ فقال : لا والله ولا قطرة قطرت في حب إلاّ أُهريق ذلك الحب » (١) والناهية عن الصلاة في ثوب أصابه مسكر كما في موثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا تصل في بيت فيه خمر ولا مسكر لأن الملائكة لا تدخله ، ولا تصل في ثوب قد أصابه خمر أو مسكر حتى تغسله » (٢) وصحيحة علي بن مهزيار المتقدِّمة (٣) الآمرة بالأخذ بما ورد في نجاسة النبيذ المسكر فان هذه الأخبار دلتنا على نجاسة جميع المسكرات بإطلاقها وإن لم تكن خمراً.

والجواب عن ذلك : أن رواية عمر بن حنظلة ضعيفة لعدم توثيقه في الرجال وإن عبّر عنها بالصحيحة في بعض الكلمات. نعم ، له رواية أُخرى (٤) قد تلقاها الأصحاب بالقبول وعنونوها في بحث التعادل والترجيح ومن ثمة سميت بمقبولة عمر بن حنظلة ، إلاّ أن قبول رواية منه في مورد مما لا دلالة له على قبول جميع رواياته بعد ما لم ينص الأصحاب في حقه بجرح ولا تعديل ، اللهُمَّ إلاّ أن يستدل على وثاقته برواية يزيد بن‌

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٣٤١ أبواب الأشربة المحرمة ب ١٨ ح ١.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٧٠ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٧.

(٣) في ص ٨٦.

(٤) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.

٨٩

خليفة ، قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذن لا يكذب علينا ... » (١) لأنه توثيق له منه عليه‌السلام ، ولكنّه أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه لأن الرواية بنفسها ضعيفة فلا يعتمد عليها في شي‌ء (٢).

والصحيحة إنما دلت على نجاسة خصوص النبيذ المسكر ، لأنّ للنبيذ قسمين : مسكر حرام وغير مسكر حلال وقد دلت الصحيحة على نجاسة خصوص المسكر منه ، ولا دلالة لها على المدعى وهو نجاسة كل مسكر وإن لم يتعارف شربه. وأما موثقة عمّار فهي وإن كانت موثقة بحسب السند إلاّ أنها معارضة كما يأتي تفصيله ومعها لا يمكن الاستدلال بها بوجه. ونحن إنما حكمنا بنجاسة الخمر بصحيحة علي ابن مهزيار ولم نعتمد فيه على هذه الموثقة وغيرها مما ورد في نجاستها لابتلائها بالمعارض كما مر.

هذا وقد يقال : إن الأخبار الواردة في نجاسة الخمر متقدمة على الأخبار الواردة في طهارتها ولو من جهة الصحيحة المتقدمة ، وقد قدمنا أن أخبار الطهارة محمولة على التقية بقرينة الصحيحة المذكورة ، وعليه فأخبار النجاسة التي منها موثقة عمّار مما لا معارض له فلا مناص من العمل على طبقها ، وقد دلت الموثقة على نجاسة المسكر مطلقاً وإن لم يتعارف شربه كما في المادة الألكلية المعروفة بالاسپرتو.

ويدفع ذلك أمران : أحدهما : أن المسكر ينصرف إلى المسكرات المتعارف شربها وأما ما لم يتعارف شربه بين الناس أو لم يمكن شربه أصلاً وإن كان يوجب الإسكار على تقدير شربه فهو أمر خارج عن إطلاق المسكر في الموثقة ، ولا سيما بلحاظ عدم تحققه في زمان تحريم الخمر والمسكر لأنه إنما وجد في الأعصار المتأخرة ، فدعوى انصراف المسكر عن مثله ليست بمستبعدة. وقد ادعى بعض المعاصرين في هامش تقريره لبحث شيخنا الأُستاذ قدس‌سره أن ما ورد في المنع عن بيع الخمر والمسكر‌

__________________

(١) الوسائل ٤ : ١٣٣ أبواب المواقيت ب ٥ ح ٦.

