موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

بتركهما أو بالتصريح باعتبارهما في المأمور به ، والحديث حاكم على أدلتهما وذلك لأنه قد فرض أن للصلاة أجزاء وشرائط ثم بيّن أن ترك غير الخمسة المذكورة فيه غير موجب لبطلان الصلاة وإعادتها إذا لم يكن عن علم أو جهل تقصيري ومن هنا يتقدّم على أدلّتهما ، ولا يفرق في ذلك بين دلالة الدليل على الجزئية أو الشرطية بالمطابقة وبين دلالته عليهما بالالتزام كما هو الحال في الحسنة ، لأن إثباتها الإعادة عند وقوع الصلاة في النجس يدلنا بالالتزام على شرطية الطهارة في الثوب والبدن للصلاة ، فالحديث بذلك ينفي اعتبار الطهارة بالإضافة إلى الجاهل القاصر ، ومجرد وحدة لسان الحسنة والحديث لا تجعلهما من المتعارضين بعد عدم كون الأمر بالإعادة مولوياً وجوبياً ، والنسبة إنما تلاحظ بين المتنافيين ولا تنافي بين الحاكم ومحكومه.

الثالث : أنّ الطهور الذي هو من الخمسة المعادة منها الصلاة إما أن يكون أعم من الطهارة الحدثية والخبثية ، وإما أن يكون مجملاً لا يدرى أنه يختص بالطهارة الحدثية أو يعم الخبثية أيضاً ، وعلى كلا الفرضين لا يمكن التمسك به في الحكم بعدم وجوب الإعادة على الجاهل. أما بناء على أنه أعم فلأجل أن صلاة الجاهل فاقدة لطهارة الثوب أو البدن والإخلال بالطهارة الخبثية مما تعاد منه الصلاة. وأما بناء على إجماله فلأجل كفاية الإجمال في الحكم بوجوب الإعادة على الجاهل بالحكم أو بالاشتراط ، وذلك لأن إجمال المخصص المتصل كالطهور يسرى إلى العام كقوله « لا تعاد » ويسقطه عن الحجية في مورد الإجمال ، ومعه لا دليل على عدم وجوب الإعادة في مفروض الكلام. ومقتضى إطلاقات مانعيّة النجاسة في الثوب والبدن بطلان صلاة الجاهل القاصر ووجوب الإعادة عليه.

وهذا الوجه وإن كان أمتن الوجوه التي قيل أو يمكن أن يقال في المقام إلاّ أنه أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأنّ الطهور حسبما ذكرناه في أوائل الكتاب من أنه بمعنى ما يتطهر به نظير الوقود والفطور والسحور وغيرهما مما هو بمعنى ما يحصل به المبدأ ، وقد يستعمل بمعنى آخر أيضاً وإن كان أعم حيث إن ما يحصل به الطهارة وهو الماء والتراب غير مقيد بطهارة دون طهارة وبالحدثية دون الخبثية ، إلاّ أن في الحديث قرينة تدلنا على أن المراد بالطهور خصوص ما يتطهر به من الحدث فلا‌

٣٢١

تشمل الطهارة الخبثية بوجه. بيان تلك القرينة : أن ذيل الحديث دلّنا على عدم ركنية غير الخمسة في الصلاة ، حيث بيّن أن القراءة والتشهّد والتكبير سنّة (١) ثم إنّ الخمسة المذكورة في الحديث هي بعينها الخمسة التي ذكرها الله سبحانه في الكتاب وقد أشار إلى الركوع بقوله عزّ من قائل ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ ) (٢) وفي قوله ( يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ ) (٣) وفي غيرهما من الآيات. وأشار إلى السجود بقوله ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السّاجِدِينَ ) (٤) وفي قوله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ) (٥) وفي قوله ( يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي ) (٦) وغيرها من الآيات.

وإلى القبلة أشار بقوله ( فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (٧) وبقوله ( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (٨) وغيرهما. وأشار إلى الوقت بقوله ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) (٩) وإلى اعتبار الطهارة الحدثية من الغسل والوضوء والتيمم أشار بقوله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٤٧١ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٤.

(٢) البقرة ٢ : ٤٣.

(٣) آل عمران ٣ : ٤٣.

(٤) الحجر ١٥ : ٩٨.

(٥) الحج ٢٢ : ٧٧.

(٦) آل عمران ٣ : ٤٣.

(٧) البقرة ٢ : ١٤٤.

(٨) البقرة ٢ : ١٤٩.

(٩) الإسراء ١٧ : ٧٨.

٣٢٢

وأما إذا كان جاهلاً بالموضوع (١) بأن لم يعلم أن ثوبه أو بدنه لاقى‌

______________________________________________________

لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ... ) (١).

وبذلك يظهر أن الحديث إنما يشير إلى تلك الخمسة التي ذكرها الله سبحانه في الكتاب ، والذي ذكره سبحانه إنما هو خصوص الطهارة من الحدث أعني الغسل والوضوء والتيمم وليس من الطهارة الخبثية ذكر في الكتاب ، فاذا ضممنا إلى ذلك ما استفدناه من ذيل الحديث ، فلا محالة ينتج أن الطهور في الحديث إنما هو بمعنى ما يتطهر به من الحدث ، وأما الطهارة من الخبث فليست من الأركان التي تبطل الصلاة بالإخلال بها مطلقاً كما هو الحال في الخمسة المذكورة في الحديث. ولعل ما ذكرناه هو الوجه فيما سلكه المشهور من أصحابنا حيث خصوا الحديث بالطهارة من الحدث مع عمومه في نفسه.

ومما يدلنا على أن الطهارة من الخبث ليست كالطهارة الحدثية من مقومات الصلاة حتى تبطل بفواتها ، أنه لا إشكال في صحة الصلاة الواقعة في النجس في بعض الموارد ولو مع العلم به كموارد الاضطرار وعدم التمكن من استعمال الماء ، وكذلك الأخبار الواردة في صحة الصلاة في النجس في الشبهات الموضوعية كما نوافيك عن قريب حيث إنها لو كانت مقومة للصلاة كالخمسة المذكورة في الحديث لم يكن للحكم بصحة الصلاة مع الإخلال بها وجه صحيح. وكيف كان ، فما ذكرناه من القرينة مؤيداً بما فهمه المشهور من الحديث كاف في إثبات المدعى ، وعليه فالحديث يعم الجاهل القاصر والناسي كليهما وتخصيصه بالناسي تخصيص بلا وجه.

