موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

إلاّ إذا أسلم بعد البلوغ أو قبله مع فرض كونه عاقلاً مميزاً ، وكان إسلامه عن بصيرة (*) على الأقوى (١)

______________________________________________________

هذا ، ولا يخفى أن هذه الأخبار مخالفة للقواعد المسلمة عند العدلية ، حيث إنّ مجرّد علمه تعالى بايمان أحد أو كفره لو كان يكفي في صحة عقابه أو في ترتب الثواب عليه لم تكن حاجة إلى خلقه بوجه ، بل كان يدخله في النار أو في الجنان من غير أن يخلقه أوّلاً ثم يميته لعلمه تعالى بما كان يعمله على تقدير حياته إلاّ أنه سبحانه خلق الخلق ليتم عليهم الحجة ويتميز المطيع من العاصي ولئلاّ يكون للناس على الله حجة ، ومعه كيف يمكن تعذيب ولد الكافر ما دام لم يعص الله خارجاً. فهذه الأخبار غير قابلة للاستدلال بها في المقام ولا مناص من تأويلها.

هذا على أنها على تقدير تمامية دلالتها وصحتها بحسب السند كما في صحيحة عبد الله بن سنان إنما تدل على أن الله سبحانه يعامل معهم معاملة الكفر في النشأة الآخرة ، وأين هذا مما نحن فيه من الحكم بنجاستهم وكفرهم في هذه النشأة ، ولم تثبت أية ملازمة بينهما ، وعليه فلا دليل على نجاسة ولد الكافر سوى الإجماع والتسالم القطعيين المنقولين عن أصحابنا ، فكما أن أصل نجاسة أهل الكتاب إنما ثبت بإجماعهم فكذلك نجاسة أولادهم ، إلاّ أن هذا الإجماع إن تم وحصل لنا منه القطع أو الاطمئنان على أنهم كانوا في زمان الأئمة يعاملون مع ولد الكافر معاملة الكفر والنجاسة فهو وإلاّ فللتوقف والمناقشة في نجاسة ولد الكافر مجال واسع. هذا كله فيما إذا كان ولد الكافر ولداً شرعياً لأبويه ولو في مذهبهما.

(١) إذا أقر ولد الكافر بالإسلام وأجرى الشهادتين على لسانه فلا محالة يحكم بطهارته وإسلامه لإطلاق ما دلّ على تحقق الإسلام بالإقرار بالشهادتين ، كما يحكم بتهوّده أو تنصّره إذا اعترف بهما على نفسه من غير فرق في ذلك بين البالغ وغير البالغ ، وعدم كونه مكلّفاً شرعاً لا يقتضي عدم إسلامه بعد اعترافه به واعتقاده‌

__________________

(*) بل مطلقاً.

٦١

بصحّته كما ذكرناه عند اعترافه بالتهوّد والتنصّر ونحوهما ، ومعه لا مسوغ للحكم بنجاسته لأنه إمّا من جهة صدق التنصر أو التهود عليه وهو مقطوع العدم في مفروض الكلام لوضوح عدم صدقهما مع اعتقاده بخلافهما واعترافه بالإسلام ، وإما من جهة الإجماع المدعى على نجاسة ولد الكافر وهو أيضاً لا يشمل المقام لاختصاصه بالولد المتولد من شخصين كافرين من غير أن يعتقد بالإسلام.

بقي الكلام فيما هو الفارق بين الكفر والإسلام ، هل المدار في الحكم بإسلام أحد هو اعتقاده القلبي الباطني أو أن المناط في حصوله إظهاره الإسلام في الخارج أو يعتبر في حصوله كلا الأمرين؟

الصحيح أن يفصّل بين من حكم بإسلامه من الابتداء لتولده من مسلمين أو من مسلم وكافر وبين من حكم بكفره من الابتداء وأراد أن يدخل في الإسلام بعد ذلك أما الأول فالتحقيق عدم اعتبار شي‌ء من الأمرين المتقدِّمين في إسلامه ، وإنما هو محكوم بالطهارة وبالإسلام ما دام لم يظهر الكفر. ويدلُّ على ذلك مضافاً إلى السيرة القطعية المتصلة بزمانهم عليهم‌السلام حيث إنّه لم يسمع إلزامهم أحداً من المسلمين بالإقرار بالشهادتين حين بلوغه. نعم ، إذا جحد وأنكر شيئاً من الأحكام الإسلامية مع العلم بثبوته يحكمون بكفره وارتداده كما أسلفناه في البحث عن حصول الكفر بإنكار الضروري ، جملة من الروايات الواردة في المقام بمضامين مختلفة.

منها : ما رواه زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا » (١) حيث رتب الكفر في المسلمين على الجحود لأنهم المراد بالعباد بقرينة قوله عليه‌السلام « لم يكفروا » ، لبداهة أنه لا معنى للجملة المذكورة بالإضافة إلى الكفّار ، وعليه فما دام المسلم لم يجحد بشي‌ء من الأحكام الإسلامية فهو محكوم بالطهارة والإسلام.

ومنها : ما عن محمّد بن مسلم ، قال : « كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام جالساً عن يساره وزرارة عن يمينه فدخل عليه أبو بصير فقال : يا أبا عبد الله ما تقول فيمن‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٣٢ / أبواب مقدمة العبادات ب ٢ ح ٨.

٦٢

شكّ في الله؟ فقال : كافر يا أبا محمّد ، قال : فشك في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : كافر ، ثم التفت إلى زرارة فقال : إنما يكفر إذا جحد » (١) ومنها غير ذلك من الأخبار التي تدل على عدم اعتبار شي‌ء من الأمرين المتقدمين في إسلام من حكم بإسلامه من الابتداء.

وأمّا من حكم بكفره كذلك فالحكم بطهارته يتوقف على أن يظهر الإسلام بالإقرار بالشهادتين وإن كان إقراراً صورياً ولم يكن معتقداً به حقيقة وقلباً ، ويدلُّ عليه مضافاً إلى السيرة المتحققة فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يكتفي في إسلام الكفرة بمجرّد إجرائهم الشهادتين باللِّسان مع القطع بعدم كونهم بأجمعهم معتقدين بالإسلام حقيقة ، وإلى قوله عزّ من قائل ( وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) (٢) وقوله ( وَلَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (٣) حيث إنّه سبحانه أخبر في الآية الأُولى عن كذب المنافقين في اعترافهم برسالته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعترض في الثانية على دعواهم الايمان ومع ذلك كلّه كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعامل معهم معاملة الطهارة والإسلام ، أضف إلى ذلك أنّ بعض الصحابة لم يؤمنوا بالله طرفة عين وإنما كانوا يظهرون الشهادتين باللسان وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع علمه بحالهم لم يحكم بنجاستهم ولا بكفرهم ، ما ورد في غير واحد من الأخبار من أن الإسلام ليس إلاّ عبارة عن الإقرار بالشهادتين (٤) كما نطق بذلك أيضاً بعض ما ورد من غير طرقنا ، ففي صحيح البخاري عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إنِّي أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله كي يصون بذلك دماؤهم وأموالهم منِّي » (٥).