(٢) وذلك لأنّ يزيد بن خليفة واقفي ولم تثبت وثاقته ، على أنّ في سندها محمّد بن عيسى عن يونس وهو مورد الكلام في الرجال.

٩٠

من الروايات منصرفة عن المادة المعروفة بالألكل وأن المطلقات إنما تشمل المسكرات المتعارفة التي هي قابلة للشرب دون ما لم يتعارف شربه.

وثانيهما : أن الموثقة معارضة فإن الأخبار الواردة في الخمر والمسكر على طوائف أربع : الأُولى والثانية : ما دلّ على نجاسة الخمر وما دلّ على طهارتها. الثالثة : ما ورد في طهارة المسكر مطلقاً وهو موثقة ابن بكير قال : « سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده عن المسكر والنبيذ يصيب الثوب ، قال : لا بأس » (١). الرابعة : ما ورد في نجاسة مطلق المسكر كما في موثقة عمّار والصحيحة المتقدِّمة ، وقد أسلفنا أن ما دلّ منها على نجاسة الخمر متقدمة على معارضتها للصحيحة المتقدِّمة ، وأمّا ما دلّ على نجاسة مطلق المسكر وطهارته فهما متعارضان ولا مرجّح لأحدهما على الآخر ، لأن فتوى العامّة وعملهم في مثل المسكر غير المتعارف شربه غير ظاهرين فالترجيح بمخالفة العامّة غير ممكن ولا مناص معه من الحكم بتساقطهما والرجوع إلى قاعدة الطهارة ، وهي تقتضي الحكم بطهارة كل مسكر لا يطلق عليه الخمر عرفاً.

الثالث : ما ذكره صاحب الحدائق قدس‌سره (٢) من أن الخمر ليست اسماً لخصوص مائع خاص بل يعمه وجميع المسكرات لأنها حقيقة شرعية في الأعم ، فإن الخمر ما يخامر العقل كان هو المائع المخصوص أو غيره مما يوجب الإسكار ، وقد ورد في تفسير الآية المباركة ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ... ) (٣) أنّ كل مسكر خمر (٤). ويتوجّه عليه أن الوجه في تسمية الخمر خمراً وإن كان هو ما نقله عن بعض أهل اللّغة من أنه يخامر العقل ويخالطه (٥) إلاّ أنه لم يدلّنا دليل على أن كل ما يخامر العقل خمر أو نجس‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧١ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ١١.

(٢) الحدائق ٥ : ١١٢.

(٣) المائدة ٥ : ٩٠.

(٤) علي بن إبراهيم في تفسيره [ تفسير القمي ١ : ١٨٠ ] عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) الآية. « أما الخمر فكل مسكر من الشراب إذا أخمر فهو خمر ... » المروية في الوسائل ٢٥ : ٢٨٠ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١ ح ٥.

(٥) الحدائق ٥ : ١١٥.

٩١

لأنّ البنج أيضاً يخامر العقل إلاّ أنه ليس بخمر ولا أنه نجس. وأما ما ورد في تفسير الآية المباركة فهو مما لا دلالة له على نجاسة الخمر حتى يدل على نجاسة كل مسكر وإنما يدل على أن الخمر رجس يجب الاجتناب عنه ، ولا نخصِّص هذا بالخمر بل نلتزم أنّ كل مسكر رجس.

الرابع : الأخبار الواردة في نجاسة النبيذ المسكر ، وهي جملة من الروايات وقد عطف النبيذ المسكر في بعضها على الخمر (١) فيستكشف من ذلك أن النجاسة تعم الخمر وغيرها من المسكرات ، مضافاً إلى ما ورد من أن للخمر أقساماً وأنها لا تختص بما صنع من عصير العنب كما في صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الخمر من خمسة : العصير من الكرم ، والنقيع من الزبيب ، والبتع من العسل ، والمرز من الشعير ، والنبيذ من التمر » (٢). وعليه فلا فرق في النجاسة بين الخمر وبين غيرها من المسكرات.