(١) ما سردناه في الحاشية المتقدمة إنما هو في الجهل بالنجاسة من حيث الحكم والاشتراط ، وأما إذا صلّى في النجس جاهلاً بموضوعه مع احتماله النجاسة أو الغفلة عنها ثم علم بالنجاسة بعد الصلاة ، فقد نسب إلى بعضهم القول بوجوب الإعادة حينئذ في الوقت وخارجه ولم يسم قائله. وعن المشهور عدم وجوب الإعادة مطلقاً‌

__________________

(١) المائدة ٥ : ٦.

٣٢٣

وعن المبسوط والنهاية في باب المياه (١) والنافع (٢) والقواعد (٣) وغيرها التفصيل بين الوقت وخارجه فيعيد في الوقت دون خارجه وهناك تفصيل آخر احتمله الشهيد في ذكراه بل مال إليه في الدروس (٤) وقوّاه في الحدائق وادعى أنه ظاهر الشيخين والصدوق (٥) وهو التفصيل بين من شك في طهارة ثوبه أو بدنه ولم يتفحص عنها قبل الصلاة وبين غيره فيعيد في الأول دون غيره.

والصحيح ما هو المشهور بينهم من صحة صلاته وعدم وجوب الإعادة لا في الوقت ولا في خارجه ، وذلك لا لما ذكره بعضهم من أن الشرطية والجزئية إنما تنشآن من الأوامر الواردة بغسل الثوب أو البدن أو النواهي الواردة عن الصلاة في النجس ومن الظاهر أن الأوامر والنواهي إنما تتحققان في فرض العلم ولا يثبتان في حق الجاهل. والوجه في عدم اعتمادنا عليه أن منشأ الشرطية والجزئية وإن كان هو الأوامر الغيريّة المتعلِّقة بغسل الثوب والبدن أو النواهي الغيرية المتعلقة بالصلاة في النجس إلاّ أنها أوامر أو نواهي إرشادية والإرشاد كالحكاية والاخبار ، فكما أنهما تعمّان العالمين والجاهلين كذلك الإرشاد الذي وزانه وزانهما لإطلاقه ، ولا وجه لمقايسة الأوامر الغيرية الإرشادية بالأوامر النفسية التي لا تثبت في حق غير العالمين هذا. على أن هذا الكلام لو تم فإنما يتم في موارد الخطأ والنسيان والجهل المركب ونحوها لا بالإضافة إلى الجاهل البسيط ، إذ لا مانع من شمول الأوامر والنواهي للجاهل غاية الأمر أنها لا تكون منجّزة في حقه ، وكم فرق بين الثبوت والتنجز. هذا مضافاً إلى دلالة الأخبار وقيام الإجماع والضرورة على أن الأحكام الشرعية مشتركة بين العالمين والجاهلين.

بل الوجه فيما ذكرناه دلالة حديث لا تعاد على عدم وجوب الإعادة ، لما عرفت‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٨ ، النهاية : ٨.

(٢) المختصر النافع : ١٩.

(٣) قواعد الأحكام ١ : ١٩٤.

(٤) الذكرى : ١٧ السطر ١٧ ، الدروس ١ : ١٢٧.

(٥) الحدائق ٥ : ٤١٥ ، ٤١٧.

٣٢٤

من أن الطهور في الحديث بمعنى ما يتطهّر به من الحدث فالطهارة من الخبث مما لا تعاد منه الصلاة. ويدلُّ عليه أيضاً جملة من الصحاح : منها : صحيحة العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل صلّى في ثوب رجل أياماً ثم إن صاحب الثوب أخبره أنه لا يصلِّي فيه ، قال : لا يعيد شيئاً من صلاته » (١) ومنها : مصححة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب ، أيعيد صلاته؟ قال : إن كان لم يعلم فلا يعيد » (٢). ومنها : صحيحتا زرارة ومحمد بن مسلم الآتيتان. ومنها غير ذلك من الأخبار حيث تدل على نفي وجوب الإعادة فضلاً عن القضاء ، بل لعل الصحيحة صريحة في نفي وجوبه ومن هنا لم يستشكلوا في الحكم بعدم وجوب القضاء.

وأما من فصّل بين الوقت وخارجه فقد اعتمد على روايتين : إحداهما : صحيحة وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم بها صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم بعد ذلك ، قال : يعيد إذا لم يكن علم » (٣) وثانيتهما : موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل صلّى وفي ثوبه بول أو جنابة ، فقال : علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصلاة إذا علم » (٤) بدعوى أن هاتين الروايتين وإن دلتا على وجوب الإعادة مطلقاً فالنسبة بينهما وبين الصحاح النافية للإعادة مطلقاً نسبة التباين ، إلاّ أن القاعدة تقتضي تخصيصهما أوّلاً بما هو صريح في عدم وجوب الإعادة خارج الوقت ، لأن النسبة بينهما وبينه بالإضافة إلى الإعادة في خارج الوقت نسبة النص أو الأظهر إلى الظاهر ، وبعد ذلك تنقلب النسبة بينهما وبين الطائفة النافية إلى العموم المطلق ، حيث إنهما تقتضيان وجوب الإعادة في الوقت والطائفة النافية تنفي وجوبها في الوقت وخارجه ، فلا مناص من الجمع بينهما بحمل الطائفة النافية على إرادة الإعادة خارج الوقت وحمل الروايتين الآمرتين بالإعادة على الإعادة في الوقت هذا.

ويرد على هذا الجمع أوّلاً : أن صحيحة وهب وإن كانت تامة سنداً إلاّ أنها‌

__________________

(١) ، (٢) ، (٣) ، (٤) الوسائل ٣ : ٤٧٥ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ٩.