__________________

(١) الوسائل ٢٨ : ٣٥٦ / أبواب حدّ المرتد ب ١٠ ح ٥٦.

(٢) المنافقون ٦٣ : ١.

(٣) الحجرات ٤٩ : ١٤.

(٤) لاحظ الوسائل ١ : ١٥ / أبواب مقدمة العبادات ب ١ ح ٤ ، ٩ ، ١٧ وغيرها من روايات الباب.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٣ عن ابن عمر « أن رسول الله ( صلّى الله عليه وسلم ) قال : أمرت أن

٦٣

ولا فرق في نجاسته بين كونه من حلال أو من الزّنا (١) ولو في مذهبه ،

______________________________________________________

وعلى الجملة أنّ احترام الدماء والأموال وغيرهما من الآثار مترتب على إظهار الشهادتين ولا يعتبر في ترتبها الاعتقاد بالإسلام قلباً وحقيقة. نعم ، إنما يعتبر العقد القلبي في الايمان ، ومع فقده يعامل الله سبحانه معه معاملة الكفر في الآخرة وهو الذي نصطلح عليه بمسلم الدنيا وكافر الآخرة. فالذي تحصل أن المدار في الإسلام إنما هو على إجراء الشهادتين باللسان دون العقد القلبي ولا هما معاً.

(١) قد تقدّم الكلام في ولد الكافر فيما إذا كان ولداً شرعياً لأبويه ، وأمّا إذا كان الولد عن زنا ولو في مذهبهما فهل يحكم بنجاسته بناء على نجاسة ولد الكافر الحلال؟ فقد يتردد في الحكم بنجاسته نظراً إلى أنّ المراد بالولد إنّ كان هو الولد الشرعي لوالديه فلا يمكننا الحكم بنجاسة ولدهما عن زنا لأنّه ليس بولد شرعي للزاني ولا للزانية ، وإن أُريد منه الولد لغة فهو كما يشمل الولد الحلال كذلك يشمل الولد الحرام حيث إنّه نشأ من ماء أحدهما وتربى في بطن الآخر فلا مناص من الحكم بنجاسته.

هذا والصحيح أن ولد الزّنا أيضاً ولد لهما شرعاً ولغة وعرفاً ، فانّ الولد ليس له اصطلاح حادث في الشرع وإنما هو على معناه اللغوي ، ولم يرد في شي‌ء من روايتنا نفي ولدية ولد الزّنا. نعم ، إنما ثبت انتفاء التوارث بينهما فلا يرثانه كما لا يرثهما وهو لا ينافي ولديته ، كيف وقد ثبت انتفاء التوارث بين الولد ووالديه في غير واحد من المقامات من غير استلزامه نفي الولدية بوجه ، كما في من قتل أباه أو كان الولد كافراً أورقاً حيث لا توارث حينئذ من غير أن يكون ذلك موجباً لسلب ولديته. وأمّا قوله عليه‌السلام « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (١) فهو إنّما ورد في مقام الشك في أن الولد من الزوج أو الزّنا وقد دلّ على أنّه يعطى للفراش وللعاهر الحجر ، ولا دلالة له‌

__________________

أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحق الإسلام وحسابهم على الله ». وأخرجه مسلم في الجزء الأول ص ٥٣ وفي كنز العمال ١ : ٢٣ بكيفيات مختلفة.

(١) الوسائل ٢١ : ١٧٣ / أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٨ ح ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٧.

٦٤

ولو كان أحد الأبوين مسلماً فالولد تابع له إذا لم يكن عن زنا (١) بل مطلقاً على وجه مطابق لأصل الطهارة (٢).

[١٩٨] مسألة ١ : الأقوى طهارة ولد الزّنا من المسلمين ، سواء كان من طرف أو طرفين ، بل وإن كان أحد الأبوين مسلماً كما مرّ (٣).

______________________________________________________

على نفي ولدية ولد الزّنا بوجه ، وذلك فان الولد ليس إلاّ بمعنى تكوّنه من ماء أحدهما وتربّيه في بطن الآخر وهو متحقق في ولد الزّنا أيضاً كما مر ، وعليه فلا مناص من الحكم بنجاسة ولد الكافر الحرام إذا قلنا بنجاسة ولد الكافر عند كونه حلالاً في مذهبه ، هذا كله فيما إذا كان أبواه كافرين.

(١) إذا حصل الولد عن زنا بين مسلم وكافرة ولم يكن العمل ممنوعاً عنه في مذهبها أو كانت جاهلة بالحال إلاّ أنه كان محرماً في مذهب الإسلام فهل يحكم بنجاسته؟ الصحيح أن يحكم بطهارته ، لأنّ الولدية بمعنى التوارث وإن كانت ثابتة بينه وبين امّه كما أنه ولد لأبيه على ما بيناه إلاّ أن المقتضي لنجاسته قاصر ، حيث إن الدليل على نجاسة ولد الكافر منحصر بالإجماع وهو مختص بالمتولد من كافرين ولا يشمل المتولد من مسلم وكافرة ، وعليه فمقتضى قاعدة الطهارة طهارته. ومن هذا يظهر الحال في صورة العكس كما إذا زنى كافر بمسلمة ، وذلك لاختصاص دليل النجاسة بصورة كون الولد متولداً من كافرين ، فإذا كان أحدهما مسلماً فلا مقتضي للحكم بنجاسته سواء أكان الولد ولداً شرعياً لهما أو لأحدهما أم كان من الزّنا.

(٢) قد عرفت الوجه في ذلك آنفاً.

(٣) نسب إلى علم الهدى (١) والحلِّي (٢) والصّدوق (٣) قدس‌سرهم القول بكفر‌

__________________

(١) نقله عنه في المختلف ١ : ٦٥ ، وانظر الإنتصار : ٥٤٤.

(٢) السرائر ١ : ٣٥٧ ، ٢ : ١٢٢ ، ٣٥٣ ، ٥٢٦.

(٣) ذهب الصدوق إلى عدم جواز الوضوء بسؤر ولد الزّنا كالمشرك وغيره ، فانظر الهداية : ١٤ ، الفقيه : ١ : ٨ ذيل الحديث ١١.