والجواب عن ذلك : أنّ الروايات المشتملة على عطف النبيذ المسكر على الخمر إنما دلّت على حرمة النبيذ أو على نجاسته ، إمّا من جهة أنه أمر خارج عن حقيقة الخمر ولكنه أيضاً محكوم بحرمته ونجاسته كما لعلّه الصحيح حيث إنّ مجرّد إلقاء مقدار من التمر في ماء ومضي مقدار من الزمان على ذلك لا يكفي في صيرورة الماء خمراً لأنها تحتاج إلى صنعة خاصة ، فلو كان ذلك كافياً في صنعها لتمكن كل شارب من إيجادها وصنعها في بيته ولم يكن لغلاء ثمنها وجه ، فالنبيذ خارج عن الخمر حقيقة إلاّ أن الدليل دلّ على حرمته ونجاسته. وإما من جهة أنه خمر في الحقيقة وإنما خصّوه بالذكر من بين أفرادها من باب التعرض لبيان الفرد الخفي لخفاء كونه منها ، وعلى أي حال لا دلالة لها على أن كل مسكر نجس.

وأمّا ما دلّ على أن للخمر أقساماً متعددة فهو أيضاً كسابقه مما لا دلالة له على نجاسة كل مسكر ، وإنما يدل على تعدّد مصاديق الخمر وعدم انحصارها بما يصنع من‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٦٨ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ذيل الحديث ٢ ، ٣ ، ٨.

(٢) الوسائل ٢٥ : ٢٨٠ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١ ح ٣.

٩٢

العصير العنبي ، وهذا أمر لا ننكره بوجه ونسلّم النجاسة في كل ما صدق عليه عنوان الخمر خارجاً ، كيف ولعل الخمر من العنب لم يكن له وجود في زمان نزول الآية المباركة أصلاً ولا في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنما كان المتعارف غيرها من أفرادها. وعلى الجملة لا إشكال في نجاسة كل ما صدق عليه أنه خمر خارجاً وإنما كلامنا في نجاسة المسكر الذي لا يصدق عليه أنه خمر ، وقد عرفت أنه لا دلالة في شي‌ء من الأخبار المتقدمة على نجاسته.

الخامس : الأخبار الواردة في أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام (١). والجواب عنها أن الأخبار المستدل بها مضافاً إلى ضعف أسنادها قاصرة الدلالة على هذا المدعى لأن الظاهر المستفاد من قران قوله : « كل خمر حرام » لقوله « كل مسكر خمر » أن التشبيه والتنزيل إنما هما بلحاظ الحرمة فحسب لا أن المسكر منزّل منزلة الخمر في جميع آثاره وأحكامه. ولقد أنتج ما تلوناه عليك في المقام أن المادة المعروفة بالألكل والإسپرتو التي يتخذونها من الأخشاب وغيرها لا يمكن الحكم بنجاستها ، حيث لا يصدق عليها عنوان الخمر عرفاً وإن كانت مسكرة كما قيل وأما المتخذة من الخمر المعبّر عنها بـ ( جوهر الخمر ) التي تتحصل بتبخيرها وأخذ عرقها فهي أيضاً كسابقتها غير محكومة بالنجاسة بوجه ، لما قدمناه في محله من أن التبخير يوجب الاستحالة وهي تقتضي الطهارة كما في بخار البول وغيره من الأعيان النجسة (٢) وعليه فإذا أُخذ بخار الخمر ولم يلاقه شي‌ء من الأعيان النجسة فمقتضى القاعدة الحكم بطهارته ، لأنّ الألكل لا يسمّى عندهم خمراً كما أنه ليس بخمر حقيقة لفرض استحالته وإن كان مسكراً على تقدير شربه. هذا كلّه على طبق القاعدة إلاّ أن الإجماع التقديري المتقدِّم في صدر المسألة وانعقاد الشهرة الفتوائية على نجاسة جميع المسكرات أوقفنا عن الحكم بطهارة غير الخمر من المسكرات التي يتعارف شربها وألزمنا‌

__________________

(١) كما في رواية عطاء بن ياسر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلّ مسكر حرام وكل مسكر خمر ». إلى غير ذلك من الأخبار المروية في الوسائل ٢٥ : ٣٣٦ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٥ ح ٥ وغيرها.