٣٢٥

مشوّشة المتن جدّاً ، وذلك لأنها علّقت وجوب الإعادة على ما إذا لم يكن علم ، ومقتضى مفهومها عدم وجوب الإعادة فيما إذا علم ، ولا يمكن إسناد الحكم بوجوب الإعادة على الجاهل وعدم وجوبها على العالم بالنجاسة إلى الإمام عليه‌السلام حيث إن العالم أولى بوجوب الإعادة من الجاهل بالارتكاز. نعم ، لو كانت العبارة : « حتى إذا علم » أو « ولو إذا علم » لكانت الصحيحة ظاهرة في المدعى إلاّ أن الأمر ليس كذلك ، وهذا مما يوجب الظن القوي بل الاطمئنان على وجود سقط في الرواية ، ولعل الساقط كلمة « لا » قبل كلمة يعيد (١) فيكون مدلولها عدم وجوب الإعادة إذا لم يكن علم ، أو يحمل قوله : « يعيد » على كونه استفهاماً إنكارياً وكأنه قال : هل يعيد إذا لم يكن علم؟ ومعناه أيضاً يرجع إلى نفي وجوب الإعادة على الجاهل ، وبهذا الاحتمال وذاك تصبح الصحيحة مجملة ولا يمكننا الاعتماد عليها أبداً.

وكذلك الحال في الموثقة لاضطراب متنها ، فانّ قوله : « فعليه إعادة الصلاة إذا علم » يحتمل أمرين ومعنيين أحدهما : أن يكون معناه أن الإعادة يشترط فيها العلم بوقوع الصلاة في النجس وحيث إنه علم بذلك بعد الصلاة فلا محالة وجبت عليه إعادتها ، وعلى ذلك فهذه الجملة مسوقة لبيان حكم عقلي أعني اشتراط العلم في تنجز التكليف ، والشرطية مسوقة لبيان التسوية والتعميم في الإعادة بين الصورتين المذكورتين في قوله : « علم به أو لم يعلم » فتجب فيهما الإعادة لعلمه بوجود الخلل في صلاته. وثانيهما : أن يكون معناه أن الإعادة تختص بما إذا علم بالنجاسة دون ما إذا لم يعلم بها ، وعليه فهو شارح للتفصيل المتقدم عليه في قوله : « علم به أو لم يعلم » وقرينة على أن قوله ذلك تشقيق لا تفصيل ، وحاصله : أن الإمام عليه‌السلام لما شقق الموضوع وبيّن أنه قد يكون عالماً بنجاسة ثوبه وقد لا يكون ، فرّع عليه الحكم بالإعادة إذا علم مشعراً بعدم وجوبها إذا لم يعلم وأن الحكم بالإعادة لا يعم كلا الشقين ، وحيث لا قرينة على تعيين أحد المحتملين فلا محالة تصبح الموثقة كالصحيحة‌

__________________

(١) لا يخفى ان الرواية مشتملة على كلمة ( لا ) وفقاً لبعض نسخ التهذيبين كما في الطبعة الأخيرة من التهذيب ٢ : ٣٦٠ / ١٤٩١ ، والاستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٥ وما استظهرناه ونقلنا عنه في المتن موافق مع النسخة التي روى عنها الوافي ٦ : ١٦٤ / ٤٠٠٩ والوسائل.

٣٢٦

مجملة.

وثانياً : أنّ حمل الأخبار النافية للإعادة على نفيها خارج الوقت مما لا يتحمّله جميعها ، فدونك صحيحة زرارة حيث ورد فيها : « فان ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئاً ثم صليت فرأيت فيه؟ قال : تغسله ولا تعيد الصلاة قلت : لم ذلك؟ قال : لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شكّكت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً » (١) لأنها كما ترى علّلت عدم وجوب الإعادة بالاستصحاب ، فلو كان عدم وجوبها مستنداً إلى خروج وقت الصلاة لكان المتعين أن يعلل بذلك لا بالاستصحاب المشترك بين الوقت وخارجه ، وذلك فان استصحاب طهارته إنما يناسب أن تكون علّة لجواز دخوله في الصلاة وهو شاك في طهارة ثوبه ولا يناسب أن يكون علّة لعدم وجوب الإعادة في مفروض المسألة ، لما بيّناه في محلِّه من أن الأحكام الظاهرية لا تقتضي الإجزاء وبذلك نستفيد من الصحيحة أنّ الطهارة التي هي شرط الصلاة أعم من الظاهرية والواقعية ، فمع إحرازها يحكم بصحة الصلاة ولا تجب إعادتها في الوقت ولا في خارجه لكونها واجدة لشرطها ومعه كيف يصح حملها على إرادة الإعادة في الوقت دون خارجه. فالروايتان الآمرتان بالإعادة في الوقت على تقدير تماميتهما تعارضان الصحيحة كما تعارضان صحيحة محمد بن مسلم ورواية أبي بصير الآتيتين. فالصحيح حمل الروايتين على استحباب الإعادة في الوقت والحكم بعدم وجوبها لا فيه ولا في خارجه. ولعله لأجلهما احتاط الماتن بالإعادة في الوقت.

وأما التفصيل بين من شك في طهارة ثوبه أو بدنه ولم يتفحص عنها قبل الصلاة وبين غيره بالحكم بالإعادة في الأول دون غيره ، بلا فرق في ذلك بين أن يكون دخوله في الصلاة مستنداً إلى أصالة عدم نجاسة ثوبه أو بدنه وبين أن يكون مستنداً إلى غفلته ، فقد استدل له بجملة من الأخبار : منها : صحيحة زرارة المتقدمة حيث ورد فيها : « فان ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئاً ثم صليت‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧٧ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ١.

٣٢٧

فرأيت فيه ، قال : تغسله ولا تعيد الصلاة » الحديث (١) حيث رتب الحكم بعدم الإعادة على ما إذا نظر المكلف وفحص عن نجاسة ثوبه ولم ير شيئاً قبل الصلاة.

وفيه : أن فرض النظر والفحص عن النجاسة قبلها إنما ورد في سؤال الراوي لا في جواب الإمام عليه‌السلام ولم يعلّق الحكم في كلامه على الفحص قبل الصلاة. على أن الصحيحة فيها جملتان صريحتان في عدم اعتبار الفحص والنظر في عدم وجوب الإعادة : إحداهما : قوله : « لا ولكنك إنما تريد أن تذهب الشك الذي وقع في نفسك » بعد ما سأله زرارة بقوله : فهل عليَّ إن شككت في أنه أصابه شي‌ء أن أنظر فيه؟ حيث إنها تنفي وجوب الفحص والنظر وتدل على أن فائدتهما منحصرة بزوال الوسوسة والتردد الذي هو أمر تكويني ، فلو كانت لهما فائدة شرعية كعدم وجوب الإعادة بعد الالتفات لم تكن الثمرة منحصرة بذهاب الوسوسة ولكان الأولى بل المتعين التعليل بتلك الفائدة الشرعية. وثانيتهما : قوله : « لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً » حيث علل عدم وجوب الإعادة بأنه كان مورداً للاستصحاب الذي مرجعه إلى أن شرط الصلاة أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية وهو متحقق في مورد السؤال بلا فرق في ذلك بين الفحص والنظر قبل الصلاة وعدمهما.