٦٥

ولد الزّنا من المسلمين ونجاسته ، وذهب المشهور إلى طهارته وإسلامه. واستدل على نجاسته بأُمور :

منها : ما ورد في رواية عبد الله بن أبي يعفور من أن ولد الزّنا لا يطهر إلى سبعة آباء (١). ويدفعه أن الرواية ناظرة إلى بيان الخباثة المعنوية المتكونة في ولد الزّنا وأن آثارها لا تزول عنه إلى سبعة آباء ولا نظر لها إلى الطهارة المبحوث عنها في المقام ويدلُّ على ذلك أن المتولد من ولد الزّنا ممن لا كلام عندهم أي عند السيد وقرينيه في طهارته فضلاً عن طهارته إلى سبعة آباء.

ومنها : مرسلة الوشّاء « أنّه كره عليه‌السلام سؤر ولد الزّنا واليهودي والنصراني والمشرك وكل من خالف الإسلام ، وكان أشدّ ذلك عنده سؤر الناصب » (٢). وفيه : أنه لا دلالة في كراهة سؤر ولد الزّنا على نجاسته ولعل الكراهة مستندة إلى خباثته المعنوية كما مر.

ومنها : الأخبار الناهية عن الاغتسال من البئر التي تجتمع فيها غسالة ماء الحمام معلّلاً بأنّ فيها غسالة ولد الزّنا أو بأنّه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزّنا (٣). والجواب عنها أنّ النهي في تلك الروايات مستند إلى القذارة العرفية المتوهّمة ولا دلالة لها على نجاسة ولد الزّنا ، وذكره مقارناً للنصارى واليهود لا يقتضي نجاسته ، إذ النهي بالإضافة إليهم أيضاً مستند إلى الاستقذار العرفي كما أُشير إليه في بعض الروايات حيث قيل لأبي الحسن عليه‌السلام « إنّ أهل المدينة يقولون : إنّ فيه أي في ماء الحمام شفاء من العين ، فقال : كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام والزّاني والناصب الذي هو شرّهما وكل من خلق الله ثم يكون فيه شفاء من العين » (٤) بمعنى أنّه ماء متقذر فكيف يكون فيه شفاء من العين. ويدلُّ على ما ذكرناه أيضاً أن ولد‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢١٩ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٤.

(٢) الوسائل ١ : ٢٢٩ / أبواب الأسآر ب ٣ ح ٢.

(٣) الوسائل ١ : ٢١٩ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ١ ، ٢ ، ٤.

(٤) وهي رواية محمد بن علي بن جعفر عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام المروية في الوسائل ١ : ٢١٩ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٢.

٦٦

[١٩٩] مسألة ٢ : لا إشكال في نجاسة الغُلاة (*) (١)

______________________________________________________

الزّنا قد قورن في بعض الروايات بالجنب والزّاني (٢) مع أنهما ممن لا إشكال في طهارته كما هو ظاهر.

ومنها : موثقة زرارة قال : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لا خير في ولد الزّنا ولا في بشره ، ولا في شعره ، ولا في لحمه ، ولا في دمه ولا في شي‌ء منه يعني ولد الزّنا » (٣).

ومنها : حسنة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إليَّ من ولد الزّنا ... » (٤) وعدم دلالتهما على نجاسة ولد الزّنا أظهر من أن يخفى ، فان كون لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية خيراً من ولد الزّنا لا يقتضي نجاسته وإنما هو من جهة خباثته وتأثيرها في لبنها كما أن نفي الخير عنه لا يلازم النجاسة.

فالصحيح أن ولد الزّنا مسلم ومحكوم بطهارته لقاعدة الطهارة كما ذهب إليه المشهور ، من غير فرق في ذلك بين أن يكون الولد من مسلمين وبين أن يكون من مسلم وغير مسلم.

(١) الغُلاة على طوائف : فمنهم من يعتقد الربوبيّة لأمير المؤمنين أو أحد الأئمة الطاهرين عليهم‌السلام فيعتقد بأنّه الرب الجليل وأنه الإله المجسّم الذي نزل إلى الأرض ، وهذه النسبة لو صحّت وثبت اعتقادهم بذلك فلا إشكال في نجاستهم وكفرهم لأنّه إنكار لُالوهيته سبحانه ، لبداهة أنه لا فرق في إنكارها بين دعوى‌

__________________

(*) بل خصوص من يعتقد الربوبية لأمير المؤمنين عليه‌السلام أو لأحد من بقية الأئمة الأطهار عليهم‌السلام.

(١) كما في روايتي حمزة بن أحمد ومحمد بن علي بن جعفر المرويتين في الوسائل ١ : ٢١٩ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ١ ، ٢.

(٢) ثواب الأعمال ٣١٣ ح ٩ وعنه في البحار ٥ : ٢٨٥ ح ٦.

(٣) الوسائل ٢١ : ٤٦٢ / أبواب أحكام الأولاد ب ٧٥ ح ٢.

٦٧

ثبوتها لزيد أو للأصنام وبين دعوى ثبوتها لأمير المؤمنين عليه‌السلام لاشتراكهما في إنكار الوهيته تعالى وهو من أحد الأسباب الموجبة للكفر.

ومنهم من ينسب إليه الاعتراف بالوهيته سبحانه إلاّ أنّه يعتقد أنّ الأُمور الراجعة إلى التشريع والتكوين كلها بيد أمير المؤمنين أو أحدهم عليهم‌السلام ، فيرى أنّه المحيي والمميت وأنّه الخالق والرازق وأنّه الذي أيّد الأنبياء السالفين سرّاً وأيّد النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جهراً. واعتقادهم هذا وإن كان باطلاً واقعاً وعلى خلاف الواقع حقاً ، حيث إنّ الكتاب العزيز يدل على أن الأُمور الراجعة إلى التكوين والتشريع كلّها بيد الله سبحانه ، إلاّ أنّه ليس مما له موضوعية في الحكم بكفر الملتزم به. نعم ، الاعتقاد بذلك عقيدة التفويض لأنّ معناه أنّ الله سبحانه كبعض السلاطين والملوك قد عزل نفسه عما يرجع إلى تدبير مملكته وفوّض الأُمور الراجعة إليها إلى أحد وزرائه ، وهذا كثيراً ما يتراءى في الأشعار المنظومة بالعربية أو الفارسية ، حيث ترى أن الشاعر يسند إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام بعضاً من هذه الأُمور.