(٢) في المسألة [٣٦٥].

٩٣

وإن صار جامداً بالعرض (١) لا الجامد (٢) كالبنج ، وإن صار مائعاً بالعرض.

______________________________________________________

بالاحتياط اللاّزم في المقام.

(١) لا إشكال في أن الخمر أو المسكر على تقدير القول بنجاسته إذا جفت وانعدمت بتبدلها هواءً لا يحكم بنجاستها لارتفاع موضوعها. نعم ، الآنية الملاقية لهما قبل انعدامهما متنجسة فلا بدّ من غسلها ثلاث مرّات كما يأتي في محلّه (١). هذا فيما إذا انعدمت الخمر ولم تبق لها مادة بعد صيرورتها هواء ، وأما إذا جفت وصارت كالربّ لأجل ما فيها من المواد أو انجمدت كما ينجمد الماء على تقدير تحقّق الانجماد في مثل الخمر والألكل ونحوهما فلا ينبغي التردد في نجاسة الجامد منها ، لوضوح أن الجفاف والانجماد ليسا من المطهرات ، وقد كانت المادة جزءاً من الخمر أو المسكر قبل جفافهما وكانت محكومة بالنجاسة حينئذ ولم يرد عليها مطهر شرعي فيحكم بنجاستها لا محالة. نعم ، يمكن أن يزول عنها إسكارها لأنه من خواص المواد الألكلية الموجودة في الخمر وهي سريعة الفناء وتنقلب هواء في أسرع الزمان إلاّ أن ذلك لا يوجب الحكم بطهارة المادة اليابسة ، لما عرفت من أنها كانت جزءاً من الخمر قبل الجفاف ولم يرد عليها مطهر بعد الجفاف. هذا كلّه في المسكر المائع بالأصالة الذي صار جامداً بالعرض.

(٢) بالأصالة وإن انقلب مائعاً بالعرض ، وهل يحكم بنجاسته؟ بعد الفراغ عن حرمته لقوله عليه‌السلام : « إن الله سبحانه لم يحرِّم الخمر لاسمها ولكن حرّمها لعاقبتها ... » كما تقدّم (٢) وغيره من الأخبار الواردة في حرمة المسكر على إطلاقه ، فإن اعتمدنا في الحكم بنجاسة المسكر المائع بالأصالة على الإجماع المدعى في المسألة ، فمن الظاهر أنه لا إجماع على النجاسة في المسكرات الجامدة بالأصالة فلا يمكن الحكم بنجاسة الجوامد من المسكرات. كما أنه إذا قلنا بنجاسة المسكرات المائعة من جهة أنها‌

__________________

(١) في المسألة [٣١٤].

(٢) في ص ٨٨.

٩٤

[٢٠٢] مسألة ١ : ألحقَ المشهور بالخمر العصير العنبي إذا غلى قبل أن يذهب ثلثاه وهو الأحوط وإن كان الأقوى طهارته (١).

______________________________________________________

خمر حقيقة لأنها اسم وحقيقة شرعية لكل ما يخامر العقل ويستره كما ادعاه صاحب الحدائق قدس‌سره (١) ، فأيضاً لا سبيل إلى الحكم بنجاسة المسكر الجامد للقطع الوجداني بعدم كونه خمراً ، لأنها على تقدير كونها اسماً لكل مسكر لا لمسكر خاص فإنما تختص بالمسكرات المشروبة دون المأكولة ، فانّ البنج لا تطلق عليه الخمر أبداً.