ومنها : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ذكر المني فشدّده فجعله أشد من البول ، ثم قال : إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة ، وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رأيته بعد فلا إعادة عليك فكذا البول » (٢) حيث رتبت الحكم بعدم الإعادة على نظره في الثوب قبل الصلاة وهي تقتضي بمفهومها وجوب الإعادة إذا رأى المني أو البول في ثوبه بعد الصلاة ولم يكن نظر فيه قبلها.

وفيه : أن سوق العبارة وظاهرها أن المناط في الإعادة وعدمها إنما هو رؤية‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧٧ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ١.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٧٨ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ٢ ، ٣.

٣٢٨

النجاسة أي العلم بها وعدمها قبل الصلاة أو بعد ما دخل فيها ، فاذا لم يعلم بها قبل الصلاة ولا في أثنائها صحت صلاته ولا تجب إعادتها ، وإن رأى النجاسة وعلم بها قبل الصلاة أو في أثنائها وجبت إعادتها ، فلا مدخلية للنظر في ذلك بوجه وإنما عبّر عن العلم بالنجاسة ورؤيتها بالنظر في قوله : « وإن أنت نظرت » من جهة أنهما إنما يحصلان بالنظر على الأغلب.

ومنها : رواية ميمون الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « قلت له : رجل أصابته جنابة بالليل فاغتسل فلما أصبح نظر فإذا في ثوبه جنابة ، فقال : الحمد لله الذي لم يدع شيئاً إلاّ وله حد ، إن كان حين قام نظر فلم ير شيئاً فلا إعادة عليه ، وإن كان حين قام لم ينظر فعليه الإعادة » (١) وبمضمونها مرسلة الفقيه حيث قال : « وقد روى في المني أنه إن كان الرجل حيث قام نظر وطلب فلم يجد شيئاً فلا شي‌ء عليه فان كان لم ينظر ولم يطلب فعليه أن يغسله ويعيد صلاته » (٢) ومن المحتمل القوي أن تكون المرسلة إشارة إلى رواية الصيقل فهما رواية واحدة ، ودلالتها على المدعى غير قابلة للمناقشة إلاّ انها ضعيفة السند لجهالة ميمون الصيقل. وفي هامش الوسائل عن الكافي المطبوع منصور الصيقل (٣) بدلاً عن ميمون الصيقل. وصرح في تنقيح المقال بأن إبدال ميمون الصيقل بالمنصور اشتباه (٤). ولعله من جهة أن الراوي عن ابن جبلة عن سيف تارة وعن سعد اخرى إنما هو ميمون لا منصور. ولكن الخطب سهل لجهالة منصور الصيقل كميمون فلا يجدي تحقيق أن الراوي هذا أو ذاك.

على أنّ الرواية لو أغمضنا عن سندها أيضاً لا تنهض حجّة في مقابل الأخبار الدالّة على عدم الفرق بين الفحص والنظر قبل الصلاة وعدمه. منها : صحيحة زرارة المتقدِّمة على التقريب الذي أسلفناه آنفاً. ومنها : صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دماً وهو يصلي ، قال :

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧٨ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ٢ ، ٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٧٨ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ٤ ، الفقيه ١ : ٤٢ ح ١٦٧.

(٣) الوسائل ٣ : ٤٧٨ هامش ١ من الحديث ٣.

(٤) تنقيح المقال ٣ : ٢٦٥.

٣٢٩

البول مثلاً فان لم يلتفت أصلاً أو التفت بعد الفراغ من الصلاة صحّت صلاته ولا يجب عليه القضاء ، بل ولا الإعادة في الوقت ، وإن كان أحوط. وإن التفت في أثناء الصلاة فإن علم سبقها وأن بعض صلاته وقع مع النّجاسة ، بطلت مع سعة الوقت‌

______________________________________________________

لا يؤذنه حتى ينصرف » (١) لصراحتها في أنه لا أثر للعلم الحاصل من إعلام المخبر بنجاسة الثوب بعد الصلاة ، وإنما الأثر وهو وجوب الإعادة يترتب على العلم بالنجاسة حال الصلاة أو قبلها ، بلا فرق في ذلك بين الفحص قبل الصلاة وعدمه ولا بين كون العلم بالنجاسة في الوقت وبين كونه خارج الوقت ، لأن المناط الوحيد في وجوب الإعادة هو العلم بنجاسة الثوب أو البدن قبل الصلاة.

ومنها : موثقة (٢) أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل صلّى في ثوب فيه جنابة ركعتين ثم علم به؟ قال : عليه أن يبتدئ الصلاة ، قال : وسألته عن رجل يصلي وفي ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلاته ثم علم؟ قال : مضت صلاته ولا شي‌ء عليه » فان التقابل بين العلم بالنجاسة في أثناء الصلاة والحكم بوجوب الإعادة حينئذ ، وبين العلم بالنجاسة بعد الفراغ والحكم بعدم وجوب الإعادة ، صريح في أن المدار في وجوب الإعادة وعدمه إنما هو العلم بنجاسة الثوب أو البدن قبل الصلاة أو في أثنائها والعلم بها بعد الفراغ ، بلا فرق في ذلك بين الفحص قبل الصلاة وعدمه ولا بين داخل الوقت وخارجه.

فالمتلخص أن المكلف إذا جهل نجاسة ثوبه أو بدنه وصلّى والتفت إليها بعد الفراغ لا تجب عليه الإعادة في الوقت ولا في خارجه ، نظر وفحص قبلها أم لم يفحص. نعم ، إذا علم بنجاسته في الوقت فالأحوط إعادة الصلاة ولا سيما إذا لم يفحص عن النجاسة قبل الصلاة.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧٤ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ١.

(٢) كذا عبّر عنها في بعض الكلمات وفي سندها محمد بن عيسى عن يونس فراجع الوسائل ٣ : ٤٧٤ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ٢.