وعليه فهذا الاعتقاد إنكار للضروري ، فإنّ الأُمور الراجعة إلى التكوين والتشريع مختصّة بذات الواجب تعالى ، فيبتني كفر هذه الطائفة على ما قدّمناه من أن إنكار الضروري هل يستتبع الكفر مطلقاً أو أنه إنما يوجب الكفر فيما إذا رجع إلى تكذيب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما إذا كان عالماً بأن ما ينكره ثبت بالضرورة من الدين؟ فنحكم بكفرهم على الأوّل وأمّا على الثاني فنفصّل بين من اعتقد بذلك لشبهة حصلت له بسبب ما ورد في بعض الأدعية وغيرها مما ظاهره أنهم عليهم‌السلام مفوضون في تلك الأُمور من غير أن يعلم باختصاصها لله سبحانه ، وبين من اعتقد بذلك مع العلم بأنّ ما يعتقده مما ثبت خلافه بالضرورة من الدين بالحكم بكفره في الصورة الثانية دون الاولى.

ومنهم من لا يعتقد بربوبية أمير المؤمنين عليه‌السلام ولا بتفويض الأُمور إليه وإنما يعتقد أنه عليه‌السلام وغيره من الأئمة الطاهرين ولاة الأمر وأنهم عاملون لله سبحانه وأنهم أكرم المخلوقين عنده فينسب إليهم الرزق والخلق ونحوهما ، لا بمعنى إسنادها إليهم عليهم‌السلام حقيقة لأنه يعتقد أن العامل فيها حقيقة هو الله ، بل‌

٦٨

والخوارج (*) (١) والنّواصب (٢)

______________________________________________________

كإسناد الموت إلى ملك الموت والمطر إلى ملك المطر والإحياء إلى عيسى عليه‌السلام كما ورد في الكتاب العزيز ( وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ ) (٢) وغيرها مما هو من إسناد فعل من أفعال الله سبحانه إلى العاملين له بضرب من الاسناد. ومثل هذا الاعتقاد غير مستتبع للكفر ولا هو إنكار للضروري ، فعدّ هذا القسم من أقسام الغلوّ نظير ما نقل عن الصدوق قدس‌سره عن شيخه ابن الوليد : أن نفي السهو عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أول درجة الغلو (٣). والغلو بهذا المعنى الأخير مما لا محذور فيه بل لا مناص عن الالتزام به في الجملة.

(١) إن أُريد بالخوارج الطائفة المعروفة ( خذلهم الله ) وهم المعتقدون بكفر أمير المؤمنين عليه‌السلام والمتقربون إلى الله ببغضه ومخالفته ومحاربته فلا إشكال في كفرهم ونجاستهم ، لأنّه مرتبة عالية من النصب الذي هو بمعنى نصب العداوة لأمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهم‌السلام فحكمهم حكم النصّاب ، ويأتي أن الناصب محكوم بكفره ونجاسته.

وإن أُريد منهم مَن خرج على إمام عصره من غير نصب العداوة له ولا استحلال لمحاربته بل يعتقد إمامته ويحبه ، إلاّ أنه لغلبة شقوته ومشتهيات نفسه من الجاه والمقام ارتكب ما يراه مبغوضاً لله سبحانه فخرج على إمام عصره ، فهو وإن كان في الحقيقة أشد من الكفر والإلحاد إلاّ أنه غير مستتبع للنجاسة المصطلحة ، لأنّه لم ينكر الأُلوهية ولا النبوة ولا المعاد ولا أنكر أمراً ثبت من الدين بالضرورة.

(٢) وهم الفرقة الملعونة التي تنصب العداوة وتظهر البغضاء لأهل البيت عليهم‌السلام كمعاوية ويزيد ( لعنهما الله ) ولا شبهة في نجاستهم وكفرهم ، وهذا لا للأخبار الواردة في كفر المخالفين كما تأتي جملة منها عن قريب ، لأنّ الكفر فيها إنما هو في مقابل‌

__________________

(*) على الأحوط لزوماً إذا لم يكونوا من النصّاب.

(١) آل عمران ٣ : ٤٩.

(٢) الفقيه ١ : ٢٣٥.

٦٩

الايمان ولم يرد منه ما يقابل الإسلام ، بل لما رواه ابن أبي يعفور في الموثق عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : « وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ، ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرّهم فان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب وإن الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه » (١) حيث إن ظاهرها إرادة النجاسة الظاهرية الطارئة على أعضاء الناصب لنصبه وكفره ، وهذا من غير فرق بين خروجه على الامام عليه‌السلام وعدمه ، لأنّ مجرّد نصب العداوة وإعلانها على أئمة الهدى عليهم‌السلام كاف في الحكم بكفره ونجاسته وقد كان جملة من المقاتلين مع الحسين عليه‌السلام من النصّاب وإنما أقدموا على محاربته من أجل نصبهم العداوة لأمير المؤمنين وأولاده.

ثم إن كون الناصب أنجس من الكلب لعله من جهة أن الناصب نجس من جهتين وهما جهتا ظاهره وباطنه ، لأن الناصب محكوم بالنجاسة الظاهرية لنصبه كما أنه نجس من حيث باطنه وروحه ، وهذا بخلاف الكلب لأن النجاسة فيه من ناحية ظاهره فحسب.

ودعوى : أن الحكم بنجاسة الناصب بعيد لكثرة النصب في دولة بني أُمية ومساورة الأئمة عليهم‌السلام وأصحابهم مع النّصاب ، حيث كانوا يدخلون بيوتهم كما أنهم كانوا يدخلون على الأئمة عليهم‌السلام ومع ذلك لم يرد شي‌ء من رواياتنا ما يدل على لزوم التجنب عن مساورتهم ولا أن الأئمة اجتنبوا عنهم بأنفسهم ، فهذا كاشف قطعي عن عدم نجاسة الناصب لأنّه لولا ذلك لأشاروا عليهم‌السلام بذلك وبيّنوا نجاسة الناصب ولو لأصحابهم ، وقد عرفت أنّه لا عين ولا أثر منه في شي‌ء من رواياتنا.

مدفوعة : بما نبّه عليه شيخنا الأنصاري قدس‌سره وحاصله : أنّ انتشار أغلب الأحكام إنما كان في عصر الصادقين عليهما‌السلام فمن الجائز أن يكون كفر النواصب أيضاً منتشراً في عصرهما عليهما‌السلام ، فمخالطة أصحاب الأئمة معهم في‌

__________________

(١) المروية في الوسائل ١ : ٢٢٠ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٥.