وأمّا إذا بنينا على نجاسة المسكر المائع بقوله عليه‌السلام « كلّ مسكر حرام » و « كلّ مسكر خمر » (٢) فهل يمكننا الحكم بنجاسة المسكر الجامد بدعوى أنه خمر تنزيلية؟ الصحيح : لا ، وذلك أمّا أوّلاً فلأجل ضعف سندها كما مرّ ، وأمّا ثانياً فلأجل أنّ التنزيل إن تمّ ولم نناقش فيه بما مرّ فإنما يتم فيما يناسب التنزيل والتشبيه والذي يناسب أن ينزّل منزلة الخمر إنما هو المسكرات المائعة دون الجوامد لبعد تنزيل الجامد منزلة المائع ، فهل ترى من نفسك أن لبس لباس إذا فرضناه موجباً للإسكار يصحّ أن يقال إنّ اللبس خمر؟ هذا كلّه على أنّ المسألة اتفاقيّة ولم يذهب أحد إلى نجاسة المسكر الجامد.

(١) العصير على ثلاثة أقسام : العنبي والتمري والزبيبي.

أما العصير العنبي ففي نجاسته بالغليان قبل أن يذهب ثلثاه قولان معروفان في الأعصار المتأخرة أحدهما : أنه ملحق بالخمر

من حيث نجاسته وحرمته ، وذهاب الثلثين مطهّر ومحلل له. وثانيهما : أنه ملحق بالخمر من حيث حرمته فحسب فذهاب ثلثيه محلل فقط. هذا وعن المستند أن المشهور بين الطبقة الثالثة يعني طبقة متأخري المتأخرين الطهارة ، والمعروف بين الطبقة الثانية أي المتأخِّرين النجاسة (٣).

__________________

(١) تقدّم في ص ٩١.

(٢) الوسائل ٢٥ : ٣٢٦ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٥ ح ٥.

(٣) مستند الشيعة ١ : ٢١٤.

٩٥

وأمّا الطبقة الأُولى وهم المتقدِّمون فالمصرح منهم بالنجاسة أما قليل أو معدوم ، وعليه فدعوى الإجماع على نجاسة العصير العنبي إذا غلى ولم يذهب ثلثاه ساقطة ، كيف ولم يتحقق الإجماع على نجاسة الخمر فما ظنك بنجاسة العصير ، لما عرفته من الخلاف فيها بين الطبقات. ومما يؤيد ذلك بل يدل عليه أن صاحبي الوافي (١) والوسائل (٢) لم ينقلا روايات العصير في باب النجاسات وإنما أورداها في باب الأشربة المحرمة ، فلو كان العصير العنبي كالخمر من أحد النجاسات لنقلا رواياته في بابها كما نقلا أخبار الخمر كذلك ، ولم يكن لترك نقلها في باب النجاسات وجه صحيح.

وأمّا الاستدلال على نجاسته بما استدل به على نجاسة المسكر ففيه مضافاً إلى عدم استلزام الغليان الإسكار ، ما قدّمناه من عدم تماميته في نفسه وعدم ثبوت نجاسة كل مسكر كما مرّ. نعم ، لا كلام في حرمة شرب العصير العنبي إذا غلى ولم يذهب ثلثاه إلاّ أنها أجنبية عما نحن بصدده في المقام. وما ورد في بعض الروايات من أنه لا خير في العصير إن طبخ حتى يذهب ثلثاه وبقي منه ثلث واحد (٣) لا دلالة له على نجاسته بوجه لأن خيره شربه فاذا غلى يصح أن يقال إنه لا خير فيه حتى يذهب ثلثاه لحرمة شربه قبل ذهابهما ، وذلك لوضوح أن الخير فيه لا يحتمل أن يكون هو استعماله في رفع الحدث أو الخبث ولو قلنا بطهارته لأنه ليس بماء ، فنفي الخير عنه نفي للأثر المرغوب منه وهو الشرب وقد عرفت صحته. ومن المضحك الغريب الاستدلال على نجاسة العصير بعد غليانه بما ورد في جملة من الأخبار من منازعة آدم وحواء ونوح عليهم‌السلام مع الشيطان ( لعنه الله تعالى ) في عنب غرسه آدم وما غرسه نوح عليه‌السلام وأن الثلثين له والثلث لآدم أو نوح (٤) فالسنّة جرت على ذلك ، أو‌

__________________

(١) الوافي ٢٠ : ٦٥١.