٣٣٠

للإعادة ، وإن كان الأحوط الإتمام ثم الإعادة ، ومع ضيق الوقت (*) إن أمكن التطهير أو التبديل وهو في الصلاة من غير لزوم المنافي فليفعل ذلك ويتم وكانت صحيحة ، وإن لم يمكن أتمها وكانت صحيحة ، وإن علم حدوثها في الأثناء مع عدم إتيان شي‌ء من أجزائها مع النّجاسة ، أو علم بها وشكّ في أنها كانت سابقاً أو حدثت فعلاً ، فمع سعة الوقت وإمكان التطهير أو التبديل يتمها بعدهما ، ومع عدم الإمكان يستأنف ومع ضيق الوقت يتمها مع النجاسة ولا شي‌ء عليه (١).

______________________________________________________

(١) لهذه المسألة صور :

الاولى : ما إذا التفت إلى نجاسة ثوبه أو بدنه في أثناء الصلاة وعلم أو احتمل طروها في الآن الذي التفت إلى نجاسة ثوبه مثلاً ، في ذلك الآن لا قبل الصلاة ولا فيما تقدمه من أجزائها.

الثانية : الصورة مع العلم بطرو النجاسة في الأجزاء السابقة على الآن الملتفت فيه إليها.

الثالثة : الصورة مع العلم بطروها قبل شروعه في الصلاة. والمشهور بين أصحابنا في جميع ذلك كما حكي أنه إن تمكّن من إزالة النجاسة وتطهير بدنه أو ثوبه ولو بإلقائه وتبديله من غير إخلال بشرائط الصلاة وجبت إزالتها فيتم صلاته ولا شي‌ء عليه ، وأما إذا لم يتمكّن من إزالة النجاسة ولو بإلقاء الثوب أو تبديله لعدم ثوب طاهر عنده أو لأن تحصيله يستلزم إبطال الصلاة ، فلا محالة يبطلها ويزيل النجاسة ثم يستأنف الصلاة.

أمّا الصورة الاولى : فلا إشكال فيها في صحة الصلاة مع التمكن من إزالة النجاسة في أثنائها ، وذلك للنصوص المتضافرة التي فيها الصحاح وغيرها الواردة في من رعف في أثناء الصلاة ، حيث دلت على عدم بطلانها بذلك فيما إذا تمكن من إزالته من‌

__________________

(*) بأن لا يتمكّن من إدراك الصلاة في ثوب طاهر ولو بركعة.

٣٣١

دون استلزامه التكلم كما في بعضها (١) أو استدبار القبلة كما في بعضها الآخر (٢). والظاهر أنهما من باب المثال والجامع أن لا تكون إزالة النجاسة مستلزمة لشي‌ء من منافيات الصلاة. وكيف كان ، فقد دلّتنا هذه الأخبار على أن حدوث النجاسة في أثناء الصلاة لا يبطلها فيما إذا أمكنت إزالتها ، وذلك لأن الأجزاء السابقة على الآن الذي طرأت فيه النجاسة وقعت مع الطهارة بالعلم أو باستصحاب عدم طروها إلى آن الالتفات ، والأجزاء الآتية أيضاً واجدة للطهارة لأن المفروض أنه يزيل النجاسة الطارئة في أثنائها ، وأما الآن الحادث فيه النجاسة فهو وإن كان قد وقع من غير طهارة إلاّ أن الأخبار الواردة في الرعاف صريحة في أن النجاسة في الآنات المتخللة بين أجزاء الصلاة غير مانعة عن صحتها ، ومن جملة تلك الأخبار صحيحة زرارة المتقدمة حيث ورد فيها : « وإن لم تشك ثم رأيته رطباً قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة لأنك لا تدري لعله شي‌ء أوقع عليك ، فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك أبداً » (٣) إذ المراد برؤية الدم رطباً هو عدم العلم بطروّه قبل الصلاة وإلاّ فالعادة تقضي بيبوسته. وقوله عليه‌السلام : « لعله شي‌ء أوقع عليك » كالصريح في أن طرو النجاسة في أثناء الصلاة غير موجبة لبطلانها ، بلا فرق في ذلك بين العلم بحدوثها في أثناء الصلاة وبين الشك في ذلك ، لأن مقتضى الصحيحة أن الطهارة المعتبرة في الصلاة أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية ، فاذا احتمل طروّها قبل الصلاة فله أن يستصحب عدم حدوثها إلى آن الالتفات ، وبه تحرز الطهارة الظاهرية التي هي شرط الصلاة ، فما ذهب إليه المشهور في هذه الصورة هو الصحيح.

وأمّا الصورة الثالثة : وهي ما إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة مع العلم بطروها قبل الصلاة فقد عرفت أن المشهور صحّة صلاته إذا تمكّن من إزالة النجاسة في‌

__________________

(١) راجع صحيحة محمد بن مسلم وغيرها من الأخبار في الوسائل ٧ : ٢٣٨ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢ ح ٤ ، ٦ ، ٩.

(٢) راجع صحيحة عمر بن أذينة وما رواه الحميري عن علي بن جعفر في الوسائل ٧ : ٢٣٨ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢ ح ٣ ، ١٨.

(٣) الوسائل ٣ : ٤٨٢ / أبواب النجاسات ب ٤٤ ح ١.

٣٣٢

أثنائها ، وقد يستدل على ذلك بفحوى الأخبار الواردة في صحة الصلاة الواقعة مع النجاسة المجهولة ، لأن الصلاة الواقعة في النجس بتمامها إذا كانت صحيحة فالصلاة الواقعة في النجس ببعضها صحيحة بالأولوية القطعية. وأما الأجزاء المتأخرة عن آن الالتفات فهي واجدة لشرطها ، لأن المفروض أن المكلف يزيل النجاسة في أثناء الصلاة ، وأما الآنات المتخللة فقد مرّ أن النجاسة فيها غير مانعة عن صحة الصلاة.

وبذلك يظهر الحال في الصورة الثانية لأن الأولوية القطعية أيضاً تقتضي فيها الحكم بصحة الصلاة كما عرفت تقريبها.

وهذا الذي أُفيد وإن كان صحيحاً في نفسه إلاّ أن الأخبار الواردة في المسألة مطبقة على بطلان الصلاة في مفروض الكلام :

منها : صحيحة زرارة المتقدمة حيث قال : « لأنك لا تدري لعله شي‌ء أوقع عليك » فإنه يدل على أن الصلاة إنما يحكم بصحتها مع رؤية النجس فيما إذا احتمل طرو النجاسة في أثنائها ، وأما مع العلم بطروها قبل الصلاة فلا.