٧٠

وأمّا المجسِّمة (١)

______________________________________________________

دولة بني أُميّة إنما كانت من جهة عدم علمهم بنجاسة الناصب في ذلك الزمان (١) وتوضيحه :

أنّ النواصب إنما كثروا من عهد معاوية إلى عصر العباسيين لأنّ الناس مجبولون على دين ملوكهم والمرءوس يتقرّب إلى رئيسه بما يحبّه الرئيس ، وكان معاوية يسب أمير المؤمنين عليه‌السلام علناً ويعلن عداوته له جهراً ولأجله كثر النواصب في زمانه إلى عصر العباسيين. ولا يبعد أنهم عليهم‌السلام لم يبيّنوا نجاسة الناصب في ذلك العصر مراعاة لعدم تضيق الأمر على شيعتهم ، فانّ نجاسة الناصب كانت توقعهم في حرج شديد لكثرة مساورتهم ومخالطتهم معه أو من جهة مراعاة الخوف والتقية فإنهم كانوا جماعة كثيرين ، ومن هنا أخّروا بيانها إلى عصر العباسيين حيث إنهم كانوا يوالون الأئمة عليهم‌السلام ظاهراً ولا سيما المأمون ولم ينصب العداوة لأهل البيت إلاّ قليل. وما ذكرناه هو السر في عدم اجتناب أصحابهم عن الناصب ، وأمّا الأئمة بأنفسهم فلم يظهر عدم تجنبهم عنهم بوجه ، ومعه لا مسوغ لرد ما ورد من الرواية في نجاستهم بمجرّد استبعاد كفره وأنّ الناصب لو كان نجساً لبيّنها الأئمة عليهم‌السلام لأصحابهم وخواصهم.

(١) وهم على طائفتين : فإنّ منهم من يدعي أن الله سبحانه جسم حقيقة كغيره من الأجسام وله يد ورجل إلاّ أنه خالق لغيره وموجد لسائر الأجسام ، فالقائل بهذا القول إن التزم بلازمه من الحدوث والحاجة إلى الحيّز والمكان ونفي القدمة ، فلا إشكال في الحكم بكفره ونجاسته لأنه إنكار لوجوده سبحانه حقيقة. وأما إذا لم يلتزم بذلك بل اعتقد بقدمه تعالى وأنكر الحاجة فلا دليل على كفره ونجاسته وإن كان اعتقاده هذا باطلاً ومما لا أساس له.

ومنهم من يدّعي أنه تعالى جسم ولكن لا كسائر الأجسام كما ورد أنه شي‌ء‌

__________________

(١) كتاب الطهارة : ٣٥١ ، باب النجاسات ( حكم المخالف ) السطر ٢٢.

٧١

والمجبِّرة (١)

______________________________________________________

لا كالأشياء (١) فهو قديم غير محتاج ، ومثل هذا الاعتقاد لا يستتبع الكفر والنجاسة وأمّا استلزامه الكفر من أجل أنه إنكار للضروري حيث إنّ عدم تجسّمه من الضروري فهو يبتني على الخلاف المتقدم من أن إنكار الضروري هل يستلزم الكفر مطلقاً أو أنه إنما يوجب الكفر فيما إذا كان المنكر عالماً بالحال ، بحيث كان إنكاره مستلزماً لتكذيب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

هذا ، والعجب من صدر المتألهين حيث ذهب إلى هذا القول في شرحه على الكافي وقال ما ملخّصه : إنّه لا مانع من التزام أنه سبحانه جسم إلهي ، فانّ للجسم أقساماً فمنها : جسم مادي وهو كالأجسام الخارجية المشتملة على المادّة لا محالة. ومنها : جسم مثالي وهو الصورة الحاصلة للإنسان من الأجسام الخارجية وهي جسم لا مادّة لها. ومنها : جسم عقلي وهو الكلِّي المتحقق في الذهن وهو أيضاً مما لا مادّة له بل وعدم اشتماله عليها أظهر من سابقه. ومنها : جسم إلهي وهو فوق الأجسام بأقسامها وعدم حاجته إلى المادّة أظهر من عدم الحاجة إليها في الجسم العقلي ، ومنها : غير ذلك من الأقسام ، ولقد صرّح بأن المقسم لهذه الأقسام الأربعة هو الجسم الذي له أبعاد ثلاثة من العمق والطول والعرض (٢). وليت شعري أن ما فيه هذه الأبعاد وكان عمقه غير طوله وهما غير عرضه كيف لا يشتمل على مادة ولا يكون متركباً حتى يكون هو الواجب سبحانه. نعم ، عرفت أن الالتزام بهذه العقيدة الباطلة غير مستتبع لشي‌ء من الكفر والنجاسة ، كيف وأكثر المسلمين لقصور باعهم يعتقدون أنّ الله سبحانه جسم جالس على عرشه ومن ثمة يتوجهون نحوه توجه جسم إلى جسم مثله لا على نحو التوجه القلبي.

(١) القائلون بالجبر إن التزموا بتوالي عقيدتهم من إبطال التكاليف والثواب‌

__________________

(١) ورد مضمونه في الكافي ١ : ٨١ ذيل الحديث ٥.

(٢) شرح أُصول الكافي : ٢٧٣.

٧٢

والعقاب بل وإسناد الظلم إلى الله تعالى ، لأنه لازم إسناد الأفعال الصادرة عن المكلفين إليه سبحانه ونفي قدرتهم عنها نظير حركة يد المرتعش فلا تأمل في كفرهم ونجاستهم لأنه إبطال للنبوات والتكاليف. وأما إذا لم يلتزموا بها كما لا يلتزمون حيث اعترفوا بالتكاليف والعقاب والثواب بدعوى أنهما لكسب العبد وإن كان فعله خارجاً عن تحت قدرته واختياره واستشهدوا عليه بجملة من الآيات كقوله عزّ من قائل ( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْها ) (١) وقوله ( لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ) (٢) وقوله ( لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ ) (٣) وقوله ( كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ ) (٤) إلى غير ذلك من الآيات ، فلا يحكم بكفرهم فانّ مجرّد اعتقاد الجبر غير موجب له ولا سيّما بملاحظة ما ورد من أنّ الإسلام هو الاعتراف بالشهادتين (٥) اللّتين عليهما أكثر الناس ، لأنّ لازمه الحكم بطهارة المجبِّرة وإسلامهم لاعترافهم بالشهادتين ، مضافاً إلى استبعاد نجاستهم وكفرهم على كثرتهم ، حيث إنّ القائل بذلك القول هو الأشاعرة وهم أكثر من غيرهم من العامّة. نعم ، عقيدة الجبر من العقائد الباطلة في نفسها.

وأمّا المفوِّضة فحالهم حال المجبِّرة فإنهم إذا التزموا بما يلزم مذهبهم من إعطاء السلطان للعبد في قبال سلطانه تعالى فلا مناص من الحكم بكفرهم ونجاستهم لأنه شرك لا محالة ، وأما إذا لم يلتزموا بلوازم اعتقادهم كما هو الواقع حيث إنهم أرادوا بذلك الفرار عما يلزم المجبّرة من اسناد الظلم إلى الله سبحانه ، لوضوح أنّ العقاب على ما لا يتمكّن منه العبد ظلم قبيح وإن وقعوا في محذور آخر أشدّ من حيث لا يشعرون وهو إيجاد الشريك لله تعالى في سلطانه ، فلا يستلزم اعتقادهم هذا شيئاً من النجاسة والكفر.