(٢) الوسائل ٢٥ : ٢٧٩ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١ ح ١ ، ٣ وغيرهما.

(٣) كما في روايتي أبي بصير ومحمد بن الهيثم المرويتين في الوسائل ٢٥ : ٢٨٥ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٢ ح ٦ ، ٧.

(٤) الوسائل ٢٥ : ٢٨٢ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٢ ح ٢ ، ٤ وغيرهما.

٩٦

بما ورد من أن الخمر يصنع من عدة أُمور منها العصير من الكرم (١) وذلك لأنها أجنبية عن الدلالة على نجاسة العصير رأساً.

وعليه فالمهم في الاستدلال على نجاسته موثقة معاوية بن عمّار المروية عن الكافي والتهذيب ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يعني به الشيعة يأتيني بالبختج ويقول : قد طبخ على الثلث ، وأنا أعرف أنه يشربه على النصف أفأشربه بقوله وهو يشربه على النصف؟ فقال : خمر لا تشربه ، قلت : فرجل من غير أهل المعرفة يشربه على الثلث ، ولا يستحله على النصف يخبرنا أن عنده بختجاً قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه يشرب منه؟ قال : نعم » (٢) حيث دلتنا هذه الموثقة على عدم الاعتناء بقول ذي اليد وإخباره عن ذهاب ثلثي العصير وأن المناط في سماع قوله اعتقاده وعمله ، فان كان معتقداً بجواز شربه على النصف وكان عمله أيضاً شربه عليه فلا يعتد باخباره ، وأما إذا اعتقد جوازه على الثلث كما أن عمله كان شربه على الثلث فيعتمد على إخباره. كما دلتنا على أن العصير العنبي بعد غليانه وقبل أن يذهب ثلثاه خمر تنزيلية فيترتب عليه ما كان يترتب عليها من أحكامها وآثارها التي منها نجاستها ، لأنّ البختج على ما فسروه بمعنى « پخته » فالمراد منه هو العصير العنبي المطبوخ.

هذا وقد نوقش في الاستدلال بها من وجوه :

الأوّل : أنّ البختج لم يثبت أنه بمعنى مطلق العصير المطبوخ وإن فسّره به جمع منهم المحدِّث الكاشاني قدس‌سره (٣) بل الظاهر أنه عصير مطبوخ خاص وهو الذي يسمّى عندنا بالربّ كما في كلام المحقق الهمداني قدس‌سره (٤) ومن المحتمل القوي أن يكون هذا القسم مسكراً قبل استكمال طبخه ، وعليه فغاية ما تقتضيه هذه الموثقة‌

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٢٧٩ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١ ح ١ ، ٣.

(٢) الكافي ٦ : ٤٢١ / ٧ ، التهذيب ٩ : ١٢٢ / ٥٢٦ ، الوسائل ٢٥ : ٢٩٣ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٧ ح ٤.

(٣) الوافي ٢٠ : ٦٥٤.

(٤) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٥٥١ السطر ٣٥.

٩٧

تنزيل خصوص هذا القسم من العصير منزلة الخمر بجامع إسكارهما ، ولا نضايق نحن من الالتزام بنجاسة القسم المسكر منه للموثقة ، وأما مطلق العصير العنبي المطبوخ وإن لم يكن مسكراً فلا دلالة لها على نجاسته بوجه.