ومنها : صحيحة محمد بن مسلم المتقدِّمة الواردة في الرجل يرى في ثوب أخيه دماً وهو يصلي؟ قال : لا يؤذنه حتى ينصرف (١) لدلالتها على أن العلم بالنجاسة الحاصل باعلام الغير في أثناء الصلاة يوجب البطلان.

ومنها : صحيحته الأُخرى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ذكر المني فشدّده فجعله أشد من البول ، ثم قال : إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة ، وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رأيته بعد فلا إعادة عليك ، فكذلك البول » (٢) فقد دلّت على بطلان الصلاة في النجاسة الواقعة قبلها ، لأن ذكر المني قرينة على حدوثه قبل الصلاة لبعد ملاقاته الثوب في أثنائها.

ومنها : ما عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل صلّى في ثوب‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧٤ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ١ وقد تقدّمت في ص ٣٢٩.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٧٨ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ٢ وقد تقدّمت في ص ٣٢٨.

٣٣٣

فيه جنابة ركعتين ثم علم به؟ قال : عليه أن يبتدئ الصلاة .. » (١) وهذه الأخبار تقتضي الحكم ببطلان الصلاة في الصورة الثالثة ولا تبقي مجالاً للأولوية القطعية بوجه.

ثم إنّ الأخبار الواردة في الرعاف لا دلالة لها على صحة الصلاة في الصورة الثالثة وإنما يستفاد منها عدم بطلانها بحدوث النجاسة في أثنائها ، فالاستشهاد بها على صحّة الصلاة في الصورة الثالثة في غير محلّه. وما ذكرناه في المقام من الحكم ببطلان الصلاة لا ينافي كون الطهارة الظاهرية مجزئة في إحراز شرط الصلاة ، لأنه من الجائز أن تكون الطهارة الظاهرية مجزئة في خصوص ما إذا كانت الصلاة واقعة في النجس بأجمعها دون ما إذا وقع شي‌ء منها في النجس بأن انكشف في أثناء الصلاة ، فإنّ ذلك أمر ممكن لا استحالة فيه. هذا كله في الاستدلال على ما ذهب إليه المشهور بالأولوية.

وقد يستدل لهم بجملة من الأخبار : منها : موثقة داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يصلِّي فأبصر في ثوبه دماً؟ قال : يتم » (٢) ولا يحتاج تقريب الاستدلال بها إلى مزيد بيان.

والصحيح عدم دلالتها على صحة الصلاة في مفروض الكلام وذلك فان للرواية إطلاقاً من نواح ثلاث :

الاولى : من جهة أمره عليه‌السلام بإتمام الصلاة حيث إنه مطلق يشمل صورة التمكّن من إزالة الدم بغسله أو إلقاء ثوبه أو تبديله وصورة العجز عن ذلك ، كما أنه على الصورة الأُولى يشمل ما إذا أزاله وما إذا لم يزله.

الثانية : إطلاقها من جهة كون الدم بمقدار يعفى عنه في الصلاة وما إذا لم يكن وكونه مما يعفى عنه في نفسه وما إذا لم يكن كما إذا كان من الدماء الثلاثة أو من دم غير المأكول.

الثالثة : إطلاقها من جهة وقوع الدم المرئي في ثوب المصلي قبل الصلاة وما إذا وقع‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧٤ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ٢ وقد تقدّمت في ص ٣٣٠.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٣٠ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٣ ، ب ٤٤ ح ٢.

٣٣٤

فيه في أثنائها.

أما إطلاقها من الناحية الأُولى فهو مقطوع الخلاف ولا مناص من تقييده ، للإجماع القطعي وغيره من الأدلة القائمة على بطلان الصلاة في النجس عن علم وعمد فكيف يمكن الحكم بصحّة صلاته مع العلم بنجاسة ثوبه وعدم إزالته مع التمكن منها.

وأمّا إطلاقها من الناحية الثانية فهو أيضاً كسابقه قابل التقييد ، حيث يمكن أن نحمله على خصوص ما يعفى عنه في الصلاة كما حكي عن الشيخ (١) ومع تقييد الرواية بذلك لا نضايق عن إبقائها على إطلاقها من الناحية الأُولى ، إذ لا مانع من الحكم بصحّة الصلاة وإتمامها مع الدم المعفو عنه في الثوب أو البدن ، إلاّ أن الرواية على ذلك غير قابلة للاستدلال بها على مذهب المشهور كما لعله واضح.

وأمّا إطلاقها من الناحية الثالثة فهو كإطلاقها من الناحيتين السابقتين يقبل التقييد بما إذا حدث الدم المشاهد في أثناء الصلاة ، وذلك بقرينة ما تقدم من الأخبار الواردة في بطلان الصلاة الواقعة في النجس السابق عليها. وعلى الجملة أن الرواية غير واردة في خصوص النجاسة السابقة على الصلاة وإنما تشمله بإطلاقها ، ومعه يقيد بالأخبار المتقدمة المصرّحة ببطلان الصلاة الواقعة في النجس السابق عليها فلا معارضة بينهما.

ومنها : ما عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن رأيت في ثوبك دماً وأنت تصلي ولم تكن رأيته قبل ذلك فأتم صلاتك ، فاذا انصرفت فاغسله قال : وإن كنت رأيته قبل أن تصلي فلم تغسله ثم رأيته بعد وأنت في صلاتك فانصرف فاغسله وأعد صلاتك » (٢) لا إشكال في سندها لأن ابن إدريس نقلها من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان (٣). وإنما الكلام في دلالتها ولا إطلاق لها من ناحية الدم حتى يشمل ما يعفى وما لا يعفى عنه في الصلاة ، بل تختص بالأخير بقرينة أمره عليه‌السلام بالانصراف وإعادة الصلاة على تقدير رؤيته قبل‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٢٣ ذيل الحديث ١٣٤٤.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٨٣ / أبواب النجاسات ب ٤٤ ح ٣.

(٣) السرائر ٣ : ٥٩٢.