__________________

(١) الأنعام ٦ : ١٦٤.

(٢) البقرة ٢ : ٢٨٦.

(٣) البقرة ٢ : ١٣٤.

(٤) الطور ٥٢ : ٢١.

(٥) الوسائل ١ : ١٩ / أبواب مقدمة العبادات ب ١ ح ١٣ ، ١٥ ، ٣٣.

٧٣

والقائلون بوحدة الوجود من الصّوفيّة إذا التزموا بأحكام الإسلام فالأقوى عدم نجاستهم إلاّ مع العلم بالتزامهم بلوازم مذاهبهم من المفاسد (١).

______________________________________________________

وأمّا ما ورد في بعض الروايات من أن القائل بالتفويض مشرك (١) فقد ظهر جوابه مما ذكرناه سابقاً من أن للشرك مراتب عديدة وهو غير مستتبع للكفر على إطلاقه كيف ولا إشكال في إسلام المرائي في عبادته مع أن الرياء شرك بالله سبحانه ، فالشرك المستلزم للكفر إنما هو الإشراك في ذاته تعالى أو في عبادته لأنه المقدار المتيقن من قوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (٢) على تقدير دلالته على نجاسة المشرك ، لأن هؤلاء المشركين لم يكونوا إلاّ عبدة الأصنام والأوثان ، فالذي يعبد غير الله تعالى أو يشرك في ذاته هو المحكوم بكفره دون مطلق المشرك.

ثم إنّ القول بالجبر والقول بالتفويض لما كانا في طرفي النقيض وكان يلزم على كل منهما محذور فقد نفاهما الأئمة الهداة ( عليهم صلوات الله الملك المتعال ) وأثبتوا الأمر بين الأمرين قائلاً : « بأنه لا جبر ولا تفويض بل منزلة بينهما » (٣) فان في الفعل إسنادين : إسناد إلى الله سبحانه وهو إسناد الإفاضة والاقدار دون إسناد الفعل إلى فاعله وإسناد إلى فاعله إسناد العمل إلى عامله. وقد ذكرنا شيخنا الأُستاذ قدس‌سره أن في هذه الأخبار الشريفة المثبتة للمنزلة بين المنزلتين لدلالة واضحة على ولايتهم ( صلوات الله عليهم أجمعين ) حيث إن الالتفات إلى هذه الدقيقة التي يتحفظ فيها على كلتا الجهتين عدالة الله وسلطانه لا يكون إلاّ عن منشإ إلهي (٤) ولنعم ما أفاده.

(١) القائل بوحدة الوجود إن أراد أن الوجود حقيقة واحدة ولا تعدد في حقيقته وأنه كما يطلق على الواجب كذلك يطلق على الممكن ، فهما موجودان وحقيقة الوجود فيهما واحدة والاختلاف إنما هو بحسب المرتبة ، لأن الوجود الواجبي في أعلى مراتب‌

__________________

(١) الوسائل ٢٨ : ٣٤٠ / أبواب حدّ المرتد ب ١٠ ح ٤.

(٢) التوبة ٩ : ٢٨.

(٣) الكافي ١ : ١٥٩ ح ١٠ ، ١٣.

(٤) أجود التقريرات ١ : ٩٣.

٧٤

القوّة والتمام والوجود الممكني في أنزل مراتب الضعف والنقصان وإن كان كلاهما موجوداً حقيقة وأحدهما خالق للآخر وموجد له ، فهذا في الحقيقة قول بكثرة الوجود والموجود معاً نعم حقيقة الوجود واحدة ، فهو مما لا يستلزم الكفر والنجاسة بوجه بل هو مذهب أكثر الفلاسفة بل مما اعتقده المسلمون وأهل الكتاب ومطابق لظواهر الآيات والأدعية ، فترى أنّه عليه‌السلام يقول : « أنت الخالق وأنا المخلوق وأنت الرب وأنا المربوب » (١) وغير ذلك من التعابير الدالة على أن هناك موجودين متعدِّدين أحدهما موجد وخالق للآخر ، ويعبّر عن ذلك في الاصطلاح بالتوحيد العامِّي.

وإن أراد من وحدة الوجود ما يقابل الأول وهو أن يقول بوحدة الوجود والموجود حقيقة وأنه ليس هناك في الحقيقة إلاّ موجود واحد ولكن له تطورات متكثرة واعتبارات مختلفة ، لأنه في الخالق خالق وفي المخلوق مخلوق كما أنه في السماء سماء وفي الأرض أرض وهكذا ، وهذا هو الذي يقال له توحيد خاص الخاص وهذا القول نسبه صدر المتألهين إلى بعض الجهلة من المتصوفين ، وحكى عن بعضهم أنه قال : ليس في جبتي سوى الله ، وأنكر نسبته إلى أكابر الصوفية ورؤسائهم (٢) ، وإنكاره هذا هو الذي يساعده الاعتبار فان العاقل كيف يصدر منه هذا الكلام وكيف يلتزم بوحدة الخالق ومخلوقه ويدعي اختلافهما بحسب الاعتبار.

وكيف كان فلا إشكال في أن الالتزام بذلك كفر صريح وزندقة ظاهرة ، لأنه إنكار للواجب والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث لا امتياز للخالق عن المخلوق حينئذ إلاّ بالاعتبار ، وكذا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو جهل مثلاً متّحدان في الحقيقة على هذا الأساس وإنما يختلفان بحسب الاعتبار.

وأمّا إذا أراد القائل بوحدة الوجود أن الوجود واحد حقيقة ولا كثرة فيه من جهة وإنما الموجود متعدِّد ، ولكنه فرق بيّن بين موجودية الوجود وبين موجودية غيره من الماهيّات الممكنة ، لأنّ إطلاق الموجود على الوجود من جهة أنّه نفس مبدأ الاشتقاق‌

__________________

(١) كما في دعاء يستشير مفاتيح الجنان : ٧٨.

(٢) لاحظ الأسفار ١ : ٧١.