ويدفعه : أن تفسير البختج بالقسم المسكر من العصير المطبوخ مخالف صريح لما حكم به عليه‌السلام في ذيل الموثقة من طهارته وجواز شربه إذا كان المخبر ممن يعتقد حرمة شربه على النصف وكان عمله جارياً على الشرب بعد ذهاب الثلثين. والوجه في المخالفة أن البختج لو كان هو القسم المسكر من العصير لم يكن وجه لحكمه عليه‌السلام بطهارته وجواز شربه عند اخبار من يعتبر قوله بذهاب الثلثين ، لأن ذهابهما وإن كان مطهّراً للعصير لو قلنا بنجاسته أو محللاً له إلاّ أنه لا يكون مطهراً للمسكر أبداً لأنه محكوم بنجاسته وحرمة شربه ذهب ثلثاه أم لم يذهبا ، فمن هذا نستكشف أن البختج ليس بمعنى القسم المسكر من العصير ، وإنما معناه مطلق العصير المطبوخ كما فسّره به جماعة. وظني وإن كان لا يغني من الحق شيئاً أن البختج معرّب « پختك » والكاف في الفارسية علامة التصغير فمعنى « پختك » حينئذ ما طبخ طبخاً غير تام وهو الذي لم يذهب ثلثاه ، ثم أُبدل الكاف بالجيم كما هو العادة في تعريب الألفاظ الأجنبية ، فإن أواخرها إذا كانت مشتملة على لفظة كاف تتبدل بالجيم كما في البنفسج الذي هو معرّب « بنفشك » ، فالنتيجة أن البختج بمعنى العصير المطبوخ فهذه المناقشة غير واردة.

الثاني : أنّ الرواية على ما رواه الكليني قدس‌سره غير مشتملة على لفظة « خمر » بعد قوله فقال ، وإنما تشتمل على قوله عليه‌السلام لا تشربه ، وعليه فلا دلالة لها على نجاسة العصير وإنما تدل على حرمة شربه فحسب. نعم ، نقلها الشيخ قدس‌سره في تهذيبه مشتملة على لفظة خمر فالرواية هكذا : فقال : خمر لا تشربه ، وإن لم ينقل هذه اللّفظة في شي‌ء من الوافي والوسائل مع إسنادهما الرواية إلى الشيخ أيضاً.

ومن هنا تعجب في الحدائق من صاحبي الوافي والوسائل حيث نقلا الرواية عن‌

٩٨

الكليني غير مشتملة على لفظة خمر ونسباها إلى الشيخ أيضاً مع أن رواية الشيخ مشتملة عليها (١) ، فعلى هذا فالرواية وإن دلت على نجاسة العصير قبل ذهاب ثلثيه إلاّ أن رواية الشيخ معارضة برواية الكليني ، وأصالة عدم الزيادة وإن كانت تتقدم على أصالة عدم النقيصة لبناء العقلاء على العمل بالزيادة ، لأن أصالة عدم الغفلة في طرف الزيادة أقوى عن أصالة عدم الغفلة في طرف النقيصة فإن الإنسان قد ينسى فينقص لفظة أو لفظتين مثلاً ، وأما أنه ينسى فيضيف على الرواية كلمة أو كلمتين فهو من البعد بمكان ، ومقتضى هذا تقديم رواية الشيخ على رواية الكليني قدس‌سرهما إلاّ أن أضبطية الكليني في نقل الحديث تمنعنا عن ذلك ، لأن الشيخ قدس‌سره كما شاهدناه في بعض الموارد ونقله غير واحد قد ينقص أو يزيد ، ومعه أصالة عدم الغفلة في رواية الكليني لا يعارضها أصالة عدمها في رواية الشيخ فتتقدم رواية الكافي على رواية التهذيب وبه يثبت عدم اشتمال الرواية على لفظة خمر ، أو أنّ الروايتين تتعارضان ومعه لا مناص من الرجوع إلى قاعدة الطهارة في العصير قبل ذهاب ثلثيه.