٣٣٥

الصلاة. ولا وجه لهما على تقدير كون الدم معفواً عنه في الصلاة ، بل يحرم الانصراف عنها حينئذ على ما هو المشهور من حرمة إبطال الصلاة ، إلاّ أنها مطلقة من ناحية شمولها الدم الحادث في أثناء الصلاة وما حدث منه قبلها ، فهذه الرواية كسابقتها إنما تشمل المقام بالإطلاق فنقيدها بما إذا حدث في أثناء الصلاة بالأخبار المتقدِّمة المصرّحة ببطلانها في النجس السابق على الصلاة. كما أنها مطلقة من ناحية شمولها صورة عدم إزالة النجاسة مع التمكن منها ، فلا بد من تقييدها بما إذا أزالها أو بغير ذلك بقرينة الإجماع وسائر الأدلة القائمة على بطلان الصلاة في النجس عن علم وعمد.

ومنها : حسنة محمد بن مسلم قال « قلت له : الدم يكون في الثوب عليَّ وأنا في الصلاة؟ قال : إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلّ في غيره ، وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم ، وما كان أقل من ذلك فليس بشي‌ء رأيته قبل أو لم تره ، وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه » (١) ومورد الاستشهاد منها قوله عليه‌السلام « إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل في غيره » لدلالته على عدم بطلان الصلاة بالعلم بالنجاسة في أثنائها ولو كانت النجاسة سابقة على الصلاة.

ولا يخفى أنّ محتملات الرواية ثلاثة : الأوّل : أن يكون الموضوع في الرواية وموردها الدم الذي يعفى عنه في الصلاة ، بأن يكون القيد وهو قوله : « ما لم يزد على مقدار الدراهم » راجعاً إلى كلتا الجملتين الشرطيتين أعني قوله : « إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل في غيره » وقوله : « إن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك » فيقيد كل منهما بما إذا كان الدم أقل من الدرهم كما هو أحد المحتملات في الاستثناء المتعقب لجملتين أو أكثر ، إذ المراد به مطلق القيود لا خصوص الاستثناء كما لعله ظاهر. فمورد الرواية خصوص الدم المعفو عنه في الصلاة ، ومعه لا بدّ من حمل الأمر بطرح الثوب في الجملة الأُولى على مجرّد الاستحباب بقرينة‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٣١ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٦.

٣٣٦

ما ورد في عدم بطلان الصلاة في الدم الأقل من الدرهم وبه صرح في ذيل الرواية بقوله : « وما كان أقل من ذلك فليس بشي‌ء » لأنه كغيره من الأدلة الواردة في عدم بطلان الصلاة في الدم الأقل من الدرهم ، وعلى هذا الاحتمال الرواية أجنبية عن الدلالة على مسلك المشهور ، لأن البحث إنما هو في العلم بالنجاسة المانعة عن الصلاة دون ما لا يضر بصحتها.

الثاني : أن يكون موضوعها الدم الجامع بين ما يعفى وما لا يعفى عنه في الصلاة ، كما إذا أرجعنا القيد إلى خصوص الشرطية الأخيرة وهي قوله : « وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك » كما هو الحال في سائر القيود على ما قدمناه في البحث عن الاستثناء المتعقب للجمل المتعددة (١). وعلى هذا الاحتمال الجملة الأُولى تدل بإطلاقها على لزوم إزالة النجاسة في أثناء الصلاة والمضي فيها ، لكنّا علمنا بعدم وجوب إزالة الدم المعفو عنه فتختص الرواية بغيره فتدل على مسلك المشهور وأن الدم الكثير إذا علم به في أثناء الصلاة تجب إزالته حال الصلاة وإتمامها بلا فرق في ذلك بين وقوعه قبل الصلاة وبين وقوعه في أثنائها.

والجواب عن ذلك : أنّ الرواية مطلقة فوجب تقييدها بالأخبار المتقدِّمة الدالّة على بطلان الصلاة في النجاسة السابقة عليها فبذلك يحمل الدم على الدم الحادث في أثنائها. وبما ذكرناه يظهر الجواب عن الاستدلال بالرواية بناء على أن يكون المراد من كلمة الدم خصوص الدم الكثير وهو الاحتمال الثالث ، بل هو المتعين على رواية الشيخ قدس‌سره حيث نقلها عن الكليني قدس‌سره بإضافة لفظة « واو » قبل قوله : « ما لم يزد على مقدار الدرهم » وإسقاط قوله : « وما كان أقل » فجاءت الرواية هكذا : « ولا إعادة عليك. وما لم يزد على مقدار الدرهم من ذلك فليس بشي‌ء .. » (٢).

هذا ولكن الظاهر عدم ثبوت رواية الشيخ قدس‌سره ، وذلك لأن الجملة الثانية « وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك » بناء على رواية‌

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٣٠٤.

(٢) التهذيب ١ : ٢٥٤ ح ٧٣٦.

٣٣٧

الشيخ مطلقة ، ومقتضى إطلاقها عدم الفرق في المضي على الصلاة بين صورة التمكّن من إزالة النجاسة ولو بإلقاء ثوبه وبين صورة العجز عن إزالتها ، وهو على خلاف الإجماع وغيره من الأدلة القائمة على بطلان الصلاة في النجس متعمداً. وليس الأمر كذلك على رواية الكليني قدس‌سره حيث إن الجملة الثانية مقيدة بما إذا كان الدم أقل من الدرهم على كل حال سواء أرجعناه إلى الجملة السابقة أيضاً أم خصصناه بالأخيرة ، وهذا يدلنا على وقوع الاشتباه فيما نقله الشيخ قدس‌سره ، فالصحيح ما نقله في الوسائل عن الكليني (١). على أنّ رواية الشيخ في الاستبصار (٢) موافقة لنسخة الكافي من هذه الجهة ، والكليني قدس‌سره أضبط.

فالمتحصِّل : أنّ مقتضى الأخبار المتقدِّمة أنّ الصلاة في الصورة الثالثة باطلة ويجب استئنافها مع الطهارة بتبديل الثوب أو بغسله. هذا كله في سعة الوقت وتمكن المكلف من إيقاع الصلاة وإعادتها مع الطهارة في الوقت ، بلا فرق في ذلك بين تمكنه من إتيانها بتمامها في الوقت وبين عدم تمكنه إلاّ من إيقاع ركعة واحدة مع الطهارة قبل انقضائه وإتيان الباقي خارج الوقت ، وذلك لما ورد من أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (٣) وهذه الأخبار وإن كان أكثرها ضعيفة إلاّ أن اعتبار بعضها (٤) كاف في إثبات المرام ، فبعموم التنزيل الذي نطقت به جملة من الأخبار نحكم بوقوع الصلاة في الوقت أداءً وإن لم يقع منها في الوقت سوى ركعة واحدة.