٧٥

وأمّا إطلاقه على الماهيات الممكنة فإنما هو من جهة كونها منتسبة إلى الموجود الحقيقي الذي هو الوجود لا من أجل أنها نفس مبدأ الاشتقاق ولا من جهة قيام الوجود بها حيث إن للمشتق إطلاقات فقد يحمل على الذات من جهة قيام المبدأ به كما في زيد عالم أو ضارب لأنّه بمعنى مَن قام به العلم أو الضرب ، وأُخرى يحمل عليه لأنّه نفس مبدأ الاشتقاق كما عرفته في الوجود والموجود ، وثالثة من جهة إضافته إلى المبدأ نحو إضافة وهذا كما في اللاّبن والتامر لضرورة عدم قيام اللبن والتمر ببائعهما إلاّ أنّ البائع لما كان مسنداً ومضافاً إليهما نحو إضافة وهو كونه بائعاً لهما ، صح إطلاق اللاّبن والتامر على بائع التمر واللّبن ، وإطلاق الموجود على الماهيات الممكنة من هذا القبيل ، لأنه بمعنى أنها منتسبة ومضافة إلى الله سبحانه بإضافة يعبّر عنها بالإضافة الإشراقية فالموجود بالوجود الانتسابي متعدِّد والموجود الاستقلالي الذي هو الوجود واحد.

وهذا القول منسوب إلى أذواق المتألهين ، فكأن القائل به بلغ أعلى مراتب التأله حيث حصر الوجود بالواجب سبحانه ، ويسمّى هذا توحيداً خاصياً. ولقد اختار ذلك بعض الأكابر ممن عاصرناهم وأصرّ عليه غاية الإصرار مستشهداً بجملة وافرة من الآيات والأخبار حيث إنّه تعالى قد أُطلق عليه الموجود في بعض الأدعية (١) وهذا المدعى وإن كان أمراً باطلاً في نفسه لابتنائه على أصالة الماهيّة على ما تحقّق في محلّه وهي فاسدة لأنّ الأصيل هو الوجود إلاّ انه غير مستتبع لشي‌ء من الكفر والنجاسة والفسق.

بقي هناك احتمال آخر وهو ما إذا أراد القائل بوحدة الوجود وحدة الوجود والموجود في عين كثرتهما فيلتزم بوحدة الوجود والموجود وأنه الواجب سبحانه إلاّ أن الكثرات ظهورات نوره وشؤونات ذاته ، وكل منها نعت من نعوته ولمعة من لمعات صفاته ويسمّى ذلك عند الاصطلاح بتوحيد أخصّ الخواص ، وهذا هو الذي حقّقه صدر المتألهين ونسبه إلى الأولياء والعرفاء من عظماء أهل الكشف واليقين قائلاً : بأن‌

__________________

(١) وقفنا عليه في دعائي المجير والحزين المنقولين في مفاتيح المحدث القمي ص ٨١ وهامش ١٤٨.

٧٦

[٢٠٠] مسألة ٣ : غير الاثني عشريّة من فِرَق الشّيعة إذا لم يكونوا ناصبين ومعادين لسائر الأئمة ولا سابّين لهم (*) طاهرون (١)

______________________________________________________

الآن حصحص الحق واضمحلّت الكثرة الوهمية وارتفعت أغاليط الأوهام (٢) ، إلاّ أنّه لم يظهر لنا إلى الآن حقيقة ما يريدونه من هذا الكلام. وكيف كان فالقائل بوحدة الوجود بهذا المعنى الأخير أيضاً غير محكوم بكفره ولا بنجاسته ما دام لم يلتزم بتوال فاسدة من إنكار الواجب أو الرسالة أو المعاد.

(١) قد وقع الكلام في نجاسة الفرق المخالفة للشيعة الاثني عشرية وطهارتهم. وحاصل الكلام في ذلك أن إنكار الولاية لجميع الأئمة عليهم‌السلام أو لبعضهم هل هو كإنكار الرسالة يستتبع الكفر والنجاسة؟ أو أن إنكار الولاية إنما يوجب الخروج عن الايمان مع الحكم بإسلامه وطهارته؟ فالمعروف المشهور بين المسلمين طهارة أهل الخلاف وغيرهم من الفرق المخالفة للشيعة الاثني عشرية ، ولكن صاحب الحدائق قدس‌سره نسب إلى المشهور بين المتقدِّمين وإلى السيد المرتضى وغيره الحكم بكفر أهل الخلاف ونجاستهم وبنى عليه واختاره ، كما أنه بنى على نجاسة جميع من خرج عن الشيعة الاثني عشرية من الفرق (٣).

وما يمكن أن يستدل به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة : الأول : ما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة من أن المخالف لهم عليهم‌السلام كافر (٤) وقد ورد في الزيارة الجامعة : « ومن وحّده قبل عنكم » (٥) فإنه ينتج بعكس النقيض‌

__________________

(*) إيجاب السب للكفر إنما هو لاستلزامه النصب.

(١) لاحظ الأسفار ١ : ٧١.

(٢) الحدائق ٥ : ١٧٥.

(٣) ففي بعضها « إن الله جعل علياً علماً بينه وبين خلقه ليس بينه وبينهم علم غيره ، فمن تبعه كان مؤمناً ومن جحده كان كافراً ومن شك فيه كان مشركاً. وفي آخر « علي باب هدى من خالفه كان كافراً ومن أنكره دخل النار » إلى غير ذلك من الأخبار فإن شئت فراجع الوسائل ٢٨ : ٣٤٣ / أبواب حد المرتد ب ١٠ ح ١٣ ، ١٤ وغيرهما.

(٤) البلد الأمين للكفعمي : ٣٠٢.

٧٧

أن من لم يقبل منهم فهو غير موحّد لله سبحانه فلا محالة يحكم بكفره. والأخبار الواردة بهذا المضمون وإن كانت من الكثرة بمكان إلاّ أنه لا دلالة لها على نجاسة المخالفين ، إذ المراد فيها بالكفر ليس هو الكفر في مقابل الإسلام وإنما هو في مقابل الايمان كما أشرنا إليه سابقاً ، أو أنه بمعنى الكفر الباطني وذلك لما ورد في غير واحد من الروايات من أن المناط في الإسلام وحقن الدماء والتوارث وجواز النكاح إنما هو شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسوله ، وهي التي عليها أكثر الناس (١) وعليه فلا يعتبر في الإسلام غير الشهادتين ، فلا مناص معه عن الحكم بإسلام أهل الخلاف وحمل الكفر في الاخبار المتقدِّمة على الكفر الواقعي وإن كانوا محكومين بالإسلام ظاهراً ، أو على الكفر في مقابل الايمان ، إلاّ أن الأوّل أظهر إذ الإسلام بني على الولاية وقد ورد في جملة من الأخبار أن الإسلام بني على خمس وعدّ منها الولاية (٢) ولم يناد أحد بشي‌ء منها كما نودي بالولاية ، كما هو مضمون بعض الروايات (٣) فبانتفاء الولاية ينتفي الإسلام واقعاً ، إلاّ أن منكر الولاية إذا أجرى الشهادتين على لسانه يحكم بإسلامه ظاهراً لأجل الأخبار المتقدِّمة.

هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية الجارية على طهارة أهل الخلاف ، حيث إنّ المتشرِّعين في زمان الأئمة عليهم‌السلام وكذلك الأئمة بأنفسهم كانوا يشترون منهم اللّحم ويرون حلية ذبائحهم ويباشرونهم ، وبالجملة كانوا يعاملون معهم معاملة‌

__________________

(١) منها ما رواه سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « قلت له : أخبرني عن الإسلام والإيمان أنهما مختلفان؟ فقال : إنّ الايمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الايمان ، فقلت : فصفهما لي ، فقال : الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس » وفي بعضها « إن الإسلام ما ظهر من قولٍ أو فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفِرق كلها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح » الكافي ٢ : ٢٥ / ١ ، ٥ وغيرهما من الأخبار.

(٢) الوسائل ١ : ١٣ / أبواب مقدمة العبادات في أكثر أحاديث ب ١.

(٣) اشتمل على ذلك جملة من الأحاديث وقد أورد روايتين منهما في الوسائل ١ : ١٨ / أبواب مقدمة العبادات ب ١ ح ١٠ ، ١ مقطعاً وهما روايتا أبي حمزة والفضيل.

٧٨

الطهارة والإسلام من غير أن يرد عنهم ردع.

الثاني : ما ورد في جملة من الروايات من أن المخالف ناصب (١) وفي بعضها : « أن الناصب ليس من نصب لنا أهل البيت ، لأنك لا تجد أحداً يقول : أنا أُبغض محمّداً وآل محمّد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا » (٢).

والجواب عن ذلك أن غاية ما يمكن استفادته من هذه الأخبار أن كل مخالف للأئمة عليهم‌السلام ناصبي إلاّ أن ذلك لا يكفي في الحكم بنجاسة أهل الخلاف ، حيث لا دليل على نجاسة كل ناصب ، فان النصب إنما يوجب النجاسة فيما إذا كان لهم عليهم‌السلام وأما النصب لشيعتهم فان كان منشؤه حبّ الشيعة لأمير المؤمنين وأولاده عليهم‌السلام ولذلك نصب لهم وأبغضهم فهو عين النصب للأئمة عليهم‌السلام لأنه إعلان لعداوتهم ببغض من يحبهم ، وأما إذا كان منشؤه عدم متابعتهم لمن يرونه خليفة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غير أن يستند إلى حبهم لأهل البيت عليهم‌السلام بل هو بنفسه يظهر الحب لعلي وأولاده عليهم‌السلام فهذا نصب للشيعة دون الأئمة عليهم‌السلام إلاّ أن النصب للشيعة لا يستتبع النجاسة بوجه ، لما تقدّم من الأخبار والسيرة القطعية القائمة على طهارة المخالفين ، فالنصب المقتضي للنجاسة إنما هو خصوص النصب للأئمة عليهم‌السلام.

الثالث : أن أهل الخلاف منكرون لما ثبت بالضرورة من الدين وهو ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام حيث بيّنها لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمرهم بقبولها ومتابعتها وهم منكرون لولايته عليه‌السلام وقد مرّ أن إنكار الضروري يستلزم الكفر والنجاسة.

وهذا الوجه وجيه بالإضافة إلى من علم بذلك وأنكره ، ولا يتم بالإضافة إلى جميع أهل الخلاف ، لأن الضروري من الولاية إنما هي الولاية بمعنى الحب والولاء‌

__________________

(١) كمكاتبة محمد بن علي بن عيسى وغيرها من الأخبار المروية في الوسائل ٩ : ٤٩٠ / أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ١٤.

(٢) الوسائل ٩ : ٤٨٦ / أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٣.

٧٩

وأمّا مع النّصب أو السّبّ للأئمة الّذين لا يعتقدون بإمامتهم فهم مثل سائر النّواصب (١).

______________________________________________________

وهم غير منكرين لها بهذا المعنى ، بل قد يظهرون حبّهم لأهل البيت عليهم‌السلام وأمّا الولاية بمعنى الخلافة فهي ليست بضرورية بوجه وإنما هي مسألة نظرية ، وقد فسّروها بمعنى الحب والولاء ولو تقليداً لآبائهم وعلمائهم ، وإنكارهم للولاية بمعنى الخلافة مستند إلى الشبهة كما عرفت ، وقد أسلفنا أنّ إنكار الضروري إنما يستتبع الكفر والنجاسة فيما إذا كان مستلزماً لتكذيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما إذا كان عالماً بأن ما ينكره مما ثبت من الدين بالضرورة وهذا لم يتحقّق في حق أهل الخلاف ، لعدم ثبوت الخلافة عندهم بالضرورة لأهل البيت عليهم‌السلام نعم ، الولاية بمعنى الخلافة من ضروريات المذهب لا من ضروريات الدين.

هذا كلّه بالإضافة إلى أهل الخلاف. ومنه يظهر الحال في سائر الفرق المخالفين للشيعة الاثني عشريّة من الزيدية والكيسانية والإسماعيلية وغيرهم ، حيث إن حكمهم حكم أهل الخلاف لضرورة أنه لا فرق في إنكار الولاية بين إنكارها ونفيها عن الأئمة عليهم‌السلام بأجمعهم وبين إثباتها لبعضهم ونفيها عن الآخرين عليهم‌السلام كيف وقد ورد أن من أنكر واحداً منهم فقد أنكر جميعهم عليهم‌السلام (١) وقد عرفت أن نفي الولاية عنهم بأجمعهم غير مستلزم للكفر والنجاسة فضلاً عن نفيها عن بعض دون بعض.

فالصحيح الحكم بطهارة جميع المخالفين للشيعة الاثني عشرية وإسلامهم ظاهراً بلا فرق في ذلك بين أهل الخلاف وبين غيرهم وإن كان جميعهم في الحقيقة كافرين ، وهم الذين سمّيناهم بمسلم الدنيا وكافر الآخرة.

(١) أمّا مع النصب فلما تقدّم تفصيله ، وأما مع السب فلأجل أنه لا إشكال في نجاسة الساب لأحدهم عليهم‌السلام فيما إذا نشأ سبّه عن نصبه لأهل البيت عليهم‌السلام لأنّ السب حينئذ بعينه نصب وإعلان للعداوة والبغضاء في حقِّهم ( عليهم‌

__________________

(١) ورد نحوه في الوسائل ٢٨ : ٣٤٨ / أبواب حدّ المرتد ب ١٠ ح ٢٩ ، الكافي ١ : ٣٧٣ ح ٨.

٨٠