هذا على أن أصالة عدم الزيادة إنما تتقدم على أصالة عدم النقيصة فيما إذا كان ناقلها ساكتاً وغير ناف للزيادة ، وهذا كما إذا دلت إحدى الروايتين على استحباب شي‌ء يوم الجمعة من دون أن تنفى استحبابه في غيره مثلاً ودلت الأُخرى على استحبابه يوم الجمعة وليلتها فحينئذ يؤخذ بالزيادة لبناء العقلاء كما مر ، وأما إذا كان ناقل النقيصة نافياً للزيادة كما أن راوي الزيادة مثبت لها كما هو الحال في المقام لأن الناقل بنقله النقيصة ينفي اشتمال الرواية على الزيادة فلا وجه لتقديم المثبت على النافي فهما متعارضتان ، فلا بد من المراجعة إلى قاعدة الطهارة وهي تقتضي الحكم بطهارة العصير حينئذ.

هذا كلّه بناءً على أن رواية الشيخ في تهذيبه مشتملة على زيادة لفظة « خمر » ، وأمّا إذا بنينا على عدم اشتمالها على الزيادة نظراً إلى أن صاحبي الوافي والوسائل من مهرة فن الحديث ومن أهل الخبرة والتضلع فيه ، ومعه إذا نقلا الرواية عن الشيخ في تهذيبه‌

__________________

(١) الحدائق ٥ : ١٢٤.

٩٩

غير مشتملة على لفظة خمر فلا محالة يكون ذلك كاشفاً عن أن الكتاب المذكور غير مشتمل عليها وإن اشتمل عليها بعض نسخه ، فلا يرد عليهما ما أورده صاحب الحدائق قدس‌سره من اشتباههما في نقل الحديث ، وقد ذكرنا في محلّه أن التعارض من جهة اختلاف النسخ خارج عن موضوع تعارض الروايتين لأنه من اشتباه الحجة بلا حجة كما أشرنا إليه في بحث التعادل والترجيح (١) حيث إنّا إنما نعتمد على رواية الكافي أو الوسائل أو غيرهما للقطع بأن الأول للكليني والثاني للحر العاملي وهما ثقتان ورواياتهما حجة معتبرة ، فاذا اشتبهت النسخ واختلفت فنشك في أن ما رواه المخبر الثقة هل هو هذه النسخة أو تلك فهو من اشتباه الحجّة بلا حجّة الموجب لسقوط الرواية عن الاعتبار ، فالأخذ برواية الكليني أوضح ، إذ لم تثبت رواية الشيخ لا مع الزيادة ولا بدونها لسقوطها عن الاعتبار من جهة اشتباه الحجة بلا حجة ، ومعه تبقى رواية الكليني من غير معارض وقد مرّ أنها غير مشتملة على لفظة خمر فلا دلالة لها على نجاسة العصير قبل ذهاب ثلثيه وإنما تستفاد منها حرمته فحسب هذا.

والصحيح اشتباه الوافي والوسائل في نقلهما ، فان الظاهر أن التهذيب مشتمل على الزيادة لكثرة نقلها عن الشيخ في تهذيبه وهي تكشف عن أن أكثر نسخ الكتاب مشتمل على الزيادة ، فلو كانت عندهما نسخة غير مشتملة عليها فهي نسخة غير دارجة ولا معروفة ، فلا بد من أن ينبّها على أن النقيصة من جهة النسخة غير المعروفة الموجودة عندهما ، فحيث لم ينبّها على ذلك بوجه فدلنا هذا على اشتمال النسخة الموجودة عندهما أيضاً على الزيادة المذكورة وإنما تركا نقلها اشتباهاً برواية الكليني قدس‌سره ، وعليه فالروايتان متعارضتان ولا مناص من الحكم بتساقطهما والرجوع إلى قاعدة الطهارة وهي تقتضي الحكم بطهارة العصير حينئذ.

الثالث : أن تنزيل شي‌ء منزلة شي‌ء آخر قد يكون على وجه الإطلاق ومن جميع الجهات والآثار ففي مثله يترتب على المنزّل جميع ما كان يترتب على المنزل عليه من‌

__________________

(١) مصباح الأُصول ٣ : ٤٢٢.

١٠٠