وأمّا إذا لم يسع الوقت لإعادتها بتمامها ولا بركعة منها مع الطهارة في الوقت ، فان بنينا على مقالة المشهور من وجوب الإتيان بالصلاة عارياً فيما إذا لم يتمكّن من الثوب الطاهر تجب إعادتها في الوقت عارياً بتمامها أو بركعة منها لتمكّنه منها عارياً وإنما‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٣١ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٦.

(٢) الاستبصار ١ : ١٧٥ ح ٦٠٩.

(٣) الوسائل ٤ : ٢١٨ / أبواب المواقيت ب ٣٠ ح ٤.

(٤) كموثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : « فان صلّى ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم وقد جازت صلاته » المروية في الوسائل ٤ : ٢١٧ / أبواب المواقيت ب ٣٠ ح ١.

٣٣٨

الوقت لا يسع لإعادتها مع الثوب الطاهر ، وأما إذا بنينا على ما بنى عليه جماعة وقوّيناه في محلِّه (١) من وجوب الصلاة في الثوب النجس عند عدم التمكّن من الثوب الطاهر فلا موجب لاستئناف الصلاة بل يتمها في ثوبه المتنجس ، والسر في ذلك أن الأخبار المتقدِّمة كصحيحتي زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما مما دلّ على بطلان الصلاة الواقعة في النجس السابق عليها واستئنافها تنصرف إلى صورة التمكّن من إعادتها في وقتها مع طهارة الثوب أو البدن ، وأما مع العجز عن ذلك لضيق الوقت فلا معنى للحكم ببطلانها واستئنافها ، لأنه لو استأنفها أيضاً يصلِّي في الثوب النجس فالمستأنفة كالمبتدأة ، والأخبار المتقدمة غير شاملة لصورة العجز عن إيقاع الصلاة في وقتها مع الطهارة ، ومعه يرجع إلى ما تقتضيه القاعدة وقد بيّنا في أوائل المسألة أن مقتضى القاعدة صحة الصلاة في النجس مع الجهل. وعليه فالصلاة في الصورة الثالثة محكومة بالصحة فيما إذا لم يسع الوقت لإعادتها في الوقت مع الطهارة كما حكم به في المتن هذا كله في الصورة الثالثة.

وأمّا الصورة الثانية : وهي ما إذا انكشف وقوع النجاسة على ثوبه أو بدنه بعد دخوله في الصلاة وقبل الالتفات إليها بأن علم وقوع جملة من الأجزاء المتقدمة في النجس ، فهل تلتحق بالصورة الأُولى فيحكم بصحة الصلاة ووجوب الإزالة في أثنائها ، أو تلتحق بالصورة الثالثة فيحكم ببطلانها واستئنافها مع الطهارة؟

ظاهر عبارة الماتن التحاقها بالثالثة ، حيث إن الصورتين مندمجتان في قوله : « فان علم سبقها وأنّ بعض صلاته وقع مع النجاسة » وحكم فيهما ببطلان الصلاة عند سعة الوقت للإعادة ، ولعل الوجه فيه أن العبرة في الحكم ببطلان الصلاة ووجوب الإعادة عند الماتن قدس‌سره إنما هي بوقوع بعض الصلاة مع النجس بلا تفرقة بين كون الأجزاء المتقدمة على زمان الالتفات واقعة في النجس بتمامها وبين ما إذا كانت واقعة فيه ببعضها ، إلاّ أن ظاهر الأصحاب التحاقها بما إذا علم بحدوث النجاسة في أثناء الصلاة من دون أن يقع شي‌ء من الأجزاء السابقة مع النجس ، وقد عرفت صحّة‌

__________________

(١) في ص ٣٦٤.

٣٣٩

وأمّا إذا كان ناسياً فالأقوى وجوب الإعادة أو القضاء (١)

______________________________________________________

الصلاة حينئذ ، وكيف كان المتبع هو الدليل.

والظاهر صحة الصلاة في هذه الصورة كما هو ظاهر الأصحاب ، وذلك لأنّ حسنة محمد بن مسلم وموثقة داود بن سرحان وغيرهما من الأخبار المتقدِّمة (١) تقتضي صحة الصلاة في النجس في جميع الصور الثلاث حيث دلت على أن من علم بنجاسة ثوبه في أثناء صلاته يتم ، ولم تفصّل بين ما إذا كانت النجاسة واقعة في أثنائها أو حادثة بعد شروعه في الصلاة وقبل الالتفات وبين ما إذا كانت سابقة عليها ، وإنما خرجنا عن إطلاقها في الصورة الثالثة وهي ما إذا علم بوقوع الصلاة في النجاسة السابقة عليها بالأخبار المصرحة ببطلانها ، وأما الصورة الأُولى والثانية أعني ما إذا كانت النجاسة حادثة في أثناء الصلاة وما إذا كانت طارئة بعد شروعه في الصلاة وقبل الانكشاف فهما باقيتان تحت إطلاقاتها.

هذا على أن التعليل الوارد في صحيحة زرارة المتقدِّمة (٢) « ولعلّه شي‌ء أوقع عليك ... » يشمل الصورة الثانية أيضاً ، لأنّ معناه أن النجاسة المرئية لعلّها شي‌ء أوقع عليك وأنت تصلي ، لا وأنت في زمان الانكشاف أعني الآنات المتخللة التي التفت فيها إلى النجس ولم تقيد الوقوع بما إذا كان في ذلك الزمان ، فإن العبرة بعدم سبق النجاسة على الصلاة وقعت بعد الشروع فيها أم في زمان الالتفات.

(١) إذا علم بنجاسة ثوبه أو بدنه قبل الصلاة وتساهل إلى أن نسيها وصلّى والتفت إليها بعد الصلاة تجب عليه الإعادة في الوقت وخارجه على الأشهر بل المشهور. وعن الشيخ في استبصاره (٣) والفاضل في بعض كتبه (٤) وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه ، بل نسب إلى المشهور بين المتأخرين. وعن بعضهم القول بعدم وجوب‌

__________________

(١) في ص ٣٣٤.

(٢) في ص ٣٣٢.

(٣) الاستبصار ١ : ١٨٤ ذيل الحديث ٦٤٢.

(٤) تحرير الأحكام ١ : ٢٥ السطر ٢٧.

٣٤٠